قضايا وآراء » قضايا وآراء مختارة من الصحف اللبنانية الصادرة الخميس 15/7/2010

ـ 'النهار'
خطة الطريق الأميركية للبنان
عبد الحميد فاخوري:

ان الشهادة التي أدلى بها مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان (سفير الولايات المتحدة السابق في لبنان خلال حرب تموز 2006 وما تلاها من احداث) في شأن حزب الله جديرة بالدرس، لا لأنها تضيف جديدا الى موقف الولايات المتحدة من المقاومة، بل لانها تحدد بدقة خريطة الطريق لتطبيق هذا الموقف يستنير به، بل يتبعه بالتفصيل بعض القوى المعروفة من حزبية ومدنية ودينية في لبنان وكذلك ما يعرف بالدول المعتدلة في المنطقة.
في التعريف بالحزب:
يشهد فيلتمان على 'ان استمرار وجود حزب الله كجماعة ارهابية مسلحة تسليحاً جيدا، فضلا عن علاقته القوية بايران وسوريا... يهدد مصالح الولايات المتحدة ولبنان وشركائنا في المنطقة وعلى رأسهم اسرائيل'، وهو اي الحزب 'لا يزال اكثر المجموعات الارهابية قدرة في العالم وهو يشكل تهديدا متواصلا للولايات المتحدة، و'حزب الله لا يزال اكثر المجموعات الارهابية قدرة في العالم'، و'الحزب يشارك بشكل مكثف في مجموعة واسعة من النشاطات الاجرامية بما في ذلك تجارة وتهريب المخدرات'.
اذا فالحزب يشكل اخطر تهديد لمصالح 1 – الولايات المتحدة، 2 – اسرائيل، 3 – لبنان، 4 – الشركاء الآخرين في المنطقة (اي الدول العربية المعتدلة التي لا تقارب مجتمعة اهمية اسرائيل!). ولا بد من الملاحظة هنا ان شيطنة حزب الله واعتباره شراً مطلقاً هي سياسة يتبعها النظام السياسي الاميركي منذ ايام الحرب الباردة، بل قبل ذلك، تجاه من يعتبره عدواً، مستخدماً في ذلك آلته الاعلامية التي يخصص لها امكانات مالية هائلة.
في وسائل المعالجة:

