نور أبو فرّاج
&laqascii117o;هاجر العام الماضي 8 آلاف يهودي فرنسي نحو فلسطين المحتلّة، وهناك 15 آلف آخرين قدموا من أوروبا الشرقية"، وفق إحصاءات تداولتها وسائل الإعلام مؤخراً. من بين مئات الملفّات العالقة حول العالم وتحديداً تلك المعنية بشتى أنواع الهجرة والمهاجرين، اهتمت قناة &laqascii117o;فايس نيوز" الأميركية بما أسمته &laqascii117o;هجرة اليهود"، وسعت لتقصّي ظروفها وأسبابها. جاءت المحصلة في تقرير استقصائي من ثلاثة أجزاء (28 د.)، صوّر بين فلسطين المحتلّة، ودول أوروبيّة، ونفّذته المراسلة كيتي انغلهارت.
بدأت رحلة &laqascii117o;فايس نيوز" على متن طائرة ركاب تقل يهوداً فرنسيين مهاجرين إلى &laqascii117o;إسرئيل"، وهي رحلات تنظّمها &laqascii117o;الوكالة اليهودية من أجل إسرائيل". في ردهة المطار، استطلعت المراسلة الشابة آراء المهاجرين حول دوافع الهجرة، ومسببات الخوف وانعدام الشعور بالأمن. وبمجرد وصولها إلى الأراضي المحتلة، بدأت إنغلهارت رصد التسهيلات التي تقدمها الحكومة الإسرائيلية للقادمين الجدد، وحفلات الترحيب بهم داخل المطار.
اهتمّ التقرير بتغطية الأنشطة والخدمات التي تقدّمها الوكالة اليهوديّة للمهاجرين الجدد. ففي أحد اللقاءات مع رئيس الوكالة التنفيذي نتان شارنسكي، توجّهت كيتي إنغلهارت إليه بالسؤال: &laqascii117o;بالنسبة لمراقب خارجي، قد يبدو ضرباً من الجنون أن يهجر المرء باريس لأنها &laqascii117o;غير آمنة" وينتقل للعيش في اسرائيل؟". جاءت إجابة الرجل لتؤكّد أنّ اليهود لا يشعرون بالأمان حتى وإن كان هناك قوانين تحميمهم في فرنسا. وفي مناسبة أخرى، يعطى شارنسكي الوقت الكافي لكي يشرح أفكاره حول ما يسميه &laqascii117o;معاداة السامية الجديدة" التي جلبها إلى أوروبا ملايين المواطنيين الآتين من الشرق الأوسط، ومعظمهم من المسلمين. ثم يستطرد متنبّأً بأن هذا سيكون القرن الأخير الذي سيعيش فيه اليهود في أوروبا، قبل استيطانهم في &laqascii117o;اسرائيل". بالرغم من أن المراسلة تبدو كما لو أنها تجادل ضيوفها، ولا تسّلم بآراءهم ووجهات نظرهم، إلا أنّها تترك لهم الوقت الكافي حتى يشرحوها، لتكرّسها فيما بعد بصورة أو أخرى عبر لقطات أرشيفية تظهر اليهود بوصفهم مستهدفين في أوروبا. وكل ذلك يخدم في المحصّلة تكريس الفكرة الصهيونيّة عن &laqascii117o;مظلومية اليهود"، وشعورهم بالاستهداف.
يرصد الجزء الثاني من الوثائقي، هجرة اليهود الأوكرانيين إلى &laqascii117o;إسرائيل"، إذ يقدم معظمهم مبرّرات متشابهة لشرح قرارهم بالهجرة، مثل التفكير بمستقبل أطفالهم، ومحاولة اغتنام الفرص. هذا وتواكب &laqascii117o;فايس نيوز" لحظات الوداع الأخيرة لعائلة أوكرانية قررت الهجرة إلى &laqascii117o;اسرائيل". اللافت في الأمر أن الأسرة التي تدين معظم حياتها بالمسيحية، امتلكت الحق بالهجرة، نظراً لكون جد الأم يهودياً. يرى الأوكرانيون الذين استطلعت آراؤهم أن الحرب واحدة في أوكرانيا وفلسطين، وهي ليست ما يخيف المهاجرين حقاً. لكن وفي الوقت الذي يمتلك فيه المهاجرون فرصة بدء حياة جديدة، بمساعدة &laqascii117o;هبات" و &laqascii117o;وعود" الحكومة الاسرائيلية، تبقى احتمالات الحياة في أوكرانيا أكثر ضبابية وسودواية بالنظر لقلّة فرص العمل وغياب الاستقرار.
لا تتوقف &laqascii117o;فايس نيوز" عند حدّ تقصّي ظروف الهجرة، بل تنشغل أيضاً برصد الأماكن التي سيستوطنها اليهود الجدد، وتهتم تحديداً بالضفة الغربية والمستوطنات. هنا تلتقي المراسلة بعض المستوطنين الجدد القادمين من فرنسا للسكن في الضفة الغربية، تبادر بسؤالهم حول سبب اختيار هذه المستوطنات تحديداً. يجيب الزوجان الشابان بأنهما يشعران بالأمان هنا نظراً لعدم وجود العرب والفلسطينيين. وحينما تسأل إنغلهارت أحد الإسرائيليين المسؤولين عن قضية توطين المهاجرين، وحول عدم شرعية مستوطنات الضفة الغربية، يجيب الأخير بأنّ هذا الحديث &laqascii117o;عفى عليه الزمن"، وأن الناس يدركون اليوم أن هناك عشرات الصراعات المشتعلة في العالم، وأن هناك أخطاراً أشد إلحاحاً من نقاش شرعية تلك المستوطنات.
تتبع &laqascii117o;فايس نيوز" استراتيجية شبه موحّدة في التعامل مع القضايا المرتبطة بـ &laqascii117o;إسرائيل". ومشروعها في تقصي موجات الاستيطان الجديدة، لا يشذّ عن القاعدة. في الظاهر تدّعي القناة الموضوعية، وتواجه ضيوفها الإسرائيليين بأسئلة جريئة، لكنّ المحصلة تأتي بصيغة لغة عنصريّة ومتطرفة تعادي المسلمين والعرب والفلسطينيين ولا تعترف بأدنى حقوقهم. لا ترى &laqascii117o;فايس نيوز" ضرراً من تأجيج مشاعر الخوف عند اليهود في أوروبا الشرقية أو الغربية، ولا تجد مانعاً في بناء أحلام وردية عن &laqascii117o;أرض موعودة" يعيش فيها الإسرائيليّون في سلامٍ بعيداً عن الفلسطينيين والحروب والأزمات الاقتصادية وشتى المُنغصّات الأخرى... تكاد تكون اللقطات الأخيرة من التقرير الاستقصائي، سريالية، نشاهد فيها مهاجرين أوروبيين، شبّان وشابات، عبروا بحاراً وبلداناً كي ينضموا إلى قوات الجيش الإسرائيلي. نراهم في أحد المشاهد يحتفلون ويتعانقون ويرقصون فيما يرتدي بعضهم لباس الجيش الإسرائيلي. تختار &laqascii117o;فايس نيوز" إنهاء تقريرها بكلمات باحث اسرائيلي يؤكّد أن ديموغرافية المنطقة قد تتغير بشكلٍ كليّ إذا ما استمرت هجرة اليهود بذات الوتيرة. جلّ ما يتمناه الباحث هجمات عدة بحجم &laqascii117o;شارلي إيبدو" كي يغدو &laqascii117o;الحلم بتكوين دولة لليهود" حقيقة!
المصدر: صحيفة السفير