قضايا وآراء » قضايا وآراء مختارة من الصحف اللبنانية الصادرة الثلاثاء 6/10/2009

-  'الأخبار'
ردّاً على ناهض حتر: قشرة معادية للمقاومة تـرطن يساراً
قاسم عز الدين ( كاتب لبناني):
ما فتئت صحيفة &ldqascii117o;الأخبار&rdqascii117o; الغرّاء تتحف قرّاءها بمقال أسبوعي للسيد ناهض حتر، اعتباراً لحقّّهم في الاطمئنان إلى أهلهم في الأردن الشقيق أوّلاً، ثم زيادة تفاؤلهم بنموّ تيار قيادي واسع في العراق المنكوب، إلى ما هنالك من عيون الكلام والتحليلات النيّرة في أزمة الرأسمالية العالمية والفكر النيوليبرالي وأحوال الأمّة. آخر العلم، صفحة كاملة (&laqascii117o;حزب الله، فشل الانتقال من فقه المقاومة إلى فقه التحرير"، (&laqascii117o;الأخبار"، 29/9/2009)) تضّمنت رداً على مقال شديد التهذيب والعقلانية كتبه سيف دعنا (&laqascii117o;الأخبار"، 22/9/2009) في نقد مقال ناهض حتر (&laqascii117o;الإسلام السياسي، الزواج بين النيوليبرالية والمذهبية، حزب الله نموذجاً"، (&laqascii117o;الأخبار"، 15/9/2009))، لكن شدة تهذيب سيف دعنا زادت السيد ناهض إمعاناً في التحريض على المقاومة، متخذاً من تصورات وهمية وقائع قابلة للتشهير، وإليك البيان:
1ــ أن مسلّمة استثمار حزب الله في تجارة صلاح عز الدين هي استنتاج مفرط بادعاء المعرفة مثل الاستنتاجات الأخرى. والحقيقة أن إحدى مؤسسات الحزب المالية اشتركت يوماً ما في قطاع محدّد لا لبس عليه من تجارة صلاح عزالدين. ثم تكررت العملية وتكررت أرباح الحزب إلى أن وقعت الواقعة وأُدرج الرأسمال الأول في عداد الخسائر الحسابية، لكن هذا الرأسمال ليس خسائر صافية. فلا داعي إذاً إلى ذرف دموع الحرص على أموال المقاومة ولا داعي إلى استثمار &ldqascii117o;مصيبة&rdqascii117o; اجتماعية في التحريض والتشهير. وليكن اتهام الحزب بالنيوليبرالية صريحاً مباشراً بسبب استثمار في التجارة عوضاً عن اعتماده على الاستثمار في الزراعة والصناعة. إنما هذا الأمر أشد تعقيداً من تركيب الجمل على الورق، وهو يمس أبعاداً خطيرة لا يجوز ليساري أن يطلقها دون دراية، منها حرص اليساري المسؤول على عدم تحوّل الحزب إلى رب عمل وعدم تحوّل الأجراء إلى رعايا. لذا يمكن أن يشجع الحزب رجال الأعمال والمتموّلين والعاملين والزارعين... على إنشاء تعاونيات ومشاريع إنتاجية، إنما لا يمكنه أن يتموّل &ldqascii117o;للاستقلال عن إيران&rdqascii117o; من الاستثمار في العمل المنتج ولأسباب اقتصادية بحتة. ويمكن الحزب كذلك المبادرة المحدودة إلى سبيل التشجيع والتجربة في البحث عن بدائل اقتصادية، لكنها والحالة هذه استثمار سياسي رمزي لا استثمار ماليّ. وقد بدأت فيه كوادر زراعية وحرفية من حزب الله أقامت صلات معرفية مع الحركة الزاباتية ودعاة الغذاء النظيف والزراعة العضوية... وفي هذا السياق يحاول كوادر الحزب المختصّون اكتساب معرفة بديلة وقد شاركوا في &ldqascii117o;منتدى بيروت العالمي للمقاومة والبدائل&rdqascii117o; ونقلوا تجاربهم، بينما رفضت القوى السياسية العربية واللبنانية &ldqascii117o;غير النيوليبرالية&rdqascii117o; مجرد البحث والاهتمام بالبدائل، لأنها تعرف مسبقاً &ldqascii117o;من التجربة التاريخية&rdqascii117o; ما يجب على حزب الله أن يقوم فيه.وبيت القصيد أن تجارب البدائل في الاقتصاد الحقيقي ما زالت في كل مكان منحى بواكير واعدة في مسار المقاومة الاجتماعية، ولم تصبح بعد منهجاً اقتصادياً حقيقياً يمكن أن تهتدي فيه المقاومة في لبنان أو العراق وفلسطين. ففي فنزويلا حيث الثورة البوليفارية ونبض حركة مناهضة النيوليبرالية، ما زالت المافيا تحكم البلاد ليلاً بالاتفاق مع شافيز على حدود سلطة كل منهما (تحريم تهريب المخدرات مقابل السماح بتهريب البضائع). وما زالت البلاد تستورد كل احتياجاتها من الخارج وترتبط عملتها بالدولار. وما زالت شركات البيض تستولي على التجارة والاقتصاد. وما زال الفساد المالي في السلطة يزكم الأنوف. وفي الانتخابات الأخيرة صرخ المتظاهرون : &ldqascii117o;شافيز مئة في المئة، أما محيطه فصفر في المئة&rdqascii117o; احتجاجاً على الفساد السياسي ونهب الثروة العامة... إنما ما زالت سلطة شافيز معادية للنيوليبرالية، كما المقاومة في لبنان والعراق والمقاومات الاجتماعية في كل مكان. فالنيوليبرالية ليست &ldqascii117o;فيروساً&rdqascii117o; يمكن محاربته بـ&ldqascii117o;الجرثومة الثورية&rdqascii117o;. بل هي منظومة سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية واستراتيجية... كونية متداخلة ومتشابكة.
