- 'صدى البلد'
لا يجوز للقادرين على المقاومة أن يسكتوا بل عليهم التسلح والمقاومة حتى الشهادة.. الإمام الصدر... والإستراتيجية الدفاعية!
نسيب حطيط:
بانتظار أن يقدم المشاركون في طاولة الحوار الوطني، مشاريعهم حول الاستراتيجية الدفاعية (مع عدم قدرة البعض) لعدم الاختصاص لا على المستوى الفكري أو الحزبي، أو التنفيذي، فلا بد من التذكير بما طرحه الامام موسى الصدر (أعاده الله) حول نظرته للدفاع عن لبنان على المستويين الداخلي والخارجي، وبنى مشروعه السياسي والتنظيمي (حركة أمل) على أساسه وتتلخص نظريته في الاستراتيجية الدفاعية على ما يلي: - تأكيد انتماﺀ وهوية لبنان العربية، لحسم الموقف اللبناني في قضية الصراع العربي –الاسرائيلي ونفي نظرية الحياد.
- الوحدة الوطنية افضل اوجه الحرب ضد اسرائيل العنصرية.
- بناﺀ المجتمع المقاوم بكل مرتكزاته الثقافية والاقتصادية والاجتماعية؟ ؟ .
- تأمين الغطاﺀ الروحي للمقاومة عبر هيئة نصرة الجنوب المؤلفة من القادة الروحيين للطوائف، لتأكيد المؤثر الديني لمقاومة اسرائيل، وتحرير المقدسات الاسلامية والمسيحية.
- تعزيز الجيش اللبناني الوطني بالسلاح والعقيدة القتالية الوطنية.
- تأسيس مقاومة شعبية مسلحة لدعم - القضاﺀ على الحرمان حتى لا يبقى محروم واحد، بالانماﺀ المتوازن حتى لا يبقى مواطن للبيع أو الاستثمار أو الايجار الحزبي.
- الغاﺀ الطائفية السياسية لاقامة كيان موحد، يضمن صياغة عقيدة وطنية واحدة على مستوى المؤسسات والأجهزة الأمنية والطوائف والأفراد، ولمنع التقسيم بعناوين الفيدرالية او الكونفدرالية أو المحميات الأجنبية.
- دعم المقاومة الفلسطينية لتحرير فلسطين، لمنع التوطين وعدم جواز تدخلها كطرف في الخلافات اللبنانية.
- التعاون مع حركات التحرر العربية والعالمية والاستفادة من تجاربها، لمواجهة الظلم العالمي المتمثل بالاحتلال الحديث اوالاستعمار غير المباشر.
- مواجهة أي عملية عزل لأي من الطوائف أو المكونات السياسية، لعدم دفعها للتعامل مع العدو أو استغلالها بحجة حمايتها.
- توثيق الروابط مع العالم العربي خصوصا مع سورية، وكذلك مع مصر التي زارها وخطب في عناصر الجيش الثالث في قناة السويس العام 1970 ومع السعودية التي صلى بضباط الحرس الوطني السعودي عندما كان الملك عبدالله قائدا للحرس الوطني في السبعينات.
ان مميزات الاستراتيجية الدفاعية للامام الصدر، انتقالها من النظرية، الى التطبيق العملاني، سواﺀ بصياغة وثيقة حركة المحرومين التي شملت المكونات المسيحية والاسلامية، والانفتاح على الشرائح اللبنانية في الكنائس والجامعات، لسماع الهواجس، وتوضيح المخاوف وأسس أفواج المقاومة اللبنانية لقتال اسرائيل، وامتنع عن المشاركة في الحرب الأهلية، وسعى لحماية القرى والتجمعات المسيحية ولم يهجر أي منها في كل منطقة استطاعت حركة أمل حمايتهم فيها في الجنوب والبقاع خصوصا.
الاستراتيجية الدفاعية عند الامام الصدر، ليست سلاحا عسكريا فقط، بل بناﺀ للمجتمع المقاوم، الذي يعمل على تنمية قدراته الثقافية والتربوية والاقتصادية، ليساهم الجميع بالدفاع عن وطنهم وفق امكانياتهم... ولكن الأساس في فكر الامام الصدر، انه اذا تقاعست الدولة أو بقية المكونات الحزبية او الطائفية عن مهمة الدفاع وحماية المواطنين وبخاصة اهل الجنوب الذين تعرضوا للقتل والتهجير منذ احتلال فلسطين، وكانوا مكشوفي الظهر امام العدو، فلا يجوز للقادرين على المقاومة أن يسكتوا، بل عليهم التسلح والمقاومة حتى الشهادة وفق قوانين حق الدفاع عن النفس وتحرير الأرض وطرد المحتل، طالما ان القرارات الدولية عاجزة او متواطئة مع الاسرائيلي المدلل. لأنه لا نقبل أن يبتسم لبنان ويبقى جنوبه متألما.
- 'السفير'
هل تكفي نوايا الإصلاح لتخليص الإدارة الزراعية مما أفسدته الزبائنية؟
أحمد بعلبكي:
إننا إذ نقدر جرأة الوزير المتحفز للإصلاح التقني والتنظيمي وإقدامه على عقد مثل هذه الورشة الضرورية التي رعاها لتشخيص مظاهر التعوق الوظائفي للإدارة الزراعية، وهي ورشة انتهت إلى ملفات تتعدد فيها المعالجات والصعوبات الإدارية والبشرية التي تأخذ، كما هي الحال في لبنان، أبعاداً سياسية في مضائق التنفيذ. صعوبات تقرب من الاستعصاء لا سيما أن ما يُتاح للحكومات في لبنان من أشهر للمغالبة السياسية الضرورية و لتوفير المستلزمات التوظيفية والتشغيلية لتحقيق ما تعد به لا يزيد عادة عن أشهر معدودة.
إننا نرى أن ما غاب عن مقاربة تعويقات الإدارة الزراعية في ورشة التشخيص وبلورة النوايا الإصلاحية المُشار إليها في المؤطر أعلاه هو تشخيص التعويقات الكامنة في النصوص الناظمة للبُنى المؤسسية وفي الخيارات الاقتصادية ـ الاجتماعية الحكومية التي توجهها. انها التعويقات البنيوية التي كان يجب أن تُعطى لها الأولوية على التعويقات الادارية والفنية الناتجة عن هذه الأخيرة من دون ان يعني ذلك اغفال الاهتمام اليومي بها. ونرى ان التجرؤ السياسي الأول يجب ان يثمّر في تعديل منظور الإدارة الحكومية لقطاع الزراعة ولجماعات المزارعين. هذا المنظور التقليدي الملائم للنهج السياسي الزبائني الذي يعتبر أن العمل الزراعي هو عمل أفراد ـ زبائن يتوجهون للحصول على خدمات الإدارة. هذه الإدارة التي لم ترتق بعد إلى تشريع يُعزز تنظيمهم كجماعات كما هي الحال في وظيفة أي ادارة زراعية تهتم بالتكامل القطاعي والمناطقي في مجتمعاتها. منظور يبني المؤسسات لتعزز من القدرات التفاوضية لجماعات المزارعين الممثلين بهيئات نقاباتهم وسلاسل إنتاجهم. هيئات تمكن المزارعين والمربّين من التعامل مع أسواق المدخلات والمحاصيل وليس كأفراد لا حول لهم ولا قوة أمام ارتهاناتهم للتجار والوسطاء. تشريع يشرط تقديم خدمات الإدارة الداعمة للجماعة من خلال أطرها التمثيلية التي تضمن التزام الأفراد في ما تتعاقد لمصالحهم. انه المنظور في التشريع المؤسسي الذي لا يفتت جماعة الزراعة الواحدة في المنطقة الواحدة فيشرط الترخيص بالتعاونية على سبيل المثال بما يلي:
احترام المعيار المُعتمد في الزراعات المتطورة وهو معيار النطاق القطاعي ـ المناطقي territorialit&eacascii117te;) ) La في الترخيص للتعاونيات الذي يُخرج الجماعة المتجانسة على صعيد منتجاتها من الحساسيات القروية ومن تسلط مفاتيح التنفيع الزبائني.
و احترام معيار تخصص التعاونية والسلسلة الإنتاجية في توفير متطلبات الإنتاج والتسويق لإنتاج معين.
