- 'النهار'
أهلُنا في الضاحية أهلُنا في حزب الله
بقلم ميشال هليّل:
يستطيع حزب الله كما بعد كل 'عملية نوعية' ان يرتاح، فيجلس في احدى قاعاته الفسيحة الرحبة، مسوَّرا بالآيات، محاطا بالصور، مزيّنا بالاعلام اللاهبة الصفراء، لا لتقبّل التهاني والتبريك بل للتبصّر والتأمل والتفكير، فما اقدم عليه في الورقة التأسيسية الجديدة، كما تجرأ عليه في الضاحية الجنوبية العتيقة، وهما امران اظهرا اولا واخيرا انه برغم تسميته هو حزب الارض والوطن والناس. والناس ليسوا فقط الموجودين في الضاحية، بل المنتشرين في كل لبنان، وهم مخلصون، وهم صادقون، وهم يتمنون لحزب الله، ما يتمنونه لأنفسهم بل ما يتمنونه للبنان، الذي يبقى ويجب ان يبقى، وطن الحزب ووطن الضاحية وكل الناس. هم اولا لا يريدون له ان يخسر في السلم ما لم يخسره في الحرب، وحزب الله يعلم ان اسرائيل موجودة في السلم اكثر منها في الحرب، وبأشكال وأنواع، فهي احيانا الظلم واحيانا الفقر، وهي الحقد كل حين، واسرائيل تريده ان يسقط ويزول، ليس هو فحسب، بل كذلك جميع اللبنانيين، بأحزابهم ومؤسساتهم وجماعاتهم، لانهم موجودون فقط ولان وجودهم مهدّد لوجودها، وانفتاحهم معاكس لانغلاقها، وتعايشهم الحضاري مناقض لها ولوحشيتها وعنصريتها. وهم ثانيا لا يريدون لحزب الله ان يخرج على لبنانيته، ولذلك تراهم يرحّبون بكل ورقة او عبارة او كلمة يذكر فيها لبنان، ليس لانهم يشكّكون بوطنيته، وقد اعطى الوطن اعز ما لديه، بل لان اغراءات الخارج كثيرة، وسبق وتعرض لتجاربها جميع الاطراف من دون استثناء، ليكتشف الجميع ومن دون استثناء ان لا بقاء ولا استمرار ولا وفاء الا للبنان. وهم ثالثا وهذا الاهم، لا يريدون لحزب الله ان يضعف، وبطريقة اوضح لا يريدون ان يحصل للشيعة ما حصل لسائر الطوائف من احباط ليس حصرا بالمعنى العسكري، بل بالمعنى السياسي والاجتماعي والشعبي، وقد اختبروا ان اصابة اي من الاعضاء تؤدي الى مرض الجسم كله، والجسم اللبناني يكون سليما اذا كانت كل طوائفه سالمة ومسالمة وسليمة. وحزب الله يريد ان يكون كذلك، او بالاحرى لا يستطيع الا ان يكون كذلك لانه حريص على ذاته وعلى لبنان. ولذلك فهو يعلم بل اكثر من يعلم، ان وجود السلاح بين الناس هو خطر على الحزب والناس، لان السلاح اذا سُدّت امامه الجبهة، كما صار الوضع الآن، يشقّ لنفسه جبهات وتجري 'معارك' في غير مكانها وتسقط ضحايا في غير زمانها، لذلك نحن لا نستطيع ان نصدّق الا حقيقة واحدة وحيدة، هي ان الحزب يسعى ولو على طريقته الى نزع السلاح، بل انه يسعى الى ما هو ابعد من ذلك، اي الى نزع الروح العنفية من مجتمعه واهله وابنائه، روح فرضتها ظروف المواجهات الصعبة وقسوة القتال. فالقانون الذي يعود الى الضاحية الجنوبية هو الذي يُرعب اسرائيل، والدستور الذي يطغى على الورقة التأسيسية هو الذي يخيفها، وهي اساسا معادية لكل قانون الا قانون عنصريتها ومناهضة لكل دستور الا دستور عصبيتها، وقد قامت على شن الحروب وشهر السيوف، فاذا كان السلاح سابقا مطلبا جامعا للحفاظ على الوطن، فان نزعه يفترض ان يتحول قناعة شاملة للحفاظ على المواطنين، وقد بات لديهم سلاح اقوى يحميهم هو الديموقراطية فيما الحراب تحمي اسرائيل. ولن تستطيع بسمومها ان تزرع الشقاق، ولو قالت ان حزب الله صار الجيش وقادته هم الدولة، فنحن نعلم ان لدينا جيشا ودولة كما لنا اهلنا في الحزب والضاحية، ولدينا رئيس يكسب اعتزاز العالم... ويثير غضب اسرائيل.
- 'الشرق'
أحمدي نجاد يكشف المؤامرة الأميركية لمنع ظهور'المهدي المنتظر'!
ميرفت سيوفي:
أن يبلغ رئيس دولة كبرى صاحبة حضارة تاريخية كبرى ضاربة في التاريخ، هذا المبلغ في تصريحاته فهذا يعني أنه في 'أزمة' حقيقية وعلى مختلف المستويات... فقد تناقلت وسائل الإعلام بالأمس كلاماً لأحمدي نجاد 'رشق' به الشعب الإيراني، بدا وكأنه يحضّرهم نفسياً إلى أن أميركا ستنفّذ اعتداءً على إيران لسبب خطير عقائدي - ديني ويستحق موت الشعب الإيراني لمواجهته، فقد ألقى نجاد في وجه العالم بكلام قد يعتبره البعض 'كلاماً مجنوناً'، ولكن الحقيقة هو 'كلام يعتقده علماء' وينظّرون له أيضاً، فلم يُلام أحمدي نجاد إذا ما تفوّه به؟! وما قاله أحمدي نجاد خلال جولة له في مدن إيرانية منذ ايام، هو الآتي: 'إن سبب هجوم أميركا العسكري على بعض دول المنطقة هو علمهم بأنه سيظهر رجل في هذه المنطقة ليقضي على جميع الظالمين )...( إن الولايات المتحدة تعتقد أن المهدي سوف يظهر في الشرق الأوسط ويجفف منابع الظلم الموجود في العالم)...(وهم يعلمون أن الأمة الإيرانية سوف تساعد في تهيئة الأمور لظهوره وستؤيد حكمه'. وهذا الكلام نقلته وسائل الإعلام عن وكالة 'مهر' الإيرانية للأنباء وهي وكالة شبه رسمية، فقد أعلن أحمدي نجاد الأسبوع الماضي خلال زيارته محافظة أصفهان إلى الهجوم الذي شنته أميركا وحلفاؤها خلال الأعوام الماضية على بعض الدول في المنطقة، فقال: 'إن السبب الذي دفعهم لشن هذا الهجوم والذي لم يصرحوا به هو علمهم بأنه سيأتي يوم يظهر فيه رجل من نسل آل الرسول محمد (ص) في هذه المنطقة ويقضي على جميع الظالمين في العالم والشعب الإيراني من بين أنصار هذا الرجل'. وأضاف الرئيس الإيراني وبمنتهى الجدّية: 'أن إيران لديها وثائق تثبت ذلك'. قد يجد البعض الكثير في هكذا تصريح مادة دسمة للضحك والسُخرية، إلا أننا نأخذ هذا الكلام على محمل الجد وبمنتهى الدقّة نتعامل معه، لأنه أكثر بكثير من 'سفسطة سياسيّة' أو كلام شعبوي - كما وصفه المرجع الشيعي المعارض حسين المؤيد ـ فالرئيس الإيراني وإن كان يتفوّه بما يُثير الضحك ويتحوّل إلى مادة للتندّر، إلا أنه يقول 'ما يعتقد أنه حقيقة - وهو يعيش ويمارس السياسية ويقود بلاده إلى حتفها، وهو مقتنع قناعة تامّة بكل ما يفعله، على اعتبار أنه 'عقيدته'. فقد أثار تقرير حول تصريحات نجاد نشره موقع 'العربية.نت' في نسخته الانكليزية الاثنين 7/12/2009 ردود فعل بين قرّائه، شككت معظمها في كلامه. كما نقل موقع 'فوكس نيوز' متقتطفات من التقرير. والرئيس الإيراني أحمدي نجاد، ليس الأول في تاريخ البشريّة الذي يعيش تحت وطأة ما يعتقد ويتصرّف على هذا الأساس، وهو'صادق' في قوله أن إيران تملك الدليل، فكتب ومصنّفات بالآلاف صادرة عن دور نشر منها ما يعتبر مصدراً من كتب التراث، ومنها ما هو مرجع، وساهمت التكنولوجيا في أن أصبحت هذه الكتب متوافرة وبمتناول الجميع لأنها منشورة على المكتبات الالكترونية أو عبر مواقع أصحابها على شبكة الانترنت... و نجاد يخاطب شعبه محوّلاً الحرب على المشروع النووي الإيراني حرباً دينية لمنع ظهور المهدي، وهو بهذا يقود إيران إلى عملية انتحار غير مسبوقة في تاريخ الشعوب تحت عنوان 'اجتهادي'، لأن كل ما يقال في تأويل أو تفسير الأحاديث الخاصة بظهور المهدي المنتظر، هي اجتهاد وتأويل لأصحابها لا أكثر، والتفسير والتأويل ليس 'عقيدة' بل اجتهاد لشخص يخطئ ويصيب... وعندما يقول نجاد إيران تملك الأدلة، فهو لا يكذب، فما اعتقده بسبب قراءته لهذه التأويلات والتفسيرات المنتشرة في المؤلفات عن ظهور المهدي المنتظر في الفكر الشيعي قديمة جداً، خصوصاً تلك التي جعلت منه 'ممهداً لظهور المهدي' ترضي نفسه وإعجابه بها، وأدلة أحمدي نجاد موجودة في مئات من الكتب.. ومن بين هذه الكتب نختار مقدّمة الطبعة السابعة عشرة من كتاب المرجع الشيعي علي الكوراني العاملي 'عصر الظهور' - المنشور على موقعه الألكتروني: www.alameli.net والتي كتبها في العام 1423 هـ، أي منذ سبع سنوات - أعيد نشر الكتاب بمقدمة جديدة عام 1427 أي منذ ثلاث سنوات تاريخ وقوع حرب تموز في العام 2006، ويقول الكوراني في مقدمته - وهو مرجع ذو مكانة في قم ويتولّى التدريس في حوزاتها - '(...) كما أن أكبر عمل إعلامي صدر عن أعداء الإمام المهدي عليه السلام في هذه المدة (زمن انتصار الثورة الخمينية في إيران) يتعلق بعقيدة المهدية مباشرة، هو فيلم (نوستر آداموس) الذي بثته شبكات التلفزيون الأميركية على مدى ثلاثة أشهر متواصلة! وهو فيلم عن قصة حياة المنجم والطبيب الفرنسي (ميشيل نوستر آداموس) الذي عاش قبل نحو 500 سنة وكتب نبوءاته عن المستقبل، وأهمها نبوءته بظهور حفيد للنبي صلى الله عليه وآله يوحد المسلمين تحت رايته، وينتصر على الأوربيين، ويدمر المدينة أو المدن العظيمة في الأرض الجديدة ! ويبدو أن اليهود كانوا وراء صناعة هذا الفيلم، وهدفهم منه تعبئة الشعب الأميركي والشعوب الأوربية ضد المسلمين، باعتبارهم الخطر الذي يهدد الغرب وحضارته'.. ويتابع الكوراني في مقدمته: '(...) فأعداؤنا إذن (مضطرون الى الدعاية) للإمام المهدي (ع) وصناعة الأفلام حوله! وسوف يزداد اضطرارهم إلى ذلك لمواجهة المد الإسلامي المتطلع إلى قائده الموعود عليه السلام، ومواجهة هذا القائد عندما ينكشف لهم أن أمره كان صحيحاً (...) ومهما قال القائلون في تقييم الثورة الإيرانية سياسياً، فإن المتفق عليه أنها من ناحية عقيدية حركة ممهدة للإمام المهدي (ع). في إيران تشعر أن حضور المهدي المنتظر (ع)، هو الحضور الأكبر من الثورة وقادتها! فهو القائد الحقيقي للثورة والدولة، الذي يذكر اسمه قادة الثورة والدولة باحترام وتقديس (...) وإنما البلد بلده، وغاية ما نرجوه أن نسلّم البلد إلى صاحبه الأصلي الإمام المهدي (ع) هو السيد الحاضر بقدسية، وفي ضمير المقاتلين في إيران ولبنان (وضعوا ستين ألف خط تحت لبنان)، الذين يذوبون إليه شوقاً ودموعاً، ويرونه في منامهم، ويرون ملائكته في يقظتهم، ويستشرفونه بأرواحهم (...) (قم المشرفة 25 محرّم الحرام 1424 - علي الكوراني العاملي)... ثمة أمر ملحّ علينا أن نضيفه في خاتمة هذا الهامش، وهو أخطر ما يواجه لبنان واللبنانيين، هو أن حزب الله وبتعبيته العضوية الدينية والعسكرية والتجهيزية عديداً وعتاداً والسياسية والمالية والتربوية للولي الفقيه في إيران، يعتقد وبالحرف ما يعتقده أحمدي نجاد، ويعتقد ما خطه الكوراني في مقدّمته، وللباحثين عن تفسير للفصل الأول - الهيمنـة والاستنهاض، من وثيقة حزب الله السياسية، بعناوينه: أولاً: العالم والهيمنة الغربية والأميركية - ثانياً : منطقتنا والمشروع الأميركي، جواباً شافياً وكافياً يجده في تصريحات أحمدي نجاد واكتشافه المؤامرة الأميركية لمنع ظهور 'المهدي' كما تُنّظر له إيران !!.