- صحيفة 'السفير'
حزب الله يساورنا الشك (1 ـ 2) / أهي هنات أم عثرات؟.. ما زال الوقت متاحاً؟
ميخائيل عوض
حزب الله، جماعة وأفراداً ليس معصوماً، ولا منتخباً فوق النقد والخطأ، والأخطاء كالعجز إذا تراكمت أوصلت إلى تأكل، والتآكل يأخذ التجربة إلى إخفاقات، والإخفاقات نذير بداية أفول...
فالانتصارات ما أن تتحقق حتى تبدأ نتائجها بالذبول، وتتحول بفاعلية الزمن والتقادم مجرد ذكرى يستقوي بها الناس، وبعضهم على تغطية إخفاقاتهم وعجزهم كحال العرب مع تاريخيهم...
حققت المقاومة انتصارات نوعية عظيمة، وفتحت بوابات موصدة، لم يجرؤ غيرها على ولوجها، انتصارات تراكمت وأنتجت نصراً غير مسبوق.
لا فصل بين الوطني والقومي مع السياسي الاجتماعي الاقتصادي، وإن وقع فصل تهزم المقاومة وإن انتصرت بالسلاح، تلك هي تجربة المقاومة الفرنسية ويسارها، في تتبع مسارات المقاومة الإسلامية وعلاقتها بالحكم، وبإدارة الصراع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في لبنان، وإدارة الصراع في المنطقة العربية يمكن تسجيل ملاحظات قاسية ما زالت محل نقاش واختلاف، بعض مصادره خاصيات وتعقيدات المسألة اللبنانية والفلسطينية والعربية، لكنها في الخلاصة لا تشذ عن القوانين التاريخية ودروسها في المقاومة والحكم...
المقاومة الإسلامية بدأت قصووية، راديكالية بشعاراتها، وممارساتها، بما في ذلك التدخل في شؤون الحرية الشخصية للناس، ثم تغيرت جديا بعد حرب إقليم التفاح فصارت براغماتيه وتكتيكية واقتربت من أن تتعلب بعلبة مذهبية ومناطقية كما صار بعض خطابها على اثر هزيمتها والمعارضة في الانتخابات اللبنانية 2009، وكما هي حال ممارساتها الإنمائية والاجتماعية مذ تشكلت...
ترددت المقاومة كثيراً في الانفتاح على الغير، وانفتحت على أنها صاحبة مشروع وطني لجميع اللبنانيين تقدمه هدية من المذهب الملزم بالتحرير بسبب أحكامه الدينية، ووقوعه على خط التماس الجغرافي. وعندما استدرجت عن غير رغبة وبدون تخطيط مسبق أو سعي لتوقيع تفاهمها مع الجنرال عون وتياره ظلت حذرة، تتطلع لاستعادة التحالف الرباعي برغم ما صار فيه من غدر، وانقلاب، وقد فوتت فرصة ذهبية عندما لم تبذل جهداً لاستكشاف إمكانية التفاهم مع عون، عون الراجع غير عون الذي كان في منفاه الفرنسي...
اضطرت للانقلاب على حكومة السنيورة باستخدام السلاح فأسقطتها بالضربة القاضية، وفرضت اتفاق الدوحة، التي جاءت نصوصه قاصرة، برغم أنها كانت تستطيع حصد أثمان اكبر بكثير على مستوى القانون الانتخابي والضمانات والشراكة، ما أكد أنها تتجنب مسؤولية الحكم، وكل ما تسعى إليه هو امتلاك قوة قادرة على التعطيل بالثلث، وتهدف لتشكيل قوة مضادة تمنع التطاول عليها وعلى سلاحها أو منعها من تحقيق هدفها المحوري الذي تأسست من اجله وما زال أولويتها المطلقة... وهي لم تنجح في استثمار وتوظيف انتصارها التاريخي في تموز، في الداخل لجهة الإخلال بالتوازنات.
يمكن القول إن تجربة المقاومة على صعيد الصراع مع العدو الصهيوني نموذجية ثورية، غير تقليدية، فيها ولها الكثير من الحقائق والدروس والنتائج النوعية والتاريخية بكل قياس، بينما في إدارتها للملفات الداخلية، وقيادتها للحركة السياسية، وفي ربط الوطني القومي الديني بالاجتماعي الإنساني الحياتي أخفقت واعترت تجربتها العثرات، أو الهنات، ليصبح الحصاد مراً بعد حلاوة فائضة من الانتصارات...
لماذا؟ هل أخطأت المقاومة وحزبها؟ أم هي التكتيكات لم تكتمل نتائجها بعد؟
ليس صحيحاً القول إن المسألة الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية كانت غائبة عن ذهن المقاومة وقادتها، فإدارتها والموقف منها كان واعياً عارفاً لم يرد، والمنطق الحاكم أننا في حقبة مقاومة وتحرر وطني، والهدف الأسمى قتال العدو.
تغييب البعد الاجتماعي الاقتصادي لمشروع المقاومة له أسباب كثيرة، واقعية، ومنطقية، فالمقاومة انطلقت بصفتها فريقاً مذهبياً، يعتمد منطقاً وعقيدة كفاحية أولويتها بيت المقدس، ووحدة الأمة، وتحريرها. فماذا يفيد المقاومة الإسلامية أن تنزع إلى الفرز الاجتماعي والطبقي في بنيتها وقاعدتها الاجتماعية، ما دامت فلسفتها وإيديولوجيتها لا تستسيغاه، وإن كان بعضه يحتاج إلى نقاش معمق، يفترض انه سبب في ما آلت إليه المقاومة وفي الشارع وفي الحكم وفي بناء المستقبل...
هي إذن أحكام البنية، وانتظام القاعدة الاجتماعية والعقيدة، عناصر ومسببات في تغييب المسألة الاجتماعية الاقتصادية، وفي تبرير مشروع المقاومة للإعمار بالليبرالية، والمقاومة بالسلاح على ما بين المقاومتين من خلاف جوهري وصراع مستحكم جرى تغطيته بالألفاظ والألقاب والإعلام.
فهل تستطيع المقاومة الجمع بين المتعارضات وتخليق بيئة خلاقة ضابطة للتحالفات والتفاهمات والصراعات؟ أي هل كان أو هل يمكن للمقاومة أن تقاوم بالسلاح، وأن تتبنى مشروعاً اجتماعياً عادلاً، وأن تشارك في الحكم بمهارة ووزن حاكم، وفي ذات الوقت تحفظ خاصياتها العقيدية والإيمانية، وبنيتها الاجتماعية وتنسجم مع قاعدتها ومصالحها وتشكيلاتها؟
- صحيفة 'النهار'
إسرائيل غير مقتنعة
رندة حيدر
... ثمة اختلاف واضح بين الأجندة السياسية لحكومة نتنياهو والأجندة السياسية لإدارة الرئيس أوباما. وإذا كان حل النزاع الفلسطيني -الإسرائيلي هو'مصلحة أميركية' كما قال الرئيس اوباما، فإن الخطر الإيراني هو الذي يأتي في رأس جدول الأعمال السياسي لحكومة نتيناهو التي تؤمن أن المرحلة الحالية هي مرحلة' إدارة النزاع' والحلول المرحلية وليس التوصل الى الحلول النهائية. والأكيد أن إئتلافاً هشاً كالذي يقوده نتنياهو الذي يواجه معارضة ورفضاً من جانب أعضاء حزبه بالذات، لا يستطيع 'التورط' في مفاوضات حول الحل النهائي.
- صحيفة 'الشرق الاوسط'
منطق تعطيل الحكم في لبنان
مصطفى علوش
ان الازمة الحالية في لبنان ليست سوى استمرار لأزمة الحكم التي تحكمت في الواقع السياسي في هذا البلد على خلفية ازدواجية السلطة على الأرض. وهذه الازدواجية مصدرها وجود &laqascii117o;حزب الله" كمنظمة مسلحة لها عقائدها ونظمها وعلاقاتها وتحالفاتها الخارجية غير المرتبطة بسياسة الدولة العامة. لقد أدى هذا الواقع إلى تعطيل المسار الديمقراطي، بحيث وضع الحكم تحت تهديد التعطيل المتعدد الأوجه على خلفية فرض منطق حكومات تآلفية بشكل قسري تحت شعار الوحدة الوطنية، وهذا ما أنتج حكومات تمارس فيها المعارضة معارضتها وتعطيلها لمسار الحكم رغم أنها مشاركة في السلطة. وهذا الواقع لم يكن ليستمر لولا إثبات المعارضة التي يقودها حزب الله القدرة على استعمال مختلف وسائل التعطيل.
هذا يعني أن الأمر الواقع في لبنان فرض تجاوز نتائج الانتخابات النيابية وفرض على الأكثرية القبول بحكومة تتشارك فيها مع الأقلية التي يقودها حزب الله. ورغم التوصل إلى صيغة عامة للحصص في الحكومة، لم يتمكن الرئيس المكلف من تأليف الحكومة. والمهم ألا يستمر الفراغ الحكومي في لبنان بانتظار الانفراجات المستبعدة من خلال العمل الديبلوماسي، أو التغيير في موازين القوى الإقليمية الذي قد يستدعي عملا عسكريا ما. بالمحصلة، فإن لبنان لا يزال تحت خطر أن يدفع ثمن ازدواجية السلطة فيه من خلال رهن استقراره ومصير مواطنيه للصراعات الإقليمية.