جوزيت أبي تامر
يتراوح تصنيف التحرّش الجنسي في الأوساط الاجتماعيّة اللبنانيّة بين &laqascii117o;العادي" لمن يجده ملاطفة و &laqascii117o;التابو" لمن يرى فيه عارًا يجب التستّر عليه. وقد يتحوّل التحرّش إلى موضوع فضائحيّ في بعض البرامج التلفزيونيّة لجذب الجمهور. تؤشر هذه التصنيفات إلى خطابٍ تصالحيّ ولا مبالٍ مع ظاهرةٍ تلحق ضررًا نفسيًا بضحاياها وتشكّل تعديًا جسديًا عليهم.
لإعادة تصويب المفاهــيم المتعــلّقة بالتحرّش الجــنسي وإحياء النــقاش حــولها، أطلقت ثلاث ناشطات نسويّات هنّ ســاندرا حسن، ومــيرا المير، وناي الراعــي موقع &laqascii117o;متعــقّب التحرّش" الإلكتروني. يعرّف الموقع عن نفسه في صفحته الخــاصة على &laqascii117o;فايســبوك" أنه &laqascii117o;أداة تمكّن ضحايا التحرش الجنسي والشاهدين عليه في الأماكن العامة في بيروت من رصده والتبليغ عنه للقضاء على القبول المجتمعي به".
يخصص الموقع صفحته الأولى للتبليغ عن التحرّش عبر خطوات بسيطة، ولا يتطلّب الأمر سوى الإجابة عن بعض الأسئلة لتوثيق الحادثة وفق موقعها على الخريطة من دون ذكر الاسم. سيتمّ رصد هذه التبليغات لمدّة ثلاثة أشهر تقرّر على أساسها الخطوات المقبلة.
في هذا السياق توضح ناي الراعي في اتصال مع &laqascii117o;السفير" أن فريق العمل يدرك أنّ استخدام الانترنت للتبليغ أو طلب المساعدة ليس متاحًا للجميع، وستكون المبادرة تجربةً وفق خطة مدروسة، يتوسّع نطاقها خارج بيروت في فترة لاحقة. تضيف الراعي أن المبادرة تهدف إلى توثيق حالات التحرّش وجمع بيانات ممكن أن تساهم في مناصرة القضيّة، مشيرة إلى أن الهدف الأساسي يبقى في فتح النقاش بشكل علني عن العنف والتحرّش.
يفنّد موقع &laqascii117o;متعقّب التحرّش" مجموعة من &laqascii117o;الخرافات" تشمل أقوالاً متداولة في المجتمع تعتبر التحرّش مزحة أو مجاملة منها &laqascii117o;منّا هالكارثة، كلّها مزحة ولازم تعتبريها مجاملة"، أو &laqascii117o;الحق عليك، مش شايفة شو لابسة؟" أو &laqascii117o;ما تردّي عليه، بِحلّ منّه لوحده". يخصص الموقع لكل مقولة تصويبًا يعيد التحرّش إلى إطاره الواقعي فيرد على سبيل المثال: &laqascii117o;...التحرش ليس عنصراً طبيعياً لا مفرّ منه في المجتمع، ولا جزءاً متأصلاً في طبيعة الرجل، بل مركّباً ومكتسباً نتيجة انتشار القيم الذكورية في المجتمع. وصفه بالطبيعي يشجع على ارتكابه واستمراره، وهناك بالتأكيد آليات يمكن وضعها للحد منه".
تشير الراعي إلى أن المبادرة لا تقتصر على عرض المفاهيم الخاطئة حول التحرّش بل السعي لكسرها فعليًا عبر أنسنة الموضوع وتوسيع النقاش ليشمل نوعًا من إعادة تعريف للتحرّش، لتصبح الضحيّة هي المرجع لا المعتدي. وتضيف: &laqascii117o;المشكلة أنّ التحرّش بات من مظاهر الحياة اليوميّة وهذا أمر غير مقبول، لذلك نعمل على إطلاق النقاش في الحيّز العام لكسر الحياء الذي يفرضه المجتمع على الضحايا".
يقدّم موقع &laqascii117o;متعقّب التحرّش" لمتصفحيه أرقام هواتف عدد من الجمعيات والهيئات التي تهتمّ بضحايا العنف أو التحرّش إضافة إلى قراءة للواقع القانوني للتحرّش تكشف عن غياب أي بند يجرّمه صراحة في قانون العقوبات اللبناني.
تثبت مبادرة ثلاث شابّات عملن على إنشاء موقع إلكتروني بتصميمٍ ومحتوى متقن، أنه يمكن تحريك نقاشٍ ومساءلة بديهيّات اجتماعيّة بأدوات لا تحتاج إلا بعضًا من الإرادة.
المصدر: صحيفة السفير