- 'الأخبار'
إيران في المتوسّط
خالد صاغية:
في تبريره الهجوم على أسطول الحرية واستمرار الحصار على غزّة، لم يكتفِ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالحديث عن حركة &laqascii117o;حماس" والخطر الذي تمثّله على دولة إسرائيل. قال إنّ حماس تهرّب آلاف الصواريخ إلى غزّة كي تطلقها باتجاه المدن الإسرائيلية. قال أيضاً إنّ لإسرائيل كلّ الحق في أن تمنع دخول هذه الأسلحة وتفتّش السفن التي تنقلها... لكنّ نتنياهو ذهب أبعد من ذلك. فـ&laqascii117o;حماس" و&laqascii117o;الإرهاب" ما عادا يحتلّان عناوين أمر اليوم العالمي. ونتنياهو، في كلمته المتلفزة أمس، لم يكن يخاطب شعبه بقدر ما كان يخاطب &laqascii117o;العالم المتحضّر" لإقناعه بأنّ ما قامت به إسرائيل هو جزء من وظيفتها في المنطقة، تلك الوظيفة التي حدّدها &laqascii117o;العالم المتحضّر" نفسه.
ولمّا كانت إيران تمثّل كلمة السرّ العالميّة اليوم، كان لا بدّ من التركيز عليها. فالهجوم والحصار يهدفان إلى &laqascii117o;منع إيران من إقامة ميناء على المتوسّط يبعد بضعة كيلومترات عن تل أبيب والقدس". وهذا لا يخدم إسرائيل وأمنها وحسب، بل إنّ &laqascii117o;المجتمع الدولي لا يستطيع تحمّل ميناء إيراني على البحر الأبيض المتوسّط... بالقرب من إسرائيل، بالقرب من أوروبا". ويضيف نتنياهو: &laqascii117o;البلدان نفسها التي تنتقدنا اليوم، عليها أن تعلم أنّها ستكون مستهدفة غداً". نتنياهو، إذاً، لا يطلب من أوروبا أن تتفهّم حقّ إسرائيل بالدفاع عن نفسها بالطريقة التي تراها مناسبة، لكنّه يطلب من أوروبا أن تتركه يدافع عنها. أن تتركه، ببساطة، يقوم بعمله! وإذا كانت أوروبا لا تعي حقاً الخطر الإيراني، فلا بأس من اللعب على وتر حساسية المسألة اليهودية لدى الأوروبيين. فوفقاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي، إنّ السفينة التي ارتُكبت أعمال القتل عليها &laqascii117o;لم تكن سفينة محبّة، بل سفينة كراهية"... فقد كان على متنها &laqascii117o;أعضاء ينتمون إلى منظمة متطرّفة تدعم منظمة إرهابية تدعى حماس. وقد حملوا معهم سكاكين وأسلحة أخرى. وأنشدوا هتافات ضدّ اليهود". ركّاب أسطول الحرية هم إذاً إرهابيّون، يعملون لمصلحة إيران، وفوق كلّ ذلك، معادون للساميّة. بكلمة أخرى، إنّهم يجمعون المجد من أطرافه. إذا كان هؤلاء لا يستحقّون القتل، فمن يستحقّه؟.
- 'السفير'
مشكلة في إسرائيل؟
ساطع نور الدين:
يصرف الجمهور العربي وقتاً متزايداً على قراءة وتحليل الموقف الداخلي الإسرائيلي، حتى باتت تستهويه عبارات متداولة بين الإسرائيليين مثل &laqascii117o;نزع الشرعية عن إسرائيل"، و&laqascii117o;العبء الإسرائيلي على أميركا"، و&laqascii117o;وتهور السلوك الإسرائيلي"، و&laqascii117o;وفقدان الثقة الشعبية الإسرائيلية بالمؤسسة السياسية والعسكرية التي تقود الدولة اليهودية من فشل الى آخر... كما صارت تغويه اكثر من اي وقت مضى متابعة الخلافات بين المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، والدعوات الى الاستقالة التي يتبادلونها بعد اي حدث مهم. ويغيب عن بال الجمهور العربي أن مثل هذه العبارات المدوية ليست جديدة على النقاش الداخلي الإسرائيلي، بل لعلها أقل جدية من عبارات كان يجري تداولها في الماضي، مثل الخطر الوجودي الذي تواجهه إسرائيل بعد تفجير عبوة أو إطلاق صاروخ بدائي على أهداف إسرائيلية حتى ولو كانت الأضرار مادية طفيفة او نفسية عابرة. وينسى ذلك الجمهور أيضاً أن النقاشات في إسرائيل ظاهرة طبيعية، صحية، وكذا لجان التحقيق والاستقالات من المناصب السياسية وحتى العسكرية، التي تعقب كل حرب او عملية أمنية كبرى. عبارة &laqascii117o;نزع الشرعية عن إسرائيل" هي الأكثر جاذبية الآن لدى الجمهور العربي، وهي عبارة أطلقها وزير الخارجية الإسرائيلية افيغدور ليبرمان وجعل منها عنواناً لحملة دبلوماسية مضادة أطلقها قبل اسابيع وكلف السفارات والممثليات الإسرائيلية في الخارج بشنها على دول عديدة عربية وإسلامية، بينها السعودية وقطر، ولكنها تستهدف بشكل خاص تركيا التي يشهد موقفها وتعاملها مع إسرائيل تحولاً جوهرياً لا يمكن إنكاره، لكنه لا يمكن أن يرقى، حتى الآن على الأقل، إلى التشكيك بـ&laqascii117o;شرعية" إسرائيل أو سحب الاعتراف التركي بالدولة اليهودية!. ثمة مشكلة سياسية حقيقة تواجهها إسرائيل هذه اللحظات على مختلف المستويات، تعكسها الصحف الإسرائيلية بالتفصيل، لكنها ليست بالخطورة ولا حتى بالجدية التي يفترضها الجمهور العربي. وهي تشبه الى حد بعيد المشكلة التي واجهتها إسرائيل في أعقاب اغتيال القائد في حركة حماس محمود المبحوح في دبي في مطلع هذا العام... والتي لم يبق منها الكثير الآن، ولم تمنع القيادة الإسرائيلية من الإقدام على ارتكاب تلك المذبحة البشعة في المياه الدولية في البحر الأبيض المتوسط، والموجهة أساساً الى دولة إقليمية كبرى مثل تركيا... أكثر مما هي موجهة ضد قطاع غزة الفلسطيني المحاصر أو حركة حماس أو أي طرف عربي آخر. لكن هذه المشكلة لا تبرر بأي حال من الأحوال أن يستنتج الجمهور العربي بمساعدة من إعلامه وكلامييه أن المذبحة البحرية فضحت إسرائيل وعرّتها أمام العالم كله، ووضعتها في حالة حصار أشد من الحصار الذي تفرضه على قطاع غزة، حسبما ردد بعض المعلقين الإسرائيليين، أو أن القيادة الإسرائيلية تهرب الى الأمام من مواجهة إخفاقاتها وخيباتها المتلاحقة، وهي تنتقل من عملية أمنية إلى أخرى بحثاً عن تعويض أو انتصار ضائع. التدقيق في الموقف الداخلي الإسرائيلي يؤدي الى استنتاجات مغايرة قد لا تعجب تلك الشريحة من الجمهور العربي. أما التدقيق في الموقف الغربي والأميركي تحديداً من المذبحة البحرية المروعة، فيؤدي إلى ما هو أسوأ من ذلك بكثير. والبرهان آت.