جريدة السفير
نهاد المشنوق
- لست من دعاة مقاطعة النظام السوري ولا من حاملي سيف محاربته. كل ما في الأمر انني أجد ان من حقي الاختلاف مع رؤيته السياسية في لبنان. اذ ان العشوائية السياسية في مناصرة السياسة السورية، والوحشية في مواجهتها، تجعلانه ـ أي النظام السوري ـ يصنّف اللبنانيين بين متآمر أو متعامل، فلا يعود للاختلاف مكان ولا للنقاش قضية.
وفي ظل هذا الخلاف الحاد في الاجتهاد السياسي بين النظام في دمشق والفوضى في لبنان، كان من الطبيعي ولادة الاتهام السياسي للقيادة السورية بالاغتيالات السياسية في لبنان من دون الحاجة الى أدلّة تثبت جنائيا من هو المجرم ومن هو البريء.
- لقد توقّعت ـ وأخطأت ـ أن يكون للعماد عون هذا الدور الجامع للبنانيين الذين يصرّون على حقّهم بالاختلاف السياسي عن الرؤية السورية للشأن السياسي في لبنان. فإذا به يفعل عكس ذلك..
ورقة التفاهم: .اني لم أر في ورقة التفاهم بين «حزب الله» والتيار العوني غير عامل استقرار وطمأنينة مرحلية وغير مغلقة. ولم أؤمن في لحظة من اللحظات بأن عزلا سياسيا وطائفيا للحزب يمكن ان يؤدي الا الى المزيد من الاضطراب والانفجار في لبنان...حققت ورقة التفاهم هدفها كما فعل التحالف الرباعي في الانتخابات النيابية.
الدور المسيحي: الدور المسيحي في لبنان لا يمكن ان يأخذ شكل التحدّي، ففي هذا دمار للدور وتعريض بأهله للخطر الأكيد. فإن هذه القيادة تضع مجموعة من المواطنين ـ على استثنائية حضورهم ـ في وضع التحدي لمحيط يمتد من اندونيسيا في آسيا الى موريتانيا في افريقيا...فكيف يمكن للبناني أن يرى رئاسة الجمهورية شاغرة بسبب الخلاف السياسي الحاد في الداخل وفي الخارج العربي والدولي، والبطريركية المارونية مهانة من ابناء رعيّتها، والجيش محاصر بالشروط حول قائده، ولا يدعو الى إقدام استثنائي من قيادة الطائفة المعنية تاريخيا بهذه المواقع ولو رأى في هذا الإقدام المحازبون للعماد عون، ظلما لطموحه وتنازلا. ليس في هذا ظلم ولا تنازل بل شعور عال بالمسؤولية المعتدلة.
احداث مار مخايل: كشفت أن الحزب على استعداد لاستعمال «العنف السياسي» دفاعا عن قضية رابحة لا تحتاج الى هذا القدر من الإمعان السياسي في تشويه الآخرين والرد عليه، بما يزيد من التشويه في صورته اللبنانية ولو عند غير جمهوره. والتحقيق في سقوط سبعة شهداء لبنانيين في محيط الضاحية الجنوبية لبيروت، حق طبيعي لكل اللبنانيين وليس للشهداء أو حزبهم أو حتى طائفتهم. وهو ما حدث وتوصل التحقيق الى النتائج المرجوة منه. فماذا بقي من كل الكلام الذي قيل؟ ..فقد أوحت ردود فعل النخبة الحزبية على أحداث مار مخايل، أن هناك تعميما سياسيا يستنفر للتعبير عن تعرّض الطائفة للإهمال، والضاحية للخطر، والحزب للحصار. فهل هذا صحيح؟
- لا جدال بأن هناك مشروعا سياسيا أميركيا يقول بغلبة مجموعة على أخرى، بسبب تبني «الأخرى» بقاء سلاح المقاومة في يدها. لكن هذا المشروع سقط مع صمود المقاتلين في جنوب لبنان.فلمَ الغلوّ في مواجهة أوهام أميركية فشلت في العراق وفي فلسطين، وعلى طريق الفشل في افغانستان؟ أليس هذا استدراجا طبيعيا للحديث، على ألسنة قادة الأكثرية، عن المشروع الإيراني ـ السوري القائد للمعارضة.
- ما الذي تحقّقه زيارة المرشّح الرئاسي العماد ميشال سليمان الى الأمين العام للحزب والى رئيس حركة أمل، ومن اتصاله للتعزية بالسيد محمد حسين فضل الله والشيخ عبد الامير قبلان. ما الذي تحقّقه الزيارتان والتعزيتان غير اعتبار الشهداء إما حزبيين وإما انهم استشهدوا بصفتهم المذهبية بدلا من جعلهم شهداء لبنان.
- عشوائية حزب الله: لم تُظهر أحداث مار مخايل "عشوائية" الادارة السياسية لـ«حزب الله»، بل أكّدت أن هناك قيادات من قوى الرابع عشر من آذار قطعت بأشواط الآخرين في قدرتها على إضاعة حقوقها التاريخية الشاملة لكل لبنان. فالبيان الذي صدر بعد وقف اطلاق النار في العام 2006 على عيوبه المؤسسة لما نراه هذه الأيام، لا يقلّ اذى عن البيان الذي صدر عن القوى نفسها تعليقا على أحداث مار مخايل. والجزم والحسم والتأكيد والإصرار التي ظهرت في تصريحات الوزير أحمد فتفت ساعة الحادث لا تدلّ في حال من الأحوال على حكمة...هي مسؤولية القيادة الفعلية التي لا يحقّ لها التخلّي عن حقها في مخاطبة كل اللبنانيين في أيامهم العادية، فكيف حين يكون هناك دم الشهداء على الأرض، برصاص جهاز رسمي لبناني؟ من فعل غير ذلك ومستمر في خطابه، يكُن قد حاز عضوية شرف في نادي «العشوائية اللبنانية».