- 'السفير'
معركة العرب العراقية
ساطع نور الدين:
..لامس الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى في قمة سرت واحدة من أخطر الحساسيات العربية عندما جدد طرح فكرة الحوار العربي الايراني، في سياق مشروع الجوار العربي. وبما يشبه الاجماع، سقط الاقتراح، وقوبل بالرفض الصريح من جانب غالبية الوفود العربية التي تناهض ايران وتدخلها في شؤون العراق ولبنان وفلسطين، او بالصمت البليغ من قبل بقية الوفود التي كانت توصف بأنها حليفة او قريبة من طهران. وكان سقوط الاقتراح بمثابة قرار عربي ضمني بالمضي نحو المواجهة مع ايران، في ساحات نفوذها العراقية أولاً ثم اللبنانية والفلسطينية..
هذا هو الجوهر الوحيد لقمة سرت، التي يبدو انها اختارت ان تبلغ الأميركيين والإسرائيليين على حد سواء انها قررت السير في عملية احتواء ايران مقابل الحصول على تسوية فلسطينية تهدئ الشارع العربي والاسلامي وتفرغ النفوذ الايراني من احد اهم مضامينه..على ان يكون العراق هو الهدف الاول، لا سيما في ضوء القرار العربي، الإجماعي ايضا، بالاستفادة من فرصة الانتخابات النيابية العراقية من اجل التصدي للتوسع الايراني بواسطة مرشح العرب الاول الدكتور اياد علاوي، الذي حقق فوزاً مفاجئاً وتحوّل الى مركز استقطاب مهم لن يكون من السهل تخطيه لدى تشكيل الحكومة العراقية المقبلة..
- 'النهار'
عن كلام الرئيس السوري
نايلة تويني:
في ظاهر الكلام وجه الرئيس السوري بشار الاسد اكثر من رسالة ايجابية تجاه لبنان خلال حديثه المتلفز الاربعاء الماضي، وكان طابعه انفتاحيا، متسامحا، حريصا على 'الاخوة' الشائكة بين البلدين 'الشقيقين' رغما عنهما.
لكن الواقع ان ثمة تناقضات لم يرد كثيرون ان يتنبهوا لها. سواء من حلفاء دمشق الدائمين الذين لا يرون الاشياء على حقيقتها، او ربما لا يريدون وضوح الرؤية ولا يطلبونها، وربما، وهو الاصح، انهم لا يجرأون على ذلك. ام من حلفاء دمشق الجدد الذين ندم بعضهم على مرحلة سابقة، ويحاول البعض الآخر التفتيش عن الايجابيات سعيا الى تمتين علاقة مبتدئة، باقتناع داخلي او بارادة خارجية، لا فرق ما دامت النتيجة واحدة. في التناقضات التي من الواجب التوقف عندها، بل لنقل ابرزها الآتي:
- شدد الرئيس الاسد على عدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية الا ان الملف اللبناني استأثر بمعظم الوقت. ولا يمكننا القول ان مقدم البرنامج تمكن من الذهاب بالحوار الى حيث يريد، فما هكذا تتم المقابلات مع رؤساء الدول بل تحضر بدقة متناهية.
- قال انه هو من طرح موضوع قيام السفارتين في بيروت ودمشق في العام 2005، والواقع انه مطلب تاريخي للبنان ولم يتحقق الا في لحظة التحول السياسي الدولي والاقليمي والذي لم يكن مؤاتيا لنظام دمشق.
- تحدث الرئيس السوري عن 'بازار المحاكم الدولية الذي فقد وهجه' بينما اكد مرارا اصراره على معرفة الحقيقة وتبرئة سوريا في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، ولم يطلعنا على كيفية بلوغ هذه الحقيقة اذا كانت سوريا لا تتعاون مع التحقيق، ولم تبادر الى البحث عن حقيقة ما جرى عندما وقعت جريمة وجرائم في عهد وصايتها وسيطرتها على البلاد.
- تحدث بايجابية عن النائب وليد جنبلاط لكنه ترك امر استقباله وتحديد موعد الزيارة الى السيد حسن نصرالله ولاحظ ان جنبلاط 'قال المضمون الذي نريده'. فماذا بعد وهل صحيح 'ان سوريا لا تبحث عن اعتذار وليست لدينا عقدة القوة'؟
- في موضوع مزارع شبعا كان الرئيس السوري ايجابيا وسلبيا في الوقت عينه اذ انه لا يملك صك ملكية الارض لكنه يرفض البدء بترسيم الحدود من الجنوب، ويفضل البدء من الشمال، فلا تصل العملية الى المزارع قبل اعوام، هذا اذا تمكنت الفرق المكلفة من المسح والترسيم في المنطقة.
- قال الرئيس الاسد ان سوريا تدعم الرئيس سليمان وهذا ايجابي. لكن 'بالقدر نفسه الذي دعمنا به الرئيسين السابقين الياس الهراوي واميل لحود'، فهذا غير ايجابي على الاطلاق، اذ تحول الدعم في مراحل عدة خناقا على رقبتي الرئيسين لم يتمكنا في ظله من اتخاذ اي قرار قبل نيل الموافقة والرضى السوريين.
لا نريد ان نعادي سوريا لهواية في العداوة، ولا نعترض على كلام لرغبة في الاعتراض، لكننا ننتقد لتحسين تلك العلاقة وجعلها 'شقيقة واخوية' من باب التعاون الحقيقي البناء، والشفافية، والندية، ولا اعلم لماذا صاروا يخافون تلك الكلمة، فسوريا لا تتعامل مع دول العالم الا بالندية، فهل يجوز لها ما لا يجوز لغيرها؟.
- 'الأخبار'
التصعيد الإسرائيلي هل يمهّد لإستراتيجية الترحيل؟
نزار عبود:
هل تقترب إسرائيل عبر تصعيدها الديني والعسكري الأخيرين من تطبيق استراتيجيتها التهويدية بترحيل الفلسطينيين جماعياً والاستئثار بفلسطين كاملة؟ إنها استراتيجية &laqascii117o;كلب مسعور يتفادى الجميع استفزازه"، كما وصفها وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه دايان، الذي خاض حرب عام 1967، التي اقتبسها منه أحد المؤرخين المنظّرين لـ&laqascii117o;عقيدة الضاحية".
بشّر أستاذ التاريخ الحربي في الجامعة العبرية في القدس مارتين فان كريفيلد، بقرب حدوث الترحيل عندما قال في أواخر عهد رئيس الوزراء السابق يهود أولمرت: &laqascii117o;ينبغي ترحيل الفلسطينيين. قبل عامين كانت نسبة الإسرائيليين الذين يؤمنون بأن هذا هو الحل 7 أو 8 في المئة. وقبل شهرين وصلت إلى 33 في المئة. واليوم أظهر استطلاع رأي أجرته وكالة غالوب أن النسبة وصلت إلى 44 في المئة". وأكد كريفيلد أن شارون كان يرغب في تنفيذ الترحيل من خلال تصعيد الصراع، &laqascii117o;لأنه كان يعلم أن ليس هناك من حل ناجح غيره".
كريفيلد من المؤرخين الذين يرون أن القوي يخسر دائماً في حربه مع الضعيف، إلا إذا تخلى عن المبادئ. إنه صاحب 17 مؤلفاً عن التاريخ الحربي والاستراتيجيا. وفي كتابه الصادر في عام 1991 &laqascii117o;تحولات الحرب" الذي ترجم لعدة لغات بينها الروسية والألمانية والإسبانية، طرح نظرية جديدة تشخّص الحروب التي وقعت بعد الحرب العالمية الثانية، منتقداً نظريات أسلافه، وواصفاً إياها بـ&laqascii117o;الضيقة" لأنها تميز بين شؤون الشعوب والحكومات والجيوش، داعياً إلى التكيف مع المتغيرات لدرء الأخطار، وإلا تصبح القوانين الدولية عبئاً استراتيجياً مكلفاً.
وفي طرح يعيد خلط الأوراق بالنسبة إلى المعاهدات الدولية الخاصة بحماية المدنيين في زمن الحرب، وعلى الأخص معاهدات جنيف والقانون الإنساني الدولي، رأى أن النظريات السابقة كانت عاجزة عن دراسة &laqascii117o;الصراعات التي تشارك فيها تنظيمات غير حكومية".
وطرح في المقابل قضايا رئيسية تتعلق بالحروب الحديثة. الأولى تتعلق بمن يخوض الحرب (حكومة أو غير حكومة)، والثانية عن مضمون الحرب (العلاقة بين المقاتلين من جهة وغير المقاتلين من جهة أخرى)، والثالثة كيفية خوض الحرب (تتعلق بالاستراتيجية والتكتيك)، والرابعة تتعلق بالهدف من الحرب (لتعزيز القوة الوطنية، أم تكون الحرب هدفاً في حد ذاتها)، والخامسة تتعلق بأسباب خوض الحرب (وهذه مرتبطة بدوافع الجندي للقتال).
