ـ صحفة 'الشرق'
ما هي اهداف إطلالات السيّد؟!
عوني الكعكي:
... في وقت يستعد فيه لبنان لاستقبال عدد من القادة العرب، أبرزهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس بشار الاسد، وفي وقت تتكثف فيه الاتصالات للتهدئة في البلد، تستمر الحملة على المحكمة الدولية، ويعلن السيّد حسن نصرالله أنه ستكون له مجموعة من الاطلالات، لأن ما لديه لا تتحمّله البلاد دفعة واحدة.
... كنا ولا نزال نتمنى لو أن 'حزب الله' كان أكثر هدوءاً، خصوصاً أن الجميع - لا سيما فريق 14 آذار - أعلنوا انهم لن يقبلوا توجيه اتهام لأحد في لبنان من دون أدلة دامغة، ولكن إطلالات الامين العام لـ'حزب الله' لم تأخذ ذلك في الاعتبار أبداً، وفي كل إطلالة كان يجدد الهجوم على المحكمة الدولية، معتبراً أن سلوكها ولجنة التحقيق والمدعي العام لا يوصل الى الحقيقة، والهدف يبدو دائماً محاولة للتدمير المنهجي لصدقية المحكمة الدولية.
.. إذا كان في الامر مواقف استباقية في مواجهة أي قرار يصدر عن مدعي عام المحكمة الدولية، فإن هذا غير مفهوم على الاطلاق، خصوصاً ان 'حزب الله' يستند في هجومه على المحكمة الى تسريبات قد تكون غير صحيحة وقد نشرتها 'دير شبيغل' و'الفيغارو' أو هي تسريبات أطلقها العدو الاسرائيلي، وكل المؤشرات تؤكد أن لا أحد يعرف أبداً ماهية القرار الظني سوى المدعي العام دانيال بيلمار، ولا يستطيع أحد أن يؤكد أن هذه التسريبات صحيحة.
من كل هذه المنطلقات، من حقنا أن نسأل السيّد حسن نصرالله لماذا هذا الهجوم؟
ولماذا يتم توتير البلاد والعباد، ولأي هدف؟
... ونجزم في هذا المجال انه ليس من أحد في هذا البلد يرغب في استهداف 'حزب الله' أو المقاومة، ولكن، في الوقت عينه، ليس من أحد يقبل بأن يتم استهداف التحقيق الدولي قبل معرفة ما سيعلن عنه من نتائج، فلماذا لا يتم الانتظار قليلاً من الوقت حتى يبنى على الشيء مقتضاه؟!
لا نريد بالطبع الذهاب الى حد الاعتقاد بأن هذه النبرة العالية تهدف الى الرد على العقوبات الدولية على ايران، ولكن السؤال هو، أليس ما يجري يثير الشكوك فعلاً؟
ولعل السؤال الابرز هنا هو، اذا كان هذا هو موقف 'حزب الله' من المحكمة، فلماذا وافقت قيادة الحزب على تلبية طلب لجنة التحقيق الدولية باستدعاء بعض عناصر الحزب للاستماع إليهم كشهود، وليس كمدعى عليهم؟!
... في مطلق الاحوال، فإن ما يجري لا يعد طبيعياً على الاطلاق، وقد يفهم ان خلف تصعيد المواقف عملية تهويل على اللبنانيين، والايحاء بأن فتنة مذهبية على وشك الاندلاع، علماً ان كل المؤشرات تؤكد أن لا فتنة ستقع، وأن القرار الظني لن تكون له نتائج مدمرة، وأن المتهمين في هذا القرار لا يعني انهم مدانون، بانتظار حكم المحكمة، وهو وحده الذي سيقطع الشك باليقين.
... من كل ذلك نقول: كفى تهويلاً على اللبنانيين وكفى توتيراً للبلاد، والمطلوب بشكل أساسي تحصين الوحدة الوطنية، والتوقف عن لعبة التجاذبات، والحفاظ على الاستقرار، وانتظار القرار الظني بهدوء وروية، والتعامل معه بحكمة وشجاعة.
ـ صحيفة 'السفير'
في انتظار النجدة من دمشق!
طلال سلمان:
مرة أخرى يتطلع اللبنانيون إلى نجدة عربية سريعة، وبالتحديد من سوريا والسعودية، تمنع الاشتباك ـ الفتنة عبر خطة مدبرة ومقصودة عنوانها الاستثمار السياسي المتجدد للجريمة التي استهدفت وطنهم الصغير في وحدته باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
فما يجري هذه الأيام من لغط وهذر وخفة سياسية وإطلاق اتهامات وفبركة روايات باسم المحكمة الدولية وقرارها &laqascii117o;السري" العتيد (الذي لم يُكتب بعد؟!)، ليس أقل من محاولة اغتيال لبنان جميعاً، بوحدة شعبه والفرصة التي تيسرت أخيراً لإعادة بناء دولته... ولو مشوّهة!
الطريف إلى حد الغرابة أن المؤامرة علنية ومباشرة، لا أبطالها يحاولون التستر على استهدافهم المقصود، ولا هم يموّهون غرضهم الذي يدركون أن كلفته أعظم من أن يستطيع دفعها هذا الوطن الصغير: إنهم يستهدفون الإنجاز التاريخي الذي حققه المجاهدون من فتيتهم الأبرار الذين قاوموا كأشرف ما تكون المقاومة ورصعوا جبين أمتهم بنصر غير مسبوق، حين حرّروا أرضهم بلا تنازلات ولا مساومات ولا صفقات سرية على حساب حقوق إخوانهم الفلسطينيين في وطنهم الذي يكاد يضيع أمام عيون العالم جميعاً، أو على حساب إخوانهم السوريين في جولانهم المحتل والذي لا يفتر صموده في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
مرة أخرى، تجري محاولة جديدة أكبر وأخطر، لاغتيال شرف لبنان ـ الوطن وكرامة الأمة جميعاً عبر الاستغلال السياسي للجريمة الأولى ممثلة باغتيال رفيق الحريري.
في هذا السياق، وعلى الهامش، تمّ اغتيال المحكمة الدولية بتصويرها ـ عن سابق تصور وتصميم ـ طرفاً، وتسييسها بإفقادها حصانتها المفترضة عبر الاستغلال العلني والمفتوح لقرارها الذي لما يكتب، وبالتالي لم يعلن، والذي نشأت عليه ومن حوله تجارة مجزية بعنوان التسريبات المقصودة حول المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
نسي تجار الجريمة التي هزت لبنان حتى كادت تدمره، والتي كادت تدفع اللبنانيين إلى حرب عنصرية ضد إخوانهم السوريين الذين تحولوا ـ دولة، برئيسها وجيشها، وشعبها الشقيق ـ إلى &laqascii117o;أعداء" أين منهم قادة الاحتلال الإسرائيلي وحماته الدوليون... أنسيَ هؤلاء كل ما أعلنوه بالصوت الحي أو كتابة أو بشهود الزور والروايات المفبركة، وطووا الصفحة، ليكتشفوا &laqascii117o;متهماً" جديداً &laqascii117o;من أهل البيت"، بل هو الذي حمى هذا البيت وأعاد إليه أرضه المحتلة وكرامة شعبه وإمكان إعادة بناء دولته!
هكذا، فجأة وبلا مقدمات، أسبغوا ثوب البراءة على كل من لعنوهم وشتموهم علناً وأهدروا كراماتهم في الشوارع طوال سنوات وفرضوا الحظر على من يقصد دمشق، ولو للعلاج، وأعدوا القوائم السوداء بمن يخرق &laqascii117o;مقاطعة سوريا"، وذهبوا إليهم معتذرين...
ولقد تناسى اللبنانيون أخطاء، بل خطايا من وقفوا في الساحات وعلى المنابر وخلف الشاشات يؤكدون ويقسمون جازمين أن معلوماتهم عن التورط السوري دقيقة جداً، وكادوا يقومون بدور النائب العام والقاضي ويصدرون الأحكام بالحجر على سوريا وفرض العقوبات الشديدة عليها!
قال اللبنانيون: لعله خير! لعل الله قد هداهم فأنقذ لبنان من شر مستطير! ولعلهم قد انتبهوا أخيراً إلى أننا جميعاً شركاء في الحزن وفي الإحساس بفجيعة الفقد، ولعلنا نلتقي أخيراً بوصفنا ـ مجتمعين أولياء الدم!
لكن لحظة الفرح سرعان ما أخلت مكانها لموجة من الطيش والنزق ونقص الإحساس بالمسؤولية، إذ بدأ رمي النار في الشوارع، بل في البيوت، عبر تحويل إبرة الاتهام إلى المقاومة أو بعض &laqascii117o;الخارجين عليها" أو &laqascii117o;المارقين" أو &laqascii117o;المدسوسين" إلخ... كأنما هذا التنظيم الذي لم تستطع إسرائيل اختراقه يمكن أن يضم أمثال هؤلاء، فضلاً عن لجوئه إلى سلاح الاغتيال، وهو القادر على محاسبة من يفترض فيه التقصير علناً وأمام الملأ، وبزخم الدماء التي بذلت من أجل الوطن الصغير وشعبه الذي أنزله في قلبه منزلة إسماعيل.
ها أن اللبنانيين يعيشون، مرة أخرى، القلق على المصير، فخطر الفتنة داهم، ومستثمروها في الداخل والخارج كثيرون وأقوياء ونافذون ويمثلون مصالح دولية مؤثرة.
وبالتأكيد فإن اللبنانيين قد تنفسوا الصعداء وهم يسمعون الأخبار عن قدوم خادم الحرمين الشريفين إلى دمشق، يوم الخميس المقبل، ثم إلى لبنان، الجمعة، مفترضين أن لقاء الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس بشار الأسد سيتوقف مطولاً أمام الوضع المثير للقلق الشديد في لبنان، وسيمكنهما ـ بالتأكيد ـ إيجاد صيغة لإنهاء التوتر، وإعادة الطمأنينة إلى النفوس بعد دهر من افتقاد الأمان.
ومن حق المقاومة في لبنان التي أنقذت ـ بدماء مجاهديها ـ شرف الأمة وهذه الدولة التي تعاني نقص المناعة، أن تسمع ما يؤكد عصمتها من احتمال التورط في الاغتيال السياسي، وترشيد من يحتاج إلى ترشيد بأن اتهام المقاومة جريمة أخطر وأبعد أثراً على الأمة جميعاً من اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
ومن حق رفيق الحريري على من جاء على طريقه ليكمل ما بدأه أن يحميه، ونحن معه، من الاغتيال مرة جديدة.
رحيل الوائلي الأخير..
فَقَدَ لبنان، أمس، واحداً من رجالاته وساسته الكبار على امتداد عقدين من الزمن هو الرئيس كامل الأسعد.
وبقدر ما كان كامل الأسعد كبيراً في الدور السياسي الذي ورثه فأضاف إليه، فإنه كان كبيراً حين أدرك أن مرحلته قد انطوت، فانسحب بهدوء، وإن ظل حريصاً على التأكيد أنه ربما يكون قد اجتهد فأخطأ... لكنه لم يرد ولم يسع لتحقيق ما كان.
وقد يختلف الناس في تقييم ذلك الدور، لكنهم يشهدون لهذا الوائلي الأخير (حتى إشعار آخر) في الحياة السياسية اللبنانية، أنه حاول &laqascii117o;عصرنة" الإرث السياسي فجانبه الصواب، ربما لخطأ في الأسلوب، أو ربما لأنه &laqascii117o;ابن النظام القديم" الذي عجز أهله مجتمعين عن حمـايته، من دون أن يعني ذلك ـ بالضرورة ـ أن من ورثوا ذلك النظام هم البديل الأفضل.
رحم الله هذا &laqascii117o;الزعيم ابن الزعيم" الذي انسحب من المسرح حين أدرك أن زمنه السياسي قد بات خلفه، فلم يتورط في لعبة الدم، ولم يكابر فيقاوم &laqascii117o;التغيير" الذي استولدته الحرب الأهلية في ظل السقوط العربي العظيم أكثر مما جاءت به &laqascii117o;الثورة" من أجل غد أفضل
ـ 'السفير'
السنة في حزب
ساطع نور الدين:
لم يعد من المحرج ولا من المعيب ان يتشكل السنة في طائفة، ولا ان تتشكل الطائفة في حزب. فهذا تطور، او تدهور طبيعي، لا يمكن تفاديه، ولا يمكن حجبه. ولعله بات اختراقا سياسيا للوعي السني المجمد، عند افكار ومواقف موروثة من مرحلة ما قبل الحرب الاهلية، ومن تجارب وخيبات مريرة في اعادة بناء دولة يمثل السنة عصبها المسلم وركنها الاساس.
انكر رئيس الحكومة سعد الحريري في خطاب افتتاح المؤتمر التأسيسي لتيار المستقبل السعي الى انشاء حزب السنة، لكن الجمهور السني، ومعه جماهير المذاهب والطوائف الاخرى، لم تصفق ولم تهلل، ولم تر في ذلك القول ادعاء غير مفهوم وغير مبرر.. لكنها في سرها رحبت بالواقع الجديد الذي يسقط الطائفة الاكبر في فخ البحث اخيرا عن حدودها الخاصة، وعن مصالحها الخاصة، وبرامجها الخاصة، وعن شعاراتها الخاصة، المغلفة بأفق وطموح وطني عام، على نحو ما تفعل جميع الاحزاب الطائفية، التي يكاد بعضها يزعم انه يختزل الوطن كله على اختلاف بنيه وهوياتهم الدينية المتقاتلة منذ فجر التاريخ.
هو اشبه بانجاز ان يكون للسنة في لبنان، للمرة الاولى، حزب سياسي مدني، بمعنى انه لا ديني ولا امني، على غرار تلك التنظيمات التي انتجتها البيئة السنية اللبنانية بصعوبة فائقة على مدى العقود الستة الماضية، وكانت تعكس إما توقا الى الحماية العربية، وإما لقاء مع موجة عربية عاتية، مثل الموجة الناصرية ثم الفلسطينية.. وإما تعبيرا خفيا، يغلب عليه الطابع السري، عن ذلك التيار الاسلامي المتشدد الذي مس اهل السنة ولا يزال في كل مكان من العالم.
ليس غريبا ان يتكون الحزب في رحم التراجيديا الحريرية، التي كانت ولا تزال تشكل حافزا رئيسيا لتشكيل الوعي السني العام وبلورته في نسق موحد يجمع الغالبية السنية، على نحو يكرر بشكل صريح وواضح تجارب الطوائف الاخرى التي اعتمدت على قصصها التراجيدية الخاصة من اجل احياء عصبية جمهورها وتوجيهها نحو خدمة مصلحة الطائفة وثقافتها وجغرافيتها المعرضة للتهديد من قبل ابناء بقية الطوائف، الذين يكيلون اليوم الاتهامات للسنة ويحملونهم مسؤولية كل خلل في بناء الدولة منذ الاستقلال وحتى اليوم، وكل خطر خارجي تعرضت له طوال تلك الحقبة القصيرة من الزمن اللبناني.
اما ان يصمد ذلك الحزب السني، الذي يبدو انه مكمل للوحة اللبنانية العامة، ومناهض للتجربة التي رصدها المرشد الروحي الاعلى لتيار المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة عندما قال في كلمة رمضانية اخيرة مخاطبا اهل السنة: &laqascii117o;انتم لستم طائفة ولن تكونوا.."، فذلك بحث آخر، لا يحتاج فقط الى قوة التراجيديا الحريرية المؤثرة حتى الآن، ولا الى خطر الفتنة المذهبية الزاحف على البلد هذه الايام. ثمة الكثير من التجارب الصعبة كي لا ينفرط العقد الجديد، ويضيع السنة في المتاهات الدينية، مثلما فعل الشيعة وما زالوا يفعلون، ويشهد المسيحيون على ان المسلمين غير جديرين بوراثة الوطن الصغير.
السنة يتشكلون في حزب. قفزة متأخرة في المجهول، لعلها اقل خطورة من القفزات التي قامت بها بقية الطوائف والمذاهب.
ـ 'السفير'
لا تضيعوا لبن العراق
هاني فحص:
لا يشك أحد في أن إمكانات لبنان، في جميع المجالات، لا تقاس بإمكانات العراق، إذ لا نفط ولا غاز ولا كبريت أحمر ولا فرات ولا دجلة ولا مساحة ولا نخيل في لبنان. وإذا ما كانت الحالة الأمنية في العراق الآن أصعب من حاضر لبنان وحتى ماضيه، فإن الحروب اللبنانية كانت طويلة جداً وقاسية، وما زالت محتملة الوقوع، وكانت التدخلات الخارجية تزيد كماً ونوعاً على مثيلاتها في العراق مع إضافة إسرائيل إلى اللائحة اللبنانية.
وإذا كان نظام صدام حسين قد عقّم رحم دورة الإنتاج الاقتصادي، فإن لبنان الفقير لم يتمتع بإدارة تنموية كفيّة أو نزيهة، لا قبل الحرب ولا أثناءها ولا بعدها حتى الآن، إلا ما حدث من استثناء في رفيق الحريري الذي حذف حذفاً... ولم يكن لبنان ولا هو الآن سالم من جرثومة الطائفية التي تحول التعدد إلى تناقض، وتغطي بشاعات الحرب بالتعصب وتبادل الخوف أو التخويف.
ومع ذلك فإن الحياة في لبنان استمرت ولم تتعطل... حتى ان الطائفيين الذين سرقوا ونهبوا وفسدوا وأفسدوا أخذوا في اعتبارهم ضرورة رشوة طوائفهم بالمال والأعمال، بشيء من الطرقات المعبدة والمباني المدرسية والكهرباء والمياه والمساعدات العينية والمؤسسات الصحية، وصحيح أنهم سرقوا منها ما يعادل كلفتها الفعلية، لكنهم فعلوا... وعلى المستوى الميداني، كانت ولا تزال مجموعات أهلية في كل المناطق والطوائف تبادر في حالات الضيق الى التنمية الذاتية، في الصناعة والزراعة والصحة والتربية، وتحاول الأطراف السياسية أن تكسب ودها فإن وافقت ساعدوها وأزالوا العقبات من طريقها، وإن رفضت عرقلوها. فهل فعلت الأطراف العراقية مثل هذا؟ هل شجعت أو ساعدت المؤسسات الأهلية على تأهيل المدن والقرى والتغلب ولو جزئياً على مشكلة الكهرباء والمياه وأملاح التربة وتشغيل أو تأسيس المؤسسات الصحية المحلية؟ ألم تقرأوا الإنذار في تظاهرات الكهرباء؟
ألم يكن في مجلس النواب أو الحكومة أو القيادات المركزية في الاحزاب (المكونات السياسية حسب التعبير العراقي) أفراد أو مجموعات تعي، بصرف النظر عن الوجدان والأخلاق والإيمان والقرآن الذي يحث على التعاون في البر والتقوى، والسنة التي تؤكد الشك في إيمان من بات شبعان وجاره جائع... أو في إسلام من لا يهتم بأمور المسلمين، تعي ـ إذاً ـ الأهمية الوطنية والسياسية والدينية للمطالب الشعبية وأهمية الإنخراط مع الناس لتخفيف أعبائهم وتدريبهم على الإنتاج وابتداع الحلول ولو جزئياً للمشكلات والتحديات ليمكن بالتالي طلب الصبر منهم على الأزمات السياسية، لعل الحكومة تتشكل، لعل غودو يأتي، لعل الترياق يصل إلى العراق بعدما كان يصل من العراق!
أو لعل العقل السياسي العراقي الذي افترضنا فيه أنه سوف يعوض على العراقيين عقوداً من الحرمان والفقر والمرض والحاجة والجوع والخوف والموت... وبسرعة نسبية، بالإدارة والبرامج التنموية والحرية والكفاءة والنزاهة التي تتحمل فساداً، ولكنها لا تتحمل أن يسود انطباع قد يكون مبالغاً فيه، لكن له واقعاً، بأن الفساد عمومي وشامل في الطبقة السياسية وأنه وطني عمومي وموضع اجماع وطني في ممارسته ومسبته والتبرؤ منه!
وإلى متى أبلسة الآخر وتقديس الذات؟ هذا علما بأن العراق ينمو وأن العراقيين يقبلون بنصف هذا الفساد، شرط ان يعود النصف الآخر عليهم بشيء من الخير والبركة...
هل تعلمون أيها المتحاورون المتكاذبون في ما بينهم أننا لا نصدق أن هناك أسباباً جوهرية او حقيقية لتأخير إنجاز الوزارة. وأنتم تعرفون ذلك وتعرفون أننا نعرف وحتى متى!
ختاماً... كيف تجرؤ القوى السياسية في العراق على تأخير تشكيل الحكومة هذه المدة المديدة؟ هل الخلاف على برامج العمل أم على المنافع أو الارادات الخارجية والداخلية التي تريد ان تلغي هذا او ذاك، ليتبادل العراقيون الالغاء في ما بينهم ويُلغى العراق وطناً ودولة واجتماعاً وثروة ومستقبلاً!!! ثم لماذا هذا التكاذب كأننا نبحث عن اجماع وطني بينما نحن نبحث عن الغاء وطني وترجيح الخارج على الداخل! وما العيب في أن تكون هناك موالاة ومعارضة؟ لا تضيعوا لبن العراق!
ـ صحيفة 'النهار'
الوقوع مجدداً في الشباك السورية !
نايلة تويني:
تحدث أول من أمس الرئيس سعد الحريري، رئيس الحكومة و'تيار المستقبل'، عن العلاقة المميزة وعلاقة الثقة التي صارت تربطه بسوريا وبرئيسها بشار الاسد، ونقل بعض الإعلام ان الرئيس الحريري طلب الى أعضاء كتلته النيابية والوزارية الامتناع عن مهاجمة سوريا ونظامها تأكيدا للعلاقة الجديدة بين الطرفين.
هكذا تحوّل سعد الحريري الى الافرقاء 'المقتنعين' بالضرورة السورية لاستمراره أولا في مهماته الصعبة والمعقدة والشائكة، ولضمان استقرار البلاد ثانياً، ولتأمين التواصل مع أطراف 'المعارضة' السابقة ثالثاً، ولتجنب تفجر السلاح الفلسطيني غير الشرعي في وجهه رابعاً، ولتوفير التنسيق في مواجهة الجماعات الاصولية المتطرفة (ولو سنّية) خامساً، ولإرضاء المملكة العربية السعودية الساعية الى مصالحات عربية سادساً.
وقبله مضى النائب وليد جنبلاط في الخط، ولكن من دون الاخراج اللائق الذي عمل له الحريري، فأحرج حلفاءه، وتحديدا الذين قادهم الى المواقف المتشنجة قبل ان يتخلى عنهم، ويبالغ في توصيفهم وفي انتقادهم اللاذع.وكان سبقهما الى الخيار عينه، ودفعهما اليه ربما، العماد ميشال عون الذي قال سابقا إن خروج الجيش السوري من لبنان يذلل مشكلته مع دمشق، لكنه لم يعترف يوما بحلفاء سوريا الذين كان يسميهم 'أدوات' قبل ان يتحولوا بدورهم حلفاء.
'حزب الله' مقتنع بالضرورة السورية حتما ما دامت طريق السلاح والحليف لايران، وهي التي تؤوي الفصائل الفلسطينية على أنواعها. وترى 'أمل' ان دمشق هي راعية التوازنات حتى في داخل الطائفة الشيعية. وأخيرا سمعنا وزيراً في كتلة 'القوات اللبنانية' يقول من دمشق إن لا عداء بين الحزب وسوريا، وإنه يترك لرئيس الهيئة التنفيذية الدكتور سمير جعجع ان يقرر ما اذا كان سيزور العاصمة السورية أم لا.
ماذا بعد كل هذه المعطيات؟
وصل اللبنانيون على مختلف انتماءاتهم الى 'اقتناع' بالضرورة السورية، لا حبا بها حتما، بل بسبب انقساماتهم المستمرة، والتي يغذيها الخارج، القريب جداً قبل البعيد، و'اقتنعوا' بها بسبب خوفهم من بعضهم البعض أولا، وبسبب خوفهم من حرب اسرائيلية سيواجهونها بمفردهم هذه المرة، من دون رعاية ودعم من المجتمع الدولي الذي يواجه هجوما لبنانيا على المحكمة الدولية.
وبات اللبنانيون 'مقتنعين' ان سوريا وحدها القادرة على منع استفزاز اسرائيل من لبنان، وهي القادرة على منع '7 ايار' جديدة وقطع الشهية على حرب أهلية متجددة.
'قوى 8 آذار' جربت تراجع النفوذ السوري في عام 2005 وما تلاه، و'قوى 14 آذار' صارت متخوفة من تحريك دمشق لـ'قوى 8 آذار' انتقاما.أمام هذا السيناريو يبدو أن الجميع وقعوا في الشباك السورية مجدداً.
ـ 'النهار'
المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وضع تنظيمًا للحوزات وجهّز قانون الشأن الديني
ورشة دينية تواكبها تطمينات: كل الأفرقاء موافقون ومنسجمون مع هذا التوجه
هالة حمصي:
التطمينات تعزّزها خطوات. الوضع الشيعي الديني في لبنان يتجه نحو 'تنظيم' و'ضبط'، بدءا بالحوزات، وصولا الى 'الشأن الديني'. الورشة انجزها اخيرا المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى: وضع تنظيمًا يضبط عمل الحوزات، 'بالتنسيق معها'، وبات قانون تنظيم الشأن الديني جاهزًا بعدما انتهى البحث فيه. وتجاه ذلك، يأتي تأكيد: كل الافرقاء الشيعة، وبينهم 'حزب الله'، 'موافقون ومنسجمون مع هذا التوجه'. نحو الفي إمام شيعي متزيًّ بالزيّ الديني، 24 حوزة، جامعة اسلامية، خريجون من حوزات علمية في الخارج... للساحة الشيعية اللبنانية خصوصيات تميّزها عن بقية الساحات. كيف يتكوّن الأئمة في لبنان؟ اين يُعَدَّون؟
الإمام الذي يؤمّ الجماعة هو الذي يتمتع، وفقا لشروط الاسلام، 'بطهارة المولد والبلوغ والعقل، يقرأ قراءة صحيحة، ولا يقوم بمحرم ومنكر'، يقول مفتي صور وجبل عامل الشيخ حسن عبد الله لـ'النهار'. وفي اللغة، 'الامامة تعني التقدم، فيقال أمّ القوم اي تقدمهم، ومنه أممت القوم، فأنا أؤمهم أما وإمامة، إذا كنت إمامهم... والإمام يعني القدوة، وهو ما ائتم به الناس من رئيس أو غيره. وإمام من أم، ومعناها في الأصل: الرئيس، وخصوصا الدليل الذي يقود القافلة، وهي ترادف الهادي، ومنها كل شخص أو شيء يتخذ دليلا أو قدوة'. (*)
ائمة ومأمومون
في القرآن، يرد تعبير الإمام 'بمعنى المثل والدليل والقدوة والمشابه. ومنذ ظهور الإسلام، يطلق على الرجل الذي يصلي بالناس'.(*) ويضيف عبدالله ان الامام 'هو الحاكم، رأس السلطة. فيقال ان امام البلاد هو رأس البلاد. وامام الجماعة هو رأس الجماعة. لذلك يسمّى الامام إمام الجماعة، تكنًيا بالامام الذي هو الحاكم'. ويستتبع ذلك ان 'الامام هو الذي يسيطر على الجماعة، ويتحكم في صلاة الافراد خلفه. فهو الذي يبادر الى الصلاة، ويتبعه المصلون. المأموم اذًا هو الذي يتبع الامام. وبالتالي يسمّى الإمام إمام الجماعة ومأمومي الجماعة، ولا بد من ان يتقدم على المأمومين، ويباشر بعض الأذكار والقراءات من دونهم، اي انه يتولى القراءة في الركعتين الاولى والثانية، في وقت لا يتولاها المأمومون. وفي النزول الى الركوع والسجود، يسبق المأمومين اليهما، ويتبعونه'.
والائمة صنفان: ائمة الجمعة، وائمة الجماعة. ويشرح عبدالله ان 'الجمعة اجتماع يجتمع فيه المسلمون، ويتولى فيه امام الجمعة دورا ارشاديا توجيهيا. لذلك، تكون خطبة الجمعة مؤلفة من خطبتين، الاولى دينية فيها وعظ وارشاد، واخرى اجتماعية تتناول الشأن العام، بحيث تشمل الخطاب الديني والسياسي والاجتماعي، بما يتناسب مع الدين. اي انها تكون موقفا دينيا من مسائل اجتماعية وسياسية يعيشها الانسان'.
على صعيد الدور، يمارس امام الجمعة 'دورا اكبر وابرز من دور امام الجماعة'. والاخير قد يكون امام مسجد، او امام قرية. ويوضح عبدالله ان 'امام المسجد يتولى امامة الجماعة دوريا، ويسمى ايضا امام الراتب. وهو الذي يصلي الصلوات الخمس في المحراب في المسجد: يتولى صلاة الجماعة من جهة، واحياء المناسبات الدينية داخل المسجد من جهة اخرى، ويقوم بدور ارشاد ديني داخل المسجد من جهة ثالثة، لجهة تدريس مسائل فقهية، او تجويد القرآن وقراءته، او قراءة الادعية والاذكار'.
اما إمام القرية، فيمارس 'دورا اوسع' من امام المسجد. 'فهو الذي يتولى المناسبات الدينية في القرية، اي اسبوعات او صلاة جنائز او احتفالات دينية تقام في القرى. ويمكن ان يؤم ايضا اكثر من جماعة، اذ قد يكون في القرية او البلدة اكثر من مسجد، فيؤمها'.
24 حوزة وتنظيم يضبطها
من واجبات الائمة هداية الناس الى الاسلام وارشادهم، منعهم من الانحراف، القضاء بينهم في النزاعات والخصومات، اعداد كتب ومقالات، البحث في مختلف القضايا الفكرية، والافتاء... شرعا، لا يشترط بمن يتولى امامة الجماعة ان يكون حائزا شهادات دينية. و'الشروط المذكورة بداية تخوّل اي امرىء ان يكون امام جماعة، اكان تزيا بالزي الديني ام لا'، يقول عبدالله. 'لكن اخيرا صار من العرف الاجتماعي العام ان من يريد التصدي للشأن الديني، اكان في امامة الجماعة ام الجمعة، عليه ان يتزيا بالزي الديني. وصار هذا العرف حاكما، بحيث ان كل من يريد ان يؤم جماعة، عليه ان يكون معمّمًا'.
وعادة، لا يحق لمن يريد ان يتزيا بالزي الديني 'الا ان يكون حائزًا مراحل علمية انهى بموجبها المقدمات الشرعية'. وهذه المقدمات عبارة عن 'ثلاث سنوات اولية' من الدراسة الفقهية تشمل علم النحو والمعاني والمنطق والفقه وتاريخ الاسلام والاحكام الشرعية والعقائد والمعارف... وتليها مرحلتان اخريان: 'السطوح' التي تمتد 'ثلاث سنوات'، وتشمل دروسا في اصول الفقه والعقائد وعلوم القرآن والاصول والتفسير والتاريخ السياسي للاسلام... و'البحث الخارج' التي تمتد نحو اربع او خمس سنوات، وتعتبر ممهدة لمرحلة الاجتهاد التي يستطيع الطالب من بعدها امتلاك ملكة استنباط الأحكام الشرعية.
واذا كان انهاء المقدمات من شروط تولي إمامة الجماعة، 'وبالتالي التزيي بالزي الديني وتقدم الصلاة'، فان اكمال المرحلتين الباقيتين امر يعود الى الطالب. 'فاما يكملهما، واما يكتفي بالمرحلة الاولى فقط'. عند الشيعة، تشكل 'الحوزات' الواحة الاولى التي تجذب طالبي المعرفة بالاسلام. وهي بمثابة مدرسة او معهد ديني، واشهرها حوزة النجف في العراق، وحوزة قم في ايران. وفي لبنان، يبلغ عددها 24 منتشرة بين بيروت والجنوب والبقاع، منها نحو 4 تؤمن التعليم الديني العالي، وهو امر يرى فيه عبدالله 'تقدما لافتا'.
وجديد الامور على هذا الصعيد، 'وضع المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى حاليا، بالتنسيق مع الحوزات، تنظيما يضبط عملها، ضمن النظام والقانون وفقا للمادة 28 من قانون الهيئة الشرعية في المجلس القائلة بان الهيئة تتولى ادارة كل المعاهد والادارات والمناسبات الدينية'، يفيد عبدالله. 'كذلك، بات قانون تنظيم الشأن الديني جاهزا، وقد انتهى البحث فيه، ومن الممكن ان نعلنه مباشرة او ان نطبقه من دون اعلان، بناء على ان الهيئة هي الناظرة والناظمة له'.
هل يشرف المجلس على عمل هذه الحوزات ويتابع ما تقدمه من تعليم الى الطلاب؟ يجيب: 'المجلس يتولى عملية مباشرة هذه الحوزات ومتابعتها. وفي النظام الجديد، الذي نحن في صدد اعلانه، لا حوزة لا تتابع مع المجلس. الكل يتابع متابعة مباشرة او غير مباشرة معه. وهذا امر ايجابي وصحي جدا'. وتجاه امكان ابداء افرقاء شيعة عدم تعاون مع المجلس في هذا النظام، لا يعتقد ان 'هناك من هذا الرأي اليوم، وخصوصا ان المناهج التعليمية واحدة، ومن له الكفاية لن يعارض مع مشروع تنظيم الحوزات. واذا كان هناك من لديهم برامج فاقدة الاهلية، فقد يعترضون. لكنهم سيكونون قلة، ولن يستطيعوا ان يواجهوا المؤسسة الام التي هي المجلس'. والسؤال عن موقف 'حزب الله' يجيب عنه بالتأكيد: 'الكل موافق على النظام ومنسجم مع هذا التوجه'.
جامعة وشهادات من الخارج
الى جانب الحوزات التي تجد تمويلا لها، على ما يقال، مما يسمى الخمس والزكاة، اي 'الاموال الشرعية التي يدفعها عادة المؤمنون'، هناك ايضا الجامعة الاسلامية في لبنان التابعة للمجلس، والمرخص لها بموجب المرسوم 86 الصادر في 12/6/1996. ومن كلياتها، كلية الدراسات الاسلامية التي تخرج حملة اجازات جامعية وماجستير ودكتوراه في العلوم الاسلامية والشريعة والقانون، ما يخولهم العمل في التدريس في المراحل الثانوية والجامعية والقضاء الشرعي والتبليغ الديني والمؤسسات الثقافية الدينية. وتضم حاليا نحو 800 طالب في مختلف المراحل، ويتخرج منها سنويا بين 79 و100.
الى هذا تضاف الحوزات العلمية في العراق وايران، والتي يقصدها طلاب لبنانيون اختاروا اتمام دروسهم فيها. ويشرح عبدالله: 'لدى عودتهم، يبرزون شهادات علمية حصلوا عليها هناك، ويقدمونها الى المجلس بغية جعلها نظامية لديه او لدى المؤسسة التي يريدون التدريس او العمل فيها'.
'حالة علمية متماسكة'
في لبنان، لا احصاء دقيقا وكاملا عن العدد الحالي للائمة فيه. و'لان الوضع الديني يخضع لتمويل غير مركزي، لا يمكن ان نتابع دوريا'، يقول. 'لكننا نعرف الجميع، ونتواصل معهم، وهم يتواصلون معنا. ووفقا للتقديرات، لدينا نحو الفين يتزيون بالزي الديني في مختلف المناطق'.
والسؤال عن المستوى الفكري للائمة يجيب عنه بالتأكيد ان 'لدينا حالة علمية متماسكة جدا. ومن يتجاوز حدوده، حتى لو اهملناه نحن على المستوى الشخصي، فالناس لا يسكتون عنه، اذ باتوا يتمتعون بوعي لافت. ومن الممكن ان يمر بعضهم ويغش، لكن مصيره يكون عادة عدم مواصلة مسيرته. فلذلك نحن مطمئنون، ونعدّ تنظيمات ادارية تعنى بالتفتيش والرقابة على وضع رجال الدين، وصولا الى امكان الخلّ بالزي في حال الاخلال باداة الزي. ونعدّ ايضا برنامجا لمقاضاة من يرتدون الزي من دون وجه حق، وذلك لانتحال الصفة. وكل هذا يدخل ضمن النظام الجديد الذي اعدّه المجلس'.
تحسين اوضاع الائمة، على المستويين الفكري والديني، من المسائل المطروحة، لاسيما لدى المجلس. 'نتجه حاليا بائمة المساجد في اتجاهين، الاول ديني، اذ يهمنا ان يعززوا آخرة الانسان. والآخر ضرورة ان يعطي من يتولون الخطاب الديني في لبنان والخارج الرؤية الوطنية التي نؤمن بها في لبنان. توجيهنا الديني والسياسي في المجلس يرتكز على ضرورة ان يكون الخطاب الديني اساسا للوحدة الوطنية اللبنانية والتعاون مع سائر الافرقاء من اجل تعزيز حياة اللبناني، وعلى ان الشيعة في لبنان جزء اساسي من النسيج الوطني ويؤمنون بان لبنان وطن الشراكة، والتعدد الطائفي والمذهبي فيه ثروة وطنية اجتماعية... لذلك، من المهم ان يلحظ الامام الوضع الوطني اللبناني، والتنوع الطائفي في لبنان ونسيجه الوطني، ويراقب الوضع الديني بالنسبة الى المحافظة على لبنان وسيادته. فما يهمنا هو ان يعزز الوضعين الوطني والديني'.
والتدابير العملية المتخذة في هذا الاطار يربطها عبدالله 'بادارة التبليغ الديني في المجلس التي مضى على عملها اكثر من 10 اعوام، بعيدا من الضوضاء الاعلامية، لتأمين التواصل مع اللبنانيين في لبنان والخارج'. ويشرح ان 'لدينا موفدين يتوجهون الى الخارج على مدار السنة، ويتواصلون مع المغتربين اللبنانيين. وهذا امر عكس حالة ايجابية لدى اللبنانيين في الخارج، وايضا لدى الدول المضيفة لهم، خصوصا في اوروبا واميركا...'.
ولكن ماذا سيكون الموقف اذا لم يلتزم بعضهم هذا التوجيه الديني والوطني الذي يوصي به المجلس؟ يجيب: اذا لم يحصل التزام، قد نعتمد اساليب قد تصل الى حد البراءة الاعلامية من جهة، او الى الدعوى امام الجهات المختصة. الامر حازم، ولا تهاون فيه'.
&bascii117ll; حتى لو كان عدم الالتزام هذا من افرقاء شيعة اقوياء؟
- الافرقاء الآخرون متجاوبون معنا.
(&bascii117ll;) 'الإمامة وأهل البيت'- المستبصر الدكتور محمد بيومي مهران.
ـ صحيفة 'الأخبار'
يحيى دبوق:
... من ناحية عملية، يبدو أن مخطط عام 2005 يستنسخ نفسه، مع تغيير في هوية المستهدفين وإبقاء أسلوب الاستهداف، ففي حينه جرى العمل على تحييد حزب الله وصب التهمة على سوريا أملاً باستفرادها، وحالياً يجري العمل على تحييد سوريا أملا باستفراد حزب الله. في حينه، عُرض على الحزب جزء من &laqascii117o;الكعكة" اللبنانية، على أن ينقلب على دمشق، لكنه تناول الكعكة بقدرته الذاتية وتمسك رغماً عن الجميع بالعلاقة مع دمشق، والفارق بين الحالين أنه يُعرض على سوريا كإغراء للتخلي عن حزب الله، ما بات لديها بالفعل. المصلحة الأميركية في المنطقة، والتي تسبق كل مصالح الحلفاء في الداخل والمنطقة والخارج، لا تمكّن من اتهام سوريا أو التلميح إليها في القرار الاتهامي، ويمكن أن نتصوّر ما تدركه واشنطن جيداً، إن جرى اتهام سوريا، التي تملك ما يكفي من الإمكانات على تفعيل ضغط مقابل، في أكثر من ساحة، وفي أكثر من اتجاه، من شأنها أن تشوش على التوجهات والمصالح الأميركية في المنطقة.
إلى أين تتجه الأمور، في ظل الإصرار على تفعيل أداة المحكمة الدولية ضد حزب الله؟
لكن إلى أين تتجه الأمور في ظل الإصرار الظاهر على تفعيل أداة المحكمة الدولية ضد حزب الله، في موازاة إصرار الحزب وحلفائه على المواجهة. هناك اتجاهان افتراضيان:
اتجاه متطرف بأن يصدر القرار الاتهامي ويتضمن اتهاماً لحزب الله، ومن ثم يعقبه توتر كبير بين اللبنانيين، تتبعه مواجهة واحتراب داخلي، يرى البعض أن غلبة طرف على طرف معروفة مسبقاً، بينما يرى آخرون أنها ستؤذي الجميع بلا استثناء، مع الفارق.
اتجاه غير متطرف، بأن يصدر القرار ويتهم حزب الله، تتبعه عمليات تحريض ضد المقاومة في الداخل وفي الخارج، لكن من دون تفاعل جماهيري ومن دون الوصول الى مواجهة أو الى احتراب داخلي، للتعذر، ومن ثم يوضع الاتهام في أدراج المخططين دون أن يموت، على أن يجري استخدامه لاحقاً، في ظل توافر ظروف أفضل ضد المقاومة، هذا إن كان قابلاً للاستخدام في المستقبل. رغم ذلك، يمكن أن لا يصدر القرار الاتهامي، وأن يُكتفى كما يحصل عادة ببيان يتحدث عن مجريات التحقيق وأنه &laqascii117o;يحقق تقدماًَ ملحوظاً"، أي أن يتأجل القرار أو أن يصدر دون اتهام لحزب الله، تماماً كما حصل في العام الماضي، وبخاصة إذا تلمّس المخططون، بمعنى المخططين الفعليين لا الهامشيين، أن الأدوات التي تُمكّن من تسليك القرار ضد حزب الله، باتجاه الضغط المجدي عليه، لم تتوافر بعد، أو جرى تفويتها.
ـ صحيفة 'المستقبل'
الاستئناس برؤية عاقلة فهمت الواقع اللبناني' في مواجهة التفسير التآمري للتاريخ / العبور إلى الدولة.. بالتأسيس لـ'المستقبل'
وسام سعادة:
يشكّل المؤتمر التأسيسيّ لـ'تيّار المستقبل' محطة نضاليّة تعني الحركة الإستقلاليّة والإستقراريّة اللبنانيّة في مجموعها، أي حركة الرابع عشر من آذار، ذلك أنّ الجديد الذي يقدّمه هذا التيّار على صعيد تاريخ التجربة الحزبية اللبنانية يرتبط عضويّاً بإدراك فكريّ وسياسيّ وتنظيميّ لطبيعة المرحلة الإنتقاليّة للتجربة الكيانية والميثاقية والمجتمعية اللبنانية ما بعد الإستقلال الثاني، والتي وضعت لها قوى 14 آذار عنواناً برنامجياً واضحاً، انتزعت على أساسه الأكثريّة النيابية للمرة الثانية على التوالي قبل عام، وهو عنوان 'العبور إلى الدولة'. هذا العبور هو مرحلة تاريخية إنتقاليّة كاملة يجتازها اللبنانيّون، وهذا ما يبدو أنّ 'تيّار المستقبل' يفهمه بشكل أساسيّ، أيضاً لكونه التيّار الذي تبلور شكله التنظيميّ في هذه المرحلة بالتحديد، ولأنّه عرف كيف يستعين سواء في مساره السياسيّ أو من خلال تبلوره السياسيّ أو في علاقته مع البيئات الأهليّة بفضيلة التنوّع. استعان بالتنوّع على التعقيد، وبالتنوّع على التبسيط. اعتنق التنوّع ليبراليّة تعاقديّة في السياسة والإقتصاد والثقافة. ربط التنوّع اللبنانيّ بالإعتدال العربيّ. عرف أنّ هذا الرّبط يحتاج إلى توازن دقيق وأنّ هذا التوازن الدقيق لا يؤمّنه إلا هو.
ويعني العبور إلى الدولة سيادة أحكام الدستور اللبنانيّ داخل المؤسّسات الدستوريّة وفي ما بينها، وسيادة حكم القانون اللبنانيّ على جميع أراضي الجمهوريّة اللبنانيّة، وأن تكون لنا دولة لها ما للدول الأخرى من حقوق في المجتمع الدولي ومن زاوية القانون الدولي وعليها ما على الدول الأخرى من واجبات، أمّا في ما عنى العلاقات مع الدول العربيّة الأخرى، فتكون الدولة اللبنانية دولة عندما توازن بين ثلاثية 'السيادة'، و'التضامن'، و'المصلحة'، وهذه الثلاثية كانت حاضرة بالتحديد في المؤتمر التأسيسيّ لـ'تيّار المستقبل'، وخصوصاً في الكلمة الإفتتاحية لرئيس التيّار، رئيس الحكومة سعد الحريري.
ومن فرادة 'تيّار المستقبل' بوصفه علامة تنظيمية فارقة على هذه المرحلة الإنتقاليّة، مرحلة 'العبور إلى الدولة'، أنّه لا يمكن إختزاله في تصنيف واحد، ذلك أنّ كل تصنيف دوغمائيّ متسرّع سرعان ما سيصطدم بأكثر من قرينة أو حجّة مضادة. الإسقاطات لا تجدي نفعاً من هذه الناحية، حتى لو تزيّنت ببعض المقولات المجتزأة من علم السياسة أو الإجتماع أو الإناسة. ليسَ ذلك لأنّه لا ينبغي النظر إلى التجربة التنظيميّة والأهليّة لهذا التيّار بالإرتكاز إلى هذه العلوم الإنسانية والإجتماعيّة، وإنّما لأنّ شرط النظر هو وزن الأمور بعين التطوّر التاريخيّ، بعين التجربة الحزبيّة اللبنانيّة، والتجربة الجبهويّة الإستقلاليّة اللبنانيّة.
ومن زاوية التجربة الحزبيّة اللبنانيّة، بالمستطاع القول أنّ ثمّة ثلاث تجارب تنظيميّة حيويّة جماهيريّة لها أن تفهم على أساس المقارنة والمقابلة في ما بينها: وهي تجارب 'القوّات اللبنانيّة' و'حزب الله' و'تيّار المستقبل'. لم تنجز هذه القراءة المقارنة الثلاثية بعد، مع أنّ الشروع فيها ضروريّ. في كلّ من هذه التجارب الثلاث، ثمّة مسارات تحديثيّة مختلفة تطرح نفسها، وتتعلّق أساساً بثلاثة أقسام من الطبقة الوسطى اللبنانيّة.
'القوّات اللبنانيّة' تجربة تنظيم عسكريّ وجماهيريّ سلّم سلاحه بعد الحرب، وتعرّض للقمع المنهجيّ في إثر ذلك، وخاض مرحلة نضال سرّي سلميّ في ظلّ صمود أسطوريّ للقائد في سجنه، ثم أعاد التنظيم تأسيس نفسه في إطار عمل جبهويّ إستقلاليّ، وعلى أساس النضال الشرعيّ السلميّ، وإنطلاقاً من مراجعة حقيقية جذّرت التمسّك بالسلم الأهليّ.
'حزب الله' هو تنظيم عسكريّ وجماهيريّ لم يسلّم سلاحه بعد الحرب، بل احتكر العمل العسكريّ ضدّ العدوّ الإسرائيليّ بعدها، وتضخّمت ترسانته العسكريّة بعد الإنسحاب الإسرائيليّ، ثم بعد الحرب الإسرائيليّة الأخيرة. يجمع بين العمل السرّي والعمل العلنيّ، بين العمل الشرعيّ (أي وفقاً للقوانين المرعيّة الإجراء) وبين العمل اللاشرعيّ. يؤدّي ذلك عادة إلى مواقف ملتبسة من مسألة السلم الأهليّ.
'تيّار المستقبل' هو تنظيم سياسيّ لا يعرف إلا شكلاً واحداً للنضال: النضال الشرعيّ السلميّ. أمّا التمسّك بالسلم الأهليّ فيشكّل الجوهر 'العقائديّ' و'العمليّ' لهذا التيّار. لأجل ذلك فإنّ وجود هذا التيّار كاف بحدّ ذاته للرّد على دعاة التهويل بالفتنة. لسان حال 'تيّار المستقبل' يقول: لا فتنة بدوني، وأنا نقيض الفتنة، في طروحاتي كما في تركيبتي، في علاقاتي كما في مصالحي.
أمّا على صعيد العلاقة بين 'حزب الله' من جهة، و'تيّار المستقبل' من جهة ثانية، بالبيئة المذهبيّة الإرتكازيّة لكل منهما. فالفارق شاسع بين مسارين 'تحديثيين'.
المسار الذي اتبعه 'حزب الله' أراد تحويل 'مذهب' إلى 'طائفة' و'طائفة' إلى 'إثنية'، وعمل على ربط 'الطائفة الإثنية' بأيديولوجيا دينيّة مذهبيّة هي تلك المتبعة في إيران، بل بالتوظيفات الأكثر راديكالية وتعسكراً لهذه الأيديولوجيّة، أي تلك المرتبطة بمحمود أحمدي نجاد والحرس الثوريّ. على هذا الأساس يطبّق 'حزب الله' نظريّته في 'أشرف الناس' المتناقضة مع كثير من أحكام الدستور اللبنانيّ، والتي لا تقلّ خطورة عن الإرتباط المباشر لـ'حزب الله' بنظريّة 'ولاية الفقيه' المقرّة دستوريّاً، في إيران لا في لبنان. مسار 'حزب الله' إذاً: وكالة غير قابلة للعزل له على الشيعة في لبنان. ووكالة غير قابلة للعزل للوليّ الفقيه في إيران على 'حزب الله' اللبنانيّ. وقبل كل شيء تتخذ السلطة الكاريزميّة لزعيم الحزب بعداً غير مسبوق في التاريخ اللبناني.
أمّا المسار الذي يتبعه 'تيّار المستقبل' فمعاكس تماماً. يعبّر عنه ما قاله الرئيس الحريري في إفتتاح المؤتمر: 'المدى الذي يمثّله السنة في لبنان وفي هذه المنطقة من العالم لن تختصر في حزب أو تيّار أو حركة'. ثمّة دلالات عديدة 'تتساكن' في هذا التأكيد. منها طبعاً أنّ 'تيار المستقبل لن يحمل هوية مذهبية أو طائفية أو مناطقية'، أي أنّه لن يسهم في تحويل 'السنّة' إلى 'طائفة مغلقة'، بل على العكس تماماً، هو تيّار مؤمن بالمناصفة الإسلامية المسيحية، وبالوجود الإسلاميّ المسيحيّ للبنان.
ويتقاطع ذلك مع إبتعاد عن أي 'تصنيم عقائديّ' أو أي 'تصنيم رمزيّ'. فمن أهمّ ما ورد في 'التقرير السياسيّ' في المؤتمر هو التأكيد بأن استحضار مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ليست 'من باب التقديس بنصوص دوّنها أو لرؤية سجّلها أو لأداء قام به' إنّما 'من باب الاستئناس برؤية عاقلة فهمت الواقع اللبناني بتركيباته وتعقيداته'.
هنا أيضاً نحن أمام جملة مفتاحية. ففي لبنان اليوم، ثمّة مدرسة تريد 'الإستئناس برؤية عاقلة فهمت الواقع اللبناني بتركيباته وتعقيداته' في مقابل مدرسة تتعامل مع تركيبات وتعقيدات الواقع اللبنانيّ على أنّها 'مؤامرات'، ولا ترتئي من سبيل لمواجهة المؤامرات الإفتراضية الوهميّة إلا إبتداع مؤامرات مضادة تهويليّة أحياناً، وميدانية أحياناً أخرى، وفي ظلّ معادلة زعيم كاريزمي استثنائيّ يملي على الآخرين نقداً ذاتيّاً إجبارياً، فيما يعفي حزبه، وحلفاءه، من أي نقد ذاتيّ، في حين أن نقد التفسير التآمري للأشياء هو الشرط الأوّلي لأي نقد.
ـ صحيفة 'اللواء'
هل يُلاقي <السيّد>&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll; <ولي الدم> في منتصف الطريق؟
صلاح سلام:
مرّة أخرى يتطلّع الوطن الصغير إلى الأشقاء والأصدقاء، لمساعدته على تجنّب الوقوع في أتون الصراعات الداخلية، على إيقاع موجات التشنج والتصعيد والتوتير، التي أطلقتها السجالات السياسية على خلفية القرار الاتهامي للمحكمة الدولية، واحتمال توجيه <اتهام ما> إلى عناصر من حزب الله&bascii117ll;
&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll; ومرة أخرى، يُظهر اللبنانيون عجزهم عن معالجة خلافاتهم المتناسلة بسرعة مخيفة، وعدم قدرتهم على تحكيم العقل والمنطق، وقبلهما المصلحة الوطنية العليا، لحل أزماتهم المستجدة مع كل طلعة شمس!&bascii117ll;
&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll; ومرة أخرى، وطبعاً ليست الأخيرة، يُثبت اللبنانيون عدم استيعابهم لدروس وعِبر الأزمات السابقة، الأمر الذي يجعل انزلاقهم إلى صراعات الداخل الطائفية والمذهبية، وحتى المناطقية، عملية سهلة، وتتصف بكثير من السذاجة والاعتباط لدى شعب يدّعي التفوّق بالحنكة والذكاء!&bascii117ll;
فهل تنجح مساعي الأشقاء هذه المرة في التوصّل إلى صيغة إنقاذ تحافظ على الاستقرار والانفراج، وتحول دون وصول البلد إلى حافة الانفجار والانهيار؟&bascii117ll;
* * *
يبدو أن التسريبات المبرمجة عن مضمون القرار الاتهامي المتوقع صدو