1 – حماية اسرائيل:
يقول فيلتمان 'ان ادارة اوباما ملتزمة ضمان امن اسرائيل، ومساعدة اسرائيل في الدفاع عن نفسها' فهما يتعاونان بشكل وثيق في المسائل الامنية، كما 'تتعاون الولايات المتحدة مع اسرائيل في مجال الدفاع الصاروخي الباليستي لضمان حماية اسرائيل'. وفي نظر فيلتمان أن السيد حسن نصراله عندما يقول بأن حزب الله 'سوف يستهدف اسرائيليين والسفن الحربية والتجارية المتجهة الى اسرائيل اذا قامت اسرائيل بأي عمل هجومي على الموانىء اللبنانية او فرضت حصاراً بحرياً على لبنان في اي صراع في المستقبل' فان الحزب يقوم بعدوان آثم يستأهل حماية اسرائيل من عدوان كهذا! علما ان المعتدي هو اسرائيل، فحتى حق الدفاع عن النفس محرم في نظر فيلتمان.
اما الطلعات الجوية الحربية فوق الاراضي اللبنانية فمع انها 'تشكل انتهاكا لقرار مجلس الامن 1701، وهو قرار نلتزم جميعا تنفيذه كاملاً فيبررها فيلتمان بان ثمة 'علاقة لا لبس فيها بين هذه الطلعات وجهود حزب الله السافرة والمستمرة في الحظر المفروض على الاسلحة'، اذن فهو في المبدأ مع وقفها، اما عمليا فيعطي الضوء الاخضر لاستمرارها! اما شبكات التجسس الاسرائيلية فلا ذكر لها. اما مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وغيرها من الاراضي اللبنانية المحتلة، فهي غائبة كلياً و الامر يقتصر على شمال الغجر التي لا تزال الولايات المتحدة والامم المتحدة والمجتمع الدولي تبذل قصارى جهدها لاعادته الى لبنان خلال السنوات الثلاث المنقضية'.
2 – حماية لبنان:
لا بد من ابداء بعض الملاحظات قبل التطرق الى خريطة الطريق اللبنانية التي تعتمدها الولايات المتحدة في لبنان.
أ – التناقض الواضح بين القول بأن الحزب يهدد مصالح الولايات المتحدة، والقول في مكان آخر بأننا، اي الولايات المتحدة، 'نقر بأن حزب الله لا يستهدف بشكل مباشر الولايات المتحدة ومصالح الولايات المتحدة اليوم'، ولا يفسر هذا التناقض سوى ان الولايات المتحدة تعتبر ان التهديد المباشر موجه الى اسرائيل، ومصلحة الدولتين وحدة واحدة لا تنفصم.
ب – الاعتراف بأن اسرائيل كانت تخطط للاعتداء على لبنان عام 2006، ففي شهادة فيلتمان ان نزاع عام 2006 الكارثي، الذي عجل به خطف حزب الله لجنود اسرائيليين...' وهو أمر اصبح شائعاً، علما ان بعض القوى في لبنان لا تزال تتعامى عن هذه الحقيقة.
ج – يعود فيلتمان الى مقولة ان الحزب استخدم السلاح في الداخل من أجل الاحتجاج على قرارات الحكومة اللبنانية التي اختلف معها دون ان يزيد ان هذه القرارات كانت  تستهدف القضاء عمليا على المقاومة، وانها اتخذت عن سابق تصور وتصميم ومعرفة على رغم التحذيرات التي اطلقها بعض العقلاء.
د – لا يتعرض فيلتمان للتطورات الايجابية التي شهدها لبنان بعد مؤتمر الدوحة، فتاريخ البلد يتوقف عند احداث ايار 2007، فهو يتجاهل تماماً انتخاب رئيس الجمهورية وقيام حكومة الوفاق وبيانها الوزاري الذي يؤكد دور المقاومة في حماية لبنان.
بعد ذلك نعرض خريطة الطريق التي يرسمها فيلتمان للبنان.
&bascii117ll; 'على حزب الله ان ينزع سلاحه كاملا على غرار جميع الميليشيات الاخرى وينبذ الارهاب والتخويف السياسي'.
&bascii117ll; 'ان اصرار حزب الله على البقاء مسلحا وعدوانيا دفع الولايات المتحدة ويدفعها حاليا الى اعتماد طريقتين لمواجهته، الاولى 'منذ عام 2006 (لاحظ التاريخ المرتبط في معظمه بحرب تموز) خصصنا اكثر من 600 مليون دولار للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي' (دون تفصيل للمبالغ المحددة لكل منهما). ما الغرض من هذه المساعدات؟ 'توفير الحماية لشعب لبنان'؟ لأي هدف؟ 'مكافحة الارهاب المحلي'، اذا فهذه المبالغ مخصصة في نظر الولايات المتحدة ليس لحماية شعب لبنان من العدو الاسرائيلي وشبكات تجسسه، بل من 'الارهاب المحلي' الذي كان بالامس 'فتح الاسلام' وغدا، كما يأمل فيلتمان، حزب الله!

اما الطريقة الثانية في مواجهة الحزب، وهي الاخطر، فهي تقديم 'المساعدة والدعم في لبنان للذين يعملون على ايجاد بدائل من التطرف والحد من صورة حزب الله الايجابية لدى الشباب اللبناني... لقد ساهمنا من خلال الوكالة الاميركية للتنمية الدولية ومبادرة الشركة الشرق الاوسطية بأكثر من 500 مليون دولار لهذه الجهود منذ عام 2006' اما اين تذهب هذه الاموال فلا تفصيل لمن يتلقونها، انما الغاية واضحة، اي الحد من صورة حزب الله الايجابية وبمعنى آخر القضاء على ثقافة المقاومة.

