ـ 'الأخبار'
زوال إسرائيل (أو إزالة إسرائيل)
أأسعد أبو خليل أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة كاليفورنيا:
الدعاية الصهيونيّة لا تكلّ. أما الدعاية العربيّة (الرسميّة) فمشغولة بالترويج لمبادرة التطبيع السعودي في إعلام الرجل الأبيض. آل سعود يعملون لأجلكِ (يا إسرائيل). في المقابل، الكلام يزداد ارتفاعاً عن زوال إسرائيل. وإسرائيل كانت دوماً تختار ما تشاء من الشعارات لرسم أبشع صورة لأهداف العرب في فلسطين. كان العرب يقولون بتحرير فلسطين، وكانت إسرائيل تقول: إنهم يبغون تدمير إسرائيل ويريدون &laqascii117o;رمي اليهود في البحر". لم يرد عليهم العرب بالقول: لكن إنشاء إسرائيل كان الاسم الآخر لتدمير دولة فلسطين.
فالأنظمة العربيّة كانت مشغولة آنذاك بالتوصّل إلى أفضل السبل لخدمة المُستعمر
(...) اختلفت المواقف العربيّة من القضيّة الفلسطينيّة. بعض الأهداف العربيّة لخّصته أجهزة الدعاية الصهيونيّة بعبارة &laqascii117o;تدمير إسرائيل" و&laqascii117o;رمي اليهود في البحر". كما أن الدولة الغاصبة روّجت لأكاذيب عن العبارات والأهداف العربيّة. كانت تحاول أن تساوي بين أهداف منظمة التحرير والنازيّة، لكنها اصطدمت بجدار سميك من اللغة الرصينة والعلمانيّة في الخطاب الفلسطيني حتى في أيّام الحاج أمين الحسيني، فلجأت إلى بث تلك الصورة بين الحاج أمين وهتلر. واللقاء بين الاثنيْن كان يتيماً (لا دليل على أن لقاءً ثانياً قد عقد، كما يخبرني فيليب مطر، كاتب أفضل سيرة عن الرجل والمُنقّب في أوراقه) ولم يكن هناك اتفاق بمعنى الاتفاق. كان الاثنان يتفقان على معاداة بريطانيا، وكلّ لأسبابه. وليس خافياً أن عنصريّة هتلر تضمّنت عنصريّة ضد العرب وإن كان قد رفع مرتبة العرب في سلّم التراتبيّة العنصريّة النازيّة لأنه وجد أن الحاج لم يكن داكناً كما تصوّرت مخيّلته. أصبح اللقاء اليتيم موضوعاً لملصقات ولكتب ومنشورات إسرائيليّة للتأثير على الرأي العام الغربي المُثقل بهول المحرقة (ومسؤوليّة الغرب عنها). قرّرت الصهيونيّة في الستينيات أن عبد الناصر وأحمد الشقيري أعلنا للعرب قبل حرب 1967 هدف &laqascii117o;رمي اليهود في البحر". (تحاشت الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة حتى في الثلاثينيات الخطاب المعادي لليهود، كيهود، وكانت حركة حماس في انطلاقتها الأولى أول تنظيم فلسطيني يلجأ إلى المجاهرة بالعداء لليهود (خفض هذا الاتجاه عند حركة حماس ربّما لعلمها بمدى خدمة الخطاب العربي المُعادي لليهود للقضيّة الصهيونيّة في الغرب...).
ولكن لم يخطر للعرب يومها أو حتى اليوم تظهير الخطاب الصهيوني المجاهر بالعنصريّة والنيات التدميريّة. تترجم منظمّات صهيونيّة ذات تمويل كبير كل كلمة ينطق بها عربي يُشتم منها عداء لليهود كيهود. حتى أن المنظمات الصهيونيّة في الغرب تستعين بتلك النماذج (إن من إعلام حماس أو من خطب أحمدي نجاد) كي تستجدي تبرّعات سخيّة من مناصريها. لكن الخطاب الصهيوني لم يكن يوماً خجولاً في التعبير عن الأهداف الصهيونيّة. فقد كان هرتزل المُؤسِّس صريحاً في دعوته إلى دفع العرب نحو الصحراء. وفيما كانت الدعاية الإسرائيليّة تصدح عام 1967 بأقوال مختلقة عن نيّة العرب لتدمير إسرائيل ورمي اليهود في البحر، أصدر قائد سلاح الجوّ الإسرائيلي ماتي هود صبيحة 5 حزيران أمر اليوم وجاء فيه: &laqascii117o;طيروا، حلّقوا نحو العدوّ، دمّروه وشتّتوه في الصحراء كي تحيا إسرائيل، آمنة في أرضها ولأجيال (لاحقة)". (راجع النص في كتاب مايكل أورن، &laqascii117o;ستة أيام من الحرب: حزيران 1967 وتشكيل الشرق الأوسط المُعاصر"، ص 170). لم تجهد الأنظمة العربيّة، ولم تكترث لترجمة خطاب العداء والتدمير عن العدوّ، بل انصرفت إلى طبع خطب قادتها في مجلّدات نفيسة وفي أكثر من لغة. صدّام حسين لم يرتدع في غروره: نشر كتيّباً بأكثر من لغة بعنوان &laqascii117o;كيف نخاطب العقل الغربي". أي إنه اعتبر نفسه نموذجاً ناجحاً في مخاطبة الغرب. طبعاً، لم يتقدّم الإعلام العربي قيد أنملة، بل تأخّر: من نموذج أحمد سعيد إلى نموذج طارق الحميّد.
(...) لكن بعض خطب حسن نصر الله الأخيرة تلمّح إلى شيء، ما يمكن أن يؤدّي إلى إزالة إسرائيل أو زوالها. ويخجل العرب اليوم من الخطاب الداعي لإزالة إسرائيل، أو حتى تدميرها. وهدف تدمير إسرائيل ليس مساوياً لما يسمّيه دانييل غولدهاغن الأيديولوجيا التي تهدف إلى إزالة عرق من البشر أو طائفة. حتى هدف تدمير إسرائيل يجب بالضرورة ألا يعني القضاء على الشعب اليهودي، بل يمكن أن يعني ما ورد في ميثاق منظمة التحرير الفلسطينيّة (غير المعدّل من بيل كلينتون) عن إزالة الصهيونيّة من أرض فلسطين (أي تفكيك بنيان الدولة).
وإزالة إسرائيل يمكن أن تتمّ جرّاء معركة ساحقة ماحقة يشنها العرب على إسرائيل. هذا النوع من النزال مستبعد إن لم يكن مستحيلاً، لأن الولايات المتحدة أنتجت واقعاً جديداً منذ بزوغ الساداتيّة في مصر. أحكمت الولايات المتحدة السيطرة على مقدّرات الحكم السياسي والعسكري والاستخباراتي في مصر لحماية إسرائيل. لم يطل الأمر بالدول العربيّة لتنصاع هي الأخرى من أجل كسب ودّ الولايات المتحدة. أرادت الولايات المتحدّة إبعاد مصر عن أيّ مواجهة عربيّة ضد إسرائيل حتى تحمي الأخيرة من حروب عربيّة مشتركة. أنفقت الولايات المتحدة المليارات على تثبيث حكم تسلّطي مصري لضمان أمن إسرائيل. الدول العربيّة الأخرى ليست، ولم تكن يوماً، في وارد مواجهة إسرائيل. الحكم الأردني لم يتوقّف عن التآمر على قضيّة شعب فلسطين حتى قبل إنشاء الكيان الغاصب.
(...) تبقى مسألة زوال إسرائيل، أي اضمحلال إسرائيل التدريجي، وهذا السيناريو هو المُرجّح. في غياب خيار حرب من تشكيلة من الأنظمة العربيّة، فإن قدرة إسرائيل على الاستمرار ضعيفة جداً بالمنظار التاريخي. وحسن نصر الله بات يكرّر الإشارة إلى شيء ما قد يحدث ويعيد رسم خريطة المنطقة في المواجهة المُقبلة مع إسرائيل. طبعاً، أبواق آل سعود يُصابون بالهلع الشديد عندما يسمعون عن إزالة إسرائيل أو زوالها. لا شك بأن حلفاء آل سعود في المنطقة العربيّة عوّلوا (ويعوّلون) على إسرائيل ليس فقط للتخلّص من أعدائهم (وأعداء إسرائيل) بل أيضاً لحمايتهم عندما تدعو الضرورة. لم تُنشر بعد كل أحاديث فريق 14 آذار وما قالوه في حرب تمّوز: ليس هناك من رصد منشور لما قالوه وفيه حماسة لقدرة إسرائيل على التخلّص من حزب الله. الأكيد أن مشروع القضاء على حزب الله (وعلى حماس بعد ذلك) مُني بفشل ذريع رغم إصرار مستميت من دوري شمعون (رئيس الحزب الذي رعى سعد حدّاد وأنطوان لحد من بعده) أن إسرائيل لا يُمكن أن تُهزم عسكريّاً وأن بقدرة إسرائيل النصر المُبين متى أرادت. أي إن دوري شمعون يؤمن بأن إسرائيل اختارت ألا تنتصر لأنها بعيدة عن الوحشيّة. يسخر دوري شمعون من مقولات أي انتصار عربي على إسرائيل، في الماضي أو في المستقبل. لا ندري إذا كان حسن نصر الله يتحدّث عن هزيمة إسرائيل بالنقاط أو بالضربة القاضية لكن الاحتمال الأول أقوى. بدت إسرائيل في حرب تمّوز على غير عادتها وشاكلتها. كانت في مسلكها وفي دعايتها أقرب إلى مسلك الأنظمة العربيّة المهزومة في حرب 1967. ارتباك وتعثّر ولجوء إلى كمية كبيرة من الكذب والتلفيق. من نسي الزعم الإسرائيلي عن وجود ثلاث جثث لجنود إيرانيّين في أرض المعركة في جنوب لبنان؟ (طبعاً هلّل الإعلام السعودي والحريري للخبر وأعاد تكرار بثّه إمعاناً في إلهاب الفتنة المذهبيّة وفي عزو دوافع أهل الجنوب للدفاع عن أرضهم بوجه المُعتدي إلى مخطط &laqascii117o;فارسي" أو &laqascii117o;صفوي" ـــــ كما يرد في خطاب البعث العراقي الخائب).
إسرائيل في حرب تمّوز وقعت في ورطة استراتيجيّة لأنها اضطرّت إلى مواجهة طويلة امتدّت ولم تنته بنصر حاسم لها. كل الأهداف الإسرائيليّة المعلنة قبل الحرب لم تتحقّق. هذا لا يعني أن النتائج السياسيّة المتمثّلة في القرار 1701 لم تكن في مصلحة إسرائيل: بلى، كانت، ولكن تم ذلك لا بفضل الأداء العسكري الإسرائيلي بل بفضل الأداء السياسي لفريق الأمير مقرن في لبنان الذي أراد أن يحقّق في السياسة ما لم تستطع إسرائيل ملاحظة: يلقي الكاتب، بدعوة من اتحاد الشباب الديموقراطي، محاضرة في الجامعة اللبنانيّة، الفرع الأول (الحدث) في 1 حزيران، الثلاثاء، الساعة الثالثة بعد الظهر، بعنوان: &laqascii117o;تحرير فلسطين: أين كان وأين أصبح".
ـ 'السفير'
سليمان تقي الدين:
كيفما كان تحليلنا لأوضاع المنطقة وتطوراتها فنحن في حالة حرب. احتلال وجيوش وأساطيل وقواعد عسكرية وحصار وعقوبات وسباق تسلح ولا حلول سياسية. ببساطة هذه هي الحرب في شكل من أشكالها المتعددة. لا نحتاج إلى تحذيرات ولا إلى تهديدات. الحرب لم تتوقف في فلسطين والعراق وأفغانستان ولا حتى في لبنان. إذا كان هذا منطق كل عاقل فإن كل تفريط بالأمن هو جزء من عمل حربي ضد لبنان وتسهيل له. القضية بهذا المستوى ولا تقبل التأويل والتفسير والتبرير. إما أننا نحرص على أمننا الوطني، على أمن الناس أو أننا نشارك في ما تعرضوا وسيتعرضون من أخطار وأضرار.
تورّطت بعض الجهات في هذه أو تلك من الاتفاقات الأمنية الخطرة، ويظهر كل يوم حدث يدل على استسهال التعامل مع الوصي الأميركي الذي استباحنا منذ خمس سنوات ونشر الفوضى عندنا بالسياسة والأمن والحرب. هل استوعبنا تلك النتائج أم أن انكفاء البعض الاضطراري لم يؤسّس صحوة وطنية ولا مراجعة ضميرية!؟ هل خطابنا السياسي وبياننا الوزاري وشراكتنا الوطنية مجرد عدة شغل موقتة أم هي حاجة وضرورة واقتناع ووعي بالأخطار التي نبحث عن سياسة دفاعية بوجهها؟!
لسنا نحن من نعادي أميركا وسياستها، هي التي تؤكد على أمنها المشترك مع إسرائيل وتترجم ذلك دعماً مطلقاً للعدوان الإسرائيلي، وإسرائيل، كما يقول أهل السياسة عندنا، عدوّنا. عدوّنا ليس افتراضاً وليس توهّماً وليس مبالغة بل بحكم التجربة والتاريخ والحرب والاحتلال والتخريب والأطماع. أما آن لنا أن نلتزم جانب الحذر والحيطة تجاه الدولة العظمى التي تحميها وترعاها وتحتضنها وتدعونا إلى الرضوخ لمطالبها وهواجسها وقلقها على أمنها؟! يقال إنه عندنا دولة وحكومة وسيادة يحرص عليها الغرب وزعيمة الغرب ويدعمانها. ما تعلنه حكومتنا هو الأمر النافذ على أرض سيادتها فمن أين جاءت سلطة أجهزة أميركا &laqascii117o;لمكافحة الإرهاب" لكي تسرح وتمرح بمؤازرة أو من دون مؤازرة من مؤسساتنا الأمنية الوطنية؟
على حد علمنا أن هناك مَن يحرص على السيادة وعلى وحدانية السلاح والأمن والسلطة وحق الدولة. بأية صفة واستناداً إلى أي مرجعية تقوم جهة غير لبنانية وغير رسمية في التحري عن الحدود الذي يستفز سيادتنا ويستفز سوريا، ولماذا يستجيب المسؤولون الأمنيون لهذه التجاوزات، أم أن هناك اتفاقيات أمنية غير تلك التي افتضح أمرها وفاحت منها رائحة الاستهتار بالأمن الوطني؟ مَن يغطّي هذه التجاوزات والمخالفات المسلكية ومَن يحمي هؤلاء الكشافة المشبوهين والموظفين المعنيين؟ يظهر أن حكومة الوحدة الوطنية التي أطنبنا في مدحها والإفاضة في مزاياها ومحاسنها صارت عبئاً على أمننا كما هي على &laqascii117o;أولويات الناس" وهمومها ومشاكلها.
قالت حكومتنا إن لبنان سيدافع عن أمنه بشعبه وجيشه ومقاومته. لم يعد مهماً إلى أي جهة يأتي السلاح ولا نوع هذا السلاح. نحتاج السلاح أكثر من أي جهة غيرنا حين نسمع تصريحات قادة إسرائيل وحين نرى ما فعلت وتفعل في لبنان وفلسطين وما تتوعّد به دول المنطقة وشعوبها.
من الصعب أن نصف إسرائيل &laqascii117o;بالدولة" في القرن الواحد والعشرين حين تهدّد دولة أخرى &laqascii117o;بإعادتها إلى العصر الحجري"، أو حين تمارس حروباً على شعب محاصَر شبه أعزل في غزة وترتكب جرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم إبادة. بل نحن مَن خبر إسرائيل في مجازر صبرا وشاتيلا وقانا الأولى والثانية على مرأى من قوات الدول الغربية والأمم المتحدة وفي كنفها. إسرائيل كيان قام على الغصب والقوة ويستمرّ بهما فوق القانون الدولي وفوق كل القيم. في عقيدته إلغاء للآخر، وفي وجوده إلغاء للآخر، وفي سلوكه إلغاء للآخر. إذا كان للعنصرية من تجسيد حي في عصرنا فهي الصهيونية. وإذا كان للعدوان وانتهاك الحقوق من نموذج فهي إسرائيل. لا شيء يشجع إسرائيل إلا الدعم الغربي وخاصة الأميركي. لا شيء يسمح لإسرائيل بهذا المسار إلا حين تعلن أميركا أن أمنها من أمن إسرائيل وأمن إسرائيل خط أحمر. بريطانيا حبلت بإسرائيل وأميركا استولدتها عام 1948 وربّتها. إسرائيل ليست إلا هذا الوكيل الأميركي، هذا البلطجي وهذه الأداة.
نريد المقاومة في &laqascii117o;كنف الدولة" وقرار الحرب والسلم والأمن، ونريد الدولة وحدها صاحبة الأمر والنهي والإدارة والقرار. لكن أموراً بسيطة جداً لم نأخذ زمامها ولم نمسك مصيرها. صارت دولتنا مخترقة من غير جانب وجهة وأمننا الحامي لنا نحتاج مَن يحمينا منه. ثمة في الدولة وفي المؤسسات جزر وبؤر تعمل عكس ما ندّعيه ونعلنه. وثمة مَن يطلق حملات سياسية وقائية دفاعاً عن مسلكيات تخرج على منطق القانون والسيادة، فمن هي الجهة المسؤولة عن ذلك سوى الحكومة؟
ـ 'النهار'
صواريخ 'سكود' كمخرج للخلاف الأميركي - الإسرائيلي
سليم نصّار:
منتصف الشهر الماضي، دعا مستشار الامن القومي الاميركي جيمس جونز الى اجتماع طارىء حضره كبار المستشارين في العهود السابقة بينهم: زبيغنيو بريجينسكي وبرنت سكوكروفت وفرانك كارلوتشي وروبرت مكفرلن. وتركز الحديث حول فشل 'مشروع الدولتين لشعبين'، وما اذا كان من الافضل للادارة املاء خطة اخيرة مستندة الى نقاط متفق عليها بين الطرفين.
ووسط النقاش، دخل الرئيس باراك اوباما الى مكتب مستشاره، وجلس يصغي الى الجدل القائم حول تأثير نزاع الشرق الاوسط على مصالح بلاده. واستوقفه التحليل الذي قدمه بريجينسكي، وفيه يقول: 'قبل اكثر من ثلاثين سنة صرح موشيه دايان بأنه يفضل شرم الشيخ من دون سلام... على السلام من دون شرم الشيخ. ولو انتصر هذا الرأي، لكانت مصر واسرائيل في حال من النزاع الدائم. والمؤسف، ان نتنياهو يكرر الخطأ ذاته عندما يقول انه يفضل القدس الكاملة من دون سلام... على السلام من دون القدس الكاملة'. عندئذ تدخل اوباما ليسأل عن الحل المطلوب لتحريك عجلة السلام. واقترح الحاضرون قيام الرئيس بخطوة درامية تاريخية تبدأ ببلورة مشروع سلام... وتنتهي باعلانه في الكنيست الاسرائيلية والبرلمان الفلسطيني بحضور اعضاء الرباعية. ومثل هذه الاستراتيجية الاقتحامية يمكن ان تخلق الزخم السياسي والنفسي المطلوب. خصوصا بعدما صرح وزير الدفاع ايهود باراك بأن التهديد الاكبر على مستقبل اسرائيل لا يتمثل بالقنبلة الايرانية، بل بفشل مشروع الدولتين!
الجنرال جونز عارض فكرة حشر نتنياهو واحراجه، لاعتقاده بأن مهمة جورج ميتشل لم تسقط بعد، وبأن الرئيس محمود عباس قد يستغل التشدد الاميركي لرفع شروطه. لذلك اقترح تمديد موعد الاعلان عن مبادرة جديدة الى تشرين الثاني المقبل. اي الى موعد انتخابات الكونغرس بحيث يطرحها كجزء من برنامج الحزب.
ويبدو ان معركة عض الاصابع بين اوباما ونتنياهو قد اثارت اهتمام رجال الادارة منذ وصف رئيس وزراء اسرائيل الولايات المتحدة بالدولة الغربية التي لا يجوز الوثوق بالتزاماتها. وكان ذلك اثناء الاحتفال بيوم الاستقلال. فاذا بنتنياهو يفاجىء حلفاءه الاميركيين باقتباس عبارة تيودور هرتزل الذي نصح اليهود بألا يثقوا بالغرباء. وانما عليهم الاعتماد على انفسهم فقط.
وفي ضوء هذه العبارة الاستفزازية احتدم الجدل على صفحات الجرائد لأن 'ايباك' شجعت المنتسبين اليها على شن حملة اعلامية هادفة ضد سياسة اوباما. ودشن هذه الحملة الثري اليهودي رون لاودر بنشر اعلانات يدعو فيها الرئيس الى وقف ضغوطه على اسرائيل. وساعده في حملة التضليل ايلي فيزل الحائز جائزة نوبل الذي نشر مقالة بشكل اعلان مدفوع في اربع صحف كبرى يحض فيها الادارة على ضرورة ارجاء المفاوضات بشأن مستقبل القدس.وكان من الطبيعي ان يتصدى لهذه الحملة مستشار جورج ميتشل السفير السابق لدى اسرائيل، مارتن انديك. فقد كتب مقالة في جريدة 'نيويورك تايمز' لخص فيها موقفه بالقول: 'اذا كانت اسرائيل قوة عظمى لا تحتاج الى المساعدة الاميركية، فلتتخذ اذن قراراته وحدها. ولكن، اذا كانت محتاجة للدعم الاميركي، فان عليها احترام مصالح الدولة الداعمة!'. ونشرت جريدة 'واشنطن بوست' مقالة لمستشار جيمي كارتر السابق زبيغنيو بريجينسكي، اقترح فيها فرض خطة سلام مبنية على ترتيبات تسوية 2002. وربط في سرده بين النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي وبين مختلف مشاكل الولايات المتحدة في المنطقة، بدءا بالخلاف مع ايران... وانتهاء بالمواجهات مع الاصولية الاسلامية.
ولما بلغت المنازلة الكلامية هذا المستوى من العنف والحدة، قام الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس بنقل شائعة صواريخ 'سكود' الى الرئيس ساركوزي بهدف تحويل الانظار عن استفزازات نتنياهو، والهاء الرأي العام الاميركي بخطر صواريخ 'حزب الله'. وواضح من ردود فعل الادارة الاميركية انها سارعت الى تبني موقف اسرائيل واتهاماتها قبل التأكد من صحتها. وراحت تتعامل معها كأمر واقع في حين اعربت دمشق عن دهشتها من تحذيرات واشنطن لها. وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون انها تسعى الى تعميق علاقاتها مع سوريا رغم المخاوف من ان تكون دمشق نقلت صواريخ 'سكود' الى 'حزب الله'. ولمحت في احد تصاريحها الى احتمال وقف الحوار مع دمشق اذا تبين للرئيس اوباما انها قامت بنقل صواريخ 'سكود' الى 'الميليشيا الشيعية'. والدليل على شكوكها حول هذه العملية، ان المتحدث باسمها فيليب كراولي أعلن: ان بلاده لا تستطيع التأكد ما اذا كانت عملية نقل صواريخ 'سكود' قد جرت فعلا!
في المقابل، ردت سوريا باتهام الادارة الاميركية بتبني مزعم اسرائيل، واعربت على لسان الوزير وليد المعلم، عن اسفها لخضوع اوباما لموجة التضليل التي افتعلتها حكومة نتنياهو من اجل تبرير اعتداءاتها على الجنوب. وكان رئيس وزراء اسرائيل قد دخل على خط المناورة الاعلامية معرباً عن قلقه مما يحدث في الجنوب، ومكرراً ادعاءات الرئيس بيريس، من ان تدفق الاسلحة من سوريا الى 'حزب الله' ما زال مستمراً. وختم مزاعمه بالقول: 'نحن لا نريد الحرب... ولكن هذا الامر غير مقبول'. خلال جلسة استماع في الكونغرس، قال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان، ان بلاده مستعدة لدراسة كل الادوات المتوافرة لجعل سوريا تصحح هذا العمل. وذكر في تعليقه على شائعة نقل صواريخ 'سكود' الى الجنوب، ان المعارضة في الكونغرس وجدت في الاجتماع الثلاثي الذي عقد في دمشق بين الرئيسين بشار الاسد واحمدي نجاد والسيد حسن نصر الله، دليلا ضد سياسة الانفتاح التي تمارسها ادارة اوباما مع سوريا.
ويُستدل من مسلسل الاحداث، ان اسرائيل لم ترتح الى تعيين سفير اميركي في دمشق بعد قطيعة دامت خمس سنوات تقريباً. وكان وليم بيرنز، مساعد وزيرة الخارجية، قد زار دمشق والتقى كبار المسؤولين بهدف تدشين عهد جديد من العلاقات بين البلدين. وعقب عودته الى واشنطن باسبوع واحد، استضافت دمشق القمة الثلاثية (الاسد ونجاد ونصر الله)، الامر الذي اثار حفيظة كتلة الجمهوريين في الكونغرس، ودفعها الى طلب تجديد القطيعة. وحجتها ان الانفتاح من دون شروط ملزمة، عزز شعور الدولة السورية بان معارضة سياسة اميركا هي المدخل للحوار والتفاهم!
هذا في حين يرى مؤيدو الانفتاح ان عزل سوريا سيقربها اكثر من ايران، ويفتح قنوات ديبلوماسية بديلة تتجاوز السفير عماد مصطفى، الذي تتهمه واشنطن بعدم التعاون.
وفي تحليل نشرته مجلة 'فورين بوليسي'، تأكيد ان سوريا لم تتوقف عن تزويد 'حزب الله' بالصواريخ والاسلحة. وفي اكثر من مناسبة اعترف قادة الحزب بانهم يملكون ترسانة صواريخ يزيد عددها على 30 الف صاروخ. ولكن مجلة الدفاع البريطانة 'جاينز ديفانس' تحدثت عن امداد 'حزب الله' بصواريخ (ام – 600). وهي نسخة عن الصواريخ الايرانية (فاتح – 110) التي يصل مداها الى 250 كلم.
وفي مطلع الشهر الماضي، ابلغ الجنرال الاسرائيلي يوسي بايدتز، لجنة الدفاع في الكنيست، ان سوريا، زودت 'حزب الله' بانظمة 'ايغلا – اس مان' المحمولة على الكتف. ولكنها قادرة على اصابة طائرات الاستطلاع والمروحيات.
وعقب تعيين فورد سفيراً في دمشق، ترردت في واشنطن شائعات عن نقل سوريا صواريخ من نوع 'سكود – دي' الى جنوب لبنان. ولم تحدد التقارير ما اذا كانت هذه الصواريخ روسية الصنع أم هي نسخ مطورة من نموذج 'سكود' القديم الذي تصنعه سوريا. وفي وسع هذه الصواريخ اصابة اهداف على بعد 700 كلم وحمل رؤوس جرثومية وكيميائية. ويقال في هذا السياق، ان سوريا، ارسلتها الى 'حزب الله' عندما هددتها اسرائيل بالضرب.
في مطلق الاحوال، تبقى حكاية صواريخ 'سكود' أمراً غامضاً يصعب تحديد الجهة التي سوقتها. علماً بان شمعون بيريس كان أول من حملها الى صديقه ساركوزي، ثم روّجتها الادارة الاميركية مع بعض التشكيك: بهدف منع نتنياهو من الاقدام على شن حرب متهورة قد لا تنجح في محو آثار هزيمة صيف 2006. ومع ان دمشق نفت بلسان وزير خارجيتها هذه الحكاية، إلا ان أجوبة قادة 'حزب الله' تركت الموضوع غامضاً كي تلجم اسرائيل وتجبرها على اعادة حساباتها.
وبما ان الحرب اصبحت مستبعدة، فقد نشطت الديبلوماسية الاميركية كي تملأ الفراغ، وارسلت جورج ميتشل من جديد كي يقنع نتنياهو بأن يصغي الى نصائح المجرب وزير الدفاع ايهود باراك.
ومن المتوقع ان تستأنف عملية السلام خلال اسبوعين بطريقة التفاوض غير المباشر، على ان يقوم ميتشل بدور ساعي البريد. اي بالدور الذي مارسه اثناء مفاوضات ايرلندا الشمالية.
ـ 'النهار'
جاد يتيم:
إذا كان الجدل حول إجراء الانتخابات البلدية من عدمه أخذ حيزا كبيراً من الجهد السياسي مع ميل عام إلى تأجيلها، فيبدو أن الطريقة التي تدير بها الطائفيات اللبنانية، خاصة الشيعية والدرزية، هذه العملية، قضت على الانتخابات من حيث جوهرها القاضي بالتنافس الحر لاختيار من يريده الناس.
مساكين أهالي الكانتونات الطائفية المغلقة، والجنوب هو أحدها. فبعدما أحكم الحزبان الشيعيان الحاكمان قبضتهما على مناطق الجنوب، باستثناء صيدا وربما جزين، ليكون كل تصويت خارج لائحتهما التوافقية لا معنى له من حيث تغيير النتائج أو السياسة، خاصة في ظل غياب النسبية، ها إن 'حزب الله' و'حركة أمل' يعلنان توافقاً شاملاً في الانتخابات البلدية مع ما يعنيه ذلك من إلغاء الانتخابات في غالبية القرى التي تقع تحت سيطرتهما جنوباً وبقاعاً وصولاً إلى الضاحية. لا نقلل هنا من النفوذ والولاء الذي يتمتع به الحزبان، 'حزب الله' خاصة، بما يمكنهما من فرض اتفاقاتهما على الجمهور الشيعي، لكن المشكلة لا تكمن هنا. فهناك موجة من التخوين والتشكيك تطاول كل من يشكك ويسأل عن أي تفصيل يتفق عليه الطرفان. يكاد النقاش يصبح محرماً، فما بالك أن تتجرأ على الترشح في مواجهة لائحة يعتبر المس بها مسا بالسلاح المقاوم وبـ 'النصر الإلهي'؟
سيتعرض كل من يقوم بذلك للنبذ والمضايقات، وذلك في مناطق كاملة مغلقة وعصية على سلطة الدولة، بحيث أن تواجد قوى فرض القانون الشرعية فيها لا يتعدى كونه شكلياً.
وفي هذا الإطار، يحضر السؤال عن معنى تضخيم وتزيين خبر تواجد القوى الأمنية في الضاحية في حين أنها لا تستطيع التحقيق في حادث تفجير إن وقع.
في الحقيقة لا يمكن فرض التنافس على فريقين اختارا فرض لائحة ائتلافية فهذا حق ديموقراطي، لكن القيام بذلك في بيئة تخضع – معنوياً على الأقل – لترهيب السلاح والتخوين لكل من يعارض هذا الاتفاق بين 'أمل' و'حزب الله' يعني إرهاب المرشحين الآخرين والناخبين المختلفين.
والمضحك في الأمر، أنه تحت شعار التوافق وتجنيب البلد الخضات نفسه، فتح اتفاق 'امل' و'حزب الله' شهية الاشتراكيين والإرسلانيين في الجبل، فجاء اتفاق على غالبية مجالس البلدية مسبقاً ليلغي الانتخابات الى درجة أني كنت أود تأجيل زيارة استجمام عند أحد الأصحاب في الجبل هذا الأحد بحجة الانتخابات، فإذا به يخبرني أن لا داعي للتأجيل فالأجواء عادية جداً. تصوروا معي الأمر: أن تتفق قوى 'غير ديموقراطية' على إلغاء 'التنافس الديموقراطي'... ألا يعني ذلك إلغاء المختلف ولو بالقوة؟ ربما يجب أن نغبط المناطق المسيحية المشتعلة انتخابياً، ولربما كان تفتيت المسيحيين إلى قوى مختلفة هو خير ما عله عهد الوصاية بالمسيحيين فأتاح لهم – في غالبية المناطق- تنوعاً يقيهم شر الكانتونات المغلقة. حتى في بيروت مثلاً حيث لتيار المستقبل قوة وازنة جداً هناك محاولات لتشكيل لائحة توافقية لكن في ظل استعدادات لمعركة انتخابية أيضاً.ولا يمكن بالطبع مقارنة أي توافق في منطقة منفتحة ومتنوعة كبيروت بأي توافق للطائفيات نفسها ربما في المناطق الكانتونية المغلقة.
ولا أنسى في هذا المجال تجربتي في الانتخابات النيابية عام 2000 حين كنت مندوباً ثابتاً في أحد أقلام الاقتراع عن أحد المرشحين المستقلين في قضاء بنت جبيل، حيث أنه عدا عن عدم وجود أي مندوب للوائح منافسة لائتلاف 'أمل' - 'حزب الله'، فإن رئيس القلم مرر مخالفات كاللحاق بالناخبين وراء الستار، وعندما اعترضت قال إن القوى الموجودة هنا كلها غير معترضة على ذلك فلماذا أعترض، متناسياً أن هذه قوى من لون واحد مع تعذر وصول مندوبين عن المنافسين. إن حالة رئيس القلم هذا، هي حال سلطة الدولة في القرى النائية في عمق الكانتونات الطائفية، حيث لا سلطة سوى لقوى الأمر الواقع.
ـ 'الأخبار'
حسين سلمان: واجه &laqascii117o;غضب العناقيد" ثم رحل
منهال الأمين:
إلى أين؟ إلى البيت. والطيران؟ لم يكن ليجيب. فجواب حسين* معروف وأسبابه واضحة. هو يبحث عن مكان يغتسل فيه فحسب. فالنظافة قبل كل شيء. وبعد ان هدمت الطائرات الإسرائيلية منازل عدة وهي تطارده، قرر ألا يدفع أحد ثمن مبالغته في الطهارة. فصار بعد انتهاء &laqascii117o;الدوام" في نصب الصواريخ وإطلاقها وحدانًا وصليات إلى مستعمرات العدو في فلسطين المحتلة، ينتقل من وسط البلدة إلى منزله، الذي يقع في خراجها ويعتبر خطيراً من ناحية عسكرية، لينجز مراسيم النظافة الخاصة به ثم يُقفل عائدًا إلى نقاط تمركز المقاومين. عمله لا يعرف الليل من النهار. صار يبتكر حتى يتمكن من أداء مهمته على أكمل وجه، مستخدمًا مثلاً أسلاك الهاتف المتقطعة لكي يصنع منها &laqascii117o;فتيلا كهربائيًا"، يمكّنه من إطلاق الصواريخ وهو على مسافة كافية للإنسحاب، الأمر الذي يمنع الطائرات التي تلتقط إحداثية الإطلاق، من النيل منه أو من زملائه. لم يكن يعبأ بالطائرات الاستطلاعية أوالهجومية. كان يرد على منتقديه &laqascii117o;لن نقاتل إسرائيل من الملاجئ". مسيرته النضالية غير منظورة ولا موثّقة. كان يقضي معظم نهاره في محل الأجبان والألبان، أما ليله، فكان ملك المقاومة. يثور غضبًا إذا ما أوحى أحد رفاقه بعلاقة له بما يجري على الأرض عسكريًا. الإنطباع العام عن حسين أنه كثير المزاح. لطالما حجبت نظارته &laqascii117o;كعب القنينة" الإصرار الذي يسيّر الفتى الطموح. غير مبال بالدنيا وما فيها، إلا أنه لم يترك حظه منها، فشُغف باقتناء البنادق المميزة، موفّرًا جزءًا من أمواله لهذه الغاية. كذلك بنى منزلاً ليتزوج ويُرزق بـ &laqascii117o;كوثر". برع في الموسيقى والعمل الكشفي، هكذا كان في الظاهر، ولكنه، في الكواليس، كان يعد نفسه ليصبح خبيرًا في المدفعية، وخصوصًا الهاون، وبعدها في الصواريخ، التي صارت المقاومة تعتمد عليها لتثبيت توازن الرعب مع العدو الصهيوني:"أمن اللبنانيين مقابل أمن المستوطنين". صار حسين واحدًا من الكوادر الذين يُعتمد عليهم، وحين شنت إسرائيل عملية &laqascii117o;عناقيد الغضب"، كان له صولات وجولات في تنفيذ خطة المقاومة بدك المستعمرات الصهيونية على امتداد الحدود، طولاً وعرضًا.
بعد 15 يومًا من التعب والعرق والجهد والتضحيات، اقتربت المقاومة من تحقيق نصر حقيقي على آلة الحرب الإسرائيلية، ولكن قوة كوموندوس إسرائيلية تسللت إلى مقربة من منزل حسين. قرروا أن ينتقموا منه شخصيًا، بعيدًاعن المواجهة والنزال، كمن له خمسين جندي أو اكثر. بعد أن أنهى طقوسه اليومية، همّ حسين بالخروج من المنزل، أدار ظهره ليقفل الباب، وعن طريق الغدر، أمطره المتربصون بزخات من الرصاص، فمزقوا المكان. إلا أن رصاصة واحدة اخترقت رأسه من الخلف لتنفذ من عينه اليُسرى، كانت كافية ليهوي أمام باب المنزل، ضاماً إلى صدره خرائط عسكرية وإحداثيات وجداول رمي، كانت طيلة الأسبوعين الماضيين زاداً استعان به لأداء مهمته في ضمان انهمار الصواريخ على المستوطنات. وكأنه أراد أن يخفيها عن أعينهم، لعلمه أنهم لن يجرأوا على الاقتراب منه. احتفظ حسين بسره، لا يفشيه لأحد. عبّرأحدهم قائلاً: &laqascii117o;كان لا بد له أن يغادر الدنيا بجسد نظيف، كما كان كفه وقلبه على الدوام".
*حسين سلمان: من بلدة شقرا الجنوبية، استشهد يوم 24 نيسان 1996 قبل يومين من انتهاء حرب عناقيد الغضب التي كان أحد أبرز مقاتليها و.. شهدائها.