- صحيفة 'السفير'
فلنشعل حروباً صغيرة!
نصري الصايغ:
حديث الحرب رائج. إسرائيل تستعد، إيران ترد، واشنطن تتريث، واللبنانيون في منزلة بين المنزلتين: فريق يستبعدها ولا يلغيها، وفريق يحدد لها مواعيد، أقربها إلى المنطق: بعيد صدور القرار الظني واتهام عناصر من حزب الله.
حديث الحرب في الخليج، ضد ايران، بسبب برنامجها النووي، لم يفتر. المنازلة بين محور &laqascii117o;الممانعة" ومحور &laqascii117o;الاعتدال"، تدور بعيداً عن التخوم الإيرانية. بعض فصولها في العراق، بعضها الآخر في فيينا، والكثير منها، في الأقنية السرية، بين العواصم العربية ومراكز القرار الدولي والإسرائيلي.
منصة أخرى تضاف إلى هذه المنازلة في لبنان. لا طاقة ولا حجة ولا آلية لدرء خطر الحرب. ولكل حجته: إسرائيل تريد رأس حزب الله، لن توفر مناسبة، ستقتنص الفرص كلها إذا سنحت، ستوفر الأرضية للفرص المقبلة، ستكتب أو تملي، إعلاميا، ضمن امبراطورية إعلامها المنتشر في العالم، قراراً ظنياً يطال رأس المقاومة، ممثّلاً بقائدها السيد حسن نصر الله. ستضخ إعلاماً يطحن صورة المقاومة، ليظهرها &laqascii117o;إرهابا"، يمارس القتل والاغتيال والخطف... ملفات التحريض جاهزة، أسلحة الإعلام، ترسانة من التقارير والتلفيقات، والعالم الغربي جاهز ليصدقها، والعالم العربي يؤهل نفسه للتبشير بها، على المستوى الرسمي، في أقل تعديل.
بعدها، من يضمن أن لا تفتعل إسرائيل حادثة، تكرر فيها حرب تموز، بقتال مختلف، واستراتيجية محددة، تهدف إلى تدمير حزب الله، وإخراج سوريا من المعادلة، وهزيمة إيران في خطوطها الأمامية.
هنا، في لبنان، الحوار مختلف. القول باستبعاد الفتنة، فيما خارطة الطريق إلى السلام الأهلي تمر بأرض مزروعة بألغام الانتقام من السابع من أيار، واستكمال عدة حرب تموز، عبر تبرئة المحكمة من الانحياز، ولا علاقة للبنانيين بمحكمة دولية مستقلة... لكنها تشهر سيف الفصل السابع فوق الرؤوس.
فريق ينتظر القرار المنتظر. وفريق يحاول إسقاط القرار، بسلاح لم يكتشفه بعد. إذ، لا يسقط القرار بالكلام، بل بما لم نصل إليه من وسائل.
وللقرار الظني شبهة التلفيق. المحكمة الدولية متهمة وعليها إثبات براءتها. لوثة السياسة تتعقبها. ميليس دشنها وبلمار لم يفلح في تبديدها، بعد إصراره على تجهيل شهود الزور، عبر الامتناع عن تسليم التحقيقات المزورة.
سيرة المحكمة التي تم تسليمها من قبل الحكومة الأسبق، في ليلة كالحة النوايا، &laqascii117o;للمجتمع الدولي" المنحاز، صوّبت على دمشق ونالت سوريا نصيبها من الاعتداء ودفعته انسحاباً من لبنان. حزب الله نال نصيبه ولن يدفعه. سوريا كانت يومها في لبنان، كانت عندنا.. حزب الله مقيم عنده، وإقامته راسخة، بكلفة الشهادة وبوثيقة الدماء وببراءة الجدارة.. حزب الله يقيم في بيئة هي بيته وعقيدته وشعبه، تؤهله ليكون عاصياً وعصياً، وليس سهلاً على قوة اختراق قوته. انه صائب ويصيب.
صمت المحكمة لا يبرئها، ولا يخفي تسييسها. تحييد المحكمة واعتبارها فوق الشبهات، لدى بعض اللبنانيين، هو تعبير عما تشتهيه النفوس من اتهام للحزب. استمرار القصف الإسرائيلي بالقرار الظني، يضع الجميع أمام السؤال التالي: من يحمي لبنان من الفتنة، أو هل المطلوب حماية المحكمة من الاتهام، ولو ذاق لبنان طعم التهمة المر، كما ذاقت سوريا والضباط الأربعة؟
إذا امتنع الجواب &laqascii117o;فلنشعل حروبا صغيرة". حروب بالكلمات، تستولد حروبا أخرى متعددة. قد لا تحتاج إسرائيل إلى توغل قواتها لغزو لبنان. ستتركه رهينة هواجسه وأحقاده. ستتركه فريسة خوفه، وستحرضه على تأهيل الحلبة، للرقص الدامي، فيما العالم الغربي مطمئن إلى سلامة إسرائيل وحراجة الوضع اللبناني، المنشغل بالتهمة، دفعاً من فريق، وقبولاً من فريق.
إذا اهترأ الوضع في لبنان، فلن تكون إسرائيل غبية، لدرجة الامتناع عن توجيه الضربة القاضية... لإيران وسوريا وحزب الله، في لبنان. وإذا ضعفت المقاومة، لا سمح الله، فإن إسرائيل تصير طليقة اليد لتوجيه سلاحها، بيسر أكثر، لإخضاع سوريا لمستلزمات السلام، اقتداءً بالاعتدال العربي، ولتوجيه ضربتها لإيران، مطمئنة إلى أن جبهتها الشمالية في حال من الشلل.
هذا وجه من وجوه المواجهة.
غير أن حزب الله، لم ينتظر ولن ينتظر، أن يبادر القرار الظني إلى التنفيذ. لديه القدرة على الحسم. قبضته هي الكلمة الفصل، ولن يتورع عن رفعها، كما فعل في السابع من أيار. شعار لا مساس بالمقاومة، يدافع عنه بالسياسة والحجة... وبالسلاح إذا لزم الأمر. وقد يخرج أقوى مما كان، برغم الأخطار المستولدة والمستوردة. يحتاج حزب الله، في استراتيجيته لإسقاط القرار الظني، وإثبات انحياز المحكمة الدولية، إلى أكثر من نفي تورط عناصر تابعة له بالاغتيال. النفي مفيد ولكنه غير كاف... فهل لدى الحزب رواية أخرى؟ أليس لدى أجهزته الأمنية معلومات عن عملية الاغتيال؟ أليس لديها ملفات عن كيفية إجراء التحقيقات، والطرق الملتوية التي سلكها؟ أليس لديها ملفات حول إدارة الاتهامات؟
لا يواجه التزوير بالنفي، بل بالحقائق. فليسفر الحزب عما لديه. ليكشف أوراقه وأوراق الآخرين. الحبل يعقد حول عنقه، وليس هناك من هو قادر أو مستعد لفك الأنشوطة. سيقال سراً، فليبق الحبل معلقاً فوق رأس الحزب إلى ما شاء ربك.
من يحارب إيران في الخليج والعراق، ليس من مصلحته أن يريحها في لبنان، ومن ينتظر تأديب سوريا على سلوكها السياسي، ليس يهتم أبداً بتخليص حليفه الاستراتيجي.
لا ينقذ حزب الله غير حزب الله. إما بقوة الإقناع بما يملكه من حقائق، وإما بإقناع الآخرين بقوته. وفي الحالين، نحن أمام حروب صغيرة، قد نشعلها بأيدينا.
- صحيفة 'النهار'
تقرير مجموعة الازمات الدولية (ICG) حول لبنان مفتاح الحل مفاوضات بين إسرائيل وسوريا
من بين جميع التفسيرات المقدمة لسيطرة الهدوء على الساحة الإسرائيلية اللبنانية منذ نهاية حرب عام 2006، فإن التفسير الرئيسي هو أيضاً التفسير الذي ينبغي أن يكون مبعثاً لأكبر المخاوف، والمتمثل في خشية الأطراف من أن المواجهة المقبلة ستكون أكثر تدميراً وأوسع نطاقاً من المواجهة السابقة. إن أياً من اللاعبين ذوي الصلة المباشرة بهذا الأمر - أي إسرائيل، و'حزب الله'، وسوريا وإيران - لا يحبذ احتمال المواجهة، وبالتالي فإنهم جميعاً، في الوقت الحاضر، عازمون على البقاء على أهبة الاستعداد. غير أن الجذور السياسية للأزمة تظل دون معالجة، وتبقى الديناميات المحركة لها عرضة للانفجار ولا يمكن استبعاد حدوث خطأ في الحسابات. إن المقاربة الأكثر فاعلية هي تلك التي تسعى لاستئناف مفاوضات سلام ذات معنى بين إسرائيل وسوريا من جهة وإسرائيل ولبنان من جهة أخرى والتوصل إلى اتفاق في نهاية هذه المفاوضات. ليس هناك حل آخر لمعضلة 'حزب الله'؛ وفي الوقت الراهن، هناك عدد محدود من الوسائل الأخرى التي من شأنها التأثير في حسابات طهران. ما لم يتم التقدم بمثل هذه المبادرة، فإن ثمة حاجة لانخراط أعمق من قبل المجتمع الدولي لتعزيز الاتصالات بين الأطراف، وتخفيف حدة التوتر وتجنب القيام بخطوات خاطئة مكلفة.
بعد أربع سنوات على الحرب الأخيرة، تظل الأوضاع في المشرق تنطوي على تناقضات كبيرة؛ فهي هادئة بشكل استثنائي وخطرة بدرجة كبيرة في آن واحد وذلك للسبب نفسه. إن التعزيزات العسكرية، والتهديد بحرب شاملة لا تستثني المدنيين ولا البنى التحتية المدنية إضافة إلى الاحتمال المقلق بتوسيع نطاقها إقليمياً هو ما يردع فعلياً جميع الأطراف. اليوم، لا يمكن أيا من هذه الأطراف أن يفكر جدياً باحتمال نشوب صراع غير مخطط له، وغير مسبوق وتصعب السيطرة عليه.
في حال نشوب صراع، فإن إسرائيل سترغب بتوجيه ضربة قوية وسريعة تحاشياً لتكرار سيناريو عام 2006. على الأرجح أنها لن تميز بين 'حزب الله' والحكومة اللبنانية التي بات الحزب يشكل جزءاً رئيسياً منها؛ كما يحتمل أن تستهدف سوريا لأنها الهدف الأضعف وكذلك لأنها المزود الرئيسي لـ'حزب الله' بالدعم العسكري واللوجستي. وفي هذه الأثناء، ومع ارتفاع حدة التوترات، فإن ما يسمى محور المقاومة - إيران وسوريا و'حماس' و'حزب الله' - منشغل بتكثيف الروابط الأمنية بين أطرافه. إن مشاركة أحد هذه الأطراف في حال حدوث هجوم على طرف آخر لا يمكن أن تُستبعد بصفتها محض افتراض.
وثمة عناصر أخرى تساهم في كبح جماح الأطراف؛ فقد أفضى قرار مجلس الأمن رقم 1701 إلى تكثيف الوجود العسكري اللبناني والدولي في جنوب لبنان، الأمر الذي حدّ من حرية حركة 'حزب الله' وقيّد أية طموحات عسكرية إسرائيلية محتملة في الوقت نفسه. حتى عندما يقوم الطرفان وبشكل روتيني بانتقاد وانتهاك القرار - الذي طالب بوضع حد لنقل الأسلحة إلى القوى اللبنانية غير الحكومية، ونزع سلاح المجموعات اللبنانية المسلحة والاحترام الكامل لسيادة البلاد - فإنهما يستمران في تقدير الإطار الذي وضعه القرار بصفته جزءاً لا يتجزأ من الحفاظ على الوضع الراهن.
وتمثل المكانة المعززة لـ'حزب الله' على الساحة اللبنانية عامل كبح إضافي، حيث تمنعها من الإقدام على أية مبادرات من شأنها تعريض هذه المكاسب للخطر. أما الحكومة الإسرائيلية الحالية - ورغم سمعتها - فإنها تبدو أقل رغبة هذه المرة باتخاذ المخاطرة التي أقدمت عليها سابقتها الأكثر وسطية مرتين في الشروع بأعمال عدائية. فهي تحاول إثبات قدرتها على المحافظة على الاستقرار وتبقى قلقة من نشوء بيئة دولية أكثر عدائية تجاهها. ورغم تحذيراتها من تزايد قوة 'حزب الله'، فإنها مارست ضبط النفس. وعلى نحو مماثل، فإن الرئيس الأميركي باراك أوباما، وبعيداً عن الحلم الذي راود سلفه في الماضي بنشوء شرق أوسط جديد، لا يرغب في نشوب حرب تهدد جهوده السلمية ومحاولاته لاستعادة صدقية الولايات المتحدة في المنطقة. وكل هذا يفسر انحسار العنف في المنطقة الحدودية إلى أقل درجاته منذ عقود طويلة.
غير أن ذلك هو الجزء الأفضل من الصورة كاملة؛ فتحت السطح تتصاعد التوترات دون توافر صمام أمان واضح. لقد ساعد نظام الردع في المحافظة على السلم، غير أن العملية التي يرسخها - والمتمثلة في تنامي حجم ترسانة 'حزب الله' وتطوّرها، وتنامي التهديدات الإسرائيلية - تدفع جميعها في الاتجاه المعاكس. إذا كانت إسرائيل لا ترغب في نشوب حرب جديدة، فإنها أيضاً غير راضية عما تراه.
من غير الواضح الآن ما الذي يشكل خطاً أحمر يؤدي في حال تجاوزه من قبل الحزب الشيعي إلى قيام إسرائيل بعمل عسكري، لكن عدم الوضوح هذا يمثل بحد ذاته مبعثاً إضافياً للقلق. على عكس عقد التسعينات من القرن الماضي، عندما كانت مجموعة المراقبة الإسرائيلية - اللبنانية العاملة بمشاركة أميركية، وفرنسية وسوريا تضمن شكلاً من أشكال التواصل بين الأطراف وحداً أدنى من الالتزام بقواعد متفق عليها للعبة، وعندما كانت الولايات المتحدة وسوريا منخرطتين في حوار مكثف، فإن ثمة غياباً اليوم لأية صيغة فعالة للتواصل وهذا ما يترك مجالاً واسعاً لسوء الفهم والتصورات الخاطئة.
وفي هذه الأثناء، يستعر أوار حرب سرية عناصرها التجسس والاغتيالات وتشكل بديلاً من مواجهة مفتوحة. قد لا يرغب الأطراف في حرب شاملة، لكن وفي ظل هذه الظروف فإن هذا الطرف أو ذاك يمكن أن يتسبب في اندلاع مثل هذه الحرب التي لا يرغب فيها أحد. ما يساهم أيضاً في تعزيز هذا الإحساس بالشلل هو غياب أي تحرك في ما يتصل بأي من ملفات القرار 1701، بداية بما يبدو أسهلها وهو انسحاب إسرائيل من الجزء الشمالي (اللبناني) من قرية الغجر، إلى أكثرها تعقيداً وهو حراسة الحدود اللبنانية السورية، وتسوية وضع مزارع شبعا، ونزع سلاح 'حزب الله' ووقف الطلعات الجوية الإسرائيلية. إن هذا الشلل يغذي الشكوك في إمكان تحقيق أي شيء، وبمرور الوقت، يمكن أن يؤدي إلى تراجع التزام المساهمين في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل).
إن مفتاح الحل لهذا الوضع هو، ودون إهمال مركزية المسار الفلسطيني الإسرائيلي، استئناف مفاوضات فعلية بين إسرائيل من جهة وسوريا ولبنان من جهة أخرى. تمثل هذه المفاوضات الطريقة الواقعية الوحيدة لتحقيق تحوّل في الديناميات الكامنة، والتأثير في وجه خاص في الحسابات السورية. دون ذلك، فإن دمشق ستستمر في نقل السلاح إلى 'حزب الله'، وسيقاوم الحزب الشيعي بنجاح الضغوط المفروضة عليه لنزع سلاحه، وستستمر إسرائيل في انتهاك سيادة لبنان.
غير أن التفاؤل شبه معدوم على جبهة السلام. وهذا يعني أنه لا يمكن تحقيق الكثير، لكن لا يعني أنه لا يمكن القيام بشيء. إن المهمات الأكثر إلحاحاً هي استعادة الزخم في ما يتصل بالقرار 1701 وذلك بالتركيز على الأهداف الأكثر واقعية ووضع آليات تشاورية لتخفيف التوتر، وتوضيح الخطوط الحمر وخفض المخاطر إلى الحد الأدنى في اندلاع مواجهات غير متعمدة. قد تساعد قنوات اتصال أفضل. في الوقت الراهن، تتحدث الولايات المتحدة بشكل رئيسي إلى جانب واحد هو إسرائيل، وتبقي طرفاً آخر هو سوريا على مبعدة منها، وتتجاهل طرفاً ثالثاً هو 'حزب الله' وتواجه الطرف الرابع وهو إيران. قد لا يكون لدى الأمم المتحدة مثل هذه المشكلة، لكنها تعاني من مشاكل أخرى؛ فلديها عدد أكبر مما ينبغي من البعثات غير المنسقة والمتقاطعة المهام ومكاتب تتعامل مع لبنان وعملية السلام وبالتالي فهي تفتقر إلى سياسة منسقة. يتمثل أحد الخيارات في تقوية بعثتها في لبنان بحيث تتمكن من لعب دور سياسي أكثر فاعلية.
لا ينبغي لأحد أن يتوهم بأن حل مشكلة قرية الغجر، أو تعزيز دور الأمم المتحدة أو حتى إيجاد وسيلة جديدة أكثر إبداعية للتواصل بين إسرائيل وسوريا، وبشكل غير مباشر مع 'حزب الله'، ستحقق اختلافاً دائماً أو حاسماً. لا شك في أن مثل هذه الأدوات من شأنها أن تساعد؛ غير أن أزمات لبنان مشتقة في جزئها الأكبر من توترات إقليمية أوسع. وإلى أن يتم بذل جهود جدية لتسوية هذه التوترات فإن أزماته ستستمر. في هذه الأثناء، يمكن العالم أن يأمل أن الخوف من صراع كارثي سيظل رادعاً كافياً كي لا تتسبب الأطراف في نشوب مثل هذا الصراع.
&bascii117ll; مجموعة الأزمات الدولية ICG مؤسسة بحثية اميركية تعمل من واشنطن وبروكسل ولديها مكاتب في العديد من العواصم وهي معنية باصدار اوراق سياسات علاجية لأزمات اقليمية ودولية.
- 'السفير'
أوهام خطيرة على الساحة اللبنانية
جيمس زغبي:
بعد قرن تكالبت فيه المآسي على الشرق الأوسط، من المحزن والمثير للقلق رؤية كم من الأوهام الخطيرة ما زال يحكم سلوك الكثير من اللاعبين الرئيسيين في المنطقة. هذه الحقيقة أوضحها تقرير صدر مؤخراً عن &laqascii117o;مجلس العلاقات الخارجية" النافذ في نيويورك، تحت عنوان &laqascii117o;حرب لبنان الثالثة؟". وبعد أن قام بدراسة وتحليل العوامل على الجوانب كلها، نصح معدُّ التقرير، السفير الأميركي السابق في مصر وإسرائيل &laqascii117o;دان كُرتزر"، صناعَ السياسة الأميركية بالاستعداد لإمكانية اندلاع حرب في غضون الـ12 إلى الـ18 شهرا المقبلة بين إسرائيل وقوات &laqascii117o;حزب الله" في لبنان. (والجدير بالذكر هنا أن كرتزر كتب تقريره قبل انتشار شائعات تفيد بأن محكمة دولية قد توجه لأعضاء في &laqascii117o;حزب الله" تهمة الوقوف وراء اغتيال رفيق الحريري. ولئن كان هذا قد ولَّد مجموعة جديدة من التخوفات التي جعلت التركيز اليوم منصباً على الاستقرار الداخلي للبنان بدلاً من الحرب مع إسرائيل، فإن تقرير مجلس العلاقات الخارجية يظل مفيداً بالنظر إلى تحليلاته والأخطار التي يبحثها).
التطورات التي دفعت &laqascii117o;كرتزر" إلى إعداد هذا التقرير هي من شقين: تخوفات إسرائيل المتزايدة من كمية ونوعية الأسلحة التي يُزعم أن &laqascii117o;حزب الله" يجمعها في انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، والخطاب الناري التصعيدي على الجانبين. ويستبعد &laqascii117o;كرتزر" أن يكون &laqascii117o;حزب الله" هو السباق إلى إطلاق شرارة الحرب، معتبراً أن الأرجح هو أن تحاول إسرائيل جر المليشيا اللبنانية إلى حرب، أو أن تبادر بشن هجوم على مواقع &laqascii117o;حزب الله" في لبنان في محاولة لـ&laqascii117o;إضعاف" &laqascii117o;قدرات" الجناح العسكري للحزب.
غير أن &laqascii117o;كرتزر" يحذر من أنه لا خير يرجى من تجدد الحرب على اعتبار أن لبنان سيدفع من جديد ثمناً باهظاً؛ وأن إسرائيل، التي تعاني أصلاً نوعاً من العزلة الدولية، ستتضرر مكانتها أكثر؛ كما أن مثل هذه المغامرة لن تؤدي على الأرجح إلى إزاحة &laqascii117o;حزب الله" أو إضعافه. وعلاوة على ذلك، فإن الولايات المتحدة ستشهد انتكاسات قوية لأهدافها السياسية الرئيسية الثلاثة في الشرق الأوسط وهي: &laqascii117o;إبطاء برنامج إيران النووي أو إيقافه، وسحب القوات المحاربة من العراق، والمساعدة على إنجاح مفاوضات السلام في الشرق الأوسط".
ولئن اقترح &laqascii117o;كرتزر" جملة تدابير يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة من أجل الحيلولة دون وقوع هجوم إسرائيلي، أو الحد من الأعمال الحربية، بعد اندلاعها، فإنه يعترف بأن تضافر عاملي التشاحن الحزبي وعمل اللوبي الإسرائيلي سيكبح الإدارة على الأرجح ويعيق اتخاذها موقفاً قوياً للضغط على إسرائيل أو الانخراط بشكل أكثر فعالية مع إيران وسوريا، أو لفتح حوار مع &laqascii117o;حزب الله"، بهدف تخفيف التوترات الإقليمية.
وفي الختام، يخلص &laqascii117o;كرتزر" إلى أنه إذا كانت الولايات المتحدة &laqascii117o;ينبغي أن تعمل على تجنب حرب أخرى في لبنان، فإن قدرتها على فعل ذلك تظل محدودة"؛ ليخلص بالتالي إلى أن أفضل الخيارات المطروحة أمام الإدارة هو الاستعداد لأسوأ سيناريو. ومن بين تلك الخيارات: تحسين عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية الأميركية والتعاون الاستخباراتي الأميركي الإسرائيلي؛ والتأكيد علناً على الدعم الأميركي لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس والمخاوف بشأن إعادة &laqascii117o;حزب الله" تسليح نفسه؛ وتكثيف الضغط الدبلوماسي على سوريا؛ والاستعداد لمبادرات دبلوماسية ممكنة بعد الحرب.
بعد قراءة تقرير مجلس العلاقات الخارجية، قفزت إلى ذهني مجموعة من الأسئلة، تركز على الأوهام الخطيرة التي يبدو أنها توجِّه سلوكَ كل الأطراف المعنية في &laqascii117o;رقصة الموت" الغريبة هذه. فإذا كان لا خير يرجى من حرب لبنانية ثالثة، مثلما أشار إلى ذلك &laqascii117o;كرتزر" عن حق، فلماذا نحن على حافة الحرب من جديد؟ وفي أي مرحلة سيدرك المخططون العسكريون الإسرائيليون أن حرباً واحدة إضافية لن تقرِّبهم من السلام والقبول في المنطقة، تماما مثلما لم تفعل من قبل أي من حروب الماضي؟ وإذا كان &laqascii117o;حزب الله" يخشى حقاً على حقوق أبناء وطنه وسلامتهم وأمنهم ورخائهم، فلماذا هو مستمر في لعبة إعادة التسلح والتصعيد الخطيرة هذه؟ وإذا كان لدى الولايات المتحدة الكثير لتخسره، فلماذا سيحد التشاحن الحزبي واللوبي الإسرائيلي من قدرتها على حماية مصالحها القومية عبر العمل بفعالية على كبح جماح هذا الجانب أو فتح حوار مع الآخر؟ وهل يستطيع &laqascii117o;دان كرتزر"، الذي حدد تحليلُه الرصين والمقلق في آن واحد كلفةَ تجدد الحرب وعبثيتها وأخطارها، أن يعتقد حقاً أن التوصيات التي يقترحها في ختام تقريره ستؤدي إلى شيء غير تشجيع مخططي الحرب على المضي قدماً في هذا الأمر الذي لا جدوى تُرجى منه؟ ثم هل يستطيع أي أحد أن يعتقد حقا أن المنطقة ستصبح، في نهاية جولة مدمرة أخرى من الأعمال الحربية، أكثر استعدادا لقبول مبادرة دبلوماسية إيجابية مقارنةً مع أي من الحروب الماضية أو اليوم؟
إن حرباً أخرى ستوفر السلام؛ وإن مزيداً من الأسلحة التي لا تعمل إلا على استفزاز جارك الخطير والأفضل تسليحاً وغير المقيد سيجعلك آمنا؛ وإن السياسة السيئة التي تُسن تحت ضغط الحياة السياسية الداخلية ستُنتج أي شيء غير النتائج السيئة... هذه هي الأوهام الخطيرة التي يعمل تحتها الجميع منذ عقود، وما زالوا على ما يبدو!.
ـ صحيفة 'اللواء'
الجهد العربي من أجل التهدئة
رضوان السيّد:
ظهرت أولى ثمار ما سمّاه الأمين العام لحزب الله: الجهد العربي، في الهدوء الذي بدا في خطابه في الجزء المتعلق بالمحكمة الدولية&bascii117ll; إنّما الذي خيّم على الأجواء اللبنانية طوال فترة ما بعد الظهر من يوم الثلاثاء، كانت الاشتباكات التي جرت على الحدود بين الجيشين اللبناني والاسرائيلي، والتي سقط فيها قتلى وجرحى من الطرفين&bascii117ll; وهذا الأمر يُثبت أنه ليس كما ذهب الى ذلك المتحدّث باسم الجيش الاسرائيلي:
حادث معزول، بل إن التوتّر هو من الشدّة بحيث تفجّره أقلّ الأشياء والتحركات من مثل قطع شجرة على الحدود بين الخطّين: الخط الأخضر أو الحدود المؤقتة التي رسمتها الأمم المتحدة، وخط التحصينات الاسرائيلية على بُعد أمتار داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة&bascii117ll;
وهكذا، فالأمر - كما سبق أن ذكرت في مقالتي بصحيفة <اللواء> يوم الأربعاء الماضي - ذو حلقتين: الحلقة الداخلية اللبنانية، والتي جدّدت التوترات فيها هجمات الامين العام لحزب الله في الاسابيع الماضية على المحكمة الدولية&bascii117ll; واستناداً الى التوتر الذي أُثير، ووقاية للبنان من الانقسامات والهزّات، في مبادرة عربية للتهدئة واستيعاب الازمة، وكان اللافت البيان الذي صدر بعد الاجتماع برئيس الجمهورية اللبنانية، والذي شدد على التمسك بالطائف، واستمرار التهدئة التي احدثها اتفاق الدوحة، ودعوة اللبنانيين لتجنب الفتنة، واتخاذ الحوار منهجاً لمواجهة المشكلات، فالتذكير بالطائف هو تذكير بالثوابت وقليلاً ما رجع اليه اللبنانيون في السنوات الاخيرة، مع انه شكّل نهاية <للحرب الداخلية>، وانتج وثيقة الوفاق الوطني، التي انبثق عنها الدستور الذي يعيش في ظله النظام اللبناني الحالي منذ العام 1990 والمعروف ان كثيراً من بنود الدستور تعطلت او لم يجر تطبيقها في المرحلتين السابقتين، رغم ان اكبر المشكلات التي تزداد تعقيداً منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي، تجد مفاتيح حلولها في دستور الطائف، وبذلك فإن دعوة اللبنانيين للحوار، إنما هي دعوة للتذكير بالثوابت، والتي قاد تجاهلها الى الكثير من المشكلات والفتن، وهذه النصيحة العربية المخلصة والتي اقترنت وتقترن بالمبادرة العربية الجديدة، تشير الى الخوف العربي على لبنان، والجهد المستمر لصون استقراره&bascii117ll; وسيكون علينا ان ننتظر خطوات أُخرى سريعة، بحيث تجد مشكلات أُخرى معالجات وتصدياً من خلال مؤازرة اللبنانيين لفتح آفاق أُخرى في الحوار الذي كاد يتجمد من حول الاستراتيجية الدفاعية&bascii117ll;
والواقع ان الحادث المؤسي على الحدود مع فلسطين المحتلة يوم امس، يفتح المجال للحديث عن الحلقة الثانية في الازمة اللبنانية، والتي تطل على الحلقة الأولى الداخلية بشكل مباشر، لا ينبغي ان يتحول النقاش في الاستراتيجية الدفاعية الى عنوان للتوتر، وبخاصة ان هناك جهداً عربياً ودولياً الآن للعودة إلى عملية السلام، والتي لها عنوانان: الجلاء عن الأراضي العربية المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، والتفاوض كما هو معروف ليس هدوءاً وسلاماً كله، بل إنه قد يكون علّة للتوتر والتوتير من جانب غير الراغبين في السلام من الإسرائيليين وغيرهم&bascii117ll; وفي هذا المجال يستطيع لبنان الإفادة أيضاً من <الجهد العربي> فالتقدم في عملية السلام، في ظل القرارات الدولية، والمبادرة العربية للسلام، يستفيد منه لبنان بالجلاء عن مزارع شبعا، وبالتوقف عن إستخدام الأرض اللبنانية ساحة للصراع على فلسطين وعلى الشرق الأوسط، وبخاصة أن عودة لبنان لإتفاقية الهدنة، سوف تكون مقرونة بقيام الدولة الفلسطينية، وتحرر الجولان السوري المحتل، ومعالجة قضايا الحلّ النهائي ومن ضمنها قضية اللاجئين&bascii117ll;
إن لبنان يستفيد من الجهد العربي إذن في الحلقتين: الداخلية والإقليمية، وتحية للجيش اللبناني الذي قدّم ويقدّم الشهداء من أجل الأرض والسيادة والكرامة&bascii117ll;
ـ 'اللواء'
حسين زلغوط:
إذا كان لا بد من التنويه بالحراك السياسي الذي حصل على المستوى الداخلي وفي اتجاه الخارج لمواجهة العدوان الاسرائيلي وتحميل العدو الاسرائيلي مسؤولية خرق القرار 1701، فإن ذلك لا يعفي توجيه اللوم للقيادة السياسية لتقاعسها في إجراء ما يلزم لاستكمال تجهيز الجيش اللبناني عدة وعدداً خصوصاً وان المهام الملقاة على عاتقه ان في الداخل او على الحدود تستلزم وضع خطة محورها تزويد الجيش بالسلاح والعتاد الذي يمكنه من القيام بمسؤولياته خصوصاً في مواجهة العدو الاسرائيلي الذي يملك احدث انواع الاسلحة فلا يكفي الطلب من الجيش الدفاع والصمود وتركه في العراء من دون مؤازرته وتأمين مستلزمات التصدي والصمود&bascii117ll; فما جرى في بلدة العديسة يجب ان يكون درساً للسلطة السياسية لاعادة النظر بموضوع تجهيز الجيش وتقويته وعدم الرهان على الوعود العرقوبية التي تغدق من هنا وهناك خصوصاً من الادارة الأميركية التي ما تزال تمنع لبنان من التزود بالطائرات والسلاح الثقيل بضغط من إسرائيل&bascii117ll;
ـ صحيفة 'الديار'
دوللي بشعلاني:
أشعلت الجبهة الجنوبية غير مكترثة للقرارت الدولية ولوجود قوات &laqascii117o;اليونيفيل" لحفظ السلم والأمن الدوليين / مصدر ديبلوماسي : إسرائيل توجّه الرسائل الى اللبنانيين والعرب بأنّها هي من يُقرّر في الشرق الأوسط / تحاول استفزاز &laqascii117o;حزب الله" واختبار قدرات الجيش العسكرية
في حين كان ينتظر الجميع ما سيقوله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه أمس عن موقفه من اتهام الحزب في القرار الظني المتوقّع صدوره في أيلول المقبل، في حال لم يتمّ تأجيل موعد هذا الصدور، وفي الشهر الذي تُعقد خلاله جلسة التمديد لقوّات &laqascii117o;اليونيفيل"، أشعلت إسرائيل الجبهة في جنوب لبنان من خلال إطلاقها صواريخ &laqascii117o;الأباتشي" على بلدة العديسة والتراشق الناري بين قوّاتها العسكرية والجيش اللبناني.. فما الذي تريده إسرائيل من هذا التوتير الأمني في ظلّ الأجواء الداخلية والإقليمية الداعية الى التهدئة والحفاظ على الأمن والإستقرار في منطقة الشرق الأوسط لا سيما بعد القمة الثلاثية &laqascii117o;السعودية - السورية - اللبنانية) وزيارة أمير قطر الى لبنان وإعادة إعماره للبلدات التي هدّمها العدوان الإسرائيلي خلال حرب تموز- آب 2006؟!
مصدر ديبلوماسي رأى أنّ ما قامت به إسرائيل يصبّ في عناوين سياسية عدّة من جهة وعسكرية من جهة ثانية:
أولاً، على الصعيد السياسي تودّ إسرائيل توجيه رسالة الى اللبنانيين وخصوصاً الى &laqascii117o;حزب اله" والمقاومة والجيش اللبناني تفيد بأنّها قادرة على تفكيك الوحدة الداخلية وإثارة الفتنة من خلال إشعال جبهة الجنوب وشنّ الحرب على لبنان التي يرفضها البعض كما يرفض امتدادها من الجنوب الى المناطق اللبنانية الأخرى في لبنان ككل. وما قامت به يُظهر بوضوح تضرّرها من أجواء الوحدة والتهدئة التي سادت في الأيام الأخيرة لطمأنة اللبنانيين بأنّ لا أحد يمكنه إشعال نار الفتنة.
ثانياً، تريد إسرائيل توجيه رسالة الى العرب من خلال القصف الذي قامت به لتلّة العديسة، عقب زيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الى البلدات التي دمّرتها خلال حرب تموز من بنت جبيل الى الخيام الى دير ميماس وسواها، مفادها بأنّ الدعم الذي حصل عليه لبنان سواء من السعودية أو سوريا أو قطر لا يمكن أن يؤثّر على ما تنوي هي القيام به لا سيما وأنّها قادرة على تحويل ما جرى إعادة إعماره الى دمار وخراب مجدّداً خصوصاً إذا ما قرّرت هي ذلك، كما فعلت في السابق.
ثالثاً، على الصعيد العسكري، أظهرت إسرائيل مجدّداً عدم احترامها أو التزامها بالقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ولا سيما منها القرار 1701 الذي نصّ بنده الأول على &laqascii117o;وقف الأعمال العدائية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي" والعمل من أجل وقف إطلاق نار دائم. وهي بالتالي تقول للعالم إنّها لا تقيم أي وزن لمثل هذه القرارات.
رابعاً، اتخذت إسرائيل في هجومها على الجيش اللبناني عند حدود بلدة العديسة الجنوبية بعد منعها من تركيب كاميرات مراقبة هناك، قراراً في إثارة هذه الإشتباكات بهدف اختبار قدرات هذا الجيش العسكرية لا سيما في ظلّ الحديث عن تسلّحه وتزويده بالمعدات الحربية من قبل دول عدّة، وهي تعتبره اختباراً هاماً لقدرات الجيش البشرية والعسكرية ولطبيعة الأرض بالتالي خصوصاً في مرحلة تحضيرها لشنّ حربها الجديدة على لبنان التي تهدّد بها في كلّ وقت.
خامساً، تريد إسرائيل أيضاً معرفة أين تقف &laqascii117o;اليونيفيل" في حالات الطوارىء، وما هو مدى الأوامر التي تتلقّاها في ظروف مماثلة، وهل تساند الجيش اللبناني أم تتركه يدافع عن نفسه وحيداً في ظلّ غياب الاستراتيجية الدفاعية للبنان حتى الآن..؟!
سادساً، كذلك أرادتها بطبيعة الحال رسالة موجّهة الى &laqascii117o;حزب الله" الذي تحاول دول عدّة اتهامه سياسياً باغتيال الرئيس الأسبق للحكومة رفيق الحريري، وهي تريد معرفة إذا ما كان بإمكانها استفزازه عسكرياً في ظلّ انتظار صدور القرار الظنّي، فيحثّه حادث مماثل على مساندة الجيش اللبناني في الردّ على القصف الإسرائيلي، لا سيما وأنّها لم تتمكّن من القضاء عليه في العام2006 ، وهي تحاول منذ فترة مع حلفائها الدوليين من القضاء عليه عن طريق المحكمة الدولية، غير أنّها لن تفلح هذه المرة أيضا.
ويضيف المصدر: &laqascii117o;مهما يكن من أمر ومن رسائل وجّهتها إسرائيل فإنها تعتدي مجدّداً على لبنان وعلى سيادته ووحدته وقد أوقعت قتلى وجرحى في صفوف الجيش والمدنيين اللبنانيين لأسباب تافهة ومختلقة من قبلها، كما أنّها تخرق القرار الدولي 1701 بشكل مستمر دون حسيب أو رقيب، لهذا على الأمم المتحدة استنكار هذا التعدّي على لبنان والطلب من إسرائيل وقف اعتداءاتها المتكرّرة عليه".
وعن إمكانية تعديل مهمة قوات &laqascii117o;اليونيفيل" خلال جلسة التمديد لها قبل نهاية الشهر الحالي، يستبعد أن يطلب لبنان تعديل طبيعة مهمتها على الرغم من هذا الإعتداء الأخير خصوصاً وأنّه جرى تعديلها بعد حرب تموز 2006 عندما أصبحت قوّات &laqascii117o;اليونيفيل" المعزّزة في القرار الجديد 1701. واليوم لا نحتاج الى أي قرار جديد في هذا الإطار لأن إسرائيل لن تشنّ حرباً على لبنان في هذه الأثناء، بل هي تحاول جسّ النبض، على ما تفعل دائماً من أجل وضع الخطط المستقبلية التي تخدم مصالحها وحدها.
ويقول المصدر نفسه: &laqascii117o;وصلت إسرائيل الى حدّ الإفلاس لأنّها تريد رؤية لبنان بلداً ضعيفاً، وهي لا تراه كذلك رغم كلّ محاولاتها في إشاعة أنّها ستشنّ حرباً عليه لتضرب موسم السياحة فيه، لكنّ العكس هو الذي حصل، فقد رأت بأمّ العين العرس الذي أقيم لأمير قطر وعقيلته وولديه خلال الزيارة التاريخية للجنوب وافتتاح المشاريع الإقتصادية والإنمائية والدينية التي قامت بها دولة قطر من أجل إعادة إنهاض لبنان من كبوته بعد الدمار الذي ألحقته به منذ أربعة أعوام. ولهذا قصفت الجيش اللبناني لتوتير الجبهة الجنوبية في محاولة لتهديد الجميع لكنّ الوحدة الداخلية هي الوحيدة القادرة على قهر إسرائيل ونزع فتيل كلّ مخطّطاتها".
ويختم بالقول: &laqascii117o;ان الحكومة اللبنانية سوف تُرسل بالطبع استنكاراً وإدانة شديدة للعدوان الإسرائيلي على بلدة العديسة والجيش اللبناني والأهالي الآمنين الى الأمم المتحدة والذي يشكّل خرقاً فاضحاً للقرار الدولي 1701"، مشيراً الى أنّه 'لا يبدو أنّ إسرائيل تريد السلام وتسعى اليه بل على العكس، تريد الحرب وتحقيق الإنتصار - غير أنّ هذا الأمر سيبقى حلماً في نفسها - لأنّها لا تسير في مفاوضات السلام غير المباشرة مع الفلسطينيين على السكّة الصحيحة من أجل الوصول الى المفاوضات المباشرة بعد ذلك، بل تحاول إلهاء الجميع عن حصار غزّة وعن ارتكاباتها تجاه الفلسطينيين من خلال تحريكها لجبهات عدّة في آن".
- 'النهار'
رسالة عملانية عابرة الأهداف
نبيل بومنصف:
من غير المستبعد أبداً ان تكون اسرائيل فوجئت فعلاً أمس بالردّ العملاني الذي تولاه الجيش اللبناني على واقعة 'روتينية' في مسار الحرب الباردة التي أرساها القرار 1701 منذ وضع حداً للحرب الاسرائيلية على لبنان عام 2006.. دلالة المواجهة في التوقيت والوقائع، انها تضع اسرائيل فعلاً في مواجهة الأبعد، أي ان مشروع عدوان مقبل يجب ان يمرّ أولاً بالصدام المحتوم مع الجيش ومع الدولة اللبنانية، بصرف النظر تماماً عن الانقسام الداخلي في شأن القضايا الخلافية اللبنانية.. لقد شكل تصدي الجيش امس لهذا العبث رسالة واضحة ليس الى اسرائيل وحدها بل الى المجتمع الدولي نفسه من أن المؤسسة العسكرية التي تحظى بدعم هذا المجتمع، وهو أمر شديد الايجابية، يستدعي دعماً آخر لا يقل أهمية في ردع العبث الاسرائيلي والزام اسرائيل الكفّ عن مراكمة الاحتقانات اللبنانية المتصاعدة. ولا يخفى على احد ان هذا الانفجار المحدود على الجبهة الحدودية جاء على خلفية اعتمال المضاعفات التي يثيرها كشف شبكات التجسّس في الداخل وكذلك إمعان اسرائيل في الاعتداء الموصوف على المحكمة الخاصة بلبنان عبر انبراء اعلامها وسياسييها الى اقتحام الأزمة الناشئة في لبنان واطلاق فحيح التوظيف عليها.مجمل هذه الأبعاد لا يبقي أدنى شك في أن اسرائيل حولت لبنان الى مقدم أولوياتها الاستهدافية في المنطقة، وانها وضعته في مرتبة العد العكسي لحرب باردة ساخنة تشنها عليه على مختلف الجبهات.ولا يمكن والحال هذه، ان يبقى الردح الداخلي والعربي والدولي مستكيناً عند حسابات باردة تضرب الاخماس بالأسداس حيال 'حرب مستبعدة'. فما تفعله اسرائيل لا يستدرج سوى أمر واحد هو إيقاظ الاحتقانات المرعبة التي ربما لا تحتاج في لحظة الى أي كبسة زرّ لتودي بلبنان والمنطقة الى ما لا يريده المجتمع الدولي.
- 'السفير'
تنفيس الاحتقان؟
ساطع نور الدين:
ليست الحرب بعد، برغم أن الاعتداء الإسرائيلي على العديسة لم يكن وليد الصدفة أو الخطأ في التقدير. لعله كان مجرد اختبار للإرادات والدفاعات اللبنانية، وكان مجرد تعبير عن الاستعدادات الإسرائيلية.. التي تنتظر التوقيت المناسب، والذريعة الملائمة، من دون الحاجة الى التلطي وراء شجرة! لا يمثل اشتباك العديسة الشرارة التي ستشعل الحريق الكبير المرتقب. الحدود البرية لم تكن يوماً ولن تكون أبداً ميدان القتال الرئيسي، ولا المبرر الكافي لاندلاع الحرب، مهما كانت الخلافات حول الترسيم ونقاط المراقبة ومواقع الانتشار اللبناني أو الاسرائيلي وقواعد الاشتباك الدولي. لكن الاشتباك كان تعبيرا عفويا عن أن أحدا لا يخشى الحرب ولا يعمل على تجنبها. أراد العدو الاسرائيلي أن يقنع لبنان الرسمي والشعبي أنه بات جاهزا لخوضها، وهو لن يتردد في استخدام القوة المفرطة حتى ضد الجيش اللبناني، اذا ما تعرض لأي تحد من الجانب اللبناني.. ولعله أراد ايضا أن يبرهن على أن عملياته العسكرية لا تخضع لأي اعتبارات سياسية، ولا تلتزم بالأجواء ولا بالنوايا الحسنة التي شاعت في أعقاب الزيارات العربية الى بيروت الاسبوع الماضي. ثمة ما يستدعي الشك في أن إسرائيل رغبت من خلال ذلك الاعتداء أن تفرغ تلك الزيارات من محتواها، المتواضع أصلا! ولان الحرب المقبلة لن تكون حدودية، بل ستدور في عمق الجبهات العسكرية التقليدية وبعيدا جدا عن خطوطها الأمامية، يمكن القول إن الاسرائيليين تعمدوا ضرب الجيش اللبناني بقسوة لكي يثبتوا نظريتهم ويؤكدوا على تهديدهم المتكرر بأن الدولة اللبنانية ومؤسساتها العسكرية والمدنية ستكون أهدافهم الرئيسية.. ولكي يعبروا على طريقتهم عن اعتراضاتهم العلنية على السلوك الميداني للجيش، وعلى الحرص العربي والعالمي على إعادة بنائه وتسليحه وتوسيع انتشاره في المناطق الحدودية.. رد الفعل اللبناني الرسمي والشعبي كان مؤثرا في الإيحاء بأنه ليس هناك هلع من الحرب المقبلة، وبأن هناك استعدادا للمواجهة والمقاومة التي ليست شأنا خاصا بحزب الله ووحداته المقاتلة، بل هي سلوك شعبي طبيعي، مثلما هي قرار رسمي عام.. مع الاطمئنان الى أن الحرب لم تكن ولن تكون من طرف واحد، والى أن لبنان يعتمد تقسيما دقيقا للعمل وتوزيعا عادلا للأدوار يجعل من المقاومة سلاحا استراتيجيا لا يستخدم إلا في الحالات القصوى..
- صحيفة 'المستقبل'
استطلاع ناري
فيصل سلمان:
أرادت إسرائيل من وراء عدوانها أمس على الأرض اللبنانية ان تحقق أهدافاً عدة.هي أولاً أرادت ان تستطلع بالنار مدى استعداد الجيش اللبناني.وهي ثانياً أرادت ان ترصد ردود الفعل اللبنانية الداخلية وخصوصاً رد فعل المقاومة.وهي ثالثاً أرادت ان تشوّش على أمين عام 'حزب الله' السيد حسن نصرالله الذي، كما معروف، كان مقرراً ان يتحدث الى اللبنانيين في ذكرى الانتصار بحرب تموز العام 2006.وهي رابعاً أرادت ان تعيد الى أذهان اللبنانيين والجنوبيين منهم بشكل خاص صور الحرب والدمار والتشريد ما يحرك فيهم 'نقمة' على المقاومة.وهي خامساً أرادت ان ترصد ردود الفعل العربية والدولية، ويضاف سادساً انها أرادت ان يقفز اسم لبنان الى واجهة الأحداث متوسلة ان تقذف المقاومة بالاتهامات.هل حققت إسرائيل أهدافها؟ الاجابة السريعة تفيد بأن النتائج لم تكن لمصلحة إسرائيل. فالجيش اللبناني أثبت انه مدرك لنوايا العدو وهو وإن قدم شهداء من صفوفه فقد أكد تمسكه وحرصه على السيادة اللبنانية.أما على مستوى الجبهة الداخلية فقد ظهر تماسك جيد وظهر تعاطف وتأييد للبنان من العديد من الدول العربية. الأهم ان البيئة الحاضنة للمقاومة لم تتأثر بالاستطلاع الناري الإسرائيلي وبالتالي فالرأي العام اللبناني صار أكثر تشوقاً للاستماع الى السيد نصرالله.
إذاً، علينا ان نتوقع المزيد من الاعتداءات الإسرائيلية المحدودة والمزيد من شحن الأوضاع جنوباً كلما افترضت إسرائيل ان ذلك سيزيد من 'عزلة' المقاومة والضغط عليها.هذا في لبنان، أما في الخارج فقد يبدو مفيداً مراقبة تفجيرات مشبوهة اضافية كالتي وقعت في مضيق هرمز ومنطقة إيلات حيث يجري النفط الى أوردة أوروبا وأميركا.
- 'المستقبل'
مواجهات الجنوب: ملاحظات أولوية
أحمد الأيوبي:
.. إن التمسك بالقوات الدولية وبدورها يجب عدم التعرض له، كما سارع بعض النواب والسياسيين إلى التهجم عليها، لأن إخراجها من المعادلة يعني ببساطة العودة إلى وضعية المواجهة المكشوفة والمباشرة مع العدو، وهو أمر ليس للبنان مصلحة فيه، وسيكون مآل أي مواجهة محتملة السعي إلى اتفاق مشابه، وإن اختلفت الظروف والشروط. وهذا يحتم على 'حزب الله' أن يعيد تقييم الموقف في الجنوب بحيث يتم الإفادة من الثغرات لتحسين الموقف اللبناني في المعادلة القائمة، في حين يتم توعية الأهالي إلى ضرورة الهدوء والتعاطي بمسؤولية مضاعفة مع القوات الدولية، وعدم ترك ردات الفعل تتصاعد ميدانياً، لأن العدو الإسرائيلي سيكون المستفيد الأول من خروجها أو تحطيم دورها في الجنوب...
- صحيفة 'الشرق'
'اليونيفيل' جنود الكرتون
ميرفت سيوفي:
.. بالأمس 'صُدِمَت' إسرائيل بتصدي الجيش اللبناني لها، المضحك لدى إسرائيل أن نظرية 'هيبة' جيشها تبعثرت في حرب تموز، ومن دون أدنى شك أن ما حققته المقاومة في العام 2006، سيبقى إنجازاً وانتصاراً كبيراً، يعترف به اللبنانيون لحزب الله وللشهداء الذين سقطوا مدمرين ببطولتهم 'الوهم الأسطوري' الذي لم تعد إسرائيل نفسها مقتنعة به، وبلا شك مهما اختلفت القراءة والمواقف السياسية بين حزب الله وبين كثير من اللبنانيين، والتي ستبقى كذلك لأننا لا نشارك حزب الله 'عقيدته' التي يبني على أيديولوجيته وسياساته و'نظامه' العسكري، إلا أن اللبنانيين يعترفون لحزب الله بتدمير أسطورة الجيش الذي لا يقهر... لا حماية للبنان إلا بدولته وجيشه، هذه المعادلة التي يريدها اللبنانيون، معادلة تحفظ لسلاح المقاومة مكانته في الدفاع عن لبنان من ضمن منظومة استراتيجية دفاعية حان الوقت لإقرارها، وحان الوقت ليقرأ حزب الله جيداً مواقف اللبنانيين على وجهها الصحيح، لا يوجد لبناني واحد ضد سلاح المقاومة وفق استراتيجية دفاعية تحفظ للدولة قرار السلم والحرب، فاللبنانيون يدركون جيداً الفرق بين سلاح المقاومة وسلاح حزب الله، حان الوقت لتنتظم هذه 'الثلاثية' المركبة في 'صيغة' جوهرها التحام كل مكوناتها حماية للبنان وسيادته واستقلاله ودفاعاً عن أرضه وشعبه.
- 'الشرق'
نعم... الجيش ليس حارساً لأمن العدو الإسرائيلي
يحيى أحمد الكعكي:
..من هنا يمكن القول أن ما حدث أمس على حدودنا مع العدو الإسرائيلي أثبت عدة أمور منها:
1- أن الجيش ذهب إلى الجنوب للحفاظ على أرض الوطن، ولم يذهب ليكون حامياً لأمن حدود العدو الإسرائيلي.
2- أن الجيش اللبناني هو الناظم لعمل قوات اليونيفيل في الجنوب وليس العكس كما تريد حكومة العدو!
3- التأكيد على أن المقولة الرئاسية 'الشعب والجيش والمقاومة' هي حقيقة واقعة في الدفاع عن أمن واستقرار لبنان وسلمه الأهلي.
4- وضع مجلس الأمن الدولي صاحب القرار 1701 أمام مسؤولياته التاريخية.
5- أكد على دعم سورية الشقيقة والجار لأمن واستقرار لبنان والشرعية الدستورية فيه.
6- وضع كل القيادات الوطنية أمام المسؤوليات التاريخية تجاه وطنهم فإما اتفاقحول وحدة لبنان، واما سجلات اعلامية وخراب الوطن.