2ــ إن نقد حزب الله لعدم مجابهته النيوليبرالية (كما ينبغي) شيء، واتهامه بالنيوليبرالية شيء آخر. فهذا الشيء الآخر تحريض من موقع الضفة النيوليبرالية السياسية المعادية لمقاومة &ldqascii117o;السلام الإسرائيلي&rdqascii117o;. وهو ما نشهده في حملة منظّمة تقودها قوى في اليسار الأوروبي المتصهين وأطراف تتّخذ من &ldqascii117o;العلمانية&rdqascii117o; ديناً مطلقاً، وكذلك القشرة اليسارية المريضة في العالم العربي. وبهذا الصدد، كتب سمير أمين مقالة &ldqascii117o;الإسلام السياسي في خدمة الإمبريالية&rdqascii117o; إرضاءً لتلك القوى، إثر معركة طاحنة في &ldqascii117o;المنتدى العالمي للبدائل&rdqascii117o; حول التكامل مع المقاومة، وحزب الله تحديداً... والغريب أن سمير أمين، الذي يحلم بعودة &ldqascii117o;باندونغ&rdqascii117o; على ما فيه من قوى وطنية ضيقة معادية صراحةً للتحرر الاجتماعي، ينقلب رأساً على عقب في قراءة المقاومة الإسلامية بحجة عدم اهتمامها بالتحرر الاجتماعي. فالمسألة ليست بريئة كما يحاول ناهض استدرار التعاطف مع &ldqascii117o;حق المثقف في النقد&rdqascii117o;، بل هي خيار الموقع في ضفة المقاومة أم في الضفة المقابلة لها. فإذا كانت المقاومة في خدمة الإمبريالية، أي تزاوج بين المذهبية والنيوليبرالية (على قول السيد ناهض)، فينبغي محاربتها وبالسلاح إذا أمكن. أما إذا كانت تقاوم الإمبريالية، ولا تولي التحرر الاجتماعي اهتماماً لأسباب إيديولوجية أو سياسية أو عملية، فينبغي التكامل معها في الضفة الواحدة، والمحافظة على الاستقلالية وسلاح النقد في الوقت نفسه. وبناءً على ذلك، ردّ جورج لبيكا على مقولة سمير أمين رداً لاذعاً ساخراً، ورد جان بروكمان رداً مماثلاً، وقال ميغيل أوربانو: &ldqascii117o;حيث تكدّس الإمبريالية ترسانتها العسكرية تكون مقاومتها دفاعاً عن الإنسانية جمعاء&rdqascii117o;. وانتفض جان كاتالينوتو وأنجيلا مايسترو وجان سالم... ومفكّرون من أميركا الجنوبية واليسار الجدي، ما اضطر سمير أمين إلى إصدار المقولة باسمه الشخصي.والحقيقة أن هذا الخلاف هو خلاف في العمق على جديّة اليسار ووظيفته في إعادة بناء نفسه نظرياً وعملياً، قبل أن يكون خلافاً على دعم المقاومة غير اليسارية. فما زال مبشّرو القرن التاسع عشر والمغرضون وأنصاف المثقفين والانتهازيون... يبرّرون وجودهم بالاختباء خلف ستارة التبشير، وتوزيع شهادات حسن السلوك، فيما يسعى الآخرون إلى تحمّل المسؤولية. وقد بدأوا بنقد فكرهم وتجاربهم ويسعون بتواضع شديد إلى بناء بدائل نظرية وعملية في ضفة المقاومة ـــــ المقاومات، وهدفهم تطوير مقاومة الضفة على ما فيها من تناقضات واختلافات. وفي هذا الشأن لدى المقاومة المسلّحة والمقاومة الاجتماعية والعولمة البديلة، حول تخلّف اليسار الفكري والعملي، قول كثير.