وخلص كريفيلد إلى أن معظم الحروب التي خيضت بعد نهاية الحرب الثانية كانت صراعات منخفضة الكثافة غالباً ما تخسرها الدول القوية نتيجة اضمحلال ظاهرة الدول القومية &laqascii117o;التي لم يواكبها انحسار في العنف المنظم". في المقابل، فإن الجيوش تواصل التدرب على خوض حروب تقليدية وتستعد لها بالعتاد المناسب، ولا تستعد لخوض حروب منخفضة الكثافة. وبالتالي، رأى أن الواجب يحتّم على الدول أن تبدّل أسلوب التدريب وتعيد النظر بمعداتها القتالية واللوجستية.
هذه النظرية حظيت باهتمام عسكري واسع في الغرب، بحيث إن ضباط الجيش الأميركي يدرسون كتابه ضمن مناهجهم الأكاديمية. وانطلاقاً منها، أعرب كريفيلد في مقابلة تلفزيونية أجريت معه عام 2002 عن تشكّكه في قدرة إسرائيل على هزيمة الفلسطينيين بحجة أن الإسرائيليين &laqascii117o;مثاليون... يرغبون في إثبات قدراتهم تجاه من هم أقل منهم شأناً بكثير". ومضى في تحليله قائلاً: &laqascii117o;إذا كنت قوياً وتحارب ضعيفاً وتقتل خصمك فأنت نذل. وإذا سمحت له بقتلك فأنت مغفل. هذه حيرة واجهها غيرنا من قبل ولا مفرّ من مواجهتنا لها".
إلا أنه اكتشف أن الإسرائيلي لم يكن أسوأ حالاً في هذه القضية من نظيره الأميركي في حرب فييتنام، مدعياً أنه لم يستخدم أسلحة النابالم المحظورة دولياً، (علما بأن إسرائيل استخدمتها في العرقوب عام 1969، واستخدمت الفوسفور الأبيض والقنابل العنقودية واليورانيوم المنضب في لبنان وغزة). كذلك يقول: &laqascii117o;لم تقتل إسرائيل ملايين البشر" موحياً بإمكان حدوث ذلك إذا اقتضت الحاجة. وبالتالي فإن المسائل الأخرى &laqascii117o;تبقى نسبية والحرب تخاض ضد ضعفاء". عندها &laqascii117o;كل ما تفعله يصبح إجراماً" ولا مفر منه.
بناءً على ذلك كان توجهه أن اللوم واقع لا محالة، فما الفائدة من دفن الرأس بالرمال؟ ولتخض الحرب كما ينبغي بالطريقة المسعورة، التي نادى بها دايان ومارسها بالفعل عام 1967، والتي انتهت بقتل آلاف الجنود الأسرى العرب بدم بارد.
كريفيلد هذا لا يمانع في حصول إيران على أسلحة نووية لأنها لا تستطيع الإخلال بالتوازن حسب رأيه مقابل إسرائيل القادرة على مواجهة أوروبا. وقال إن الواجب &laqascii117o;يفرض على إيران بناء أسلحة نووية". وكتب في 21 آب 2004، في صحيفة &laqascii117o;إنترناشونال هيرالد تريبيون": &laqascii117o;إذا لم يكن الإيرانيون قد حاولوا إنتاج أسلحة نووية فإنهم حمقى".
كريفيلد وصف غزو 2003 للعراق بأنه حرب غبية. وبحسب اعتقاده، فإن جورج بوش يستحق المحاكمة على هذه الغلطة التاريخية بغزو العراق &laqascii117o;لأن إيران كانت المنتصر الحقيقي في الحرب".
وبخلاف الأصوات الإسرائيلية المحذرة من محرقة نووية إيرانية ترتكب بحق إسرائيل، قال إن دولته لا تخشى خطراً نووياً إيرانياً &laqascii117o;لأننا نملك ما يردع الهجوم الإيراني". بل اكتشف فائدة من التهديد الإيراني بالحصول على أسلحة أميركية وألمانية.
كذلك فإنه رأى أن حرب تموز ناجحة، لأنها أبعدت &laqascii117o;حزب الله" عن الحدود &laqascii117o;بعد هزيمته ومصرع المئات من مقاتليه"، وأوجدت قوات دولية في المنطقة ضمنت لإسرائيل الهدوء على حدودها الشمالية.
وقد يكون تصريحه العام الماضي عن قدرة إسرائيل على الثأر من المحرقة النازية من أوروبا مكلفاً في سمعة إسرائيل لمدى بعيد وسلاحاً في يد خصومها في الساحات المدنية الغربية، حين قال بعيد حرب غزة: &laqascii117o;نمتلك عدة مئات من الرؤوس النووية والصواريخ التي نستطيع توجيهها إلى أهداف في كل الاتجاهات، ربما حتى إلى روما. ومعظم العواصم الأوروبية هدف لسلاحنا الجوي".