- 'النهار'
إسرائيل: حذر عسكري تهوّر سياسي
بقلم رنده حيدر:
يمكن القول إن الإنجاز السياسي الأساس لحكومة بنيامين نتنياهو خلال أقل من عام على توليها لمسؤولياتها هو تيئيس الفلسطينيين والعرب من عملية السلام، ودفع الأميركيين الى فقدان الأمل بتحقيق حل الدولتين لشعبين، ودفع الوضع برمته الى حافة الإنفجار الكبير الذي قد لا يتقتصر على الضفة وغزة وانما قد يصل الى لبنان.
تصر حكومة نتنياهو على رفضها تقديم أي تنازل لأي طرف. وتبعث بالتهديدات والتحذيرات بالحرب في كل اتجاه. فتحمّل السلطة الفلسطينية مسؤولية الوقوف ضد استئناف المفاوضات، وتهدد الحكومة اللبنانية وتحملها مسؤولية أي عمل هجومي يقوم به 'حزب الله' ضدها، وتحذر حركة 'حماس' من شن عملية عسكرية جديدة على غزة في حال عادت الى اطلاق صواريخ القسام على المستوطنات اليهودية. ولا تتوقف عن التحذير من الخطر الأكبر الذي يمثله حصول إيران على السلاح النووي.
من يتابع عن كثب جدول أعمال حكومة نتنياهو يدرك بسرعة ان أولويات هذه الحكومة ليست التفاوض مع الفلسطينيين، ولا تحريك العملية السلمية مع سوريا، وإنما تفادي السلام عبر التهديد و التخطيط للحرب، أو بالأحرى للحروب الكثيرة المحتملة التي تتهدد إسرائيل، وتحاول جاهدة إقناع الرأي العام الإسرئيلي بها. ولكن مقارنة ما تقوله القيادة السياسية في إسرائيل بما يصدر عن قياداتها العسكرية يُظهر كأنهما تبادلا الأدوار. ففي الوقت الذي تعالج فيه القيادة السياسية المشكلات السياسية الراهنة، باعتبار الحرب هي الأفق الوحيد المتاح؛ نجد من ناحية أخرى قيادة الجيش الإسرائيلي المولجة بوضع خطط المواجهة العسكرية، تُظهر حذراً أكبر ازاء دخول إسرائيل في مواجهة عسكرية جديدة، وذلك في ضوء حقيقتين أساسيتين أبرزتهما المواجهات الأخيرة بين الجيش الإسرائيلي وكل من'حزب الله' في لبنان وحركة'حماس' في غزة.
الحقيقة الأولى عدم توصل القيادة العسكرية للجيش الإسرائيلي على الرغم من كل عمليات استخلاص الدروس التي قامت بها الى المعادلة 'الأفضل' لخوض حرب 'غير متكافئة' بين جيش نظامي تقليدي وتنظيمات مسلحة دون الاستخدام المفرط للقوة والتعرض للمحاسبة الدولية كما جرى في عملية 'الرصاص المسبوك' على غزة. ومن ناحية أخرى عدم قدرة الجيش الإسرائيلي في هذا النوع من المواجهات على تحقيق ما يمكن يعتبره نصراً عسكرياً حاسماً، كما رأينا في حرب تموز 2006 والحرب على غزة، مما سمح للخصم بتصوير نتائج المواجهة انتصارا له. تعترف قيادة الجيش الإسرائيلي بعدم وجود حلول حاسمة لا لمشكلة صورايخ القسام من غزة، ولا لصواريخ حزب الله المتوسطة والبعيدة المدى. وأكبر دليل على ذلك ما قاله بوضوح قائد المنطقة الشمالية اللواء غادي آيزنكوت بأن الجيش الإسرائيلي يملك 'رداً موضعياً' على سيناريوات الحرب ضد حزب الله، وليس لديه جواب قاطع ونهائي.
منذ صيف 2006 ، يقوم الجيش الإسرائيلي باعداد العدة لمواجهة اندلاع حرب على الحدود الجنوبية والشمالية لإسرائيل، ويعمل على تحضير الجبهة الداخلية لكل أنواع السيناريوات. مثل مشروع 'القبة الحديدة' وهو جهاز متطور وحديث لإعتراض أي صاروخ يطلق من غزة في اتجاه إسرائيل؛ وتوزيع الأقنعة المضادة للغازات على سكان إسرئيل تحسباً لهجوم غير تقليدي، والاعداد المحكم لخطة متعددة البعد على 'حزب الله' وتقوم على التنسيق الكامل بين أسلحة الجو والبر والبحر، والتحضير لضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، ولكل السيناريوات التي قد تترتب عن مثل هذا الهجوم مثل تعرض إسرائيل لهجوم بالصورايخ من جانب إيران، وامكان دخول سوريا على خط المواجهة العسكرية. وفي نظر الجيش الإسرائيلي الانجاز الأساسي للمواجهات العسكرية الأخيرة ضد 'حزب الله' و'حماس' هو استعادة إسرائيل طاقتها على الردع عبر اظهار قدرتها الهائلة على التدمير. والأرجح أن قيادة هذا الجيش لن تجازف في الدخول في مواجهة جديدة قبل التأكد من استنفاد كل الوسائل لتحقيق الأهداف السياسية قبل اللجوء الى القوة.
- 'النهار'
لبنان والشرق الأوسط في الصحافة الاسرائيلية: شيفرة الشمال
المرصد:
كتب أمير أورون في صحيفة 'هآرتس' مقالا عنوانه 'شيفرة الشمال' تناول فيه الوضعين العسكري والسياسي على الجبهة الشمالية لاسرائيل مع لبنان وسوريا، قال: 'منذ نحو ثلاث سنوات ونصف سنة وقائد المنطقة الشمالية هو غادي ايزنكوت. حين استقال من منصبه الجنرال عودي آدم، يطارده فشله في لبنان، رفض ايزنكوت ان يتسلم المنصب محله. في ضوء موقفه، سعى وزير الدفاع عمير بيرتس الى نقل يؤاف غلانت شمالا من قيادة المنطقة الجنوبية. رئيس الاركان، دان حالوتس، لم يوافق، وامتشق بيرتس، الواحد تلو الاخر، جنرالين متقاعدين في سن اكثر من 60 سنة، ايلان بيران وعميرام ليفين.
لم تنجح أي من هذه الخطط. وعندما استدعي ايزنكوت مرة اخرى الى غرفة بيرتس في حضور حالوتس، تبين ان معارضته للتعيين ليست قاطعة بهذا القدر. ومع ان رئيس الاركان غابي اشكنازي وكذلك نائبه بني غنتس كانا في السنوات السبع قبل عودي آدم قائدين للمنطقة الشمالية، فان ايزنكوت هو الآن افضل الخبراء في شؤون الجبهة ومن سيكون مطالبا بأن يقود القوات فيها اذا ما نشبت حرب. مرؤوسه الكبير سيكون قائد الفيلق 446، الجنرال غرينشون هكوهن. ايزنكوت وهكوهن بسطا أول من أمس مذهبيهما في معهد بحوث الامن القومي في تل ابيب. كلاهما ضابط مهم ومجرب، يجيدان تحليل الاوضاع والتفكير في معانيها، لكنهما يكتفيان بعرض علني لمقاولي تنفيذ صغيري الرأس. الثنائي الشمالي يصمت بينما الثنائي السياسي، بنيامين نتنياهو وإيهود باراك، يقود اسرائيل الى مصيبة سياسية وأمنية. الهدوء على الحدود وهمي، كذاك الذي أنام اسرائيل في بداية السبعينات، في السنوات الثلاث بين نهاية حرب الاستنزاف ونشوب حرب يوم الغفران. باراك، وزير الدفاع في الحكومة الذي ادار محادثات مع الفلسطينيين عشية مؤتمر أنابوليس، ساعد في دفن المسيرة اذ اتاح لنتنياهو اماتة ما لا ينجح الان في احيائه.
من دون التقدم مع الفلسطينيين لن يكون تقدم مع السوريين. المبادرة هي في يد (الرئيس بشار) الاسد، الذي يستطيع العمل عسكريا في جملة من الاساليب: بصواريخ أرض - أرض، بالكوماندو الذي يتسلل الى جبل الشيخ او الى بلدة درزية في الجولان، بعمليات حزب الله، وكبديل أخير اضطراري بتحريك المدرعات نحو الخط. ستقع جلبة، الاميركيون سيتدخلون والمسيرة ستعاود في أجواء من التصميم السوري على استعادة الكرامة والأرض.
من أقوال ايزنكوت وهكوهن يتبين ان للجيش الاسرائيلي في السيناريوات المختلفة 'رداً' ولكن ليس لديه جواب. اذا ما قرر الاسد الاقتداء بأنور السادات، شريك أبيه في 1973، وضرب اسرائيل لاصابتها بجروح، قواعدها الجوية ومنشآتها من البنية التحتية وعزتها، فانها لن تتمكن من منعه من تحقيق انتصار في الوعي وفي السياسة، أياً يكن الثمن العسكري والاقتصادي الذي ستتقاضاه منه. هذه هي شيفرة الشمال، التي يعمد قادته على حل لغزها للجمهور الاسرائيلي الذي سيتحمل نتائجها. وفي صالحهم يحتمل ان يكونوا يخشون اجتياحاً للارض المجردة من السلاح التي بين القيادة السياسية والعسكرية او تخوفهم من ان يكشفوا امام السوريين المزاج في القيادة العليا في الجيش الاسرائيلي. وفي طالحهم، ان هذه خيانة لمسؤوليتهم العليا – منع حرب لا داعي لها'.
- 'الشرق الأوسط'
بين حسن الصفار والعريفي
داود الشريان:
قبل أسابيع ألقى الواعظ السعودي محمد العريفي خطبةً جرح فيها المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني، وأحدثت هذه الخطبة ردود فعل غاضبة في السعودية وخارجها. وقبل أيام رد الشيخ حسن الصفار على كلام العريفي من على منبره في مدينة القطيف شرق السعودية، وقال: &laqascii117o;أعتقد بأن هذا الشيخ وأمثاله لا يجرؤ أن يصف بهذه الصفات زعيم المسيحيين، لا يجرؤ ان يصف البابا بهذه الصفات، ونحن لا نقبل طبعاً بأن يصف البابا بهذه الصفات، لكنه لا يتجرأ أن يصف زعيم المسيحيين ولا زعيم الديانة اليهودية، ولا زعيم البوذيين، ولا زعيم أي من الديانات. قبل سنوات نشرت كاتبة في جريدة الرياض مقالاً فيه نوع من الإساءة الى الديانة اليهودية أو اليهود من الناحية الدينية، صارت ضجة، واضطرت الرياض لنشر مقال اعتذار عن ذلك المقال والكلمة.
هذا مع الآخرين، وتجاه مرجعية شيعية، يتحدث هذا (العريفي) في خطبة جمعة وخطابه ينتشر، ولا اعتذار ولا كلام، وكأن الموضوع مقبول من الجميع . إن شاء الله هذا غير مقبول، إن شاء الله هذا تصرف فردي وشخصي، لكن المطلوب ان يكون هناك اعتذار، والمطلوب أن يكون هناك رد، المطلوب ان يكون هناك توضيح، لأن في هذا إساءة الى طائفة كبيرة من المسلمين". الشيخ الصفار أثار قضيتين مهمتين في خطبته، الأولى انه كان على الجهة التي يعمل لديها العريفي أن تصدر اعتذاراً للمواطنين السعوديين الذين مست مشاعرهم خطبته. فهو ألقى الخطبة المسيئة من على منبر الجمعة، ومنابر الجمعة تتبع لوزارة الشؤون الإسلامية، وترك الخطبة تمضي من دون توضيح واعتذار يعني ان منابر الجمعة في البلد أصبحت تعبيراً شخصياً عن الخطباء، وهذه قضية خطيرة، تحتاج معاودة نظر، فضلاً عن ان هذه المنابر ينبغي أن تبتعد عن التجريح والشحن المذهبي والطائفي، وتمتنع عن زج الدين في السياسة، وتستثمرها لإشاعة الاعتدال والتعايش والوفاق، وتأكيد وحدة البلد.
القضية الأخرى التي أثارها كلام الشيخ حسن الصفار هي ان الخطاب الإسلامي تجاوز، في السنوات الأخيرة، وإلى حد بعيد، التعرض للأديان الأخرى السماوية، لكنه ما زال متمسكاً بالشحن المذهبي، بل ان الخطباء والوعاظ المتطرفين من الجانبين ساهموا في تأجيج الفتنة المذهبية بين المسلمين، وسخّروا الخطاب الديني لإشاعة حال من الكراهية بين أبناء البلد الواحد، ولا بد من وضع حد لهذا النزق.