قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الجمعة 18/6/2010

ـ 'السفير'
شكوى لحزب الله من حزب الله
خليل ارزوني (استاذ في الجامعة اللبنانية):

 سُئلتُ: ما دمتَ من أشد أنصار المقاومة، لماذا لا ترفع شكواك مباشرة للمراجع العليا في الحزب؟ لأنني على يقين أنها لا تصل، ففي مسلك كوادر الأحزاب اللبنانية ما يمنع صعود الشكوى من القاعدة إلى القمة؛ فأية رسالة شاكية في لبنان لن تصل إلى القيادة إلا عبر النشر في الصحافة اليومية الملتزمة، خاصة إذا طالت الكوادر الوسطى وكوادر التماس مع الناس. والجواب جزءٌّ من الشكوى.
حزب الله... واحد أم اثنان؟
في البداية سأختصر ما هو معروف: حزب الله هو الحزب الوحيد من بين أحزاب بداية القرن الحادي والعشرين، الذي يُحسب وزنه بمستوى أكبر من احتساب وزن دُوَلٍ عربية وإسلامية، فقد بات، منذ أن افتـتح زمن هزائم العدو الإسرائيلي لاعبًا سياسيًا على الصعيد الدولي، وأكَّد موقعه في حرب تموز 2006. وربما افتـتح زمن هزائم الأمْرَكة الحاضنة للإرهاب الإسرائيلي والدولي. وخشية دول &laqascii117o;الاعتدال العربي" ودول &laqascii117o;الإرهاب الدولي" ليست بسبب ترسانة الحزب الخفية ولا عقيدته القتالية المُبتكرة وحسب، بل أيضاً في المقام الأول لأنه أصبح &laqascii117o;القاطرة" التي تجر قطار ثقافة المقاومة الحقيقية للمشاريع الصهيونية والاستعمار الحديث. قاطرة لقطار بدأ يُغيِّر مسارات التوازن الإقليمي الدولي القائم. وهو أكثر الأحزاب تنظيمًا واعتمادًا على الدراسات والأبحاث في نشاطه النضالي والسياسي، ويملك إعلامًا ذكيًا، يسعى بمهنية عالية إلى &laqascii117o;الوصية الأساس: حفظ المقاومة واستمرارها".
إلا أن الحزب، بعد دخوله،مرغمًا، في إدارة لبنان عام 2004 تحمَّل تبعات إدارة ليست من صنعه، فبات سخط اللبنانيين يطاله كبقية الأحزاب المعنية، ليس بإمكان حزب الله إصلاح الإدارة: الحزب، على سبيل المثال وحسب تصريحات ممثليه، مع اقتراع الشباب ومع اعتماد النسبية في الانتخابات ومع استعادة حقوق الأساتذة الثانويين، غير أن الآخرين في السلطة لا يريدون ذلك، فيُجاريهم ويرطِّب تصريحاته إزاء هذه المطالب كي لا يستفزهم حفظًا للمقاومة، حتى صحَّ التساؤل: هل الحزب فعلاً مع إقرار تلك المطالب؟ وقِسْ على ذلك ما شئت من أمثلة معروفة للجميع.
لكن مسؤوليات أخرى هي من صنع الحزب نفسه قد تؤدي إلى إرباك الحزب على الصعيد الداخلي. لا أقصد مسؤولية الحزب عن زجليات نزع سلاحه التي يرددها في الداخل قلة من الساسة، فهذه أجندة خارجية غير خافية على أحد. أقصد مجموعة من سلوكيات كوادره باتجاه جماهيره ومؤيديه داخل بيئته الطائفية وبيئته غير الطائفية. قبل مناقشة هذه السلوكيات، من المفيد بل من الضروري أن نُميِّز، نظريًا، بين &laqascii117o;حزبين" في حزب الله: &laqascii117o;حزب الله المقاوم" بمناضليه ومجاهديه في حماية البلد وإحياء ثقافة المواجهة، وحزب آخر هو &laqascii117o;حزب الله اللبناني" بجماهيره ومؤيديه، الذي يكاد يشبه الأحزاب اللبنانية الأخرى، وهو موضوع هذه الشكوى. ولا بد، أيضًا، من تمييز نوعين من المؤيدين اللبنانيين للحزب: مؤيدين له، قام أو قعد، أصاب أو أخطأ، بحسب ما يُعرف بـ&laqascii117o;التكليف الشرعي"، معتبرين أنه هو وحده خلاصُهم ودولتهم المنشودة، ولنُسمِّ هؤلاء &laqascii117o;الجماهير اللصيقة" به، وهم حصراً جزءٌّ واسعٌّ من أبناء الطائفة الشيعية اللبنانية، وهم طائفيون كأنصار معظم الأحزاب اللبنانية. والنوع الثاني هم المؤيدون له بصفته الحزب المقاوم الذي افتتح زمن هزائم العدو والمُواجه الفعلي للاحتلال. من بين هؤلاء يوجد مستقلون وعلمانيون ومثقفون وشخصيات وقوى حزبية غير طائفية.
