قضايا وآراء » أم بي سي وحزب الله: هدنة غير معلنة

سناء الخوري
اختارت الأطراف المعنيّة بـ&laqascii117o;أزمة" عرض شاشة &laqascii117o;أم بي سي" مشهداً ساخراً من السيّد حسن نصرالله، &laqascii117o;الاتجاه نحو التهدئة".
على موقع &laqascii117o;شاهد. نت"، لا أثر للحلقة الثالثة من مسلسل &laqascii117o;واي فاي 4" الكوميدي التي عرضت مساء الجمعة 26 شباط الحالي. لم تعلن &laqascii117o;أم بي سي" رسميّاً حذف الحلقة، لكنّها لم تروّج لها على موقعها، ولم تعرض رابطها عبر قناتها الرسميّة على &laqascii117o;يوتيوب". وفي أوساط &laqascii117o;حزب الله"، تفهُّم واحتضان لغضب محبّي نصرالله، مع عدم تبنٍّ لحملات التجييش على &laqascii117o;تويتر"، وما تخلّلها من دعوات &laqascii117o;توليع" في الشارع.
مساء أمس الأوّل، تظاهر مناصرون لـ&laqascii117o;حزب الله" في بعض مناطق بيروت والضاحية الجنوبية، احتجاجاً على الفقرة الساخرة. وتزامناً مع الاحتجاجات المحدودة التي امتدت، أمس، إلى البقاع، لفترة قصيرة، انتشرت في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي شائعات تهويليّة حول إطلاق نار واشتباكات واعتداءات على الأملاك العامّة. إثر ذلك، أصدرت &laqascii117o;قيادة الجيش ـ مديريّة التوجيه" بياناً قالت فيه إنّها &laqascii117o;اتخذت الإجراءات الأمنيّة المناسبة للحفاظ على سلامة المواطنين ومنع التعدي على الأملاك العامة والخاصة" (...) و&laqascii117o;أُعيد الوضع إلى طبيعته من دون تسجيل أي حادث يذكر".

&laqascii117o;أم بي سي": حذر من التصعيد
في أروقة &laqascii117o;أم بي سي"، لا صوت يعلو فوق صوت الاستعدادات لنهائي &laqascii117o;ذا فويس كيدز" المرتقب عرضه في 5 آذار المقبل، بعد ما حقّق البرنامج نسب مشاهدة قياسيّة. مساء السبت، سرقت القناة اهتمام فضاء &laqascii117o;تويتر" اللبناني لأكثر من خمس ساعات متواصلة. خلال عرض الحلقة ما قبل الأخيرة من البرنامج، ساد شبه إجماع بين المغرّدين اللبنانيين على الإشادة بأصوات المشاركين الجميلة. وقبل نهايتها بقليل، انقلب المشهد، وبدأت المعركة بين متحمّس لفقرة &laqascii117o;واي فاي" الساخرة، وبين داعٍ لمقاطعة القناة، وإقفال استوديوهاتها في بيروت. كما اختلف المغرّدون المؤيّدون للمقاومة على أسلوب الاحتجاج، منهم من دعا إلى مهاجمة مقرّ القناة في ذوق مصبح (كسروان)، ومنهم من رفض أسلوب التصعيد في الشارع عند كلّ حدثٍ من هذا النوع، داعياً إلى الردّ بالمثل عوضاً عن إحراق الإطارات، من خلال عرض فقرات وبرامج تسخر من الملك السعودي على &laqascii117o;المنار".
في اتصال مع &laqascii117o;السفير"، آثر المتحدّث الرسمي باسم &laqascii117o;مجموعة أم بي سي" مازن حايك عدم التعليق على الاحتجاجات ضدّ القناة، قائلاً: &laqascii117o;هدفنا الاستمرار بإنتاج أفضل البرامج التلفزيونيّة من بيروت وإلى العالم العربي من المحيط إلى الخليج". وأضاف: &laqascii117o;نحن ملتزمون بالعمل والإنتاج في بيروت حتى لو كانت الأمور صعبة أو مستحيلة. وهدفنا التركيز على إنتاج أفضل محتوى تلفزيوني من لبنان، والاستمرار بأن نكون نقطة مضيئة في هذا القطاع الذي يوظّف المئات من اللبنانيين البارعين بإثراء حياة الناس".

&laqascii117o;توقيت غير صائب"
لم يسبق لقناة &laqascii117o;أم بي سي" أن تطرّقت لشؤون سياسيّة بشكل مباشر، خصوصاً حين يتعلّق الأمر بإيران أو &laqascii117o;حزب الله". وباستثناء ما قدّمه باسم يوسف عن مصر في &laqascii117o;البرنامج؟" قبل وقفه، وما قدّمه ناصر القصبي من سخرية موجّهة ضدّ &laqascii117o;داعش" في مسلسل &laqascii117o;سيلفي"، تتجنّب القناة الخروج من إطار الترفيه &laqascii117o;القابل للهضم" من قبل جمهورها الخليجيّ أوّلاً.
لكن يبدو أنّ مزاج &laqascii117o;الحزم" الطاغي، ألهم برنامج &laqascii117o;واي فاي 4" بخرق نهج القناة الغافل عمداً عن اتخاذ أيّ موقف سياسي واضح، حيث لا صوت يعلو فوق صوت &laqascii117o;البزنس" والإعلانات التجارية. وربّما تكون تجربة وثائقي &laqascii117o;حكاية حسن" المريرة على شاشة &laqascii117o;العربيّة"، والغضب الخليجي التالي لعرضه، على اعتبار أنّه &laqascii117o;لمّع صورة الأمين العام لـ&laqascii117o;حزب الله"، حفّزت فريق مسلسل &laqascii117o;واي فاي" على التعويض، من خلال ابتكار المشهد الساخر القصير حيث يظهر السيد نصرالله مقبّلاً يد رجل دين إيراني.
في كواليس &laqascii117o;أم بي سي"، لا رغبة بتأليب الجمهور الخليجي على القناة، وبالتالي لا توجّه لاتخاذ موقف اعتذاريّ واضح عن تقليد نصرالله. ولكن هناك إقراراً ضمنياً بأنّ عرض الفقرة جاء في &laqascii117o;توقيت غير صائب". تفضّل القناة البقاء في منطقة الترفيه الآمنة، وعدم إقحام نفسها في &laqascii117o;سياسة المحاور"، خصوصاً أنّ معظم برامجها الضخمة تصوّر في بيروت، وليس من مصلحتها تصعيد الأجواء.

&laqascii117o;حزب الله": لن ننجّر إلى المستوى ذاته
يشير مسؤول العلاقات الإعلاميّة في &laqascii117o;حزب الله" محمد عفيف في اتصال مع &laqascii117o;السفير" إلى أنّ &laqascii117o;أم بي سي" حرصت عبر &laqascii117o;أصدقاء مشتركين" مع الحزب، على تأكيد تمسّكها بجمهورها من كافة المذاهب والمناطق في لبنان. ويرى عفيف أنّ القناة لا تنفّذ بالضرورة &laqascii117o;أجندة" سعوديّة موجّهة، لكنّها تستوحي الأداء السعودي في السياسة.
يضع المسؤول الإعلامي في &laqascii117o;حزب الله" الهجمة السعوديّة على شخص السيد نصرالله، في خانة التصرّفات غير العقلانيّة، وانتهاج سياسة الإساءة والتجريح الشخصي، بسبب تهافُت الحجّة السياسيّة المنطقيّة. يؤكّد عفيف أنّ &laqascii117o;حزب الله" لن يردّ بالأسلوب عينه، ولن يواجه الخطاب السياسي بالإساءة إلى أشخاص، &laqascii117o;وسنواصل الإضاءة على العدوان السعودي على اليمن، بطريقة رزينة، من دون الانجرار إلى المستوى ذاته".
يعلن عفيف أنّ الحزب يتفهّم ردّ فعل الناس الغاضب، &laqascii117o;وذلك طبيعيّ في ظلّ مكانة السيد نصرالله الكبيرة لدى كثيرين"، لكنّه ينفي علاقة &laqascii117o;حزب الله" بما يجري تداوله على &laqascii117o;تويتر" ومواقع التواصل من حملات تتضمّن تجريحًا أو تحريضًا أو دعوة للتصعيد، مؤكّداً: &laqascii117o;تلك الآراء تعبّر عن أصحابها، ولا تعكس سياستنا".

كوميديا أم تحريض؟
خارج إطار النكتة البليدة والمدروسة بعناية لعدم إزعاج الجمهور المحافظ، خصوصاً في الخليج، لم يحقّق مسلسل &laqascii117o;واي فاي" بمواسمه الأربعة أيّ صدىً يذكر. لذلك، تعطيه الاحتجاجات العنيفة على فقرة تقليد نصرالله، دفعاً، لم يكن يطمح إليه.
مؤدّي الفقرة خالد الفرّاج لا يتمتّع بموهبة في التقليد تستحقّ التوقّف عندها. تكرّر وصلته القصيرة شعارات ارتهان &laqascii117o;حزب الله" لإيران، وفكرة تقبيل الأيادي، ولا تقدّم ما هو جدير بتحفيز عقول المشاهدين. سبق للفرّاج تخصيص فقرات من برنامج &laqascii117o;نصّ الجبهة" على &laqascii117o;يوتيوب" لتقليد نصرالله، ولم تخرج إطلالته التلفزيونيّة الجديدة عن إطار الكوميديا المدرسيّة الوعظيّة. لا مكان للبحث عن قيمة فنيّة للعمل الساخر هنا. فما يقدّمه لا يعدو كونه دعاية مُطَمئِنة لجمهوره المُبرمَج على التصفيق للسخرية السياسيّة الموجّهة. كما أنّه محاولة مضمونة النتائج، لاستفزاز الجمهور المقابل، المجهّز دوماً لفرض سلطته الرقابيّة في الشارع، وإلهاب بيروت بالإطارات المشتعلة، عند عرض أيّ مضمون تلفزيونيّ يراه غير ملائم &laqascii117o;لمعاييره".
لا يمكن إدراج أداء الفرّاج الهزلي في خانة النكتة السياسيّة والتي من حقّها ألا توفّر أحداً، حين تؤدّي دورها كأداة تغيير واستفزاز للبنى القائمة. فما فعله، يفرّغ الكوميديا السوداء من مضمونها، ويحوّلها إلى وسيلة تحريض مذهبيّ، ومحفّزة على الفتنة، في وقت تزخر كافة المنابر الإعلاميّة بالتحريض المجانيّ أصلاً.
باستثناء تجارب قليلة على رأسها &laqascii117o;البرنامج؟"، لم تخرج النكتة السياسيّة العربيّة عن حدود تقبيل أيادي الأنظمة القائمة. في معظم حالات النقد السياسي الساخر، لا يعلو السقف، إلا إن كانت النكتة تستهدف قصف الجبهات المضادّة، ولا تعلو الضحكات إلا عندما ينتصر &laqascii117o;التبشير بين مؤمنين" على السخرية الذكيّة والمركّبة والمشغولة.
تحويل النقاش في أزمة &laqascii117o;أم بي سي"/ &laqascii117o;حزب الله" إلى مسألة بحث في سقف النكتة السياسيّة، وحريّة السخرية، يبعد الملفّ عن سياقه الأصلي. تكمن المشكلة هنا في مؤسسات سياسيّة وإعلاميّة سعوديّة فقدت القدرة على تقييم الواقع بعقلانيّة، وباتت مستعدّة لرفع نبرة التحريض إلى درجات غير مسبوقة، بعد التضييق على أيّ صوت معارض لـ&laqascii117o;عاصفة الحزم"، وحجب قنوات مثل &laqascii117o;الميادين" و&laqascii117o;المنار" عن &laqascii117o;عرب سات".
أن يلجأ الإعلام السعوديّ إلى هذا النوع من البروباغندا، بالرغم من تفوّقه بالإمكانات والانتشار بما لا يقاس على الطرف الآخر، لا يمكن فهمه إلا كدليل ضعف.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد