'البلد'
علي الأمين:
-- اللقاﺀ العلمائي الشيعي
ينهمك بعض رجال الدين 'المستقلين' في الوسط الشيعي بالاستعداد للاعلان عن 'اللقاﺀ العلمائي المستقل'، هذا التحرك يهدف بحسب مصدر فيه الى الاصلاح، من خلال فتح حوار والانفتاح على المرجعيات الشيعية داخل الطائفة في لبنان، ونسج افضل العلاقات معها وسائر المرجعيات اللبنانية. انطلاقا 'من حق أية مجموعة علمائية أو عقلائية أن تعبر عن نفسها وأن تسعى وسعها سواﺀ على المستوى الوطني العام، أو على مستوى الخارطة الشيعية اللبنانية تحقيقا لما فيه الصالح العام'. هذا اللقاﺀ الذي اوشك على وضع اللمسات الاخيرة على بيانه التأسيسي، اشارت اوساطه، الى انه يسعى الى الاصلاح على المستوى الفكري والسياسي، والافساح في المجال أمام العلماﺀ المستقلين الناشطين على الساحتين اللبنانية والشيعية للتعبير بصوت واحد عما يشتركون فيه من هموم ومواقف وللتحرك بشكل جماعي، لا سيما أن تجارب العمل الفردي الذي لا محل فيه للتشاور والتناصح قد أثبتت قلة ثمرتها وجدواها'. ويعتبر اللقاﺀ' أن النتاج الفكري والفقهي والثقافي لعلماﺀ لبنان الشيعة لا سيما علماﺀ جبل عامل منجم أفكار مجددة صافية عقلانية على الشيعة اللبنانيين أن يغرفوا منه ثقافتهم الاسلامية وفي اغترافهم منه أن يعيدوا له الاعتبار وأن ينأوا بأنفسهم عن ثقافة الخرافة والمنامات والغلو التي تفتك بهم'. وتشدد الاوساط نفسها على ان اللقاﺀ 'لا يقوم على منطق الضدية حيال أي طرف أو اطار شيعي' لذلك عمد المؤسسون بهدف التشاور وعرض الافكار التي يطمح اللقاﺀ لتحقيقها الى عقد لقاﺀات مع مواقع سياسية (الرئيس نبيه بري، ورئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين)، ومع مواقع دينية وفكرية (السيد محمد حسين فضل الله ورئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان، والسيد محمد حسن الامين والسيد هاني فحص وغيرهم من وجوه فكرية ودينية وسياسية). وكانت ردود الفعل الاولية متفاوتة، . فالرئيس نبيه بري ابدى بحسب الاوساط نفسها، 'تفهمه لضرورة قيام اطار شيعي مستقل ومنفتح ومنتج. فيما بارك السيد فضل الله اي عمل يهدف الى اعمال العقل ثقافيا وسياسيا'. اما بشأن موقف حزب الله فلم يسمع المؤسسون كلاما مشجعا ولا رافضا 'قدمنا لهم رؤيتنا ولم نسمع جوابا بعد'. فيما اكد السيد محمد حسن الامين على اهمية 'ان يحافظ اللقاﺀ على استقلاليته ولا ينجر الى لعبة المحاور وان يستفيد من التجارب السابقة على هذا الصعيد'. وفيما تشدد الاوساط على التواصل المستمر بالمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى في لبنان، لم تسمع من الشيخ قبلان موقفا واضحا حيال هذا التحرك. هذا اللقاﺀ الذي انتخب رئيسا له هو المفتي الشيخ احمد طالب، انتخب نائبا للرئيس الشيخ عباس الجوهري الذي عين ناطقا رسميا باسم، اللقاﺀ كما ضم الى عضويته العديد من رجال الدين الشيعة من مناطق عدة، منهم الشيخ محمد الطفيلي، الشيخ حسن مشيمش، الشيخ علي حب الله، السيد ياسر ابراهيم وغيرهم من رجال دين يدرجون انفسهم في موقع مستقل خارج الاستقطاب السياسي داخل الطائفة او خارجها. اما خطوة الاعلان عن هذا اللقاﺀ فسوف تتم من خلال جولة يقوم بها وفد منه على المرجعيات الشيعية وغيرها على المستوى اللبناني. حيث يتوقع ان تكون فاتحة الزيارات الى الرئيس نبيه بري والمرجح ان تتم خلال هذا الاسبوع على ان تستكمل الزيارات تباعا بعد اعلان البيان التأسيسي على الجمهور. هذا اللقاﺀ الذي يهدف الى ابراز رأي آخر داخل الطائفة الشيعية، يسعى في المقابل عبر الحوار وتقديم الحجة له، الى ان يلقى اذانا صاغية في هذا الوسط، ويأمل مؤسسوه ان يدرك الجميع المخاطر التي تحيط بالحالة الشيعية ليس في لبنان فحسب بل على مستوى العالم. وتلفت المصادر الى ما يحيط بايران سواﺀ على مستوى تجديد شبابها الدائم، والازمات التي تنهش بدولة العراق، لذا ثمة مهمة يضعها اللقاﺀ امامه من اجل تعزيز مناخات التوافق الداخلي عبر اقامة ورش عمل تصالحية على مستوى الطوائف تواصل فكري وسياسي واجتماعي، انطلاقا من ان 'مواجهة الاخطار الخارجية أو محاولة تعطيل المؤسسات واجب على كل اللبنانيين لا محل فيه للاجتهاد والاستفراد' ودعم خيارات التواصل العراقي مع المحيط العربي، ونزع فتيل الفتنة الذي يتربص في اكثر من مكان في المنطقة العربية والاسلامية.
- 'النهار'
محمد شري(إعلامي):
-- آخر الحروب الاسرائيلية - اللبنانية؟
هل كانت حرب تموز 2006 آخر الحروب الاسرائيلية – اللبنانية؟...وما نود الاشارة اليه تحديدا مسألة اثارت في حينها الكثير من ردود الفعل والتعليق وهي كلمة سماحة السيد حسن نصرالله الشهيرة: 'لو كنت اعلم...' والتي جاءت في معرض رده على سؤال افتراضي. هذا الرد الذي سجله البعض عليه كمأخذ ونقطة سلبية فيما هو موقف يسجل له كقائد صريح وصادق، والأهم مسؤول عن شعبه، حريص وملتزم اخلاقيا ودينيا ووطنيا بأرواحهم وارزاقهم. لعل ابرز ما في حرب تموز ان ايا من طرفي الصراع لم يكن يعلم او يتوقع ما امتلكه او مارسه الطرف الآخر في تلك الحرب من اعمال عسكرية، وهذا ما ينطبق على الطرفين معا. بالتأكيد لو ان اسرائيل كانت تعلم ما هي امكانات المقاومة وقدراتها لما اقدمت على تلك الحرب بالصورة التي قامت بها. وعنصر المفاجآت كان من العناصر الحاسمة في تقرير مصير الحرب بالنسبة لأنواع الاسلحة التي كانت في حوزة المقاومة والقدرة على استخدامها بكفاءة عالية، وهو ما لم تكن القيادة السياسية والعسكرية الاسرائيلية استعدت له. كذلك الامر لو ان المقاومة كانت تعلم بالنيات الاسرائيلية لهذا الاستخدام المفرط للقوة ضد المنشآت والاهداف المدنية وغير المدنية، والتي بلغت حد التوحش والتدمير الشامل للقرى والاحياء والقتل الهمجي للاطفال والنساء، لما اقدمت على عملية تحرير الاسرى في 12 تموز بالشكل الذي تمت به. الجديد بعد حرب تموز ان ما كان مجهولا للطرفين قبل الحرب اصبح معلوما بعد هذه الحرب وبمستوى اعلى واكبر من القوة والتسليح والتجهيز. لقد بدأت اسرائيل حرب تموز وهي واثقة تماماً من الفوز وانتهت الحرب وهي واثقة تماما من عدم القدرة على تحقيقه، وقد عبرت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني عن ذلك بصراحة حاسمة بقولها: 'لو جاء اقوى جيش في العالم لما استطاع نزع سلاح حزب الله بالقوة'. منطقيا لا يمكن أي دولة او قيادة عاقلة ان تقود حربا هجومية دون ان تكون واثقة من الفوز والانتصار، فكيف بدولة مثل اسرائيل للهزيمة لديها تأثيرات كيانية وجودية؟ لذلك اتجهت القيادة العسكرية والسياسية الاسرائيلية بعد الحرب نحو تهديد سوريا وايران، بمعنى ان اسرائيل لن تخضع لمعايير الحرب التي يفرضها العدو، اي المقاومة، من خلال مواجهة جيش نظامي تقليدي لقوة غير نظامية، وغير تقليدية، بكل ما للكلمة من معنى. لذلك كانت المناورات العسكرية الاسرائيلية مناورات شاملة، منها ما هو موجه لسوريا في الجولان ومنها ما هو موجه لايران. باعتبار ان اي حرب مقبلة لن تكون محدودة، خاصة ان الحرب مع المقاومة في لبنان تجعل كامل اراضي الكيان الاسرائيلي في قلب المعركة، وفي التقدير الاسرائيلي انها اقدر على التعامل مع اهداف كلاسيكية في سوريا وايران منها على التعامل مع اهداف للمقاومة في لبنان. اما بالنسبة الى المقاومة، وكما اشرنا، فهي بطيبعة الحال باتت تعلم اي نوع من الحروب ينتظرها، ولها بالطبع ان تتوقع ما هو اشد من وقائع حرب تموز 2006 من الجانب الاسرائيلي. وبناء على منطق الامور فان هذا يعني ان لا تسعى المقاومة الى هذا النوع من الحروب والمواجهات الا اذا كانت دفاعاً لا بد منه عن الوطن والنفس.هل يعني ذلك ان الحرب الاسرائيلية مع لبنان حصراً باتت أمراً يتجنب الطرفان الوصول اليها؟يمكن التجرؤ بالجواب بنعم طالما أن معادلة الردع المتبادل قائمة وطالما ان الطرفين يعلمان ان كلفة الحرب باهظة جداً. نعم اذا شعر العدو ان المقاومة عاجزة او محاصرة او ضعيفة فهو لن يتردد كثيرا في قرار الحرب وفي افتعال ذرائع لخوضها. ولعل هذا ما يفسر الهدوء المستقر على الحدود الجنوبية على مدى ثلاث سنوات، وهو هدوء لم تعرفه هذه الحدود على مدى عقود من الزمن، بما فيها بالطبع سنوات ما بعد التحرير، حين كانت المقاومة مستمرة حينها بما سمّته العلميات التذكيرية لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والعمليات لتحرير الاسرى الذين نجحت المقاومة في تحريرهم في انجاز وطني تاريخي.هذه القراءة تفسر سلوك المقاومة بعد حرب تموز، والذي تميز بالآتي:
1- الامتناع عن العمليات العسكرية التذكيرية لتحرير مزارع شبعا مع احتفاظها بهذا الحق من الناحية المبدئية.
2- عدم التسرع في الرد المباشر على عملية اغتيال القائد الشهيد عماد مغنية مع احتفاظها بحقها بهذا الامر.
3- سلوكها خلال العدوان الاسرائيلي الاخير على قطاع غزه ونفيها اي علاقة لها بالصواريخ المجهولة الهوية التي اطلقت على شمال فلسطين بدعوى التضامن مع الفلسطينيين في القطاع.
هل يعني ذلك ان النصر الذي حققته المقاومة في حرب تموز لم يكن نصرا حقيقياً؟ بالطبع هو ليس انتصارا حاسما ونهائيا لكنه بالتأكيد انتصار حقيقي وناجز تبعاً لموازين القوى، وتبعاً للاهداف المعلنة للحرب، وتبعاً للنتائج التي كرست لاول مرة في تاريخ الصراع مع العدو، معادلة الردع المتبادل، فيما كانت معادلة الردع في اتجاه واحد، وبات العدو مضطراً للتأمل والتفكير كثيرا قبل ان يأخذ قرار الحرب مع لبنان. هذا الردع المتبادل وانكشاف كثير من الاوراق هما أهم عناصر استمرار الستاتيكو القائم في الجنوب. ولعل هذا ما يفسر ايضا تصريحات قيادة المقاومة العلنية عن زيادة قوتها عدة وعددا اضعافا مضاعفة عما كانت عليه في حرب تموز، كماً ونوعاً، رغم الملاحظات التي يطرحها البعض على هذه التصريحات باعتبارها لا تتلاءم مع القرار 1701، وباعتبارها تجعل العدو يتحضر لما هو اسوأ بالنسبة اليه. لكن الحقيقة ان هذه التصريحات والمواقف تصب في خدمة معادلة الردع وتشكل رداً على ما يسعى العدو الى ترميمه في هذه المعادلة ميدانيا ونفسيا. ومع تقديرنا ان الذي يحفظ الهدوء في الجنوب ليس القرار 1701، وليس احترام بنود هذا القرار الذي تخرقه اسرائيل يوميا، وليس عديد القوات الدولية على اهمية دورها ووجودها المعنوي والنفسي، انما بالاساس الذي يحفظ الوضع القائم انما هو ارادة الطرفين المتحاربين ومدى جهوزية كل فريق للفريق الآخر. لذلك على كل الحرصاء على استقرار الوضع في الجنوب دعم معادلة الردع وتقوية خيار المقاومة واحتضانه، وتمكينها الى جانب الجيش اللبناني. وأي عمل او موقف في غير هذا الاتجاه انما يصب في غير مصلحة لبنان وتاليا ايضاً في غير مصلحة القرار 1701.
- 'المستقبل'
محمد مشموشي:
-- حكاية 'الثلث المعطل' .. التي تستمر فصولاً لدى الأقلية!
ستردد أطراف الأقلية وأجهزة اعلامها، والى أمد بعيد، مقولة أن تركيبة الحكومة العتيدة قامت على قاعدة 'الثلث المعطل' أو أقله نظرية 'الوزير الملك' (وحتى 'الوزيرين') مهما قيل غير ذلك أو ثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه خلافه. الهدف ؟!، اشاعة الرأي، للداخل اللبناني كما للخارج الاقليمي والدولي، بأن الأقلية السابقة واللاحقة لم تتخل مطلقا عن طلبها هذا، المجسد لـ 'الشراكة الحقيقية' في السلطة كما تقول، وبأنها حققت مطلبها في النهاية برغم كل شيء . أكثر من ذلك، ستقول هذه الأطراف ان ما تم ليس سوى تأكيد لديمومة مفاعيل 'اتفاق الدوحة'، أي لما تصفه بموازين القوى بعد 7 أيار العام 2008، من دون أي اهتمام لما يعنيه ذلك بالنسبة الى أخلاقيات العمل السياسي في البلاد... لطالما اتهمت الأكثرية، أو بعض أطرافها، بأنها تنطق بالزور وتزييف الحقيقة عندما تقول ان في مؤخرة دماغ الأقلية، أو بعض أطرافها، ما يوصف بـ'المثالثة' في ادارة شؤون البلد أو باعادة النظر في 'اتفاق الطائف' وتاليا الدستور الذي يحكمه منذ نحو عشرين عاما. لكن ما قاله نائب الأمين العام لـ'حزب الله ' الشيخ نعيم قاسم، بعد اعلان التوافق على قواعد تشكيل الحكومة، أن أية حكومة في لبنان لن تكون بعد الآن الا حكومة وحدة وطنية، جاء في تصريح علني وبكل وقار منه ووضوح. كيف ذلك؟!، لعل 'التفسير' الوحيد يكمن في اصرار الناطقين باسم الأقلية، وأجهزة الاعلام المرتبطة بها، على تكرار القول ان ما حدث قد كرس، ولو بصورة مموهة، 'الثلث المعطل' الذي طالما رفضته الأكثرية، وانه بدلا من 'الوزير الملك' الذي عينته الأقلية وتركته وديعة لدى رئيس الجمهورية اتفق على أن يكون هناك 'وزيران' اثنان، يغطي أحدهما الثلث + 1 الذي تطالب به الأقلية فيما يغطي الثاني النصف + 1 الذي تطالب به الأكثرية.. تحاول الأقلية، بهذا الأسلوب في الكلام أو ذاك، اشاعة ان ما تم حتى الآن هو اعادة نظر، ولو بصورة مموهة، بـ'اتفاق الطائف' من ناحية، وتكريس لـ'المثالثة' في السلطة من ناحية ثانية، وحتى الغاء أي احتمال مستقبلي لقيام نظام حكم ديموقراطي يعتمد مبدأ تداول السلطة من خلال الانتخابات من ناحية ثالثة...ثم ماذا يعني هذا التسريب، المتعمد أو العفوي لا فرق، لكلام يقال الآن بالذات عما حدث يوم 7 أيار من العام 2008 .. مرة باعتباره مجرد 'هزة يد' (كان في الماضي عملية موضعية نظيفة) قد يكون لها ما بعدها في أي وقت، وثانية باعتباره 'عروسا زوجناها، ولا يمكن أن نردها'، وثالثة باعتباره 'قلبا لطاولة واحدة فقط .. فيما لدينا القدرة على قلب مائة طاولة في وقت واحد' ؟!..هل في هذه 'اللغة' ما يتناسب، في كثير أو قليل، مع 'الشراكة الحقيقية'، بحسب الوصف المتداول، في 'حكومة وحدة وطنية' يجري البحث في تشكيلها الآن، أو حتى في أية حكومة أخرى لن يكون ممكن تشكيلها في المستقبل، بحسب الشيخ نعيم قاسم، الا على هذا الأساس الذي يقول انه بات أشبه بعرف دائم ؟!...هل يتجه لبنان الى 'هدنة' يتراوح مداها الأبعد، كما قال الأمين العام لـ'حزب الله' السيد حسن نصر الله، بين نهاية العام الحالي ومطلع الربيع المقبل، أم أن ما في الذهن اللبناني على الأقل، بغض النظر عن العدو هو 'هدنة' أبعد مدى من هذا التاريخ ؟!.
- 'البلد'
علي ضاحي:
-- كلام جنبلاط يؤسّس لحوار جدّي داخلي
مع دخول تكليف النائب سعد الحريري تشكيل الحكومة العتيدة شهره الثاني، لم تبصر الحكومة النور بعد. وفي حين طمأن ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري الاسبوع الماضي اللبنانيين بعد إعلانه الاتفاق السياسي على الحكومة وبقاﺀ الشق التقني منها ليبرئ 'ذمته من تهمة التفاؤل'، ماذا يعوق إعلان التشكيلة حتى الآن؟. يعني التزام الرئيس المكلف سعد الحريري الصمت وعدم البوح بالكثير من مشاورات ومفاوضات التكليف ان الامــور لا تجري بسهولة ومرونة كما يجب وربما تكون الامور منطلقة اساساً من الشعور بانعدام الثقة بين الفريقين او عدم وصول المسائل الى خواتيمها بالشكل المطلوب. ولكن ثمة من يعتقد ان توزيع الحقائب على الاسماﺀ داخل كل فريق بعد الاتفاق على عدد الحقائب يواجه صعوبات جمة لا سيما في موضوع مسيحيي 14 آذار، وتــوزيــر النائب طلال ارسلان و 'الحزب القومي السوري الاجتماعي' في صفوف المعارضة. ويرى قيادي في الحزب 'القومي' ان 'مشكلة المعارضة تتلخص بعدد المقاعد المحدودة في حصة المعارضة والتي بلغت 10 مقاعد، 5 منها للتيار الوطني الحر وتكتل الاصلاح والتغيير وتبقى 5 اخرى منها 3 لـ' حركة امل 'ومــقــعــدان لــحــزب الــلــه الـــذي اعطى في الحكومة الماضية مقعدين من حصته: الاول لطلال ارســلان والثاني لعلي قانصو'. ويضيف القيادي المخضرم ان 'مقعد ارســلان يجب ان يكون هذه المرة من حصة عون لان ارسلان نفسه هو جزﺀ من تكتل الاصــلاح والتغيير رغم ان له كتلته الخاصة التي شكلها ليتمكن من المشاركة في طاولة الحوار على غرار حزبي القومي والبعث، ولكن في الواقع من يستطيع التخلي عن مقاعده لصالح حلفائه في المعارضة هو حزب الله الذي يعاني من مشكلة ان لديه مقعدين فقط بينما يسعى الرئيس بري دائماً للحفاظ على حصته دون مشاركة احد فيها بينما اذا اعطى حزب الله مقعديه فانه سيكون امام مشكلتين: الاولى انه سيكون غير ممثل في الحكومة المقبلة والثانية ان توزير ارسلان سيطرح مقايضة لتوزير شيعي في صفوف الموالاة، والسؤال هنا من سيكون هو هذا الشيعي؟'... وفي ما خص خطاب النائب وليد جنبلاط أمــس يعتقد الــقــيــادي ان جنبلاط مــدرك جيداً لحجم الاخطار التي تحيط بالكيان اللبناني، فالبلد لا يمكن ان يستمر الا بوحدة وتوافق كل ابنائه والتي لا يمكن ان تتأمن في ظل وجود المناخات المذهبية والطائفية والاصطفافات'. ويضيف: 'كــلام جنبلاط يؤسس لحالة جديدة من الحوار الداخلي الجدي وهو يأتي بعد مبادرة جنبلاط الى عقد سلسلة لقاﺀات انفتاح مع المعارضة التي ردت التحية بأحسن منها'.
- 'البلد'
انطوان غطاس صعب:
-- التحرّك التركي: دورٌ منفرد ام تعاون مع الغرب؟
..تشهد البلاد هذه الايام حركة مستمرة من الزيارات الخارجية الرسمية وآخرها لوزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الذي جال على المسؤولين اللبنانيين ناقلا رسالة من رئيس الوزراﺀ رجب طيب اردوغان.. وقيل ان اردوغـــان ساهم في التخفيف مــن التشدد السوري حيال لبنان وصولا الى توقيع اتفاق الدوحة وتكريس الحلف الرباعي الفرنسي – التركي – القطري - السوري. اليوم تغيرت الصورة مع اطلاق الرئيس الاميركي باراك اوباما مبادرة انفتاح تجاه ما كان يــســمــى حــتــى الامــــس الــقــريــب بــاعــداﺀ الـــولايـــات الــمــتــحــدة في الــشــرق الاوســـط. وعــاد الحديث عن المسار الاميركي – السوري ليشمل ملفات عديدة لن يكون لبنان غائبا عنها. الا ان التغيير الحاصل قد دفع بتركيا الى حجز موقع اساسي لها في لعبة 'البازل السياسية' الجاري تركيبها، مع انها تفتح قنوات مع باقي الدول.. وبــالــعــودة الــى مــجــيﺀ الموفد التركي اوغلو، فهل يندرج تحت عنوان التنسيق مع الغرب تحضيرا لــتــســويــة مـــا ســـوف يــطــلــب من لبنان الانخراط بها عاجلا ام اجلا؟ المعلومات عن اللقاﺀات التي اجراها متضاربة، لكن ليس بعيدا ان يكون طلب انخراط لبنان في مباحثات مع اسرائيل تلبية لطلب اميركي باحياﺀ مسارات السلام الثلاثة. وهو اشار الى انه: 'لدينا اتــصــالات عميقة ومــشــاورات مع كل البلدان في المنطقة، ونأمل ان تلعب تركيا فــي المستقبل دورا بناﺀ وايجابيا كالعادة في سبيل ازدهـــار واستقرار الشرق الاوسط'. وبالتالي فان هذا يعني ان دوره كوسيط والذي لن يكون من دون تنسيق مع بقية' الاقطاب الدوليين 'سيطبع المرحلة المقبلة نظرا لقدرة ابناﺀ العرق الطوراني على فعل الشيﺀ ونقيضه. ومن خلال قواعد الديبلوماسية هذه والمرتكزة على الحنكة والصبر والــقــفــز على حــبــال التناقضات تمكنت تــركــيــا مــن الــنــجــاح في مــحــطــات، والــفــشــل فــي محطات اخرى.على ان مسؤولية اقناع الجهات الرسمية فــي لبنان بــالــبــدﺀ في التفكير بالجلوس على طاولة واحدة مــع الاسرائيلي تقع على عاتق المجتمع الدولي بالنظر الى حجم الضغوطات التي سوف يمارسها على الاطراف المعرقلة والتي بدت بحسب المؤشرات، اسرائيلية (نظرا للانشقاق في الموقف مع واشنطن) وايرانية في حين اعلنت سورية عزمها على تحقيق السلام الــشــامــل عــلــى اســـاس مرجعية قـــرارات مــدريــد، وقــد لاقــت مديح المبعوث الاميركي جورج ميتشل وتأييده لقيامها خصوصا بتفعيل اتصالاتها مع السعودية. وسبق ان اعلن وزير الدفاع الاسرائيلي باراك عن امكانية احياﺀ اللجنة المنبثقة من اتفاقية الهدنة لعام 1949. ويتوقع ان تنعكس هذه البانوراما الاقليمية على الــوضــع اللبناني الداخلي في البيان الوزاري المقبل للحكومة، والكل يترقب مضمونه بالنسبة الــى عمل المقاومة او الــعــلاقــة مــع اســرائــيــل وكلاهما يصبان فــي خــانــة مصير لبنان وخياراته على المدى البعيد.
- 'الحياة'
خالد حاج بكري(كاتب سوري):
-- المشهد الإيراني: الرقصُ على حوافّ الهاوية...
...لقد تحدّث مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي، ظهيرة السبت18/7/2009، وأخفق في أن يبدو أقلّ تصلّباً، عندما نبّه في إشارة لا تخفى على أحد إلى هاشمي رفسنجاني أكثر من سواه، من مخاطر الوقوع في أفخاخ قوى وشخصيات تسير عكس إرادة الشعب الإيرانيّ. فضلاً عن ذلك، فإنّ تصريح السيد قاسم سليماني الرئيس القوي للباسيج أنّه بصدد تعبئة سبعة ملايين رجل للقضاء على الثورة الناعمة صبّ وقوداً حارقاً على نار مشتعلة، فلم يكن للرجل الفولاذي كما يصفه الإيرانيون أن يعلن هذا، لولا أنّ قوى الأمر الواقع تمعنُ في استعراضات متتالية للعضلات، وفق برنامج تصاعدي محدد مرتبط سلفاً بتطورات الأزمة، ولم يكن لهذه الاستعراضات أن تتالى على هذه الشاكلة: ابتداء بالضحايا الأربعين الذين سقطوا بُعيد إعلان المرشد انتهاء الجدل في شأن الانتخابات في خطبة الجمعة العظيمة، كما وصفها الإيرانيون، مروراً بكمّ الأفواه ومحاصرة المؤسسات الإعلامية ولجمها عن التصوير والبثّ الحيّ، وإغلاق الفضاء بأشكاله جميعاً أمام المستخدمين بأصنافهم جميعاً، وانتهاء بالتلويح بأسوأ الممكنات تصوّراً، عندما تحدّث النظام الإيراني عن القبض على إرهابيين ينتمون إلى منظمة &laqascii117o;مجاهدين خلق" المعارضة كانوا يعدّون العدّة لاغتيال رموز الإصلاح: خاتمي وموسوي وكروبي! الأمر الذي فتح أبواب التساؤلات عن المغزى، والرسالة، والتحذير والتهديد حتى أقصى قدرات مصاريعها، لم يكن لاستعراضات القوة أن تتوالى وفق هذا التصاعد المخيف، لولا أنّ الأزمة آخذة في التصاعد، والأوضاع باتت تنذر بتدهور دراماتيكيّ وشيك، يضع النظام الإيراني برمته على حافة الهاوية. الأرجحُ أنّ قوى الأمر الواقع في إيران وقعت في فخّ الثقة المفرطة بالنفس، وسقطت أسيرة حاجتها إلى طاعة القوم وإعلانهم الاستسلام، فآل الوضعُ إلى ما يمكنُه أن يؤول إليه، بحكم الضرورة الكونية، وطبيعة الأشياء، والمسار، والمسيرة، والحدود والقدرات ومراحل الضمور الطبيعي، فلم يسقط النظام الإيرانيّ في وهدة رفض مشدّد لمضمون خطاب السيد رفسنجاني؛ إلاّ لأنّ الانحدار بات قدره الوحيد، ولم يعد بوسعه موضوعياً أن يكون أقلّ تشدداً في منازلة مصيره.
- 'الأنوار'
المحلل السياسي:
-- مغزى صمت الحريري وتفاؤل بري وحسابات عون
...يقول العماد ميشال عون ان ما يُطرَح من تسريبات ليس صحيحاً وان العقدة عند غيره وليست عنده، فليُعلِن عدم تمسكه بتوزير راسبين في الانتخابات النيابية، وليرَ ان الحكومة ستولد في أقل من أربع وعشرين ساعة. السؤال هنا هو: لماذا لم يُجارِ حلفاء العماد عون حليفهم في تصعيده وإصراره وتمسكه بالوزير جبران باسيل? هل تذكروا مجاراتهم له في الدوحة باعتماد قانون الستين ليكتشفوا لاحقاً السيئات الهائلة لهذا القانون? هل ان الرئيس نبيه بري (يرد له التحية) بعد النكسة التي مُني بها في قضاء جزين? هل حزب الله يولي الأهمية لوأد الفتنة السنية- الشيعية على حساب (زواريب الاستيزار) الضيقة?.الأمور تبدّلت، وما كان صالحاً بعد الدوحة لم يعُد صالحاً اليوم، ربما لهذا السبب يعتصم الرئيس المكلف بالصمت، وربما لهذا السبب بقي الرئيس بري مصرّاً على تفاؤله، وربما لهذا السبب يُفترَض بالعماد عون أن يُعيد حساباته.
- 'النهار'
ايلي الحاج:
-- 'اذهب إلى دمشق إذا شئت... ولا تصوب على حلفائك' / جنبلاط الحائر المحيِّر وأسئلته المقلقة
لا يشبه خروج وليد جنبلاط من قوى 14 آذار، اذا خرج، انسحابَ كارلوس اده منها مع بقائه على مبادئها احتجاجا على ما اعتبره 'تنازلات'. ويعجز متابع الزعيم الاشتراكي عن كشف الدافع الرئيسي الى اطلاقه مواقف النأي والابتعاد عن حركة 14 آذار التي قادها عمليا ولم يتحالف معها، من لحظة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وكان الرهان بين القتلة ان الاوضاع ستعود الى طبيعتها كأن شيئا لم يكن بعد ايام من التشييع. لكن جنبلاط وقف ذاك النهار 14 شباط 2005 وحمل المشعل فسار خلفه الآخرون في اللحظة التاريخية، سنة ومسيحيين ودروزا بالطبع، ونخبا شيعية، فكانت 14 آذار التي كبرت ككرة ثلج، فأسقطت اولا حكومة الرئيس عمر كرامي واخرجت الجيش السوري من لبنان واعادت قادة من السجون والمنافي واطلقت جوا وحدويا استقلاليا عارما في البلاد بقي خارجا عنه ثنائي 'حزب الله' – حركة 'امل'، اي غالبية في الشيعة، وتوسعت حلقة الخارجين لاحقا بعد الانتخابات النيابية التي جرت على اساس 'الاتفاق الرباعي' عام 2005 مع انتقال العماد ميشال عون من 14 آذار الى التحالف مع ما سمي بقوى 8 آذار ليشكلوا معا 'المعارضة'. حمل جنبلاط عاليا طوال الحقبة الماضية حتى الامس القريب شعار 'الحقيقة والعدالة' الذي رفعته كل مكونات قوى 14 آذار ودفع شهداء على التوالي حياتهم ثمنا على طريق المحكمة الدولية حتى باتت في مأمن من العقبات والعراقيل اللبنانية وغير اللبنانية. ومع تقدم عمل هذه المحكمة وتطوره بعد كثير من الشائعات والتكهنات والمطبات بدأ من يلتقون الزعيم الاشتراكي منذ اشهر، وتحديدا منذ نشر تقرير 'در شبيغل' الالمانية واطلاق الضباط الاربعة ينقلون عن الرجل مواقف حائرة واسئلة يطرحها تصيب 'العمق'، من نوع ان 'الرئيس الحريري رفيقي وصديقي وغال جدا عندي، ولكن والدي ايضا قُتل'، و'أليس الافضل الاكتفاء بالحقيقة اذا كانت المطالبة بالعدالة ستؤدي الى ضرب السلم الاهلي في البلاد؟'، و'اغتيال الرئيس الحريري اخرج الجيش السوري من لبنان وانهى عهد الوصاية، الا يكفي ذلك؟ الى اين من هنا؟'. اسئلة تحمل هواجس مقلقة جدا لرجل شاءت اقداره ان يكون مسؤولا عن مصير طائفة في بلد تحكمه الطوائف وتواريخها المثقلة بالمآسي منذ قرون. ولم ينس جنبلاط انه عندما دقت ساعة الحقيقة في 7 أيار 2008 لم يقاتل حلفاؤه السنة في بيروت، وان المسيحيين حيّدوا انفسهم ليجد انصاره الدروز انفسهم وحيدين في المعمعة التي يريد بكل قواه وعزيمته إبعاد اي احتمال لتكرارها ومحو ذكراها حتى من اذهان ابناء الجبل وما حوله. وعندما تستيقظ ذكريات متناقلة من جيل الى جيل عما حدث بعد حوادث الجبل عام 1860 للقادة الجنبلاطيين وانصارهم وسط التخلي الدولي عنهم تطفو معها الى السطح مشاغل ذات طابع شخصي، اذ يذكر بحيرة احد الذين جالسوا جنبلاط انه تحدث عن العالم الآخر على غير عادة، وان جده ووالده قتلا بعمر الستين وهو اليوم في التاسعة والخمسين، وانه يعد نجله تيمور لتولي القيادة. بالطبع يستنكر 'الرفاق' (السابقون؟) لوليد جنبلاط في 'ثورة الارز' ذهابه الى الاكتفاء بالحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الحريري وبقية شهداء 14 آذار واسقاط مطلب العدالة، معادلة معناها السياسي التخلي عن تأييد المحكمة الدولية وأقله إسقاطها من الحسبان وعدم ذكرها في البيانات الوزارية والادبيات السياسية والقول مع القائلين – أو مسبقاً واستباقاً على ما فعل جنبلاط – ان هذه المحكمة 'مسيَّسة' وتشكل جزءاً من 'لعبة الامم'، تمهيداً لأن ينعتها من يشاء انها 'اداة في يد الصهيونية وقوى الاستعمار والاستكبار العالمي'. منحى يرفضه 'الرفاق' في 14 آذار. ويعتبرونه تخلياً عن الاصدقاء والاحباب، من جورج حاوي وسمير قصير وجبران تويني وبيار الجميل ووليد عيدو وانطوان غانم ووسام عيد والشهداء الاحياء': 'كانوا معنا وماتوا بسبب المحكمة'، يقولون. وفي طريقه الى موقعه الجديد الذي 'بين منزلتين' تلقى جنبلاط نصائح خارجية، تحديداً عربية مهتمة بلبنان: 'اذهب الى دمشق، وأبعد الى طهران ان شئت، فأنت حر، ولكن لا تطلق النار على حلفائك، ففي النهاية قد تضطر للعودة اليهم، من يدري؟'. نصائح لم تلق صدى على الارجح، بدليل مواقف الامس التي استحضر فيها مرحلة 'الحركة الوطنية' وأدبياتها في ما يُعدّ نكوصاً فكرياً عن مرحلة متقدمة على صعيد بلورة الطرح وتصحيحه تجلت في بيان 'مؤتمر البريستول' قبل عشرة ايام فقط من الانتخابات النيابية في 7 حزيران الماضي. تضمن ذاك البيان تعهداً بالسعي الى تحقيق ما ورد فيه من رؤية الى مستقبل لبنان وفلسطين والعروبة والمنطقة، ووعد بالبقاء معاً والنضال معاً. وبين الموقعين يا للمفارقة، وليد جنبلاط.
- 'اللواء'
صلاح سلام:
-- الانقلاب الجنبلاطي··· وتداعياته الوطنية والحكومية!
يبدو أن ساعة خلط الأوراق على الساحة اللبنانية قد دقّت بقوة، وأن البلد مقبل على تحولات سياسية متلاحقة، قد تؤدي إلى تفكيك المعادلة الداخلية الراهنة، وتُعيد تركيب معادلة جديدة، تتجاوز الموازين الحالية بين قوى 14 و8 آذار!· هذا على الأقل، ما يوحي به الانقلاب الجنبلاطي ليس على بعض حلفائه في فريق 14 آذار فحسب، بل وأيضاً على أقرب الحلفاء، وأكثرهم التصاقاً بالبيئة السياسية والتوجهات الوطنية والقومية: تيار المستقبل، وجمهوره الداعم للوائح الجنبلاطية، خاصة في الشوف والبقاع الغربي، فضلاً عن مرشح الحزب التقدمي الاشتراكي في بيروت· طبعاً، من حق زعيم المختارة أن يختار النهج السياسي الذي يريده، ومن حقه أيضاً أن يتموضع في الموقع السياسي الذي يُناسبه، ومن حقه أن يُعبّر ويمتدح الأيديولوجيا التي ترعرع على أفكارها، ولكن لا يحق لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي أن يبرّر انقلابه على ثورة الأرز، بطعن رفاقه في معركة السيادة والاستقلال، ومنهم من دفع دماً غالياً، وبذل ارواحاً طاهرة· ولا يحق له أن يطلب الغفران عن مواقفه وخطاباته في السنوات الأخيرة بالتهجم على الحلفاء، والاستهزاء بما تحملوا من مخاطر وتضحيات· ولا يحق له التنصل من مسؤوليات مرحلة كان هو شخصياً بين فرسانها الأوائل، إذا لم يكن دائماً هو الأوّل في تصعيدها، والتنظير لأهدافها!· رُبّ قائل إنها ليست المرة الأولى التي تنقلب فيها مواقف جنبلاط رأساً على عقب، وهو المعروف عنه حساسية شماماته، وقوة التقاطه لرياح التطورات والمتغيرات المقبلة عن بعد· ولكن أن يُعيد أبو تيمور النظر بمواقفه السياسية، ويُمارس أشجع أساليب النقد الذاتي شيء، وأن يعمد إلى توجيه الانتقادات والاتهامات إلى حلفائه، ويقذفهم بأبشع الصفات والنعوت فهذا شيء آخر!· وجنبلاط يُدرك في قرارة نفسه أن رفيق الحريري كان المقاوم الأوّل لكل مظاهر وأفكار التقوقع والانعزال، وأن قضايا العرب، وخاصة قضية فلسطين، كانت هاجسه الأوّل منذ مطلع شبابه الذي أمضاه في صفوف حركة القوميين العرب· وجنبلاط يعلم أكثر من غيره، أن سعد الحريري تشرّب أفكار العروبة منذ نعومة أظفاره، وعروبته هي فعل إيمان يُمارَس يومياً من خلال صداقاته وعلاقاته الواسعة مع القيادات والفاعليات العربية على امتداد الوطن الكبير· وجنبلاط يعرف أكثر من غيره، ماذا فعل الشهيد الكبير لدعم ومساعدة الفلسطينيين في نضالهم المرير ضد العدو الصهيوني، ويعرف أيضاً كيف دافع سعد الحريري عن المقاومة في لبنان وسلاحها في البيت الأبيض بالذات، كما في قصر الاليزيه، قاطعاً الطريق على محاولات استغلال القرار 1559 وتداعيات الزلزال اللبناني ضد المقاومة الباسلة· ليس مقنعاً الكلام عن يمين ويسار في 14 آذار، ولا عن بكاء فوق الأطلال و العلاقات المميزة مع سوريا، لأن مواقف زعيم المختارة كانت أكثر تشدداً ممن يصفهم باليمين في 14 آذار، ولأن خطاباته، خاصة في تجمعات 14 شباط و14 آذار المليونية كانت أكثر نارية من رفاقه اليمينيين··!· أما إذا كانت ثمة دوافع أو مبررات أخرى للانقلاب الجنبلاطي، فلا بد من أن تكشفها الأيام المقبلة!· ولعل أكثر ما يهم اللبنانيين أن يعرفوه في هذه اللحظة، هو حجم التداعيات المحتملة للانقلاب الجنبلاطي على الوضع السياسي الهش، وعلى حالة الاستقرار، المهزوزة أصلاً، نتيجة الانقسامات والمناورات السياسية الراهنة· من المبكر التكهن بموقع التموضع الجنبلاطي الجديد: هل سينتقل إلى ضفة 8 آذار رأساً ومباشرة، أم سيكتفي بمغادرة فريق 14 آذار، والوقوف في الوسط، أقله في المرحلة الأولى· ولكن اللافت توقيت إعلان الانقلاب الجنبلاطي، الذي استبق انتهاء حليفه الأوّل والأساسي الرئيس المُكلّف من مهمة تشكيل الحكومة العتيدة، من دون الأخذ بعين الاعتبار مخاطر تداعيات الخطوة الجنبلاطية على كل ما أنجز حتى الآن على درب تأليف الحكومة· ولا بد من الاعتراف بأن تداعيات الموقف الجنبلاطي المفاجئ لن تقف عند حدود عرقلة تأليف الحكومة وحسب، بل ستصل أيضاً إلى الاستعدادت التي يُفترض بالدولة عبر مؤسساتها الدستورية أن تتخذها، إلى جانب تضافر مساعي القيادات السياسية على اختلافها، لتحصين الساحة الداخلية من مضاعفات الاستحقاقات الداهمة بدءاً بقرارات المحكمة الدولية وانتهاء بالتهديدات الإسرائيلية المتصاعدة، ومروراً بالمخاضات الإقليمية المؤلمة التي بدأت طلائعها تظهر في فلسطين والعراق وإيران، والتي يبدو أن جنبلاط يحاول أن يُحيّد نفسه وجمهوره عن المعمعة المقبلة!· لقد أعاد الانقلاب الجنبلاطي البحث الحكومي إلى جذوره السياسية الأساسية بعيداً عن حسابات الأرقام في عدد المقاعد، لأن التوافق على برنامج عمل الحكومة السياسي، وتوجهاتها الإصلاحية والاقتصادية، وطرق مواجهة الاستحقاقات المتوقعة، أصبح أهم بكثير من النقاش الحالي في الأسماء والحقائب!·
- 'المستقبل'
كارولين بعيني (اعلامية):
-- لماذا يا وليد بك؟
أهي استماتة للعودة الى الوراء؟ أم هي محاولة للنفاذ الى الامام؟ أم ربما هي زلة لسان كما عهدنا زلات اللسان؟
لماذا يا وليد بك؟ لماذا العودة الى التقوقع؟ لماذا العودة الى التبعية؟ لماذا التنصل من حركة النضال الوطني التي قدتها طوال السنوات الخمس الماضية ؟ألم تحذر من العودة الى الوراء دهرا؟ وتقول فلنعد الى اليسار، عن اي يسار تتحدث؟ إن من صنع اليسار لا يسعى للعودة اليه، فلا يمين ولا يسار .. الأفضل أن نسير الى الأمام، الى حيث يجب ان نكون. كفانا نحن الدروز تقوقعا ... كفانا انعتاقا في اشتراكية لا تمت الى العلمنة بصلة، اشتراكية رسمناها على مقاسنا، وتعود الى التحدث عن النتاج الطائفي الذي يجب ان نتخلص منه، تعود لتنادي بالعروبة وبفلسطين القضية. لطالما بررنا تصاريحك النارية وزلات اللسان وبررتها معنا. لطالما اعتذرت وقبلوا اعتذارك ونحن بالطبع قبلناه لأننا احببناك واحببنا فيك الزعيم الوطني. الاكثرية التي تتهرب منها اليوم هي اكثرية كرّسها جمهور 14 آذار وراهن عليها ولا يزال. هذه الاكثرية التي اعتبرت انها خاضت معركة الانتخابات النيابية بطابع قبلي هي نتاج التحرر من القبلية والمذهبية والطائفية. هذه اكثرية ارتضيناها نحن جميعا ونتمسك بها حتى الرمق الأخير لأنها لطخت بدماء شهداء الاستقلال من رياض الصلح الى كمال جنبلاط ورينيه معوض ورفيق الحريري وسائر الشهداء رحمهم الله جميعا. هذه الاكثرية نعم حملت شعار لبنان اولا في اليوم الكبير يوم 14 آذار ... كي لا تنسى ولا ننسى فقد كنا هناك مسيحيين ومسلمين ننادي بصوت واحد ونطالب بالحقيقة والعدالة، والآن وقد باتت الحقيقة امرا واقعا والعدالة على قاب قوسين هل من حق واحد منا ان يستهتر بنتاج نضال وطني كبير ويقول ان تحالفه مع قوى 14 آذار كان بحكم الضرورة ويجب الا يستمر؟. نحن اهل العروبة وفلسطين قضيتنا المركزية وعداؤنا لاسرائيل لا يزايد علينا احد به، وان كان بيننا من لا يحمل العداوة لاسرائيل فليخرج هو من صفوف 14 آذار وليس نحن، ولو انني أكاد أجزم ان أركان 14 آذار وقواعدها وجماهيرها باتت تعي تماما اهمية رفع شعار العروبة والقضية الفلسطينية.
العلاقات المميزة مع سوريا يسعى اليها الجميع في 14 آذار، وان يزايد بعضنا على بعض في هذه المسألة أمر يعيدنا عشر سنوات الى الوراء، حين كنا نتنافس على من سيستخدم عبارة وحدة المسار والمصير ويعطيها أبعادا أقوى، حين كنا نتنافس على من يضرب الرقم القياسي في تعبيد طريق الشام وفي تقديم الهدايا الى المسؤولين هناك. نعم الشعب اللبناني والشعب السوري لديهما تاريخ مشترك من النضال ضد الاستعمار. نعم سوريا وقفت الى جانب لبنان في احلك الظروف، كما وقفت الى جانب الموحدين الدروز مرارا وتكرارا، علّها البلد الوحيد الذي لا يزال يحتضن هذه الطائفة الصغيرة والتي تكاد تندثر . نعم لبنان لم يتردد في الوقوف الى جانب سوريا ويرفض العقوبات التي تفرض عليها اليوم، ولكن هذا لا يعني ان ننسى حقيقة اننا كلبنانيين نجحنا خلال السنوات الخمس الماضية في ان نكون كلنا للوطن لا ان نكون كلنا للطائفة، في ان نحمل شعارا واحدا ويجمعنا هدف نبيل، نجحنا كلبنانيين في تخطي التبعية ودخلنا في سن الرشد، ولو اننا انزلقنا احيانا في بذور الفتنة نتيجة المصاعب التي ألمت بنا ونتيجة تصريحات غير مدروسة لأقطاب في الأكثرية كما في الأقلية.. دفع اللبناني ثمنها غاليا فكان ما كان في السابع من أيار الذي سيأبى التاريخ الا ان يسطره يوما أسود على جبين الوطن. المعلم الشهيد كمال جنبلاط قالها 'الحياة للأقوياء في نفوسهم لا للضعفاء' ونحن كنا دائما نتماهى بفكره القومي كونه كان الحكيم والمفكر والسياسي العارف. وهكذا عهدناك يا وليد بك، فالطريق الى دمشق لا تمر بالضرورة على حساب الحلفاء في 14 آذار، ولا على حساب جمهور 14 آذار الذي ولو تنكرتم جميعا له فهو لن يتنكر لكم، وسيبقى يعزي نفسه بالانجازات التي أحرزها طوال السنين الماضية، ويبكي على اطلال حركة تغييرية مرت من لبنان.
- 'النهار'
وجيه قانصو:
-- المرجعية الشعبية ومرجعية 'الولي الفقيه': خلل في التوازن
...مع نهاية الحرب ووفاة الخميني، استطاع أهم رمزين من رموز الثورة، خامنئي ورفسنجاني، شق مسار سياسي للدولة، يقوم على رمزية دينية ممثلة بخامنئي مع مرونة كبيرة ونعومة لافتة في ممارسة صلاحيات الولاية، وبراغماتية سياسية محنكة ممثلة برفسنجاني، الأمر الذي مهد لمناخ سياسي أقل حدة وتوتراً مع الغرب والعالم، وساعد في إغلاق الكثير من الملفات العالقة دولياً ومحلياً. إلا أن النظام زمن الحروب والتحديات الخارجية والذي يتطلب تعبئة دائمة وتجميدا شبه كامل لمجريات الداخل، يختلف عنه في زمن السلم الذي تتصدر فيه قضايا الحياة العامة وتفاعلات المجتمع شؤون الحياة السياسية. كما أن 'الولي الفقيه' الذي كان نقطة إرتكاز التلاحم الداخلي في مواجهة تحديات الخارج، يتحول في مسار الحياة السياسية إلى منصب سلطة ونفوذ يقيِّد السلطات الأخرى، ويكون مثاراً للجدل عند بروز أي خلل في بنية النظام أو ظهور الغبن اللاحق بقطاعات أخرى من المجتمع ومؤسسات أخرى داخل الدولة. وهذا ما حصل فعلا زمن انتخاب خاتمي، حيث كان نجاحه الساحق في الإنتخابات الرئاسية بمثابة رسالة قوية ورمزية ضد النظام القائم بضرورة التغيير، ورسالة مبطنة بضرورة تعديل موازين القوى في النظام. وهي رسالة تلقفها رمز النظام الأول، بالإلتفاف عليها ومحاصرتها، وإظهار مدى هشاشة موقع رئاسة الجمهورية إذا قرر الفقيه التدخل التفصيلي في كل مجريات الأمور. فبدأ منذ ذلك الحين السؤال الجدي حول صدقية الديموقراطية في إيران ومدى فعلية المشاركة الشعبية في القرار السياسي..مشكلة الدستور(الإيراني) أنه بالغ في إعطاء الضمانات للولي الفقيه غير المنتخب مقابل المواقع المنتخبة من الشعب، من دون أن يمنح في المقابل هذه المواقع أية ضمانات موازية لها في حال تم التضييق عليها أو مصادرة دورها، ولم يُنصِّب أو يُنشئ أية مرجعية دستورية محايدة يمكن الإحتكام إليها في حال نشب الخلاف بين الولي الفقيه وباقي مؤسسات الدولة. بل جعل تكوين النظام، رغم واجهة التمثيل الشعبي فيه وسمو المبادئ التي أعلنتها مقدمة الدستور، أشبه بنظام الحزب الحاكم الذي يتمحور حول الولي الفقيه، ويضع كل مقدرات الدولة بين يديه، ويضع تحت تصرفه قوة تدخل سريعة تحت عنوان، يقبل التأويل والإستنساب الشخصيين، هو 'حماية الثورة' لقمع أي تحرك إحتجاجي أو مطلبي يستشعر منه الولي الفقيه أنه موجه ضده...(للقراءة).
- 'الأخبار'
خالد صاغية:
-- فعلها مرّة أخرى
&laqascii117o;قرار وطني حكيم"... &laqascii117o;لبنة صلبة في الخيار القومي المقاوم"... &laqascii117o;خطوة جريئة عاقلة"... &laqascii117o;متوقّعة من وليد بك"... &laqascii117o;حماية الهوية العربية المقاومة"... &laqascii117o;قدسيّة العلاقة الاستراتيجية بين الشعبين التوأم لبنان وسوريا"... &laqascii117o;أهلاً وسهلاً بهذا القرار الوطني العربي النابع من تاريخ هذه الأمّة المقاومة".هذه عيّنة من عبارات المديح التي بدأ يتلقّاها النائب وليد جنبلاط من أركان المعارضة السابقة، ترحيباً بمواقفه الجديدة. لكنّ وليد بك لم يكتفِ بإطراب &laqascii117o;المعارضة" صباح أمس، بل أصرّ أيضاً على دغدغة مشاعر اليساريّين الذين عبّر بعض فصائلهم عن &laqascii117o;الفرح الشديد" بعودة جنبلاط إلى &laqascii117o;الحضن الدافئ لقوى المقاومة والوطنية والتقدم والعروبة"، متمنّياً &laqascii117o;استعادة وحدة الحركة الوطنية اللبنانية". لا بل شمّر الفصيل عن سواعده لبدء &laqascii117o;العمل على تنفيذ البرنامج المرحلي للقائد الراحل المعلم الخالد كمال جنبلاط". في المقابل، جاء ردّ &laqascii117o;المستقبل" الساخط &laqascii117o;مهضوماً". فإذا كانت المسألة عودة من اليمين إلى اليسار دفاعاً عن العمّال والفلّاحين، فلقد كان &laqascii117o;رفيق الحريري عارفاً بمآسي الناس العاديّين، عمّالاً وفلاحين، فكرّس حياته لتحسين معيشتهم"، كما جاء في بيان التيّار النيوليبرالي. لا ينبغي لاستدارة جنبلاط الأخيرة أن تفرح أحداً. فهي إن دلّت على شيء، فعلى عبثيّة النظام اللبناني. ذاك النظام الذي يحشر دائماً زعماء الأقليات في الزاوية، فيجبرهم على أداء دور البهلوان السياسي. لا يبرّئ هذا الكلام وليد جنبلاط، فهو الابن البارّ للنظام، وأكثر المدافعين في العمق عنه، وأكثر المتباهين بإتقانهم لعبته. لا ينبغي لهذه الاستدارة أن تفرح أحداً. فهي واحدة من مهازل التاريخ النادرة، حين يخوض حزب الانتخابات وفقاً لبرنامج ولتحالفات معيّنة، ثمّ ينسحب من التحالف ويتنصّل من البرنامج، فور فوزه في الانتخابات. إنّها لحظة سوداء أخرى تشير إلى لاجدوى عملية الاقتراع في لبنان. الذين آنسهم التحليل الطبقي في كلام جنبلاط، عليهم مراجعة الخطب الراديكاليّة ضدّ أرباح المصارف والاحتكارات خلال اعتصامات وسط العاصمة، وأن يفكّروا في أيّ زاروب يُوظَّف الصراع الطبقي هذه المرّة. أمّا هواة التحليل الطائفي، فبإمكانهم الملاحظة أنّ الزعيم الدرزي حسم أمره: لا مشكلة لديه مع السنّة. لكنّه لن يخوض معركة دونكيشوتيّة ضدّ الشيعة. لم يبقَ إلّا &laqascii117o;