صحيفة الدستور الأردنيةد. نبيل الشريف
سقط القناع الذي طالما تخفت وراءه وسائل الاعلام الغربية ، وانكشفت أكاذيب الحياد والموضوعية والتوازن ، التي رددتها هذه الوسائل على مسامعنا لسنوات طويلة في كليات الاعلام والصحافة ، ولم يعد احد يصدق هذه الاضاليل الاعلامية الغربية ، التي تخبئ وراءها حقدا دفينا وعنصرية كريهة وخوفا باثولوجيا ، من كل ما يمت للعروبة والاسلام بصلة.
فالذين تشدقوا بالموضوعية من الاعلاميين الغربيين ، وافقوا دونما تردد على الالتحاق بالقوات العسكرية المعتدية ، التي هاجمت بغداد منذ بضع سنوات ، ولم يجد هؤلاء 'الموضوعيون جدا' غضاضة ، في رؤية جانب واحد فقط من الصورة ، وهو الجانب الذي سمحت لهم برؤيته القوات الغازية.
والذين باعونا اوهاما من اعلاميي الغرب حول ضرورة توخي التوازن في التقارير الصحفية ، سقطوا شر سقطة في تعاملهم غير المهني مع العدوان الاجرامي الاخير ، الذي شنته اسرائيل على قطاع غزة ، فقد بلغ من 'حرصهم على التوازن' انهم كانوا يساوون في تقاريرهم بين الضحية والجلاد ، فكانوا يناشدون 'الطرفين' وقف اطلاق النار ، وكأن الطرف الذي يمتلك الدبابات والطائرات والقنابل المحرمة دوليا والزوارق البحرية ، موازْ لطرف لا يملك سوى ايمانه واجساد اطفاله ليصد بها غائلة العدوان.
كما حرص 'المتوازنون جدا' على تقديم لقطات منتقاة لا تؤذي المشاعر المرهفة عبر محطاتهم التلفزيونية ، من آثار العدوان الاسرائيلي الهمجي على غزة ، بالتوازي مع مظاهر الهلع والفزع ، التي يعاني منها اهالي المستعمرات المتاخمة لغزة،، فجثث الاطفال والنساء الملقاة بالمئات تحت الانقاض في غزة ، 'توازي' مشاهد الفزع ، التي دبت في صفوف المستوطنين الغاصبين في سديروت،،. أما أكذوبة الحياد ، فقد جسدتها واحدة من اكبر المؤسسات الاعلامية الغربية ، ألا وهي هيئة الاذاعة البريطانية ، التي رفضت نشر نداء لمنظمات انسانية ، تسعى من خلاله لجمع التبرعات لمواطني غزة المنكوبين ، بدعوى أن نشرها للبيان يعد خرقا لسياسة الحياد التي تتمسك بها الهيئة، فهل هذا حياد أم تواطؤ مع العدوان؟.
لقد فضح العدوان الاسرائيلي الغاشم على غزة ، الاضاليل المهنية التي طالما تشدقت بها وسائل الاعلام الغربية. وأصبح المطلوب من كليات الصحافة في العالم العربي ، التوقف عن تدريس هذه الاكاذيب لطلابها ، والبحث عن أسس وتقاليد اعلامية أكثر صدقا وأشد انصافا.