وهذا يقتضي تعديل قانون التعاونيات باتجاه إلغاء الفعل التفتيتي للقانون المرعي حالياً الذي يجيز تأسيس تعاونية الخدمات العامة في القرية الواحدة. ويقتضي استصدار قانون ينظم انضواء هيئات المنتجين والمسوقين في اطار سلسلة الانتاج الواحد على النطاق الوطني للقطاع.
إن الجهد المطلوب لتشريعين يعالجان التعويق البنيوي لجماعات المزارعين في قطاعاتها المختلفة كان يمكن أن يُشكِّل خرقاً في نظام الأداء الزبائني للإدارة الزراعية من خلال تشريع جديد يجبرها على التعامل مع هيئات مناطقية ـ قطاعية وليس التعامل كما هي الحال راهناً مع الأفراد المنتفعين باسم التعاونيات الوهمية غالباً. هذه التعاونيات التي وصل تعدادها في سجل مديرية التعاون في وزارة الزراعة في 31/12/2002 الى 558 تعاونية باتت بحاجة الى تشريع جديد يعيد بناءها ويمكنها من تخفيض أكلاف المواد الأولية للمزارعين الأعضاء تسهيلاً للمنافسة في الأسواق الداخلية والخارجية ومن توفير ما نسبته 60 ـ 70 % يقتطعها الوسطاء والتجار من أصل القيمة المضافة المتحققة في الفارق بين سعر باب المزرعة والسعر الذي يدفعه المستهلك. وفي سياق مثل هذا الفهم سبق لدراسة اجريت حول سبل &laqascii117o;تطوير تسويق الفواكه والخضار في لبنان" بطلب من الاتحاد الأوروبي أن اوصت بإعادة بناء القطاع التعاوني بمعايير اقتصادية حديثة يمكن ان يقتصر في مرحلة أولى، و نظرا لمحدودية المساحات والمسافات في لبنان، على 40 تعاونية لا أكثر. تعاونيات قادرة على احترام أنظمة الجودة المعتمدة في أسواق التصدير وفي مراكز التسويق الكبيرة المتوسعة في لبنان (Malls). هذه المراكز التي قُدّر استيعابها السنوي عام 2002 بحوالى 100 ألف طن وهي تضطر في غياب تقيد المزارعين في لبنان بالمواصفات إلى الاعتماد على الاستيراد من البلدان المجاورة.
إن الارتقاء إلى إصدار تشريع لأطر تعاضدية جديدة أقل ملاءمة لنهج التفتيت والتنفيع الزبائني وأكثر ملاءمة لنهج تخطيط تنمية الزراعة والأرياف اللبنانية لا بد وأن يُواجه بمعارضة اهل النهج الأول ولكنه يضمن جدوى المعالجات والتدابير التقنية والتنظيمية التي تمخضت عنها اجتماعات لجان التشخيص برعاية الوزير ويضمن توفر الشروط الملائمة لتطبيقها. هذه المعالجات التي قد تبدأ في ظل الوزارة الراهنة ومن المُستبعد أن تُعتمد في ظلها.
'النهار'
'يهودية' الضفة
بقلم أمين قمورية:
الغموض الاسرائيلي في شأن قيام الدولة الفلسطينية كان على الدوام سيد الموقف. هل تقبل اسرائيل فعلا بحل الدولتين؟ لا جواب منها مقنعا لأحد، حتى لأقرب حلفائها واشنطن! هل ترضى بحل الدولة الواحدة لشعبين؟ لا جازمة! اذا قبلت اسرائيل بقيام الدولة الفلسطينية فأين ستكون حدودها؟ لا أحد يعرف! هل تقبل بالقدس عاصمة لها؟ لا النافية! ما هو اقتراحها للعاصمة البديلة؟ صمت مريب! في حال الاتفاق على تبادل للاراضي، هل سيعطى الفلسطينيون أراضي في الجليل او النقب او المثلث بدل اراضي المستوطنات الكبرى التي ستضم لاسرائيل حتما (ام ان اسرائيل ستعرض عليهم أراضي شرق نهر الاردن مثلا)؟ لا شيء واضحا!
الشيء الوحيد الواضح في خطب نتنياهو وأسلافه هو اصرارهم على يهودية الدولة العبرية. بمعنى آخر ان 'اليهودية' تعني ان هذه الدولة يجب ان تكون لليهود دون سواهم وتعني ضمنا ترحيل الاقليات غير اليهودية للحفاظ على النقاء اليهودي. فالى أين سيذهب الفلسطينيون الذين لايزالون في أراضي 1948؟ هل يذهبون الى أراضي 1967 في ظل الاتفاق على التبادل ام الى مناطق اخرى؟ طبعا لا اشارات ولا توضيح سوى تلميحات عنصرية من هنا او هناك تلوح بسوء المصير! ومع عدم توضيح اسرائيل الى اين تريد ان تصل حدودها، يصير التساؤل هل سينطبق على سكان بعض مناطق 1967 ما ينطبق على سكان 1948 اذا رغبت اسرائيل في ضم اراضيهم كما تتوعد كل يوم؟
اعلان 'يهودية الدولة' مهد لما تريده اسرائيل نظريا. وجاء الامر العسكري الجديد في الضفة الغربية ليزيل بعض الغموض في ما تنوي تطبيقه عمليا، فالامر الذي اصدره الجنرال غادي شماني لم يكن اجراء امنيا احترازيا يهدف الى طرد بعض المشاكسين في بلعين ونعلين، بل فعلا سياسيا قد يحدد حدود الدولة (ليس الفلسطينية طبعا) بترحيل جديد يمهد الارض لاستيطان يهودي جديد.
أول غيث القرار الجديد تنقية الضفة من 'المتسللين'. فمن هم هؤلاء ' المتسللون'؟ هم اولا أبناء غزة المقيمون في الضفة وأبناؤهم الذين ولدوا في الضفة ولم يعرفوا غزة ابداً، وفي ذلك اسقاط لمبدأ وحدة اراضي الدولة الفلسطينية الموعودة (ان قامت اصلا). ثانيا، أبناء القدس المقيمون ايضا في الضفة والذين لا يحملون هويات زرقا (بما يعني ذلك بتر اصول المزيد من المقدسيين لتسهيل تهويد المدينة وإحداث غلبة ديموغرافية يهودية فيها). ثالثا، الازواج الاجانب للفلسطينيين (بما في ذلك ضرب لأبسط حقوق الانسان وتفتيت عائلات فلسطينية او تشتيتها).
وبسبب لغته الغامضة والمطاطة، قد يصير أبناء مخيمات اللاجئين عام 1948 والمنتشرين في أرجاء الضفة طولا وعرضا 'متسللين' ايضا، كونهم لا يتحدرون اصلا من بلدات الضفة او قراها. كذلك يصير كل من أرغم على تغيير مكان سكنه لسبب او لآخر ولم تسمح له اسرائيل بالتسجيل في مكان سكنه الجديد، مطاردا ومهددا بالسجن الطويل. وهكذا بشحطة قلم يتحول عشرات آلاف الفلسطينيين مشاريع لاجئين جدد، يضاف اليهم عشرات آلاف آخرين مرشحين للرحيل طوعا بفعل الجوع والخناق وفقدان الامل بالمستقبل.
بالامس قرار بمواصلة البناء الاستيطاني والمزيد من مصادرة الاراضي وضمها، واليوم قرار بترحيل جزء كبير من المقيمين الفلسطينيين على أرضهم، وغدا ثمة قرارات جديدة في الأدراج لم تكشف لكنها جاهزة للتنفيذ المباشر مثل قرار الامس. وهكذا يفصح نتنياهو وزمرته عن حقيقة راسخة في أذهانه وأذهان أسلافه من ان الضفة والقدس ليسا فقط جزءا لا يتجزأ من اسرائيل، بل هما ايضا أرض يهودية صرفة وجزء من الدولة اليهودية النقية. وكأنه بذلك يقول لمن يطالبه بموقف واضح من المفاوضات لاقامة دولة فلسطينية: 'من يريد اقامة مثل هذه الدولة فليقمها عنده وعلى أراضيه وليس عندنا ولا على أراضينا'.
يقولون ان مشكلة نتنياهو انه لا يعرف ماذا يريد. نقول إنه يفكر ويفعل ولا يتراجع عما يفكر به هو وغيره من الاسرائيليين، حتى لو كلف ذلك المنطقة حروبا جديدة ونيرانا مشتعلة لن ينجو من لهيبها أحد.