أقحمت "إسرائيل" نفسها ميدانياً وبشكل مباشر في معادلة الحرب الجارية في سوريا، في ترجمة فعلية للتحالف الدولي - العربي الجديد الذي مهّدت الولايات المتحدة الأميركية له تحت عنوان "الائتلاف الدولي لمحاربة الإرهاب"، وشكّل العدوان الذي استهدف مجموعة من مجاهدي المقاومة الاسلامية في القنيطرة خطوة صريحة جداً في هذا المجال.
لم يعد خافياً أن الهدف الأساسي لتشكيل ما يسمى "الائتلاف الدولي لمحاربة الإرهاب" ليس القضاء على "النصرة" و"داعش"، بل يتجاوز ذلك لضرب حركات المقاومة المناهضة للسياسة الأميركية - الإسرائيلية في المنطقة، ولا سيما في لبنان وفلسطين وفي مقدمتها حزب الله وحماس.
ولا يكفي بالطبع إقحام العنصر الإسرائيلي في منظومة جديدة أفرزتها الوقائع في كل من سوريا والعراق، بل أتى التدخّل الإسرائيلي المباشر على مسرح التطورات الميدانية السورية ليبعث برسائل واضحة لكل من يعنيه الأمر أن "إسرائيل" لا تقف على الحياد بل هي معنية بشكل مباشر في المشاركة بإعادة تشكيل القوى ورسم الخارطة السياسية في المنطقة.
دلائل وقوف العدو الاسرائيلي الى جانب داعش
تصريحات وزير الخارجية الامريكي جون كيري:
اشار وزير الخارجية الأميركية جون كيري، في كلمة له أمام منتدى سابان التابع لمعهد "بروكينغز" في واشنطن، من أن "العنف الحالي في الشرق الأوسط أظهر وجود فرصة لتشكيل تحالف إقليمي جديد يضم إسرائيل ودولا عربية"
تصريحات عاموس يالدين:
أيّد الجنرال "عاموس يالدين" الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية والمدير الحالي لمعهد الدراسات حول الامن القومي في جامعة تل أبيب، تصريحات جون كيري وقال ان "المعلومات الاستخباراتية التي نجمعها حول الشرق الاوسط في مواجهة سلسلة من التهديدات هي ايران وحزب الله وما يحدث في سوريا والمنظمات الارهابية في سيناء وفي قطاع غزة هي معلومات جيدة جداً ونتقاسمها مع حلفائنا".
موقف وزير داخلية البحرين:
ولعل الموقف الصريح جاء على لسان وزير داخلية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة - المعروف بعلاقته الوطيدة مع كثير من المسؤولين الإسرائيليين - الذي اعتبر أن "الجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة وداعش ليست التهديد الإرهابي الوحيد.. فهناك الإرهاب الذي ترعاه الدول، وخير مثال على هذا هو حزب الله الذي يعتبر منظمة إرهابية".
في حين تؤكد مصادر أميركية وغربية أن تمويل "داعش" في سوريا والعراق يخرج من معاونين داخل الديوان الملكي، وتشير المصادر إلى الكثير من المعلومات والأدلة والتقارير التي تكشف تورط سياسيين وأمنيين بحرانيين في دعم هذه الجماعات.
تقرير الأمم المتحدة:
أما الحديث الأكثر صراحة فجاء في تقرير العام 2014 الذي قدّمه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى مجلس الأمن، وطلب فيه تجديد التفويض للقوات الدولية في مرتفعات الجولان السورية المحتلة، وكشف فيه عن "تعاون قائم بين إسرائيل ومجموعات مسلحة سورية من بينها "داعش" و"جبهة النصرة" في منطقة الجولان". وأشار التقرير، الذي نشرت صحيفة " هآرتس" مقتطفات منه، إلى "عشرات اللقاءات بين معارضين سوريين مسلحين وجنود الجيش الإسرائيلي وإدخال جرحى لإسرائيل، ونقل صناديق غامضة المحتوى إلى سوريا".
الدعم الواضح بلسان العدو
شدد رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، اللواء هيرزي هاليفي، على موقف الكيان الصهيوني “الذي لم يتغيّر” حيال داعش، مؤكدًا أنّ اسرائيل “تفضّل التنظيم على الحكومة السورية”، وأنّ “إسرائيل” لا تريد لداعش أن يهزم في الحرب ٫ جاء ذلك خطابٍ ألقاه في مؤتمر هرتسليا.
وكشف موقع “NRG” العبري المرتبط بصحيفة معاريف عن هذا الاعتراف الخطير لهاليفي في كلمته في المؤتمر ، والذي أعرب فيه عن قلقه إزاء الهجمات الأخيرة التي تعرّض لها تنظيم داعش، قائلًا إنه “في الأشهر الثلاثة الأخيرة، واجه التنظيم “أصعب الأوضاع” منذ تأسيسه، وإعلان الخلافة”.
وتابع الموقع نقله لتصريحات هاليفي، الذي ذهب في التعبير عن القلق من هزيمة داعش للقول بأنّ ذلك قد يعني مغادرة “القوى العظمى” لسوريا، معتبرًا أنّ ذلك من شأنه أن يضع “إسرائيل” “في موقف صعب”.
وختم هاليفي تصريحه بالقول إنّ “”إسرائيل” ستفعل كل ما بوسعها حتى لا نجد أنفسنا في مثل هذه الحالة”، مما لا يترك مجالًا للشك بالدعم المباشر وغير المباشر الذي يقدّمه العدو الصهيوني للتنظيم الإرهابي.
وتحدّث الموقع عن تزامن تصريحات هاليفي مع غيره من المسؤولين الصهاينة، قائلًا إنّ “المسؤولين الاسرائيليين قد عبّروا بانتظام عن ارتياحهم لفكرة سيطرة داعش على بعض المناطق في سوريا، وأكدوا مرارًا أنّ بقاء داعش أفضل من انتصار الحكومة السورية في الحرب”.
ولا تخفي الأوساط الإسرائيلية علاقتها بهذه الجماعات والتنسيق القائم بين قاداتها وبين ضباط إسرائيليين، وتأمينها إطار حماية عسكرياً وأمنياً، فضلاً عن الاهتمام الطبي اعتباراً من آذار العام 2013، حيث أقام جيش الاحتلال قرب الحدود في الجولان مستشفى ميدانياً لعلاج جرحى الإرهابيين، ومنهم من تم نقله للعلاج في مستشفيات صفد ونهاريا.
موقع ديبكا يكشف الدعم الاسرائيلي لجماعة "داعش"
نشب خلاف حاد بين الاحزاب اليسارية واليمينية في الكيان الاسرائيلي بعد التقرير الذي نشره موقع ديبكا الاسرائيلي حول الشبه الكبير بين التكتيكات التي يتبعها تنظيم داعش الارهابي في حرب المدن وبين التكتيكات العسكرية لجيش الاحتلال في هذا المجال.
زهافا غلئون رئيسة حركة ميرتس الاسرائيلية المعارضة انتقدت بشدة حكومة نتنياهو وقالت "ان حرب نتنياهو على قطاع غزة وضعت (اسرائيل) في مستنقع عميق وإن دعم جماعة داعش يزيد من عمق هذا المستنقع".
وأضافت: "لقد كلفتنا الحرب الكثير وجعلتنا في موقف سيئ أمام العالم، ومع مثل هكذا اجراءات لا أرى مستقبلا جيدا أمامنا".
الدعم الإسرائيلي، التركي، السعودي، القطري، والامريكي لداعش والنصرة:
كشف السياسي الألماني المعروف، يورغين تودنهوفر، خلال مقابلة مع أحد قادة جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة في سوريا المدعو أبو العز عن حقائق التنظيم الارهابي حيث اعترف بتلقيه العون من اسرائيل وتركيا والسعودية .
وقال القيادي في النصرة، خلال المقابلة التي نشرتها صحيفة كولنر شتات انتسايفر الألمانية، إن”إسرائيل تقدم العون لجبهة النصرة”، مشيرا إلى أن المصالح تقاطعت بين إسرائيل والجبهة نظرا لوجود عداء بينها وبين سوريا وحزب الله.
وأضاف أنه يوجد هناك عدة فصائل تعمل تحت راية النصرة، مثل فتح الشام وجيش الإسلام وأحرار الشام، موضحا أن “هناك فصائل تحمل مسميات مختلفة لكنها تصب جميعها في جبهة النصرة”.
وبين أن “فصائل القاعدة المرتبطة بداعش يتولاها قادة استخبارات أمريكيون، ونحن في جبهة النصرة من كشفناهم”.
وأشار إلى أن الدعم الأمريكي للنصرة غير مباشر و”يأتي من خلال الدول التي تدعمنا”، مطالبا الولايات المتحدة بـ”تزويدنا بأسلحة أقوى من تلك التي توردها لنا حاليا , كما هو الحال في صواريخ تاو التي أعطتنا إياها الولايات المتحدة غيرت موازين المعارك مع الحكومة السورية”.
وأضاف أن “مسلحي النصرة حصلوا على دبابات من ليبيا وعربات (بي إم بي)"، وتابع إن “ضباطا أتراك وسعوديين وقطريين وإسرائيليين وأمريكيين ساعدونا، قدموا لنا استشارات عسكرية”، مبينا أن “السعودية قدمت لنا نصف مليار دولار. فيما قدمت الكويت أكثر من 5 ملايين دولار”.