من تلك السلوكيات، يوجد نُتفٌ متعددة على ألسنة عامة الناس وبعض الخاصة: لا يستفيد من حصته الراشحة عن النظام الطائفي إلا المقربون جدًا منه، كما تفعل بقية الأحزاب اللبنانية. توزَّع مساعداته وتعويضاته، كما تفعل الأحزاب اللبنانية الأخرى وإنْ بدرجة أقل. ربما بعض تساؤلات الناس هي صدى لِمَا يحيط بهم من إحباطٍ اجتماعي واقتصادي، كمظاهر السيطرة الإقطاعية البائدة ومظاهر الغنى لدى كوادر تتنقل بسيارات رباعية الدفع ومُسوَّدة الزجاج، وتسكن بيوتًا عالية الأروقة من دون اتضاح مصادر ثرائها، تماماً كما تفعل كوادر معظم الأحزاب اللبنانية الأخرى ولكن بدرجة أقل سوءًا.. لا غرابة أن تسلك الأحزاب اللبنانية عامة كما أشرنا، الغرابة أن يسلكها حزب استراتيجي المنشأ والهدف، حزب يُشغل الساحة الإقليمية والدولية بنشاطه المقاوم للصهيونية وللاستكبار الدولي وفي الدفاع عن لبنان والقضية الفلسطينية: فهو في الخارج حزب في مصاف دولٍ فاعلة، وفي الداخل حزب قد لا يختلف عن الأحزاب اللبنانية الفاشلة في إدارة البلد، إلا قليلا. فقد أُصيب بأمراض الأحزاب اللبنانية ووقع في &laqascii117o;الشرك اللبناني" حيث العامة من المنتسبين وبعض الخاصة يعتقدون أن الانتساب لحزب لبناني (بغض النظر عن الشعارات) يعني غطاءً سياسيًا للحصول على امتيازات شخصية وغطاءً لخرق القوانين عن طريق موقع الحزب... هكذا هو النظام الطائفي القائم.
استغراق في الأيديولوجية الطائفية
لكن الحزب دخل، عمدًا أو اضطرارا وربما صدفةً، في شرك من نوع آخر أشد وأدهى: &laqascii117o;مبالغة في اعتماد الأيديولوجية الطائفية" أدت إلى تدعيم النظام الطائفي في لبنان. فلنعاين الخطاب السياسي للحزب: الخطاب العام لقادة الحزب والمتحدثين الرسميين باسمه يخلو من التركيز على الغلو الطائفي. فخطابهم هو خطاب وطني قومي شامل، ولا غبار عليه. في مستوى ثانٍ، نصادف في خطاب كوادر التماس بالناس كلامًا طائفيًا صريحًا في البلدات والقرى &laqascii117o;الشيعية الصرفة"، فيظهر حزب الله حزبًا شيعيًا أكثر ممّا هو لبناني عربي. ففي الاحتفلات التي تقيمها بلديات الحزب، على سبيل المثال، (كاحتفال تكريم الطلاب الناجحين) ممنوع عقد الدبكة والأغاني الوطنية بصوت نسائي، فهذا &laqascii117o;يخالف التقاليد المستجدة" وربما فيه حرمة شرعية. أما الخطاب الداخلي التعبوي والمُوَّجه مباشرة لجماهير الحزب اللصيقة، فهو المستوى الأخطر في الاعتماد على الأيديولوجية الطائفية. نحن لا ندَّعي إطلاعًا على ما يجري في اللقاءات التعبوية الداخلية، لكن النتائج الراشحة تٌنبئ بما يكون قد جري: برغم الخطابات الراقية للأمين العام، ما زالت الجماهير اللصيقة للحزب تعتقد أن الشهداء في سبيل الوطن هم شهداء الحزب والطائفة من دون غيرهم. وما زالوا يعتقدون أن مقاومة العدو الإسرائيلي هي ابتكار واختصاص أبناء الطائفة الشيعية، وما كان قبلها هو مضيعة للوقت والجهد والدم. من الحكمة بل من الضرورة استلهام تاريخ البطولات في كربلاء بهدف عضد المقاومة ولو بطابع ديني خاص، ولكن من الخطأ تجاوز بطولات أبي عبيدة الجراح وخالد بن الوليد في فتح بلاد الشام لمصلحة انتشار الإسلام ومحاربة الاحتلال البيزنطي. وممَّا يشكو تاريخ صلاح الدين الأيوبي الذي حجَّم الصليبيين في فلسطين عام 1178م؟ وكيف لا نُقدِّر للمماليك إخراجَهم الصليبيين نهائيًا من فلسطين عام 1291م؟... أليس هذا جزءاً هامّاً من تاريخنا العربي الإسلامي؟ وكيف لجماهيرنا اللصيقة بحزب استراتيجي نموذجي لا تستلهم معنى لثوراتنا في تاريخنا الحديث يفيدنا في عضد المقاومة والتحرير: من ثورات عبد الكريم خطَّابي وميسلون وسلطان باشا الأطرش وعمر المختار والمليون شهيد وبطولات عبد القادر الحسيني، إلى حرب الاستنزاف التي قادها جمال عبد الناصر؟ أليست هذه ثورات وأحداثاً ذات قيمة في تاريخنا وإنْ لم تحمل راية الإمام الحسين(ع)؟ وهل يمكن فصل ثورة كربلاء ضد التسلط والظلم بطابع ديني خاص عن ثورات ضد التسلط والظلم والاحتلال بطابع دنيوي عام؟ ولماذا يصُحُّ مزج الدين بالدنيا لخدمة المقاومة إلا في استلهام تراثنا العربي الإسلامي؟ أليس من مصلحة ثقافة المقاومة الاستفادة من معطيات تاريخنا العام إضافة لمعطيات تاريخ كربلاء؟ جماهير الحزب اللصيقة تدرك تفاصيل ثورة كربلاء وتجد لها معنى في حراك مقاومتنا، وهذا أمر جيد ومطلوب، ولكن لا يعنيها أي معنى لِمَا مرَّ من بطولات ضد المستعمر والمحتل في تاريخنا الطويل.
إن التركيز على تاريخ الطائفة لاستلهام القوة والصلابة من دون التاريخ العربي الإسلامي يخدم جزئيًا مفهوم المقاومة. لكنه يُعزز، كليًا، النظام الطائفي الذي هو علة العلل في لبنان، وربما هو الخطر الوحيد على استمرار المقاومة عبر فتنة طائفية. إن خطابات الأمين العام واضحة جداً في استلهام كل معطيات تاريخنا، غير أن كوادر التثقيف التعبوي، على ما يبدو من نتائج عملهم، يكتفون بتاريخ الطائفة، مما يزيد في لبنان طين الطائفية بلةً... لا بد من الاستدراك قبل تفاقم الأمور.


ـ 'اللواء الإسلامي':
مفتي مصر: التقريب بين السنة والشيعة لا يعني أن يتنازل أحد عن اعتقاداته   

شدَّد الدكتور علي جمعة مفتي جمهورية مصر العربية على أنه يجب شرعُا على المسلمين في كافة أنحاء الأرض على اختلاف ألوانهم، واتجاهاتهم، ومذاهبهم السعي الحثيث والدؤوب نحو الوحدة، وأنه يتحتم عليهم وضع قضية الوحدة الإسلامية موضع الأولوية القصوى، والضرورة الملحة في الخطط القومية باعتبارها واجبًا دينيًا؛ وذلك بالنظر إلى الظروف التي يعيشها المسلمون في الوقت الحاضر&bascii117ll;
وقال أن مفهوم التقريب بين السنة والشيعة لا يعني أن يُدخل أحدُ أهل المذاهب في المذهب الآخر، ولا يعني أن يتنازل أحد عن اعتقاداته، ولا يعني أيضًا فتح الباب لنشر مذاهب الآخرين في غير البلاد الموجودة بها أصلاً مما يثير الفتن والقلاقل، ويخلّ بالنظام العام&bascii117ll;
مشيرًا إلى أنه في الوقت الذي نستنكر فيه المسلك الطائفي، ونرى أنه مخالف لجهود التقريب والحوار، نؤكد أنه لا ينبغي أن يطغى ذلك المسلك على أصوات الحكمة والاعتدال والرشاد؛ الذي ينبغي إبرازه والتواصل معه لخدمة القضايا الاسلامية المعاصرة&bascii117ll;
وكشف الدكتور علي جمعة خلال استقباله السيد مجتبي أماني? السفير الإيراني بالقاهرة عن أن? كثير من علماء المسلمين والأزهر الشريف وغيره من المؤسسات الإسلامية قد أقرٌّوا جواز الاستفادة من التراث الفقهي للمسلمين بصفة عامة؛ بما فيهم تراث علماء الزيدية والإمامية، فهذا من الثراء الفكري الذي لا يسع أحدًا إهداره&bascii117ll;
وأضاف المفتى أننا يجب أن نميز بين بعض السلوكيات الطائفية أو التوسعية التي تنتهجها بعض الحكومات والأفراد والجماعات و الأفكار الطائفية التي تتمسك بها بعض الاتجاهات المتشددةمن جهة وبين المراجعات العلمية الحكيمة والسلوكيات الرشيدة التي يرجع إليها عقلاء المذاهب ومُنَظِّرِيها من جهة أخرى، فإننا وإن كنا نستنكر المسلك الأول ونرى أنه مخالف لجهود التقريب نرى أنه لا ينبغي أن يطغى على المسلك الثاني الذي ينبغي إبرازه.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد