ـ صحيفة 'الأخبار'
أيغامر حزب الله بالشيعة؟
حسان الزين:
حزب الله كمقاومة وكتيار سياسي وعقائدي يتقاطع مع المشروع الإيراني ويستفيد منه ويدافع عنه. هذا أكيد لا يخفيه عاقل. حاله من حال التعبيرات السياسيّة والمذهبيّة والإيديولوجيّة التي جرى تبادل تلقيح بينها وبين جهة خارجيّة، هنا، على الأراضي اللبنانية. مثل رفيق الحريري مع السعوديّة، والقوات اللبنانيّة مع إسرائيل... في لحظة ما. الفارق بينه وبين كثيرين أنه حزب، مثل القوات اللبنانية قبل تفكيكها في عام 1993، وليس زعامة تقليدية أو شخصية وجدت لنفسها راعياً أو موجِّهاً.
وكونه حزباً ذا تنظيم مؤسّسي وحديدي وعقائدي، وفي لحظة إقليمية تشهد صعوداً لحليفه الأوّل، إيران، وتشهد صراعاً عربيّاً إسرائيليّاً لسوريا دور محوري فيه ويتوافق مع عقيدته وظروفه وإمكاناته، استطاع هذا الحزب تنمية قدراته وتوسعة وجوده وتمتينه، والقيام بمهمّة مثلّثة الأبعاد، أو أكثر: مقاومة الاحتلال (في لبنان وفلسطين)، حماية &laqascii117o;الوجود" السوري في لبنان وإعادة إنتاجه بعد خروج الجيش السوري في عام 2005، والامتداد الإيراني.
رغم هذا، لا ينسى أحد، ولا سيما حزب الله نفسه، أنه حزب ذو هوية مذهبية. صحيح أن مذهبه منتشر في العديد من الدول العربية والإسلامية، إلا أنه أقليّة. وهذا معطى جوهري يتحرك حزب الله، وإيران أيضاً، من خلاله، ولا يغيب عن الذهن للحظة.
يختلف المشروع الإيراني عن المشروع السعودي في المنطقة. ولهذا الاختلاف امتداد لبناني وفي الصراع الإسرائيلي العربي عموماً. لكن تبقى &laqascii117o;الفتنة" السنية الشيعية أمراً ليس هيّناً بالنسبة إلى إيران وحزب الله... أولاً لانعكاساتها على الشيعة حيث يوجدون. وإيران وحزب الله، مهما قيل إنهما جشعان ومغامران، يريدان أن يربحا لا أن يخسرا. واستراتيجيتهما قائمة على أن يكون المسلمون عموماً معهما، لا ضدّهما. هذا ليس تصديقاً ساذجاً لخطاب... هذه براغماتية. وإلّا كيف يمكن تفسير حماسة حزب الله وأمينه العام لنفي تهمة اغتيال رفيق الحريري؟ وكيف يُفسّر قول حسن نصر الله إن مخيّم نهر البارد خطٌّ أحمر؟ وكيف يمكن حزب الله أن يعمل مع الفلسطينيين ومع آخرين من الأكثرية الإسلامية؟
هذه أسئلة وغيرها مشروعة، منطقيّة، تطرح نفسها في ظل القرار الاتهامي المنتظر.
وبعد، إذا كان حزب الله قد سارع على هذا النحو الحماسي إلى رفض القرار الاتهامي، انطلاقاً من إدراكه آثار ذلك على نفسه وعلى إيران والشيعة عموماً، اجتماعياً وسياسياً، فهل من السهل عليه إقدامه على الفعل؟
أيغامر حزب الله بالشيعة؟
لا أحسب ذلك، وإلّا يكون الإقدام على الفعل، الاغتيال، انتحاراً، ولا سيّما أنّ حزب الله يدرك &laqascii117o;النتائج"، بل إنّ اغتيال الحريري هو للنتائج، هدفه النتائج، وليس القتل لمجرّد القتل.
هنا، لا بدَّ من الوقوف عند الشخص المُغتال وعلاقته بحزب الله. لا وجود لشخص أفضل من رفيق الحريري للمبادرة ولصوغ حلول تناسب حزب الله وتناسب الآخرين. يعرف حزب الله ذلك، ويدرك ذلك الآخرون، بما في ذلك المخطّطون. ورفيق الحريري هو الأكثر استعداداً وإمكانيّة لتأمين آليات تنفيذ القرار الدولي 1559، كما فعل مع اتفاق الطائف واتفاق نيسان 1996 أيضاً.
ربَّ قائل هنا، إن الزمن، زمن الاغتيال، لم يكن وقت التسويات ورفيق الحريري. ربما. لكن هذا يُفضي إلى توجيه إصبع الاتهام إلى الأطراف كافةً، من أميركا جورج دبليو بوش إلى إسرائيل، إلى إيران، إلى حزب الله، إلى السعودية، إلى القاعدة...
يعيدنا هذا الكلام إلى نقطة الصفر في البحث عن الحقيقة؟ لِمَ لا! فالفريق المحلي والإقليمي والدولي المؤيد للمحكمة فعل ذلك حين &laqascii117o;طوى" صفحة الاتهام السياسي إلى سوريا. ورأس التحقيق الدولي القاضي دانيال بلمار نفسه، أوّل من أمس فقط انتبه إلى أن عليه وعلى محكمته ضمّ ما أدلى به الأمين العام لحزب الله إلى ملفات التحقيق والمحكمة. المهم أن نكون في نقطة الصفر، لا دون.
ـ صحيفة 'السفير'
&laqascii117o;العونيون" والسلاح: رأس الهرم يتقدّم على &laqascii117o;تياره" في الدفاع عن &laqascii117o;المقاومة"
ملاك عقيل:
في الرابع من تموز 2008، وقف &laqascii117o;الجنرال" ميشال عون أمام المشاركين في حفل إطلاق &laqascii117o;اللقاء الوطني المسيحي"، وكان يضم آنذاك كل مكونات المعارضة المسيحية، عارضاً أمامهم &laqascii117o;ثوابت المرحلة".
كان &laqascii117o;الجنرال" واضحا في رسم الخطوط الرفيعة بين حقبتين ميّزتا مسيرة نضاله السياسية. وبلا مواربة، أكد أنه لا يحق للولايات المتحدة الأميركية ان تهدّد وجود المسيحيين في الشرق وفي لبنان &laqascii117o;مهما كانت قوتها". رأى أن التفاهم مع المقاومة في لبنان جاء نتيجة السياسات الأميركية والدولية في منطقة الشرق الأوسط &laqascii117o;فعلينا ان نتحدّ للمواجهة، إذ لا يمكن لجسم متدرّن أن يتماسك لأن الدرن علامة السرطان".
وبلغة مبسّطة شرح ميشال عون لأعضاء اللقاء، أسباب انتقاله من معسكر الى آخر: في مقابل استضعاف لبنان وتجاهل حقه بأرضه، كان لا بد من تعزيز مقاومته، كي لا يدفع ثمن ضعفه المرغوب فيه من الخارج، ومن بعض الداخل تسهيلاً لتمرير الصفقات المريبة. من هذا المنطلق كان تفهّمنا للمقاومة، وتفاهمنا معها ثانياً، ودعمنا لها أثناء &laqascii117o;حرب تموز".
استمع المعارِضون المسيحيون لـ&laqascii117o;الرؤية العونية"، وتفهّموها، ذلك أن بينهم من سبقه إلى تبنيها منذ سنوات طويلة وبعضهم يقف إلى جانبه أو خلفه لكن بمسافة غير بعيدة. كان مضى على ولادة مذكرة التفاهم بين &laqascii117o;التيار الوطني الحر" و&laqascii117o;حزب الله" أكثر من سنتين ونصف سنة، و&laqascii117o;حرب تموز" كانت أطفأت شمعتها الثانية، وأحداث السابع من أيار لم يمض عليها أكثر من شهرين.
بدا في تلك المرحلة أن المهمة الأساسية لـ&laqascii117o;اللقاء الوطني المسيحي"، هي تأمين التغطية السياسية لمشروعية الإستدارة العونية، في نقل المجتمع المسيحي من ضفة تاريخية إلى ضفة أخرى. من مجتمع مناهض لفكرة امتلاك &laqascii117o;حزب الله" أو غيره للسلاح بغض النظر عن الهدف، وخاصة ضد اسرائيل، الى مجتمع &laqascii117o;مؤمن" ببقاء السلاح... حتى تحرير آخر شبر من الأرض.
بالفعل، لم يكتب العمر السياسي الطويل، لـ&laqascii117o;لقاء" انطفأ بسرعة البرق، تاركاً لـ&laqascii117o;الجنرال" وحده مهمة إدارة &laqascii117o;معركة" الدفاع عن السلاح: أمام جمهوره أولاً، وخصومه ثانياً، في مواجهة ماكينة دولية وعربية، معززة بالسياسة والمال والاعلام.
لم يتأخر &laqascii117o;حزب الله" في رد التحية علناً لعون. في يوم إحياء &laqascii117o;عيد المقاومة والتحرير" في أيار 2009 في ملعب الراية في الضاحية الجنوبية، قدّم السيد حسن نصرالله شهادة غير مسبوقة بالسلوك السياسي لـ&laqascii117o;الجنرال" قائلاً &laqascii117o;لدى العماد عون رؤية واضحة ومشروع وبرنامج، هو رجل مستقل ولا تأثير للسفارات عليه، إنه رجل لا يستطيع أحد أن يملي عليه شيئاً، لا يظهر شيئاً ويضمر شيئاً أخر".
كانت مناسبة لردّ الجميل للحليف المسيحي، الذي لم يجد صعوبة حقيقية في تأمين مستلزمات مواكبة القاعدة العونية لخطابه &laqascii117o;المتقدّم" حيال المقاومة، منذ شباط 2006 تاريخ توقيع مذكرة &laqascii117o;مار مخايل". لكن محطة &laqascii117o;التحرير" يومها كانت أيضاً مناسبة، لـ&laqascii117o;توضيح" ما سبق لنصرالله، ان أعلنه حول اعتبار 7 أيار &laqascii117o;يوماً مجيداً". قال السيّد &laqascii117o;أنا أقبل بملاحظة الأخوان، وأقول كان يوماً حزيناً". هي من المرات النادرة التي يضطر فيها أمين عام &laqascii117o;حزب الله" شخصياً لاستدراك، ما يمكن ان يؤثر سلباً على الشارع المسيحي و&laqascii117o;ما بعده"، نتيجة استخدامه لمصطلحات من &laqascii117o;قاموسه" الخاص.
&laqascii117o;هفوة" الحزب، سبقها وتلاها، مواقف كانت تفسّر في الكواليس العونية، باختلاف درجاتها، بـ&laqascii117o;الإحراج الذي يضرّ ولا يفيد". لكن رأس الهرم العوني، كان دائم الاستنفار للتصدي بصدره لـ &laqascii117o;النيران الصديقة". هو الذي دفعته نتائج انتخابات السابع من حزيران الى الإقرار بأن مذكرة التفاهم مع &laqascii117o;حزب الله" لم تصل بشكل جيد &laqascii117o;حيث عارضها البعض من دون قراءتها، والبعض الآخر أعطاها أبعاداً ليست في مضمونها".
لا خلاف على الاستراتيجيات في &laqascii117o;التيار الوطني الحر"، لكن الراصد لمواقف &laqascii117o;الجنرال" منذ توقيع مذكرة التفاهم في السادس من شباط 2006، يلحظ ثباتاً في &laqascii117o;نبرة" الدفاع عن المقاومة وسلاحها، فيما يرى كثيرون ان الهرمية العونية، على درجاتها، صف أول (وزراء ونواب)، وقيادات، وكوادر، ومسؤولو نقابات وطلاب... امتصت &laqascii117o;قناعات" الرابية بدرجات متفاوتة.
القاسم المشترك بين القاعدة ورأس الهرم، هو عدم وجود خلاف على &laqascii117o;الاستراتيجيات"، لكن عند الحديث في التفاصيل تتنوع المقاربات، بين صف أول وثان وثالث... القناعة &laqascii117o;البرتقالية" بضرورة بقاء السلاح موجودة، لكن حجج الإقناع تجاه الطرف الآخر، تختلف... بحسب المتوافر من &laqascii117o;الداتا" الصادرة عن الرابية والأهم بحسب القناعة وليس &laqascii117o;التلقين".
بعد توقيع مذكرة التفاهم مع &laqascii117o;حزب الله" عقدت مئات الندوات في المناطق، كان الهدف منها شرح فحوى هذا التلاقي بين الفريق المسيحي الأكثري والطائفة الشيعية، وتهديم &laqascii117o;الجدار الفاصل" بما يحمله من موروثات الخوف من الآخر... ومن &laqascii117o;سلاحه". لكن ذلك اقتصر فقط على الأشهر الأولى لتوقيع المذكرة.
العماد عون نفسه، والطبقة السياسية &laqascii117o;البرتقالية"، لم يوفّروا فرصة لتبسيط &laqascii117o;الرسالة" وإزالة حواجز الماضي بين الشارعين. لكن داخل &laqascii117o;التيار الوطني الحر" نفسه، لم تخصّص حلقات حوارية لمسؤولي النقابات والطلاب والجامعات، تُبقي هؤلاء في صورة التطورات السياسية، لمسار التحالف بين الفريقين &laqascii117o;البرتقالي" و&laqascii117o;الأصفر".
في مكان ما، بدا &laqascii117o;الجنرال" متقدماً بأشواط عن &laqascii117o;تياره". في الأسابيع التي سبقت الانتخابات البلدية صدرت مواقف لافتة للانتباه عن &laqascii117o;الجنرال" لم يحد فيها عن &laqascii117o;الخط المقاوم"، لا بل بنظر بعض العونيين، بدا &laqascii117o;ملكياً اكثر من الملك". أكد عون &laqascii117o;أننا أكثر تمسكاً بسلاح المقاومة... الوضع أصبح أشد خطراً، ولا نستطيع أن نهدئ اسرائيل لا جواً ولا براً".
في محطة أخرى، دعا من يثير مسألة السلاح الى &laqascii117o;ان ينستر"، قائلاً &laqascii117o;لا أريد أن اسمع أحداً يتكلّم عن المقاومة". بدت الرابية غير معنية بتأجيج خطاب حسّاس، من منبر مسيحي، قد لا يخدمها كثيراً في الاستحقاق البلدي الداهم حيث حسابات الربح والخسارة تفصّل على قياس &laqascii117o;مختار".
وبعد عودته من زيارته الأخيرة الى العاصمة السورية، ذكّر &laqascii117o;الجنرال المقاوم" من يعنيه الأمر &laqascii117o;بأن سلاح &laqascii117o;حزب الله" لا يزعج الشعب، وكل من يتكلم ضد المقاومة وسلاحها أنا ضده...".
على المستوى النيابي والوزاري في &laqascii117o;التيار الوطني الحر"، وبعض الكوادر والقيادات، تلمس انعكاساً أميناً للعناوين العريضة في مسألة الدفاع عن السلاح، لكن الأمر لا يصل الى حد الـ copy paste، فلا أحد منهم، من دون استثناء، يتحدث بالحدّة نفسها. لكن قلّة من هؤلاء، تعيش يومياً تفاصيل &laqascii117o;الداتا" التي تتجمع في الرابية، التي تدفع &laqascii117o;الجنرال" الى الذهاب بعيداً في مناصرة حليفة الشيعي، من دون الأخذ بالاعتبار تأثير ذلك على شعبية &laqascii117o;التيار" في المناطق المسيحية، وحتى القفز فوق تساؤلات عناصر من &laqascii117o;تياره" حول أسباب الاندفاعة الحماسية باتجاه الضاحية.
تحولات ملموسة
نبض الأرض لدى مسيحيي المعارضة، يبدي تجاوباً تلقائياً مع الشعارات التي يرفعها &laqascii117o;الجنرال". الحماسة العاطفية ـ الغرائزية تغلب أحياناً كثيرة المنطق السياسي، لكن النتيجة هي نفسها. هؤلاء يساندون &laqascii117o;جنرالهم" مهما بلغ سقف الرابية، فالتحولات على الأرض ملموسة ولا تحتاج الى مترجم. قناة &laqascii117o;المنار" تنقل &laqascii117o;القداديس"، ونواب &laqascii117o;حزب الله" يدخلون الكنائس، و&laqascii117o;حزب الله" يحرص على إزالة المخاوف من &laqascii117o;ولاية الفقيه"، والطرف الذي يملك السلاح يدافع عن قناعة عن حقوق المسيحيين ولا &laqascii117o;يزعّل الجنرال". والانتصار الأكبر، برأي المعارضة المسيحية، هو &laqascii117o;لبننة" الحزب.... أما من عارض &laqascii117o;جنرال الرابية"، فسجّل موقفه في انتخابات النقابات والجامعات وانتخابات حزيران النيابية وأيار البلدية...
داخل &laqascii117o;مؤسسة التيار" الرسمية، لا يختلف الأمر كثيراً، مع تسجيل ملاحظات يتداولها أصحاب الشأن. فبعد أربع سنوات على &laqascii117o;تفاهم مار مخايل"، يدافع الطالب والجامعي والنقابي العوني ومسؤولو المناطق عن &laqascii117o;حزب الله" بالحماسة نفسها، التي يدافعون فيها عن &laqascii117o;تيارهم البرتقالي". ويستسهلون تبسيط الأمور الى حدها الأدنى &laqascii117o;تحالفنا مع &laqascii117o;حزب الله"، أعاد حقوق المسيحيين... وهل يريد خصومنا العكس؟ أما صواريخ الحزب فوحدها القادرة على تأمين قوة الردع بوجه اسرائيل، لا القرارات الدولية".
مع ذلك، وفي مكان ما يفقد العوني القدرة على &laqascii117o;الردع" بوجه خصومه، تضعف حجة الإقناع لديه، وبدلاً من ان يتخذ موقع الهجوم، يصبح في دائرة الدفاع عن النفس، وغالباً ما ينحشر في زاوية يضطر فيها الى &laqascii117o;تبرير" وقوف &laqascii117o;التيار الوطني الحر" الى جانب المقاومة وسلاحها. ثمة في &laqascii117o;التيار" من يعترف بوجود أخطاء، ومن قبل الجانبين، أي الرابية و&laqascii117o;حزب الله".
مآخذ على &laqascii117o;حزب الله"... وعون
يرى عونيون &laqascii117o;ملتزمون" في &laqascii117o;التيار" ان &laqascii117o;الجنرال" يذهب أحياناً كثيرة بعيداً في دعم &laqascii117o;حزب الله"، وتسليفه مواقف وطنية لا تصرف &laqascii117o;بالقيمة" نفسها على المستوى المسيحي، مع إقرار هؤلاء بأن التحالف السياسي مع الطائفة الشيعية، حصّل الكثير من حقوق المسيحيين، مقارنة بعهد الطائف. ويعترف أحد المسؤولين العونيين بأن &laqascii117o;القاعدة العونية متفهّمة بشكل كبير للتحالف القائم مع &laqascii117o;حزب الله"، لكن ذلك لا يلغي طرح بعض الاشكاليات التي تشكّل إحراجاً في كثير من الأحيان للشارع العوني، وتجعله في موقع دفاعي أضعف: في تظاهرات &laqascii117o;حزب الله" ما زلنا نسمع هتافات &laqascii117o;الموت لأمريكا"، نحن لا نستطيع ان نلتزم بهذا السقف من الشعارات ولا الدفاع عنه، خصوصاً أنه يوحي بعدائية تجاه الشعب الأميركي. نسمع أيضاً بدعوات &laqascii117o;إزالة اسرائيل من الوجود"، في قاموسنا يعني ذلك ترجمة فورية لحرب طويلة الأمد، تنقّز المسيحي وتعزّز ميله نحو الهجرة الى الخارج. يتحدث خصومنا بشكل دائم عن المناصفة، فيما لا نسمع هذه الكلمة على لسان أحد من مسؤولي &laqascii117o;حزب الله". في الانتخابات النيابية الأخيرة، سايرت الضاحية نبيه بري وسعد الحريري في بعض الأماكن على حساب الحقوق العونية"
يضيف المسؤول &laqascii117o;جوهر المسألة ليس الخوف من سلاح &laqascii117o;حزب الله"، بمعنى فقدان القدرة لدى العونيين في الدفاع عنه، إنما هي الـ mode de vie أو &laqascii117o;أسلوب العيش". نُواجه دوماً بفزاعة فرض نمط معين من العيش علينا كمسيحيين، مغاير لعاداتنا ويومياتنا، وهذا الكلام نسمعه من أهل البيت. لكن من الواضح أنه كلّما اقتربنا من القواعد الشعبية لـ&laqascii117o;حزب الله" كلّما كبرت دائرة التواصل الايجابي. نحن نعرف أنهم صادقون معنا، لكن المشكلة ان شخص العماد عون هو وحده الضمانة حتى الآن لهذه العلاقة التحالفية، وليس &laqascii117o;التيار الوطني الحر" كحركة سياسية ناشطة على الأرض، كما باقي الأحزاب والتيارات... وهذا بحد ذاته، يشرّع الأبواب على الكثير من التساؤلات ليس أقلّها محاولة استقراء مرحلة التحالف على المدى الطويل بين &laqascii117o;التيار"، كحالة سياسية بغض النظر عن شخص وفكر &laqascii117o;الجنرال"، وبين &laqascii117o;حزب الله" وسلاحه".
سوء تواصل
يقود هذا الفصل بين &laqascii117o;الرأس" و&laqascii117o;الجسم" على المستوى التنظيمي داخل &laqascii117o;التيار" إلى وضع الأصبع على الجرح. في الكواليس العونية، تجد من يتحدث صراحة عن وجود bad connection بين الرأس والقاعدة. هو سوء تواصل تتحمل مسؤوليته بالنتيجة &laqascii117o;العقلية التنظيمية" التي طبعت المرحلة الماضية من أداء &laqascii117o;التيار"، وليس الحليف بطبيعة الحال.
يترجم سوء التواصل، بحسب أوساط في &laqascii117o;التيار"، على مرحلتين: داخل &laqascii117o;التيار" نفسه، الأمر الذي يؤثر على قواعدنا وعلى قدراتهم بالإحاطة بكل التطورات السياسية. وهنا يبدو العماد عون مغرّداً خارج السرب البرتقالي &laqascii117o;الأكثري"، بحيث تبدو القاعدة في موقع &laqascii117o;اللاحقة" به وليس &laqascii117o;المواكبة" له. وبتوصيف أدق، هناك جزء من الجسم العوني مقتنع تماماً بالخيارات الإستراتيجية لـ&laqascii117o;الجنرال" لأنه ضمن الدائرة الملتقطة للتحوّلات الكبرى على المستوى الدولي والإقليمي، وجزء آخر لا بد &laqascii117o;ان ينشغل عليه أكثر"، لأنه يبدو مقصّراً عن قراءة الشيفرة العونية.
أما نقطة الضعف الثانية، هي تقصير الماكينة الإعلامية &laqascii117o;البرتقالية"، أو ارتكابها هفوات ناتجة عن سوء تنظيم، ما يؤدي إلى تنفيس موقفنا الإعلامي أمام الآخرين، الذين يحسنون اللعب على الوتر الغرائزي. لكن الورشة التنظيمية القائمة اليوم داخل &laqascii117o;الوطني الحر" تَعد، على لسان القيّمين عليها، بعودة تدريجية لـ &laqascii117o;تيار التواصل" بين القاعدة ورأس الهرم، ليس فقط في موضوع السلاح، إنما في كافة الملفات السياسية والتنظيمية.
مع ذلك، الرابية مرتاحة لخياراتها. &laqascii117o;الجنرال"، وفق ما ينقل عنه مؤيدوه، يقول ليس بالضرورة ما يحب جمهوره ان يسمعه، إنما ما هو أفضل لمصلحة المسيحيين. وعندما يذهب بعيداً، تكون المصلحة المسيحية &laqascii117o;توأمه". في العلاقة مع &laqascii117o;حزب الله"، هناك قناعة لدى رأس الهرم &laqascii117o;بأنه في حالات معينة الجمهور العوني سبق قياداته في ملاقاة جمهور المقاومة". بهذا المعنى، &laqascii117o;هناك تحول تاريخي غير مسبوق ولو أنه بطيء وغير ثابت في مزاج الشارع المسيحي" يقول أحد حلفاء عون.
ـ 'السفير'
هل سار براميرتز بفرضية اتهام إسرائيل قبل أن &laqascii117o;يُضطر" للتنحّي؟
أبواب مفتوحة للمخارج... لكن ليس قبل نهاية رمضان
خضر طالب:
منذ القمة الثلاثية العربية في بيروت، وكل المعطيات تؤكّد وجود قرار سوري ـ سعودي بمنع انفجار أي من الصواعق التي تطوّق تفاهم الدوحة وتهدد بنسف بنيته ونتائجه، لا بل ثمة كلام واضح لكل من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد بأن الفتنة السنية الشيعية في لبنان خط أحمر، وهذه الفتنة تشكل ليس خطرا على لبنان وحده، بل على الاستقرار الاقليمي في المنطقة العربية بأسرها.
ولأن الروايات المتناقلة حول القمة الثلاثية تلتقي عند عنوان البحث عن مخارج للمأزق اللبناني الناتج عن احتمال صدور لائحة الاتهام الأولى عن المدعي العام في المحكمة الدولية القاضي دانيال بيلمار في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، إلا أن تفاصيل تلك المخارج لم توضع أصلاً على الطاولة إلا من خلال البحث عن شراء الوقت الكافي، في حين أن بعض المعلومات المتداولة في بعض الأوساط الدبلوماسية أكدت أن الملك السعودي الذي أخذ على عاتقه عبء تبني أي صيغة يمكن أن تؤدي إلى إنهاء المأزق اللبناني، بادر فور انتهاء القمة يومها إلى إجراء اتصالات مع عدد من قادة دول العالم لوضعهم في صورة الأخطار المحدقة بلبنان، في ضوء الشكوك التي تراود فريقاً من اللبنانيين بأن القرار الظني سيخضع لدرجة عالية من التسييس الذي يؤدي إلى فتنة لن تبقى محاصرة في الجغرافيا اللبنانية.
وتحدّثت المعلومات في هذا السياق عن اتصال محدّد أجراه الملك عبد الله بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، مع ما يعني ذلك من جدية كبيرة يوليها الملك السعودي لمعالجة الوضع في لبنان، ومع ما يؤكّد هذا أن مفاعيل قمة بيروت الثلاثية لم تظهر سريعاً، لكنها ستبدأ بالظهور تباعاً.
وهنا ترتسم قناعة سياسية بأن مرحلة عنق الزجاجة التي بلغها الوضع اللبناني قبل القمة الثلاثية، يعبر الآن أمتارها الأخيرة نحو الخروج من دائرة الخطر إلى المرحلة التي يعود فيها الانضباط تحت سقف التفاهم الإقليمي ـ الدولي.
لكن تلك القناعة تبني حساباتها على أساس أن هذا الانضباط قد لا يصبح نافذاً من تلقاء نفسه، وبالتالي فإن أي مخرج يمكن التوصل إليه قد يصعب تطبيقه &laqascii117o;على البارد"، وربما يحتاج إلى بعض &laqascii117o;المقبلات الساخنة" التي تهيئ لتقبّل &laqascii117o;وجبة الحلّ" على طبق اعتاد اللبنانيون على مكوناته العديدة و&laqascii117o;نكهته الشامية الطاغية".
كل الظروف أصبحت داخلياً مهيأة لصياغة مشروع حلّ مشرّف لكل المعنيين بمأزق المحكمة الدولية، وتبعات قرار اتهامي أول، يشكّل في واقع الأمر أداة سياسية أبعد من لبنان الذي تجري محاولة استخدامه من قبل الولايات المتحدة الأميركية للضغط على الواقع الإقليمي، وتوجيه رسالة إلى إيران قبيل الجلوس إلى طاولة المفاوضات في أيلول المقبل تحت عنوان معلن متعلّق بالملف النووي الإيراني، في حين أنه قد لا يتطرّق إلا عرضاً إلى هذا الملف، لأن الأهم بالنسبة للإدارة الأميركية هو الثمن الذي تريد الحصول عليه في كلٍّ من العراق وأفغانستان.
قبل أشهر كان النقاش حول جدية المحكمة الدولية والقرار الظني وصعوبة القفز فوق الواقع القائم، من المسلمات التي لا تقبل الجدل، لكن ما يدور في أروقة الاتصالات السرّية يؤكد بما لا يقبل الشك أن الولايات المتحدة جاهزة لـ&laqascii117o;البيع والشراء" في موضوع المحكمة الدولية، بل إنها هي التي تقدّم العروض في بازار مزايدة انقلب إلى مناقصة، على قاعدة أن &laqascii117o;كل معروض مُهان"، وبالتالي فإن قيمته في تناقص مستمر وحاد.
لكن كل ذلك لم يمنع الأمين العام لـ&laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصر الله من فتح أبواب مشرعة أمام صياغة موضوعية لمخرج من المأزق الذي وُضعت فيه المحكمة الدولية، قبل أن يصدر عن المدعي العام فيها قرار ظني ربّما يستعيد ما كان سائداً في حيثياته من احتمالات، أيام سلف دانيال بيلمار في التحقيق الدولي القاضي البلجيكي سيرج براميرتز الذي يتردّد أنه كان وضع فرضية تورّط إسرائيل في جريمة الاغتيال على الطاولة، وباشر عملية البحث عن المعطيات المرتبطة بهذه الفرضية قبل أن &laqascii117o;يضطّر" إلى التنحّي &laqascii117o;الطوعي" عن منصبه في نهاية العام 2007، بعد أن كان قد شعر بأنه بات &laqascii117o;غير مرغوب فيه" في موقعه كرئيس للجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
والواقع أن السيد نصر الله أعاد الاعتبار لهذه الفرضية التي كان القاضي براميرتز قد وضعها في حساباته، وهو يدرك أن اتهام إسرائيل يحمل الكثير من &laqascii117o;المشروعية" التي تريح الشارع اللبناني وجمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري، إضافة إلى أنها أيضاً تريح الشارع العربي الذي لن &laqascii117o;يهضم" بسهولة أي اتهام لحزب الله في جريمة الاغتيال. لكن الأهم بالنسبة للسيد نصر الله أنه لا يغامر بفرضية يمكن أن تصل إلى الحائط المسدود في التحقيقات، بل على العكس، فإنه يملك من المعطيات ما يعزّز هذه الفرضية وينقل النقاش إلى موقع آخر لا يمكن فيه وضع حزب الله في قفص الاتهام ما دامت إسرائيل متّهمة بالجريمة، وما دام &laqascii117o;جسمها لبّيساً" في جرائم الاغتيال وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية.
نجح السيد نصر الله في امتلاك سلاح المبادرة. ونجح في وضع إسرائيل في قفص الاتهام، ونجح أيضاً في إعادة فرز الشارع اللبناني والعربي على قواعد مختلفة عن تلك التي كانت سائدة على مدى خمس سنوات مضت، خصوصاً أن انتقال الاتهام في المحكمة الدولية من سوريا إلى حزب الله، وكذلك عدم محاسبة شهود الزور، ساهما إلى حدّ بعيد في إضعاف الثقة الشعبية بهذه المحكمة، وعززا أنها خاضعة لإرادة سياسية تدير دفتها. اختلف المسار، وأبواب المخارج باتت مفتوحة في أكثر من اتجاه، في انتظار أن ينطق رئيس الحكومة سعد الحريري بـ&laqascii117o;الكلمة السحرية" التي تحدّد اتجاه البوصلة... وإن كان الانتظار سيطول إلى ما بعد شهر رمضان المبارك.
ـ 'السفير'
الدفاع عن &laqascii117o;الصدّيق ورفاقه" يحمي مشغّليهم ويخدم قتلة الحريري
علي الموسوي:
دأب بعض السياسيين اللبنانيين على إطلاق التصريحات والخطابات المشكّكة بوجود شهود الزور الأساسيين زهير بن محمّد سعيد الصدّيق، وهسام طاهر هسام، وعبد الباسط بني عودة، وأكرم شكيب مراد، وإبراهيم ميشال جرجورة، وأحمد مرعي، أو التقليل من أهمّية الدور المحوري الذي لعبوه في توجيه التحقيق بغير وجهته الصحيحة من أجل تحقيق غايات مجنّديهم ومشغّليهم وصانعيهم ومموّليهم.
ولو أنّ هؤلاء السياسيين خفّفوا من دفاعهم المستميت عن شهود الزور ووجودهم في صلب التحقيقات التي قام بها القضاء اللبناني ولجنة التحقيق الدولية المستقلّة، وقرأوا برحابة صدر، ما قاله المدعي العام الدولي القاضي الكندي دانيال بيلمار، وقاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين في غير مناسبة، عن وجود شهود الزور، لما أوقعوا أنفسهم في ما لا يحمد عقباه، ولبقيت مواقفهم متزنة وموضوعية، وإنْ كانت غايتهم الأساسية استخدام المحكمة والتحقيق وما ينتج عنهما ومنهما ويدور في أفقهما، في إطار اللعبة السياسية المحلّية الضيّقة، من دون الانتباه إلى أنّ ذلك يخدم قتلة الرئيس رفيق الحريري ويبقيهم بمنأى عن التوقيف والملاحقة والمحاكمة ويسهّل فرارهم من قبضة العدالة الدولية.
ويصبّ الدفاع عن شهود الزور في خانة حمايتهم وعدم التفريط بهم لإبقاء الاتهام موجّهاً إلى الضبّاط الأربعة بالاستناد إلى ما أدلى به هؤلاء الشهود من معلومات سقطت مع مرور الزمن وانكشاف حقائق مختلفة في مسار التحقيق، ولعلّ الرئيس الثاني للجنة التحقيق الدولية القاضي البلجيكي سيرج برامرتز بعد استلامه مهامه من سلفه القاضي الألماني ديتليف ميليس، كان أوّل من انتبه إلى الهوّة الكبيرة بين إفادات الشهود المقدّمة إليه، والمعلومات المتوافرة له في التحقيق، ولذلك اعتبر في تقرير رفعه إلى النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا في 8 كانون الأوّل من العام 2006، أنّ تلك الإفادات ساقطة ولا يمكن التعويل عليها لبناء تحقيق جدّي ورصين، بسبب عدم تمتّع الشهود بالمصداقية.
وقد بقي هذا التقرير سريّاً لتبرير استمرار اعتقال الضباط الأربعة، إذ أنّ برامرتز لم يبلغه لوكلاء الدفاع عن الضبّاط الذين اتهموا ميرزا بإخفائه عنهم، ومنذ استلام القضاء اللبناني هذا القرار، فإنّه لم يعد لتوقيف الضبّاط أيّة علاقة بالتحقيقات التي تجريها لجنة التحقيق الدولية لاكتشاف قتلة الرئيس رفيق الحريري، وبالتالي، فإنّ برامرتز فصل التوقيف عن التحقيق بحسب تعبير أحد القانونيين المتابعين لعمل لجنة التحقيق.
ووجود شهود الزور ثابت رسمياً في مطالعة القاضي بيلمار التي سلّمها في 27 نيسان من العام 2009، إلى القاضي فرانسين خلال النظر في مسألة الإبقاء على الضبّاط الأربعة قيد الاعتقال والاحتجاز أو إعلان براءتهم بإطلاق سراحهم، ومن ثمّ في قرار القاضي فرانسين الصادر في 29 نيسان من العام 2009، والذي أطلق بموجبه الضبّاط من أماكن اعتقالهم في سجن رومية المركزي.
ففي الفقرة الرابعة والثلاثين من قرار القاضي فرانسين ورد أنّ المدعي العام بيلمار أفاد في توصّله إلى استنتاجه بأنّ المعلومات الموجودة بحوزته لا تتيح له اتهام هؤلاء الأشخاص الموقوفين أيّ الضبّاط الأربعة، وبأنّه &laqascii117o;أخذ بالاعتبار التناقضات في إفادات الشهود الرئيسيين والافتقار إلى الأدلّة التي من شأنها أن تؤيّد هذه الإفادات، وأخذ بالاعتبار أنّ بعض الشهود قد غيّروا إفاداتهم وأنّ شاهداً رئيسياً قد سحب أقواله ضدّ الأشخاص الموقوفين، وأخذ بالاعتبار إفادات الأشخاص الموقوفين وغيرهم لتقييم مدى مصداقيتهم وراجعها".
ولاحظ فرانسين في سياق تقييمه ما إذا كانت استنتاجات المدعي العام منطقية، كما هو مذكور في نصّ الفقرة السابعة والثلاثين من القرار نفسه، أنّ الأخير &laqascii117o;لا يرغب في اتهام الأشخاص الموقوفين وأنّه استند إلى أنّ بعض الشهود قد غيّروا إفاداتهم وأن شاهداً رئيسياً سحب صراحة أقواله ضدّ الأشخاص الموقوفين"، وأعطى فرانسين رأيه في الفقرة الثامنة والثلاثين، حيث قال بالحرف الواحد: &laqascii117o;إنّ استنتاجات المدعي العام ليست غير منطقية".
وفي مقابلة حصرية مع قناة &laqascii117o;أخبار المستقبل" بثّت يوم الأربعاء الواقع فيه 16 أيلول من العام 2009، ونشرت جريدة &laqascii117o;المستقبل" مقتطفات منها في اليوم التالي، قال بيلمار ردّاً على سؤال عن زهير الصدّيّق &laqascii117o;تعاملنا مع السيّد الصدّيق خلال فترة تفويضنا، ومنذ أصبحنا كناية عن محكمة، اجتمع المحقّقون مع السيّد الصدّيق ونحن راضون بكون المعلومات التي زوّدنا بها السيّد الصدّيق تفتقر إلى المصداقية، لذا وفي ما يعني هذه المحكمة، لم يعد السيّد الصدّيق يهمّ هذه المحكمة".
ولا يغيب عن أيّ عاقل أنّ عبارة &laqascii117o; تفتقر إلى المصداقية" الواردة على لسـان بيلمار، تعني أنّ الصدّيق كاذب وشاهد زور قدّم معلومات مغلوطة، ولكنّ بيلمار استخدم عبارة ملطّفة ودبلوماسية للتدليل على زيف ادعاءات الصدّيق فقال بأنّها &laqascii117o;تفتقر إلى المصداقية".
وفي المقابلة نفسها، أكّد بيلمار ردّاً على سؤال حول وضع الضباط الأربعة الفعلي أنه &laqascii117o;لم يتمّ إخضاعهم لأيّ محاكمة ليعتبروا مذنبين أو لتتم تبرئتهم، لهذا السبب أطلق سراحهم، ليسوا في منطقة رمادية بل هم مثل أيّ مواطن آخر، هم مثلك ومثل أيّ شخص في لبنان ويعتبرون أبرياء في الوقت الراهن".
وحده القاضي ميليس تمسك بالشاهد الصدّيق، فأشار في الفقرة 116 من تقريره الأوّل الصادر يوم الخميس الواقع فيه 20 تشرين الأوّل من العام 2005، إلى أنّ إقرار الصدّيق بمشاركته في التخطيط وفي تنفيذ عملية اغتيال الحريري أمر يعزّز مصداقيته، في حين أنّ بيلمار قال إنّ الصدّيق غير ذي مصداقية رغم إقراره بمسؤوليته عن اغتيال الحريري.
كما أنّ بيلمار أقرّ في مطالعته الجوابية على المراجعة المقدّمة من اللواء الركن جميل السيّد بشأن طلب الأخير تزويده بالأدلّة والقرائن والمستندات المتوافرة عن شهود الزور من أجل مقاضاتهم وملاحقتهم أمام القضاء الوطني لكلّ واحد منهم، بأنّ السيّد ليس صاحب مصلحة، فلا هو مدعى عليه ولا ضحيّة، لكي يحصل على هذه الوثائق، وهذا اعتراف ضمني بسقوط إفادات شهود الزور وببراءة السيّد ومن خلاله الضبّاط الثلاثة الآخرين.
ولذلك، فإنّ المسألة المطروحة أمام المحكمة الخاصة بلبنان في دعوى السيّد، لم تعد إذا ما كان في التحقيق شهود زور، أم لا، لأنّ هذا الأمر معلن رسمياً من قبل المحكمة الخاصة بلبنان، بل السؤال هو، هل سيأمر فرانسين القاضي بيلمار بتسليم الأدلّة على شهود الزور إلى السيّد؟.
ـ 'السفير'
مقاومة &laqascii117o;مزعجة"!
واصف عواضة:
نجح الامين العام لـ&laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصر الله في وضع &laqascii117o;الفرضية الاسرائيلية" على الطاولة، وفي إدراجها على اللائحة الاتهامية للرأي العام وللجنة التحقيق الدولية بعد تجاهلها خمس سنوات وأكثر. ولم يستطع المدعي العام الدولي القاضي دانيال بيلمار تجاهل المعلومات والمعطيات والقرائن (الواهية والبسيطة والسخيفة في رأي اسرائيل وبعض الرؤوس اللبنانية) التي قدمها السيد.
واذا كان من المبكر الحكم على مسار التحقيق وخلاصاته، فإنه لا يمكن الركون الى المستقبل، وان كانت التطورات السالفة الذكر ستضع القضية في الثلاجة الى أجل اطول مما كان متوقعا. هناك حقيقة لا يستطيع إنكارها الصديق ولا العدو، وهي أن ثمة مشروعا كبيرا هدفه القضاء على &laqascii117o;حزب الله" ومقاومته &laqascii117o;المزعجة" بكل السبل المتاحة. فهي كحركة تحرر، مقاومة مزعجة بكل المقاييس السياسية والعسكرية والأمنية والمعنوية والتعبوية.
كان من المفترض أن تكون المقاومة في لبنان مصدر إزعاج فقط لإسرائيل، الدولة المحتلة الطامعة بأرضها ومياهها، الساعية الى تخريب وطنها ككيان تعددي وكنموذج للعيش المشترك. لكن لائحة المنزعجين منها اتسعت لجديتها وطموحها في بناء منظومة عربية وإسلامية موثوقة تناضل من أجل تحرير هذه الأمة من الاحتلال والتبعية والعقد المزمنة التي أوصلتها الى حضيض الأمم.
لقد شهدت المنطقة العربية نماذج تحررية مشهودة منذ نكبة فلسطين شكلت إزعاجا للقوى الكبرى الطامعة بخيرات هذه المنطقة، كان أبرزها ثورة 23 يوليو في مصر، فالثورة الجزائرية التي احتلت اهتمامات الامة في الخمسينيات، فالثورة الفلسطينية التي انطلقت في أواسط الستينيات، فغيرها من الثورات الصغيرة في غير بلد من الوطن العربي. كان جمال عبد الناصر مزعجا الى ان قدّر الله رحيله باكرا عن هذه الدنيا. وكان احمد بن بللا مزعجا الى اليوم الذي احتضنه &laqascii117o;السجن الوطني" على ارض الثورة. وكان ياسر عرفات مزعجا الى اليوم الذي جنحت فيه منظمة التحرير الى لعبة التفاوض، ثم مات الرجل من دون وريث شرعي للمقاومة الفلسطينية، وها هي &laqascii117o;حماس" تكافح في قمقم غزة المحاصر بألف عدو وصديق.
كان من المفترض ان تنتهي ثورة حسن نصر الله مع انسحاب اسرائيل من الاراضي اللبنانية العام 2000، فينضوي &laqascii117o;حزب الله" مسالما في عرين النظام اللبناني الذي ذاب فيه الكثير من الثوار والمجددين، لكن الرجل آثر ان يظل ثائرا لأن طموحه أوسع من حدود الوطن الصغير الذي لم يتحرر كليا بعد من دنس الاحتلال، وهذا ما أزعج ويزعج الكثيرين، لبنانيين وعربا وأجانب على اختلاف أهدافهم المتفاوتة، بين شهوة الاستئثار بالسلطة والمال والذهب الاسود والمطامع الكبرى ومصالح الدول القابضة على زمام الشعوب والأمم.
هي مقاومة مزعجة تلك التي يقودها حسن نصر الله. تقلق اسرائيل ومن ورائها اميركا. تثير الرأي العام العربي والاسلامي وتبعث مناخا مستجدا لدى هذه الأمة يؤكد أن الهزائم ليست قدرا، وان التنازل ليس خيارا وحيدا. مقاومة تضع لبنان امام واقع ينبذ مقولة القوة في الضعف، ويطرح منطقا جديدا للنظام، ويبني تحالفات بين الطوائف كانت في خانة المستحيل، ويحرض جيشه المسالم على عقيدة قتالية تستدعي دهشة اسرائيل واستغرابها. فهل ثمة إزعاج أكبر من هذا في وجه المشاريع الهابطة على المنطقة برا وبحرا وجوا؟
سيبقى &laqascii117o;حزب الله" في دائرة الهدف مهما كان القرار الظني الموعود. وسيبقى حسن نصر الله ورفاقه وأهل المقاومة في دائرة المواجهة بكل اشكالها، حريصين على تفادي الصراع العسكري الذي قد يُفرض عليهم. عندها لا حول ولا قوة الا بالله!
ـ صحيفة 'النهار'
التحرك الإيراني بعد القمة الثلاثية رسم معطيات جديدة
تفاؤل ديبلوماسي يستبعد '7 أيار' جديداً
روزانا بومنصف:
هل انحسرت احتمالات حصول '7 ايار' جديد كان قد هدد به حلفاء 'حزب الله' مع انطلاق حملة الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله على المحكمة ذات الطابع الدولي على وقع الاختيار بين المحكمة والاستقرار؟
في اليومين الاخيرين توقف متابعون عند كلام نسب الى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وفيه 'ان الخلاف على المحكمة والقرار الظني لن يؤدي الى تدهورالاوضاع'، لأن 'لا مصلحة لاحد في تفجير الاوضاع في لبنان سوى اسرائيل'. وهو الكلام الاوضح حتى الآن على لسان رئيس الدولة والذي كان اللبنانيون يترقبون سماعه للاطمئنان الى واقعهم والمستقبل القريب. وكان واضحا انه لم يكن ممكنا الاحساس بهذا الاطمئنان على رغم انعقاد القمة الثلاثية في قصر بعبدا واصدارها بيانا رسم خطا احمر للاستقرار الداخلي. كما لفت هؤلاء الى كلام لوزير الدفاع الياس المر صب في الخانة نفسها إذ قال في موضوع 7 ايار 'ان هناك لعبة في السياسة مفتوحة. اما اللعب على الارض فخطير ودقيق جدا في هذا الظرف واعتقد ان لـ'حزب الله' الوعي الكامل لئلا يدخل في اي مجازفة'.
ومع ان مسؤولين سياسيين ووزراء كانوا على ثقة منذ ارتفاع حدة التوتر مع بدء حملة السيد نصرالله بان الامر لا يتعدى التهويل وحاولوا طمأنة رؤساء البعثات الديبلوماسية العاملة في لبنان الى معطياتهم في هذا الاطار، فان الامر ظل مشكوكا فيه. وقد أثار هذا الشك اولاً القمة الثلاثية التي فرضها تزايد التصعيد الداخلي ولاحقا في غياب عاملين: احدهما مدى التزام دمشق التعامل بايجابية مع التطورات او كيفية ترجمتها لذلك باعتبار ان التجربة معها حمّالة اوجه. والعامل الآخر هو المعطى الايراني. وقد عكس تلاحق زيارات المسؤولين الايرانيين لبيروت في الايام الاخيرة التي تلت القمة الثلاثية اضافة الى زياراتهم لدمشق قلقاً مما يحصل مع 'حزب الله' وما يمكن ان يكون الحزب في صدده وكذلك ايران. وادرجت الزيارات في اطار دعم الحزب وخصوصاً ان مؤشرات خطيرة ارتسمت وفق ما يقول بعض المتابعين من الكلام المتزايد على 'حياد ' سوري نسبي في موضوع الداخل اللبناني ولو من دون التخلي عن الحزب وفي ما تصل بتوقيف العميد فايز كرم، الذي ينتمي الى فريق حليف للحزب، وحصول اشتباكات في الجنوب، فحضر مستشار المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية للشؤون الدولية علي اكبر ولايتي الى بيروت وانتقل منها الى دمشق. حتى ان المتابعين انفسهم رسموا علامات استفهام على زيارة وزير الخارجية اللبناني علي الشامي لطهران في هذا الوقت بالذات. وقد لفت هؤلاء التحول التدريجي في موقف 'حزب الله' مع دخول ايران على خط الاتصالات المباشرة في ظل السعي الى الاطمئنان الى ماهية ما تقوم به سوريا وما التزمته تجاه الوضع في لبنان، ذلك لان اللبنانيين ليسوا وحدهم من يخشى الصفقات على حسابهم بل ثمة افرقاء آخرون وحتى دول ايضاً.
الا ان منحى الاطمئنان الى تراجع تكرار '7 ايار' جديد سرى على نحو اكبر في الايام القليلة الماضية في الداخل، وان كان اللبنانيون يحتاجون الى طمأنة علنية جدية متكررة، كما في الخارج. والكلام في هذا الاطار يطال المنطق المستند الى ان اي اضطراب سياسي او امني لن يكون لمصلحة من يفتعله او يقوم به أي 'حزب الله'. ووفق معلومات مصادر ديبلوماسية غير محلية، فان دمشق اظهرت التزامها المحافظة على الاستقرار في لبنان. وقد تأكد للدول العربية المعنية هذا الالتزام في ظل اعتبارات تقول هذه المصادر انه لا يجوز الاستهانة بها. ومن بينها تحذيرها من مغبة الاضطرابات الداخلية واتجاه 'حزب الله' الى '7 ايار' جديد بما يعرض لبنان لاخطار كبيرة وحصار اقليمي ودولي، كما يعرض سوريا معه للتبعات نفسها بحيث لن تكون في منأى عما يصيبه في هذه الحال. وسوريا حريصة على 'حزب الله'، لكنها لن تخاطر بدفع ثمن مغامرة من هذا النوع تتيح ترسيخ نفوذ ايران في لبنان على حساب نفوذها. كما ان هذه المغامرة يمكن ان تفتح باب فتنة طائفية يمكن ان تمتد ابعد من لبنان كما يمكن ان تشعل حرباً اسرائيلية لعدم امكان اسرائيل التسليم بوضع الحزب يده على مؤسسات الدولة.
وبحسب هذه المصادر، فان سوريا تعطي مؤشرات عن خيارها العربي لاعتبارات تتعلق بحجم الاستثمارات العربية الكبير جدا الذي عاد الى دمشق ومساهمة العرب انفسهم في فك العزلة الدولية عنها، فضلا عن ان تحالفها مع تركيا لا يمر الا عبر المملكة العربية السعودية ولو انه حصل في ذروة العزلة التي عانتها دمشق.
وتقول هذه المصادر ان امرين اساسيين حضرا بقوة مع الجولة التي قام بها الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز والتي لم ير اللبنانيون منها سوى الجزء المتعلق باصطحاب الرئيس السوري بشار الاسد معه الى بيروت في مظهر ذي دلالة كبيرة. اذ تلفت هذه المصادر الى الجولة الدولية التي قام بها الملك السعودي والتي قادته الى الولايات المتحدة وفرنسا كما مصر وسوريا والاردن. ومع ان آفاق المسائل الكبيرة العالقة قد لا تبدو واضحة كلياً لدى المملكة كما لدى سواها، فان الامرين الراسخين اللذين حملتهما الاتصالات الدولية بحسب معلومات المصادر نفسها هما الاستمرار في التزام المحكمة ذات الطابع الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري وعدم المساومة على ذلك وعدم السماح بعودة الوصاية السورية الى لبنان. وهذان العنصران شكلا سقف التطورات الاخيرة ولو ان الامور تبدو ملتبسة بالنسبة الى اللبنانيين في خضم الحملات السياسية وغير السياسية المتعددة الابواب. فالكثير مما يجري يحتاج الى بعض الوقت كي يظهر على ما هو حقيقة.
ـ 'النهار'
اذا لم تغيّر قرائن نصرالله سير التحقيق الدولي
هل يطلب من مجلس النواب إعادة النظر بالمحكمة؟
إميل خوري:
كيف ستنتهي المعركة بين من يحاولون التخلص من المحكمة ذات الطابع الدولي المكلفة النظر في جريمة اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه، ومن يعملون على بقاء هذه المحكمة ليعرفوا الحقيقة في هذه الجريمة وجرائم الاغتيالات الأخرى ويعاقب مرتكبوها ليس من أجل احقاق الحق بالنسبة لذوي الشهداء فحسب بل من أجل لبنان؟
لقد بدأت هذه المعركة على أثر اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه عندما انقسم اللبنانيون بين مطالب بلجنة تحقيق دولية في الجريمة ومن يعارض ذلك معتبراً أن القضاء اللبناني قادر اجراء هذا التحقيق، واشتد انقسامهم على أثر اغتيال الشهيد جبران تويني عندما رفض الوزراء الذين كانوا يمثلون المعارضة في الحكومة انشاء محكمة دولية خاصة بلبنان فانسحبوا منها عندما طرح على مجلس الوزراء المشروع الأساسي لنظام المحكمة احتجاجاً على عدم اعطائهم الوقت الكافي لعرض ملاحظاتهم على المشروع، فأصبحت الحكومة بعد استقالة هؤلاء الوزراء في نظر المعارضة غير شرعية وغير ميثاقية، وأغلق مجلس النواب أبوابه في وجهها وامتنع عن تسلم أي مشروع أو مرسوم صادر عنها بما فيه كل ما يتعلق بالمحكمة فأصبح انشاء المحكمة من مسؤولية مجلس الأمن الدولي ولم يعد من مسؤولية المؤسسات اللبنانية الدستورية.
ولم تنجح المعارضة آنذاك بلجوئها الى التظاهرات والاعتصامات في اسقاط الحكومة واستمرت لجنة التحقيق الدولي في عملها بحثاً عن مرتكبي جرائم الاغتيال في لبنان وعلى رأسها جريمة اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه التي وصفت في حينه بجريمة العصر وقيل في اعمال هذه اللجنة الكثير من الاطراف السياسيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم بين منتقد لها ومشيد بها خصوصاً على اثر توقيف الضباط الأربعة وبعد اطلاقهم. ولم ترتفع وتيرة التصعيد ضد المحكمة إلا عندما بدأ الكلام على اقتراب موعد صدور القرار الاتهامي وما شاع عن احتمال اتهام عناصر في &qascii117ot