اذن فهي حرب شاملة على المقاومة لا تستهدف سلاحها فحسب، بل فكر المقاومة وثقافتها اذ انها تشكل تهديدا مباشرا لا للسلام في المنطقة كما يزعم فيلتمان، بل لانها تشكل الخطر الوحيد على مصالح الولايات المتحدة، كما يقول في مكان آخر، واهمها استمرار سيطرة اسرائيل العسكرية على المنطقة العربية وسيطرة الولايات المتحدة الاقتصادية بما في ذلك منابع النفط ومعابر نقله.
فلا عجب ان يستمر الانقسام السياسي في البلد، ضمن الوفاق الظاهري، كما لا عجب ان يدافع البعض عن الاتفاق او الاتفاقات الامنية مع اميركا التي تصنف حزب الله منظمة ارهابية، او ان يجري ترويج النظريتين القديمتين المتجددتين حول 'قوة لبنان في ضعفه' و'الحياد في الصراع العربي الاسرائيلي' وان تستمر الحملة، بل تتصاعد على سلاح المقاومة مترافقة مع تعابير منفرة مثل 'الجيران' و 'ما يسمى حزب الله! والا فأين ذهبت وتذهب الاموال، او معظمها على الاقل، التي خصصتها الادارة الاميركية للبنان وهي المعروفة بحرصها على كل دولار يصرف في العالم العربي بعكس ملياراتها المخصصة للعدو؟ واسألوا فيلتمان سابقا وسيسون حاليا لعل لديهما الجواب اليقين.


ـ 'النهار'

 كتاب: الثورة الإسلامية في إيران مقارنة بالثورتين الفرنسية والروسية

يريد الدكتور منوجهر محمدي من القارئ ان يقوّم الامور ويستنتجها ويكوّن رأيا، فيقدم اليه دراسة مقارنة ما بين مسار تطورات ثلاث ثورات: الفرنسية، الروسية، والاسلامية في ايران، وخصائص كل منها، معدّدا نقاط التقارب والافتراق بينها. ويتخذ من اربعة عناوين رئيسية منطلقا للبحث والتوسع والشرح، من خلال الحوادث السياسية والاجتماعية والتواريخ والوقائع والمعطيات. فيبدأ من الواقع السياسي - الاجتماعي قبل الثورة: السلطتان السياسية والاجتماعية، عارضا عوامل انتصار الثورة، وما بعدها من مرحلة البناء: حكومة سيادة المعتدلين، حكومة الراديكاليين.
وللفصول الثلاثة التي خصصها المؤلف الباحث لمقارنته حصيلة بيّن فيها تمايز الثورة الاسلامية في ايران عن شقيقتيها، لا بل فرادتها، في رأيه. ومما توصل اليه على سبيل المثال، ان 'مستوى مشاركة الجماهير في فرنسا وروسيا في اسقاط الانظمة المستبدة الحاكمة كان متواضعا جدا'، بخلاف ايران حيث 'شاركت كل شرائح الشعب...'. ويعزو انتصار الثورتين الفرنسية والروسية الى 'هشاشة الانظمة الحاكمة'، وليس الى 'انسجام القوى الثورية واقتدارها'. وفي كل ذلك وغيره، لا يخفي الكاتب اعجابه بالثورة الاسلامية 'التي تتميز بعظمة اكبر بكثير' بالمقارنة بالاخريين.
الكتاب يقع في 342 صفحة، وصدر عن دار المعارف الحكمية.


ـ 'الأخبار'

&laqascii117o;حزب الخلافة" يعود إلى العتمة
غسان سعود:

انتهت مرحلة أحمد فتفت. نتائج الانتخابات البلدية أكدت هذا الأمر على المستوى الشعبي، ونية حكومة الرئيس سعد الحريري بسحب العلم والخبر الذي حازه حزب التحرير أيام حكومة الرئيس فؤاد السنيورة تؤكد هذا الأمر على المستوى السياسي
على كورنيش البحر يمكن مصادفتهم يوزعون كتيبات تعرّف بحزبهم، قرب الملاعب كما قرب الجوامع أيضاً، وغالباً في المدارس والجامعات. يرصدون اهتماماً صغيراً بهم لفتح حوار يقودونه إلى حيث يريدون، فيوافق محاورهم على لقاءات أخرى. ولاحقاً، لا يعقّدون الأمور، فاللقاء بهم لا يتطلب زيارة مقر الحزب أو غرف سرية، سيسرهم النقاش العلني على مرأى ومسمع من الناس.
الشبان المبشّرون بحزب التحرير لا يشبهون الصورة النمطية للإسلاميين. قرب الكورنيش يرتدون ثياباً رياضية، لا لحى مرخيّة، يتكلمون العامية لا الفصحى، يتنقلون من مقهى إلى آخر ومن جامعة إلى أخرى من دون أخذ التفاصيل التي يتوقف عندها غيرهم في الاعتبار. وحين ييأسوا من إقناع محاورهم بالانضمام إليهم في مسيرتهم لإقامة &laqascii117o;دولة الخلافة الإسلامية وتوحيد المسلمين تحت مظلّة الخلافة"، يحاولون بناء صداقة، متقبلين (مرحلياً أقله) حفاظ الآخر على اقتناعاته. والأهم في التحريريين، وفق ما يرددونه دائماً، أن لا علاقة لهم بالأمن أو العسكر. فلا جهاز أمنياً سرياً أو علنياً يتفرع من الحزب، خلافاً لمعظم الأحزاب الإسلامية. وهم يصرون على القول دائماً إنهم سلميون، ينشرون أفكارهم عبر المؤتمرات والنقاشات.
هذه الأفكار هي أكثر ما يميز حزب التحرير الذي انطلق من فلسطين عام 1953 على يد الشيخ تقي الدين النبهاني، وأبرزها ثلاث:
1ـــــ إقامة الخلافة. ففي بيروت، في وضح النهار، ستجدون طبيباً حديث التخرج يقول بثقة إن &laqascii117o;القضية المصـيرية للمسلمين في العالم أجـمع هي إعادة الحكم بما أنزل الله، من طريق إقامة الخلافة، ونصب خليفة للمسلمين يبايعُ على العمل بكتاب الله وسُنّة رسوله، ليهدم أنظمة الكفر، ويضع أحكام الإسلام مكانها موضع التطبيق والتنفيذ". وقبل أن ينتهي الطبيب الشاب سيقاطعه &laqascii117o;أخوه"، مؤكداً أن &laqascii117o;أنظمة الكفر" المقصودة تقوم في لبنان كما في سوريا والسعودية وغيرها. وسيرفض الشباب أي حلول وسط في سعيهم إلى إقامة الخلافة، فتلك هي القضية. والأمر أشبه، يشرح أحد الشبان، أن تطلب من حزب الله التخلي عن ولاية الفقيه ومن المسيحيين عدم المعمودية ومن الحزب السوري القومي الاجتماعي استبدال الهلال الخصيب بسهل البقاع. وفي انتظار الخلافة، لا يقع الحزب في التناقض بين ما يفكر فيه وما يفعله. ففكرته عن إقامة الخلافة تجعله يعتقد أن حصوله على وزارة المال أو وزارة الاقتصاد أو فوزه بكتلة نيابية لا معنى له في ظل &laqascii117o;الدولة العلمانية"، وبالتالي يلتزم معظم أعضائه بمقاطعة الانتخابات لأنها بكل بساطة &laqascii117o;صراع على لا شيء" ما دام لا مرشحين يحملون مشروعاً إسلامياً.
2ـــــ ضد الديموقراطية. متصالحون مع أنفسهم ومقتنعون جداً بما يقولونه، يجاهر الناشطون في حزب التحرير برفضهم الديموقراطية مبدأً وممارسة، فهي &laqascii117o;نظام كفر يحرم التعامل معه". لكن رغم رفض التحريريين مبدأ الديموقراطية، يُفهم من كلامهم أنهم يعتمدون عليها لإقامة الخلافة المنتظرة، فيشرح أحد الشبان أنهم يعدّون الرأي العام وينتظرون اليوم الذي يستطيعون فيه خوض الانتخابات والفوز بالعدد الكافي من المقاعد لتعديل الدستور وتحويل الجمهورية اللبنانية إلى ولاية لبنان. عندها سيكون الخليفة هو السلطتين التنفيذية والاشتراعية و&laqascii117o;إن نازعه ثان يُقتل إن لم يتنازل، وكل منازع للخليفة وجب قتله". وسيكون للبنانيين &laqascii117o;مجلس أمة" أعضاؤه المنتخبون مسلمون وغير مسلمين (يقتصر دورهم على إظهار الشكوى من إساءة تطبيق الإسلام). مع العلم بأن &laqascii117o;إقامة الأحزاب السياسية حق للمسلمين وحدهم". ويفترض بهذه الأحزاب أن تكون قائمة على العقيدة الإسلامية.

