- 'النهار'
الضاحية الجنوبية في كنف النظام العام وذوبان الجليد بين أهلها والسلطة.. حزب الله يقرع جرس الإنذار ويرحّب بالدولة بعد عقود من الغياب
عباس الصباغ:
قبل نحو اسبوع اطلق 'حزب الله'، بالتعاون مع البلديات والهيئات المدنية، حملة 'الحفاظ على النظام العام' في الضاحية الجنوبية لبيروت، متكئاً على البعد الديني وفتاوى مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد علي خامنئي، وتلاقي هذه الحملة تجاوباً مقبولاً من الاهالي وانفتاحاً من وزارة الداخلية لتثبيت النظام في منطقة يقيم فيها اكثر من 700 الف شخص، ظلوا لأعوام يشعرون بالحرمان الامر الذي رسخ في اذهان معظمهم صورة غير محببة للسلطة المركزية، فيما ساهمت الاحداث المتنقلة وسقوط الضحايا المدنيين في زيادة الجفاء بينهما، لكن الاخطر هو تفشي ظاهرة الحبوب المخدرة في بعض احياء الضاحية مما دفع اعلى القيادات في الحزب الى التنبه من هذه الآفة والدعوة الى مكافحتها.أطلقت هيئات المجتمع المدني الاسبوع الفائت، بالتعاون مع البلديات، حملة المساهمة في تطبيق النظام العام في الضاحية الجنوبية، وحملت شعار 'النظام من الإيمان' في محاولة لحضّ البعض من أهاليها على احترام النظام العام. واتكأ 'حزب الله' على البعد الديني، حين استعان بتوجيهات مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي، ومنها ان 'الاخلال بالنظام العام حرام' و'الافادة من الكهرباء والمياه بطريقة غير شرعية حرام'، وبالتالي خاطب الحزب جمهوره عبر 'المرجع القائد'، ولوحظ تجاوب مع هذه الحملة في الأوساط الشعبية.
الضاحية: ملاذ الجنوبيين والبقاعيين
دفعت الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على الجنوب اللبناني آلاف المواطنين الجنوبيين، وخصوصاً من المنطقة الحدودية، الى الهجرة القسرية عن بلداتهم، ووجد هؤلاء في الضاحية الجنوبية ملاذاً آمناً كان من المفترض ان يكون مؤقتاً، لكن الإقامة، التي بدأت بعد منتصف السبعينات من القرن الفائت في أحياء الضاحية، امتدت لعقود نتيجة الاحتلال الإسرائيلي الذي استمر 22 عاماً. وبعد التحرير في العام 2000 لم يكن في استطاعة معظم المهجّرين الجنوبيين العودة الى قراهم لأسباب عدة ابرزها اعتيادهم على نمط الحياة في الضاحية وكذلك انعدام فرص العمل في المناطق الحدودية رغم اندحار القوات الإسرائيلية. اندمج الجنوبيون في مجتمع الضاحية، وخلال الثمانينات بدأت طلائع البقاعيين بالتوافد الى هذه المنطقة وبات الجنوبيون والبقاعيون يشكلون غالبية سكان الضاحية وفاق عددهم اعداد السكان الأصليين، بالتزامن مع هجرة معظم المسيحيين من أحياء الضاحية وبيع عقاراتهم من الشيعة. مع ازدياد أعداد المقيمين في الضاحية - وهناك من يقدر عددهم بـ 750 ألف نسمة - باتت المنطقة بحاجة الى مزيد من التقديمات الاجتماعية والخدمات، عدا عن ضرورة تحديث وتوسيع البنى التحتية، لكن سياسة الحكومات المتعاقبة أخفقت في تحسين أحوال الضاحية وباتت تعرف بحزام البؤس والحرمان.
الذاكرة الدموية والشعور بالعداء المتبادل
أدّى حرمان الضاحية الى تولد حال من النقمة في نفوس سكانها، بالتزامن مع سطوع نجم الثنائي الشيعي 'أمل' و'حزب الله' وأدت المتغيرات الميدانية، خصوصاً بعد انتفاضة 6 شباط 1984، الى سيطرة حال العصيان غير المعلن لأهالي هذه الأحياء الفقيرة ضد السلطة المركزية، مع الإشارة الى ان الضاحية تعرضت لتدمير كبير جراء قصف البوارج الأميركية لها في العام 1983، وكذلك بسبب التراشق المدفعي على خطوط التماس خلال الحرب الأهلية وحروب الآخرين على أراضينا. بعد دخول البلاد حال السلم الأهلي في العام 1990، أمل سكان الضاحية ان تنالهم نعمة اعادة الإعمار، لكن هذه العملية الضخمة تركزت في بادئ الأمر في قلب العاصمة، ولم يصل الإنماء المتوازن الى ضواحيها والمناطق المحرومة الا بعد أعوام. وزاد الطين بلة حادثة جسر المطار في 13 ايلول 1993 عندما سقط 10 شهداء من انصار 'حزب الله' خلال قمع الجيش اللبناني تظاهرة نظمها الحزب رفضاً لتوقيع اتفاق اوسلو. وكانت هذه الحادثة الحلقة الأولى في مسلسل استمر حتى مطلع العام 2008. ومن أبرز محطاته حادثة حي السلم في 27 أيار 2004 والتي أدت الى سقوط 5 ضحايا، وحادثة الرمل العالي في 6 تشرين الأول 2006 عندما سقط الفتيان حسين سويد (13 عاماً) ومحمد ناجي (11 عاماً) برصاص قوى الأمن الداخلي أثناء قمع الأخيرة مخالفات البناء، وفي 28 كانون الثاني 2008 سقط 8 شبان في المواجهات مع الجيش اللبناني قرب كنيسة مار مخايل بعد اعتصام احتجاجي على استمرار قطع الكهرباء في الضاحية.هذه الأحداث رسخت في وجدان سكان الضاحية صورة غير مستحبة للسلطة المركزية، وباتت الأخيرة تشكل 'عدواً' غير معلن للضاحية ولأهلها، وأضحت تصرفات المقيمين في هذه المنطقة يحكمها هذا الشعور وفحواه أن كل ما يعكس صورة السلطة هو مباح. وبمعنى آخر أن مخالفة النظام والاعتداء على شبكات الكهرباء والمياه يشكلان جزءاً من المواجهة مع السلطة، لأن الأخيرة حسب قناعة بعض أهالي الضاحية، تمعن في حرمان المنطقة. ويسوق صبحي شقير مثالاً على ذلك الحرمان ويوضح: 'قبل 25 عاماً كان عدد سكان الضاحية نحو 100 الف نسمة واليوم يفوق الـ 700 الف، لكن الخدمات لا تزال على حالها وكمية المياه التي تصلنا من شركة المياه لم تتم زيادتها، هناك أزمة مياه، والأمر ينسحب على مجمل الخدمات'.
عمار: نؤازر الدولة
لدى حصول اي مشكلات في الضاحية كانت الانظار تتجه الى 'حزب الله' باعتباره القوة الاكثر انتشاراً في هذه المنطقة، وكان هناك اتهام مباشر او ضمني له بأنه يغطي المتسبّبين بالمشكلات، ما كان يضطره في معظم الاحيان الى اصدار التوضيحات. وفي السياق يقول النائب علي عمار ان الحملة الاخيرة للمحافظة على النظام العام جاءت نتيجة مطالبة الناس بوضع حدّ للتجاوزات، ويضيف: 'نحن لسنا بديلاً عن الدولة ونساند القوى الامنية في مهماتها، وهذه الحملة التي اطلقت لا سقف زمنياً محدداً لها، وهنا نسجل تجاوب وزير الداخلية والبلديات زياد بارود والاجهزة الامنية التي سارعت الى زيادة عديد العناصر الامنية'. اما عن مكافحة المخدرات فيوضح عمار: 'عندما اطلق السيد نصرالله نداءً للتعاون بين الجميع من اجل مكافحة هذه الظاهرة كان يقصد مكافحتها على كل المناطق اللبنانية المختلفة وليس في الضاحية فقط، لأنها مشكلة للبنان وتهدد مجتمعنا برمته، وعلى مستوى 'حزب الله' نجزم انه محصن في وجه هذه الظاهرة، علماً انها تتزايد بسبب الانترنت وبعض المحطات الفضائية، إضافة الى الاسباب الاقتصادية والاجتماعية، والمطلوب من الدولة ان تولى هذه المسألة الاهتمام اللازم، وبدأنا نسمع الاصوات المؤيدة لنداء الامين العام نظراً الى خطورة هذه الظاهرة واثارها السلبية في المجتمع اللبناني'. ويشير عمار الى ان القوى الامنية عززت حضورها في الضاحية وزادت عناصرها من 350 الى 600 عنصر.
ملاحقة مدمني المخدرات
في محلة المعمورة كان شاب عشريني يحاول الهرب بعد ترجل شخصين من سيارة ب ام ف ذات زجاج داكن، وقبل ان يصلا اليه شهر احدهما مسدساً وطلب منه التوقف. خضع الشاب للأمر، وما هي الا لحظات حتى استقر في صندوق السيارة وسط ذهول جيرانه. الشخصان المدنيان كانا من عناصر 'حزب الله'، وسبب اعتقال الشاب أنه كان يتعاطى الحبوب المخدرة مع بعض أصدقائه في المبنى الذي يقيم فيه في شارع المعمورة. كانت الحادثة تؤشر الى بدء حملة لمكافحة المخدرات في الضاحية الجنوبية، سرعان ما امتدت الى منطقتي الجناح والأوزاعي. ويعلق أحد سكان الجناح على الأمر: 'خلال الأعوام الثلاثة الفائتة كان معظم هؤلاء الشبان من متعاطي الحبوب المخدرة ضمن ما كان يعرف بالسرايا التابعة لـ 'حزب الله'، وخضعوا لدورات عسكرية تدريبية في العامين 2006 و2007. وينفي عمار في شكل قاطع ان يكون هؤلاء من المنتسبين الى 'حزب الله' ويؤكد تحريم الحزب لهذه الظاهرة. وبعد عودة الهدوء الى البلاد والمصالحات التي شهدناها بعد الانتخابات النيابية فتح 'حزب الله' أبواب الضاحية والجناح والأوزاعي أمام القوى الأمنية وقدم التسهيلات لها، وبادر الى رفع الغطاء السياسي عن المخالفين، الأمر الذي مكن هذه القوى من بدء حملة لمكافحة هذه الظاهرة، عدا عن ملاحقتها المطلوبين للقضاء.
الحبوب المخدرة... للشباب
تنتشر ظاهرة تعاطي الحبوب المخدرة في اوساط الشباب الذين تراوح أعمارهم ما بين الـ 17 و25 عاماً، ومعظم هؤلاء من الأسر الفقيرة وهم من المتسربين من المدارس والعاطلين عن العمل، أو يعمل بعضهم في كراجات الميكانيك والحدادة والبويا. والمفارقة أن بعض من يعمل في مجال حدادة وبويا السيارات يصبح من المدمنين على تعاطي مادة التنر، ومن هؤلاء شاب في الثانية والعشرين من عمره يلقب بـ 'البوري' والأخير يحمل في جيبه زجاجة صغيرة من التنر، وبين الحين والحين يصب مادة التنر على قطنة ويروح يشمها لأكثر من ساعة، ثم يعاود الكرة، وهكذا يمضي ساعات نهاره. 'والبوري'، وفق ما يتردد، من المطلوبين بمذكرات توقيف عدة لارتكابه أكثر من مذكرة وجنحة. اما صديقه الملقب بـ'الحزين' فتوارى عن الانظار لاكثر من اسبوع، ثم عاد الى الجناح حليق الرأس، وفهم منه ان القوى الامنية اوقفته بعدما ضبطته متلبساُ بتعاطي الحبوب المخدرة.ويذكر ان ظاهرة الحبوب المخدرة ليست جديدة وتعود لأعوام عدة، والسبب الرئيسي في انتشارها ثمنها المتدني نسبياً مقارنة مع حشيشة الكيف او الهيرويين، ومصدر الحصول عليها هي الصيدليات. ووفق بعض المدمنين ان دواء السعال يحوي مواد مخدرة ويستعاض به احياناً عن الحبوب.
المشكلات في الضاحية... عادية
يعمد البعض الى تضخيم ما يجري في الضاحية وتصويره على أنه غير مقبول وخارج المألوف، لكن الأمر على خلاف ذلك. فالمشكلات المتعددة في الضاحية لا تختلف عن نظيراتها في المناطق اللبنانية المكتظة، ومعظمها أما ناجم عن أفضلية المرور أو أماكن ركن السيارات، أو الإزعاج بسبب لجوء الأولاد الى ممارسة لعب كرة القدم قرب مداخل الأبنية أو في الزواريب الضيقة في أحياء الضاحية. وبما أن الأحياء تعاني من اكتظاظ مرتفع في عدد السكان فالمشكلات تتزايد. أما الاعتداء على شبكة الكهرباء فسببه الرئيسي يكمن في نظام التقنين القاسي الذي تعتمده مؤسسة كهرباء لبنان، وبما أن برنامج التقنين يختلف ما بين حي وآخر في الضاحية يعمد سكان الحي الأول، على سبيل المثال، الى التعليق على الشبكة من الحي الثاني باعتبار ان انقطاع التيار في الأول يعني تغذية الثاني. ولكن البلديات في الضاحية تنظم دورياً حملات لإزالة الاعتداءات على شبكة الكهرباء ويلاحظ أنه بعد ازالة الأسلاك بيوم أو يومين يعود التعليق، وكذلك حملات البلديات، وهكذا يستمر المسلسل الطويل.
الفانات العمومية
تنتشر في الضاحية مئات الفانات والحافلات التي تعمل على نقل الركاب من حي السلّم الى الكولا، مروراً بالمشرفية، ومعظم سائقي هذه الفانات من الشباب، وغالباً ما تسجل المشكلات بين هؤلاء وسائقي السيارات العمومية، أو بين سائقي الفانات أنفسهم، وتعود الأسباب إما الى الخلاف على أفضلية المرور أو التنافس على الفوز بالركاب. إلا أن ظاهرة أخرى تنتشر في الضاحية وتكمن في تزايد عدد اللوحات العمومية المزورة، وهو ما يدفع رؤساء اتحادات النقل البري إلى مطالبة وزارة الداخلية التدخل ووضع حد لهذه الظاهرة، بسبب أخطارها على عمل السائقين العموميين الشرعيين.
- 'النهار'
الله والأمن والحزب والضاحية
الوزير السابق جوزف الهاشم:
الضاحية الجنوبية، ليست ملكا عقاريا لله، وليست جنة تجري من تحتها الانهار، وتتراقص في حدائقها الحواري، وليست ولاية لـ'حزب الله'، او مسرحا لحركة 'امل'، بل هي مسرح لحركة الدولة التي اخذت تبشرنا بالامل... الامني. شعار 'الملك لله' بما يوحي من عظة سامية، وضبط لجوامح النفس، فهو لا يحدد الملكية، بل زمنية الحياة البشرية تبريرا لقناعة الانسان في مقتناه كما في دنياه، للحد من الجشع والتصارع على اسلاب الوجود الفاني، 'وكل ما عليها فان...'. الا ان الله عز في ملكه وجل، لا يطلب منا ان نسجل عقاراتنا على اسمه في الدوائر العقارية، ولا يطلب منا ان نختلس باسمه ممتلكات الآخرين، ولم يطلب الا 'ان ندخل البيوت من ابوابها، وان نسلم على اهلها'.وعندما يكون كل عقار او ملك باسم الله، يصبح مشاعا شائعا، ومادة صراع محموم لشهوات البشر الذين يعتبرون انفسهم ابناء الله، والورثة الشرعيين له على الارض. الضاحية، كغيرها من الضواحي انفصلت عن الدولة في زمن الحرب، كما انفصلت كل مساحة جغرافية مع مجموعة بشرية، بارادة امراء الحرب، الذين نصبوا انفسهم عليها، وعلى رعاياها، ولم يبق الا ان يسكّوا النقود باسمهم.واستجماع الجزر المنسلخة عن بعضها وعن الدولة، ليس تجسيدا لارادة الدولة حصرا، لو لم يكن مدعوما بقوة ارادة الشعب كل الشعب، ومطالبة الشعب كل الشعب، بكل وسائل الضغط النفسي، حتى يرجع لبنان دولة موحدة، وجمهورية واحدة، ووطنا مشتركا جامعا، بعدما اصاب المؤمنين ما اصابهم، من الدمار والتفسخ والانقسام، والتقاتل والانهيار.والدليل الاحجى، هو ما سمعناه على غير لسان من قادة 'حزب الله'، ومن توق ذاتي الى انتشار القوى الامنية في الضاحية، ومن دعوة صادقة الى اعادة جمع شتات الارض والبشر في بوتقة وطنية واحدة.وقد فاجأ 'حزب الله' – والانسان عدو من جهل – فاجأ الكثيرين ممن يجهلون دعوته وتوجهاته، بانفتاحه على سائر المقامات والقوى، وبالاطلالات السياسية المتوازنة في اطار الممارسة الديموقراطية، والدولة القوية العادلة والموحدة.على ان الضاحية الجنوبية، كالضاحية الشمالية، وان كانتا ايضا من سلالة حواء الحرب، قد ولدتا بالخطيئة، الا ان خطيئتها مبررة بخلاف سائر الضواحي، لان الضاحية الاولى، قد استوعبت كل مهجري الجنوب، بفعل الاحتلالات والغزوات الاسرائيلية الجائرة، ولان الضاحية الثانية قد استوعبت كل مهجري الجبل، بفعل الجنون اللبناني الرحوم.والضاحية الجنوبية، التي كانت عهد لبنان المزدهر والمستقر، تشكل حزاما من البؤس والحرمان، يشد الخناق على عنق العاصمة، اصبحت بعد الحرب اكثر بؤسا وحرمانا، بفعل الضغط البشري والمادي.والضاحية الشمالية التي كانت تتهم قبل الحرب، بالعمران والرخاء، اصبحت شبيهة بما كانت عليه الضاحية الجنوبية قبل الحرب.فالضاحية الجنوبية – ان لم نقل الضاحيتين – لا يكفي ان تؤمن لها الدولة رعاية امنية وحضورا باللباس المرقط، بل يقتضي بالتلازم والموازاة، ان تؤمن لها رعاية خدماتية انمائية اجتماعية انسانية متفوقة، ان لم يكن كرمى لعين الضاحية، فكرمى لعين العاصمة التي اصبحت الضاحية جزءا منها، وشكلا من اشكالها، وامتدادا مكملا لها، واطلالة لكل نظرة على ارض لبنان من شرفة الطائرة او من بوابة المطار. مرة اخرى، نوجه الشكر الى الدولة على ما اتخذت في الضاحية اخيرا من خطوات في المجال الامني، اما في المجالات الاخرى فالشكر معلق في انتظار مبادرات اخرى، وكل ما نتمناه ان تكون الدولة دولة تستحق الشكر.
- 'الحياة'
&laqascii117o;حزب الله" والحوثيون
داوود الشريان:
في شهر آذار (مارس) الماضي أجرت &laqascii117o;الحياة" حديثاً مع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، وسأله الزميل غسان شربل: هناك من لمّح إلى دور لـ &laqascii117o;حزب الله" في موضوع الحوثيين، هل هناك أي دعم يقدم من قبله؟ فرد الرئيس اليمني: الدعم ربما لا يقدم من &laqascii117o;حزب الله" كحزب او قيادة، ولكن من عناصر تنتمي إلى هذا الحزب. الذي أفهمه هو أن الحوثيين تلقوا خبرات في صنع القنابل والألغام والذخائر من بعض الخبراء وبعض العناصر الذين ينتمون الى &laqascii117o;حزب الله" وبعض العناصر الحوثية ترسل للدراسة في لبنان". الرئيس علي عبدالله صالح لطَّف اتهام &laqascii117o;حزب الله" في دعم الحوثيين، لكنه لم ينفه، مثلما يفعل مع إيران، التي أكدت تصريحاتها الأخيرة مساندة الحوثيين، إضافة الى أن الحديث عن قيام &laqascii117o;عناصر تنتمي لهذا الحزب" بدعم الحوثيين وتدريبهم على صنع القنابل والألغام، ومن دون علم قيادة &laqascii117o;حزب الله"، كلام لا يتفق مع الطبيعة التنظيمية الصارمة، والقيادة المركزية للحزب، ولم يسبق لـ &laqascii117o;حزب الله"، على مدى تاريخه، ان تبرأ من تصرفات قام بها أحد عناصره من دون علمه، ولا هو نفى اتهام الرئيس في حينه. الكلام عن علاقة لـ &laqascii117o;حزب الله" بالحوثيين تعيد الى الأذهان توقيف &laqascii117o;خلية حزب الله في مصر"، التي اعترف الحزب بعلاقته بها، بحجة نقل الأسلحة الى حركة &laqascii117o;حماس"، وهي حجة تذكرك بـ &laqascii117o;وين اذنك يا حبشي". لكن الحزب التزم الصمت هذه المرة، والصمت عند العرب من علامات الرضا والخجل، واستمرار هذا الصمت سيكرس حقيقة أن طهران تستخدم &laqascii117o;حزب الله" كوسيلة لاختراق المجتمعات العربية، مع ما يعنيه ذلك من فتنة مذهبية. فهل صمت الحزب هذه المرة تفادياً لاتهامه بعمليات خارج الأراضي اللبنانية، مثلما حدث خلال قضية الخلية في مصر؟ بصرف النظر عن تفسير هذا الصمت، فإن قيادة &laqascii117o;حزب الله" مطالبة بتوضيح موقفها من قضية التمرد الحوثي، وإذا ثبت أن للحزب علاقة بما يجري على الحدود السعودية - اليمنية، فيجب تجاوز توجيه رسالة له من طريق الحكومة اللبنانية، ولا بد من وضع الحكومة اللبنانية أمام مسؤوليتها، واتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية تدفعها الى فتح حوار جدي مع الحزب، باعتبار أنه بات يضر بمصالح الشعب اللبناني. لأن استمرار تعامل الدول العربية مع &laqascii117o;حزب الله" من خلال &laqascii117o;ورطة" اللبناني في وضع الحزب السياسي والعسكري، تناقض عربي غير مفهوم في أحسن الأحوال، وخطر في أسوئها.
- 'الشرق الأوسط'
هل تشعل أحداث اليمن مصابيح ظلام الإيرانيين؟
وفيق السامرائي:
بلا إنصاف ولا مراعاة لحياة البشر ومصير الفقراء يواصل الخمينيون إثارة الفتن. فما إن تخمد فتنة حتى يثيروا أخرى. أثاروها في غزة، وبتشجيعهم تكبّد الفلسطينيون خسائر بشرية ومادية فادحة ولم يحركوا ساكناً خلال أسابيع الحرب، فكشفت غايتهم، وها هو السيد هنية يعلن عدم الرغبة في تجديد حملات عنف مع إسرائيل. وتشكلت الحكومة في لبنان بهزيمة حزب الله في الانتخابات. وها هم المتمردون شمال اليمن في وضع لم يشهدوه من قبل. واكتفت إيران بتصريحات مثيرة للفتنة أيضا عندما تريد أن تجعل نفسها وصية على الشيعة، وهي كذبة كبيرة عندما تخرج عن نطاق مصالحها...مساعدة قوى التحرر الديموقراطي واجب إنساني قبل أن يكون سياسياً، فالذين نصّبوا أنفسهم أوصياء على شيعة العالم كان عليهم أن يضربوا مثلا سمحاً في التعامل مع المكونات الدينية والعرقية بروح المواطنة المتساوية، وليس السكوت على ما قيل عن أن المسجد السني الوحيد في مدينة مشهد، إحدى كبريات المدن الإيرانية، دبرت له طريقة استملاك لأغراض مشاريع تطوير المدينة وأزيل، أو عن عدم وجود مسجد واحد للسنة في العاصمة. وتناسى الخمينيون أن الشيعة العرب أسياد في بلادهم....
- 'الحياة'
&laqascii117o;الهلال" الشيعي يبحث عن &laqascii117o;نجمة"!
زياد بن عبدالله الدريس (كاتب سعودي):
المسميات السياسية تبدأ صغيرة، بعصابات ومتمردين وانفصاليين، وتكبر وتكبر حتى تصبح حزباً معارضاً، ثم حركة معارضة تقتسم مع الموالاة مقاعد الحكومة ومشاعر الشعب وأرض البلاد .. لأنها &laqascii117o;حزب الله"!على غرار ذلك يسعى الحوثيون في اليمن إلى اقتفاء مدرسة &laqascii117o;حزب الله" في التضخم والتمدد والنفوذ. لذا لم يعد مستساغاً من الصحافة أن تسمي الحوثيين بالمتمردين، لأن تصغير الكبير أشد ضرراً وخطراً من تكبير الصغير. الحوثية فئة &laqascii117o;تمردوا" على الطائفة الزيدية، فانتقلوا من التشيّع شبه السني إلى التشيع شبه الإيراني. وواضح من سياق التحول أنه سياسي بغلاف ديني. وقد أثار ذلك بالتحليل المفصل الباحث اليمني أحمد الدغشي حين تناول قصة شعار الحوثيين الذي يرددونه لمدة نصف دقيقة ثلاث مرات أسبوعياً وبعد صلاة الجمعة خصيصاً، الوصفة التي وضعها حسين الحوثي في 17/1/2002 من قاعة مدرسة الإمام الهادي بصعدة. &laqascii117o;وقبل أن يدعو الحوثي الحضور إلى الصرخة بالشعار قال لهم: نعود من جديد أمام هذه الأحداث لنقول: هل نحن مستعدون أن نعمل شيئاً؟ ثم إذا قلنا إننا مستعدون أن نعمل شيئاً، فما هو الجواب على من يقول: ماذا نعمل؟ أقول لكم أيها الأخوة: اصرخوا، ألستم تملكون صرخة أن تنادوا: &laqascii117o;الله أكبر / الموت لأميركا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام"؟ أليست هذه صرخة يمكن لأي واحد منكم أن يطلقها؟ بل شرف عظيم لو نطلقها نحن الآن في هذه القاعة فتكون هذه المدرسة وتكونون أنتم أول من صرخ هذه الصرخة، التي بالتأكيد بإذن الله ستكون صرخة ليس في هذا المكان وحده، بل وفي أماكن أخرى، وستجدون من يصرخ معكم إن شاء الله في مناطق أخرى: الله أكبر / الموت لأميركا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام". لكن الباحث الدغشي يكشف الزيف الذي مارسه الحوثي على أتباعه حين زعم أنهم سيكونون أول من صرخ هذ الصرخة، إذ &laqascii117o;تعود قصة هذا الشعار إلى بداية الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، حين رفع الإمام الخميني ذلك الشعار في وجه الشاه، وصار أتباعه يرددونه في حماسة لافتة، وكان للشعار دويّه المؤثر في النفوس، لذلك ظل مصاحباً لعمر الثورة، و لا يزال يردد في المساجد ونحوها، وانتقل إلى لبنان، بحكم الوجود الشيعي هناك". (الاقتباسات من كتاب: شيعة اليمن، إصدار مركز المسبار، تموز /يوليو 2009). الباحث الأميركي سايمون هندرسون لم يغفل أيضاً تحليل الشعار الحوثي الذي أشار إلى أنه يوحي بوجود أهداف تتجاوز بكثير السعي الى تحقيق الحكم الذاتي المحلي!وإذا كان الشيطان يكمن في التفاصيل، فإن &laqascii117o;الشيطان" الحوثي يكمن في الشعار .. الإيراني المنشأ. لعلنا نستذكر هنا الصورة التي نشرتها بعض الصحف قبل شهرين أو ثلاثة، أي قبل اعتداء الحوثيين على الحدود السعودية بمدة كافية، لأحد المقاتلين الحوثيين واقفاً بجوار دبابة معلَّق على فوهتها الشعار الحوثي، ولكن بعد تطويره لينسجم مع المرحلة القادمة لهم، بصيغة: (الله أكبر / الموت لأميركا / الموت لإسرائيل / الموت للسعودية)! هذا التعديل المبكر على الشعار يؤكد ما أشار إليه هندرسون من أن مشكلة الحوثيين لم تكن منذ جذورها مشكلة داخلية مع الحكومة اليمنية فحسب، بل هي أكبر من ذلك .. ربما أكبر بكثير! العلاقة بين الحوثيين وإيران لم تبق متخفية تحت الشعار المستورد فحسب، لكنها ظهرت جلية بعد أن طفح كيل التعاطف الإيراني على لسان الوزير الإيراني متقي الذي حذر الحكومة اليمنية و (جيرانها) من عواقب تصديهم للمتمردين الحوثيين. لم تتوقف إيران عن هذا التهديد المبطن، حتى اتهم رئيس مجلس الشورى الإيراني لاريجاني، قبل أمس، السعودية بالتواطؤ مع أميركا لقصف الحوثيين. وقال لاريجاني بالحرف: &laqascii117o;إن التدخل السعودي في اليمن من خلال عمليات القصف الجوي المتكررة ضد المسلمين، أمر غير مقبول". وسيلاحظ القارئ أن لغة لاريجاني، المدسوسة، تظهر لسامعيه أن القتال هو من دولة غير مسلمة ضد مسلمين عزّل! يتذاكى لاريجاني كثيراً حين يصف الحوثيين بــ &laqascii117o; المسلمين"، ولا يصفهم بما استثار نخوته وحنانه عليهم. ولا أحد يمكن أن يتنبأ بما يمكن أن يجيب عنه لاريجاني لو سُئل عن مشاعره تجاه &laqascii117o;المسلمين" الإيرانيين الذين تطاردهم قوات الشرطة والجيش الإيراني في شوارع طهران وتعذبهم وتقتلهم لمجرد أنهم اعترضوا على نتائج انتخابات، وبأي منطق عسكري كانت الحكومة الإيرانية ستتصرف مع &laqascii117o;المسلمين" الإيرانيين لو استخدموا ما استخدمه الحوثيون من أسلحة عسكرية احترافية، لا يملكها الإصلاحيون / المستضعفون .. المسلمون الأجدر بعواطف لاريجاني. أصبحت ملامح، بل خطوط، الهلال الشيعي المحيط بشمال شبه الجزيرة العربية بائنة حتى للذين لا يؤمنون برؤية الأهلة! الأطماع الشيعية ربما تفاقمت في التوسع، بحثاً عن &laqascii117o;نجمة" في الجنوب تقابل &laqascii117o;الهلال" الشيعي، فكانت التحركات الحوثية لجعل اليمن هو النجمة في &laqascii117o;العَلَم" الشيعي الذي يراد له أن يرفرف ويغطي المنطقة. لكن الأطماع المتمادية لرسم النجمة في الراية الشيعية قد تكون هي البداية لسقوط الهلال والراية الشيعية كلها!.