ـ 'السفير'
نجـاد هنـا
ساطع نور الدين:
ليس من السهل إقناع شيعة لبنان بأنهم قدموا للثورة الإيرانية وللنظام الإيراني أكثر بكثير مما قدم لهم، وضحوا من أجلهما بأكثر مما ضحيا من أجلهم. وليس من السهل إقناعهم أيضا بأن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يصل اليوم إلى لبنان من أجل أن يعبّر عن الامتنان، لا أن يطلب مكافأة أو رد الجميل.
كانت الحرب الإسرائيلية الأخيرة في العام 2006 على لبنان وعلى شيعته بالتحديد خير مثال. ففي تلك الحرب التي فوجئ بها الإسرائيليون ولم يكونوا يتوقعونها أو يستعدون لها بشكل خاص، واندفعوا إليها بغير تخطيط أو إرادة، كانوا ينفّذون تعليمات حرفية من إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش بتدمير لبنان وتأديب شيعته، كجزء من خطة معاقبة إيران على رفضها في ذلك الوقت، وبالتحديد قبل شن الحرب بثلاثة أسابيع، عرض الحوافز الغربي الأول لوقف برنامجها النووي. والكل يذكر أن واشنطن هي التي حالت أكثر من مرة دون وقف الحملة العسكرية الإسرائيلية ومددتها لثلاثة وثلاثين يوما حافلة بالدماء والدمار، وهي التي دعت العرب إلى الإسراع في إعادة بناء ما هدمه الإسرائيليون قبل أن يصل الإيرانيون.
صحيح أنه كانت هناك أهداف محلية لتلك الحرب، منها تعديل موازين القوى اللبنانية الداخلية لمصلحة حلفاء أميركا، لكنها كانت أيضا خارج الحسابات الفعلية للإسرائيليين الذين يعرفون لبنان أكثر مما يعرفه الأميركيون، ويدركون استحالة تحقيق مثل هذه الأهداف لا سيما بالغارات الجوية، أو حتى بالاختراق البري الذي جرى في الأيام الأخيرة من الحرب وكان جزءا من التفاوض على صياغة قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701.
والأهم من ذلك أن الإيرانيين كانوا ومنذ اللحظة الأولى يعتبرون أن هذه الحرب تستهدفهم بشكل مباشر. لم تكن بالنسبة إليهم مجرد حملة عسكرية على حليف رئيسي أو على طائفة شقيقة أو على دولة صديقة. كان تقديرهم، ولا يزال ربما، هو أن الحرب صورة مصغرة عما يمكن أن تتعرض له بلادهم يوما ما. حتى إن بعضهم قال في مجلس خاص إن الإسرائيليين والأميركيين أرادوا كشف قوة حزب الله وأساليبه القتالية وقدراته الصاروخية ووسائله الدفاعية، من أجل أن يستكملوا إعداد سيناريوهات الحرب على إيران.. التي لا بد أن تشمل بالضرورة، وبالبداية أيضا، تعطيل دور الحزب في المشاركة أو الرد، حسب جميع الخطط والنصوص المنشورة في أميركا وإسرائيل في السنوات الأربع الماضية.
هذه هي القراءة الإيرانية، الدقيقة جداً، لحرب العام 2006، لمن لا يعرفها أو ينكرها من اللبنانيين، سواء الذين يقللون من شأن التضحيات اللبنانية من أجل إيران، أو الذين يبالغون في تصنيف زيارة الرئيس الإيراني إلى لبنان باعتبارها جولة تفقدية لإحدى المستعمرات الإيرانية الواقعة على شواطئ المتوسط... مع أنها ليست سوى رحلة رئاسية عادية، يجري تضخيمها بما يسيء إلى الشيعة وانتمائهم إلى محيطهم العربي ، وبما يحفز السنة على التخويف من فتح فارسي للبنان!
ـ 'السفير'
رئيس إيران ورقعة الشطرنج و&laqascii117o;الأيام الطويلة والصبر القليل"
أحمدي نجاد يتجنب أي استفزاز داخلي.. ورسالته &laqascii117o;الجنوب أولاً"
دنيز عطاالله حداد:
لن يحمل الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، على الأرجح، معه الى لبنان قصيدة ابن بلده الشاعر احمد شاملو &laqascii117o;السنة الرديئة". لكن اللبنانيين سيحرصون على الاستعارة منها في وصف حالتهم: &laqascii117o;السنة الرديئة.. سنة الريح.. سنة الدموع.. سنة الشكوك.. سنة الأيام الطويلة والصبر القليل".. ولولا الامانة للشاعر لأمكن استبدال السنة بالسنوات.
لكن الرئيس الايراني لا يحتاج الى الشعر لمعرفة الواقع اللبناني. فهو بطريقة او بأخرى من المشاركين بصياغة هذا الواقع.
ولانه يعرف فان &laqascii117o;الزيارة لن تكون بأي حال من الاحوال زيارة استفزازية او يُشتم من كلامها ما قد يفسر تدخلا في الشؤون اللبنانية او إحراجا للدولة" كما ألمح السفير الايراني في لبنان غضنفر ركن آبادي الى اكثر من جهة سياسية. لكن الزيارة بحد ذاتها قسّمت اللبنانيين قبل ان تحصل. في المضمر احساسان. فريق يعتبر ان حليفا كبيرا جاء ينصره، وفريق آخر يرى في الزيارة تتويجا لخسائر تتلاحق. اما المعلن فله حساباته الاخرى.
قبل يومين، كان احد نواب &laqascii117o;المستقبل" يمازح زميلا له قائلا &laqascii117o;هذا ما اورثتنا اياه مارونيتكم السياسية. تتحالفون مع الدول وتستقدمونها الى الداخل اللبناني ثم تطالبوننا بإخراجها. فقبل سوريا انحاز كميل شمعون الى ايران وكان ما كان من زيارات وعلاقات و"هلق حلوّها". لم يكن امام النائب الا الرد &laqascii117o;نحن استقدمنا ايران الانيقة وامبراطورتها ثريا الجميلة وانشغل البلد يومها في المقارنة &laqascii117o;من الاجمل ثريا أم زلفا شمعون"... اما اليوم فالناس يسألون عن نوع الحجر الذي يحمله نجاد معه الى الشريط الحدودي هل هو رعد 1 او زلزال 2"؟
وبحسب &laqascii117o;مصدر محايد" فان نجاد لا يأتي الى لبنان ليزيد الهوة بين الاطراف اللبنانيين كما انه لن يتقدم الى محاولة تقريبها. هو يلبي دعوة رسمية ويتصرف كرئيس دولة يحترم عراقة بلاده والبلد المضيف". ويشير المصدر الى &laqascii117o;ان الجميع يعرف احتضان ايران المقاومة و"حزب الله" تحديدا. وهذا ليس سرا تم اكتشافه بالامس لتثار حوله كل هذه الضجة. وان هذا الدعم نابع من خيارات استراتيجية مشروعة لايران. واذا كان لدى اللبنانيين أية مخاوف من تعاظم الدور والحضور الايراني في لبنان فما عليهم الا ان يعملوا على تعزيز ثقتهم ببعضهم البعض والتلاقي والتحاور للخروج من الشكوك والاتهامات المتبادلة".
وحول الرسالة التي ينوي نجاد توجيهها من الجنوب، يقول المصدر &laqascii117o;هي اولا لتأكيد الدعم لصمود ابناء الجنوب في وجه الاعتداءات الاسرائيلية. وهي ثانيا، رسالة احتضان متجددة ومستمرة للمقاومة ورسالة للدولة اللبنانية ان لها في ايران سندا".
لكن فريق 14 آذار لا يقرأ في الكتاب نفسه. فبالنسبة اليه &laqascii117o;رسالة نجاد واضحة: ابقاء لبنان ساحة. وارض الجنوب منصة للمواجهة الايرانية - الدولية". ويقول نائب آذاري ان &laqascii117o;تحفظنا على الزيارة لا يحمل بأي شكل من الاشكال منحى فئويا ومذهبيا. فكل مكونات 14 آذار، رحبت سابقا بزيارة الرئيس محمد خاتمي. فهو، رغم تمثيله افضل تمثيل للدولة الايرانية الا انه كان حريصا في زيارته على مراعاة خصوصية لبنان وتنوعه. لا بل كان متعاطفا ومتفهما وداعما للبنان كمركز حوار حضارات. وهو لذلك تمنى على كل من التقاهم تجنيب لبنان ما امكن خوض مغامرات استدراج الحروب". يضيف النائب &laqascii117o;ماذا يأتي الرئيس الايراني اليوم ليقول؟ ها انا اقف في وجه كل العالم متحديا من على هذه الارض الصغيرة المنهكة؟ هل يريد من لبنان ان يفك حصاره الذي يشد عليه بيده؟ بماذا سيعدنا؟ بمزيد من المساعدات إذا دمرت قرانا وهجر ناسنا"؟
لهجة النائب العدائية لا يشاركه فيها نائب من الفريق السياسي نفسه. فنائب في تيار &laqascii117o;المستقبل" يراهن &laqascii117o;على ان تتغلب الحكمة الفارسية على النزعة المتهورة للرئيس الايراني. فهو يدرك الحساسيات اللبنانية وحرص الدولة على افضل العلاقات مع ايران ولا اتخيل انه سيحرج مضيفه رئيس الجمهورية". لكن النائب يصر كما زميله، على التأكيد ان الرسالة الاساسية من الزيارة ليست موجهة تماما الى الداخل اللبناني بل تتعداه الى المجتمع الدولي. ونحن لسنا ساحة".
لكن ماذا لو كان لبنان رقعة شطرنج؟ ماذا لو فاجأ الرئيس الايراني اللبنانيين بإجادته تلك اللعبة الفارسية العريقة؟ ماذا لو تقدم او تراجع حيث لا يتوقع الخصوم أو المرحبون؟
الاجابات لن تطول. وستصل تباعا اليوم وغدا. اما تحليلها وفك شيفرتها فتحتاج الى وقت اكثر بقليل. عسى الا تمر علينا سنة اخرى من النوع الذي وصفه الشاعر الفارسي أحمد شاملو: &laqascii117o;سنة الريح .. سنة الدموع .. سنة الشكوك .. سنة الأيام الطويلة والصبر القليل.. السنة التي استجدى فيها الكبرياء"..
ـ 'السفير'
أحمدي نجاد.. ابن الحدّاد الذي أصبح &laqascii117o;إمبراطوراً" ثورياً متواضعاً
مارلين خليفة :
صحيح أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لا يضع عمامة على رأسه، كونه أول رئيس إيراني من خارج الدائرة الدينية منذ العام 1981، لكنّه في الواقع الأكثر تشددا بين أسلافه، والأكثر التصاقا بالخطاب الذي اعتمده مؤسس الجمهورية الاسلامية الامام الراحل الخميني، خاصة ازاء قضية فلسطين والمقاومة.
الرجل ذو القامة القصيرة والعينين الصغيرتين والابتسامة اللطيفة المحيرة والمتناقضة واللحية السوداء الخفيفة التي بدأ يكسوها الشيب، ميزته التواضع ثم التواضع. تصريحاته السجالية المنحى التي يغلب عليها الانفعال، يخشاها خصومه... ويأنفون من اعتداده بالقومية الفارسية هو من تتصدّر صالونه الخاص خريطة عملاقة كتب عليها: &laqascii117o;الخليج الفارسي". أما أصدقاؤه المقرّبون فيخبرون قصصا لا تنتهي عن صفاته التي يحبونها فيه، وأبرزها: الطيبة، الصدق، الطهارة والترفّع عن الملذات الدنيوية الخ...
أحمدي نجاد هو قبل كلّ شيء &laqascii117o;الابن البار للثورة الإسلامية" وتقاليدها، يعترف له من يعرفونه بأنه &laqascii117o;شخصية تتمتع بجرأة قد تبلغ حدّ التهوّر بمواقفها السياسية، ما ينمّ عن غياب المصالح والحسابات الشخصية عنده، فهو يعلن ما يفكر فيه ولا ازدواجية في خطابه، وهو على عكس ما هو متداول عن الإيرانيين بأنهم &laqascii117o;يذبحون الناس بلطفهم" أو عدوّهم &laqascii117o;بخيط القطن"، بعيد جدّا عن الدبلوماسية وروح الحوار التي كان يتحلّى بها سلفه محمّد خاتمي، وعن الحنكة والدهاء اللذين تميّز بهما الرئيس هاشمي رفسنجاني. فالرئيس أحمدي نجاد يتماهى مع صورة الإمام الخميني: صراحة كلية، صياغة حادة، مواقف حاسمة، فقد وصف المحرقة اليهودية &laqascii117o;بالخرافة". رمى في وجه الأوروبيين هذه العبارة &laqascii117o;إن قيام إسرائيل كان من أجل طرد اليهود من أوروبا"، بعث برسالة الى الرئيس السابق جورج دبليو بوش عبر السفارة السويسرية في طهران أكد له فيها بأن &laqascii117o;إسرائيل هي غدّة سرطانية يجب إزالتها"، أعلن مرارا تمسك طهران ببرنامجها النووي قائلا &laqascii117o;إن إيران انتصرت في المسألة النووية على القوى العظمى كلّها"، تكهّن مرارا &laqascii117o;بإزالة إسرائيل عن الخريطة.. ومن الوجود"، ومن أوصافه للدولة العبرية بأنها &laqascii117o;جرثومة قذرة سوداء وحيوان متوحش!".
خطا أحمدي نجاد خطوات جريئة لم يسبقه إليها رئيس لايران من قبل، أبرزها إقرار قانون رفع الدعم عن المحروقات بعد أن تركه اسلافه مجمدا على مدى 17 عاما، مخافة التفريط بأصوات التجار والمافيات والأغنياء والمقتدرين من أبناء الطبقة الوسطى. أصرّ أحمدي نجاد على إقراره في الدورة الأولى لانتخابه، مؤثرا مصلحة الفقراء الإيرانيين على نيله حفنة إضافية من أصوات الناخبين القادرين. قال لأركان حملته الانتخابية &laqascii117o;هذا المشروع سأقدم عليه مهما كانت النتائج ومن يربط تأييده لي بالابقاء على المشروع عليه أن يقتنع بأنه خسرني. أولويتي الفقراء".
حقق أحمدي نجاد من خلال رفع الدعم وفرا للدولة قيمته 10 مليارات دولار، ذهبت في معظمها للتأمينات والتقديمات الاجتماعية غير المسبوقة منذ ولادة الثورة حتى الآن. صارت هناك حوالة نقدية بقيمة ألف دولار أميركي في جيب كل طفل يولد في ايران اليوم، وبات كلّ من يعقد زواجا في إيران له الحق باقتراض 20 ألف دولار للزوج، ومثلهم للزوجة وبفوائد مخفضة ولآجال طويلة. قبل رفع الدعم كان نصف المبلغ، أي حوالي خمسة مليارات دولار تذهب للتجار ومافيات تهريب النفط عبر الحدود وخاصة الى باكستان.
قدّم الرئيس السادس لإيران الثورة إنماء الأطراف في ايران على المركز (طهران وباقي المدن الرئيسة)، وتجول مع حكومته مجتمعة ومحافظ البنك المركزي الإيراني على 30 محافظة، تعرّف خلالها الى مطالب الناس والمشاريع الحيوية التي تحسّن معيشتهم، متخذا ترتيبات فورية لصرف الاعتمادات اللازمة بعد توقيع القرارات الحكومية، وها هو يعدّ حاليا للجولة الثانية التي سيدشن فيها المشاريع التي أقرت في الجولة الأولى وتم تمويلها، وبعضها ضخم الى درجة أنها توفّر بين الـ15 و20 ألف فرصة عمل. لسان حاله العمل بكدّ وبلا منّة للشعب الإيراني، عمل يبقيه صاحيا طيلة 18 ساعة يوميا...
جعله أصله متحررا من المطامع والنزوات الشخصية، يعيش التقشف في صورة عفوية وتلقائية: لم يبدّل سيارته منذ 35 عاما وهو يقودها شخصيا حين يرغب بزيارة أهله رافضا استخدام سيارات الدولة لشأن عائلي، يعيش في الإيجار وفي منزل متواضع من طبقتين ولم يتمكن حتى اليوم من إنهاء ترميم منزله الشخصي الذي رفض أن يدخل إليه الخدم، فتراه يقدّم الطعام لضيوفه شخصيا هو وزوجته وأفراد عائلته الصغيرة. معروف ببساطته وبكلّ ما يتميز به الإنسان العادي حتى في هندامه ومشيته وتعاطيه ومصافحاته الحارّة لمن يزورونه. هذه المزايا دفعت مرشد الثورة السيد علي خامنئي الى القول عنه &laqascii117o;أحمدي نجاد هو اقرب شخص إلي لأنه يعيش مع الناس وهو واحد منهم. يحبهم ويحبونه. انه ابن الشعب البار". يرد الرئيس الايراني على الاطراءات اليومية من حوله قائلا: &laqascii117o;واجباتي أقوم بها وهي سلوك طبيعي وعندما أخدم الناس، أقوم بوظيفتي ولا أريد أبدا أن يشعر أحد بأنني أريد أن أحصل على شيء بالمقابل".
الرئيس المثير للجدل عند كلّ تصريح يخاله من يراه ولا يعرف تاريخه عاملا بسيطا، وهو أمر لا يزعجه، بل يعتدّ بأنه ترعرع في عائلة فقيرة مؤلفة من 7 أشقاء ووالد يعمل في الحدادة في ضاحية &laqascii117o;غارمسار" قرب طهران وهو من مواليد العام 1956.
بين العلم والسياسة
تخرج أحمدي نجاد مهندسا معماريا في العام 1986 من جامعة &laqascii117o;العلم والصناعة" في طهران، وانضم الى الكادر التعليمي، ثم نال دكتوراه في تخطيط النقل والمواصلات، ملم باللغة الإنكليزية وله أبحاث عدّة. شغل منصب محافظ أردبيل فعمدة طهران، وكان صحافيا كاتبا ومديرا مسؤولا لصحيفة &laqascii117o;همشري". ومن &laqascii117o;هندسة المدن" وصل الى منصب المحافظ قبل أن يتسلّم رئاسة الجمهورية منذ العام 2005 كسادس رئيس لإيران.
شارك أحمدي نجاد في احتلال مقر السفارة الأميركية في طهران وانضم الى الحرس الثوري إبان اندلاع الحرب الإيرانية العراقية وتقول سيرته الذاتية أنه كان مقاتلا على جبهات الحرب، والتحق بالمجموعات العسكرية التي تمكنت من اختراق الدفاعات العراقية وفجّرت منشآت كركوك النفطية إبان الحرب. تقلب في مراكز عدة منها مستشار الرئيس لشؤون كردستان، وأسس لجان الطلاب الإسلاميين.
أمضى 8 أعوام في أذربيجان وأردبيل ذي الغالبية التركية حيث تعلم اللغة التركية وبات يجيدها بطلاقة. ترشح بعد شغله منصبا ثقافيا رسميا لرئاسة بلدية طهران عام 2003 ونجح في إعادة تنظيم المدينة وتعبيد الطرق وتنظيفها، ويسجّل له أنه رفض السكن في المقر الفخم المخصص لرئيس البلدية مفضلا البقاء في منزله المتواضع في أحد الأحياء الفقيرة في جنوب طهران. رفض ايضا تقاضي راتبه كرئيس بلدية مبقيا على راتبه الجامعي قائلا أنه يكفيه وليس في حاجة الى أكثر منه.
انتخب رئيسا للجمهورية الإسلامية الإيرانية في 25 حزيران 2005 ، وبعد شهرين استأنفت إيران نشاطاتها النووية في منشأة أصفهان لتحويل اليورانيوم بعد أن علقتها منذ 2004، لتبدأ تخصيب اليورانيوم رسميا في شباط 2006، مستفزا الدول العظمى بالقيادة الأميركية التي واجهته عبر مجلس الأمن الدولي الذي تهيمن عليه فأصدر قرارا يفرض بموجبه عقوبات على ايران لرفضها تعليق نشاطاتها النووية. زار أحمدي نجاد عام 2007 نيويورك وألقى خطابا في جامعة كولومبيا أثار جدلا، وشهد عهده زيارة الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين لطهران وهي الأولى لزعيم للكرملين منذ عام 1943.
رفض أحمدي نجاد عام 2009 عرض الدول الكبرى استئناف الحوار في شأن الملف النووي الإيراني بشروط وما أن أعيد انتخابه في 12 حزيران عام 2009 حتى اندلعت حركة احتجاجات استمرت أسابيع وما لبثت أن خمدت. يعتبر أحمدي نجاد أنه ينتمي في خطه السياسي الى جبهة المحافظين الموالين للمرشد الأعلى آية الله السيد علي خامنئي وهو من المعارضين تماما لليبيرالية الاقتصادية الاجتماعية التي أرساها الرئيس محمد خاتمي وقبله الرئيس هاشمي رفسنجاني، وهو يرفض كليا إعادة النظر في صلاحيات المجالس غير المنتخبة أو صلاحيات المرشد الأعلى. البعض في لبنان متخوّف من دلالات زيارة أحمدي نجاد، لهؤلاء يوجّه احد الديبلوماسيين الإيرانيين هذا المثل الفارسي القائل &laqascii117o;إذا كان الذهب صافيا، فلا يجب الخوف من إخضاعه لامتحان الأسيد"، بمعنى آخر &laqascii117o;إنّ من يحمل نوايا طيبة تجاه قضيتي لبنان وفلسطين لا يجب أن يخشى السياسة الإيرانية وتصريحات الرئيس أحمدي نجاد النارية"!
ـ 'السفير'
لبنان وإيران: معاً أم مع من؟ 2
مـا لـم يُتـَح لـعبـد النـاصـر وعرفـات.. أُتيـح لنجـاد
نصري الصايغ:
ما لم يتح لجمال عبد الناصر، أتيح لأحمدي نجاد. الأول التزم حدود &laqascii117o;الخيمة" على الحدود بين لبنان وسوريا، الثاني سيعبر الحدود ويدخل لبنان، على وقع انتصارات حاسمة، أهّلته مساهمات إيران فيها، ليحل ضيفاً على عاصمة الجنوب المحررة، بنت جبيل. فبيروت وحدها ليست عنواناً كافياً للزيارة. من الجنوب، يمكن رؤية &laqascii117o;بيت العنكبوت".
ما لم يتح لعبد الناصر، أتيح لنجاد. الأول، اكتفى بتبادل النفوذ مع المارونية السياسية، وبات مقر &laqascii117o;الباب العالي المصري"، بيد السفير عبد الحميد غالب، يشارك الشهابية السلطة، يطوّب نواباً ووزراء ووزارات، وينسج من خلف الكواليس، شباك الأمن ومعادلات السياسة الخارجية. الثاني، نجاد، اكتفى بسلامة سلاح المقاومة، وتفوقه وجدارته وسطوته وقوته وحكمته، ليكون المعادل الاستراتيجي لسياستها، المناوئة باستمرار للولايات المتحدة الأميركية والمقاومة دائماً لإسرائيل. نجاد إيران، فضل أن تكون المقاومة في لبنان، طريقاً إلى فلسطين... بطرق متعددة، تاركاً شأن السلطة اللبنانية، لجماعات الحصص... حصته في لبنان مشروع استراتيجي والمقاومة خندقه الأول.
ما لم يتح لعبد الناصر، أتيح لياسر عرفات. دخل لبنان متسللاً. حاملاً فلسطين والبندقية. تأهل به قوميون عرب ويساريون. تحوّل بسرعة إلى &laqascii117o;جيش السنة" في لبنان. ولا يعرف حتى الآن، منسوب السياسة في نضاله. هل كان انشغاله بها، أكثر من عمله على المقاومة؟ قد يكون ما قاله النائب السابق جان عبيد صادقاً: &laqascii117o;أعطانا أبو عمار القضية وأخذ السلطة". ولما خرج أبو عمار من بيروت، كان لبنان يشهد ولادة المقاومة الإسلامية، وخلفها ترسانة الخميني الأيديولوجية والتنظيمية.
وما لم يتح للاثنين، أتيح لأحمدي نجاد. هو مرحب به بروتوكولياً ورسمياً، مع تأييد لفريق فيها، وحياد لفريق، وإحراج لفريق. وهذه عادة لبنانية عريقة. بيروت أو لبنان عموماً، لا يجمع على زعامة إقليمية. لا أجمع على عبد الناصر. بل انقسم وتخلع. ولا أجمع على زعامة ياسر عرفات، بل تحارب وتجزأ، ولا أجمع على زعامة سوريا، بل هادن وتعاون ثم انقض عليها. ولا هو يجمع اليوم على زيارة نجاد. غير أن ما أتيح لنجاد، أن دخوله لبنان، ليس من أجل ماضيه وليس من أجل ما انصرم حتى الآن على مستوى الإقليم، بل هو دخول لصياغة مستقبل. عبد الناصر، صاغ حاضر لبنان، عبر توازن سني ـ ماروني في الداخل، انفك بعد الخامس من حزيران، وولادة الحـلف الثلاثي الماروني. وأبو عمار صاغ &laqascii117o;الفوضى" التي خلّفت من بعده حروب الجميع ضد الجميع. أما نجاد، فهو بحضوره، يفصل بين مفهومين: الداخل اللبناني لأهله، فليتدبروا أموره وفق ما يفقهون. ولهذا، لم تتحول سفارة إيران، إلى عوكر أو عنجر أو الرملة البيضاء... أما الخارج اللبناني، فنحن فيه شركاء، وللمقاومة القول الفصل، وهو غير متروك. لأن دعم المقاومة، اختصاص الولي الفقيه، والنصوص الدستورية الملزمة.
يدخل أحمدي نجاد ليصل إلى الحدود، ليقول كلاماً، نأمل أن يستفز إسرائيل والغرب وبعض أهل لبنان. فليقل كلاماً في الاستراتيجيا. سيزعل السنة، وسيحرد بعض الموارنة، ويغضب أهل الذمة عند الأميركيين، من رواد عوكر، وولائم تموز 2006 وفرع جون بولتون. هذا الأمر مفهوم. لأن لبنان السني مارس دوره وهو يتعثر اليوم، ولبنان الماروني على وشك الأفول، ولبنان بصيغة لا غالب ولا مغلوب، على وشك الانحسار... أما لبنان الشيعي، فلا يزال في حالة صعود، ضعفه بائن في الداخل، (مطحنة المصالح والمحاصصة) أما قوته، فظاهرة للعيان، وتفهم عليها إسرائيل جيداً، ويخشى العالم منها كثيراً... حماية لإسرائيل.
كان عبد الناصر قائد ثورة تحولت إلى سلطة. وكان أبو عمار قائد ثورة تحولت إلى ما دون السلطة. أما إيران، فهي تحافظ على الاثنين: دولة بكل جدارة. دولة إقليمية عظمى. دولة مؤهلة للقيادة. دولة توفرت لها سلطة، أنفقت على التنمية والعلم والتكنولوجيا، حتى تبوأت مركزاً خطيراً يهدد نفوذ الدول العظمى... وهي أيضا تحافظ على الثورة فيها وخارجها. وهو ما نشاهده من خلال دعمها للمقاومة كنهج مسلّح ومعقلن ومدرب ومُضحٍ ومتقن وهادف، وليس للمقاومة كمشروع سلطة. وهو ما تدفع به في غزة.
مغامرة عبد الناصر انتهت إلى نكسة...
مغامرة ياسر عرفات انتهت إلى مقصلة...
مغامرة إيران لا تزال في بدايتها... وهي مستمرة.
لنقم الموازنة في ما يلي: دولة تعرضت منذ انطلاقتها الجديدة، بعد انتصار ثورة الخميني، إلى أشد أنواع العقوبات. حرب دامت ثمانية أعوام، قادها العراق، و&laqascii117o;إخوانه الألداء" بدعم غربي وأميركي. احتلت فيها أراضي إيرانية، نهشتها طائرات صدام. فتكت بها صواريخه العابرة للحدود. وهي تقريباً، بلا سلاح جو، وبلا جيش منظم، وبلا معين دولي خارجي. لنقم الموازنة في ما يلي: دولة، بنظام إسلامي، تعرضت لتشويه دائم، ولحصار خانق. (أميركا تقاطعها منذ الثورة). دولة تألب العالم ضدها، ثم ازداد تألباً وهياجاً ولا يزال. جر معه دول &laqascii117o;الاعتداء" العربي. استبدلت هذه إسرائيل (وهي في الأساس لم تكن عدواً بجدارة. كانت عدواً بالاستعارة) بإيران. ومع ذلك ظلت تقاوم ولا تساوم.
لنقم الموازنة في ما يلي: دولة تساق إلى لجنة الطاقة، تهمة سترتكبها إيران نووياً. ثم تساق إلى مجلس الأمن، وتصدر بحقها قرارات حصار دولية ملزمة... تقاوم ولا تساوم. دولة تتعرض لاجتياح إعلامي خارجي، إبان الانتخابات الأخيرة، وتنتصر بالتي هي أحسن تارة، وبالتي هي أسوأ طوراً. هي لم تكن خائفة من الإصلاحيين. كانت خائفة من تلويث الحد الأخضر، بمداد أحمر دامٍ، يسقط إيران من الداخل.
العالم كله ضدها... ومن معها، معتصم بالعقيدة والصبر والسلاح والعلم والهدف... وقبلته التي يصوّب الاتجاه عليها، فلسطين.
لنقم الموازنة في ما يلي: إسرائيل دولة عظمى إقليمية. مترعة بالسلاح ولا تتوقف عن تجرعه، كلما مدت واشنطن أمامها المائدة. دولة أخضعت العرب البائدة بلا حرب. دولة يحتشد العالم على أبوابها طالباً رضاها، ولا يجرؤ أحد على أن يرفع إصبعه في وجه مجرميها وسفاحيها وقاتلي الأطفال. دولة مغفورة لها خطاياها وآثامها وجرائمها في قانا وجنين وغزة والقدس ولبنان. دولة مطوبة قديسة ديموقراطية في غابة التوحش العربي والهمج الإسلامي. دولة برتبة عاص دائم على القرارات الدولية، ومعصومة من الحساب. دولة نووية، بالجرم المشهود، ومعفاة من التوقيع على المعاهدات الدولية. دولة اغتصاب، بالوقائع اليومية، وليس من يرف له جفن. دولة تعتقل نساء وأطفالا، ولا حقوق إنسان تطالب. دولة التعصب الأقصى والعنصرية المثلى والتهود الاحتلالي، وتدعى للمحاضرة في الحرية والديموقراطية. دولة، يطيب لمثقفي الغرب ان ينالوا بركتها، فينهالون علينا اتهاما بالتخلف. دولة تقود السلم في العالم إلى حتفه، وتكافأ بجوائز نوبل...
ومع ذلك، فهذه الدولة لم تنجح في تنفيذ مشروعها. فلا إسرائيل كبرى ولا إسرائيل وسطى على قيد الحياة. هي مرعوبة على إسرائيل الصغرى.
الأولى، إيران، محاصرة من جميع الجهات، وتفوز.
الثانية، إسرائيل، مفتوحة لها كل الأبواب، أما أبواب الخلاص فمغلقة. ومفاتيح هذه الأبواب المغلقة، بيد المقاومة في لبنان وفلسطين... وهي بيد سوريا وإيران فقط لا غير.
هنا يصح قول المسيح في الإنجيل: مملكتي لا تقوى عليها أبواب الجحيم. مملكة المقاومة، منيعة قوية، بلا مُلك. بلا مالك. بلا مَلَك. مملكة المقاومة. مسكونة بفلسطين وشقيقاتها في لبنان وغزة وشعوب أنهكتها أنظمتها ولكنها لم تفارق إيمانها المقدس بفلسطين.
لفيروز أغنية مزمنة الحضور: &laqascii117o;الغضب الساطع آتٍ".
إذاً، من حق إسرائيل أن تخاف. من حـق المراهنين عليها أن يقلقوا. أما بلاد اللبنانيين المشتقة، فلا حول ولا قـوة إلا بمعجزة، انتظرناها مراراً، ولما لم تحضر أبداً، آمـنا باليأس منها... إلى يـوم قيامة فلسطين. يومها، تعدل أغنية فيروز، لأن الغضب الساطع يكون قد جاء بالفعل.
ـ 'السفير'
لبنان وإيران: علاقات واتفاقيات
طلال عتريسي:
لم تبدأ علاقات إيران في مطلع القرن الماضي مع شيعة لبنان. بل مع مسيحييه. ولم يعرف الكثير عن علاقة علماء جبل عامل بإيران بعد العهد الصفوي الذي استعان بهم، لنشر التشيع، وجعله مذهبا رسميا للدولة الصفوية. فقد كانت وجهة الدراسات العلمية الحوزوية للشيعة اللبنانيين، هي النجف الأشرف في العراق، ولم يتحوّلوا عنها الى قم إلا حديثا، بعد ما تعرضت له النجف من تضييق وحصار في ظل النظام العراقي السابق. لكن علاقات لبنان مع ايران على المستويات الرسمية وغير الرسمية تعود الى بدايات القرن العشرين.
منذ الثلاثينيات نشأت علاقة بين النخبة الإيرانية في بيروت وبين النخبة المسيحية المارونية: كميل شمعون رئيس حزب الأحرار، وبيار الجميِّل مؤسس حزب الكتائب. وأقام كلا الحزبين علاقات وثيقة مع حزب &laqascii117o;إيران نوفين" (إيران الجديدة) ورئيسه: عباس هويدا، الذي درس في بيروت في البعثة الفرنسية العلمانية Mission la&iascii117ml;qascii117e ؛ وأصبح هويدا رئيساً للحكومة في إيران في عهد الشاه من 1965ـ1977. وعندما كان كميل شمعون رئيسا للبنان تم توقيع اتفاقية صداقة مع إيران (1953)، وفي عام 1955 رفع مستوى التمثيل وحصلت القنصلية الإيرانية العامة في بيروت على مكانة سفارة. وفي عام 1957 زار شاه إيران لبنان ومنحته الجامعة اللبنانية &laqascii117o;دكتوراه شرف". ومن المعلوم أن الرئيس شمعون كان مؤيداً لحلف بغداد مع طهران، لمواجهة المد الناصري العروبي (1958)، ما أدّى إلى انقسام داخلي لبناني، وإلى صدامات مسلحة بين مؤيدي هذا الحلف من المسيحيين عموماً ومؤيدي الاتجاه الناصري من المسلمين.
لم تستمر علاقات إيران ولبنان على حالها من الود والوئام. فقد واجهت هذه العلاقات أزمة، سوف تدفع طهران إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية عام 1969. والسبب هو رفض السلطات اللبنانية الاستجابة لطلب الشاه تسليم الجنرال &laqascii117o;تيمور بختيار" أول رئيس للسافاك الذي أزيح من منصبه قبل سنوات، واعتقل في بيروت عام 1968. ومع تشدد الحكومة اللبنانية في رفضها أوقفت إيران كل أنواع التجارة مع لبنان، وحظرت حركة الطيران بين البلدين وأعادت سفيرها من بيروت، ثم قطعت العلاقات في مطلع 1969. بعد أقل من سنتين على هذه القطيعة توجه الرئيس السابق كميل شمعون في منتصف 1971 إلى طهران، والهدف هو إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين... وكان له في نهاية مهمته ما أراد، فألغت إيران كل القيود التي فرضتها على لبنان. وفي عام 1972 قام وزير السياحة الإيراني بزيارة بيروت، ووقع سلسلة اتفاقات سياحية بين البلدين. وقدمت وزارة التعليم الإيرانية منحاً لثمانين طالباً إيرانياً للدراسة في جامعات شيراز وأصفهان ومشهد. وفي لبنان منحت الجامعة الأميركية في بيروت 115 منحة دراسية لطلاب إيرانيين.
علاقات قديمة ولكن
اذاً لم تبدأ علاقات &laqascii117o;الجمهورية الإسلامية الايرانية" عام 1979 مع لبنان لا مع الشيعة ولا من الصفر. كان هناك علاقات دبلوماسية بين البلدين قبل انتصار الثورة. ولذا بادر الرئيس اللبناني الياس سركيس إلى إرسال برقية إلى الإمام الخميني يعزيه فيها باستشهاد أعضاء في الحزب الجمهوري الإسلامي عام 1981. وردَّ عليها الإمام ببرقية جوابية. لكن هذه العلاقات شهدت لاحقاً تطورات عدة. فلم تستقر على الوتيرة نفسها من الحرارة. بل تراجعت بعد نحو سنتين فقط، ليبادر لبنان هذه المرّة إلى قطع العلاقات (في عهد الرئيس أمين الجميل) بسبب ما اعتبرته الحكومة آنذاك &laqascii117o;تدخلاً في الشأن اللبناني" إثر رفض طهران اتفاق السابع عشر من أيار (1983) الذي وقّعه لبنان مع إسرائيل، ودعوتها إلى إسقاطه ومقاومته. وكانت إيران قد أعلنت منذ لحظة الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 تأييدها المقاومة ضد إسرائيل، وعملت في الوقت نفسه على تشجيع ودعم نشوء مثل هذه المقاومة.
مرت العلاقات الإيرانية ـ اللبنانية بمسار متعرج من التقدم والتراجع والاستقرار، تحت تأثير التحولات الداخلية والإقليمية المتسارعة التي لم تهدأ في لبنان منذ الثمانينيات. كانت بداياتها مع حقبة الاجتياح الإسرائيلي، ثم في مطلع التسعينيات مع اتفاق الطائف، الى تحرير الجنوب عام 2000، مرورا بمرحلة اغتيال الرئيس الحريري، وانسحاب القوات السورية، ثم حرب تموز 2006 وما بعدها، الى اتفاق الدوحة 2008، ومرحلة حكومة الوحدة الوطنية.
ففي مطلع الثمانينيات بات لبنان تحت الاحتلال الإسرائيلي. وكانت إيران تخوض حربا مع العراق. لذا اتسمت المواقف الايرانية بالتشدد الايديولوجي في هذه المرحلة، وبالعلاقات مع القوى والشخصيات الحزبية والسياسية غير الرسمية في لبنان، وبالتنسيق مع القوات السورية العاملة في لبنان. خصوصا أن الدولة اللبنانية أصلا كانت تحت الاحتلال. المؤسسات معطلة، العاصمة محتلة، والدور الأبرز كان لحركات وقوى المقاومة التي أعلنت طهران علانية تأييدها لها. وفي هذه الحقبة أرسلت إيران متطوعي الحرس الثوري للمساعدة في التدريب والقتال ضد اسرائيل، وكانت مساهمتها الاستراتيجية الأبرز في دعم تأسيس حزب الله كحركة مقاومة لبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
بدأت المرحلة الجديدة في علاقات لبنان وايران بعد اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية وبات دستوراً جديداً للبلاد. وخرجت إيران في الفترة نفسها من حربها مع العراق. (1988) وشقت طريقها نحو إعادة البناءو الاعمار. واستعادت مؤسسات الدولة في لبنان دورها الذي افتقدته... هكذا ستتحول العلاقات الى المستوى الرسمي مع لبنان، ومعها الزيارات المتبادلة لمسؤولي البلدين. وما بين 1990وحتى عام 2005 ستشهد العلاقات الايرانية ـ اللبنانية ذروة الانسجام والتقدم وتوقيع الاتفاقيات في المجالات كافة وزيارات متواصلة لمعظم المسؤولين اللبنانيين الى العاصمة الايرانية. فقد وقع على سبيل المثال اتفاق زراعي في مجالي منع الازدواج الضريبي والنقل، ومشروع تعاون في مجال النقل، وفي مجال التجارة والاقتصاد، وفي دعم مشاريع الإعمار. ووقع اتفاق تعاون إعلامي بين البلدين، واتفاق تربوي، ومجموعة مشاريع اتفاقيات وتفاهمات مالية واقتصادية، وفي مجالات العمران والاقتصاد والتجارة، واستعداد لإنشاء محطات كهربائية (2001)، وفي مجال الأرصاد الجوية، ومذكرة تفاهم مع بنك صادرات ايران، وفي مجال التكنولوجيا وتطبيقاتها... ومن المعلوم أن كل هذه الاتفاقيات والمشاريع وقعت بمعظمها في عهد رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري وأثناء زياراته الى الجمهورية الإسلامية. كما وقفت إيران الى جانب لبنان ضد محاولات الاجتياح الإسرائيلية عام 1993 وعام 1996 وقدمت المساعدات لإعادة الاعمار، بعد أن شاركت الى جانب سوريا في إنجاز تفاهم نيسان في العام نفسه.
الانقلاب على إيران
تدهورت العلاقات اللبنانية ـ الإيرانية بعد اغتيال الرئيس الحريري عام 2005. وبعد انسحاب القوات السورية من لبنان. فقد انقلبت الأوضاع السياسية رأسا على عقب، وصارت سوريا وحلفاؤها من إيران الى لبنان في موضع المتهم باغتيال الرئيس الحريري. وتعرضت إيران الى الهجوم والى الاتهام من جانب أحزاب وقوى وشخصيات سياسية لبنانية (14 آذار). .. في الوقت الذي دافعت فيه هذه القوى عن علاقتها مع قوى اخرى إقليمية ودولية (المملكة السعودية والولايات المتحدة). ولم تمنع تلك الاتهامات إيران من الاستمرار في دعواتها الى الوحدة الوطنية، والى استمرار المقاومة ضد إسرائيل، و&laqascii117o;دعوة الشعب اللبناني الى الحيلولة دون التدخل الاجنبي"... وبلغت ذروة الهجوم السياسي على إيران بعد حرب تموز 2006. وما أعقب تلك الحرب من سجال حول نتائجها وحول المتورطين فيها، وحول من انتصر ومن هزم... خصوصا أن إيران كانت الى جانب المقاومة في هذه الحرب وهي لم تخف يوما موقفها من دعم المقاومة ولا من وجود اسرائيل...
سيتحول نشاط إيران الأبرز في لبنان بعد عدوان تموز 2006 الى إعادة الإعمار، من الجسور والأبنية والمدارس الى دور العبادة والمستشفيات وشبكات الكهرباء... لكن الموقف الايراني الرسمي لم يتبدل من الوفاق الوطني والوحدة الوطنية. ولذا سارعت طهران الى تأييد &laqascii117o;اتفاق الدوحة"، وهنّأت اللبنانيين بهذا &laqascii117o;الانجاز". لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة من الاستقرار في علاقات البلدين. ومن الدعوات الى إحياء عمل اللجان والاتفاقات المشتركة... الى التوقيع الفعلي للاتفاقيات.
تختصر هذه التحولات العلاقات الايرانية ـ اللبنانية منذ انتصار الثورة الى اليوم. ولا شك بأن ما جرى في داخل كل بلد وما تعرض له من تحديات وتهديدات كان له تأثيره المباشر على تلك العلاقات. كما لعبت المشاريع الكبرى في المنطقة دورها ايضا في هذه التحولات، من الحرب الاميركية على الإرهاب، الى احتلال العراق ومشروع القضاء على المقاومة في لبنان وفلسطين وتطويق سوريا في &laqascii117o;الشرق الاوسط الجديد"، وصولا الى الحرب الاسرائيلية على لبنان في تموز 2006، وعلى غزة في 2008ـ2009. من دون أن ننسى علاقات إيران المتوترة مع الولايات المتحدة ومواقفها من شرعية وجود اسرائيل... لكن علاقات إيران مع لبنان بعد انتصار الثورة، على الرغم من كل ما عرفته من تحولات سياسية وإعمارية هي اساسا علاقة دعم للمقاومة ضد اسرائيل. مثلما كانت علاقتها قبل الثورة مع القوى المؤيدة لحلف بغداد. ولولا هذه العلاقة مع المقاومة لما عرفت إيران ذلك الهجوم على دورها في لبنان من جانب قوى لبنانية أو عربية أو دولية. لأن أحد أهم أوجه الخلاف اللبناني والإقليمي والدولي في السنوات الماضية، كان حول دور المقاومة وحول ضرورة استمرارها. ومن المعلوم أن إيران كانت ضد هذا الاتجاه وكانت تجاهر بتأييدها لتلك المقاومة في لبنان وفي فلسطين. لذا تزامن الهجوم على دوري إيران وسوريا في لبنان في وقت واحد. وتراجع لاحقا في وقت واحد. أما قبل تلك الهجمة الأميركية الغربية &laqascii117o;لتجديد" الشرق الأوسط، فلم يكن أحد في لبنان يعترض، لا على دور إيران ولا على دعمها المقاومة، ولا حتى على العلاقات اللبنانية ـ الإيرانية. وبسبب هذا الموقف الايراني من المقاومة تثير زيارة الرئيس أحمدي نجاد قلق واشنطن واستفزاز تل أبيب... واذا كان لبنان الرسمي قد وقع مع ايران عشرات الاتفاقيات في عهد الرئيس الراحل رفيق الحريري، وهي التي كانت وما زالت على مواقفها نفسها من لبنان ومن المقاومة، فعلى الأصوات المعترضة على زيارة الرئيس أحمدي نجاد أن تصمت أو أن تنتقد كل زيارات الرئيس رفيق الحريري وعلاقته مع طهران والاتفاقيات والمشاريع التي وقعت &laqascii117o;برضا الطرفين"...
ـ 'السفير'
أحمدي نجاد في لبنان... الحد الفاصل بين مرحلتين
حبيب فياض:
تعيد زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الى لبنان طرح الملفات الإقليمية المأزومة دفعة واحدة، حتى أن البعض بالغ في الوصف والتقدير فذهب، بشكل غير بريء، الى حد اعتبار هذه الزيارة أزمة قائمة بذاتها الى جانب أزمات المنطقة: القضية الفلسطينية، الاحتلال الأميركي للعراق، الملف النووي الإيراني، و... محاولا في ذلك تحميلها مسؤولية ما يمكن أن تشهده المنطقة لاحقا من خضات وأزمات معدة سلفا، في سياق استراتيجية أميركية جديدة ومتكاملة تتخذ من الساحة اللبنانية منطلقا ونقطة ارتكاز.
واذا كان واقع الزيارة يدحض موضوعيّا مثل هذا الغلو في التوصيف، فإن الموضوعية تقتضي أيضا الاعتراف بأنها تتجاوز الإطار البروتوكولي الكلاسيكي لزيارات رؤساء الدول الرسمية. فزيارة الرئيس نجاد هذه، ما كانت لتثير كل هذا القدر من الجدل والصخب، لولا ما تحمله من دلالات رمزية تختزن في طيّاتها كل تفاصيل المشهدين اللبناني والإقليمي. فالزيارة تستحضر، من جهة، متناقضات الساحة اللبنانية وانقساماتها والاستحقاقات التي تنتظرها في أكثر من اتجاه، ومن جهة ثانية، تعيد رسم المشهد الإقليمي بتوازناته الجديدة ومساراته المستقبلية الآخذة في التبلور. وهي ـ الزيارة ـ تأتي لترسم الحدّ الفاصل بين مرحلتين، الأولى منصرمة وتحمل الكثير من الخيبات لأميركا وحلفائها على مستوى الإقليم، والثانية مقبلة وتؤشر الى جولة جديدة من المواجهة بين أصدقاء الولايات المتحدة وخصومها انطلاقاً من لبنان محل الزيارة ـ الحدث.
الأميركي المستعجل في لملمة أغراضه من العراق، والذي يحاول كيفما كان الوصول الى تسوية لأزمة تشكيل الحكومة العراقية، بات يسعى الى التعويض لبنانياً ما خسره عراقياً، أو بالحد الأدنى، خلق فضاءات جديدة تتيح له استئناف الحرب على &laqascii117o;الإرهاب" انطلاقا من الساحة اللبنانية، بديلا من الساحة العراقية، بهدف مواجهة ايران، الآخذة في التمدد إقليميا، في منتصف الطريق، على ان تكون المواجهة هذه المرة من خلال الأدوات والبدائل بعيدا عن تكبد مشقة الحضور الميداني المباشر. ما يعزز مثل هذه القراءة الجهد الأميركي الواضح لضمان انتصار إسرائيل في حربها القادمة على لبنان، وذلك من خلال العمل على خطين، الاول عسكري لوجستي ويظهر بعضه من خلال تزويد واشنطن تل أبيب بطائرات اف35، والثاني معنوي ـ دولي من خلال توظيف المحكمة الدولية لاتهام حزب الله بقتل الرئيس رفيق الحريري، و بالتالي حصول إسرائيل على تفويض أممي شرعي للاقتصاص من الحزب &laqascii117o;المتمرد" على الشرعية الدولية.
في لبنان، ثمة مَن هو في غاية الحماسة لمثل هذا السيناريو فجاءت زيارة الرئيس أحمدي نجاد مناسبة لإخراجه عن طوره، رغم طابعها الرسمي، فدفعته الى الكشف عن مدى عدائه للسياسات الإيرانية، حتى لو أدى به ذلك، الى الانسجام حد التطابق مع الموقف الإسرائيلي، فذهب الى اعتبارها استفزازية لإسرائيل، وعقبة في طريق عملية السلام، ومهددة للاستقرار في لبنان والمنطقة، ومسيئة الى علاقات لبنان الخارجية وصولاً الى القول بأن الخلاف بين لبنان وإسرائيل كالخلاف الحدودي بين السعودية واليمن مع ترجيح أن يكون القصد من هذا التشبيه هو تصوير العلاقات اللبنانية ـ الإسرائيلية بأنها أخوية، رغم ما يشوبها من &laqascii117o;خلاف" كما هي الحال بين الرياض وصنعاء، بحيث لن يكون مستغرباً بعد ذلك ذهاب البعض الى تبرئة إسرائيل من تبعات أي عدوان من الممكن أن تقوم به على لبنان، تحت عنوان حق إسرائيل في &laqascii117o;الدفاع" عن نفسها مقابل زيارة أحمدي نجاد &laqascii117o;العدوانية" للبنان.
بلوغ البعض في لبنان هذا الحدّ من التصعيد السياسي ضدّ طهران لا يمكن فهمه إلا دليلا إضافيا على نيّة الأميركي في الذهاب نحو الصدام مع إيران الى النهاية، واستخدامه الساحة اللبنانية لتصفية حساباته مع خصومه المحليين والإقليميين، وذلك يبدو في سياق تحولات ستطال الأولويات الأميركية على الساحة الإقليمية بحيث يتم الانتقال من ملاحقة القاعدة ومتفرعاتها، التي وصلت الحرب الاميركية عليها الى طريق مسدود، الى مواجهة إيران وحلفائها، خاصة أن الحسابات الأميركية والإسرائيلية في التعامل مع الملف النووي الايراني، الذي صار العنوان الابرز للخلاف الاميركي الايراني، باتت تنبئ بوجود قلق كبير لدى واشنطن وتل أبيب من تسارع خطى إيران النووية من دون ان يقوما الى الآن بما من شأنه أن يمنع إيران من تحقيق أهدافها في هذا المجال.
أما في الحسابات الإسرائيلية الصرف فيبدو ان الزيارة تتجاوز حدّ الإزعاج الى الإرباك، باعتبارها تأتي أولاً لتأكيد وقوف ايران بالاضافة الى سوريا الى جانب لبنان جيشاً وشعباً ومقاومةً، في حال حصول أي عدوان إسرائيلي على لبنان، وتأتي لتعيد تذكير الإسرائيلي بالمفرق بما كان قد تم التوافق عليه بالجملة في قمة دمشق الثلاثية الشهيرة التي جمعت الرئيسين بشار الأسد وأحمدي نجاد والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. ولعل وصول أحمدي نجاد الى بنت جبيل سيفسح في المجال أمام جولة جديدة من الحرب النفسية ضدّ إسرائيل، خاصة أن كلامه في بنت جبيل سيندرج في إطار تكريس طهران (بما هي حليف لحزب الله) لانتصار تموز في إطار النصر الإقليمي لمحور الممانعة، مقابل الحرب الدولية التي شنتها إسرائيل في تموز العام 2006. كما سيكون لكلامه المرتقب من بنت جبيل عن إزالة إسرائيل من الوجود طعم آخر، إذ سيؤخذ إسرائيليا معطوفا على خطاب بيت العنكبوت الذي ألقاه السيّد حسن نصر الله في احتفال العام 2000، وبهذا تكون زيارته لبنت جبيل بوابة الانكسار الاسرائيلي في حرب تموز أكثر دلالة ورمزية من زيارته لبوابة فاطمة، بوابة الخروج الإسرائيلي من لبنان عام 2000.
وليس بعيدا عن كل ما تقدم، يمكن القول إن موقف طهران الرسمي من المحكمة الدولية أنها شأن لبناني داخلي، غير أن ذلك لا ينفي وجود رؤية إيرانية تربط هذه المسألة بمجمل الملفات العالقة بين طهران وواشنطن انطلاقاً من محاولة هذه الأخيرة توظيف القرار الظني المرتقب في إطار تفاهم شامل بين الجانبين أو مواجهة شاملة بينهما. خاصة أن اتهام حزب الله أو بعض عناصره &laqascii117o;غير المنضبطة" سيُعاد فبركته بشكل أو بآخر ليرتد على طهران باعتبارها &laqascii117o;الوصي" على حزب الله من دون إغفال إمكان &laqascii117o;طرطشة" سوريا على الخلفية نفسها، وفي هذا الخضم لا يستبعد بعض المراقبين الايرانيين ان تتخذ واشنطن من ملف المحكمة ورقة لمساومة طهران على ملفها النووي بعدما استنفدت الادارة الاميركية شتى الوسائل المتاحة لديها لمنع ايران من بلوغ غاياتها النووية وهي تراهن في ذلك على إرباك ايراني في المفاضلة بين حليفها المدلل وملفها الأول.
كما ان ايران ترى في موضوع المحكمة الدولية مشروع فتنة مذهبية قد يبدأ في لبنان متجاوزا حدوده الى أبعد من ذلك، وهي مسألة فائقة الحساسية في الاعتبارات الايرانية الدينية والسياسية، الأمر الذي دفع طهران الى مضاعفة جهودها للالتفاف على هذا المشروع، وفي هذا الاطار تأتي فتوى قائد الثورة الاسلامية التي حرّم فيها الإساءة الى عائشة وزوجات الرسول. وهنا، يبدو أن إيران تراهن على جهود إقليمية تضمها الى سوريا وإيران وتركيا لوأد مشروع الفتنة وأخرى محلية لبنانية تنطلق من أن الفتنة ليست في مصلحة أي من المسلمين.
باختصار، يمكن القول إن لبنان بالمنظور الاميركي هو الساحة الملائمة حاليا لخوض حرب أميركية ضدّ ايران، وبديلة من حرب مكلفة ومدمرة، لن يكون بوسع الإدارة الاميركية أن تشنها مباشرة، وبهذا يكون حزب الله بالحساب الأميركي هو &laqascii117o;الوكيل" اللبناني ـ البديل من &laqascii117o;الأصيل" الإيراني، والقرار الظني المرتقب بمفاعيله وتداعياته هو المدخل الملائم لذلك عبر الفتنة المذهبية أولا، وحرب إسرائيلية مدمرة ثانيا... هذا على الأقل ما تسعى اليه أميركا وحلفاؤها، ولكن الأهم من ذلك معرفة ما سيسعى اليه حزب الله وحلفاؤه في خلال المرحلة المقبلة، وهو المعروف عنه قدرته