ـ صحيفة 'السفير'
مخاطر السلاح الإيراني
ساطع نور الدين:
إذا كانت الاستفادة اللبنانية من التجربة النووية الإيرانية لحل أزمة الكهرباء مطلوبة ومرغوبة، فإن الاستعانة بالآلة والخبرة العسكرية الإيرانية مخاطرة كبرى تعادل الانتحار الجماعي للبنان، الذي يتهدده جراء الحصول على أسلحة من أميركا مثلاً.
الثابت حتى الآن أن إيران تمكنت من تشغيل محطة بوشهر الكهروذرية بعد عراقيل غربية دامت اكثر من 35 عاماً، عن طريق ابتزاز الغرب وتهديده بالمضي قدماً في برنامج نووي خاص مثير للجدل. وهي بذلك حققت إنجازاً مهماً لدولتها وثورتها ونظامها الإسلامي المحافظ الذي يستعد للخروج من حالة الحصار الى حالة الانخراط مع الأميركيين.
لا يستطيع لبنان اعتماد ذلك السيناريو الإيراني، وهو لا يحتاجه ايضاً. لكن يمكنه ان يستلهم فكرة حصول إيران التي كانت حتى الأمس القريب تنتمي الى محور الشر، على مفاعل نووي لإنتاج الطاقة الكهربائية، وأن ينتهز فرصة العروض المطروحة في السوق من أكثر من بلد لبيع مفاعلات نووية رخيصة الثمن، لشراء واحد او اثنين لمعالجة ازمة الكهرباء.
أما الذهاب الى حد شراء السلاح الإيراني للجيش اللبناني او تلقيه كهبات، فذلك يعني بلا جدال تورط لبنان في صراعات داخلية وخارجية اكبر بكثير من حجمه ودوره وقدرته على الاحتمال، ويمكن ان توازي مفاعيلها تفجير قنبلة نووية في العمق اللبناني الفائق الحساسية والذي يختزل مجموعة من خطوط التماس المحلية والإقليمية المتفجرة، التي لا يمكن ان تقبل بمنح ايران تلك الفرصة لاختراق المؤسسة العسكرية اللبنانية، والاستحواذ بالكامل على المعادلة الوهمية الرائجة هذه الأيام عن الجيش والشعب والمقاومة على الجبهة مع العدو الإسرائيلي.
النقاش حول طلب لبنان سلاحاً من طهران واستعداد القيادة الإيرانية لتقديمه، مفيد من زاوية واحدة فقط، لأنه يحفز الدول العربية والأجنبية الصديقة على الإسراع في مد الجيش اللبناني بحاجته من الأسلحة والمعدات، على غرار ما جرى في اعقاب الحرب الأسرائيلية في تموز عام 2006، عندما هب العالم كله، وبطلب رسمي مباشر من الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، للمساهمة في إعادة بناء ما هدمه الإسرائيليون من أجل قطع الطريق على إيران التي كانت قد اعلنت التعبئة الكاملة للقيام بتلك المهمة العاجلة في البيئة الشيعية المدمرة خاصة واللبنانية بشكل عام.
وعدا تلك الزاوية الإيجابية للنقاش، غير المضمونة اصلاً، فإن تلقي الجيش اللبناني السلاح والتوجيه الإيراني ينذر بمخاطر فتن داخلية لا تنتهي يحركها الاعتقاد بأن لبنان صار بؤرة نفوذ إيرانية، مناقضة لتركيبته الطائفية وثقافته السياسية وحتى تجربته العسكرية التي كانت ولا تزال تعتمد على التجارب والمذاهب العسكرية الغربية، تتعرض بين الحين والآخر لضربات موجعة كلما اضطربت العلاقات بين طهران وبين العواصم الغربية او حتى العربية.. فضلا عن إسرائيل التي ستعتبر الجيش اللبناني هدفاً جذاباً ومشروعاً اكثر من اي وقت مضى.
الاكتفاء بالنقاش حول التسليح الإيراني للجيش مناورة حسنة، تخدم أيضاً في بلورة إجماع لبناني مواز على خطورة تلقي السلاح من اميركا ايضاً، وفي الحؤول دون وصول الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد الى بيروت بعد اسبوعين محملاً بالصواريخ والغواصات والطائرات.
ـ صحيفة 'الأخبار'
ثغر قانونية في مقاضاة عملاء إسرائيل [2/2]
رلى عاصي:
النصوص القانونية قد لا تردع بعض ضعاف النفوس عن العمالة للعدو، ولكن، أن يكون القانون سببًا لإفلات هؤلاء من العقاب، فهنا تكمن المصيبة
تناول المشرّع صورًا للخيانة تشمل إيواء ومساعدة جواسيس العدو وجنوده وتسهيل فرار أسرى الحرب أو رعايا العدو المعتقلين (المادة 278 عقوبات).
إنّ قراءة نص المادة 278 تستدعي الملاحظات الآتية:
أولاً، تشمل أحكام هذه المادة اللبناني والأجنبي الذي له محل إقامة أو سكن فعلي في لبنان، عملاً بالمادة 280 عقوبات.
ثانياً، يقوم جرم الخيانة بحق من قام بتقديم مسكن أو طعام أو لباس لجاسوس أو لجندي من جنود الأعداء يعمل للاستكشاف، أو لعميل من عملاء الأعداء، دونما عبرة لدوافع الجاني أو لأهدافه.
ثالثاً يقوم جرم الخيانة بحق من قام بمساعدة الجاسوس أو الجندي من الأعداء أو العميل للأعداء، وإن لم تؤدّ هذه المساعدة إلى النتيجة التي أرادها الجاني.
رابعاً، يقوم جرم الخيانة بحق من قام بالاتصال بالجواسيس أو الجنود أو العملاء الأعداء، بقطع النظر عن الطريقة أو الوسيلة التي جرى بها هذا الاتصال، سواء أكان ذلك بصورة مباشرة أم غير مباشرة.
خامساً، يقوم جرم الخيانة بحق من قام بتسهيل فرار أسير حرب أو أحد رعايا العدو المعتقلين، وإن لم يتحقّق هدف الجاني، أي لم تتمّ عملية الفرار.
سادساً، لا بدّ أن يكون الجاني عالمًا بصفة الجواسيس أو الجنود أو العملاء، فإذا انتفى علمه تخلّف ركن من أركان الجريمة وانتفت مسؤوليته تبعًا لذلك.
لم يذكر القانون حالة تسهيل دخول أحد رعايا إسرائيل أو جواسيسها إلى لبنانسابعاً، ميّز المشرّع بين نوعين من العقوبة: الأشغال الشاقة المؤقتة والاعتقال المؤقت. والتشابه يكاد يكون تامًا بين هاتين العقوبتين باستثناء بعض الفروق في طرق تنفيذها، بحيث يجبر المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة على القيام بأشغال مجهدة سواء في داخل السجن أو خارجه، ويلتزمون بارتداء الثياب المخصّصة لهم، بينما يكلّف المحكوم عليهم بالاعتقال في أحد الأشغال التي تنظمها إدارة السجن وفقاً لما اختاروه عند بدء عقوبتهم، ولا يجبرون على العمل خارج السجن، أو على ارتياد ثياب السجناء.
يتّضح من مضمون النص أنّ المادة 278 عدّدت ووسّعت صور جريمة الخيانة. ولا بد من لفت النظر إلى أن نص المادة الأصلي لم يكن يلحظ في الفقرة الأولى عبارة &laqascii117o;أو لعميل من عملاء الأعداء" التي أضيفت لاحقًا بموجب القانون رقم 6/75 تاريخ 21/2/1975. بالرغم من أهمية هذا التعديل، فإنه كان من الضروري أن ينسحب أيضًا الى الفقرة الثانية، بحيث يعاقب ليس فقط من قام بتسهيل فرار أسير حرب أو أحد رعايا العدو المعتقلين، بل كذلك من أمّن أو سهّل فرار عميل من عملاء الأعداء المعتقلين. وهذه الملاحظة هي في رأينا على نفس القدر من الأهمية لكون العملاء هم الوسيلة الأساسية التي يعتمدها العدو في الداخل في حربه على لبنان.
كذلك يؤخذ على النص أنه، فيما تطرّق للحالة التي يقوم فيها أحدهم بتوفير أو تسهيل فرار أحد رعايا العدو، فإنه لم يأتِ على ذكر الحالة التي يقوم فيها أحدهم بتأمين أو تسهيل دخول أحد رعايا العدو أو جنوده أو جواسيسه إلى الأراضي اللبنانية، وهو على علم وبيّنة بالأمر. وهي حالة تعد على نفس قدر الخطورة كالحالة الأولى، إن لم تكن بدرجة أعلى منها. وها هي ثغرة أخرى في القانون! وفي هذا الإطار، يفترض بالمشرّع، ليستدرك الأمر، ليس فقط أن يلحظ هذه الحالة، بل أن يشدّد العقوبة أيضًا إذا كان من أمّن دخول أو خروج جواسيس العدو، جنوده أو رعاياه، موظفاً عاماً أو شخصاً ذا صفة نيابية عامة، أو مكلّفاً بخدمة عامة أو مطلق شخص أُنيطت به مهمة حراسة أسير حرب، أو أحد رعايا العدو المعتقلين، أو جواسيسه أو عملائه، أو عُهد إليه باحتجاز أحدهم، فسهّل فراره.
ـ 'السفير'
بعد شهاب والحريري: أزمـة الدولـة والنـظام
الفضل شلق:
لا دخان من دون نار، أو لا نار من دون دخان. منذ زمن والناس، بما في ذلك وسائل الإعلام، يتحدثون عن التهدئة كأنّ حادثاً أمنياً كبيراً سوف يقع. حدث الحادث الأمني. أصابنا الهلع. نعيش أزمة دائمة سياسية وغير سياسية. حتى عندما يكون الأمن مستتباً نعيش بانتظار انفجار أمني. سمعنا أحدهم في نشرات الأخبار يتحدّث عن استحالة الأمن بالسياسة، كأنّ الأمن والاقتصاد والاجتماع والتربية والحرب والكهرباء والمياه، تكون بغير سياسة. نعرف أن كل ما يتعلق بتماسك المجتمع يعتمد على السياسة، لكننا لا نؤسس على السياسة. كأن سياسة البلد أن لا تكون له سياسة. السياسة هي ما يحصل نتيجة حوار الناس أو ممثليهم حول قضايا الناس لاستخلاص رأي الناس في قرارات إرادية تتخذ في المؤسسات التي ترأس هرم المجتمع. لكن لبنان رسم كي يكون من دون سياسة.
ليس صدفة أن التجربة الشهابية في بناء الدولة تخلى عنها أهلها، والتجربة الحريرية في بناء الدولة تخلى عنها أهلها. عفواً، في الحالتين جرى التخلي على ايدي أهل النظام، وعدنا إلى الدولة اللاسياسية، إلى دولة الصراع عن السلطة، الصراع على السلطة المجرد من السياسة. خطأ القول ان ليس في لبنان دولة! هناك دولة وهي دولة قوية، وما لا يدركه الكثيرون أنّ هذه هي الدولة المطلوبة. هي دولة ذات دور، وهذا هو الدور المرسوم لها. معظم دول العالم لا دور لها، لذلك لا يتحدّث أبناؤها عن ضرورتها بالنسبة لهم. في لبنان يتحدثون عن ضرورة لبنان بالنسبة لأبنائه. الكيان السياسي في جميع بلدان العالم يحدث مع نشوء الدولة، يوجد بوجودها، أما في لبنان فإنّ الكيان السياسي إضافة يمكن أن تكون أو لا تكون. يمكن أن يكون لبنان مع كيان سياسي أو من دونه. لبنان مع الكيان السياسي دولة لبنان. ومن دون الكيان السياسي حرب أهلية. وقد تقاسم لبنان الحديث الوضعين بالتساوي من حيث ان عدد سني الحرب الأهلية (انفراط الدولة) يساوي عدد سني الاستقرار منذ الاستقلال.
نعيش الرعب إياه، سواء أكان الأمن مستتباً أم غير مستتب. لا ينخفض مستوى القلق على مصيرنا، على مصير مجتمعنا، على مصير وطننا، على مصير أولادنا وأقاربنا، على مصير الاستقرار السياسي. ليس الأمن هو ما يهدد السياسة، السياسة هي ما يهدد الامن. انفراط السياسة يهدد الاستقرار الأمني. انفراط السياسة هو الدور المرسوم للبنان. نعرف من رسم الدور. نعرف من ورث الدور. لكننا لا نفهم أن يساهم لبنانيون في رسم الدور ووراثته.
لا نخاف المواجهة مع أعداء لبنان. لا نخاف المواجهة مع عدو لبنان الأول، أي اسرائيل. نخاف من أنفسنا، نخاف من بعضنا، ولا أداة أشدّ وأدهى من الطائفية في تخويف وترهيب الناس من بعضهم البعض. الطائفية قاعدة النظام المرسوم للبنان. لم تتراجع الطائفية بعد اتفاق الطائف. لم تتراجع الطائفية بعد الاستقلال والميثاق الوطني. كل نظام تربوي واقتصادي واجتماعي وعسكري وأمني، عموماً، بنيناه منذ تأسس لبنان حتى اليوم، كان على قاعدة الطائفية. بنينا وطناً يلغي نفسه بنفسه. الدور المرسوم للبنان هو أن يكون لاوطنا، هو أن يكون مساحة مفتوحة على الخارج. كل انفتاح فرصة للعمالة. تنتشر العمالة. صارت وباء، الوباء يحدث في مجتمع فاقد المناعة. الوباء يوقف الجسد الاجتماعي عن العمل بانتظام، وهذا هو تعريف كل مرض؛ يصير الجسد الاجتماعي ضحية. لبنان ضحية نفسه. لبنان الدور مفتوح على الخارج؛ يؤسس الانفتاح للعمالة. البعض يعتبر الانفتاح تأسيساً للحداثة. في المقابل، هناك بعض المجتمع الذي ينغلّق على نفسه مقاومة للانفتاح. في كل انغلاق عزلة.
لم تُبنَ الدولة من تحت لتحقيق حد أدنى من التماسك الاجتماعي اللاغي للانقسام الطائفي، ولم تُبنَ من فوق لتحقيق حكم قوي يحتكر العنف ويدافع عن الكيان السياسي ضدّ الخارج والداخل. بُنيت الدولة على أساس آخر متناسب مع الطبقة المسيطرة؛ نظام للجباية متزمت حتى آخر قرش مع زيادة الضرائب والرسوم كلما سنحت الظروف، وإنفاق لا يخضع لأي اعتبار سوى ارضاء الطوائف بتشكيلاتها المدنية والدينية وشراء مواقفها. هناك في الطوائف بدورها من يحتكر مواردها التي لا تصل إلى الفقراء ولو وعدوا بها. تحول هؤلاء إلى متسولين للمساعدات المرضية والاجتماعية والمعيشية وإلى جهوزية للاضراب والتظاهر كلما طُلب منهم. من يرفض وصمة التسوّل يهاجر أو ينعزل في الداخل وخارج طائفته، إن كانت لديه الوسائل المادية المتاحة. كل ذلك والطبقة المسيطرة تستأثر بما لديها من مميزات النظام اللبناني: ودائع المصارف وفوائد الدين العام ومنشآت السياحة.
نظام الحكم متماسك، أمّا المجتمع فهو فاقد التماسك. هو شديد الانقسام لحد الانفجار؛ ولبنان معرض للانفجار في أي لحظة، ويحتاج إلى مسكنات للتهدئة في كل لحظة. يتعامل النظام مع موارد الدولة كأنّها غنائم حرب. ليس في التعبير مجاز أو تشبيه أو استعارة أو تأويل، فالوطن يعيش حالة حرب دائمة مستترة أو ظاهرة للعيان. يتماسك نظام الحكم، أمّا المجتمع فإنّه يزداد انقساماً وتشنجاً وغضباً مع حرارة الصيف وأزمة المعيشة لدى الفقراء وأزمة السير لدى الجميع. ومع كل الأزمات الأخرى يزداد الناس غضباً ويزدادون حاجة للتهدئة.
هذا النظام غير المعني بالناس ومشاكلهم وحاجاتهم لا أهل له، ليس له من يدافع عنه، ولا من يستميت في سبيله إلاّ نادراً (نعتذر من الشهداء). حتى الجيش احيلت موارد تسليحه على التبرعات، كما الإعمار بعد حرب 2006! كما كل شيء آخر! يُرمى الجميع في أحضان الخصخصة، كأنّها الحلّ السحري لكل داء أيديولوجي واجتماعي ونفسي وغير ذلك.
النظام الذي لا أهل له ليس فيه من يخضع للتساؤل والمساءلة. لا نعرف من المسؤول عن تردي أنظمة الكهرباء والماء والتعليم... إلخ. خطط كثيرة في كل وزارة، لكن كل وزير يعرف أنّه لن يحاسَب على انجازاته أو عدم انجازاته؛ فالكل يبقون أو يسقطون بناء على توازنات تخضع لمعايير أخرى غير الانجاز. كذلك النواب؛ كذلك المستفيدون منهم. مشكلة النظام الأساسية هي أنّه ليس هناك من هو مسؤول عن أي عمل من أعمال الحكومة. لم يحدث أن تمت محاسبة وزير وأحد على انجازات وزارته. جميع أطراف السلطة في الحكومة، وجميعهم يتصرفون كأنّهم معارضة، والحكومة الفاعلة يرفضها الجميع.
في الوقت الذي كان السيد حسن نصر الله يُلقي خطابه الرمضاني مساء الثلاثاء، كان أنصار &laqascii117o;حزب الله" وأنصار &laqascii117o;جمعية المشاريع الخيرية" يتبادلون إطلاق النار بأسلحة خفيفة وثقيلة في منطقة برج أبي حيدر. تدخّل الجيش. أُوقفت الاشتباكات بعد ساعات. لم يصبح الجيش طرفاً ثالثاً. عادت بنا الذكريات إلى عهود قديمة؛ عهود الفلتان وعهود حروب الحلفاء. حمدنا الله أنّ وزير الدفاع ألغى رخص استعمال السلاح على كافة الأرض اللبنانية. لم نفهم لماذا حصل ما حصل في تلك اللحظة.
سماه البعض لغزاً. اللغز مسألة تستعصي على الحل في الذهن والعمل. لكن ما نراه وما نعيشه في لبنان في هذه المسألة الأمنية وفي غيرها من المسائل المعيشية والأيديولوجية والاقتصادية والاجتماعية، لا يستعصي على الحل فهماً وعملاً. نستطيع أن نفهم. نستطيع إيجاد الحلول لمعضلات البنى التحتية والضائقة الاقتصادية. لدينا الموارد والعقول. ما ليس لدينا هو العقل السياسي. بالأحرى، لدينا العقل السياسي المتناقض مع وجود الدولة الجامعة؛ الدولة كإطار ناظم للمجتمع. نحاول في الوقت نفسه قول غير ذلك لدفع الملامة عن أنفسنا. تفيدنا الطائفية في إلقاء اللوم على الآخرين لدفعه عنا. هناك تناقض بين المُضمر والمُعلن، لذلك يبدو الأمر لغزاً، وهو غير ذلك؛ هو التعمية. لا تعني التعمية وجود معضلة تستعصي على الفهم، بل تعني التعمية أنّ هناك من لا يريدنا أن نفهم، وأنّ نظامنا السياسي قائم على غير إمكانية الفهم والحوار والتفهم والعيش معا. هو نظام سياسي قائم على اقتسام موارد الدولة والمجتمع كأنّها غنائم حرب. تحصل الحرب في سبيل غنائم الحرب.
غنيمة الحرب الكبرى هي السلطة أو التسلط.
ـ صحيفة 'اللواء'
حديث الجمعة : إفطار على وقع الرصاص &bascii117ll;&bascii117ll; المسلم&bascii117ll;&bascii117ll;؟!؟
الشيخ بهاء الدين سلام:
الإنسان المسلم المؤمن الصائم هو الذي انعكس صيامه خلقا وأدبا وسلوكا على جوارحه وتصرفاته فبات صائما بكل ما للكلمة من معنى&bascii117ll;&bascii117ll;
ووفق هذه القاعدة يمكن أيضا أن نعتبر أن المجتمع المسلم المؤمن الصائم هو المجتمع الذي سادت أخلاقيات وسلوكيات الصوم بين أفراده وتحكمت بتصرفاته وباتت هي الأصل والمنطلق&bascii117ll;&bascii117ll;
ومن هنا نسأل أنفسنا قبل غيرنا &bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll;
أين أخلاق وضوابط وسلوكيات الصوم في ما شهدته بيروت منذ أيام من حرب سادت شوارعها ومناطقها وروعت الأطفال و النساء والكبار&bascii117ll;&bascii117ll;؟!
أين بركة شهر رمضان في نفوس الناس وهم على أبواب المسجد يتقاتلون&bascii117ll;&bascii117ll;؟!
بل أين الإحساس بحرمة وقيمة هذا الموسم الرباني المبارك وبعضنا يقتل بعضنا دون أي رادع&bascii117ll;&bascii117ll;؟!
في الأسبوع الفائت حين كتبنا من خلال هذا المنبر من أن رمضان وللأسف لم يحترم قدومه وأيامه كثير من أبناء المسلمين تلقينا لوما كبيرا وادعى البعض أننا نبالغ في طرحنا لما نقول &bascii117ll;&bascii117ll;
فهل ما حدث يدل على أننا نقدر شهر رمضان حق تقديره&bascii117ll;&bascii117ll;؟!
وهل يعبّر ما جرى إلا عن جهل استوطن النفوس واستقر في الأذهان وانعكس تفرقا وتشرذما بين الصفوف&bascii117ll;&bascii117ll;؟!
وهل يمكن أيضا تفسير ما شهدناه إلا تحت باب عودة الجاهلية إلى صفوف المسلمين&bascii117ll;&bascii117ll;؟!
كيف تريدون مني كمسلم أن أتقبل مسلمين يتقاتلون خلال شهر رمضان المبارك وعلى أبواب المساجد وبين الأحياء السكنية&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll;؟!
كيف تطلبون مني كمسلم أن أتغاضى عن (موقف سيارة) كاد أن يشعل حرباً بين صفوف المسلمين&bascii117ll;&bascii117ll;؟!
وكيف تريدون أن أصدق أن ما جرى مشكلة فردية &bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll; وحدث ما حدث &bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll;؟!
بالله عليكم أجيبوني &bascii117ll;&bascii117ll; كيف لو لم تكن المشكلة فردية&bascii117ll;&bascii117ll;؟!؟
إن القضية وبصريح العبارة ليست قضية موقف سيارة أو مشكلة فردية عابرة&bascii117ll;&bascii117ll;؟!
القضية &bascii117ll;&bascii117ll; قضية ثقافة إيمانية غابت عن نفوس وحل محلها الجهل والتعصب الأعمى&bascii117ll;&bascii117ll;!!
القضية &bascii117ll;&bascii117ll; قضية قصور فاضح في فهم معنى تقوى الله تعالى حتى باتت التقوى شعارات ترفع في اليافطات وعلى أبواب الـ(سوبرماركت)&bascii117ll;&bascii117ll;!!
القضية &bascii117ll;&bascii117ll; (ومن غير زعل) أن إثبات رجولية فلان و(قبضانية) علان أصبح أهم من طاعة الله ورسوله&bascii117ll;&bascii117ll;!
القضية &bascii117ll;&bascii117ll; (وأيضا من غير زعل) أننا غيبنا دور العلماء الصادقين وهمشنا الدعاة المخلصين وجئنا مكانهم بأناس ادعوا العلم والإيمان فضلوا وأضلوا &bascii117ll;&bascii117ll; وفسدوا وأفسدوا&bascii117ll;&bascii117ll; وضاعوا وأضاعوا&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll; فاحتكم كل من في الشارع إلى &bascii117ll;&bascii117ll;(يده)&bascii117ll;&bascii117ll; وساد الجاهل والأرعن والسفيه&bascii117ll;&bascii117ll; !؟&bascii117ll;
القضية أيها السادة الكرام وباختصار كبير جدا &bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll; (إنه ما عاد في عنّا كبير)&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll;؟!
لا على المستوى الأخلاق &bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll; (عنا كبير)&bascii117ll;&bascii117ll;!!
ولا على مستوى القدوة &bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll; (عنا كبير)&bascii117ll;&bascii117ll;!!
ولا على مستوى العلماء &bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll; (عنا كبير)&bascii117ll;&bascii117ll;!!
ولا على مستوى الدعاة الفاعلين في المجتمع &bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll; (عنا كبير)&bascii117ll;&bascii117ll;!!
ولا حتى على مستوى العائلات &bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll; (عنا كبير)&bascii117ll;&bascii117ll;!!
ولا على مستوى الالتزام &bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll; (عنا كبير)&bascii117ll;&bascii117ll;!!
المشكلة أن لبنان أصبح اليوم يعيش مرحلة أزمة قدوات&bascii117ll;&bascii117ll;؟!
ويعيش في مرحلة ندرة الرموز الدينية القادرة على التأثير في الناس &bascii117ll;&bascii117ll;؟!
أيها السادة الكرام &bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll; اسألوا الله تعالى في هذا الشهر الفضيل&bascii117ll;&bascii117ll;
أن يرزقنا رجالا صادقين مؤمنين ثابتين يقولون ويفعلون ويقودون الناس بالحق وينقادون فيعيدون للدين مجده وللأمة قوتها ويعيدون للعالم كله الأمن والسلام&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll;
ويا سلام على لبنان&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll; يا سلاااااام&bascii117ll;&bascii117ll;؟!؟
ـ صحيفة 'الحياة'
حادث الثلثاء في بيروت: استيقاظ &laqascii117o;الحارة الأمة" على وقع ريبة في سبب الانفجار
بيروت - حازم الأمين:
الرجل المسلح والملتحي الذي كان واقفاً بذهول على مدخل الجسر الثاني في منطقة البسطا التحتا في قلب بيروت، أقفل الجسر بسيارته من نوع نيسان كحلية اللون. إنه أحد عناصر &laqascii117o;حزب الله" الذين هالهم مقتل مسؤولهم محمد فواز على يد عناصر من &laqascii117o;جمعية المشاريع الاسلامية" (&laqascii117o;الأحباش")، ومن الذين قالت الصحف نقلاً عن مسؤوليهم انهم وفور سماعهم خبر مقتله أقفلوا هواتفهم وقطعوا اتصالهم بقيادتهم تفادياً لتعرضهم لضغوط تمنعهم من الانتقام.
كانت الساعة حينها الثامنة والنصف تقريباً، أي بعد نحو ساعتين على بدء الاشتباك. الطريق من بشارة الخوري الى منطقة البسطا التحتا، مروراً بمحطة الضناوي ووصولاً الى منطقة الملا، كانت خالية من أي وجود للجيش اللبناني. ثم ان هذا الطريق يُشكل علامة انتشار لكلا الجماعتين المشتبكتين، أي &laqascii117o;حزب الله" و &laqascii117o;الأحباش"، فالحزب وأثناء قيامه بحملته في 7 أيار (مايو) عام 2008 والتي أمسك فيها أمنياً واجتماعياً بالأحياء البيروتية المختلطة السكن، أبقى لحلفائه &laqascii117o;الأحباش" متنفساً في مساجدهم ومصلياتهم وجمعياتهم، في حين انكفأ خصومه من الطائفة السنّية الى أحياء ومناطق أخرى من العاصمة والى خارجها. أما الوجود الأهلي فتحول بفعل نفوذ الحزب الى نوع من الاقامة السلبية التي يشوبها قدر من الضعف والعسف الذي لم يخفه السكان على مدى أكثر من سنتين على واقعة 7 أيار &laqascii117o;المجيدة".
لم يكن مرد ذهول عنصر &laqascii117o;حزب الله" الواقف على جسر البسطا التحتا ان مسؤوله قتل بـ &laqascii117o;نيران صديقة" على ما وصفت الحادثة صحيفة قريبة من &laqascii117o;حزب الله"، بل من المرجح ان يكون مصدر الذهول هو مقتله بنيران &laqascii117o;الاحباش" الذين، إضافة الى &laqascii117o;صداقتهم" المريبة وغير العميقة، لطالما كانوا أضعف من ان يقدموا على خطوة من هذا النوع، اذ انهم &laqascii117o;أهل ضعف" في جماعة وطائفة سبق ان أنجز الحزب مهمة إخضاع أحيائها ومناطقها.
الذهول على وجه الرجل المسلح ارتسم كعلامة سؤال كبير، فما الذي جرى وأتاح للـ &laqascii117o;أحباش" قدرة على قتل مسؤول الحزب ومرافقه؟ و &laqascii117o;الأحباش" في لحظة من هذا النوع يكفون عن كونهم جزءاً من خريطة سياسية وأمنية، يعتقد اللبنانيون ان للحزب اليد الطولى فيها، ويعودون الى لحظة انقسام أول، فتستنفر من حولهم همم أهلية تُستحضر فيها ظلامات وتستيقظ رغبات. ففي الحروب الأهلية لا انتصار يدوم، ولا هزيمة أيضاً. لكن &laqascii117o;الأحباش" ليسوا على الاطلاق جزءاً من &laqascii117o;البيئة المظلومة" في العاصمة. لا يشعر ابناء تلك البيئة بأن ما كابدوه في 7 أيار وبعده، قد شاركتهم فيه جماعة الاحباش، على رغم ان الأخيرة تجنبت الانخراط بتلك الحملة الى جانب حلفائها. وبما ان &laqascii117o;7 أيار" حدث مؤسس في الوعي البيروتي، فإن &laqascii117o;حياد" الاحباش فيه أبقاهم على هامش المتن البيروتي، لكنه لم يُضاعف عزلتهم... الى ان أقدم حراس مسجدهم في برج أبو حيدر على قتل مسؤول &laqascii117o;حزب الله" ومرافقه. ففي هذه اللحظة، وفي مقابل ذهول عناصر الحزب السلبي، أصاب كثيرين من شبان العاصمة ذهول موازٍ، لكنه حمل تساؤلات من نوع آخر، اذ مثل ما أقدم عليه &laqascii117o;الاحباش" لكثيرين من شبان الأحياء السنية أسلوباً في مواجهة نفوذ الحزب.
لكن بين التاريخين، أي &laqascii117o;7 أيار 2008" و &laqascii117o;24 آب (اغسطس) 2010" جرت مياه كثيرة في الأحياء البيروتية السنية منها، والمختلطة (السنية - الشيعية)، وقبل ذلك كانت جماعة الاحباش تكابد حصاراً أهلياً مريراً جراء الاشتباه بمسؤولين فيها هما الشقيقان محمود وأحمد عبدالعال، في ملف اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري.
فحملة &laqascii117o;7 أيار" العسكرية والأمنية لم تتول مهمة القضاء على نفوذ &laqascii117o;تيار المستقبل" في أحياء السنة في بيروت فقط، اذ ان هذه المهمة أنجزت في اليومين الأولين من الحملة، انما أيضاً، وهذا ما لم يُدركه &laqascii117o;حزب الله" على ما يبدو، تولت أيضاً مهمة فتح هذه الأحياء على ما لا يحصى من طموحات الاستثمار الأمني والاجتماعي والسياسي، والتي لم يُكلف &laqascii117o;حزب الله" بادارتها وضبطها، بل على العكس من ذلك، فقد أُريد لهذه الاستثمارات ان تكون جزءاً من مشهد يعكر صفو ضبط الحزب للمناطق التي أخضعها في ذلك التاريخ. فالقول إن &laqascii117o;حزب الله" يسيطر على أحياء العاصمة يبقى غير دقيق اذا ما تم قياسه بمعايير طائفية مختلفة، ومشاعر مجتمع الأحباش الضيق في البيئة البيروتية لم تنسجم يوماً مع أهواء قيادته في الخضوع للمنظومة السياسية والأمنية التي أرساها الحزب، ناهيك بأن مجموعات كثيرة راحت تتشكل في الأحياء البيروتية، في أعقاب انسحاب &laqascii117o;تيار المستقبل" منها، على هوامش الوضع الجديد لكنها لا تكن وداً فعلياً لـ &laqascii117o;حزب الله".
فقد أعيد احياء حركة &laqascii117o;المرابطون" مثلاً، ويتولى اليوم مهمة بعثها في الأحياء البيروتية العميد مصطفى حمدان (ابن شقيقة مؤسس المرابطون ابراهيم قليلات) الذي أفرج عنه بعد 4 سنوات أمضاها في السجن بعد ان اشتُبه به ايضاً في ملف اغتيال الحريري. وهذا الضابط الذي من المفترض ان يكون قريباً من &laqascii117o;حزب الله"، لم ينجح كما يبدو في بث مشاعر دفء حيال الحزب في جماعته. ويؤكد سكان في منطقة الطريق الجديدة ان مناصرين لـ &laqascii117o;المرابطون" شاركوا &laqascii117o;الأحباش" استنفارهم في منطقة ساحة أبو شاكر ليلة اشتباك برج أبو حيدر. وقال مسؤول في &laqascii117o;المرابطون" التقته &laqascii117o;الحياة" في الطريق الجديدة: &laqascii117o;بدأ الشباب بالاتصال بنا في تلك الليلة، وكثيرون قالوا انهم لن يبقوا على الحياد اذا تطور الاشتباك".
ويبدو ان هناك تداخلاً كبيراً بين بيئتي &laqascii117o;المرابطون" و &laqascii117o;الأحباش" في المناطق البيروتية، اذ ان عائلات كثـــيرة كانت ارتبطت بـ &laqascii117o;المرابطون" نقلت ولاءها الى &laqascii117o;الاحباش" بعد ان تفككت الأولى. واليوم يسعى حمدان الى استعادتها وفق صيغ غير تصادمية مع &laqascii117o;الأحباش". ويقول مسؤول سابق في &laqascii117o;المرابطون" ان &laqascii117o;القيادة الحالية للجماعة تضم 13 عضواً بينهم 5 أشخاص من الاحباش أو كانوا مرتبطين بهم".
والمدقق في أحوال الأحياء الشعبية البيروتية، وفي أحوال سكانها، يشعر بأن ولادة ما يتعسر حصولها. فعوامل كثيرة أدت الى ضعف &laqascii117o;تيار المستقبل" في هذه الأحياء، أو ضعف حضوره على الأقل، فيما يتخبط المتنطحون للوراثة بأنواع من العجز والقصور تحد من فرص نجاحهم في مهمة الوراثة. فهؤلاء في معظمهم عاجزون عن مخاطبة ضائقة السنّة بفعل مواقعهم السياسية البعيدة من &laqascii117o;مزاج الطائفة"، وفي الوقت ذاته أتاحت لهم ظروف ما بعد &laqascii117o;7 أيار" الحضور والعمل، فتحولوا بفعل ذلك الى جماعات من جهة متصلة بالشارع بفعل حاجته الى حمايتها، ومن جهة أخرى عديمة القدرة على استثمار نفوذها في أكثر من تشكيل مجموعات بمواصفات أمنية تقتصر قدراتها على الاشتباك. وبدل ان تستثمر هذه الجماعات قدرتها على تصريف النفوذ في أحيائها، بدا ان الأحياء استثمرت فيها بأن جعلتها في الكثير من الأحيان غطاء لما تكنه من مشاعر. ومن غير الشائع في لبنان الحديث عن دهاء المجتمعات وقدرتها على توظيف طاقات من خارج منظومة مشاعرها، من دون ان تعطي مقابلاً أو ان تستكين لأصحابها.
ففي منزله في الطريق الجديدة يستقبل عضو قيادة &laqascii117o;المرابطون" أصحاب الحاجات من أبناء المنطقة ويسعى لـ &laqascii117o;مساعدتهم" بدءاً بصاحب دراجة نارية صادرتها القوى الأمنية، وصولاً الى رجل اتهم ابنه بالعمالة لاسرائيل وأوقف في سجن روميه. وهو ينفي ان تكون عناصر من جماعته شاركت في اشتباك ليلة الثلثاء مع عناصر الحزب في برج ابي حيدر.
لكن غياب &laqascii117o;تيار المستقبل" عن المشهد الأهلي والاجتماعي في الاحياء الشعبية البيروتية، لم يحل دون بقائه في مستويات أخرى من المشهد في تلك المناطق، فـ &laqascii117o;المستقبل" هو عنوان المواجهة السياسية الجارية التي تستبطنها مشاعر السكان هناك، وابتعاده عنهم لم يحل دون استمراره علامة في وجدانهم.
ربما كان &laqascii117o;الاحباش" الجماعة الأكثر تماسكاً بين عُصب الهامش البيروتي، وهم وعلى رغم خصومتهم مع الموقع التقليدي للمؤسستين الدينية والسياسة للطائفة السنية في بيروت، تمكنوا من مد نفوذ لهم في العاصمة عبر عائلات وجماعات بيروتية في مختلف مناطق العاصمة مستعينين في تمددهم بعلاقات متينة ربطتهم بالاجهزة الامنية اللبنانية والسورية. هم على سبيل المثال لا الحصر، أحكموا سيطرتهم على ثلاثة مساجد رئيسة في العاصمة، كانت جزءاً من مساجد دار الفتوى، ولم تتمكن الأخيرة من استعادتها في ذروة تداعي وضع &laqascii117o;الأحباش" بعد عام 2005، وهي مسجد برج ابي حيدر ومسجد البسطا الفوقا ومسجد زقاق البلاط؛ علماً ان المساجد الثلاثة هي جزء من شبكة المساجد والمصليات التي يعتمد عليها &laqascii117o;الأحباش" في مد نفوذهم وفي انتشارهم في أحياء بيروت، وشبكة المساجد والمصليات هذه كانت خريطة انتشارهم ليلة الثلثاء التي شهدت اشتباكهم مع &laqascii117o;حزب الله".
في تلك الليلة لم يظهر &laqascii117o;الاحباش" بصفتهم جماعة ثانوية في المجتمع البيروتي على نحو ما رسخ في أذهان اللبنانيين، اذ ان أخبار الاشتباك مع الحزب راحت تحمل جديداً في كل ساعة، فقد انتقل تبادل الرصاص من برج ابي حيدر الى منطقة النويري ومنها الى رأس النبع، ثم منطقة البربير. وشهدت مناطق أخرى استنفارات مسلحة، لا سيما مناطق ساحة أبو شاكر والملا، وبعض مناطق رأس بيروت. أوحى ذلك بأن &laqascii117o;حزب الله" حيال قوة كبيرة لجماعة لم يسبق ان أبدت هذا القدر من القوة.
لكن هذا الاعتقاد الشائع والذي اصطدم بحقيقة قدرة الاحباش المفاجئة، هو جزء من وهم تشكل بعد &laqascii117o;7 أيار"، فانكفاء المستقبل السريع في ذلك الوقت دفع الى الاعتقاد بان حزب الله قوة عصية على المواجهة، في حين كان اللبنانيون قد خبروا في سنوات الفوضى التي كابدوها ان الحروب في الشوارع لا تتطلب من خائضيها أكثر مما بحوزة الاحباش من طاقات، أي مسجد ومجموعات صغيرة منتشرة في محيطه وغطاء سياسي وأمني، ومشاعر طائفية حاضنة، وكل هذا كان مؤمن للجماعة، لا سيما ان حرباً كبيرة لن تقع بين أصحاب &laqascii117o;الأسلحة الصديقة".
للأحباش في بيروت شبكة حضور أفقية قد لا توازي شبكة حضور &laqascii117o;المستقبل" لكنها تحل من بعدها تماماً من حيث النفوذ. فإضافة الى المساجد الثلاثة المذكورة المتنازع عليها مع دار الفتوى، هناك مصلى في ساحة أبو شاكر في الطريق الجديدة وآخر في منطقة الفاكهاني بالقرب من مخيم صبرا، وثالث في منطقة الملا ورابع في شارع الحمرا، وخامس في رأس النبع أيضاً. ولهم مؤسسات تربوية منها &laqascii117o;الجامعة الدولية" ومدارس المشاريع، ومؤسسات اقتصادية أبرزها متجر &laqascii117o;الديوان" في منطقة النويري، واندية رياضية وصحية وشبابية ونسائية. ويبدو ان هذه المؤسسات موظفة جميعها في خدمة انتشار الجماعة ومستغلة في مد النفوذ.
لكن شبكة نفوذ الاحباش تعرضت لانتكاسة كبرى في البيئة السنية في اعقاب اغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري، خصوصاً بعد ان اتهم مسؤولون منهم بالمساعدة في عملية الاغتيال. وهذا الأمر ساهم في مضاعفة هامشيتهم داخل الجماعة السنية اللبنانية لا سيما في العاصمة بيروت. وهم قبل ذلك، وبسبب خصومتهم مع دار الفتوى ومع المؤسسة التقليدية السنية في لبنان، لم يتمكنوا من حجز موقع لهم في الأوساط البيروتية، فكان ان نجحوا في الانتشار بين الأفخاذ الضعيفة من العائلات الكبرى، وكذلك في اوساط شبان الاحزاب المتهالكة كـ &laqascii117o;المرابطون" وغيرهم من الاحزاب والمجموعات الصغيرة التي رعتها في ثمانينات القرن الفائت حركة &laqascii117o;فتح"، وتهاوت ما ان فقدت الأخيرة نفوذها في لبنان. كما مد &laqascii117o;الاحباش" نفوذهم في اوساط البيروتيين من أصل كردي، وفي اوساط سكان قدموا الى العاصمة من الريف السني القريب منها، لا سيما منطقة اقليم الخروب. وجميع هذه المصادر لا تصنع متناً في العاصمة، وان كانت تساعد على الحضور، وعلى الاشتباك.
لكن السؤال الذي لاح في أعقاب اشتباك ليل الثلثاء الفائت يتمثل في مدى قدرة &laqascii117o;الاحباش" على استثماره في الشارع البيروتي، خصوصاً في ظل ما يُكابده هذا الشارع من مشاعر خلفتها حملة &laqascii117o;حزب الله" في &laqascii117o;7 أيار"؟ والجواب لدى كثيرين ممن يراقبون &laqascii117o;الشارع البيروتي" ومن ناشطيه ومصرّفي اعماله، هو ان هذه القدرة ستبقى محكومة بسقف الصدام بين &laqascii117o;الاحباش" وبين المؤسستين الدينية والسياسية للطائفة السنّية، فلا ينفي هؤلاء المراقبون حقيقة ان مشاعر السنّة في تلك الليلة كانت الى جانب &laqascii117o;الاحباش"، وان شباناً من خارج الجماعة التحقوا بمساجدها ومصلياتها في تلك الليلة، لكن ذلك لا يرشحها لموقع أكثر تقدماً في الطائفة. في رأس بيروت يسمي البيارتة مصلى الأحباش هناك مصلى آل شهاب لأن مجموعة من فقراء تلك العائلة ينتمون الى &laqascii117o;الاحباش" افتتحوا المصلى، وفي حي العرب في الطريق الجديدة ثمة شبان من آل عرب من &laqascii117o;الأحباش" افتتحوا مصلى هناك. العائلتان، شهاب وعرب، من العائلات المعروفة بولائها لـ &laqascii117o;المستقبل"، ومفتتحو مصليي &laqascii117o;الاحباش" من ابنائهما هم قلة، لكن حدود العائلة غير صارمة الى حد يتيح فرزاً في لحظة انفجار.
عندما تستمع الى شروحات تفصيلية عن خرائط النفوذ الأمني والسياسي في شوارع بيروت من قبل ناشطين في هذه المجالات الاهلية، تدرك حقيقة الفخ الذي نصب للاطراف التي اعتقدت انها أمسكت بشوارع العاصمة، اذ ان مجرد اعتقاد جماعة بأنها ممسكة بهذه الشوارع، سيرشحها للسقوط في أفخاخ هذه الشوارع، لا سيما ان هذا الاعتقاد سيرشح عناصرها الى التصرف بموجبه. وعندما يُفصل لك هؤلاء الناشطون الفارق بين ان تكون &laqascii117o;حبشياً" في حي العرب في الطريق الجديدة وان تكون &laqascii117o;حبشياً" في منطقة النويري، أو الفارق بين ما يسمونه الحبشي &laqascii117o;الحريري" والحبشي &laqascii117o;الجهازاتي"، وكذلك الأمر بالنسبة الى &laqascii117o;المرابطون" وغيرهم، تشعر عندها بأن ورطة &laqascii117o;حزب الله" في شوارع بيروت أكبر من ان يضبطها اجتماع أمني يعقد في مركز للجيش اللبناني في أعقاب اشتباك &laqascii117o;فردي" مع جمعية المشاريع.
يقول فاروق عيتاني، وهو سائق تاكسي وكاتب في الصحف اللبنانية ومقيم في الطريق الجديدة، ان منطقته اليوم تعيش في مرحلة &laqascii117o;الحارة الأمة"، مستعيناً بعبارة ميشال سورا عن أحياء طرابلس، للاشارة الى التذرر الناجم عن انعدام المرجعية الأمنية والسياسية والاجتماعية التي تشهدها تلك المنطقة.
المشهد ليل الثلثاء الفائت في بيروت كما اظهرته وسائل الاعلام وبيانات الاحزاب، تمثل في ان اشتباكاً وقع بين &laqascii117o;حزب الله" وجمعية المشاريع الاسلامية. وهذا لم يكن دقيقاً على الاطلاق، فقد شارك مناصرون لحركة &laqascii117o;أمل" في الاشتباك الى جانب &laqascii117o;حزب الله"، وكذلك شارك مناصرون لـ &laqascii117o;المرابطون" ولجماعات سنية أخرى مع خصومهم &laqascii117o;الاحباش" في الاشتباك والاستنفار. وقال مسؤول &laqascii117o;ميداني" من الطريق الجديدة انه شاهد أحد عناصر حركة &laqascii117o;حماس" موجوداً في الاستنفار الى جانب &laqascii117o;الاحباش".
يبقى ان المصادقة على هذه الوقائع تصبح ممكنة اذا تذكرنا اشتباكات منطقتي بعل محسن وباب التبانة في طرابلس، وان المجموعات الرئيسة المشاركة في هذه الاشتباكات في مواجهة &laqascii117o;الحزب العربي الديموقراطي" (العلوي) كانت تلك التي تديرها شخصيات سنية حليفة لسورية على ما أكد لـ &laqascii117o;الحياة" حينها رفعت عيد نجل رئيس الحزب. فالـ &laqascii117o;حارة الأمة" أقوى في لحظة كهذه من أي انقسام مغاير. وشوارع بيروت سبق ان أغرقت أجيالاً من الأحزاب والميليشيات في أوحالها، سواء كانت وراء الحروب نيات مبيتة، أم كانت مجرد &laqascii117o;حادث فردي" لا شيء يمنع تكراره
ـ 'الحياة':
بيروت إذ تتحول حارة يتناحر فتواتها... فيما الآخرون يشاهدون
بيروت - بيسان الشيخ:
لم يتوقع أحد أن صوت الأعيرة النارية التي انطلقت مساء أول من أمس قرابة موعد الإفطار ينذر بإشكال أمني أو مواجهات مسلحة تدور في أحد أحياء بيروت. فعلى رغم حالة الاحتقان والتشنج التي يعيشها اللبنانيون منذ فترة، اعتقد سامعو تلك الطلقات إنها مما اعتادوا عليه من مفرقعات ورصاص يرافق خطاب الأمين العام لـ &laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصرالله، الذي كان وعد المشاهدين في ذلك المساء بـ &laqascii117o;تشويق إضافي" متعلق بالمحكمة الدولية وشهود الزور وغيرها من مقومات مسلسل الترقب اللبناني.
والواقع أن الظهور الإعلامي لـ &laqascii117o;السيد" وصور &laqascii117o;إفطار الأخوات" اللواتي بدت غير واحدة منهن سافرة، بث نوعاً من الطمأنينة في النفوس استبعد معها سامعو الرصاص احتمالات وقوع إشكالات أمنية في شهر الصيام. لكن الأنفاس بقيت محبوسة لما بعد رمضان وسط انتظار عام باحتمالات تفجر داخلي أو حرب جديدة مع إسرائيل. أما آخر ما كان ليخطر على بال سكان بيروت، فأن يتزامن خطاب &laqascii117o;السيد" مع عراك شوارع يخوضه بعض رجاله في حي شعبي مكتظ وسط العاصمة ويوقظ فيهم ذكرى أحداث 7 أيار مع اختلاف المسببات والظروف.
إلا أن الحيرة لم تطل. فانهمار الاتصالات الهاتفية والنقل التلفزيوني المباشر والانتشار الكثيف للجيش على مداخل المناطق المؤدية الى برج أبي حيدر وجوارها، والتي أضيفت إليها أصوات الرشاشات والقذائف، كلها دلائل قطعت الشك باليقين. ثمة مواجهات مسلحة تدور بين عناصر من &laqascii117o;حزب الله" و &laqascii117o;الأحباش" (جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية) بسبب ركن سيارة تحت مركز للتنظيم المذكور. للوهلة الأولى قد يتبادر إلى الأذهان أن إشكالاً من هذا النوع قد يحله شرطي سير، وهو إلى ذلك ذريعة عراك حاضرة كل يوم في زحمة بيروت وقلة المواقف فيها، لكنها عملياً لا تؤدي إلى تبادل قصف &laqascii117o;بي 7" و &laqascii117o;آر بي جي" فكيف إذا كانت بين أبناء الصف الواحد؟
ومن ذكريات 7 أيار 2008 التي أيقظتها تلك المواجهات، من حيث الشكل على الأقل، دخول &laqascii117o;حزب الله" في حرب شوارع، وهو ما استنهض همم بعض الغيارى الباحثين عن ثأر لعدم حملهم السلاح منذ سنتين. ولكن إذا كانت المعركة حسمت في المرة الأولى لمصلحة الحزب وانكفأ البيروتيون يلملمون جروحهم، بدا هذه المرة أن تعداد القتلى لم يكن لـ &laqascii117o;مصلحة" حزب الله. وكأن الاستدراج الى المشكل جاء معكوساً فأضيف الى &laqascii117o;ضرب سكاكين" سبقه قبل أيام، وحفزته حاجة شارع لتنفيس إحباط من تسويات إقليمية واحتقان عمره من عمر 7 أيار.
ومن يعبر في شكــل يومي المنـــاطق التي امتد إليها القتال ومنها راس النبع والنويري والبسطا لا يمكنه إلا ملاحظة الحضور الكثيف لدبابات الجيش على مداخل الأحياء ونواصي الطرقات، وانتــشار &laqascii117o;حواجز طيارة" لقوى الأمن الداخلي التي ركزت في شكل أساسي على توقيف سائقي الدراجات النارية لأكثر من أسبوع قبل اندلاع المواجهات أول من أمس. واعتبر السبب في ذلك الحضور العسكري ضبط الأمن ليلاً في شهر رمضان خصوصاً بعد الصلاة في الجوامع، وحوادث حرق إطارات شهدتها تلك المناطق احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي ساعات عدة في اليوم ونزول شبانها إلى الشوارع مهددين بقطعها في وقت تنعم مناطق أخرى بتغذية مقبولة نسبياً.
ولعل أكثر ما يذكر بأحداث 7 أيار 2008، ليس الاشتباكات المسلحة بحد ذاتها، ولا كمية السلاح التي ظهرت فجأة بين أيدي الناس ولا صور المسلحين الملثمين أنفسهم، بقدر ما هو تناقض مشهدي يعكسه اجتياز المناطق الفاصلة بين أحياء بيروت التي تدور فيها المعارك... وتلك &laqascii117o;الهانئة" المراقبة لها. ففيما السيارة تعبر تقاطع السوديكو- بشارة الخوري، يرى الناظر من يمينه أرتال الدبابات العسكرية عند أزقة مغلقة معتمة، نزل سكانها الى الشوارع هرباً من الحر والرصاص، وعن يمينه أضواء صالة سينما &laqascii117o;أمبير" وحركة سيارات ورواد مطعم جديد للهمبرغر لم ينجحوا في إيجاد حجز لهم فارتضوا التهام شطيرتهم على الرصيف. من على ذلك الرصيف راحوا يراقبون ما يجري على الجهة المقابلة فيما صوت القذائف والرشاشات يصلهم قوياً مدوياً لكن من دون أن يحمل معه خوفاً أو ذعراً. فهؤلاء المشاهدون كانوا على يقين بأن الرصاص لن يصيبهم. إنه هناك، موجه ضد أشخاص آخرين على الضفة الأخرى لبيروت أخرى... تماماً كما في 7 أيار 2008.
ـ 'السفير'
مفاعل برج أبي حيدر
حسام عيتاني:
عندما حصر الأمين العام لـ &laqascii117o;حزب الله" صفة &laqascii117o;أشرف الناس" بجمهوره وحلفائه، مستخدماً صيغة أفعل التفضيل، أنشأ مشكلتين، معرفية وكيانية، ظهّرتهما اشتباكات برج أبي حيدر بين فرقتين من أولئك &laqascii117o;الناس".
فعنف التراشق بالرصاص والقاذفات الصاروخية، يشير إلى أن بين مسلحي &laqascii117o;حزب الله" و &laqascii117o;جمعية المشاريع الخيرية" المنضويين في تحالف واحد، فارق ما، ليس هو &laqascii117o;الشرف" طالما انهما ينتميان إلى السوية عينها المشرّفة والمفضّلة على سائر خلق الله، الأقل شرفاً، بالتعريف. عليه يبرز السؤال: من هو الطرف الأكثر أو الأكبر شرفاً بين المقتتلين في أزقة تلك المنطقة البيروتية؟ هذا &laqascii117o;معرفياً".
أذا جاء الجواب أن الجانبين متعادلان في مرتبة الشرف، بحسب الحكم الصادر عن الأمين العام للحزب، تعين التمعن في فوارق أخرى بين تنظيمين مسلحين ينتميان إلى حركات &laqascii117o;الإسلام السياسي" ويضمنان الخير والسعادة للإنسان في الدنيا والآخرة. استحالة الانقسام الأفقي بين شريف وأشرف، (لأن التنظيمين من فئة &laqascii117o;أشرف الناس" أو طبقتهم) تترك المجال مفتوحاً للانقسام العمودي، أي ذاك الذي تحدده انتماءات أعضاء الجماعتين المسلحتين وارتباطاتهما الداخلية والخارجية وميولهما &laqascii117o;الثقافية". هذا من الجانب الكياني او &laqascii117o;الأنطولوجي".
لذا يصبح الاحتراب فعل وجود أو تأكيد الصفة والميزة الوجودية. لكن كبار الشأن عند المتناحرين أكدوا &laqascii117o;تفاهة" الحادث الذي أودى بحياة ثلاثة أشخاص وأصاب أكثر من عشرين آخرين بجروح ودمر عشرات السيارات والحق أضراراً جسيمة بمنازل ومحال تجارية ومسجد. وإذا أخذ المرء أقوال أصحاب الشأن في شأنهم، لبدا إدغام &laqascii117o;التفاهة" بالوجود أمراً مبرراً وسليماً. فأن يلقى ثلاثة أو ثلاثمئة أو ثلاثة آلاف إنسان مصارعهم، لا يزيد في أعين المجتمعين عند مخابرات الجيش عن &laqascii117o;تفاهة" من الأصلح تجاوزها وتناسيها بين أبناء الصف الواحد وهؤلاء يقتلون من بعضهم من يشاؤون أو يعفون عمن يستحق عفوهم.
واشتباكات &laqascii117o;حزب الله" و"جمعية المشاريع الخيرية" (والتناقض بين حيادية الأسماء وأداء مسمياتها مهمات وأدوار &laqascii117o;غير محايدة"، من الثوابت في حياة سياسية ديدنها إضمار غير ما يعلن ويُشهر) وقعت في الوقت الذي كان الأمين العام للحزب يدعو إلى فرض قانون طوارئ وإقامة محاكم ميدانية للنظر العاجل في قضايا العملاء. غني عن البيان أن الحزب والجمعية المشغولان بقضايا كبرى مثل مستقبل الأمة وتحصينها من الاختراقات الإسرائيلية، لن يريا من الص