- صحيفة 'صدى البلد'
حزب الله يعلن محكمته الخاصة... تكريماً للحريري
نسيب حطيط:
- المحور الأول: ادخال اسرائيل في دائرة المتهمين، لعدم ابقائها خارج الشبهة حتى لا تكون حرة وطليقة لتحريف مسار العدالة.
- المحور الثاني: اسقاط السنوات الخمس من عمر المحكمة الدولية، ولاثبات عدم مهنيتها وكذلك عدم عدالتها والتسييس الذي يسيرها، وصولا لاعادة تأسيسها على أسس واضحة ومناقشة شراكة الحكومة اللبنانية.
- المحور الثالث: تبرئة المقاومة من الاغتيال السياسي الداخلي، لابقاﺀ طهارتها ونقائها، وتثبيت أهدافها المحصورة بالدفاع عن لبنان، بمواجهة العدو الاسرائيلي، وكذلك عدم استعمال السلاح في الخصومة أو التنافس السياسي الداخلي حتى لا تقع في الفتنة.
ومع توجيه الاتهام للعدو الاسرائيلي، ستتحول قضية الاغتيال من كرة لهب بوجه لكن السؤال المطروح كيف ستتعامل المحكمة الدولية والقوى السياسية بخاصة قوى 14 آذار مع هذا الاتهام..؟ ، هل ستقف بمواجهة هذا الاتهام ولا تتقبله مكابرة حتى لا يتهمها الآخرون بالتضليل ما ينقذ اسرائيل، عن غير قصد، واما أن تتلقف فقط بالكمية وبالمسافة، بل وبالاساس بدقة وسائل النار لديه وقدرة الدمار والابادة لها.
حزب الله عمق انخراطه في الساحة السياسية اللبنانية وأصبح جزﺀا من حكومة لبنان مع حقوق فيتو على قرارتها. وذلك، عندما في أيار 2008 فرض حزب الله بالقوة هذا الاتهام وتتعاون مع المقاومة لجمع الأدلة والقرائن وتثبيتها لاستنقاذ الحريري من البازار الدولي والاستغلال الاسرائيلي، لاحداث فتنة داخلية، ويستعيد الرئيس الحريري دمه معنويا، شهيدا للبنان باليد الاسرائيلية وليس باليد العربية والاسلامية.
فهل ستأخذ المحكمة هذه الادلة وتطلب التحقيق مع الشخصيات الاسرائيلية المتهمة، كما طلبت من سورية.. قبلا.
هل يمكن لهذه العدالة الدولية المشبوهة التي امتنعت عن تشكيل محكمة باغتيال رئيسة الوزراﺀ الباكستانية بنازير بوتو مع أن عائلتها طلبت ذلك؟ ؟ ؟ .
المقاومة، ومحور الممانعة وفي مقدمته سورية الى كرة نار تحرق رعاة شهود الزور ورواد الاتهام السياسي لسورية، وتعيد رسم المشهد السياسي في لبنان.
ان اغتيال الحريري يمثل محاولة انقلابية دموية نفذتها اسرائيل بتعاون داخلي، بقي مستمرا بعد الاغتيال عبر المنهج السياسي والميداني الذي اتهم واعتقل وسجن وأسس للفتنة المذهبية واخراج سورية والدعوة الى اسقاط نظامها.
هذه المسيرة من التعاظم وان كانت تسارعت في اعقاب الخروج من لبنان في، 2000 ولكنها تسارعت باضعاف في اعقاب الحرب.
أما المحكمة الدولية فانها أمام امتحان مفصلي بعد رسوبها بامتحان محاكمة شهود الزور، باعلان عدم اختصاصها بمحاكمتهم وهي التي بنيت أركانها وأسسها وميزانيتها على أساس شهاداتهم المزورة والمضللة، بل ومنعت من اعطاﺀ شهاداتها للمتضررين من أفعالها ومن أقوالهم.
وهل ستتجاوب اسرائيل وتتعاون أم أنها ستحذو حذو الدول الأخرى التي لم تتعاون مع المحكمة وفي مقدمتها أميركا، ولم تشهر المحكمة بها وتتهمها باعاقة تحقيق العدالة.
ومع قناعتنا بأن المنظومة الدولية بمؤسساتها القضائية والسياسية لن تحاكم ولن تتهم اسرائيل وهي التي حمتها في قضية اغتصاب فلسطين والتي تحميها من مفاعيل مجازر غزة وقانا وصبرا وشاتيلا، وأسطول الحرية، وتمنع عنها المحاكمة في تقرير غولدستون، وتحميها في قضية اغتيال القيادي في حماس الشهيد المبحوح، وكذلك قيادات المقاومة في لبنان.
العدالة الأميركية والغربية يمكن أن تبيع الحقيقة أو الاتهام بالتعويضات المالية والسياسية والاقتصادية، كما حصل في قضية لوكربي مع ليبيا ومع المعدات النووية مع ليبيا أيضا، ويمكن أن تساوم على حقوق الانسان كما تفعل مع بعض الانظمة مقابل النفط ومصادرة القرار السياسي.
من يبحث عن الحقيقة في اغتيال الرئيس الحريري هم الوطنيون المقاومون الذين يريدون استعادة قضية الحريري من الأسر كما استعادوا الأرض العام، 2000 وكما استعادوا الأسرى الأحياﺀ وجثامين، الشهداﺀ فان المرحلة القادمة هي مرحلة تحرير الحريري من الأسر الدولي ومن التضليل، والافتراﺀ ليعود الحريري كما كان قبل الشهادة نصيرا للمقاومة، وكما رفض أن يكون خنجرا في ظهر المقاومة حيا، لن يكون خنجرا في صدر المقاومة شهيدا.
فليتحد اللبنانيون من أجل العدالة الحقيقية ... وفاﺀ للحريري وثأرا للبنان.
- صحيفة 'الأخبار'
(الـ)حقيقة
خالد صاغية:
وليد جنبلاط، هذه المرّة، على حقّ: القرار 1559 هو الذي خرب لبنان. ويمكن القول إنّ الاتهامات المتبادلة باغتيال الرئيس رفيق الحريري باتت كلّها تدور حول هذا القرار. فجوهر اتّهام سوريا أو حزب اللّه بالاغتيال هو أنّ الحريري شريك في صنع هذا القرار، وقد تواطأ بالتالي مع جهات غربيّة من أجل إخراج الجيش السوري من لبنان ونزع سلاح المقاومة. فجاءه الردّ سريعاً: سيّارة ميتسوبيشي بيضاء محمّلة بما يعادل 1800 كلغ من الـ تي. أن. تي.أمّا جوهر اتّهام إسرائيل أو أجهزة استخبارات غربيّة بالاغتيال، فهو أنّ صدور القرار 1559 قد ترافق مع تصميم دولي على تنفيذه. لكنّه تصميم ما كان يمكن ترجمته من دون زلزال كبير كاغتيال الرئيس الحريري. أيّ تفسير سياسيّ هو الأصحّ؟ هل كان الحريري بطل الـ1559 أم ضحيّته وحسب؟ للإجابة عن هذين السؤالين، من العبث انتظار المحكمة الدولية كي تصدر حكمها. وهذا ما يعرفه جيّداً &laqascii117o;أولياء الدم" قبل غيرهم. فسوريا خرجت فجأةً من الصورة. وقبل تبرئتها رسمياً، نام &laqascii117o;ابن الشهيد" نوماً هنيئاً في سرير الرئيس السوري بشار الأسد. وحين توجّه الاتّهام صوب حزب اللّه، رفض الحزب كلّ العروض التخفيفيّة التي تحدّثت عن &laqascii117o;عناصر غير منضبطة". وبات واضحاً أنّ البلاد لن تحتمل قراراًَ اتهامياً في هذا الاتجاه، فما بالك بانتظار سنوات حتّى صدور الحكم النهائي الذي يبرّئ الحزب أو يثبت إدانته. أمّا بالنسبة إلى اتهام إسرائيل أو جهاز استخبارات غربيّ، فالجميع يعلم أنّ &laqascii117o;العدالة الدوليّة" ليست هنا كي تدين هؤلاء، مذنبين كانوا أو بريئين. وإذا كانت المحكمة قد باتت عاجزة حقاً عن أداء دورها، وهذا ما هو حاصل فعلاً، فعلينا أن نطوي مرحلة المزايدات بشأن الحقيقة والعدالة، وأن نروّج لحقيقة (قد تكون حقيقيّة) تناسب هذا البلد الواقف على فوهة بركان. ليس السؤال إذاً هل إسرائيل هي التي اغتالت الحريري. السؤال هو هل يمكن توجيه الاتهام صوب إسرائيل؟ هذا السؤال الأخير هو ما أجاب عنه السيّد حسن نصر اللّه أمس. ولعلّ هذا مغزى تأكيده أنّه لا يقدّم أدلّة بل معطيات. المعطيات وحدها كافية لإنقاذ البلد. الوثائق التي قُدِّمت، أمس، تقول فقط: نعم، يمكن إعادة توجيه الاتهام صوب إسرائيل. وهذا وحده مخرج لائق للجميع. مخرج لمفبركي شهود الزور. مخرج للمتّهمين عن حقّ. مخرج للمتّهمين عن باطل. ومخرج لأولياء الدم. الساعة الآن الثانية بعد منتصف الليل. فلنتّهِمْ إسرائيل، وليذهب بلمار إلى النوم.
- صحيفة 'الشرق الأوسط'
حزب الله والمحكمة.. انفجار الحرب الباردة.. تخوف من عدم تثبيت تسوية القمة الثلاثية بما يحيد الحزب عن اغتيال الحريري مع الحفاظ على التحقيق الدولي
يوسف دياب:
على الرغم من الأجواء التفاؤلية التي أشاعتها الزيارة المشتركة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد إلى بيروت، والقمة الثلاثية التي عقدت في بعبدا بمشاركة الرئيس اللبناني ميشال سليمان، فإن الأزمة اللبنانية المتأتية عن الصراع على المحكمة الدولية لا تزال في أوجها، خصوصا أن ملامح التسوية التي قيل أن قمة بعبدا أرستها لم تظهر ملامحها بعد، الأمر الذي أبقى سقف السجال السياسي مرتفعا جدا. وإذا كان خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي ألقاه يوم الثلاثاء الماضي هادئ النبرة بعض الشيء، فإن هذا الهدوء بدا مشروطا بما ستحمله التسوية العربية بشأن المحكمة واحتمال اتهام الحزب بملف اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.
غير أن المفاجأة التي فجرها نصر الله عبر إعلانه امتلاك حزب الله معلومات قال إنها مؤكدة ومستقاة من عملية أمنية نوعية للمقاومة تثبت أن إسرائيل هي التي اغتالت الحريري، متعهدا بكشف هذه المعلومات بالوثائق والأدلة في مؤتمر صحافي سيعقده يوم الثلاثاء المقبل، فتحت الباب أمام سيل من الأسئلة والاستفسارات لدى فريق &laqascii117o;14 آذار" وتيار المستقبل عن سبب امتناع الحزب والسيد نصر الله عن كشف هذه المعلومات وحجبها عن لجنة التحقيق الدولية والمحكمة الدولية طيلة 5 سنوات، علما أنه كان ولا يزال يتهم إسرائيل بهذه الاغتيالات.
كما أثار استغراب هذا الفريق عن إصراره (نصر الله) على كشف الوثائق التي يدعي حيازتها أمام الشعب اللبناني وحجبها عن المحكمة الدولية الجهة الوحيدة الصالحة بمحاكمة الجناة وإنزال العقاب بحقهم. وأمام هذه المستجدات فإن المراقبين متخوفون من عدم تثبيت التسوية التي أرستها قمة بعبدا بما يحيد الحزب عن الاتهام بقضية الحريري مع الحفاظ على استمرارية عمل المحكمة، باعتبار أن الخيارات البديلة عن هذه التسوية العربية محدودة جدا جدا، وهي إما إسقاط المحكمة مع ما يترتب عليها من تداعيات دولية، وإما إسقاط لبنان في أتون الفتنة الداخلية وهو ما استرعى انتباه الدول العربية المعنية باستقرار لبنان ودفعها إلى التحرك العاجل وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية وسورية وقطر، لأن شرارة الفتنة إذا ما اندلعت قد تتجاوز لبنان إلى محيطه وربما إلى أبعد من ذلك.
ولكن في المحصلة وبعد مراقبة دقيقة للأجواء اللبنانية الملتهبة التي سبقت قمة بعبدا الثلاثية وما حملته من تهديدات واتهامات بالتخوين والسيناريوهات المتعددة، لا يختلف اثنان في لبنان على أن &laqascii117o;الحرب الباردة" التي كان يخوضها حزب الله على مدى السنوات الخمس الماضية في وجه المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في السر والعلن انتهت، وانتقل الآن إلى مرحلة الحرب المكشوفة الهادفة إلى إسقاط هذه المحكمة، مستخدما لذلك نبرة غير معهودة في أدبياته وفي الخطاب السياسي الذي يتولاه أمينه العام السيد حسن نصر الله شخصيا، عبر خطابات أسبوعية يستخدم فيها التصعيد التدريجي ليس فقط ضد المحكمة الدولية التي وصفها بـ&laqascii117o;المشروع الإسرائيلي"، واتهامه كل من يحاول حمايتها بالعمالة. بل أيضا ضد فريق &laqascii117o;14 آذار" وجمهوره الذي حذره من التمادي في الرهان على المحكمة والتعامل مع قراراتها، في وقت يتكفل نواب الحزب وسياسيوه وحلفاؤه مهمة التصعيد الإعلامي والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور لكل من سيتعاون مع المحكمة وقراراتها.
ولم تستثن هذه التهديدات الأجهزة الأمنية والقضائية والتوعد بـ&laqascii117o;دعس رقبتها" إذا ما تجرأت على التعاطي مع القرار الظني المرتقب صدوره، والتلويح بـ70 نسخة من السابع من مايو (أيار)، في حال ذهب القرار الظني نحو اتهام عناصر من الحزب بالضلوع في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، حتى أن السيد نصر الله لم ينف مثل هذا التهديد في مؤتمره الصحافي السابق داعيا إلى انتظار القرار الظني ليحدد في ضوئه الخطوات التي سيتخذها. وهذا مؤشر واضح على مرحلة الحرب الساخنة المتوقع أن يكون ضحيتها اللبنانيون عبر فتنة داخلية تتعدد سيناريوهاتها، وليس المحكمة وقراراتها.
هذه الأجواء القاتمة تجعل اللبنانيين ينامون ويصحون على قدر كبير من القلق على مصير أبنائهم وبلدهم، وفي حالة ترقب وقلق لما سيحمله &laqascii117o;الخريف الساخن" الذي ستهب رياحه على لبنان من لاهاي مع صدور القرار الظني، خصوصا أن الفترة الفاصلة ستكون حبلى بالتعبئة والتصعيد غير المحسوب النتائج، باعتبار أن حزب الله الذي ليس أمامه الكثير من الخيارات لا يحمل في خطابه إلا طرحا وحيدا وفريدا وهو &laqascii117o;إسقاط المحكمة الدولية بوصفها مشروعا إسرائيليا وأداة فتنة داخلية".
وقد قدم السيد نصر الله لذلك خيارين لا ثالث لهما، الأول &laqascii117o;مطالبة ولي الدم" رئيس الحكومة سعد الحريري بوقف التعاون اللبناني مع المحكمة، عبر وقف تمويلها ورفض كل القرارات التي ستصدر عنها، ما دام التحقيق الدولي لم يأخذ بفرضية ارتكاب إسرائيل جريمة اغتيال والده، وهذا ما ينسف بنية المحكمة برمتها ويقضي على أي أمل بمعرفة حقيقة من اغتال الحريري وعددا كبيرا من القيادات السياسية، والثاني &laqascii117o;تشكيل لجنة تحقيق لبنانية قضائية أمنية برلمانية تحقق مع شهود الزور لمعرفة من فبركهم وضلل التحقيق"، وهذا ما يعيد التحقيق إلى نقطة الصفر ويؤدي إلى سحب الملف من عهدة المحكمة الدولية. والخطير فيما أعلنه نصر الله الذي يحتاج إلى الكثير من التوضيح، أن &laqascii117o;كل المعلومات التي يوردها الإسرائيليون عن القرار الظني هي صحيحة ومستمدة من التحقيق الدولي، وهي تتقاطع مع معلومات حزب الله الدقيقة أيضا"، علما أن &laqascii117o;أولياء الدم" أي ذوي الضحايا لا يملكون أي معلومة عن التحقيق، وهو ما أبلغه سعد الحريري إلى كتلته النيابية، حيث نفى أمامها أن يكون أسر إلى نصر الله بأن القرار الظني سيتهم عناصر غير منضبطين في حزب الله بارتكاب جريمة قتل والده، مخالفا بذلك ما أعلنه الأخير في هذا الخصوص.
في مقابل خيارات حزب الله المحدودة فإن قادة &laqascii117o;14 آذار" وتحديدا سعد الحريري، لا يملكون إلا خيارا واحدا ووحيدا وهو التمسك بالمحكمة الدولية التي باتت قضية مبدئية لا رجوع عنها. غير أن ما قاله الحريري في كلمته التي ألقاها في افتتاح المؤتمر التأسيسي لتيار المستقبل من &laqascii117o;أن مسيرة حياة رفيق الحريري التي لم تلطخ يوما بنقطة دم واحدة في مرحلة الصراع على لبنان، لن تكون روحه الطاهرة سببا لإعادة الفتنة بين اللبنانيين"، ترك الكثير من التأويل والتفسير ولاقى ترحيب خصومه السياسيين، لكن من دون أن يجلي الغيوم التي تلبدت في سماء لبنان، وما زالت تنبئ بمطر حار ما لم تغير رياح السياسة وجهة هذه الغيوم المتزايدة بفعل قرار المحكمة وتداعياته.
لا شك أن معركة حزب الله الحالية مع المحكمة هي وليدة معطيات مستجدة أو ناجمة عن تغيير وجهة الاتهام كما يروج البعض، إنما هي الجولة الأعنف والأشرس بوجهها أقله حتى الآن، من ضمن حرب مفتوحة لم تبدأ مع ولادة هذه المحكمة بموجب القرار 1757 الصادر في 30 مايو من عام 2007 عن مجلس الأمن الدولي، إنما بدأت منذ إنشاء لجنة لتقصي الحقائق التي بدأت بعد أيام قليلة على جريمة الاغتيال، ومن بعدها مع تشكيل لجنة تحقيق دولية لكن هذه الحرب بدأت ناعمة، وكان يستدل عليها بتصريحات لقياديي الحزب وفي مقدمتهم السيد حسن نصر الله، الذين كانوا يعبرون عن هواجسهم حيال تدويل هذه الجريمة، تحت مسميات ومبررات كثيرة، منها الخوف من تسييس التحقيق الدولي والدخول من خلاله على الواقع الداخلي اللبناني لاستهدافه كحركة مقاومة بعدما عجزت إسرائيل عن تقويضه أو إضعافه بواسطة الحرب العسكرية.
وبغض النظر عن خلفيات توجس حزب الله من مسألة المحكمة، فإن السياق التسلسلي لمسار التحقيق في جريمة اغتيال الحريري لم تشكل في أي من محطاتها مبعث ارتياح له، على الرغم من موافقته المطلقة (على مضض) على بنود مقررات الحوار الوطني من دون أدنى تحفظ والتي كان أولها إنشاء المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الحريري ومعرفة الحقيقة في جريمة العصر التي أعادت لبنان سنوات كثيرة إلى الوراء، بعد فترة الاستقرار التي عاشها منذ إقرار اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية التي دامت 15 عاما.
صحيح أن حزب الله لم يكن معنيا بهذه القضية لا من قريب ولا من بعيد، ولكن بعد ساعات قليلة على تفجير السان جورج الذي أودى بحياة الحريري و22 آخرين ثمة من طلب منه مساعدة أجهزة الدولة اللبنانية في فهم حقيقة هذه الجريمة، انطلاقا من الخبرة الواسعة الموجودة لدى جهازه الأمني. وبحسب المعلومات التي ترددت فإن الحزب استجاب لهذا الطلب وأجرى بعض خبرائه كشفا ميدانيا لموقع الجريمة، لكن سرعان ما انسحب من هذه المهمة من دون تبرير ذلك، وقد عزى المراقبون انكفاءه لوصول لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها الأمم المتحدة برئاسة قائد الشرطة الآيرلندية بيتر فيتزجيرالد، التي وضعت يدها على التحقيق، وقدمت في نتيجة تحقيقها تقريرا حملت فيه الواقع الأمني والسياسي الذي كان يحكم لبنان يومذاك مسؤولية توفير البيئة التي أتاحت للمجرمين النفاذ منها لارتكاب الجريمة.
لقد لعبت التبدلات في موازين القوى السياسية دورها في جعل حزب الله والقوى الموالية لسورية شبه معدومة التأثير في رفض تدويل جريمة الحريري، وذلك بفعل خروج الجيش السوري من لبنان أولا، ومن ثم فوز حلف &laqascii117o;14 آذار" (الذي تشكل إثر اغتيال الحريري تحت عنوان &laqascii117o;ثورة الأرز") في الانتخابات النيابية بأكثرية موصوفة، وتشكيل حكومة كانت فيها القوة الوازنة لفريق الأكثرية. وفي موازاة هذا التبدل كان مجلس الأمن الدولي اتخذ قراره بتشكيل لجنة تحقيق دولية برئاسة القاضي الألماني ديتليف ميليس الذي وبناء على تحقيقات أجراها على مدى 3 أشهر أصدر توصية في 28 أغسطس (آب) 2005 إلى القضاء اللبناني يطلب فيها توقيف الجنرالات الأربعة جميل السيد وعلي الحاج ومصطفى حمدان وريمون عازار، الذين كانوا قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية في فترة اغتيال الحريري، وكانوا لصيقي الصلة بجهاز الأمن والاستطلاع السوري في لبنان ومن الرئيس اللبناني السابق إميل لحود.
لم تكن فكرة لجنة التحقيق الدولية ولا حتى مسار عملها أو قراراتها التي كانت تنحو باتجاه اتهام سورية بقضية الحريري موضع قبول لدى حزب الله، لكن لم يكن بمقدوره تغيير الواقع الذي أصبح قائما، غير أن مشكلة الحزب مع فكرة إنشاء المحكمة الدولية ظهرت إلى العلن غداة اغتيال النائب والصحافي جبران تويني، عندما أصرت حكومة فؤاد السنيورة على اتخاذ قرار بالطلب من مجلس الأمن الدولي الإسراع في إنشاء المحكمة الدولية لوضع حد لمسلسل الاغتيالات، الأمر الذي أثار اعتراض وزراء حزب الله وحركة أمل واعتكافهم عن الحكومة ومقاطعتهم جلساتها لنحو شهرين. ولم تنته المقاطعة إلا بتسوية تقرر أن تكون القضايا الخلافية موضع نقاش على طاولة الحوار الوطني التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وعقدت في مقر البرلمان في ساحة النجمة توافق فيها المتحاورون على بند المحكمة الدولية، لكن وبعد حرب يوليو (تموز) 2006 وعلى أثر استئناف الحوار تفجرت الأزمة بين حزب الله والحكومة عندما وضعت الأخيرة على جدول أعمالها مشروع قانون المحكمة الدولية لإقراره وإرساله إلى الأمم المتحدة، الأمر الذي شكل حافزا للوزراء الشيعة للاستقالة من الحكومة، بحجة أن الأكثرية داخل الحكومة تستأثر بالقرارات، وأن الحزب كان يرغب في إبداء ملاحظاته على مشروع المحكمة قبل إقراره في مجلس الوزراء وإرساله إلى مجلس الأمن.
وفي مسعى لعدم انزلاق الأمور نحو الأخطر قرر رئيس الحكومة فؤاد السنيورة تأجيل هذا البند إلى أن يضع حزب الله ملاحظاته، فلم تلق هذه المبادرة أي استجابة، إذ أصر الوزراء الشيعة على استقالتهم التي لم تقبل، ورغم مرور أشهر طويلة لم يبد حزب الله ملاحظاته. وانتقل من هذا المطلب إلى الإصرار على تشكيل حكومة وحدة وطنية يكون فيها للمعارضة الثلث المعطل الذي أطلق علية تسمية &laqascii117o;الثلث الضامن"، وهذا ما وسع الشرخ السياسي أفقيا بين فريقي 8 و14 آذار. وترسخ هذا الشرخ أكثر من خلال الحوادث الأمنية المتنقلة ومحاصرة حكومة السنيورة بالاعتصام والخيم التي نصبت في محيط السراي لإسقاط الحكومة، ومن ثم الهجومات المضادة التي شنها النائب وليد جنبلاط على النظام السوري وعلى حزب الله والغمز بتورط الأخير في اغتيال الحريري والاغتيالات الأخرى.
وأمام هذه التطورات تدرج الحزب وقادته في إشهار الرفض لا بل العداء للمحكمة الدولية، وجاءت النبرة الأعلى يومها بخطاب للأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله ألقاه في خريف عام 2007 وشن فيه هجوما عنيفا على القضاء اللبناني على خلفية توقيف الضباط الأربعة، ووصفه المحكمة الدولية بأنها &laqascii117o;مجرد أداة دولية أنشئت لإصدار أحكام جاهزة ومعدة مسبقا". وكانت قوى &laqascii117o;14 آذار" تربط بين تلك الأحداث السياسية والأمنية ومنها أحداث السابع من مايو 2008، وبين المحكمة الدولية المرفوضة بالمطلق من الحزب، إلى أن جاء تقرير صحيفة &laqascii117o;دير شبيغل" الألمانية التي نقلت عن مقربين في لجنة التحقيق الدولية &laqascii117o;احتمال تورط عناصر من حزب الله في اغتيال الحريري"، وهو ما استدعى ردا سريعا من السيد حسن نصر الله الذي وصف التقرير بـ&laqascii117o;الخطير". وقد أعقب ذلك استدعاء لجنة التحقيق الدولية لعناصر من الحزب جرى الاستماع إلى إفاداتهم، وذلك استجابة لما أعلنه نصر الله عن موافقته على التعاون من المحكمة ولكن إلى حدود معينة كي لا يتهم أنه يعرقل عمل التحقيق والمحكمة.
ويبدو أنه في مكان ما قرر حزب الله ليس وقف التعامل مع المحكمة الدولية بل التصدي لها ومحاربتها كمشروع إسرائيلي. واتخذ من مسألة توقيف العميل الإسرائيلي في شركة &laqascii117o;ألفا" للهاتف الجوال، شربل قزي، منطلقا للهجوم على المحكمة والنتائج التي توصل إليها التحقيق الدولي، وجاء خطاب السيد نصر الله التصعيدي الأول قبل أسبوعين ليشكل كلمة الفصل في إشهار حرب علنية لا هوادة فيها على محكمة الحريري والتحضير لمواجهتها كمشروع إسرائيلي، رافضا بشكل استباقي كل ما سيصدر عنها.
هذه المواقف التصعيدية تجاه المحكمة وما يصدر من تصريحات عن سياسيين مقربين من حزب الله تتوعد باللجوء إلى 70 سيناريو تكون أقسى من 7 مايو 2008 في حال صدر أي قرار ظني عن المحكمة الدولية، لن توفر هذه المرة حتى الأجهزة الأمنية التي قد تتعاون مع المحكمة وقراراتها، تطرح الكثير من علامات الاستفهام عن أسباب الحكم المسبق على عمل المحكمة ونتائج التحقيق. كما تطرح أسئلة عما إذا كان هؤلاء السياسيون على علم بما سيصدر في القرار الظني، وبالتالي على اللبنانيين أن يتهيأوا لموجة عنف جديدة، ربما يكونون وقودا لها في قضية لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
- 'الأخبار'
تابوهات المحكمة الدولية متى تُكسَر؟
سلمان عبد الحسين(كاتب بحريني):
المتتبّع لملف المحكمة الدولية الخاصّة باغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري منذ نشأتها الملتبسة قانونياً وسياسياً، يجد أنّ القيّمين على هذه المحكمة أشبه بمن سيّجوها وأحاطوها بمجموعة من التابوهات والمحرّمات السياسية، عبر تحديد مسار فرضياتها الاتهامية وتكييفها حسب ظروف كل مرحلة سياسية وما تفرضه من توازنات على الأرض.
في الفترة التي اتُّهمت فيها سوريا باغتيال الرئيس رفيق الحريري، كان المتابعون للشأن السياسي اللبناني، يلحظون صعوبة طرح فرضيات أخرى غير اتهام سوريا باغتيال الحريري، ما يكشف عن حجم التسييج المحكم لهذه الفرضيات وإحاطتها بكامل التركة الثقيلة من العلاقة الأمنية بين لبنان وسوريا أثناء الوجود العسكري السوري في لبنان، واعتباره الأساس لهذه الفرضيات، وخصوصاً بعد منجز خروج الجيش السوري من لبنان وفق أدبيات قوى 14 آذار.
إن جزءاًَ من ثقل هذه التركة وثقل الصدمة التي أنتجت كل هذا التطور الدراماتيكي في العلاقة بين لبنان وسوريا، وصولاً إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان، هو الذي أعطى لفرضية اتهام سوريا باغتيال الحريري دفعاً استثنائياً، كما أعطاها الحماية المطلوبة لتستقر في الذهنية العامة بوصفها الدعامة الأساسية التي ارتكز عليها مشروع قوى 14 آذار، ما جعل هذه القوى تذكي هذه الفرضية وتشعل وقودها بالخطابات النارية. وهذا الإذكاء الحماسي والجارف والجنوني في بعض الأحيان، أسهم في خلق تابوهات غليظة على الفرضيات الأخرى.
الكل سمع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في تلك الفترة يتحدث عن فرضية اغتيال إسرائيل للحريري، ويرى أن عدم وضع هذه الفرضية ضمن الفرضيات القائمة يجعل التحقيق فاقداً الصدقيّة، وغير شفّاف وغير نزيه.
إلا أن الإحاطة الغليظة من جانب قوى 14 آذار بفرضية اتهام سوريا باغتيال الحريري، والزهو بمنجز خروج الجيش السوري من لبنان كمصداق وشاهد ملتبس وتمويهي لهذه الفرضية، جعلا من كلام السيد نصر الله على أهميته وتأسيسه القانوني المتين كلاماً باهتاً يسبح عكس تيار التابوهات المحرمة، لكون ثقل المشهد قد أنجز كامل الصورة الاتهامية، ولم يعطِ مجالاً لأحد في تلك الفترة الملتبسة أمنياً وسياسياً كي يقول بغير فرضية اغتيال سوريا للرئيس الحريري.
إلا أن صمود سوريا أمام هذه الموجة العالية الارتداد، ورفض المقاومة تحديداً لاتهام سوريا باغتيال الحريري حتى مع إغراء التحالف الرباعي في انتخابات عام 2005 المفضي إلى تنزيه المقاومة عن الشراكة في هذا الجرم مقابل تخلّيها عن تحالفها مع سوريا، هذا الصمود أثمر بالتدريج كسراً للإحاطة الغليظة من جانب قوى 14 آذار بفرضية اتهام سوريا للحريري.
لقد جاء انكشاف أمر شهود الزور، ليمثّل فضيحة كبرى للمحكمة الدولية. وجاء انتصار تموز عام 2006 ليفرض توازن قوى جديداً ولجت من خلاله المقاومة إلى الشأن الداخلي اللبناني، وبدأت تمسك شيئاً فشيئاً بخيوط اللعبة، ثم جاءت أحداث 7 أيار عام 2008 لتقلب المشهد بالكامل، وتعطي التقدم للمقاومة في لعبة التوازنات الداخلية حتى مع خسارتها انتخابات عام 2009. ثم جاء الإفراج عن الضباط الأربعة ليسكت فرضية الاتهام لسوريا إلى الأبد.
كما أن عودة العلاقات السورية اللبنانية من خلال التمثيل الدبلوماسي وتفعيل اتفاقيات التعاون بين البلدين، وتوقيعها أخيراً، والعلاقة المستجدة والحميمة بين رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري والرئيس السوري بشار الأسد أنهت كل الإحاطة الغليظة السابقة، وجعلتها من الماضي. وأخيراً، جاء انكشاف شبكات التجسّس لإسرائيل، وصولاً إلى الاشتباه بعميلي الاتصالات شربل ق. وطارق ر. ليلوّن المشهد اللبناني بواقع المؤامرة وحجم التعقيدات والتشابكات والتداخلات فيها، وليعيد إنتاج الفرضيات حتى مع بقاء التابوهات قائمة.
لقد أُسقطت فرضية اتهام سوريا، لكن التابوهات لم تسقط ولم تُكسر بعد، لأنها العصب الذي يشدّ قوى 14 آذار ويعيد استيلاد مشروع جديد لهم من رحم هذه التابوهات. وهذا يفتح المجال لتساؤلات أكثر إلحاحاً وأكثر صدىً وسماعاً من ذي قبل، حتى مع محاولة إنتاج هبّة ثانية من الفرضيات تطاول هذه المرة حزب الله أو كما تروّج قوى 14 آذار &laqascii117o;عناصر غير منضبطة داخله". والسبب: أنّ الظروف الصادمة التي أعقبت اغتيال الرئيس الحريري ليست متوافرة حالياً، وكانت هذه الظروف تمثّل السياج الاتهامي لأيّ طرف تريد اتهامه هذه القوى، فيما الوقت الحالي مليء بالكثير من الخيوط التي كُشفت، والتي هي مثار تساؤل وإدانة بصوت عال، ولا مجال لمحاصرتها أو تطويقها كما كان يجري في السابق.
لقد أعيد الاعتبار مثلاً إلى المنطق القانوني الذي يقول إنّ تأسيس المحكمة غير قانوني وغير دستوري وفقاً للدستور اللبناني، وإنه ينتهك السيادة اللبنانية، انطلاقاً من كون إبرام المعاهدات، التي منها معاهدة إنشاء المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، منوط برئيس الجمهورية لا رئيس الحكومة.
وهذا المنطق القانوني لم يكن ليرفّ جفن حكومة الرئيس الأسبق فؤاد السنيورة له حين قررت المضيّ في إبرام اتفاقية المحكمة الدولية من دون موافقة رئيس الجمهورية السابق إميل لحود، بعدما كانت هذه الاتفاقية سبباً لجعل حكومته حكومة بتراء بانسحاب الوزراء الشيعة منها. لكن هذا المنطق اليوم من دون كلفة انسحاب أي وزير يتداول على أنه جزء من ثُغر تأليف المحكمة الدولية، وسبب للطعن في صدقيتها وشرعيتها، ويأخذ مساحته الموضوعية في التداول والتصديق والتفهم كحد أدنى.
أمّا عن شهود الزور، فقد كانت القفزة كبيرة جداً في تحريك ملفهم، إذ انتقل الحديث عنهم من الإشارة والتلميح إلى استحضارهم إلى قلب الحدث، واعتبار محاكمتهم ومحاكمة من يقف وراءهم نقطة ارتكاز في الوصول إلى حقيقة من اغتال الرئيس رفيق الحريري. وتزامناً مع ذلك، برزت إفاداتهم التفصيلية في الصحف مع تسجيلات صوتية لبعضهم وهم يتّصلون بأقطاب 14 آذار، تعبيراً عن العلاقة الاستثنائية بينهم وبين قوى 14 آذار.
هذا الاستحضار لشهود الزور إلى قلب الحدث لم يكن ليحصل لولا تسريبات القرار الاتهامي التي طاولت حزب الله بالاتهام. فكان رد حزب الله عبر لسان أمينه العام بضرورة محاكمتهم، ومحاكمة من يقف وراءهم للوصول إلى الحقيقة، فيما كانت تجري معركة محاكمتهم على نار هادئة، ويتولاها اللواء جميل السيد من خلال القضايا التي رفعها عليهم أمام القضاءين السوري والفرنسي، وأمام المحكمة الدولية.
وهذا يعني أن أحد التابوهات التي حظيت بحماية استثنائية من قوى 14 آذار، ومن الجهات القريبة والمحيطة من أولياء الدم قد بدأ بالاهتزاز تمهيداً إلى سقوطه مع توالي الحقائق الصادمة في هذا الملف.
غير أن طرح محاكمة شهود الزور بطريقة جادّة، واعتبار ذلك مدخلاً إلزامياً لتصحيح مسار عمل المحكمة الدولية ومعرفة حقيقة من اغتال الرئيس رفيق الحريري، يجعل المتابعين أمام استنتاجين لا ثالث لهما:
الاستنتاج الأول: يرتبط بمنظومة الحماية التي تحمي شهود الزور. فهذه المنظومة بحسب ما يرد من أخبار هي لأسماء مرتبطة من الناحية التنظيمية والسياسية بأولياء الدم، والداعون إلى محاكمتهم يعدّون ذلك مدخلاً لمعرفة حقيقة من اغتال الرئيس رفيق الحريري، فكيف يحمي أولياء الدم شهود الزور ويكون بعضهم متهماً بفبركة إفاداتهم الاتهامية بحق سوريا، ويكونون بعد ذلك طالبين للحقيقة؟
هل تعني هذه الحماية وهذه الفبركة أنّ هناك من داخل القوى السياسية التي تطالب بدم الرئيس الحريري من تورّط في اغتياله وجعل من قضية اغتياله قميص عثمان ليدين بها خصومه السياسيين، وأنّ هذا الأمر مسكوت عنه إلى الآن من جميع القوى السياسية؟ أم أن المسألة لها قطبة مخفيّة ونتيجة غير معلنة إلى الآن في ظل وجود مقدمات تحتمل الكثير من التأويلات؟ فما يعني فعلا أن محاكمة شهود الزور مدخل لمعرفة قتلة الرئيس رفيق الحريري؟
الاستنتاج الثاني: أنّ مسار المحكمة، ومعها شهود الزور، والجهات السياسية الداعمة لهم في لبنان وخارجها، مرتبطة جميعها بأجندة خارجية تريد المسار السياسي في لبنان في هذا الاتجاه، وأن هذه القوى قد تكون على علم بمن قتل الحريري من دون أن يكون من داخل صفوفها. لكن التصريح بالقتلة يقع في دائرة التابوهات والمحرّمات السياسية، وأنّ فبركة الاتهامات التي أدلى بها شهود الزور من بعض المحسوبين على فريق 14 آذار في الاتجاه المعاكس للحقيقة مرتبطة بإرادة دولية وإقليمية لا قِبَل لهولاء على مواجهتها أو الوقوف في وجهها، لأنها تلغي أساس مشروع قوى 14 آذار على يد من صدّره إلى الساحة اللبنانية.
ومن هنا يمكن معرفة سبب تنكّر هؤلاء لكل ما يكشف من حقائق في قضية اغتيال الحريري، ابتداءً بشهود الزور، ورفض محاكمتهم والجهات اللبنانية الراعية والممولة لهم من جانب المحكمة الدولية بدعوى عدم الاختصاص، وصولاً إلى انكشاف شبكات التجسس الإسرائيلية المرتبطة بقطاع الاتصالات، ودورها في نسف الأدلّة التي تبني عليها المحكمة الدولية قرارها الاتهامي بحق حزب الله، في ظل المعلومات التي تؤكد أن إسرائيل باتت تسيطر على قطاع الاتصالات بالكامل، فضلاً عن التسريبات التي ترد من المحكمة الدولية عن مضمون القرار الاتهامي، وتتداولها وسائل الإعلام، وكيان العدو الصهيوني، الذي دخل على خط هذه التسريبات بقوة، إضافةً إلى الأوساط الإعلامية والسياسية في الداخل اللبناني.
كل هذه المعطيات لم تحرف أجندة المتشبّثين بحبال المحكمة الدولية إلى إنتاج فرضيات اتهامية أخرى غير اتهام سوريا سابقاً وحزب اللّه حالياً، لا لعدم موضوعية ما يساق من أدلة مضادة، بل للثمن المطلوب دفعه في حال تبنّي فرضيات موضوعية تتساوق مع المعطيات المستجدة التي تتوالى بالظهور مع وصول الملف الأمني في لبنان إلى ما يشبه المشهد المفزع والمستنفر بكل معنى الكلمة.
فالمعطيات الموضوعية لا قيمة لها هنا، وهذا جزء من سلبيات العمل الحزبي القائم على الأجندة والقناعات المسبّقة، والمشروعات السياسية القائمة على التضاد، وحتى لو أتت الحقيقة ناصعة واضحة بهيّة لا لبس فيها، ولو جاءت مئات القرائن لتؤكد عكس الفرضيات الحالية، فما لم تجرِ زعزعة أركان المشروع عملياً وعلى الأرض، فإن القناعات المسبّقة ستبقى مسنودة ببقاء المشروع المضاد فاعلاً على الأرض، وهنا تقع المشكلة.
تبقى مسألة إسقاط التابو الأكبر المرتبط بإيجاد حيز موضوعي وقانوني وسياسي لفرضية اغتيال الرئيس الحريري من جانب إسرائيل، وإعطائها المساحة المطلوبة للتحرك في فضاء الفرضيات الأخرى.
وفي هذا المجال: انتقل هذا التابو من مرحلة الحجْر المطلق على تداوله، كما كان مع بدايات الصدمة باغتيال الحريري ومصاديقها الحسيّة المرتبطة بخروج الجيش السوري من لبنان، وما تبعها من سنوات الاتهام والعداء لسوريا، إلى مرحلة البوح به علناً وبصوت عال، ومن طرف واحد، وهو الطرف المراد اتهامه حالياً باغتيال الرئيس الحريري، ألا وهو حزب الله، من دون أن يعطى إلى الآن الحيز الموضوعي لتقبّله كفرضية قائمة من فريق 14 آذار والجهة الضيقة اللصيقة بأولياء الدم!
غير أن مساحة السماع والتقبّل على مستوى الرأي العام غير المضغوط بصدمة اللحظات الأولى للاغتيال، وخصوصاً بعد تجربته المرّة مع وقائع الاتهام السياسي الذي حصل لسوريا، والذي حاكمه السيد نصر الله في مؤتمره الصحافي الأول، ودعا قوى 14 آذار على أساسه إلى المراجعة النقدية لمواقفهم الاتهامية، هذه المساحة أخذت تتسع اتساعاً كبيراً تمهيداً لإسقاط بقية المحرمات في الفرضيات الاتهامية.
ويعدّ اختيار نصر الله لمحاكمة موقف قوى 14 آذار من اتهام سوريا باغتيال الحريري قاعدة تأسيسية صلبة وموفّقة وذكية في الوقت نفسه لرفض اتهام حزب الله من الفريق ذاته، وإثبات براءته بطريقة واقعية، كما أنه يؤسس لإنتاج الفرضيات المضادة، ومنها فرضية اغتيال إسرائيل للرئيس رفيق الحريري بطريقة أكثر تقبّلاً.
فالسلوك السياسي المحض لقوى 14 آذار في ممارساتهم الاتهامية، أفقدهم الصدقية اللازمة للمضيّ في مشاريعهم الاتهامية إلى الأمام، وتوافر المعطيات المستجدة حاصرهم أكثر فأكثر، وربما أدخل بعضهم في دائرة الاتهام بدلاً من اتهامهم للآخرين.
فقد كان رد الأمين العام لحزب الله في مؤتمره الصحافي الأول على مسألة عدم اعترافه بصدقية المحكمة الدولية، لكونها ترفض وضع إسرائيل ذات المصلحة والدافع والقدرة على تنفيذ جريمة اغتيال الحريري ضمن الفرضيات المحتملة، كان هذا الرد كأنه يُسمع لأول مرة، وكان استشهاده القانوني كأنه بكر لحظته، لم يشنف سمع أي قاض قبل ذلك. والسبب هو حيز التقبل الذي فرضته مستجدات المشهد اللبناني من واقع شهود الزور ومن يقف وراءهم، والدعوة إلى محاكمتهم، إلى طبيعة الدور الذي كان يؤديه عملاء الاتصالات لمصلحة إسرائيل، بعد انزياح ثقل الجريمة ومفاعيلها التعبوية والضاغطة عن فضاء الفرضيات، وتغيّر توزانات المشهد السياسي الداخلي.
وقبل كسر السيد نصر الله للتابو في 3 آب الجاري في إطلالته لمناسبة عيد الانتصار الرابع باتهامه المباشر لإسرائيل باغتيال الحريري، وحديثه عن معطيات مقرونة بالأدلة سيكشف عنها في مؤتمره الصحافي يوم الاثنين 9 آب، فإنّ أيّ متتبّع حصيف لتفاصيل المشهد اللبناني، يدرك أن في جعبة حزب الله الكثير من المعطيات عن اغتيال الحريري وفرضيات الاغتيال، وخصوصاً بعد إطلالة السيد نصر الله في عيد الجريح المقاوم، وسؤاله فرع المعلومات إن كان يملك معلومات عن عمالة شربل ق. قبل إلقاء استخبارات الجيش القبض عليه، وصولاً إلى حديثه عن العملاء الكبار الذين يقفون خلف عمالة الصغار، واعتباره ملف الاتصالات بمثابة حجر الزاوية الذي أُسقط للقرار الاتهامي المفترض ضد حزب الله.
ولولا الفرملة التي مارسها السيد نصر الله على برنامج خطاباته وإطلالاته الإعلامية المعدّة سلفاً بشأن القرار الاتهامي بانتظار المبادرات الداخلية والخارجية، والتي حرمت المتتبّع السياسي نهم معرفة التفاصيل الصادمة للفرضيات المضادة في قضية اغتيال الحريري، لولا هذه الفرملة الملحوظة والمرصودة والمعروفة على مستوى ما تريده من أهداف وما تنتجه من آليات ضغط، وما تحتفظ به من أوراق سياسية، لكان المشهد مفزعاً وأكبر في إفزاعه من مشهد الانكشاف الأمني الحالي.
تبقى مسألة أخيرة ذات أهمية كبيرة، وهي مسألة السيناريوهات المتوقعة لمسار القرار الاتهامي ومسار الأحداث السياسية والأمنية في لبنان بعد القمة الثلاثية التي حصلت في بيروت في 30 تموز بين الملك السعودي والرئيسين السوري واللبناني، في ظل الدعوة إلى إلغاء القرار الاتهامي، لا إلى تأجيله، ورفض حزب الله لأيّ لقاءات أو تفاهمات قائمة على أساس التأجيل. وهنا لا بد من تقرير نقطتين تأسيسيّتين يمكن أن ترصدا مسار السيناريوهات المتوقعة:
النقطة الأولى: أنّ طبيعة العلاقة السورية السعودية لا ترقى حتّى الآن إلى التحالف السياسي أو التفاهمات الشاملة على قضايا المنطقة، بل هي علاقة قائمة على التقاطع والتفاهم الموضعي في لبنان، نتيجة حجم نفوذ كل منهما في المشهد اللبناني، وهذا التفاهم الموضعي قد يتضرر ويوصل الأمور من جديد إلى النقطة الصفر، متى تغيّر المشهد الإقليمي وتغيّرت معه موازين القوى السياسية.
فالسعودية ما زالت أقرب إلى ما تصطلح عليه دول الاعتدال، وهي غير متوافقة مع سوريا في المشهد العراقي، ولا المشهد الفلسطيني، لأنها أقرب ما تكون إلى مصر منها إلى سوريا في هذين الملفّين.
أما سوريا، فلها تحالفاتها الاستراتيجية التي لن تضحي بها نتيجة هذا التفاهم الموضعي والهش، كما أنها لن تخضع للضغوط السعودية بفك تحالفها مع إيران تحديداً، في ظل قراءتها لهشاشة الوضع العربي وتصدعه وعدم القدرة على البناء عليه، في مقابل تماسك جبهة قوى الممانعة في المنطقة، وتحقيقها انتصارات استراتيجية ذات أهمية بالغة في تحديد مسار المنطقة ومستقبلها.
هذا التناقض في الخيارات بين السِيْنَيْنِ الراعيَين للملف اللبناني، يمكن أن يغير مسار التحالفات والتموضعات السياسية في أي لحظة، وخصوصاً في الجهات الأكثر رعاية من جانب الطرفين، ما يجعل المشهد اللبناني قابلاً للإرباك والتأزم وحتى التفجّر في أي لحظة، وخصوصاً في الملفات ذات الاشتغال الحالي إذا لم تستطع هذه الجهات الراعية إقناع الجهات الدولية الممسكة حالياً بملف المحكمة الدولية بطبيعة التسوية التي يمكن أن تصدر عن هذين الراعيين.
إلا أن هناك فهماً يجعل المسألة تتعدى الحديث عن خريطة التحالفات في العلاقة بين السعودية وسوريا في ما يخص لبنان، وهو طبيعة المصالح الموجودة لدى كل من الطرفين في الداخل، ونوعية علاقة كل طرف بالجهة التي يرعاها، ما يجعل الأمر مرشّحاً لإنتاج تفاهم طويل الأمد بعيداً عن طبيعة التحالفات الإقليمية والخيارات السياسية للطرفين حتى مع تغير الظروف الإقليمية وانقلاب موازين القوى لمصلحة هذه الجهة أو تلك. وهذا الأمر مرهون تحديداً بالمدى الذي وصلت إليه العلاقة بين الطرفين، وبتعمق الخصوصية اللبنانية في أجندة الطرفين، بناءً على كون لبنان ساحة نفوذ حقيقية ذات طابع تاريخي ناجز لكليهما، بخلاف بقية الساحات التي تتفاوت فيها مساحات النفوذ، وتظل رهن التجريب والاختبار.
النقطة الثانية: صعوبة الحلول المطروحة التي تدعو إلى إلغاء القرار الاتهامي بحق حزب الله، وترتبط هذه الصعوبة بمجموعة مستويات:
المستوى الأول: أن يكون إلغاء القرار الاتهامي بحق حزب الله مقدمة لإلغاء المحكمة الدولية، لكون إلغاء القرار الاتهامي يفتح المجال أمام الفرضيات الاتهامية الأخرى، ومنها فرضية اغتيال إسرائيل للرئيس الحريري، وهو ما سترفضه القوى الكبرى الداعمة لهذه المحكمة، ما سيدفعها إلى تعطيل مفاعيل هذه المحكمة وصولاً إلى إنهائها إما فعلياً أو عملياً.
والنتيجة أن أولياء الدم في لبنان الذين راهنوا على هذه المحكمة في كشف حقيقة من اغتال الرئيس رفيق الحريري سيرفضون إلغاءها، ما سيفتح المجال ربما ليمضوا في قرار الذهاب مع المحكمة حتى آخر الشوط، من دون الالتفات إلى انحراف مسار عملها. ذلك أنّ إنهاءها سيمثّل فضيحة سياسية كبيرة لكل من دعمها، وكان رافعة لها طوال السنوات الخمس الماضية، كما أنه سينهي معالم المشروع الذي قامت عليه قوى 14 آذار وكل الجهات الدولية والإقليمية الداعمة لها.
المستوى الثاني: أن تكون الجهات الراعية للحل في لبنان، وتحديداً السعودية، التي كانت راعية وممولة للمحكمة الدولية، غير قادرة فعلاً على إلغاء القرار الاتهامي الذي يتّهم حزب اللّه باغتيال الحريري، وأن تكون القوى الكبرى فعلاً هي الممسكة بالمحكمة الدولية، وأنها قررت استخدامها كسلاح تصفية للمقاومة وسلاحها، وأن تذهب بهذا الاتجاه إلى البعيد، حينها ستكون السيناريوهات مفتوحة على الأسوأ واللامتوقع.
المستوى الثالث: أن ترفض قوى 14 آذار إلغاء القرار الاتهامي من داخل مجلس الوزراء بإصدار قرار يقضي برفضه لكونه قراراً مسيساً، وأن يجري التشبّث بالمقولات السابقة من كون المحكمة الدولية مستقلة، ويجب ألا تخضع للسجال الداخلي اللبناني، فتكون الحكومة مهددة بالانهيار والعودة من جديد إلى مرحلة الفرز السابقة، بالحديث عن الحكومة البتراء في ظل اتساع رقعة المستقيلين هذه المرة، ووصولهم ربما إلى المناصفة.
في ضوء ما تقدم، يمكن طرح السيناريوهات التالية لمسار عمل المحكمة، وإمكان إصدار قرار اتهامي يتهم حزب الله باغتيال الحريري من عدمه:
السيناريو الأول: أن ينجح حزب الله من خلال حركته الاستباقية بالتصدي لمضمون القرار الاتهامي، الذي يتهمه باغتيال الحريري، ويخلق حالة إجماع أو شبه إجماع داخل الحكومة اللبنانية متزامنة مع جهود سوريا والسعودية لإيجاد المخارج، بأن يجعل الجهة التي تمثّل أولياء الدم مؤيدة لفرضيته التي يتهم من خلالها إسرائيل باغتيال الحريري، حسب الوقائع التي سيعرضها الأمين العام لحزب الله في مؤتمره الثاني. وأن يترتب على هذا الإجماع رفض رسمي لأي قرار اتهاميّ يتهم حزب الله باغتيال الحريري، في مقابل تبني فرضية اغتيال إسرائيل للرئيس الحريري، وإدراج الحكومة ملف هذه الفرضية ضمن ملفات المحكمة الدولية لتبني عليها تحقيقات جدية، ومن ثم سحب القضاة اللبنانيين من المحكمة الدولية في حال صدور هذا القرار متهماً حزب الله، وعدم استجابتها للتحقيق في الفرضيات الأخرى، مع إعلان الحكومة عدم تعاونها مع المحكمة الدولية في مفرزات قرارها الاتهامي ومتطلّباته القضائية والقانونية.
وهذا السيناريو هو الأمثل، ويرتبط بالدرجة الأولى بإمكان السيد نصر الله، من خلال ما سيعرضه من وقائع تدين إسرائيل باغتيال الحريري في مؤتمره الصحافي، كسر ما بقي من تابوهات ومحرمات سياسية تفضي إلى اقتناع وتغيّر في توجهات محيط أولياء الدم تحديداً، وقبول الجهة الراعية لهذا المحيط دفع كلفة معاكسة للتوجه الدولي حفاظاً على التركيبة اللبنانية التي كانوا طرفاً في تحديد أطرها القانونية والدستورية والميثاقية والسياسية، وطرفاً في صياغة هويّتها التعددية. فهل ينتصر المنجز التاريخي في هذه المعركة، أم تنتصر التوزانات الدولية الضاغطة على المشهد الإقليمي بقوة؟
السيناريو الثاني: ويقضي برفض اتهام إسرائيل باغتيال الرئيس الحريري نتيجة للضغط الدولي الذي يريد بقاء هذا التابو قائماً. وفي المقابل، رفض اتهام حزب الله عبر القرار الاتهامي باغتياله أيضاً، في ظل بحث القوى الراعية للبنان عن وسائل لحفظ الاستقرار فيه. غير أن هذا السيناريو سيصطدم بالدرجة الأولى بنفاد بنك الفرضيات الاتهامية تلقائياً، ما سيفضي حكماً إلى انتهاء مفاعيل المحكمة الدولية، وإغلاق أبوابها، وتقييد التهمة ضد مجهول. فهل سيروق هذا المشهد من راهن على المحكمة من