ـ صحيفة 'السفير'
هي قضية واحدة: العدالة والمقاومة
طلال سلمان:
أي عقل جهنمي أبدع هذا المخطط التدميري بوضع &laqascii117o;العدالة" في مواجهة &laqascii117o;العزة الوطنية" بحيث تتحطمان معاً ويخسر الوطن وحدة شعبه وفرصة قيام دولته بعدما تحررت أرضه بدماء مجاهديه؟
أي عقل تآمري حبك هذا السيناريو المتفجر القاضي بإدراج جريمة الاغتيال التي استهدفت الوطن، عبر رجل الدولة الأبرز والأقوى، الرئيس رفيق الحريري، في مواجهة فرسان التحرير من أهل المقاومة؟!
فالجريمة التي أودت بحياة الرئيس الشهيد تكاد تكون ـ في جانب منها ـ تأديباً لأي مسؤول رسمي ينحاز ـ سياسياً ـ إلى المقاومة، ويضيف إلى جهدها القتالي، المميز في كفاءته، قدراته السياسية وصلاته بمراكز القرار، عربياً ودولياً، من أجل حماية حقها المشروع في تحرير المحتل من أرضها ولو بدماء مجاهديها؟! (هل يمكن أن ننسى جميعاً &laqascii117o;تفاهم 16 نيسان 1996" ودور الحريري فيه؟).
بالمقابل فإن التآمر على المقاومة في لبنان، بعد إنجازها التاريخي، ومحاولة إغراقها في المستنقع الطائفي والمذهبي، إنما يستهدف تأديب الشعب في لبنان، ومعاقبته على &laqascii117o;خرقه" المحظور وتصديه ـ بالسلاح ـ للاحتلال الإسرائيلي وإجلائه ببسالة مجاهديه المحصنة بالتأييد الشعبي العارم.
فالعدالة، هنا والتحرير وجهان لقضية واحدة، وليسا قضيتين.
من يفصل الذراع عن القلب والعين عن الوجه والحق عن العدالة والتحرير عن إعادة بناء الدولة؟!
من قال إن رفيق الحريري هو شهيد بعض اللبنانيين وبعض العرب وليس شهيدهم جميعاً، من اتفق معه حتى في التفاصيل، ومن اختلف معه ولم يختلف عنه في إيمانه بحق الوطن في الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال؟!
ومن قال إن المقاومة التي قدمت كل ما تملك من قدرات لتحرير الوطن، رجالاً ونساءً وأطفالاً، مدناً عامرة وقرى وادعة بأهاليها الذين يحبون الحياة لكنهم يريدونها كريمة، كانت تنظر إلى بعض الوطن وليس إليه جميعاً، وإلى قسم من اللبنانيين وليس إلى مجموعهم كشركاء مصير، ومن بعدهم إلى إخوانهم العرب وسائر الطامحين إلى حقهم في الحرية وفي الكرامة؟!
من ينكر أن اغتيال رفيق الحريري إساءة جسيمة لصورة لبنان الخارج منتصراً من معركة تحرير أرضه، والمقاومة هي أول المتضررين وأكبر المتضررين من هذه الإساءة؟!
من يستطيع أن ينكر أن إسرائيل لم تغفر للبنان انتصار مقاومته، بتحرير أرضه في العام 2000، وأنها عملت وما تزال تعمل وبكل جهد لتخريب هذا الوطن الصغير وتأديب شعبه الذي خلخل صورة &laqascii117o;القوي الذي لا يقهر"، وشجع الشعب الفلسطيني على مواصلة المقاومة بكل الوسائل المتاحة ومنها الانتفاضة؟!
من يمكنه ادعاء الفصل القاطع بين مسلسل عمليات التخريب والتحريض على الفتنة وبين حرب تموز التي أرادت منها إسرائيل إعادة الاعتبار إلى جيشها الذي عجز عن الانتصار، في العام 2006، فكانت ضربة ثانية لهيبته بعد هرولته منسحباً ومتخلياً عن كل &laqascii117o;عملائه" من اللبنانيين الذين كان يستخدمهم دروعاً بشرية لجيش احتلاله طيلة اثنين وعشرين عاماً أو يزيد؟!
كان الرهان الإسرائيلي (ومن خلفه سائر داعميه الدوليين ومناصريه المستترين من العرب) على انقسام اللبنانيين (والعرب خارجه) من حول المواجهة معها... فلم يكن أحد من هؤلاء ليتصوّر أن المقاومة ستصمد طيلة ثلاثة وثلاثين يوماً على التخم مع فلسطين المحتلة، لا تتراجع عنه ولا توقف نيرانها، إلى أن صدر القرار الدولي الذي لم تعتبره إسرائيل (وقد ساعدها في ذلك نصه الملتبس) إنهاء للحرب بل مجرد وقف للعمليات العسكرية. لهذا كله كان لا بد من اللجوء إلى تخريب الداخل بالفتنة..
تكفي استعادة مسيرة كشف شبكات التجسس لحساب إسرائيل التي تبيّن أنها تنخر الجسد اللبناني بمؤسساته جميعاً، المدنية والعسكرية.
وتكفي استعادة مسيرة الكشف عن التغلغل الإسرائيلي في شبكة الاتصالات بما يكشف لبنان، دولة وشعباً، أمام العدو..
وهناك شواهد أخرى على الجهد الإسرائيلي الهائل، المعزز بتغطية أميركية حين يتطلب الأمر، وبنصائح مشبوهة من بعض الأوساط الرسمية العربية، التي سلمت للقدر الإسرائيلي بحقه في رسم مستقبل هذه الأمة كمنطقة نفوذ ومصدر قدرات مادية لا تنضب... أوليست في واقعها الراهن وبعد &laqascii117o;تأديب" قوى الاعتراض وشطبها والتشهير بالمقاومة واعتبارها أداة للفتنة تخدم الطموح الإسرائيلي للهيمنة على المنطقة جميعاً؟!
[ [ [
إنها قضية واحدة: العدالة والمقاومة.
بهذا المعنى فالمقاومة في طليعة المعنيين بالعدالة، بل وبالثأر لدماء رفيق الحريري ورفاقه من الشهداء الذين سقطوا معه..
فلا يخطئن أحد فيسيء إلى لبنان جميعاً، بل ويفتح أمامه أبواب الخطر التي عجز عن فتحها العدو الإسرائيلي، الذي سيظل عدواً لكل لبنان، وليس لبعضه، ولكل العرب وليس لقسم منهم دون الآخرين!
ـ صحيفة 'اللواء'
رضوان السيد:
منذ أكثر من ستة أشهر، عاد التوتّر السياسي الى الساحة اللبنانية، أولاً على توقُّع حرب <إسرائيلية> على لبنان، وثانياً <وأخيراً> على وقع خطابات الأمين العام لحزب الله، بشأن احتمالات صدور القرار الظني للمحكمة الدولية، والذي يتضمّن اتهاماً لأفراد من حزب الله&bascii117ll; والمُلاحظ أنه في الحالتين: فإن الثائرين بالداخل اللبناني والمشهد العربي، يربطون ذلك بالتسوية واحتمالات تقدمها أو فشلها&bascii117ll; فقد كان هناك من قال إن اسرائيل وحكومتها اليمينية لا تريدان التسوية أو السلام، وقد تضايقوا حتى من المفاوضات غير المباشرة (مع الفلسطينيين) ولذا فإنهم سيلجأون للحرب من أجل قطع المفاوضات وتغيير المشهد&bascii117ll; وفي حالة ترجُّح السيناريو الأول هذا، فإن أنصار صيغة الجيش والشعب والمقاومة، يريدون أن ينتهي النقاش حول سلاح المقاومة، وحول الاستراتيجيا الدفاعية، والانصراف الى او التركيز على دعم المقاومة، والاستعداد النفسي والعملي للحرب القادمة، بيد ان الذين رجحوا ان تتأخر الحرب المباشرة من جانب اسرائيل، ولفتوا الى دور مسيّس للمحكمة الدولية، ربطوا ذلك بإمكان تقدم التسوية او التفاوض عليها، بعد الإلحاح الاميركي على تحويل المفاوضات غير المباشرة الى أُخرى مباشرة، وبحسب هذا السيناريو، فإن اسرائيل ليس من صالحها اعلامياً وسياسياً الآن شن الحرب، ما دام الآخرون منهمكين في نزاعات داخلية، وما دام المطلوب استمرار المفاوضات وليس قطعها كما حصل عندما شنّت اسرائيل الحرب على غزة&bascii117ll;
بيد ان السيناريوهين كليهما، اي سيناريو الحرب او التوتر الداخلي تحت سقف التسوية ومفاوضاتها، يتضمنان محطة <لبنانية> لسوء الحظ او سوء الموقع، ولذا فبعد الكلام غير المؤكد عن زيارة للرئيس بشار الاسد الى لبنان، صارت الزيارة مؤكدة وهذا الاسبوع، ثم اعلن عن الزيارة المفاجئة للملك عبد الله بن عبد العزيز الى لبنان، وصارت زيارة أمير قطر للجنوب اللبناني، جزءاً من المشهد العام للزيارات العربية والدولية، وبخاصة بعدما التقى الأمير القطري الملك السعودي في المغرب الأسبوع الماضي&bascii117ll;
إن هذه الزيارات المعلنة، والأخرى المقبلة، إنما تتحسَّبُ لأمرين: تخفيف التوتر الداخلي الذي ما خمد منذ تشكيل حكومة الاتحاد الوطني، والتبصر في الاحتمالات الإقليمية للحرب أو السلم، وتأثيرها على لبنان والمشرق العربي، وهكذا فالواضح انه ليس صحيحاً أن العرب لا يأبهون لمصائر لبنان أو انهم انسحبوا منه يأساً أو تسليماً، بل إن المقصود هذه المرة فيما يبدو ليس اتقاء الشر وحسب، بل واعتبار الاستقرار في لبنان نقطة إيجابية في التقدم نحو التسوية العادلة أو <غير الظالمة>&bascii117ll; ويرتكز هذا التقدير على عودة العلاقات اللبنانية - السورية للانتظام، وإقدار دمشق من جديد بدعم عربي على المشاركة في إدارة المشهد اللبناني بما يحفظ الدولة والمقاومة معاً، وبما يوصل لاحقاً إلى شراكة وطنية حقيقية في معالجة المشكلات وزيادة مناعة لبنان الداخلية أكان المشهد المتكوّن حرباً أو سلماً، لا تقلُّ المسؤوليات والأعباء فيها كثيراً عن مسؤوليات وأعباء الحرب&bascii117ll;
إن المطلوب إذن اليوم وغداً دورٌ سوريٌّ مختلف عن الماضيين البعيد والقريب، أي ماضي الإستتباع أو ماضي المخاصمة&bascii117ll;
فهو دورٌ المقصود منه دعم الإستقرار الداخلي، وجعل لبنان عنصراً إيجابياً في صون المصالح العربية في المرحلة المقبلة، ولأن الدور بوظائفه الجديدة مختلف عن السابق، فإن له آليات وآفاقاً ستتكشف بالتدريج، وتحفل بوجوه التقرير المختلفة، ولذا فإن الأمور تحتاج إلى متابعة ودقة وتدقيق، والإبتعاد عن أحكام الخير المطلق، والشرّ المطلق، والأهم الآن أن العرب عادوا أو أنه تبين أنهم لم يغادروا، أما الباقي فتفاصيل&bascii117ll;
ـ صحيفة 'النهار'
الحص مرتاح لتجاوب نصرالله مع اقتراحه ولدعوة الحريري إلى التهدئة
ما هي الأسباب التي تعترض التحقيق مع شهود الزور؟
سمير منصور:
كلما دخل الاسرائيليون على الخط من باب المحكمة الدولية او تهديد الحكومة اللبنانية بضرب المؤسسات العامة 'اذا اطلق حزب الله' صاروخا على مدينة اسرائيلية' فإنهم يؤكدون مرة جديدة ومن خلال صب الزيت على النار انهم رأس مشروع الفتنة في لبنان تاريخيا. والحملات الاسرائيلية الاخيرة بدت واضحة ومتتالية بدءا بتصريحات رئيس الاركان الاسرائيلي غابي اشكينازي الذي 'بشَّرنا' بتوترات آتية على لبنان في شهر ايلول، وانتهاء بتصريحات وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك في واشنطن وفي حديث الى صحيفة 'واشنطن بوست' اذ هدد وتوعد بضرب 'اي هدف للدولة اللبنانية اذا اطلق 'حزب الله' صاروخا على تل ابيب'، وما بينهما حملة شنتها الصحف الاسرائيلية وآخرها 'هآرتس' على رئيس الحكومة سعد الحريري والتي اتهمته بأنه 'اختار بقاء حكومته على دم والده وكرامته عندما ميّز بين عناصر غير منضبطة وحزب الله كمنظمة' في تحريض اسرائيلي واضح وتسويق لمشروع فتنة بات مكشوفاً.
وهذه التهديدات الاسرائيلية للحكومة اللبنانية والهجوم على رئيسها شخصيا ومنذ ما قبل تأليف الحكومة بإبداء 'غيرة' زائفة والدعوة الى استبعاد 'حزب الله' عن المشاركة فيها، تشكل من حيث لا يدري الاسرائيليون شهادة للحريري، شأنه شأن كل من يتعرض لهجوم من مسؤول اسرائيلي او صحيفة اسرائيلية. ومن باب تأكيد المؤكد، ان ليس في لبنان، من هو في حاجة الى شهادة من الاسرائيليين.
هذه 'الاستهلالية' تبدو في نظر مرجع سياسي ضرورية لتذكير كثيرين في لبنان، سياسيين واعلاميين ببعض الهدوء والتواضع، ولا سيما منهم من يذهبون بعيدا في المزايدة على هذا الطرف او ذاك، ولان اية كلمة تصب الزيت على النار، ومن حيث لا يدري اصحابها، تخدم المشروع الاسرائيلي، مشروع الفتنة الداخلية الطائفية والمذهبية. ويلفت الى ان بين هؤلاء من سمعناه في الايام الاخيرة يعتمد عبارات تحريضية غير مألوفة في قاموس التخاطب السياسي حتى في اصعب الظروف. ويدعو المرجع الى بعض التعقل، على الاقل انطلاقا من الخطاب الاخير للامين العام لـ'حزب الله' السيد حسن نصرالله والذي كان 'الاكثر وضوحاً اذ عرض المشكلة واقترح آلية الحل الذي يراه مناسباً للخروج من الازمة ولتصويب عمل المحكمة الدولية' وقد استهل خطابه بتكرار الحرص على احقاق الحق والعدالة في قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري، و'هي قضية وطن وشعب' وفق ما ورد في الخطاب.
كان الرئيس سليم الحص يصارع نوبات من الألم الشديد في ساقه وهو يكتب اقتراحه للخروج من المأزق. وبدا مرتاحا اذ استمع الى الامين العام لـ'حزب الله' بعد ساعات يلتقط 'المبادرة' ويعلن تأييده لها، موافقا على دعوة مجلس الوزراء او هيئة الحوار الى جلسة طارئة لمناقشة السبل الكفيلة باعادة الامور الى نصابها والخروج من حال التشنج السياسي الذي عم البلاد في الايام الاخيرة.
وفي اليوم التالي كان الرئيس سعد الحريري يزور الحص في المستشفى، وكانت للزيارة دلالاتها وإن لم يكن الجو خلالها مؤاتياً للدخول في تفاصيل الوضع السياسي والازمة الاخيرة. فالطرفان الرئيسيان اللذان ساوى بينهما في تحمل مسؤولية التوتر السياسي الاخير 'التقيا' عنده، تأييدا لـ'مبادرته' من جهة، وزيارة اطمئنان لم تخل من كلام سياسي وإن في العموميات، من جهة اخرى. وكان همّ الحص، وهو صاحب نظرية 'اختراع الآمال' احداث كوة في جدار ازمة مفاجئة تنذر بشر مستطير، وهو يدري ان الشق الاخير من مبادرته ربما يكون صعب المنال، اذ يقترح ان تودع المحكمة الدولية مجلس الوزراء اللبناني (بناء على طلب منه) نسخة عن قرارها الظني قبل شهر على الاقل من اعلانه. لم يناقش الحص 'مبادرته' مع الحريري، ولكنه في الوقت نفسه نوّه بدعوته الى الهدوء منذ البداية، وحضّ الجميع على التزامه.
في هذا الوقت لقيت دعوة الامين العام لـ'حزب الله' الى استدعاء شهود الزور والتحقيق معهم، صدى معقولا في اوساط كثيرة. فهل ستؤخذ في الاعتبار؟ وكيف كان صداها عند 'الفريق الآخر'؟
يقول مصدر قريب من قيادات بارزة في 'تحالف قوى 14 آذار' ان هذا الامر يعود الى المحكمة الدولية، وفق قانون انشائها والاتفاق المعقود معها. هذا من جهة، ومن جهة اخرى، فان احد ابرز شهود الزور الاربعة (هسام هسام) موجود في سوريا ويقال ان شاهدا آخر (جرجورة) موجود ايضا في سوريا، وثمة آخر (اكرم شكيب مراد) موجود في سجن رومية بتهمة تتعلق بالمخدرات وقد طلب القضاء السوري تسلمه، والثلاثة، الى الشاهد الابرز محمد زهير الصديق (لم يتطرق المصدر المذكور الى مكان وجوده)، هم ويا للمصادفة سوريون، ومن استطاع منهم عاد الى بلاده. وهذه الاشارة ليست من باب 'التذاكي' او الغمز من قناة سوريا' وفق المصدر نفسه. فسوريا اعلنت تكرارا انها ستحاكم اي مواطن سوري يثبت تورطه بتهمة الخيانة العظمى.
وفي حجة اخرى يقول المصدر المذكور ان المدير العام السابق للامن العام اللواء جميل السيد توجه برفقة محاميه الى مقر المحكمة الدولية في لاهاي لمناقشة قضية شهود الزور. ويضيف: 'اذا سلمنا جدلاً ان للقضاء اللبناني ان يحقق مع شهود الزور، فعن اي قضاء يتحدثون وهم الذين هشموا بالقضاء وامعنوا ولم يتركوا شيئا لم يقولوه فيه وآخرهم رئيس 'تكتل التغيير والاصلاح' النائب ميشال عون الذي شن ابشع حملة عليه، دفاعا عن محطته التلفزيونية؟ أوليس هو القضاء نفسه الذي ابتدع له التسوية المادية الشهيرة مع الدولة؟ واما عن الضغوط التي يمكن ان يتعرض لها القضاء في هذه الحال، فحدث ولا حرج، وثمة امثلة صارخة لا مجال للخوض فيها الآن'.
هكذا يبدو اقتراح التحقيق مع شهود الزور من وجهة نظر 'الفريق الآخر'، وهو ما يرى فيه 'مستقلون' حجة ربما 'ولكنها لا تبرر عدم ايجاد صيغة ما، يمكن من خلالها التحقيق مع شهود الزور، نظرا الى اهمية الخطوة وهي اساسية على طريق معرفة الحقيقة'. وسط هذه الاجواء، هل يمكن اجتراح صيغة توفق بين قانون المحكمة والاستفادة من تحقيقات تجرى مع شهود الزور؟
سمير منصور
ـ 'النهار'
إما السجن... أو النفي!
عبد الوهاب بدرخان:
هل يجيز اي قانون لبناني، اي عرف اخلاقي، لأي زعيم ديني او سياسي ان يدخل بيوت الناس عبر شاشات التلفزة ليقول لرب العائلة واولاده، قبل ان يقول لخصومه في السياسة، انهم خونة وعملاء للعدو الاسرائيلي اذا سوّلت لهم انفسهم قبول القرار الظني – حين يصدر وحتى قبل ان يصدر – في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه؟
انت مواطن لبناني، وربما عربي متابع للشأن اللبناني، نشأت وترعرعت ولا تزال تعيش في ظل الصراع العربي – الاسرائيلي، بكل قناعاتك وجوارحك، ومع ذلك فأنت معرّض لان تُتهم وتُنتهك كرامتك لان هناك من بات يحتكر العداء لاسرائيل ويوزع وصمات العار على الآخرين.
لا بد ان هناك مواطنين لبنانيين، لا علاقة لهم بالـ14 او بالـ8، شعروا في الآونة الاخيرة بحاجة ماسة الى الدفاع عن انفسهم ضد افتراءات مهينة. فهل يستطيعون مثلا مقاضاة من يستهين بوجدانهم وعقولهم ووطنيتهم وعروبتهم؟ واذا فعلوا، هل هناك دولة تحميهم، بل هل هناك قضاء يجرؤ على قبول احتكامهم اليه؟ لو كانت هناك دولة، ولو كان هناك قضاء، لما كانت الحاجة الى محكمة دولية، فالذين دمروا الدولة وأرهبوا القضاء طوال العقود الثلاثة الماضية، روّجوا ويروّجون لـ'ثقافة' الاستباحة والقتل، بلا اتهامات ولا محاكمة ولا محاسبة. فمن يُقتل يُلغى، وتتحول الجريمة اكداسا من الملفات، وتحقيقا يدور في متاهات المجهول. والقاتل هو القدَر، قد يكون اسرائيليا وقد لا يكون، وفي مقابل استحالة معاقبة الاسرائيلي اقتضت المعادلة ان لا يعاقب غير الاسرائيلي.
من حق السيد حسن نصرالله علينا الاحترام والتقدير، لا لشخصه فحسب، بل كذلك للتضحيات الكبيرة التي قدمها 'حزب الله'. وثمة فارق كبير بين الاحترام الخالص النظيف والخوف من السلاح الذي بات يستخدم داخليا. على اساس هذا الاحترام، من حقنا على السيد حسن ان يكون حاسما في الاقناع والوضوح، خصوصا في قضية لها بعدها الداخلي اولا واخيرا، قبل ان تكون لها ابعاد خارجية. انها جريمة الاغتيال، التي يعرف جيدا ان غالبية اللبنانيين استنكرتها ورفضت اشهار الصمت حيالها، لا تمييزا خاصا لشخص الضحية وانما لان كل الامم تشهد في تاريخها لحظات لا تجد فيها سوى ان تقول: كفى...
والواقع ان تعامل السيد حسن مع هذه القضية، في مداخلاته الثلاث، زاد الغموض والالتباس والشكوك. وعدا تراشقه النقاط مع الاسرائيليين، واستخدام التصريحات الاسرائيلية للهجوم على الفريق الآخر في البلد، لمجرد ان هذا الفريق ينتظر التحقيق ويريد محاكمة نظيفة وعادلة. لكن الجميع يعلم ان لا فائدة من اشعال هذا الجدل حول المحكمة والادلة والاتهامات والقرار الظني، طالما ان التحقيق لم يكشف اسراره بعد. ولا فائدة من نعت المحكمة الدولية بكل الاوصاف والاشتباهات السياسية، لان ذلك لن يجردها من شرعيتها الدولية او من مصداقيتها المفترضة في انتظار ان تدلي بما عندها، وعندما تفعل لا يمكنها ان تكون بدورها غامضة وملتبسة، او حتى متلبسة بالانحياز السياسي، ففي هذه الحال سيكون جميع اللبنانيين ضدها، لا اكراما لـ'حزب الله'، ولا خوفاً من سلاحه، وانما احتراما لـ'الحقيقة' المطلوبة والمرتقبة.
منذ لحظة الاغتيال، وقع الاشتباه على كل من له علاقة من قريب او بعيد بالامن، وبالاخص على كل من هو موجود على الارض، فهناك المنفذ والمتورط والمشارك والمراقب والراصد، مثلما ان هناك العارف المتواطئ او العارف المتفرج والصامت، او اخيرا العارف الذي شاء لاحقا افادة التحقيق. واذ يستدل من كلام السيد حسن وتلميحاته انه يعرف الكثير الذي وعد بكشفه في حينه، الا ان هذا الكثير يقتصر كما فهمنا على مرحلة معينة في التحقيق، ويجهل كل شيء عن يوم الجريمة ووقائعها وما سبقها.
كلنا يعرف ان لـ'حزب الله' وجودا على الارض، وانه متيقظ لانه مستهدف، وهذا حقه، اما ان لا يكون لديه شيء لمصلحة التحقيق والحقيقة فهذا شانه، مع أنه مستغرب، واما ان يكون لديه كل شيء لتسفيه التحقيق والمحاكمة، فهذا مدعاة لاستغراب اكبر.
كانت هناك بلا شك قضية 'شهود الزور'. وهي افتضحت وباتت قديمة ولم يعد لها اي قيمة بالنسبة الى التحقيق الدولي الذي استهلك وقتا طويلا للتخلص من تضليلاتها. هذا لا يعني تجاهلها كأنها لم تكن، بالعكس يجب تفعيل اي محاسبة قضائية ممكنة بشأنها. اما إثارتها الآن على هذا النحو فتبدو مجرد افتعال للتقليل مسبقا من شأن القرار الظني وكل ما سيصدر عن المحكمة.
من الطبيعي والبديهي ان تثار 'فرضية اسرائيل' في قضية الاغتيال، ويفترض ان يجيبنا التحقيق عنها، كما بالنسبة الى الفرضيات الاخرى، بما فيها 'فرضية سوريا' و'فرضية الاصوليين الانتحاريين' او سواها. فهذا ليس امتحانا في العداء لاسرائيل، ولا في الولاء لسوريا، ولا داعي لمثل هذا الجدل المستحيل، فالكل يعرف الكل في هذا البلد. واقع الامر ان الذين يتهمون اسرائيل كالذين يتهمون سوريا، لا ادلة لديهم، وانما يتساوون في الظن والافتراض والتحليل والاستنتاج. فهل يعني ذلك ان الخيار المطروح هو بين ان تتهم اسرائيل وحدها فتكون وطنيا ومن 'اشرف الشرفاء'، او ان تتهم سوريا وحلفاءها فتكون خائنا وعميلا؟ هذا يعني ان 'مكارثي' القادم الى الحكم سيخيّر اللبنانيين بين السجن او النفي.
ـ 'النهار'
في انتظار 'الظن' الآتي: اخذلوا اشكنازي وشركاه!
عادل مالك:
في انتظار القرار الظني في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري تزدحم الساحة اللبنانية وخارجها بالكثير من المعلومات والتعليقات والتأويلات وعلى القارىء اللبيب ان يستنتج اين الحقيقة؟ واين الالتباس في الحقيقة وعليها؟
وسنثبت المواقف المختلفة في النقاط الرئيسية الآتية:
- سواء كان السيناريو المعد للوطن قد تراءى في خيال البعض أم انه حقيقة، فالبلاد موضوعة في حال ترقب واحتقان مثيرين للقلق. وهي حال مبررة لدى كثيرين نظراً الى عدم وجود وضوح في الرؤية لما ينتظر لبنان في الآتي من الايام والاسابيع والشهور.
- ونتدرج في تفاصيل القضية لنقول ان من حق الرئيس سعد الحريري معرفة قتلة والده ويشاركه في ذلك كل الشعب اللبناني، لكن المحكمة الخاصة تثير الكثير من الهواجس والشكوك في الاسلوب المعتمد في التحقيق في هذه الجريمة. فيما مضت اربع سنوات وتزيد ولم يصدر عن هذه المحكمة سوى بعض الارهاصات التي تستند الى الشهود غير المخولين قول الحقيقة في هذه الحريمة. والسؤال هنا: لماذا هذه التغطية على 'شهود الزور' الذين زرعوا في قلب هذا التحقيق للتضليل وليس لتسهيل مهمة التحقيق؟
- هل صحيحة المعلومات التي تتحدث عن ان لجنة التحقيق الدولية امضت كل هذا الوقت في اجراء تحرياتها في شتى اصقاع الارض ولم تتمكن حتى الآن من تحديد القتلة وان التهمة تتجه الآن الى بعض رجال المقاومة من 'حزب الله'؟... اذا كانت هذه المعلومات صحيحة فهي وصفة للفتنة الداخلية ولن يكون ذلك القرار الظني الذي يشير بدقة الى من هم وراء تلك الجريمة البشعة. وبذلك يقتل الرئيس الحريري ولبنان أكثر من مرة!
- لبنان على موعد مع ضيوف استثنائيين في الايام القريبة. واذا صدقت المعلومات فسيأتينا يوم الجمعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز. وفي اليوم نفسه أو في اليوم التالي أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وقيل ان الرئيس بشار الاسد يأتي ايضا. وربما التقى الرؤساء الثلاثة في لبنان في وقت واحد، وكأنه تجديد لاتفاق الدوحة الذي نقل الوطن من حرب اهلية الى ما بعد احداث السابع من أيار 2008. ولكن يبقى السؤال عن مدى العلاقة بين جهود الرؤساء العرب الثلاثة، وطريقة ضبط الاوضاع الداخلية وتجنيب لبنان المزيد من الخضات الداخلية؟
وفي هذه الفترة الحرجة من تاريخ لبنان تعدّ استعادة السلم الاهلي والهدوء الوطني مسؤولية الجميع دون استثناء. فلا تفقدوا البوصلة ولا تضيعوا من هو الصديق فعلاً ومن هو العدو فعلاً!
- في الاحتفال الذي شهدته 'المختارة' يوم الاحد الماضي كان الاحتفاء بوفد دروز عرب فلسطين في حضور وليد جنبلاط والامير طلال ارسلان. واستحضر جنبلاط صورة والده عندما قال: 'ان المختارة في هذه اللحظة أراها يطل عليها من بعيد سيدها كمال جنبلاط شهيد فلسطين والعروبة'. واضاف: 'بعد الاربعين زرت دمشق للتواصل الوطني والقومي والموضوعي والتاريخي لعرب الدروز في لبنان لجميع الوطنيين اللبنانيين من أجل فلسطين والعروبة أيا كانت التضحيات ترخص'.
وتطرق الى قضية الساعة المحكمة الخاصة متسائلا: 'لو طالبت بمحكمة دولية للتحقيق في اغتيال كمال جنبلاط فما الذي كان يمكن ان يحدث قياساً على الذي يجري حاليا؟'.
وختم: 'علينا ان نعتبر فقد يكون الآتي اعظم'.
- في المقابل انتهى الرئيس سعد الحريري من ارساء النظام التأسيسي لحركة تيار 'المستقبل'. وفي خطابه، كما في تصريحاته للزميلة 'الحياة' قال كلاما لافتاً يجب استعادته والبناء عليه. ومن ذلك قوله: 'اننا متجهون نحو علاقة جدية وصحيحة واخوية مع سوريا لا تراجع عنها وهي مبنية على الصراحة والتشاور الصادق مع الرئيس بشار الاسد في كل الامور اكانت عادية أم حساسة. وعندما ازور سوريا الآن أشعر في مكان ما اني ازور بلداً شقيقاً وصديقاً جداً على رغم انه كان لزيارتي الاولى طابع صعب'. وسؤال: ماذا تقول يا شيخ سعد للبنانيين الخائفين من الفتنة والحرب؟. جواب: 'اقول لهم لا تخافوا، فلا فتنة ولا حرب وكل هذا مجرد تهويل من اسرائيل، ولا احد يفكر انه يمكن في أي لحظة من اللحظات اياً تكن اللحظة ومهما كانت صعبة الا ان نكون موحدين ضد الفتنة والتهديدات الاسرائيلية... وهذه اللعبة لن تمر في لبنان، هذا لبنان واحد والعدو واحد وهو اسرائيل'.
- هذا كلام جميل ويحمل كل التطمين، ولكن ماذا عن التهديدات الآتية سواء من خلف الحدود أو من داخل الحدود من الفتنة وتوابعها؟ كيف يمكن توجيه الخذلان والصدمة الى رئيس اركان الجيش الاسرائيلي اللفتنانت جنرال غابي اشكنازي الذي تحدث اكثر من مرة عن فتنة سيتعرض لها لبنان فور اذاعة القرار الظني خلال شهر ايلول المقبل؟
- وبمثل هذين الانفتاح والصدق يجب التعامل مع المقاومة اذ لا علاقة صحية وصحيحة تبنى على الشكوك وعلى الهواجس. ذلك ان الشركة في الوطن لها الاولوية في التعامل وفي التفاهم على اسس هذه الشركة الوطنية.
- ماذا عن كلام للعماد ميشال عون: 'لبنان بلد مستضعف لذلك يعتقد كثر انهم يستطيعون ان يمرروا الحلول التي يريدونها ولو على حساب أهله. ومنذ العام 1967 لم نرَ يوماً واحداً مستقراً... وعشنا القلق والخوف لكننا صامدون'. ويضيف: 'انها المرحلة الاخيرة التي تحضر لنا ونريد اجهاضها قبل ان تبدأ لانه لا يمكن ان يعاملنا العالم بهذا الاحتقار الزائد ونبقى صامتين. ويقولون انه في ايلول سنواجه اجواء ساخنة، زيتوا البنادق، نظفوا السلاح، حضروا الخرطوش لانكم ستشتبكون بعضكم مع البعض في خطاب وقح يحتقر عقلنا وضميرنا وحقوقنا. نحن اليوم نريد ان ندافع عن قضايانا انما ليس بخطاب مبتذل وغرائزي'.
ماذا يمكن ان يقال رداً على مثل هذا الكلام وهذه الاتهامات؟ وكيف يمكن التحقق من هواجس الشركاء الآخرين في الوطن؟
تلك هي المسألة الآتية في هذه الايام الصعبة.
- لقد عرف لبنان 'حروب الاخرين' على ارضه والتسمية معقودة اللواء لاستاذنا غسان تويني، فهل نشهد قريبا 'فتن الاخرين' تزحف الينا؟
ان الوطن لا يبنى بالمراسلة، ولا الوحدة الوطنية يمكن بناؤها بالخطب النارية، لذا يجب على قادة الرأي الاجتماع والتلاقي للبحث في مصير الوطن قبل ان تدهمنا الاحداث كما في غير مرة!
- في 'البيال' قوطع خطاب الرئيس سعد الحريري مراراً بالتصفيق، وهو يستحق ذلك، ولكن عند اشارته الى فتح الصفحة الجديدة مع سوريا، ساد صمت القاعة الفسيحة، الأمر الذي يطرح السؤال: ما حقيقة موقف 14 آذار من العلاقات الجديدة التي بدأها الرئيس سعد الحريري مع دمشق؟
- تبدو محاولات احتواء حال الاحتقان وتداعياتها الخطرة استشعاراً من رئيس البلاد العماد ميشال سليمان بمخاطر آتية يعمل بكل الوسائل على احتوائها واستدراك اتجاه الامور في السلوك الخطر محاولا تهدئة خواطر كل الافرقاء من الهواجس التي تساورهم. فقد يكون الوطن يواجه فتنة مستوردة تعد له خارج الحدود لتأمين تصديرها الى الداخل بشتى الوسائل، لذا على 'الفصائل اللبنانية' كافة ان تعي مخاطر هذه المرحلة المحفوفة بالفتن والحروب المدمرة.
- على اللبنانيين الا ينسوا ان الحرب اولها كلام، وهم اصحاب خبرة في هذا المجال، وتكرار الحروب الداخلية والفتن هو وصفة معدة لخراب الوطن، فهل من فريق على استعداد لان يتحمل تجدد الفتن والحروب الاهلية؟
-... وفي وطن لكل فريق هواجسه وتتعدد الهواجس بقدر تعدد الطوائف والمذاهب ويزيد، الكل ملزم في نطاقه وفي حدود ومساحة نفوذه أن يقضي على الفتنة في مهدها الآن قبل الغد وقبل فوات الآوان.
- أيها اللبنانيون اخذلوا اشكنازي، وكل مبشر بالفتنة سواء في ايلول أو في تشرين أو في كانون. ولا تدعوا لجنة التحقيق المختصة بكشف قتلة الرئيس رفيق الحريري تحول عملها محاكمة للوطن بكامله.
وقد تناول وليد جنبلاط الخصوصية اللبنانية فقال: 'ان هذه الخصوصية لا تلغي التواصل الوطني والقومي، لذلك فالعلاقة المميزة مع سوريا أساس، ولذلك صنعناها أنتم ونحن بالدم، واتفاق الطائف الذي يحاول البعض اليوم أن يتناساه أو لا يذكره، ينص على العلاقات المميزة مع سوريا، والهدنة مع اسرائيل'. ويضيف: 'اعلم ان الكيانية اللبنانية أخذت اشكالاً مختلفة عبر التاريخ من 'الفينقة' الى الأمارة، الى لبنان الصغير الى لبنان الكبير، والمتصرفية وغيرها من النعوت، ولكن يبقى أن لبنان بالدم جعلناه وأكدناه عربياً عربياً'.
- ان الفتنة آتية الى الوطن على ظهور مجموعة من الافاعي تزرع الارض فحيحا وسموما، وحذار فحيح الافاعي وسمومها!
فهل يعقل ان يكون اشكنازي وغيره على حق في ما يذهب اليه من تمنيات بوقوع الفتنة فور نشر التقرير الظني للجنة التحقيق الدولية؟ الكل مسؤول عن وأد الفتنة ولا عذر لمن حذر!
ـ 'اللواء'
بين السطور تمنيات
عامر مشموشي:
يواصل أمين عام حزب الله، حملته على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مستبقاً القرار الاتهامي الذي تردد بأنه قد يصدر في شهر أيلول المقبل، وكاشفاً عن مضمون هذا القرار بأنه يتهم عناصر في الحزب بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكل الشهداء الذين اغتيلوا بعد تاريخ الرابع عشر من شباط عام 2005 ولغاية اتفاق الدوحة&bascii117ll;
وفي حملته الاستباقية على المحكمة الدولية تدرج الامين العام من انها نتاج اسرائيلي الى اتهام قضائها بالعمالة للموساد والى التحذير من فتنة داخلية الى تبني اقتراح الرئيس الاسبق سليم الحص بتشكيل لجنة تحقيق وزارية او قضائية او نيابية للبت في ما اسماهم شهدو الزور، فما الذي يريده سماحة الامين العام من كل ذلك وما هو الهدف الذي يسعى للوصول اليه&bascii117ll;
انه سؤال مشروع في لحظة يبدو فيها البلد على كف عفريت، وعلى قاب قوسين او ادنى من الفتنة كما هي مشروعة ايضاً التحليلات والقراءات التي تتداولها وسائل الاعلام اللبنانية والعربية والدولية والتي تركز كلها على ان ما يريده الامين العام وان لا يصدر القرار الاتهامي عن المحكمة الدولية او ان يصدر موقف مسبق من ذوي الشهداء، وفي المقدمة الرئيس سعد الحريري ابن الشهيد رفيق الحريري برفض قرار المحكمة الدولية في حال اتهم عناصر من حزب الله بالضلوع في ارتكاب جريمة الاغتيال والتخلي بالتالي عن هذه المحكمة واصدار قرار حكومي بوقف تمويلها&bascii117ll;
وإلا ما معنى هذه الحرب المعلنة عليها وهذا التهويل بالفتنة الداخلية في حال اتهم القرار الظني احداً من عناصر حزب الله، وما معنى الاصرار على ان المحكمة مسيسة واسرائيلية واميركية وبريطانية انشئت خصيصاً لاتهام حزب الله بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس الحريري وكل الاغتيالات السياسية التي حصلت في لبنان بعد ذلك، ولم تتوقف الا بعد اتفاق الدوحة الذي قضى بتشكيل حكومة وفاق وطني خلافاً لكل مفهوم ديمقراطي&bascii117ll;
اللبنانيون، والعرب، وكل العالم الحريص على ان ينعم هذا البلد النموذج في تعدده الطوائفي وفي عيشه المشترك، بالاستقرار والامن والسلامة، يتمنون ان لا تكون التهديدات الاستباقية التي اطلقها الامين العام لحزب الله الا من باب - حرص - حزب الله على السلم الاهلي والعدالة وكشف الحقيقة، لانها وحدها تقي لبنان شرور الحرب الاهلية وليس العكس، لأن العكس هو القتل والخراب والدمار ولا شيء آخر، ولا يظنن احد ان احداً يريد ذلك&bascii117ll;
ـ 'الحياة'
أضعف الإيمان - قلق &laqascii117o;حزب الله"
داود الشريان:
حتى الآن ألقى الأمين العام لـ &laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصرالله خطابين، وعقد مؤتمراً صحافياً بعد تسريبات عن نية المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اصدار اتهامات لأفراد من حزبه. والخطاب الثالث على الطريق، وكان مقرراً يوم الجمعة 30 من الشهر الجاري، وجرى تأجيله الى الثلثاء 3 آب (اغسطس).
وعلى رغم ان تتابع الخطابات، على هذا النحو، أمر لم يفعله السيد نصرالله من قبل، فإن الذي تابع الخطابين والمؤتمر الصحافي شعر بأن السيد حسن نصرالله كان قلقاً، على رغم نبرة الخطاب الهادئة. وهو دفع هذا الانطباع الذي ربما تولد لدى مستمعيه قائلاً: &laqascii117o;لسنا خائفين". لكن ملامح القلق في الخطاب كانت لا تحتاج الى دليل، مرة يبدو السيد نصرالله رافضاً وغير مكترث، ومرة يملي شروطاً، وثالثة يحاول ان يفتح أبواباً، ويستعيد بعض الاقتراحات التي راجت مع اعلان المحكمة. طالب بإجراء العدالة، وأعلن جاهزيته للتعاون، ثم رفض الجلوس مع &laqascii117o;أي شخص في هذه الدنيا يريد الجلوس معنا على قاعدة أن شخصاً منا متهم فلا أجلس معه ولا من أجل تسوية، إنما نجلس على قاعدة ان هناك شيئاً يعدّ وكيف نواجهه". كيف سيتم الاجتماع على شيء مجهول، ومن الذي يملك الحديث نيابة عن المحكمة؟
قبل وأثناء وبعد حرب تموز (يوليو) 2006 كان صوت &laqascii117o;حزب الله" صارماً، وخيارته مرنة، لكنه اليوم لم يعد يملك الكثير. جبهة الحرب على اسرائيل أغلقت. وتحسن العلاقات السورية - السعودية سدّ الشوارع. وخيارات التعطيل السياسي ضعفت في ظل التفاهم بين رئيس الوزراء ودمشق، وإن حدثت فإنها لن تفضي الى ما هو أكثر من تعطيل. هل يعني هذا ان &laqascii117o;حزب الله" بات عاجزاً عن ممارسة السياسة بقوته العسكرية؟
ليس بعد. سلاح &laqascii117o;حزب الله" لا يزال يشكل تهديداً للسلم الأهلي في لبنان. لكن لغة الحزب مؤشر مهم الى أن التغيرات الإقليمية ضيقت هامش المناورة، فضلاً عن أن خطاب السيد يوحي بأن &laqascii117o;حزب الله" يعيش قلقاً من تفاهمات إقليمية تأتي على حساب دوره وموقعه على الساحة اللبنانية. إن صحت قراءة هذا القلق في خطاب السيد فإن لبنان مقبل على مرحلة سورية جديدة، ولكن بأدوات مختلفة، ليس من بينها &laqascii117o;حزب الله"، أو سلاح &laqascii117o;حزب الله".
ـ 'الأخبار'
جريمة بحقائق كثيرة
خالد صاغية:
ذات يوم، أحبّ وليد جنبلاط أن يمزح، فأخبر طرفة. روى رئيس اللقاء الديموقراطي عن لسان أحد المسؤولين الأميركيين قصّة متخيّلة تجسّد الفارق، كما يراه الأميركيون، بين الرئيس السوري بشار الأسد ووالده الراحل حافظ الأسد. قال المسؤول الأميركي آنذاك: لو جئنا يوماً ما إلى الرئيس حافظ الأسد، وقلنا له إنّ آصف شوكت مطلوب للعدالة الدوليّة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لنظر إلينا الرئيس الراحل وقال: من هو آصف شوكت؟ لم أسمع بهذا الاسم!
هذه المزحة السمجة رُويتْ آنذاك نتيجة استغراب الأميركيين وحلفائهم رفضَ القيادة السوريّة اتّهامها باغتيال الرئيس رفيق الحريري، رغم طمأنات كثيرة جرى العمل عليها كي لا يشعر رأس النظام بأيّ تهديد. كلّ ما كان مطلوباً هو أن يقبل الرئيس السوري بالتضحية ببعض ضبّاطه، فيحاكَموا باعتبارهم منفّذي جريمة الاغتيال (والمخطّطين لها ربّما من دون علم الرئيس السوري نفسه)، وتنتهي المسألة عند هذا الحدّ. نهاية سعيدة للأطراف كافّة. قيادات 14 آذار ترى اتّهامها السياسي لسوريا قد بات حقيقةً. النظام السوري يخرج من عزلته بعد تسليمه &laqascii117o;المجرمين". آل الحريري يروون غليلهم.
لأسباب كثيرة، لم ينجح هذا السيناريو. لا الرئيس السوري قبل الاتهام، وما مِن ضبّاط سوريّين جرت التضحية بهم. قيادات 14 آذار تراجعت عن اتّهامها. النظام السوري خرج من عزلته بلا &laqascii117o;جميلة" المحكمة الدولية. آل الحريري أوفدوا ابنهم البار لينام في سرير مَن اعتقدوا ذات يوم أنّه قاتل والده.
الغريب أنّنا نواجه بعد هذه المسرحيّة التراجي ـــــ كوميديّة سيناريو مشابهاً. مرّة أخرى، تُرسَل الطمأنات إلى رأس الهرم، السيّد حسن نصر اللّه هذه المرّة. ما من اتّهام مباشر له، ولا لحزب اللّه. المطلوب فقط قبول الأمين العام بالتضحية بعناصر من حزب اللّه سيقال إنّهم غير منضبطين. ولإضفاء مزيد من الصدقيّة على الرواية الجديدة، لا بأس من ذكر اسم عماد مغنية ما دام قد اغتيل هو الآخر. ومرّة أخرى، ثمّة استغراب لرفض قيادة الحزب هذه &laqascii117o;التضحية".
التشابه بين السيناريويْن مثير للاشتباه والشفقة في آن واحد. لكن في الحالين، يبدو أنّ الباحثين عن &laqascii117o;الحقيقة" في لبنان باتوا مفتونين بنظريّات ما بعد الحداثة حيث لا حقيقة ولا من يحزنون. أو، بالأحرى، ثمّة جريمة بحقائق كثيرة، تماماً كما وصف كمال الصليبي لبنان، ذات مرّة، بأنّه بيت بمنازل كثيرة.
ـ 'الحياة'
رندة تقي الدين:
ما يشهده قطاع النفط والغاز في إيران حالياً يذكر بما حدث لهذا القطاع في العراق خلال سنوات حكم صدام حسين الذي دمرته العقوبات والحروب المتتالية وأنهت تخريبه الحرب الأميركية. فالقطاع النفطي في العراق حتى الآن لم يتعافَ من تأثير ذلك ولن يستعيد العراق قدرته الإنتاجية المنشودة قبل سنوات من الجهود والاستثمارات.
والعراق يملك ثاني احتياطي نفطي في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بعد السعودية. واليوم تشهد إيران، الدولة الثالثة من حيث الإنتاج في &laqascii117o;أوبك"، تدهوراً في قطاعها النفطي والغاز، علماً أنها تملك ثاني أو ثالث احتياطي من الغاز في العالم. إن هدر ثروات الشعبين الإيراني والعراقي مؤلم. فكيف لا يقرأ الرئيس محمود أحمدي نجاد التاريخ الحديث ويرى أن نظامه يؤسس لتدمير صناعته النفطية وثروات الغاز لسنوات عدة مقبلة في سبيل قنبلة ذرية تساهم في تفاقم الفقر وتدهور الاقتصاد في بلد غني بثروته وبشعبه وبتراثه؟
لم تشعر إيران بعد بتأثير العقوبات الأميركية والأوروبية الجديدة على قطاع النفط والغاز، لكن إنتاج إيران من النفط بدأ يتأثر منذ سنوات بسبب العقوبات المالية والمصرفية وقطع الغيار وقلة الاستثمارات الخارجية لتطوير هذا القطاع نتيجة سياسات النظام الإيراني.
صحيح أن إيران تنتج حالياً طاقتها القصوى من النفط أي أكثر من 3.5 مليون برميل في اليوم، ولكنها تستنفد قدرة حقولها النفطية التي لا تشهد أي استثمار لتطويرها وللتعويض عن الكميات التي تم إنتاجها. فقد أشارت الإحصاءات الأخيرة لمنظمة &laqascii117o;اوبك" أن سنوات 2009 و2010 شهدت انخفاضاً كبيراً في إعادة ضخ الغاز في حقولها النفطية لتطويرها. فقد انخفضت هذه النسبة 32 في المئة مقارنة بعام 2008. كما أن إيران التي تملك ثاني أو ثالث احتياطي في العالم من الغاز أصبحت تستورد الغاز من تركمانستان بكميات أكبر مما تصدر الى تركيا. فبفضل ديماغوجية الحكم في إيران بدأت السلطات الإيرانية بدعم أسعار الغاز والبنزين الى أن أصبح الاستهلاك الداخلي يتطلب استيراد الغاز والبنزين في شكل كبير. والآن ومنذ أن توقف عدد من شركات النفط العالمية عن بيع البنزين لإيران بسبب العقوبات الأميركية والآن الأوروبية، ستعاني إيران من نقص كبير قد يضطرها الى اعتماد أكبر على التهريب مع أسعار مرتفعة ستؤثر في الشعب الإيراني وأيضاً في النظام حتى لو تمكن من الحصول على الكميات التي يحتاج إليها.
وكانت شركات عدة منها &laqascii117o;شل" الهولندية و &laqascii117o;ربسول" الإسبانبة و &laqascii117o;توتال" الفرنسية وOMV النمسوية اهتمت بتطوير حقل بارس العملاق لكي تصبح إيران مصدراً رئيسياً للغاز. لكنها انسحبت إما لأسباب سياسية أو تجارية حالت دون التوصل الى عقود مرضية اقتصادياً. والآن تريد إيران تطوير القنبلة الذرية مع انها معتمدة كلياً على الخارج في قطاع النفط والغاز. فكيف ستؤمن حاجات الشعب الإيراني من الغاز والبنزين في ظل العقوبات؟ وكيف تشرح لشعبها أن دولة كبرى في منظمة &laqascii117o;أوبك" تعاني من انقطاع الكهرباء في الصيف الحار؟ وكيف ستمول القيادة الإيرانية كل المشاريع التي تريد إطلاقها في قطاع الغاز والنفط الذي سيعاني من العقوبات المصرفية والمالية؟ فقد أعلن الرئيس أحمدي نجاد عن خطة لتطوير هذا القطاع للسنوات المقبلة بقيمة 43 بليون دولار؟ فكيف سيجدها مع كل التعقيدات المصرفية الناتجة من العقوبات؟
إيران على نمط عراق صدام حسين تفضل إهدار ثروتها من النفط والغاز بدلاً من توفير حياة كريمة ومريحة لشعب هو بحاجة الى ذلك.