منذ أيام بدأت حملة عالمية على الحزب المنتشر في فلسطين ولبنان وإنكلترا3ـــــ ضد الرأسمالية. اللافت في ثقافة التحريريين أنهم يتكلمون بالثقة نفسها والاطلاع ذاته على أمور السياسة والدين والاقتصاد. ويستعيد هؤلاء في كلامهم عن الرأسمالية كلاماً سُحب من التداول منذ عقدين على الأقل، فيعتبرون أن الرأسمالية سبب شقاء الناس، مبررين قولهم هذا بآلاف الأدلة. وهم ينتقدون الاشتراكية والشيوعية أيضاً، مقدمين نظاماً اقتصادياً وضعه مؤسسهم النبهاني بناءً على اجتهادات مبنية على فهمه للشريعة الإسلامية. مع العلم بأن الحزب يقدم رؤية تفصيلية عن كيفية إدارة &laqascii117o;الدولة الإسلامية" إذا ما نجح بإقامتها، ويعرض للمهتمّين دستور هذه الدولة والتصوّر الكامل لأجهزتها في الحكم والإدارة. وفيهما يرد أن &laqascii117o;حرية العقيدة والرأي والملكية والحرية الشخصية تتناقض مع أحكام الإسلام"، و&laqascii117o;المسلم ليس حرّاً في عقيدته، فإنه إذا ارتدّ يُستتاب، فإن لم يرجع يقتل"، و&laqascii117o;المسلم ليس حرّاً في رأيه، فما يراه الإسلام يجب أن يراه". والأهم، &laqascii117o;المسلم ليس حرّاً في الملك" لأن &laqascii117o;الحرية الشخصية لا وجود لها في الإسلام. فالمسلم ليست له حرية شخصية، بل هو مقيّد بما يراه الشرع". وفي دولة الخلافة: تُحرّم الشركات المساهمة والمؤسسات الفردية، يمنع الاتجار بالرموز الدينية المسيحية والخصخصة ممنوعة. أما العملة فهي الذهب والفضة. ومن الاقتصاد إلى التربية: &laqascii117o;أساس منهج التعليم العقيدة الإسلامية، وهدفه تكوين العقلية والنفسية الإسلامية لإيجاد الشخصية الإسلامية". واللافت، على صعيد العلاقة بين الخلافة والدول الأخرى، أن البلاد غير الإسلامية هي &laqascii117o;دار كفر وحرب. والعلاقة معها تحدد وفق ما يقتضيه الجهاد".
الدراسات الأكثر جدية عن حزب التحرير رأت أن قدرته على التكيّف مميزة، فهو ينسج رسالته بما يناسب شعوب دول مختلفة، ما يسمح له بإيصال رسالة موحدة إلى جميع الدول التي يعمل فيها. وتشير إحدى هذه الدراسات إلى أن للحزب &laqascii117o;انتشاراً واسعاً في العالم، وخصوصاً في فلسطين ولبنان وإندونيسيا وماليزيا وأوزبكستان (لديهم في أوزباكستان أكثر من سبعة آلاف معتقل)، وبعض الدول الغربية كالمملكة المتحدة (تضع إنكلترا الحزب تحت المراقبة) وأوستراليا". مع العلم بأن الحزب محظور في معظم الدول العربية والإسلامية، وفي ألمانيا وروسيا. ومنذ بداية هذا الشهر بدأت حملة عالمية على الحزب، فاعتذر الفندق الذي كان يفترض أن يستقبل مؤتمر الحزب في الولايات المتحدة الأميركية عن استقبال المؤتمرين، وتمنعت معظم الفنادق الأخرى عن استقبال التحريريين. وبدأت حملة ملاحقة واعتقالات لأعضاء الحزب في عدة دول. ففي التاسع من هذا الشهر، اعتقلت الاستخبارات الأردنية ثلاثة ناشطين في الحزب. وفي فلسطين، منعت السلطة الفلسطينية أنصار الحزب من دخول مسجد يصلون فيه عادة. أما في غزة، فاعتقلت الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس مجموعة من شباب الحزب كانوا يعدّون لنشاط. ومن فلسطين إلى بنغلادش، اعتقلت السلطات هناك قبل أربعة أيام أربعة شباب، مدعية وجود علاقة بين الحزب و&laqascii117o;جماعة الإسلام" رغم تأكيد حزب التحرير أنه لا علاقة به بالمسلحين أو بمجرمي الحروب.
وانسجاماً مع تضامن لبنان مع ما يحصل في العالم، قرر مجلس الأمن المركزي النظر فجأة في أوضاع حزب التحرير. هذا الحزب الذي ينشط بهدوء وبعيداً عن الأضواء منذ بداية الستينيات، كان من الأحزاب النادرة التي تجنّبت بالكامل التدخل في الحرب اللبنانية. وقد بقي محظوراً حتى عام 2006، إذ كانت الاستخبارات السورية حتى انسحابها من لبنان تتعامل بحزم معه، وتنسّق مع استخبارات الجيش لاستدعاء ناشطيه والتحقيق معهم وتوقيفهم أياماً طويلة. ورغم سريّة العمل في تلك المرحلة، يقول أحد المؤثرين في الحزب إنّ عملهم كان ناجحاً وأسسوا قاعدة صلبة، صمدت رغم القمع الشديد. لاحقاً، مع وصول الوزير أحمد فتفت إلى وزارة الداخلية والبلديات، تقدم حزب التحرير بطلب العلم والخبر، فنال الرقم 182/اد بتاريخ 11 أيار 2006. وإثر الانتقادات لفتفت لترخيصه &laqascii117o;التحرير"، دافع النائب المستقبلي عن موقفه، مشيراً إلى أنه يعطي العلم والخبر انطلاقاً من التزامه القانون ومبدأ الحرية والديموقراطية. ولاحقاً، في مقابلة مع صحيفة &laqascii117o;النهار" أكد فتفت أن لا صلة بين القاعدة وحزب التحرير، مشيراً إلى سؤاله عن صلته بحزب التحرير في واشنطن والقاهرة وعواصم أخرى، فأكد لهم أن الحزب عمره نصف قرن، وهو &laqascii117o;نشط سياسياً" وسيطلب بنفسه من مجلس الوزراء حلّه إن توافرت أسباب أمنيّة لا سياسيّة.

يصل الحزب على القول إنه سلميا لأسباب الأمنية لم تتوافر، لكن مجلس الأمن المركزي قرر في اجتماعه الشهري، أول من أمس، بحث موضوع حزب التحرير إثر ورود ثلاثة تقارير إلى المجلس من مديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني والأمن العام والأمن الداخلي تشير إلى نية الحزب إقامة مؤتمر في فندق البريستول في 18 تموز. ورأى المجلس أن حزب التحرير لم يلتزم بالقوانين في إعلام المراجع الأمنية بنيته عقد مؤتمر، ما يستوجب من وزارة الداخلية أو مجلس الوزراء بحسب أحد المسؤولين في مجلس الأمن المركزي حل الحزب. لكن، لماذا يُحلّ الحزب ولا يوقف نشاطه حتى يستحصل على ترخيص بشأنه، إذا لزم؟ لأن الحزب، يقول المصدر نفسه، يتناقض مع الدستور اللبناني والقوانين، مع تأكيد مجلس الأمن المركزي عدم وجود أي معطيات عن نيّات أمنية يبيّتها حزب التحرير.
في النتيجة، بعد المعلومات الصحافية المغلوطة عن ورود بند طارئ على جدول أعمال مجلس الوزراء، أمس، لبحث قضية حزب التحرير، سأل الوزير جبران باسيل عن الموضوع أمس على طاولة مجلس الوزراء، فأجابه وزير الداخلية والبلديات زياد بارود بأن &laqascii117o;معلومات غير مطمئنة" وردته من الأجهزة الأمنية، لكنه يفضل الاكتفاء بمنع مؤتمرهم اليوم والتريث ريثما يكتمل الملف. وحين طلب باسيل التعامل بحزم مع هذا الحزب، تدخل الرئيس سعد الحريري، داعياً إلى عدم الاستعجال وانتظار بارود.
الحضور المفاجئ لحزب التحرير على طاولتي مجلس الأمن المركزي ومجلس الوزراء أقلق حزب التحرير، فتوزع مسؤولوه بعضهم يطرق باب السياسيين وبعضهم يتواصل مع الإعلاميين. خلال السنوات الأربع الماضية استفاد حزب التحرير من حرية الحركة والممارسة ليبني شبكة علاقات مع كثير من القوى الحزبية والاجتماعية والإعلامية في المجتمع اللبناني. وبالنسبة إلى الحزب، هناك اليوم نواب أصدقاء مثل سمير الجسر ومحمد كبارة ونجيب ميقاتي في طرابلس، وهو طرق دون جدوى باب الرئيس سعد الحريري مرات عدّة. ونجح الحزب بالتوسع أكثر في البقاع وعكار حيث كانت الحركة السياسية صعبة في السابق، ولديه اليوم فريقه الإعلامي وموقعه الإلكتروني ومطبعته ومنشوراته. هذه كلها ستتأثر بالحظر غير المبرّر، يقول الناشطون في حزب التحرير. ويشرح أحد هؤلاء أنها، أولاً، ليست المرة الأولى التي يعقد فيها حزب التحرير مؤتمراً صحافياً. وثانياً، وجهت الدعوات منذ نحو أسبوعين إلى وزراء ونواب وسياسيين ورجال أمن وإعلام وفكر ودين، وأبلغ الأمن العام والمحافظ.
شبان الحزب في نهاية اليوم الطويل بالنسبة إليهم، كانوا يتذكرون سنوات النضال، كيف كانت الاستخبارات تستدعيهم بحجة المسّ بالأمن، ثم تحاكمهم على أفكارهم، معدّين أنفسهم لمرحلة جديدة من النضال من أجل حرية الفكر والمعتقد. بين المزح والجدّ، كان أحدهم يعترف بأنهم يصعّبونها على الدولة، إذ مهما كان خيارها، فلن يكون مصيباً.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد