- 'الحياة'
ماذا وراء حملات المعارضة اللبنانية على فرنسا؟
رندة تقي الدين:
عندما شنت اسرائيل حربها الوحشية على لبنان في 2006 كانت فرنسا الدولة الأساسية في وقف العدوان على لبنان وفي ارسال جنودها الى جنوبه في اطار القرار 1701 الذي بذلت جهوداً عملاقة للتوصل اليه. والآن ومنذ الاحداث الاخيرة التي تعرضت لها قوات حفظ السلام في الجنوب اللبناني وتحديداً الوحدة الفرنسية، هناك تطور جديد، اذ ان بعض اوساط المعارضة اللبنانية تستهدف مجدداً اتفاقيات أمنية وقعها وزير الداخلية اللبناني زياد بارود مع نظيره الفرنسي بريس أورتوفو. فهذه الاتفاقيات كان تم التوافق عليها من الرئاسة اللبنانية والحكومة. وكان بارود المعروف بكفاءته ومهنيته قد عرضها على جميع المسؤولين المعنيين بمن فيهم وزراء المعارضة، والسؤال اليوم: لماذا هذه الحملات على فرنسا؟ هل لأنها عبر جنودها تحمي استقرار وسلامة أراضي الجنوب اللبناني؟ ولماذا الاتهامات التي اعتبرتها فرنسا مهينة بأنها عقدت صفقة مع اسرائيل في حال شنت حرباً على لبنان؟هذه الحملات على فرنسا من جانب &laqascii117o;حزب الله" وحلفائه تطرح اسئلة حول نيات هذا الحزب بالنسبة الى موقع لبنان في العالم وبين أصدقائه مثل فرنسا. ففرنسا تقيم مع وزراء &laqascii117o;حزب الله" الممثلين في الحكومة علاقات طبيعية، وسفيرها في لبنان ديني بييتون هو من كبار الخبراء في قضايا المنطقة في الخارجية الفرنسية وله علاقات مع الجميع في لبنان ولا يمكن أحداً اتهامه بالانحياز الى أي طرف، فهو ديبلوماسي ماهر ومعروف في جميع الأوساط الفرنسية والعربية حيث عمل بكفاءة. فماذا وراء هذه الحملات؟ هل هي بداية محاولة لإبعاد لبنان عن أصدقائه الغربيين وتغيير موقعه على الساحة العالمية لحساب حليفة &laqascii117o;حزب الله" ايران في مواجهتها مع الاسرة الدولية حول الملف النووي؟ أم أن &laqascii117o;حزب الله" يريد لبنان منفرداً مع ايران وسورية. فلسورية علاقات جيدة مع فرنسا بحسب ما قال أمين عام الرئاسة كلود غيان لـ &laqascii117o;الحياة". فإذا كانت ايران تريد استخدام ورقة &laqascii117o;حزب الله" ولبنان في مواجهتها مع الاسرة الدولية، فهذا مقلق جداً للبنان ولمستقبل &laqascii117o;اليونيفيل" في لبنان. فباريس ستجدد لقواتها في نهاية آب (أغسطس) المقبل، إلا أن هذه الحملات عليها غير مفيدة لمستقبل هذه القوات الموجودة من اجل سلامة الاراضي اللبنانية، وهي وحدات تقوم بأعمال اجتماعية من تعليم ومدارس يحتاج اليها اهالي الجنوب. فهل تبدأ معركة ايران مع الاسرة الدولية على ارض لبنان؟ وهل هناك انزعاج من الجيش والحكومة اللبنانية من أن قائد الوحدة الفرنسية يريد تطبيق مهمة القوة في اطار القرار 1701 بحذافيره وهو ملتزم حرية التحرك لجنوده من دون مواكبة الجيش لهم. وهو ما قاله السفير الفرنسي ديني بييتون من ان مبدأ قوات حفظ السلام قائم على حرية تحرك الجنود، فلا يمكن تصور قوات حفظ سلام باقية في ثكناتها...
- 'النهار'
عن المحكمة... والفتنة
عبد الوهاب بدرخان:
.. مرّ التحقيق الدولي بأخطاء واختراقات وتدخلات، ولعله في مرحلته الاخيرة استطاع أن يعالج كل المآخذ التي سيصادفها عندما تبدأ المحكمة النظر في القضية. فالتعامل المحترف مع الادلة المتوفرة هو المنهج الافضل لتفادي التسييس، مع أن القضية سياسية أولا وأخيرا، وحتى لو تركز الاتهام على طرف 'هامشي' فسيكون بالضرورة طرفا سياسيا مرتكبا جريمة سياسية مئة في المئة. واذا كان البعض يعتبر ان تقرير 'در شبيغل' دليل آخر على التسييس، خصوصا بالاتهامات التي تضمنها لـ'حزب الله'، فمن المؤكد ان الحزب أجرى تحقيقه الخاص في المصادر الملتبسة التي استرشدت المجلة الالمانية، ولا بد انه توصل الى اشتباهات بجهات يفترض أنها 'صديقة'. للأسف، يستدل من الحملة على المحكمة والقرار الظني حتى قبل صدوره أنها تسعى الى ربط أي اتهام محتمل بواقع 'أن قضاة المحكمة هم قضاة دول تربطها علاقة وثيقة بأميركا'، وطالما ان اميركا معادية لـ'حزب الله' او لسوريا فهذا يعني تلقائيا ان الاتهامات مسيسة، وبالتالي فهي مرفوضة كليا وبلا أي جدل، بل لا لزوم لها، مثلما ان التحقيق والمحكمة واضطلاع مجلس الامن الدولي بجريمة الاغتيال لم يكن لها أي داع. وعدا التسريبات التي تبرعت بها نشرات الاعلام الاستخباري، فان اشارات التهديد والوعيد باتت تروّج لفتنة هدفها تحديدا حشر الدولة والحكومة ودفعهما الى عدم التعاون مع المحكمة والتنصل منها جملة وتفصيلا.ولكي تكتمل عناصر التسميم كان لا بد ان يتبرع رئيس الاركان الاسرائيلي بتوقعه توترا في البلد بعد صدور القرار الظني، وكأنه أراد تقديم 'هدية' اضافية الى خصوم المحكمة الذين تأبطوا تصريحاته للمحاججة بها ضد الفريق المعوّل على المحكمة. ولا شك ان تهم 'العمالة' و'الخيانة' جاهزة منذ الآن لكل من تسوّل له نفسه الاعتراف او حتى مجرد التعامل العقلاني مع مجريات المحكمة.اذا كان القرار الظني المرتقب ينذر بفتنة، كما يعدنا الجنرال الاسرائيلي وخصوم المحكمة اللبنانيون، فإن هيئة الحوار الوطني تبدو مدعوة، بل ملزمة ومجبرة على تدارس الامر وايجاد ضوابط للوضع منذ الآن. فمن يرى الشر آتيا ولا يبادر الى التصدي له كمن يرحب به للوقوع فيه. وهذا ذروة التخاذل والعبث.
- 'السفير'
اجتثاث العملاء.. مسؤولية الجميع
واصف شرارة:
استرعى النشاط المكثف الذي قامت به الأجهزة الأمنية مؤخراً الانتباه في كشف العديد العديد من شبكات التعامل مع العدو الصهيوني، ولعل أخطرها عميل شبكة &laqascii117o;ألفا" للاتصالات الذي أشارت المعلومات الى الفترة الزمنية الطويلة التي أمضاها في خدمة العدو وتسهيل مهمته ووفرة ما قدمه له ضد أبناء شعبه ووطنه. وما يجدر التوقف عنده هو أعداد المتعاملين والشبكات على الأرض اللبنانية التي راحت تتزايد وتنمو كالفطر، خاصة خلال الفترة التي أعقبت حرب تموز 2006 حتى الآن، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لو أن العقوبات والاجراءات التي اتخذت بحق العملاء منذ العام 2000 وبعد التحرير كانت رادعة وكافية ما كان تجرأ العديد منهم على سلوك هذا المنحدر ولا تجرأ أيضاً العديد من السياسيين للدفاع عن العملاء الذين لا يزال قسم منهم يعيش ويقيم داخل الأرض المحتلة بعد التحرير، وما كانت نغمة &laqascii117o;الحياد" التي يجاهر بها البعض تتصاعد مقترنة مع تصريحات بعض رجال الدين والسياسة وحول سلاح المقاومة، وما لهذه التصريحات من إحياء الانقسام الطائفي والمذهبي الذي أقل ما يقال فيه انه يحضّر لفتنة ما مهدت لها أموال الولايات المتحدة وحلفائها العرب، كما أكد ذلك &laqascii117o;جيفري فيلتمان" حول نصف مليار دولار وزعتها إدارته في لبنان خلال السنوات الخمس الماضية بهدف تشوبه صورة المقاومة، وبالتالي تحضير الأجواء لفتنة مذهبية أولاً ومن ثم الى صراع طائفي ثانياً. إن الضجة التي أثارها البعض لدى توقيف بعض الجواسيس ما هي إلا لتوهين جرم التجسس للعدو الصهيوني ولربط هذا التوقيف بمآرب سياسية لاستثارة غرائز وتضليل الرأي العام، وهذا ليس إلا أداءً ممنهجاً ومريباً الهدف منه إخفاء الحقائق وصرف الانتباه عن مخاطر الانكشاف الأمني والاستباحة الصهيونية لقطاعات حيوية في لبنان، وإسهاماً في توفير مظلة محلية للمتعاملين. وثمة من يعتقد أن لبنان ساحة ملائمة لعمل أي جهاز استخباري في العالم، وبالأخص &laqascii117o;الموساد"، والحاجة الإسرائيلية الى المعلومات الدقيقة تعاظمت بعدما اكتشفت القيادة العسكرية في صيف 2006 ان &laqascii117o;بنك الأهداف" الذي تملكه يحتاج الى تجديد وتحديث، وان المقاومة استطاعت ان تخدع القيادة الإسرائيلية على أكثر من صعيد. ومنذ نشأة &laqascii117o;حزب الله" في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، تدور حرب متواصلة بينه وبين الكيان الغاصب، وقد خاض الحزب معارك كبرى عدة مع &laqascii117o;إسرائيل" في العامين 1993 و1996 وحرب 2006 كانت أكبر هذه الحروب وأشرسها. كما خاض الحزب حرب استنزاف طويلة ضد الجيش الإسرائيلي والعملاء في جنوب لبنان استمرت نحو عقدين من الزمن ولم تنته بانسحاب العدو عن معظم أرض الجنوب عام 2000، ويخوض الحزب مع العدو في كل يوم وساعة ودقيقة حرباً سرية استخبارية لا يعرف الناس من فصولها إلا ما يسربه هذا الجانب أو ذاك من نجاحات يحققها. ويشكل جهاز &laqascii117o;الموساد" الإسرائيلي نموذجاً للإرهاب، وبرزت الى العلن مفاعيل بعض أعماله، ولكن هذا الجهاز يضع الخطط لتكون برامج تلتزم بها إسرائيل بالسير عليها من أجل ما تسميه النجاح الأمني والذي تبحث عنه بعد الاخفاقات الكثيرة من الوزن الثقيل في حرب العام 2006 في الجنوب اللبناني وفي حرب غزة، وهذا ما دفع بمئير داغان رئيس &laqascii117o;الموساد" للاعلان قبل أسابيع أن الولايات المتحدة باتت تميل الى اعتبار إسرائيل عبئاً لا ذخراً أمنياً لها، وهناك بدأت تظهر في الصحف الإسرائيلية مطالبات عديدة لإقالته جراء الاخفاقات المتكررة السياسية والعملياتية على حد سواء، وهذا أيضاً ما يدفع &laqascii117o;الموساد" للتركيز على خلايا وشبكات تحاول من خلالها تحقيق بعض &laqascii117o;الانجاز" الذي لم تستطع الحصول عليه من قبل.
وإذا كان &laqascii117o;الموساد" رأس حربة الكيان الصهيوني، فإنه بعد هذه الاخفاقات لم يعد تلك المنظمة المرعبة التي تحيط نفسها بستار حديدي، بل أصبحت منظمة تضم اليوم وكما في الأمس مجموعة قتلة ليس إلا!! والضربة القوية التي تلقاها &laqascii117o;الموساد" كانت من المقاومة عندما وجهت إليه احدى ضرباتها القاسية يوم جرّت العقيد &laqascii117o;تننباوم" برجليه الى بيروت في عملية معقّدة جداً وخلصت الى مبادلته بأسرى ومعتقلين لبنانيين، كما ان الجيش اللبناني استطاع في واحدة من أخطر العمليات دقة من سحب العميل المسجل &laqascii117o;خطر" أحمد الحلاق من داخل الشريط المحتل الى بيروت ومحاكمته أمام القضاء وإعدامه ليلقى القصاص العادل، وعلى هذا الأساس كان يجب الاستمرار بمحاكمة كل العملاء ليلقوا العقاب والقصاص العادل وليكونوا عبره لمن يعتبر، لكن المحاكمات التي جرت عقب تحرير المنطقة والأحكام المخففة دفعت بالعديد منهم للاستمرار في غيّهم. إن الدولة كلها يجب أن تستنفر كل أجهزتها لضرب العملاء ومحاكمتهم على طريقة محاكمة العميل الحلاق، فكيف يعقل أن يفلت العميل محمود رافع الذي كان وراء استشهاد الأخوين المجذوب في صيدا والذي ارتكب بحق الوطن وأبناءه جرائم من حبل المشنقة. أمام هذا العدد من الشبكات ومن العملاء نرى أن لبنان مستهدف مباشرة وهو في المرمى الإسرائيلي على مستويات مختلفة، وان إسرائيل تمكنت من استغلال الصراع القائم على الساحة اللبنانية وتمكنت من النفاذ الى داخل بعض القوى بهدف تحقيق اختراقات ملموسة، مستغلة ما أحدثه هذا الصراع وهذا الانقسام اللبناني من خلل في مناعة الجسم اللبناني تجاه مسألة الصراع مع العدو التي لا يمكن تعويضها إلا بمزيد من التلاحم والتنسيق بين الجيش والمقاومة. إن اجتثاث العمالة وإنزال العقاب الرادع والقاسي بحق كل عميل باع نفسه وضميره وسخّر حاله أداة طيّعة بيد العدو هو مطلب وطني لا جدال فيه، لأن التهاون والخنوع في هذا الموضوع دفعا وسيدفعان بأصحاب النفوس الرخيصة ليكونوا لعبة بيد الأعداء.
- 'السفير'
جردة حساب مطلبية برسم الدولة في يوم الأسير اللبناني: للأسرى المحررين حقوق في الرعاية الصحية والتوظيف والتعلّم
نبيه عواضة:
في يوم الأسير اللبناني الذي يصادف في الرابع عشر من تموز من كل عام، من المجدي التوقف أمام المستقبل الذي ينتظر كل أسير تحرر، في الدولة التي خدمها بحياته. للأسرى المحررين لجان ترفع مطالبهم. وللدولة آذان، أحياناً تسمع وتستجيب، وأحياناً تختار عدم السمع كي لا تستجيب، وفي أحيان أخرى تشهر في وجوه أصحاب المطالب عجزها وقلة حيلتها، فيبقى الأسير رهناً برغباتها وقدراتها وبتوازن القوى الآن ومنذ حين وبعد قليل، ليفوز بحقوقه. فيبقى أسرى كثيرون بلا شبكة اجتماعية تتلقفهم فور تحريرهم، لتمدهم بالتأهيل وبالوظيفة التي تمكّنهم من بناء حياة جديدة لائقة.. إن لم يكن الأسير ابناً لمنظومة حزبية أو طائفية ترعاه، وتتكفل بصناعة غده. ما هي إنجازات الدولة حتى اللحظة على مستوى حقوق الأسرى المحررين؟ وما هي البنود التي تنتظر في الأدراج قراراً يحسّن حياة فئة من المواطنين اعتبرت حياتها وسيلة لخدمة بلدها، في يوم من الأيام؟ يمكن اعتبار القانون 364 القاضي بمنح تعويضات مالية للأسرى المحررين، والذي صدر في العام 2001، الانجاز الأهم على صعيد تحسين ظروف الحرية، لما يقارب 8834 أسيرا، تحرروا من سجون العدو الإسرائيلي ومعتقلاته. كما يمكن إدراج وسام الأسير الذي صدر مرسومه التطبيقي عن مجلس الوزراء في شباط 2010، واحدا من الانجازات المهمة تجاه المحررين، فهو على الرغم من ملاحظات لجان الأسرى عليه، إلا أنه يحمل بعدا معنويا. وعلى الرغم من إنجاز القسم الأكبر من تطبيق القانون، إلا أنه لا يزال عالقا لدى وزارة الدفاع، قرابة ألف ملف لأسرى محررين، يتم التدقيق في بياناتهم المقدمة لوزارة المالية، والمحالة إلى وزارة الدفاع، كونهم لا يملكون أوراقا رسمية من الصليب الأحمر الدولي، تثبت تاريخ أسرهم وتاريخ تحريرهم. ويتراوح الشعار المطلبي لدى الأسرى، بين ما هو عيني يتعلق بإيجاد حوافز مادية، تسند حياتهم، بعد حالة القطع التي عاشوها، بعيدا عن مجتمعهم بسبب الاعتقال القسري، ومن هنا، تأتي أهمية القانون 364، وبين ما هو معنوي مرتبط بإيجاد صيغ لدمج الأسرى في مجتمعهم، ما لم يأت القانون على ذكره. فتأهيل الأسرى المحررين مهمة أساسية تقع على عاتق وزارة الشؤون الاجتماعية التي لم تتطلع حتى الآن إلى هذه الشريحة الكبيرة من المواطنين الذين لا يزال قسم منهم يعاني اضطرابات نفسية نتيجة التعذيب الذي مورس بحقهم. بالإضافة إلى ذلك، يشكل مطلب الحصول على البطاقة الصحية المهمة الأولى للجان الأسرى في المرحلة المقبلة، وهم مجمعون على اعتبار ذلك المطلب حقا من حقوقهم على الدولة. فالإعاقات الجسدية والأمراض المزمنة التي يعانيها قسم كبير منهم، والناتجة من الاعتقال، تحتاج إلى رعاية صحية دائمة ومستمرة، خاصة لأولئك الذين لا يستفيدون من الضمان الاجتماعي أو شركات التأمين الخاصة. وحالياً، تتلقى نسبة 15 في المئة من الأسرى العلاج عن طريق مجلس الجنوب، ولكن، في آليات تتضمن بعض العناء. فمثلا، إذا أصيب أحدهم بوعكة صحية، يترتب عليه الحضور إلى مجلس الجنوب للقيام ببعض الإجراءات الإدارية، كي يتم تحويله إلى الطبيب المختص. أما إذا أراد شراء الأدوية فعليه حمل كتاب إلى صيدلية يتعاقد معها مجلس الجنوب، لكي يحصل منها على الدواء. أما في ما يتعلق بدمج الأسرى في المجتمع فإن تطبيق قرارات مجلس الوزراء الصادرة في السنوات 1993 و1998 و2000 المتعلقة بإعطاء الأولوية للأسرى المحررين، بالتوظيف في الإدارات العامة، في ظل إعفائهم من شروط السن والخبرة والشهادة، يشكل مدخلا صحيحا للمعالجة، خاصة في ظل وجود تجربة في ذلك المجال، وهي استيعاب 75 أسيرا في هيئة &laqascii117o;أوجيرو" للاتصالات، على الرغم من وجود 16 شخصا توظفوا، ولم يدخلوا المعتقل أصلا. بالإضافة إلى ذلك، تحضر إتاحة المجال للأسرى المحررين الذين كانوا يتمتعون بوظائف قبل اعتقالهم، بالعودة إلى وظائفهم السابقة في القطاعين العام والخاص، لأن هناك عددا لا بأس به منهم لم يعد إلى مزاولة مهنته السابقة، إما لاستغناء أصحاب العمل عن خدماتهم، أو لعدم قدرتهم البدنية على القيام بما كانوا يستطيعون القيام به قبل اعتقالهم.
تبقى هناك مشكلة أخرى يعانيها المحررون، وتتعلق بفتح المجال لمن يرغب منهم، ضمن شروط معينة، بالدخول إلى الجامعات أو المعاهد الرسمية. فهناك قسم كبير من المحررين لا يستطيع الدخول إلى الجامعة بسبب القوانين التي تشترط عامل السن، أو بسبب صعوبة المناهج، بعد فترة من الانقطاع عن التعلم، أو لوجود إشكاليات تعيق تعديل الشهادات التي يحملها البعض منهم، سواء كانت شهادة جامعة أو مهنية أو مدرسية. وهناك أيضاً مطلب المحررين بإصدار وزارة التربية قرار استفادتهم من المساعدات المدرسية، أسوة بالموظفين، على أن يسري القرار فقط على الأسرى الذين لا يعملون، ولا يحصلون على المساعدة المدرسية، أو يتلقون منحة من جهة معينة. لقد حدد القانون 364 عدد المعوقين والشهداء الأسرى بـ25 أسيرا، وهو أمر أسقط إدراج العديد من الحالات ممن كان يحق لهم الاستفادة من القانون. إن استيعاب الأسرى ضمن ملاك الدولة، وتأمين الرعاية الصحية والطبابة لهم، وفتح المجال للراغبين والقادرين منهم في التعلم، ووضع برنامج تأهيلي تقوم به وزارة الشؤون الاجتماعية، بالتعاون مع جمعيات ومنظمات مدنية، تشكل العناوين الأبرز لخطة تحرك تعدها هيئة ممثلي الأسرى في المرحلة المقبلة، في ظل بقاء هاجس كشف مصير المفقودين، مسيطرا على اللجان والمنظمات العاملة على صعيد المعتقلين، وفي ظل وجود حالة الأسير المفقود عبد الله عليان الذي سبق للصليب الأحمر الدولي أن التقاه في العام 1981 ولدى أهله إفادة تثبت ذلك، لتنقطع أخباره بصورة مفاجئة. وفي ذلك، رسالة مفادها أن الملف لم يقفل بعد.
- 'السفير'
من يضغط على إسرائيل لإطلاق سراح الدبلوماسيين الإيرانيين؟
ابراهيم حرشي:
أحيت إيران الذكرى الـ28 لاختطاف الدبلوماسيين الإيرانيين الأربعة الذين اختُطفوا في الرابع من تموز من عام 1982 وتم تسليمهم في ما بعد الى الكيان الصهيوني على يد بعض الميليشيات المرتبطة به في ذلك الحين. هذه القضية بقيت جرحاً نازفاً في ضمير الإنسانية جمعاء وشرعة حقوق الإنسان، لكنها في الذكرى تفتح الباب واسعاً على الكثير من المعطيات حول الدور السلبي الذي لطالما لعبه الكيان الصهيوني في التأثير على كاهل لبنان وشعبه وتوريطه في العديد من القضايا والجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية جمعاء, وهو أمر يلقي تالياً الضوء على حاجة هذا البلد الى المقاومة بوجه أطماعه وتأثيراته الجانبية بعيداً عن أصوات النشاز التي نسمعها باستمرار من هنا وهناك حول سلاح المقاومة ودوره. وفي وقفة سريعة أمام قضية هؤلاء الدبلوماسيين القابعين في غياهب السجون الاسرائيلية، كونها قضية تعني كل أحرار العالم وترتبط بمبادئ الحق والعدل وشرعة حقوق الإنسان, فهي قضية أشخاص محتجزين منذ ثلاثة عقود دون وجه حق وفق ما تقاطعت عليه مصادر المعلومات من أكثر من جهة اقليمية ودولية وحتى صهيونية إعلامية, برغم الترهات التي بعثت بها الحكومة الإسرائيلية مجبرة على أثر &laqascii117o;عملية الرضوان" لتبادل الأسرى, للأمم المتحدة حول هذه القضية والتي تدل على أن هذا الكيان لا يحترم المنظمات الدولية ولا يسمع للمؤسسات والقوانين والأعراف الدولية، ولمَ لا يتنكر لكل ذلك وهو الذي يرى سياسة الكيل بمكيالين ازاء جرائمه وآثامه في العالم؟ فقضية هؤلاء الدبلوماسيين تدخل ضمن نطاق الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ولا سيما اتفاقية فيينا التي تظلّل من يتمتع بالحصانة الدبلوماسية بالحماية الدولية من جهة، كما تتبع ايضاً لاتفاقية جنيف حول تحميل اسرائيل بوصفها البلد المحتل للبنان عام 1982 حين وقوع جرم الخطف مسؤولية كاملة عن جريمة خطف هؤلاء الدبلوماسيين ونقلهم الى السجون الاسرائيلية. حتى ان بعض الأجوبة الصهيونية في هذا المضمار كانت تربط بين هؤلاء وقضية الطيار الاسرائيلي المفقود في لبنان على رغم اختلاف القضيتين بين دبلوماسيين يخطفون من أماكن عملهم, وطيار يعتدي على اللبنانيين ورغم فارق الزمن بين القضيتين أيضاً. لقد شكلت هذه القضية الإنسانية على مدى عقود مرّت عنواناً للحراك الدبلوماسي الايراني، لا سيما مع المنظمات الدولية التي تقع عليها مسؤولية إيجاد المخرج الملائم لهذه القضية وإعادة الدبلوماسيين سالمين الى وطنهم وأهلهم. وحتى على مستوى العلاقات اللبنانية ـ الإيرانية فقد بذل اللبنانيون في ظلّ الحكومات المتعاقبة الكثير من الجهود التي بقيت عاجزةً عن إيصال القضية الى خواتيمها الإيجابية، وهو ما يضع على كاهل حكومة الرئيس سعد الحريري مسؤولية أخلاقية وسياسية في بذل المزيد لهذه الغاية.
ـ 'المستقبل'
الهدوء الوهمي على الحدود الشمالية
إيال زيسر (رئيس مركز دايان للدراسات):
مضت أربع سنوات على نهاية حرب لبنان الثانية، وثمة في الجيش الإسرائيلي من يقول بأن وضعنا على طول الحدود الشمالية لم يكن أبداً أفضل مما هو عليه اليوم. وحتى أنه في تقرير موجز للصحافيين أُعلن عن هدوء مطلق، ساد على طول الحدود في السنوات الأربع الماضية، كما لم يحصل يوماً منذ إقامة دولة إسرائيل قبل 62 عاماً. ثمة ما يثير الازعاج في الكلام الذي يثني على إنجازات حرب لبنان الثانية. فهذا الثناء يشبه كثيرا المحددات الراسخة التي كانت لدى القيادة الإسرائيلية عشية حرب يوم الغفران، التي بحسبها كان وضع إسرائيل، التي قواتها منتشرة ومستعدة في حينها على طول قناة السويس وفي أعالي هضبة الجولان، في أحسن حال. وبعد عدة أشهر من هذا الاستعداد الذي سُمع عنه، اندلعت الحرب وكل الباقي، تاريخ. بفضل تلك المصادر العسكرية يجب الإشارة إلى أنه إلى جانب الثناء بسبب الهدوء الذي يسود الحدود، عادوا وحذروا من تسلّح وتموضع حزب الله في القرى الشيعية في جنوب لبنان. وبعد كل شيء، هذا التنظيم ضاعف قوته ثلاث مرات وهو يستطيع اليوم إمطار إسرائيل بأكثر من 500 صاروخ يومياً، مقابل حوالي 150 فقط خلال أيام الحرب. على كل حال، حرب لبنان الثانية هي نموذج لحدث، يظهر بعد مضي الزمن بشكل مختلف عما بدا وقت حصوله. ولذلك، ما يرى من مسافة أربع سنوات لم يكن دائماً واضحاً ومفهوماً خلال الحرب أو بعدها بقليل. على الرغم من التصرف البائس للقيادة الإسرائيلية، فحزب الله تلقى ضربة قاسية هناك ثلاث أمور يجب أن نأخذها من هذه الحرب. أولا، حزب الله تلقى أثناء الحرب ضربة قاسية عانى فترة طويلة للنهوض منها. الثمن المخيف بالخسائر البشرية، أيضاً بمفاهيم اقتصادية، الذي دفعه التنظيم ودفعه داعموه، أبناء الطائفة الشيعية في لبنان، يشكّل مكوّنا أساسيا في قراره المحافظة على الهدوء على طول الحدود. ليس فقط إسرائيل تخاف من حزب الله، إنما أيضاً حزب الله يخاف منها خوفاً مميتاً. والدليل، أن الأمين العام للحزب حسن نصرالله ما زال مختبئاً في ملجأ تحت الأرض ولم يخرج منه يوماً إلى الضوء منذ نهاية الحرب. بيد أن الضربة القاسية التي تلقاها الحزب خلال الحرب، ومعه لبنان كله، لم نراها وقت الحرب. من هنا جاء الجو الكئيب والشعور بالفشل الذي أحاط بإسرائيل، عن غير حق، مع نهاية الحرب. وفي الواقع، في السنوات التي تلت ذلك، بدأ يتبين إلى أي حد الضربات التي وجهتها إسرائيل للبنى التحتية الإجتماعية والإقتصادية لحزب الله كانت فعالة.
ثانياً، على الرغم من الضربة القاسية التي تلقاها حزب الله، فهو لم ينكسر أو يُدمّر. فقد وقع على الأرض وسال دمه فترة طويلة، لكن في نهاية الأمر تخطى التحدي الذي وضُع أمامه ونجح مجدداً في ترميم نفسه. فحزب الله اليوم هو تنظيم مصاب بندوب الحرب، لكن احياناً الضربات تقوّي وتعزّز. وفي الواقع، الأمر يتعلق اليوم بتنظيم أكثر نضجا وخبرة وتجربة، يتعلّم من أخطائه ويستخلص العبر من الفشل. من هنا ينبع أيضاً خطره. أحد التعبيرات للتعاظم هي الهدوء الذي يحافظ عليه حزب الله على طول الحدود مع إسرائيل وجهوده لمنع أي تعقيد إضافي بأي ثمن، مثل حادثة خطف الجنود في 12 تموز 2006. هذه الحادثة التي أشعلت كما هو معروف، نيران الحرب بين إسرائيل ولبنان. وبعد كل شيء، في شرق أوسط أيامنا، اللعبة هي لعبة النجاة، ومن هذه الناحية يجب الاعتراف بأن حزب الله نجا من المحاولة الإسرائيلية للقضاء عليه. فبالنسبة للحزب يتعلق الأمر بإنجاز لا يمكن تجاهله، حتى ولو كان الأمر يتعلق خاصة بإنجاز نظري في الواقع النظري التي تنتجه الوسائل الإعلامية في إسرائيل وخارجها. وأخيراً، الضربة التي تلقاها حزب الله خلال الحرب، كما أن الهدوء الذي يسود على طول الحدود منذ نهاية الحرب، ممنوع أن يُنسينا التصرّف البائس للقيادة العسكرية والسياسية لإسرائيل أثناء تلك الحرب. كان للحرب إنجازات، لا شك بهذا الأمر، لكن المأساة هي أن الإنجازات نفسها كان يمكن إحرازها بثمن أقل بكثير وبفترة أقصر بكثير بالنسبة للثمن الذي دفعته إسرائيل وبالنسبة للوقت الذي احتاجته لإنهائها. فإنجازات الحرب لم تكن، مع ذلك، نتيجة تصرّف القيادة الإسرائيلية، وهي تحققت بثمن مبالغ به وضمن فترة طويلة جداً، وبشكل خاص على الرغم من السلوك الإسرائيلي.
حزب الله ينتظر الفرصة الملائمة، على إسرائيل الإستعداد كما يجب
منذ الحرب يسود هدوء حذر على طول الحدود مع لبنان. حزب الله ارتدع، لا شك بذلك، لكن يجب أن نذكّر بأن الحافز لدى التنظيم لضرب إسرائيل ما زال موجوداً. وهو ينتظر فقط الفرصة الملائمة لتجديد نشاطه الإرهابي على طول الحدود، أيضاً لإقفال عدة حسابات مفتوحة لديه مع إسرائيل. من هذه الناحية الوضع على طول الحدود الشمالية يشبه الوضع الذي ساد بين إسرائيل وبين أعدائها العرب مباشرة بعد نهاية حرب الستة أيام. الردع يعمل، الهدوء سائد، لكن الحافز لتجديد القتال في إسرائيل لم يختفِ والعدو ينتظر الفرصة الملائمة. إسرائيل نجحت إذا في إيجاد فعل الردع مقابل حزب الله، لكنها لم تنجح في في معالجة مسألة حافزيته، كما فشلت بمحاولات منع تسلحه. بعد عدة أشهر من إعلان وقف إطلاق النار على طول قناة السويس في آذار 1970، حرك المصريون بطاريات صواريخ أرض-جو باتجاه القناة. إسرائيل امتنعت عن مهاجمة هذه الصواريخ، لأنه أُعلن بين الجيشين الإسرائيلي والمصري عن وقف إطلاق النار. في نهاية الأمر، كما هو معروف، جبت الصواريخ المصرية ثمناً غالياً من سلاح الجو الإسرائيلي خلال حرب يوم الغفران. مثل الصواريخ المصرية، أيضاً صواريخ حزب الله قد تجبي من إسرائيل ثمناً غالياً في المستقبل. إذا ما هو الحل على المدى الطويل؟ تحريك عملية سياسية في الجبهة الشمالية، قد تنطوي على حل استراتيجي- سلام بين إسرائيل وسوريا سيساعد على إبطال تهديد حزب الله. في غضون ذلك، إلى أن تتحرّك عملية كهذه، هذا في حال تحركت، على إسرائيل أن تعزّز قدرة الردع لديها، زيادة قوتها ومنعتها، وبشكل خاص البحث من دون توقف عن رد لتحدي صواريخ حزب الله، سواء عبر تأمين دفاع ضد هذه الصواريخ، أو عبر تطوير قدرة نيران توقف شهية حزب الله على التحرّش بإسرائيل أو حتى استئناف (موقع نعناع الإخباري 13/7/2010 (ترجمة: عباس اسماعيل).