زينب حاوي
يا «ثورة» ما تمت ،قد تصلح هذه الإستعارة الأدبية، لوصف ما حدث أمس، من إستنفار إعلامي، غير مسبوق عشية الجلسة التشريعية التي يُفترض أن تعقد اليوم لتقر التمديد الثالث للنواب، وأنهى رئيس الجمهورية ميشال عون الجدل حولها واستخدم صلاحياته الدستورية للمرة الأولى في تاريخ لبنان، وأجلّ الجلسة المذكورة شهراً كاملاً.
لكن، قبل هذا الموعد، حشدت القنوات اللبنانية، واستنفرت أطقمتها التحريرية وشبكة مراسليها، حتى ضمن البقعة الواحدة. على سبيل المثال، كنا نرى مراسلاً/ة في «ساحة الشهداء»، وآخر على بعد أمتار صغيرة، الى جانب فندق «لو غراي». كان بادياً منذ بدء نهار أمس، أن القنوات، سيما lbci، «الجديد»، وotv، وmtv، تستعد ليوم ساخن بإمتياز، وتستغل لحظة غضب الناس على مواقع التواصل الإجتماعي، ونزول عدد من المجموعات الى الشارع وسط العوائق والإجراءات الأمنية التي كانت تزنر ساحة البرلمان.
عند الساعة الثامنة مساء أمس، بعيد إنتهاء الرئيس عون من خطابه المقتضب، الذي أوقف فيه كل هذا الشحن والتوتر، أو أجلّه، بدت هذه القنوات، كأنها خسرت معركة كانت تحشد اليها، طيلة الساعات الماضية، من تأجيج للشارع، وإشاعة أجواء من إحتمال التصادم. وأكثر من ذلك، دخلت الى حلبة الإحتجاجات الشعبية، احزاب «الكتائب»، «القوات»، و«التيار الوطني الحرّ»، بصفتها أفرقاء معارضين للتمديد. وبهذا الدخول المضحك لأحزاب داخل السلطة (ما عدا الكتائب) وضدها في الوقت عينه، توزع المراسلون/ات، بين معراب، و«معقل الوطني الحر» في ميرنا الشالوحي، وبين ناشطي «الكتائب»، في الشارع. بدا الأمر مع الترويج بأن هذه الأحزاب تعدّ العدّة ليوم الحشد، في اليوم التالي، وتشد عصب جماهيرها، وزاد من هذه الأجواء، قطع البث لمرات عدة، لنقل ما يدور في هذه الأماكن، والقول بأن الآتي أعظم!
جنون تغطية أمس، التي كبحها الرئيس، كانت تعتاش من التصعيد، ومن بث أجواء سلبية، وحتى بدت في كثير من الأماكن، مراهقة، كقطع بث «الجديد»، إبان نشرة أخبارها المسائية، فقط لنقل كيف أن المعتصمين يفكون خيمة!
حتى إن بعض هذه القنوات كانت تعدّ العدّة بدورها لقيادة «الثورة»، كما حصل قبل عامين في قضية النفايات، فرأينا على سبيل المثال قناة lbci، تلهب جمهورها بمقدمة نشرة أخبار مسائية نارية، وبعدها ينتقل كل من مقدميّ النشرة ديما صادق وماريو عبود، الى طاولة وضعت وسط الاستديو، لإستقبال سالم زهران، وسيمون أبو فاضل. وظهرت من ورائهما خلفية شاشة ضخمة على متنها صور من الحراك المدني وشعاراته، للقول للمشاهدين: تحضرّوا، lbci ستقطع روتينها اليومي، وتواكب «الثورة»،وربما تصنعها!.
الأخبار ـ ميديا : العدد ٣١٥٢ الخميس ١٣ نيسان/ أبريل ٢٠١٧