3 ــ يتوهم السيد ناهض أن لاهوت التحرير في أميركا الجنوبية &ldqascii117o;يستند إلى مسيحية كاثوليكية تقليدية، تنبذ التجارة والإثراء وتتضمن عناصر اشتراكية يمكن دمجها مع الرؤية اليسارية الحديثة... على عكس الإسلام الذي يشرعن الملكية الخاصة والتجارة والتربح ويقيّدها بالزكاة والعمل الخيري&rdqascii117o;. والعجب العجاب أنّ من يرطن باليسار يفسّر الدين بالدين ويفسّر المسائل الاجتماعية بالدين فوق الطين بلّة. وفي أي حال كل الأديان تتأسس على الأخلاق والعمل الخيري والتآخي بين أبناء الله، بما في ذلك دين القشرة اليسارية التي تتخيّل النيوليبرالية &ldqascii117o;فيروساً&rdqascii117o; وإثراءً وتربحاً وتجارة. إنما لم يدمج لاهوت التحرير ولم يخلط، فالقوى الاجتماعية والسياسية هي التي قاومت ودمجت وخلطت. وقد حضنها لاهوت التحرير لأسباب دينية في العمل الخيري والتآخي وتوزيع الحسنات. أما &ldqascii117o;المسيحية الكاثوليكية التقليدية&rdqascii117o; فكان لها، وما زال، شأن آخر هو شأن الكنيسة الكاثوليكية التقليدية منذ أن أصبحت سلطة بعدما بدأت مقاومة قبل ألفي سنة. وفي السياق يتضح أن ما يُقال ويُكتب عن الإسلام السياسي ولاهوت التحرير لا أرض له. فعلى الأرض لدينا ضفتان متقابلتان: في ضفة &ldqascii117o;يتآخى&rdqascii117o; مسلمون ومسيحيون ويساريون وعلمانيون... تحت جناح النيوليبرالية، ويتلاقى مسلمون ومسيحيون ويساريون وعلمانيون... تجاه عدو مشترك في الضفة المقابلة. ولا يتخلى أي منهم عن معتقداته أو رؤيته وثقافته ويعمل في بيئته الثقافية الطبيعية، كما تعمل المقاومة الاجتماعية في قطاعات منفصلة (زراعية، حرفية، بيئية، حقوق إنسانية...) لكنها متصلة في المسار العام لكامل حراك الضفة. وقد شهدنا كثيراً من اليساريين يتهمون قطاعات معينة بـ&ldqascii117o;الشعبوية&rdqascii117o; كما يتهمون حزب الله بالتعصب المذهبي، ويجدون دوماً ما يصطادونه في أدبيات هذا وممارسات ذاك. فبيئة حزب الله بيئة شيعية، كما أنّ بيئة الزراعة العضوية في الهند إثنية أو قبلية. ومن السذاجة التصوّر أن فاندانا شيفا لا تخاطب بيئتها الزراعية خطاباً إثنياً عصبوياً، أو أن الحركة الزاباتية لا تمجّد ثقافة بيئتها ولا تحقد على العرق الأبيض... لكن حزب الله مذهبي بحدود عصبية فاندانا وموراليس والمقاومة العراقية والفلسطينية والبوليفارية... وهي القوى التي تصنع تاريخ مناهضة النيوليبرالية، على الرغم من انطوائها على ثقافة بيئتها العصبية، بل بسبب انطوائها. فالانطواء في الطبيعة تعبير عن ضرورة حماية الذات في ظروف قاهرة. والظروف التي تقهر حركات المقاومة المحلية اليوم هي نتيجة ظروف كونية النيوليبرالية، بما في ذلك دول &ldqascii117o;المعسكر الاشتراكي&rdqascii117o; السابق ودول حركات التحرر الكبرى، وعلى رأسها الصين وفيتنام. وكذلك نتيجة اهتراء منظومة فكرية يسارية سلفية، ما زالت بقاياها تتوهم مواجهة النيوليبرالية مواجهة &ldqascii117o;الجرثومة الثورية&rdqascii117o; مقابل &ldqascii117o;فيروس النيوليبرالية&rdqascii117o;. وتتوهم أن ما تعرفه عن أفكار القرن التاسع عشر يغنيها مشقة البحث عن معرفة جدية طالما أن وظيفتها كتابة مقال أو إصدار بيان.ولا أدري إذا قسوت في النقد، لكن السيد ناهض وضع نفسه في الضفة المعادية للمقاومة سواء بنية طيبة أم لا. فهو لا يلوم أو يعاتب أو ينتقد، بل يتهم ويحرّض. فتهمة النيوليبرالية والمذهبية تصدر من الضفة المعادية وتتناغم مع الحرب الأمنية والعسكرية. ثم إنه أصرّ عليها في ردّه على سيف دعنا. وما يؤكد خشيتنا أن السيد ناهض لا يهتم مطلقاً بالبدائل الاقتصادية والاجتماعية بذاتها، وهي موجودة على شكل بواكير في الأردن ولبنان والعراق... بمنأى عن تدخّل القشرة المعادية للمقاومة. كما لا يهتم لانفتاح حزب الله على قوى المقاومة والمناهضة همّاً بذاته. إنما يهتم بما يسميه استقلالاً مالياً عن إيران تمهيداً لاستقلال سياسي، على اعتبار أن إيران تخوض حرباً توسّعية عدوانية في العراق مثل الصهيونية في فلسطين والولايات المتحدة الأميركية في العالم العربي. ولا بدّ أن تصل هذه &ldqascii117o;النيّة الطيبة&rdqascii117o; قريباً إلى التحريض على حزب الله بتهمة العمالة للإمبريالية الإيرانية.لكن الحريصين على المقاومة يهتمون بالبدائل الاقتصادية والاجتماعية بذاتها، وبانفتاح حزب الله هماً بذاته، حرصاً على تكامل المسألة الاجتماعية والمسألة الوطنية، وحرصاً على تعزيز المقاومة في مواجهة النيوليبرالية واستعمار فلسطين. فالتناقضات وتوسّع نفوذ دول الحقل الإقليمي، مهما بلغت مرارته، أمر آخر يمكن حله في الاندماج الإقليمي وتبادل النفوذ وتبادل المنفعة المشتركة نحو الأعلى. وتلك معركة قاسية، لا شك في ذلك، لكنها ليست معركة &ldqascii117o;ضد الإمبريالية&rdqascii117o;، وهذا ألف باء نيّات الطيبة.القشرة المعادية للمقاومة ترطن يساراً ورأسها شوفيني وطني ضيّق. ووظيفتها التحريض على &laqascii117o;أرتين" الذي لم يستطع أن يحل وحده محل الجيش في الجو والبحر والأرض والسماء، فيما الجيش يتفرّج ويوزّع على &laqascii117o;أرتين" علامات حسن السلوك. ترطن يساراً متوهمة موقعاً وسطاً بين الضفتين المتقابلتين، رحم الله من قال: &ldqascii117o;لا وسط بين الضفّتين، بل مستنقع آسن&rdqascii117o;.

 

- 'النهار'
الأهالي يعتبرونه مؤامرة وجنبلاط يتابع الوضع وحردان يرفض المسّ بحوض الحاصباني..
مشروع سدّ وادي إبل السقي لإنعاش المنطقة أم لتهجير أهاليها؟!..
خـبـراء أجانـب قـالـوا بحــصـة لإسرائـيل والمشايخ حذّروا من بيع الأراضي
سعيد معلاوي:
... وأفاد بعض الجهات المتابعة لهذا الشأن(أي لمؤامرة مشروع وادي إبل السقي) النهار ان ثلاثة من الخبراء الاجانب حضروا في العام 2003 الى الموقع المحدد لاقامة سد وادي إبل السقي، وبرفقتهم عدد من المعنيين اللبنانيين، وأكد هؤلاء أن السد سيقام هنا وبارتفاع 530 مترا عن سطح البحر، ما يعني أن جداره سيكون بارتفاع 40 مترا، وبذلك تصل المياه الى جسر الحاصباني شمالا وبعض المقاهي والمطاعم هناك. وطرح أحد المرافقين عليهم عن مدى معارضة اسرائيل انشاء هذا السد، فقالوا: هذه الموافقة مضمونة لان اسرائيل لها مصلحة في ذلك، كونها ستأخذ حصتها من المياه المجمعة في هذا السد، وهذا الامر يرعاه القانون الدولي. وفي ترجمة أوسع حول هذا الموضوع قال هؤلاء الخبراء ان موافقة اسرائيل جاءت لان مياه مجرى نهر الحاصباني تجف خلال فصل الصيف وتنقطع عنها لأكثر من ستة أشهر، اما من خلال السد فانها ستتأمن على مدار السنة. وعلمت النهار من مصادر أخرى، أن وفدا من الخبراء الاوروبيين قام في مرحلة سابقة بعملية مسح سكاني لأهالي القرى المستفيدة من مجرى نهر الحاصباني بناء على طلب من اسرائيل، فتبين له ان لا كثافة سكانية قريبة من هذا المجرى، وتاليا فان حاجة المواطن اللبناني (أي الفرد) هي 90 ليترا من المياه يوميا، فيما تدعي اسرائيل ان حاجة المستوطن لديها هي 350 ليترا في اليوم، فان هذه المعادلة تعطي للغرباء اكثر مما تعطيه لأبناء الارض اللبنانية....


- 'النهار'
يكفينا
أمين قمورية:
في مقابلته الاحد مع الصحافي فريد زكريا على شبكة 'سي ان ان'، لم يتردد القاضي الاممي ريتشارد غولدستون في تأكيد روابطه العميقة باسرائيل على رغم ادانته الشديدة لجيشها في حرب غزة. وقال هذا المحقق الذي يفتخر بكونه يهوديا: 'يوجد في داخلي حب كبير لاسرائيل. زرتها مرات عدة وعملت من اجل أهداف اسرائيلية على مدى سنوات عدة'. وعندما سأله زكريا عن دوافعه لاصدار مثل هذا التقرير الذي يتهم الدولة التي 'أحبها ' بارتكاب جرائم حرب، أجاب: 'يحزنني جدا ان اليهود سواء داخل اسرائيل او خارجها يظنون اني كيهودي محظور علي ان أحقق في الارتكابات الاسرائيلية. كيهودي علي واجب أكبر بالفحص اذا ما ارتكبت جرائم حرب'. واضاف انه لايأخذ على الدولة العبرية حقها بالدفاع عن نفسها، بل يأخذ عليها افراطها في استخدام القوة في الدفاع عن نفسها. اذن قام غولدستون بما قام به مدفوعا بـ 'حبه لاسرائيل' والحرص على سمعتها الدولية وليس دفاعا عن اولاد غزة... وحتما لم يدفع له احد ولم يتلقَّ شيكا عربيا على بياض للقيام بما قام به لان الشيكات العربية تصرف لغايات اخرى لا تمت بصلة الى مثل هكذا حالات وتقارير! وحتى ولو أراد القاضي ان يفصل مسارا آخر لاحداث غزة او ان يكتب تقريرا مغايرا لما كان ممكنا ان يخرج من تحت يده بفعل التغيير الحاصل في نظرة الغرب عموما ازاء ما يحصل في فلسطين. فبعدما كان الحديث عن الاستيطان من المحظورات صارت ادانته كلمة مستهلكة في القاموس الاوروبي. وبلغت العدوى الادارة الاميركية نفسها حتى صار التنديد بالاستيطان محط كلام في خطب الرئيس اوباما ووزيرة خارجيته. اكثر من ذلك فان عبارة 'جرائم حرب' التي كانت من المحرمات لدى الحديث عن اسرائيل وممارساتها صارت لازمة يومية في تقارير دول ومنظمات ووكالات عالمية. وفي سابقة من نوعها، حازت صحافية بريطانية جائزة الاتحاد الاوروبي لكشفها فضيحة الفوسفور الابيض في حرب غزة، الامر الذي قد يدين اسرائيل باخطر الادانات اذا احسن استثماره. لا بل فان سياسيين وعسكريين اسرائيليين باتوا يتجنبون السفر الى دول غربية خشية الاعتقال. غولدستون لم يخرج عن اطار عام بدأ يترسخ دوليا منذ ادانة جدار الفصل في محكمة العدل الدولية ( المغيب ايضا في ادراج المحكمة في لاهاي)، وصار يظلل السلوك الاسرائيلي ويرخي باثقاله المعنوية والقانونية والديبلوماسية عليه حتى يكاد يتحول عبئا ثقيلا يؤرق صناع السياسة في تل ابيب ويقلقهم... فهكذا بدأت القصة مع نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا وهكذا كبرت كرة الثلج التي أطاحت لاحقا 'الابارثايد' في ذلك البلد. لكن بدلا من ان تتلقف السلطة الفلسطينية هذا التحول الايجابي في الموقف الدولي لتراكم عليه، فاجأت الجميع حتى الاسرائيليين انفسهم برمي سترة النجاة لهم!. طبعا التقرير وما قد يتبعه من ادانة دولية للجيش الاسرائيلي لن يعوض لذوي ضحايا غزة فقدان احبائهم وبيوتهم ومدارسهم، لكن كان يمكن - في حال الضرورة - مقايضة 'النجدة الفلسطينية ' بثمن سياسي يعطي السلطة بعضا من مطالبها الصغيرة ويحد من انهيارها السريع في بئر التنازلات الذي صار من دون قعر. غير ان الاسوأ من هذا التنازل المجاني هو ما تتناقله وسائل اعلام اسرائيلية ( اذا صدقت)، ومفاده ان موافقة السلطة على ارجاء التصويت على توصية غولدستون جاءت بعدما هدد الاسرائيليون بنشر اشرطة فيديو تظهر مسؤولين فلسطينيين كبار يحاولون في لقاءات سرية اقناع ايهود باراك وتسيبي ليفني بعدم وقف الحرب على غزة قبل انهاء حكم 'حماس' بالكامل!!. حتما، لا أحد يريد ان يصدق مثل هذه 'الشائعات' الاسرائيلية 'المغرضة'. لكن بين هذه 'الشائعات' والتنازلات المجانية، الافضل ان يخفف المحققون الاجانب حرصهم الزائد على القضية الفلسطينية ويوقفوا مطاردتهم للارتكابات الاسرائيلية فيرتاحون ويريحوننا، اذ تكفينا فضائحنا والمهازل!.


- 'النهار'
أي مستقبل للإصطفافات السياسية في لبنان؟..التداخل بين المذهبي والوطني
حسن منيمنة:
لكن وإن بدت المضامين السياسية للشعارات المرفوعة واضحة لدى الفريقين(8 و14 آذار)، إلا ان الإنقسام إتخذ بعداً طائفياً ومذهبياً بسبب عوامل عدّة، أهمها، رسوخ العصبيات الطائفية في المجتمع اللبناني وما تعزز بفعل الوصاية السورية من شحن طائفي لغاية رمت إلى تفخيخ كل محاولة إستقلال عنها، بعكس ما نصّ عليه إتفاق الطائف من دعوة إلى إلغاء الطائفية السياسية من الدستور على مراحل، ووفق روزنامة زمانية مؤاتية لمصلحة بناء دولة متماسكة. ذلك أن الإحتشاد السياسي لغالبية الشيعة في 'حزب الله' وحركة أمل المواليتين لسوريا وإيران، له دوافع مرتبطة بأكثر من فائض العقيدة المذهب وتأثيرها على فئة، كانت تعيش على تخوم الدولة. قبل أن ينخرط أبناؤها في مؤسسات وطنية عامة، إقترن دخولهم إليها بوجود الوصاية السورية على لبنان، فغدا أي خروج للسوري منه بمثابة تهديد ينذر بإخراج الشيعة من الدولة...اما لماذا ينحو الحزبان الشيعيان(حزب الله وأمل) في اتجاه تأجيل بناء الدولة والابقاء على سلاح المقاومة، فذلك لا يقتصر على إنتشارهما الديموغرافي الأعم على تخوم الدولة العبرية المغتصبة، ولا على فائض العقيدة الشيعية وتأثيراتها السياسية، ولا على ما حصلّوه عقب إنخراطهم الحديث في مؤسسات الدولة بطرائق متعددة، أفسدتها الواسطة والمحسوبيات بما أدى إلى تكريس منطق مغلوط عن الدولة..لقد مرّت قوى 14 آذار خلال السنوات الأربع الماضية بظروف سياسية وأمنية صعبة وحساسة، بعدما تعرضت إلى حملة منظمة من الإغتيالات التي، وإن زادتها صلابة من ناحية، إلا أنها ومن ناحية ثانية، قيدت قيادتها المحاصرة من قبل آلة قتل جهنمي منظم، منعها من الحركة وجعلها تعيش هاجس القلق الأمني اليومي على حساب التفكير بخطط سياسية إستراتيجية.أضف إلى ذلك ما تعرضت له قوى 14 آذار من حملة تشهير وتخوين إستلهمها الطرف المقابل في 8 آذار من نتائج العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان في تموز 2006 بأساليب وأوصاف، أدت إلى إتساع الهوة بين اللبنانيين الذين كانوا موحدين الموحدين كانوا بطريقة مثلى، لمواجهة خطر العدوان الصهيوني، فكان بنتيجة ذلك، أن حصد 'حزب الله' وحلفاؤه إنتصاراً لا على الإسرائيليين فحسب، بل على من يخالفهم الرأي في الداخل، في كل شاردة وواردة. فبات يفسر أي لقاء لرئيس الحكومة اللبنانية المنتخبة مع نظيره في أي دولة من دول المجتمع الغربي، بمثابة مؤامرة تحاك ضد المقاومة، وأي إنتقاد لسلوك ميليشيوي هو نيل من قوتها، وأي نقد لأحزابها تطاول على قدسية شهدائها، وأي إجراء حكومي، ليس إلا إضعافاً للمقاومة، وتقوية للعدو.هذا هو المنطق الخاطئ الذي توج في أيار 2007 بالخطيئة التي أرتكبت بحق عاصمة العروبة والمقاومة بيروت. عندما تم إجتياحها من قوى 8 آذار بذريعة إستعمال السلاح في الداخل لحماية سلاح المقاومة. فكان لهذا العمل تداعيات أخطر من العدوان الإسرائيلي نفسه، عندما تجبّر فريق لبناني وتجرأ على فرض شروطه السياسية، خلافاً للدستور، و بقوة السلاح، مما صار ينذر بخطر اندلاع حرب أهلية كارثية، وهذا ما استدعى من قوى 14 آذار إحتواء الأزمة الخطيرة عبر اعتماد لغة العقل والحوار في إتفاق الدوحة، لإنقاذ الوطن من فتنة شؤومة.إن الإنحدار المريع لتداعيات ما بعد 7 أيار، لم يقف عند فقدان ثقة الفريقين ببعضهما، ولا عند ما شحنت به النفوس من بغض وكره عارمين، ولا ما خلفته الأيام المشؤومة من أثار بشعة دمغت ذاكرة اللبنانيين بصور كريهة، قد لا تمحى في سنين، فهذا كله معطوف على ما صارت تستقوي به 8 آذار، تلويحاً بإستعمال السلاح لفرض شروط سياسية وإملاء مطالب، ولرفض الموجبات الصادرة عن المؤسسات الدستورية للدولة، إذا لم تتفق مع مصلحتها...ثمة فرق واضح إذاً بين من لا يجيد لغة العنف والتخوين ومن لجأ إلى السلاح لإجبار شريك الوطن على قبول ما لا يقبله عقل ولا منطق، خاصة أن مفاعيل إستعمال السلاح لم تنتهِ في إتفاق الدوحة بعد أن صار التهويل بإستعماله غمزاً ولمزاً، سمة دمغت علاقة 8 آذار بـ14 آذار. وقاعدتهم في ذلك أن على الأخصام أن يعتبروا من أمثولة إجتياح بيروت، وعلى الحلفاء أن يعتدّوا بقوة رائدهم السياسي والعسكري (حزب الله)، حيث لا وجه للمقارنة بالمطلق بين التوجه السياسي لكلا الفريقين، فلا علاقاتهما التحالفية تعاهدت في ما بينها، ولا إرتباطهما الخارجية للغاية ذاتها، ذلك أن مقومات المشهد الفسيفسائي المتنوع في 14 آذار، تشكل جبهة حقيقية لأحزاب وتيارات تعاهدت في ما بينهم طوعاً على التضامن والتحالف لتحقيق مبادئ وطنية عامة، لا إكراه فيها ولا إرغام، وهذا يعود الى ما في طبيعة تيار المستقبل كمحور جامع وأساسي لقوى 14 آذار، من خصائص عملية مغايرة عن طبيعة 'حزب الله' ووظيفته في قيادة الحلف المقابل، حتى أن لا قياس يصح بين قوى 14 آذار في إنفتاحها على علاقات جيدة مع المجتمع العربي والدولي، من أجل تعزيز منطق الدولة، مع من هو مرتبط بأجندة إقليمية اقحمت لبنان في تجاذبات وتناقضات إقليمية ودولية، تقوض الدولة وتدمر أسبابها.


- 'الشرق الأوسط'
الأصولية الحوثية
محمد جميح(كاتب يمني مقيم في بريطانيا):
تأسست أفكار حسين بدر الدين الحوثي الذي أعلن التمرد العسكري على الحكومة اليمنية سنة 2004 على مجموعة من القواعد والمسلمات التي كان الحوثي ينظر لها على أنها من ثوابت الفكر الإسلامي الشيعي، وأنها الرافعة الحقيقية لمحاولات النهوض بالتشيع لقيادة الأمة الإسلامية في مواجهة أعدائها في الخارج (أميركا وإسرائيل) والداخل (عملاء أميركا وإسرائيل). لعل المسلمة الرئيسية في صلب الإطار الفكري للحركة الحوثية هي تلك القائمة على وجوب حصر إمامة المسلمين في نسل الحسن والحسين من الهاشميين دون غيرهم من عامة المسلمين. وتتبدى إشكالية هذه المسلمة في الآتي:
أولا: اتكاؤها ـ كغيرها من المسلمات ـ على مقولات تاريخية كانت ذات طبيعة واقعية في الصدر الأول من الإسلام، ومع تغير الظروف التاريخية فإنها لم تعد تغري أحدا سوى المنتفعين سياسيا وعرقيا من مثل هذه المقولات، بل إنها أصبحت تثير حساسيات عنصرية لدى غالبية اليمنيين الذين يرون في مثل هذه المقولات محاولة لاستغلال الدين لتغليب العنصر الهاشمي الذي يمثل أقلية على الغالبية العظمى من اليمنيين.
ثانيا: اتكاؤها على نظرية &laqascii117o;الحق الإلهي" التي تقوم على أن ولاية المسلمين بعد نبيهم هي في علي وولديه ونسلهما، وأن ذلك حق إلهي مقدس غير خاضع للنقاش أو الاجتهاد أو الشورى، بل إن الإمامة أول حقوق آل البيت التي سلبها منهم &laqascii117o;النواصب" من عامة الأمة. يقول العلامة بدر الدين الحوثي ـ والد حسين ـ في مقابلة صحافية نادرة أجراها معه رئيس تحرير صحيفة &laqascii117o;الوسط" اليمنية بعد أن سئل: هل ما زلت تعتقد أن الإمامة في البطنين؟،قال: &laqascii117o;نعم هي في البطنين إذا كانوا مع كتاب الله وكانوا مع صلاح الأمة، فهم أقوى من غيرهم في هذا الشأن". ويقول: &laqascii117o;هناك نوع يسمى الإمامة وهذا خاص بآل البيت، ونوع يسمى الاحتساب وهذا يمكن في أي مؤمن عدل..". ويعلل بدر الدين الحوثي لنظريته في حصر الإمامة في الهاشميين من نسل السبطين بقوله: &laqascii117o;التقوى عند أهل البيت أقوى منها عند غيرهم". يدعم ذلك ما صرح به يحيى الحوثي الممثل السياسي للحوثيين في الخارج لقناة &laqascii117o;المستقلة" ـ في معرض حديثه عن الإمامة وعدم استحقاق الرئيس اليمني للحكم بإشارته إلى أن أهل السنة يرون أن الأئمة من قريش والزيدية يرون أن الإمامة في السبطين وعلي عبد الله صالح ليس بهاشمي ولا من قريش. والمسلمة الأخرى التي ترتكز عليها الحوثية في إطارها الفكري هي المقولة الأصولية الزيدية القديمة المتمثلة في وجوب الخروج على الحاكم &laqascii117o;الظالم" (وكل حاكم من غير السبطين هو حاكم غاصب للحق الإلهي الممنوح لآل البيت في هذا التصور). هذه المقولة المؤسسة على التأسي بموقف الإمام زيد في خروجه على الحاكم &laqascii117o;الظالم" هشام بن عبد الملك الذي يمثل نموذجا لحكم &laqascii117o;النواصب الظالمين"، وفقا لهذه الرؤية. وإشكالية هذه المقولة تتأتى من كونها ـ باللغة المعاصرة ـ دعوة صريحة لاستخدام العنف المسلح والسعي لتغيير الأوضاع بالقوة العسكرية، كما أن إشكالية هذه المسلمة تتجسد أيضا في كونها (الخروج على الحاكم الظالم) استخدمت كغيرها من المقولات الدينية ستارا لتحقيق مآرب لطامحين سياسيين على مدار التاريخ الإسلامي، كما تسببت في إراقة دماء غزيرة بين الأطراف المتصارعة. وإذا كانت الأفكار السابقة يمكن قبولها على أنها أفكار أصولية زيدية، فإن المسلمة التالية تشي بعروق فكرية ممتدة خارج المذهب الزيدي وهذه المسلمة تقوم على أساس المغايرة التأريخية والسياسية، والاتكاء على مقولات تتكئ بدورها على ثارات قديمة تمت بصلة لما حدث في كربلاء بالذات. تلك المقولة القائمة على أساس تقسيم الأمة إلى شيعة آل البيت في مقابل النواصب من أعداء آل البيت. ففي الوقت الذي تنظر الزيدية ـ في مجملها ـ نظرة إيجابية للتأريخ الإسلامي في مجمله ولتأريخ الرعيل الأول من المسلمين، فإن الحركة الحوثية فيما يبدو قد تأسست على أساس من النظرة السلبية للتأريخ الإسلامي. تلك النظرة التي ينقسم فيها المسلمون إلى فسطاطين: أحدهما لشيعة آل البيت والثاني لـ&laqascii117o;النواصب". والحوثية في ذلك متأثرة بالاثنى عشرية في نسختها الخمينية المؤسسة أصلا على شرعية &laqascii117o;الخلاف"، على أساس أن الطائفة المنصورة هي التي &laqascii117o;تخالف" ما عليه &laqascii117o;العامة" من المسلمين بمن فيهم الرعيل الأول من المهاجرين والأنصار. وهناك مسلمة أخرى يمكن أن تلقي مزيدا من الأضواء على العنصر الخميني/ الخارجي في نسيج الحركة الحوثية. تلك المسلمة تقوم على أساس إحياء الشعائر الحسينية وعامة شعائر آل البيت ـ حسب الرؤية الشيعية الاثنى عشرية. ومن تلك الشعائر إحياء مناسبات مقتل الحسين في عاشوراء والاحتفال بمناسبة الغدير وغيرها من الشعائر والمقولات الفقهية المنسربة للحوثية من الاثنى عشرية في نسختها الخمينية التي بشرت بها الحوثية في الوسط الزيدي المعتدل. يقول العلامة بدر الدين الحوثي في هذا الصدد عن الاحتفالات بمناسبة الغدير على سبيل المثال: &laqascii117o;فيها مصلحة دينية لأن فيها إظهارا لولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب". وهكذا امتزج الزيدي بالخميني والأصولي بالمعاصر والداخلي بالخارجي في تركيبة هذه الحركة الأصولية التي لا بد أنها شكلت ظاهرة تستحق مزيدا من البحث والدراسة لتحليل محتواها الفكري وخطابها السياسي.


- 'السفير'
السلطة الفلسطينية تنقذ إسرائيل؟
سلامة كيلة:
... وها أن السلطة تنقذ الدولة الصهيونية من أهم إدانة كان يمكن أن تطالها. فقد باتت تخضع لإرادات الدولة الصهيونية. المبررات التي تساق، أو التي تفرض القبول، محددة وواضحة، ويمكن تحديدها في ثلاث:
الأولى: هي السيطرة الشاملة للدولة الصهيونية على كل مفاصل الضفة الغربية حيث تقيم السلطة &laqascii117o;سلطتها"، وبهذا فإن كل حركة لقيادات السلطة، أو للاقتصاد، يجب أن تحصل على الموافقة الصهيونية، وإلا فإن وضع غزة الراهن هو مصير كل مدينة أو قرية في الضفة الغربية، وهو مصير قيادات السلطة التي تعودت على السفر المستمر. ولهذا فإن أي قرار لها يجب أن يلحظ هذا الوضع وإلا أصبحوا في وضع حماس في غزة من حيث حرية الحركة، وبات وضع السكان كما وضع غزة.
الثانية: أن ميزانيات السلطة هي إما من الضرائب التي تتحصل عليها الإدارة الصهيونية وتسلّمها للسلطة وفق اتفاقات أوسلو، أو من المساعدات التي تقدمها &laqascii117o;الدول المانحة" (وهي أوروبا وأميركا)، وبالتالي فهي خاضعة لقرارات هذه الدول، وخصوصاً لرؤية الدولة الصهيونية. وهنا يبدو أي اختلاف مع الدولة الصهيونية أو مع أميركا وأوروبا سيعني المماطلة في الدفع أو حتى وقف المساعدات وواردات الضرائب. الأمر الذي يعني إفلاس السلطة والعجز عن سداد رواتب فيض من الموظفين (يبلغ حوالى 158 ألف موظف)، وعن دفع المصروفات اليومية.
الثالث: وهو الأهم ربما لأنه يتعلق بمصالح الفئات التي باتت هي السلطة، حيث تكونت مصالح مشتركة بين كبار المسؤولين، أو أبنائهم، وشركات صهيونية، وبات الموقف السياسي مرتبطاً بمصلحة اقتصادية. ولهذا أثيرت مسألة شركة الخلوي التي تنتظر الموافقة الصهيونية في خضم الحديث عن موقف السلطة في لجنة حقوق الإنسان، حيث أشير إلى وعد صهيوني بالموافقة على الشركة إذا سحبت السلطة الدعوى المقدمة لتلك اللجنة، كما فعلت بالضبط. إذا كانت المسألة الثالثة تشير إلى تشابك مصلحي بين فئات السلطة والشركات الصهيونية، وبالتالي التحوّل إلى كومبرادور فعلي، فإن المسألتين الأخريين تشيران إلى الأساس الذي هيّأ لأن يتشكل تكوين لم يعد يستطيع أن يفعل سوى ما تقرره السياسات الصهيونية...

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد