- 'السفير'
مقاربة دستورية لنظرية ولاية الفقيه
عصان نعمة سليمان(أستاذ القانون الدستوري في الجامعة اللبنانية):
تعني ولاية الفقيه، أن صاحب السلطة في الدولة، أو القيادة أو سلطة الأمر في غياب الإمام المهدي إنما تناط بالفقيه العادل العارف بالقانون، فهو يتولى شؤون الدولة وإدارة مصالحها وقضاياها، وعلى جميع المواطنين الالتزام بأوامر هذه القيادة لأنها تمثِّل سلطة القانون.
فالحكومة وإدارة البلاد وتنفيذ أحكام الشرع المقدس هي وظيفة كبيرة ومهمة، لكنها لا تحدث للإنسان مقاماً وشأناً غير عادي، وبعبارة اخرى فالولاية، ليست امتيازاً، خلافا لما يتصوره الكثيرون، بل هي وظيفة خطيرة، يقتضي بمن يتولاها أن يتمتع بخصائص ومؤهلات تتيح له القيام بهذا العبء الملقى على عاتقه.
ولهذه النظرية أصولٍ فلسفية، ترجع إلى زمن أفلاطون الذي قسَّم الحكومات إلى خمسة أنواع: الأرستقراطية التيموقراطية والأوليغارشية والديموقراطية والاستبدادية، ورأى أن أفضل هذه الحكومات هي الارستقراطية المثالية التى يحكمها الفيلسوف وتبنى أرسطو هذه النظرية، مع تجاوزٍ بسيط، إذ عدَّد ثلاثة أنواع من الحكومات الفاضلة منها الحكومة الارستقراطية التي يقودها الفرد العادل.
كما تبنى جانبٌ من الفقه الإسلامي لنظرية الحاكم ـ الفيلسوف، أو الحاكم ـ الفقيه، فقال الماوردي إن الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا، تفسيراً لقول الرسول (ص)، &laqascii117o;عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ..". و عدد سبعة شروطٍ للحاكم أبرزها: العدالة، والعلم المؤدي إلى الاجتهاد، والرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح والشجاعة. وعند ابن الحداد، فإن وظيفة الرياسة هي العدل في السياسة لتعمُرَ البلادَ ويأمن العباد، ويصلح الفساد، وتجْري الأمور على وَفْق السداد, وتنتعش الرعية وتقوى على أداء الفرائض الشرعية. والسياسة سياستان: سياسةُ الدين وسياسةُ الدنيا. فسياسةُ الدين ما أدّى إلى قضاء الفَرْض، وسياسة الدنيا ما أدى إلى عمارة الأرض. وكلاهما يرجع إلى العدل الذي به سلامة السلطان وعمارةُ البلدان.
ووضع الإمام علي (ع)، شروطاً سلبية، لا يجوز أن تكون موجودة في الحكام، بقوله (ع): &laqascii117o;وقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَالِي عَلَى الْفُرُوجِ والدِّمَاءِ والْمَغَانِمِ والأحْكَامِ وإِمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ الْبَخِيلُ فَتَكُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ ولا الْجَاهِلُ فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِهِ ولا الْجَافِي فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِهِ ولا الْحَائِفُ لِلدُّوَلِ فَيَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْمٍ ولا الْمُرْتَشِي فِي الْحُكْمِ فَيَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ ويَقِفَ بِهَا دُونَ الْمَقَاطِعِ ولا الْمُعَطِّلُ لِلسُّنَّةِ فَيُهْلِكَ الأمَّةَ". وأطلق في كلمةٍ له (ع) نظرية الولاية بقوله: إِنَّكَ فَوْقَهُمْ ووَالِي الأمْرِ عَلَيْكَ فَوْقَكَ واللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلاكَ ..." ، إذاً فالولاية للحاكم (أو للفقيه)، هي من مقولات الإمام علي (ع)، وتجد لها تأييداً واسعاً في الفكر السياسي السني الذي منح الحاكم السلطة المطلقة، واعتبار أن طاعة الإمام واجبة.
وتلخَّص نظرية &laqascii117o;ولاية الفقيه" بأن صاحب السلطة والأمر في الدولة هو &laqascii117o;الولي الفقيه"، وسيظهر لنا أن هذه السلطة ليست مطلقة على طريقة الفقه السياسي السني، بل هي سلطة مقيَّدة بأحكام الدستور، الذي منح الشعب صلاحية انتخاب السلطتين التشريعية والتنفيذية، ووضع أصول وضوابط العلاقة في ما بين هذه السلطات وبين &laqascii117o;الولي الفقيه".
لقد اعتمد الدستور نظرية &laqascii117o;الولاية" في المادة 5 التي تنص على أنه: &laqascii117o;في زمن غيبة الإمام المهدي (ع) تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل، المتقي، البصير بأمور العصر، الشجاع القادر على الإدارة والتدبير...".
ثمَّ تبعتها المادة 6 لتعطي صلاحية الإدارة لهيئات منتخبة من الشعب:
&laqascii117o;يجب أن تدار شؤون البلاد في جمهورية إيران الإسلامية بالاعتماد على رأي الأمة الذي يتجلى بانتخاب رئيس الجمهورية، وأعضاء مجلس الشورى الإسلامي ...، أو عن طريق الاستفتاء العام في الحالات التي نص عليها الدستور".
1ـ صفات &laqascii117o;الولي الفقيه"
لما كان من الواجب أن يكون الحاكم قادراً على تطبيق المذهب السياسي الذي يعتمده الدستور، وضعت المادة 109 من الدستور الإيراني شروطاً وصفات خاصة لمن يتولى منصب &laqascii117o;الولي الفقيه"، وهي: الكفاءة العلمية اللازمة للإفتاء في مختلف أبواب الفقه، العدالة والتقوى اللازمتان لقيادة الامة الاسلامية ـ الرؤية السياسية الصحيحة، والكفاءة الاجتماعية والادارية، والتدبير والشجاعة، والقدرة الكافية للقيادة.
وتثبت هذه الصفات الخاصة بالحاكم، أن الولي الفقيه، هو عملياً &laqascii117o;الفيلسوف" بالمعنى الأفلاطوني.
2ـ آلية تعيين &laqascii117o;الولي الفقيه"
لم يحجب الدستور صلاحية الشعب في اختيار &laqascii117o;الولي الفقيه"، فهو عملياً ينتخب بطريقة الاقتراع غير المباشر على درجتين. إذ ينتخب الشعب مجلس الخبراء الذي أوكلت إليه المادة 107 من الدستور مهمة انتخاب &laqascii117o;الولي الفقيه". يتألف مجلس الخبراء من 86 عضواً، يمثِّلون محافظات إيران الـ28، حيث تنتخب كل محافظة ممثليها في مجلس الخبراء. يشترط في عضو مجلس الخبراء أن يكون: مخلصاً وأميناً وحسن الخلق ـ ملماً بالفقه لمعرفة الشروط الواجب استيفاؤها لتولي منصب &laqascii117o;الولي الفقيه" ـ متمتعاً بمهارات اجتماعية وسياسية وعارفاً بالأوضاع العامة ـ معروفاً بولائه لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وتتشابه طريقة انتخاب الولي الفقيه، مع طريقة انتخاب رئيس الولايات المتحدة الأميركية، إلا أنها تختلف عنها لناحية الشروط وصفات أعضاء الهيئة الناخبة.
3ـ الصلاحيات العامة لـ&laqascii117o;الولي الفقيه"
بعدما أناط الدستور الإيراني في مادته الخامسة بـ&laqascii117o;الولي الفقيه" ولاية الأمر وإمامة الأمة، وحدد كيفية ممارسة &laqascii117o;الولي الفقيه" صلاحياته، نصَّ في المادة 110 على وظائف القائد وصلاحياته، ولمقتضيات هذه الدراسة، سنقسمها إلى صلاحياتٍ عامة، وصلاحيات متصلة بالسلطات الدستورية.
وفي ما خصَّ الصلاحيات العامة، نجدها ذات بعدٍ استراتيجي تخطيطي، لناحية دور &laqascii117o;الولي الفقيه" في وضع السياسات العامة بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام.
أو هي صلاحيات ذات بعدٍ رقابيٍ حمائي، من خلال دور &laqascii117o;الولي الفقيه" في الاشراف على حسن إجراء السياسات العامة للنظام، وفي حلِّ الاختلافات وتنظيم العلائق بين السلطات الثلاث، أو حل مشكلات النظام التي لا يمكن حلها بالطرق العادية من خلال مجمع تشخيص مصلحة النظام، وفي إصدار الامر بالاستفتاء العام.
أو ذات بعدٍ أمني عسكري، لناحية القيادة العامة للقوات المسلحة، واعلان الحرب والسلام والنفير العام، وتعيين وعزل وقبول استقالة رئيس اركان القيادة المشتركة، والقائد العام لقوات حرس الثورة الاسلامية، والقيادات العليا للقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي.
4ـ صلاحيات &laqascii117o;الولي الفقيه"
إزاء السلطة التشريعية
أناط الدستور الإيراني (المادة 58)، بمجلس الشورى الإسلامي، ممارسة الصلاحية التشريعية، ويتألف هذا المجلس من نواب منتخبين من قبل الشعب مباشرة وبالاقتراع السري (المادة 59). ويكون كل نائب مسؤولاً تجاه جميع أبناء الشعب (المادة 84)، ولا يتضمَّن الدستور ما يفيد أن النائب أو مجلس الشورى الإسلامي، هو مسؤولٌ أمام الولي الفقيه.
أما لناحية مضمون القوانين الصادرة عن مجلس الشورى الإسلامي، فبحسب المادة 72 من الدستور، يتوجب أن لا تكون مغايرة لاصول وأحكام المذهب الرسمي للبلاد او مغايرة للدستور. وهذا ما يؤدي إلى ضرورة التزام المجلس بفتاوى &laqascii117o;الولي الفقيه" باعتباره مرجع التقليد وتعدُّ فتاويه جزءاً من أحكام المذهب الرسمي.
واللافت أن &laqascii117o;الولي الفقيه"، لا يصدر أوامر مباشرة إلى مجلس الشورى الإسلامي، ولا يصدر قرارات أو فتاوى يبطل بموجبها قانوناً صادراً عنه، إنما أنيطت مهمة الرقابة على دستورية القوانين بمجلس صيانة الدستور.
يتألف مجلس صيانة الدستور من 12 عضواً، ستة أعضاء من الفقهاء العدول العارفين بمقتضيات العصر وقضايا الساعة، يختارهم &laqascii117o;الولي الفقيه"، وستة أعضاء من الحقوقيين المسلمين من ذوي الاختصاص في مختلف فروع القانون، يرشحهم رئيس السلطة القضائية ويصادق عليهم مجلس الشورى الإسلامي (المادة 91). حول هذه النقطة، يتميَّز الدستور الإيراني عن مختلف الدساتير، بتقريره عدم مشروعية مجلس الشورى الاسلامي دون وجود مجلس صيانة الدستور (المادة 93).
ان مجلس صيانة الدستور، بخلاف كل الدول، لا يبطل القانون المغاير لأحكام الدستور، بل يعيده إلى مجلس الشورى الاسلامي لإعادة النظر فيه (المادة 94). فإذا لم يقبل مجلس الشورى الاسلامي برأي مجلس صيانة الدستور، يحال النزاع إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام (يعيِّن &laqascii117o;الولي الفقيه" أعضاءه)، فيعدُّ مشروع قرار الفصل بهذا النزاع، ويرفعه إلى &laqascii117o;الولي الفقيه" لإصداره إذا وافق عليه (المادة 112).
5ـ صلاحيات &laqascii117o;الولي الفقيه"
إزاء السلطة التنفيذية
لا يتضمن الدستور الإيراني، أي نصٍ يشير إلى دورٍ للولي الفقيه إزاء السلطة التنفيذية، باستثناء صلاحية عزل رئيس الجمهورية ضمن شروط. وصلاحية تعيين وعزل رئيس مؤسسة الاذاعة والتلفزيون.
فبحسب المادتين 60 و113 يتولى رئيس الجمهورية والوزراء ممارسة السلطة التنفيذية باستثناء الصلاحيات المخصصة للولي الفقيه مباشرة. ينتخب رئيس الجمهورية مباشرةً من قبل الشعب لمدة اربع سنوات، ولدورتين متواليتين على الأكثر(المادة 114). ويقتصر دور &laqascii117o;الولي الفقيه" على إمضاء حكم تنصيب رئيس الجمهورية بعد انتخابه (الفقرة 9 من المادة 110)، وهو إجراء بروتوكولي بحيث لا يستطيع الولي الفقيه رفض نتائج الانتخاب أو الاعتراض على الفائز.
وبخلاف معظم الدساتير التي لا تضع شروطاً خاصة على المرشحين لموقع الرئاسة، فإن المادة 115 اشترطت أن يكون مرشح الرئاسة من بين الرجال المتدينين السياسيين المعتقدين بمبادئ الجمهورية والمذهب الرسمي للبلاد، وتتوفر فيهم الامانة والتقوى والقدرة في مجالس الادارة والتدبير، وذا ماضٍ جيد، وان يكون ايراني الاصل ويحمل الجنسية الايرانية. وتناط بمجلس صيانة الدستور صلاحية التحقق من توافر هذه الشروط في المرشحين للرئاسة.
واللافت أن شرط الجنسية الإيرانية المطلوب للمرشح للرئاسة، لم ينص عليه الدستور في ما خصَّ &laqascii117o;الولي الفقيه" مما يحمل على الاعتقاد بأن الدستور الإيراني لا يشترط الجنسية الإيرانية لمن يتولى منصب &laqascii117o;الولي الفقيه"..
أما بالنسبة لمعاوني الرئيس والوزراء وبقية أعضاء الجهاز الإداري، فإن الدستور لم يعطِ &laqascii117o;الولي الفقيه" أي سلطة تجاههم، إن لناحية تعيينهم أو مساءلتهم، فالرئيس يعيِّن منفرداً معاونيه (المادة 124)، كما يعيِّن منفرداً الوزراء ويرأس مجلس الوزراء، ويطلب إلى مجلس الشورى الاسلامي منحهم الثقة (المادة 133)، ويكون مسؤولاً امام مجلس الشورى الاسلامي عن اجراءات مجلس الوزراء (المادة 134). ويبقي الوزراء في وظائفهم ما لم يعزلهم رئيس الجمهورية او يحجب المجلس الثقة عنهم أو يتقدَّموا باستقالتهم إلى رئيس الجمهورية (المادتين 135 و136)، وهم مسؤولون عن واجباتهم الخاصة تجاه رئيس الجمهورية ومجلس الشورى الإسلامي (المادة 137).
أما رئيس الجمهورية، وبعد أن أسندت إليه السلطة التنفيذية، فهو يكون مسؤولاً في نطاق صلاحياته ووظائفه أمام الشعب و&laqascii117o;الولي الفقيه" ومجلس الشورى الاسلامي (المادة 122). فإذا صدر حكم عن المحكمة العليا بتخلُّفه عن وظائفه القانونية، أو تبيَّن لمجلس الشورى الاسلامي عدم كفاءته السياسية، في هذه الحالة يتولى &laqascii117o;الولي الفقيه" إصدار قرار بعزله من مهامه الرئاسية (الفقرة 10 من المادة 110). فصلاحية العزل المقيَّدة، هي الصلاحية الوحيدة التي يملكها &laqascii117o;الولي الفقيه" بمواجهة السلطة التنفيذية.
6ـ صلاحيات &laqascii117o;الولي الفقيه"
إزاء السلطة القضائية ومسألة المحاسبة
تقتصر صلاحية &laqascii117o;الولي الفقيه" إزاء السلطة القضائية، على تعيين رئيس هذه السلطة، ويحقُّ له العفو أو التخفيف من عقوبات المحكوم عليهم في اطار الموازين الاسلامية بعد اقتراح رئيس السلطة القضائية.
ويتساوى &laqascii117o;الولي الفقيه" مع كل الأفراد أمام القانون، وفق المادة 107 من الدستور. ولهذا فهو، بخلاف كل الرؤساء والملوك، لا يتمتع بأي حصانة، ويحاكم كأي مواطن عند ارتكابه لأي جرم أو مخالفة أو فعل يترتب عنه مساءلة مدنيةٍ كانت أو جزائية.
كما يُلزم &laqascii117o;الولي الفقـيه" بالتــصريح عن أمواله قبل توليه المسؤولية وبعدها للتحقق مما إذا كان قد أثرى بصورة غير مشروعة، حيث أناطت المادة 142 من الدستور برئيس السلطة القضائية صلاحية التحقيق في أموال &laqascii117o;الولي الفقيه" وزوجاته، وأولاده، قبل تحمل المسؤولية و بعده، وذلك لئلا تكون قد ازدادت بطريق غير مشروع.
وإذا فقد &laqascii117o;الولي الفقيه" أحد الشروط المقررة لتوليه المنصب، يمكن لمجلس الخبراء أن يعزله (المادة 111)، وفي هذه الحالة على مجلس الخبراء القيام بأسرع وقــت بتعيين &laqascii117o;ولي فقيه" جديد، وإلى أن يتمَّ انتخابه يتحمل مسؤولية القـيادة بصـورة مؤقتــة مجلس شورى مؤلف من رئيس الجمهورية، ورئيس السلطة القضائية، وأحد فقهاء مجلس صيانة الدستور.
أثبت تجربة &laqascii117o;ولاية الفقيه" الدستورية كفاءتها في إدارة شؤون الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بحيث انتقلت هذه الدولة، بخلال سنواتٍ قليلة، من دولة منهكة خارجة من حربٍ مدمِّرة، إلى دولة تحاول ولوج باب الدول العظمى ذات الاكتفاء الذاتي في مختلف المجالات.
- 'الأخبار'
ردّ المقاومة على حرب &laqascii117o;المجتمـع الدولي" براغماتية مفرطة
قاسم عز الدين(كاتب لبناني):
القرار الاتهامي الذي سيصدره &laqascii117o;المجتمع الدولي" آجلاً أم عاجلاً على المقاومة، هو تعويض عن حرب عسكرية وتمهيد لحرب عسكرية في الوقت نفسه. فهو تعويض عن حرب لم يستطع &laqascii117o;المجتمع الدولي" استكمالها عام 2006، وتمهيد لحرب لا يستطيع أن يخوضها &laqascii117o;المجتمع الدولي" اليوم، لكنه يعمل على توفير ظروفها منذ &laqascii117o;وقف إطلاق النار" استعداداً لاستكمال الحرب. والقرار هو بحد ذاته إعلان حرب، بل إن إعلان الحرب سبق صدور القرار، ليس فقط في التسريبات الإعلامية وفي &laqascii117o;تطبيع" من يمكن تطبيعه في محتوى القرار، بل في وجهة &laqascii117o;المحكمة الدولية" التي لا تحتمل وُلوج التحقيق نحو أجهزة دول &laqascii117o;مجلس الأمن" وطفلها المدلل إسرائيل. فبناء &laqascii117o;المحكمة" في انتدابها على القضاء اللبناني، تحت سيادة الفصل السابع في &laqascii117o;مجلس الأمن"، هو بحد ذاته قرار إعلان حرب استهدف الوصول إلى المقاومة من الباب الخلفي حين كان الاتهام موجّهاً ضد الضباط الأربعة وسوريا، ويستهدفها مواجَهَة بعد إقفال الأبواب الخلفية. ولم يكن تخلّي القضاء اللبناني عن أبسط مسؤولياته في التحقيق وفي المراقبة وفي تصحيح المسار.... إلى سلطة الانتداب، إلّا تسهيلاً لحرب دول &laqascii117o;المجتمع الدولي" على المقاومة في نهاية المطاف. لكن رد المقاومة على إعلان الحرب جاء مفرطاً في براغماتية إدارية عملانية، ولم يتصدّر دفاعها المشروع عن النفس طموح سياسي أقلّه تحرير القضاء اللبناني من سلطة انتداب &laqascii117o;المجتمع الدولي".
فالقرار الاتهامي بات معروفاً في ختام عمل هيئة تحقيق حكمت &laqascii117o;مهنيتها" القانونية قواعد &laqascii117o;مجلس الأمن" في ثلاث: 1– لا يمكنها التحقيق أو حتى الاشتباه في أيٍّ من أجهزة دول &laqascii117o;مجلس الأمن" والأجهزة الملائكية الأخرى التي ترعاها دول يحق لها الاستناد إلى سلاحها النووي في &laqascii117o;الحكم الدولي الرشيد" 2– التنسيق والتعاون مع أجهزة دول &laqascii117o;مجلس الأمن" والأجهزة الأخرى &laqascii117o;ذات الصدقية الأمنية الدولية" مثل إسرائيل: في التقنيات وفي جمع المعلومات وتحليلها، وفي المهمات الاستخبارية... (فهيئة التحقيق مرغمة على ذلك بحكم الأمر الواقع حتى إذا كان قضاة التحقيق من الملائكة). 3– عدم المسّ بمصالح دول &laqascii117o;المجتمع الدولي"، التي تعلو بحكم قواعد الدول ذات سيادة، على القوانين الدولية وعلى قوانين القضاء في كل من دول &laqascii117o;مجلس الأمن" حين تتهدد مصالح الدولة. وبقطع النظر عن كفاءة قضاة التحقيق وضميرهم المهني، فإن بناء المحكمة (لا سيما في هيئة التحقيق) تحت سلطة &laqascii117o;مجلس الأمن" وحده، من دون توازنه مع قضاء لبناني فاعل يفرض التوازن في مسارات التحقيق، يؤدّي لا محالة إلى انحراف التحقيق حسب أهواء مصالح دول &laqascii117o;مجلس الأمن". ولا غرابة ومصالح دول &laqascii117o;مجلس الأمن" على ما هي عليه من توافق ضد إيران، أن يصدر قرار هيئة التحقيق على &laqascii117o;العناصر الإيرانية" في حزب الله فيصيب عصفورين بحجر واحد. والقرار العتيد، على ما باتت تفاصيله معروفة في أجهزة دول صاحبة السيادة على &laqascii117o;التحقيق الدولي"، يستند إلى &laqascii117o;قرائن وأدلّة جرمية" لا إلى اعترافات المتهمين أو إلى شهود في الجرم. فهذا الأمر كان يتطلب منحىً آخر من التحقيق يفتح كل المسارات عساه أن يبلغ مبتغاه بمعجزة، على ما دلّت تجارب التحقيقات في الجرائم السياسية الكبرى التي وقفت في وجهها دوماً &laqascii117o;مصالح الدولة" (من اغتيال جان مولان والمهدي بن بركة في فرنسا إلى اغتيال كندي وأولف بالمه..) لكن القرار الاتهامي هو غاية &laqascii117o;مجلس الأمن" ومبتغاه في إعلان الحرب على المقاومة، تعويضاً عن حرب عسكرية وتمهيداً لحرب في الوقت نفسه. ولا تستطيع المقاومة غير العمل على تعطيل صدور قرار إعلان الحرب في &laqascii117o;مجلس الأمن" إذا تسنّى لها ذلك، والعمل كذلك على تعطيل القنابل الموقوتة التي يؤدي إليها صدور القرار في لبنان والعالم العربي.
ومن المستبعد جداً نجاح المقاومة في تعطيل قرار إعلان الحرب في &laqascii117o;مجلس الأمن". فهو شأن استراتيجي جيو – سياسي مرتبط بما يسمى &laqascii117o;نبذ العنف"، وحماية أمن إسرائيل، ومرتبط كذلك بالتحولات الإقليمية وأثرها على ستاتيكو النظام الدولي – الإقليمي المأزوم.. لكن العمل على تعطيل القنابل الموقوتة التي يسعى القرار إلى تفجيرها في لبنان والمحيط الإقليمي ممكن، بل هو في متناول اليد لقلب ضغط البخار في اتجاه مصدرها في &laqascii117o;مجلس الأمن"، بشرطين: أ – مقاربة قرار إعلان الحرب على مستوى تعقيد خطة &laqascii117o;مجلس الأمن" وأدواته في مشروع سياسي متكامل مقابل مشروع سياسي متكامل. ب – مجابهة إعلان الحرب تحت العنوان نفسه الذي اختاره &laqascii117o;مجلس الأمن" مسرحاً للحرب في &laqascii117o;كشف الحقيقة ومعاقبة المجرمين". فالمقاومة مستهدفة معنوياً وجسدياً في قرارإعلان الحرب، لكن هذا الاستهداف المعنوي والجسدي ليس غاية بذاتها، بل هو محاولة إزالة سد منيع أمام زحف دول &laqascii117o;المجتمع الدولي" على حقوق ومصالح لبنان والمحيط الإقليمي، لصالح &laqascii117o;أمن إسرائيل" والستاتيكو الدولي – الإقليمي في: 1– فرض انتداب &laqascii117o;المجتمع الدولي" على السياسة الخارجية، والسياسة الدفاعية، والسياسة الاقتصادية – الاجتماعية. 2 – احتلال فراغ مؤسسات &laqascii117o;الدولة" في لبنان والمحيط الإقليمي، والعمل على تقديس الاحتلال بصفته &laqascii117o;العبور إلى الدولة" وسيادتها. وفي هذا السياق من المهم نجاح المقاومة في إدارة معركة تعطيل قرار إعلان الحرب وتعطيل القنابل الموقوتة التي يعمل على تفجيرها، دفاعاً عن النفس. لكن الأهم نجاحها في مسار تعطيل احتلال &laqascii117o;المجتمع الدولي" فراغ مؤسسات &laqascii117o;الدولة"، دفاعاً عن الحقوق والمصلحة العامة، ودفاعاً عن النفس في إثر الدفاع عن الحقوق.
لقد نأت المقاومة بنفسها طويلاً عن &laqascii117o;التدخل في الشؤون الداخلية". ونجحت حتى انقلاب السلطة من تحت دلف الوصاية السورية إلى تحت مزاريب انتداب &laqascii117o;المجتمع الدولي" عام 2005، في الحفاظ على استراتيجية &laqascii117o;كل الجهود نحو العدو الصهيوني". لكن هذه الاستراتيجية باتت بعد انتداب &laqascii117o;المجتمع الدولي" على السلطة، عبئاً على استراتيجية المقاومة. وباتت خطوط المواجهة السياسية في &laqascii117o;مجلس الأمن" عبر انتدابه على السلطة التي تتبنى خيارات &laqascii117o;المجتمع الدولي". وقد جرّت هذه الخيارات السياسية وراءها نصف الناس لأسباب متداخلة شأنهم شأن باقي خلق الله في هذه المعمورة الذين ضاقت فيهم حيلة التحرر من جور منظومة &laqascii117o;المجتمع الدولي". وقد نأت المقاومة بنفسها &laqascii117o;عن التدخل في هذه الشؤون" إلّا ما ندر في دفاعها عن النفس. ولم تعمل على صوغ خيارات سياسية بديلة لخيارات &laqascii117o;المجتمع الدولي" تحفظ لكل الناس حقوقهم السياسية والثقافية والاجتماعية.. في مصلحة عامة (دولة الحقوق) بعد تضحيات جمّة حفظت لهم الحقوق الوطنية. بل إن المقاومة لم تعمل خلال خمس سنوات على وقف التطاول عليها في هرطقة &laqascii117o;العبور إلى الدولة" التي تتزين فيها أمام الناس قوى سلطة &laqascii117o;إنكشارية" جعلت مؤسسات &laqascii117o;الدولة" مزرعة خاصة، وما زالت تتباهى بإعادة انتداب &laqascii117o;المجتمع الدولي" إلى ما تركته السلطة أثراً بعد عين في هيكل كان يشبه الدولة.
نجحت قوى السلطة في صوغ منظومة متكاملة من الفراغ السياسي في &laqascii117o;الدولة" الذي يملأه انتداب &laqascii117o;المجتمع الدولي". وسبقت المقاومة دوماً خطوة في الهجوم على &laqascii117o;الدويلة" التي تعرقل احتلال &laqascii117o;المجتمع الدولي" لفراغ الدولة. بينما تأخرت المقاومة دوماً خطوة في موقع الدفاع عن النفس. ولم تعمل على صوغ منظومة تتكامل فيها دولة الحقوق إلى جانب الحق في المقاومة، في خيار تبادل المنفعة والمصالح في المحيط الإقليمي، مقابل خيار انتداب &laqascii117o;المجتمع الدولي". ولعل استباق المقاومة اليوم قرار إعلان الحرب في &laqascii117o;مجلس الأمن"، يتجاوز الدفاع الوقائي عن النفس إلى الفعل في ملء الفراغ السياسي في &laqascii117o;الدولة" محل انتداب &laqascii117o;المجتمع الدولي". لكن هذا الأمر يقتضي أن تدافع المقاومة عن تحرير القضاء من الانتداب عنوان دفاعها المشروع عن النفس في: أن الدولة، (أيّ دولة غير دولة الموز) لا تسلّم أيّاً من سلطاتها إلى أي مؤسسة دولية. وأن الاتفاقية الدولية لا تعلو على الدستور واستقلال الدولة عن &laqascii117o;المجتمع الدولي". وفي أن الدولة لا تساهم في تمويل &laqascii117o;المحكمة الدولية" وتتحمل الواجبات دون حقوق في قرار التحقيق مقابل الواجبات. وفي أن الدولة، (غير دولة الموز) لا تثق بأي مؤسسة دولية بل تثق في قدرتها على إقامة علاقات ندّية شديدة الصعوبة. وهو أمر يفترض التشكيك الأقصى شرطاً للوصول إلى أفضل ما يمكن من علاقات شبه متكافئة. وتحت عنوان تحرير القضاء من الانتداب يمكن تأليف هيئة تحقيق برلمانية تبدأ عملها بالتصريح بأن القرار الظني العتيد إذا توافق مع &laqascii117o;التسريبات" الصحافية والسياسية، دليل عل سيطرة دول &laqascii117o;مجلس الأمن" على القرار، ودليل على خطة مبيّتة في إعلان الحرب. ثم تأليف هيئة تحقيق قضائية للعمل على &laqascii117o;كشف الحقيقة" وتحويل ضغط البخار في اتجاه دول &laqascii117o;مجلس الأمن" عبر محاكمة شهود الزور وعبر تصويب مسار التحقيق في اتجاه اسرائيل والأجهزة المتعاونة معها..
البراغماتية المفرطة في إدارة عملانية للدفاع المشروع عن النفس هي جزء من المعركة السياسية في موازين السلطة. لكن هذا النوع من المعارك السياسية هو احتراب دائم في السلطة يتجدد على الدوام في &laqascii117o;صيغة لا غالب ولا مغلوب". ما يمكن أن يكسر الحلقة المفرغة في احتراب السلطة، معارك سياسية لتحرير مؤسسات &laqascii117o;الدولة" من انتداب &laqascii117o;المجتمع الدولي" وملحقاته.
- 'النهار'
زيارة نجاد ...إسرائيلياً
بقلم رنده حيدر:
لم يحجب إعلان إسرائيل التزامها الصمت وعدم التعليق رسمياً على زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الى لبنان، بروز أجواء الترقب والقلق والحذر الشديد التي أشاعتها الزيارة داخل إسرائيل. وقد برز ذلك واضحاً في تعليقات الصحف الإسرائيلية التي أجمعت على الأهمية الكبيرة لهذه الزيارة وعلى انعكاساتها الأكيدة على إسرائيل.
ورأى أكثر من معلق إسرائيلي، أن الرئيس الإيراني حمل معه الى لبنان أكثر من رسالة موجهة الى أكثر من طرف داخلي وإقليمي ودولي، وأن إسرائيل ليست الوحيدة المستهدفة بالزيارة. وأعطى هؤلاء أهمية خاصة الى البعد اللبناني الداخلي للزيارة التي تأتي في ذروة الخلاف بين 'حزب الله' ورئيس الحكومة اللبنانية على خلفية القرار الظني للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، الذي يقال أنه سيتهم أفراداً من الحزب بالضلوع في عملية إغتيال رفيق الحريري. ففي رأيهم أن الرئيس الإيراني جاء ليعزز من جديد مكانة الحزب ويلّمع صورته كممثل للمقاومة ضد إسرائيل، وليبدد الأصداء السلبية التي تسبب بها الخلاف الداخلي اللبناني على مكانة الحزب.
لكن الأهم في نظر بعض المعلقين الإسرائيليين، مثل ديفيد شاين خبير العلاقات الدولية في الجامعة العبرية، دلالة الزيارة على صعيد العلاقة بين إيران ولبنان. وفي تقديره أن مجيء نجاد هو للتأكيد على إنتقال 'لبنان من دائرة الرعاية السورية الى الرعاية الإيرانية'، وأن أحمدي نجاد هو 'الملك الجديد الذي سيقدم له الزعماء اللبنانيون على اختلاف طوائفهم فروض الولاء'.
يتفق الدكتور موردخاي كيدار الباحث في مركز بيغن- السادات للدراسات الاستراتيجية مع شاين في وجهة النظر هذه. ويضيف أن 'إيران حوّلت لبنان من دولة عصرية ليبرالية تقودها النخبة المسيحية ذات التوجهات الغربية، الى دولة ممزقة، تقودها ميليشيا شيعية متطرفة تأخذ توجيهاتها من إيران'.
وتساءل بعض المعلقين عن انعكسات السيطرة الإيرانية على لبنان على موقع سوريا هناك، وعلى العلاقة بين طهران ودمشق. ففي رأي عاموس هرئيل متابع الشؤون العربية في صحيفة 'هآرتس' المستقلة والقريبة من اليسار الإسرائيلي، أن هناك تخوفاً سورياً من السيطرة الإيرانية على لبنان، وأن سوريا تراقب بقلق' تبدد حلمها بقيام سوريا الكبرى' بسبب الإيرانيين.
ويبدو واضحاً أن ثمة توجهاً اسرائيلياً نحو اعطاء أهمية خاصة للبعدين الداخلي والإقليمي لزيارة نجاد الى لبنان، وإبعادها عن النزاع الفلسطيني–الإسرائيلي. ذلك على الرغم من الموقف الإيراني الواضح المعارض للمفاوضات المباشرة الدائرة حالياً بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية بوساطة أميركية. ويصب هذا التوجه في صلب السياسة الإسرائيلية التي تعارض بشدة موقف إدارة الرئيس أوباما القائل بأن إيجاد حل للمشكلة الفلسطينية، سيساهم في حل مشكلة السلاح النووي الإيراني.
كما يخدم التشديد على البعد الداخلي لزيارة نجاد الى لبنان، المحاولات الإسرائيلية لتحميل لبنان حكومة وشعباً مسؤولية دخول بلدهم تحت الهيمنة الإيرانية، وكل ما يستتبع ذلك من مخاطر.
ما لم يناقشه الإسرائيليون بصراحة ووضوح، هو كيفية انعكاس الزيارة على الهدوء الهش الذي يسود حدودهم الشمالية مع لبنان، وبصورة خاصة على التهديدات التي توجهها إسرائيل على خلفية سعي إيران لإمتلاك السلاح النووي. وهم وإن كانوا يرون أن لا مصلحة لـ'حزب الله' الآن في خوض مواجهة عسكرية جديدة ضد الجيش الإسرائيلي، لكنهم يتوجسون من أن تؤدي الزيارة الى رفع درجة التوتر بين الحزب وإسرائيل.
في رأي يوسي بيلين أحد أهم رموز معسكر السلام في إسرائيل، ومهندس الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، أن أهم وسيلة لإحتواء مفاعيل زيارة الرئيس الإيراني الى لبنان هي في تسريع المفاوضات مع الفلسطينيين، وفي احياء المسار التفاوضي مع سوريا. فوحده 'السلام السوري-الإيراني هو الذي يطرد النوم من عيني نجاد'
- 'النهار'
قراءة في 'هدنة نجاد'!
راجح الخوري:
ثلاثة أيام لبنانية للرئيس محمود أحمدي نجاد، ثم يُستأنف الصراع المدمر فوق هذا الوطن الحلبة، أو بالاحرى الوطن المسخرة.لسنا ندري اذا كان علينا ان نشكر الرئيس سعد الحريري الذي اقترح من موقع مسؤوليته وحرصه على صورة لبنان وما تبقى من سمعته، ما سمي بـ'هدنة نجاد'، في هذه الايام الثلاثة، وهي مدة الزيارة، أم علينا أن نشكر المعارضة وخصوصا 'حزب الله' وحركة 'أمل' وقد أغرقا لبنان بالترحيب ومظاهر الاستقبال الفخم و'خوش آمديد'، ثم قبلا في اللحظة الاخيرة السير في هذه الهدنة احتراما للضيف إن لم يكن للبلد والدولة!لسنا ندري فعلا لمن نوجه الشكر، وما اذا كان علينا أصلا توجيه مثل هذا الشكر، وخصوصا ان المواطن اللبناني المفعم بالسعادة، يكدّره فعلا أن يرى أن نزول نجاد في لبنان يستحق هدنة يقبلها المنقضون على الدولة، بينما نزول الكوارث وإمكان هبوط أشباح الفتنة الماحقة في لبنان، لا يستحقان أي هدنة!الحرص على زيارة نجاد يفرض هدنة على الحلبة السياسية وهو أمر ضروري، لكن استقرار لبنان واستمرار الهدوء فيه وعدم انزلاقه الى الفوضى والفتنة لا تستحق أي هدنة او مهادنة، في ظل العنوان الحالي للصراع: إما الفوضى وقلب الطاولة وإما دفن القرار الاتهامي قبل أن يولد والاتيان برأس المحكمة الدولية؟في أي حال شكرا للرئيس الايراني الذي أعطانا من حيث لا يدري هذه الهدنة بين أهل الدولة الفاشلة، وهي فاشلة لأسباب كثيرة لا تقتصر على الصراع السياسي الذي اشرنا اليه، بل يصل فشلها الى أمور تفصيلية، وجدت لها قبائل الجاهلية حلولا ولم نجد نحن أي حل. على سبيل المثال، هناك في القصر الجمهوري جناح رئاسي لاستقبال ضيوف لبنان من الملوك والرؤساء ولكننا لم نستعمله يوما، بل استعملنا الفنادق ربما زيادة في التكريم وحسن الاستقبال او زيادة في الانفاق لكثرة الفائض في ميزانية هذا الوطن المتسول.لا نقول هذا لضيق بزيارة الرئيس نجاد الذي تساعد بلاده لبنان، معاذ الله، فان لم تتسع له قصور الضيافة وأبهة الفنادق الفخمة، اتسعت له على الاقل منازل نصف اللبنانيين وقلوبهم، ولكننا نقول هذا لأننا نحرص على ان يكون هذا البلد وطنا ولو لمرة، وعلى أن تكون هذه الدولة سلطة ولو لمرة.هذه واحدة. أما الثانية فلا ندري لماذا تصر هذه الدولة البائسة على استمطار غيظ الناس وضيق المواطنين عندما لا تجد بديلا من خنقهم في الطرق وشنقهم في الازدحامات كلما حل ضيف كريم في هذا البلد العظيم.ما يحصل الآن مع وصول الرئيس الايراني، حصل من قبل، مع وصول كل الزعماء الذين زاروا لبنان، عندما تحولت بيروت مصيدة للناس الغافلين وقد علقوا في الازدحام او في متاهة اجراءات السير، وأما الذين تنبهوا فقد فروا الى الجبال او لازموا منازلهم مسبّحين بحمد الدولة الساهرة التي تصرّ على سياحة الرؤساء في شوارع خالية من المارة والسيارات، ربما تأكيدا للواقع القائم، فالدولة في واد والناس في واد آخر.كان مضحكا ومبكيا طبعا ان يقرأ اللبنانيون أمس بيان قوى الامن عن تدابير السير لمناسبة زيارة نجاد، الذي استغرق صفحتين تقريبا في تعداد الامكنة والشوارع التي منع المرور او الوقوف فيها وبلغ عددها تحديدا 149، ولا ندري اذا كان قد بقي من زاروب في بيروت يمكن التسلل منه الى العمل.كل هذا في كفة، واذا صح ما أشيع عن أن الامن الايراني يتولى السهر على زيارة نجاد، وأن الاختراقات المعادية التي أصابت الاجهزة في لبنان قضت بذلك، يكون في كفة ثانية، تعمق الاهانة التي يشعر بها المواطن في لبنان.في أي حال أهلا وسهلا بالرئيس الدكتور محمود أحمدي نجاد، ضيفا عزيزا في لبنان، بلد الدولة الفاشلة التي لم تترك أي مجال لاعتزاز أبنائها، ويكفينا حرجا ان تفرض هذه الزيارة هدنة على الحلبة السياسية، ولا يفرض الخوف من الفتنة مثل هذه الهدنة!
- 'الشرق الأوسط'
شعبية أحمدي نجاد في أدنى مستوى لها داخل إيران
هدى الحسيني:
قد يحب الرئيس اللبناني ميشال سليمان أن يكون معه في السفينة اللبنانية، السعودية وقطر وسورية، وكذلك إيران وتركيا التي ينوي رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان زيارة لبنان قريبا. من عادة وطبع اللبنانيين، كشعب، الترحيب بكل من يزور بلادهم، لكن أكثر الزيارات التي أثارت لغطا هي زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد التي كان يمكن أن تأتي طبيعية كرد على الزيارة التي قام بها إلى إيران الرئيس اللبناني، لولا أن فريقا من اللبنانيين يشعر بأن من واجبه أن يرد الجميل إلى أحمدي نجاد، وقد صب هذا في دائرة الاهتمام الإيراني. فالإيرانيون قلقون من احتمال هجوم إسرائيلي، والضجة التي أحاطها الإيرانيون بزيارة أحمدي نجاد تشير إلى أن الرئيس الإيراني يريد توجيه رسالة إلى إسرائيل من لبنان، مفادها أنه إذا تعرضت إيران لأي هجوم، فإنها ستلجأ إلى حليفها &laqascii117o;حزب الله" للرد، وكأنها تقول إن &laqascii117o;حزب الله" قاعدة إيرانية. بعض المتخوفين من أبعاد زيارة أحمدي نجاد إلى لبنان يعتقدون أن الاحتفالات الحزبية، وليس احتفالات الدولة الترحيبية كما حدث مع زيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وزوجته الشيخة موزة، ستظهر أن لبنان كله أصبح قاعدة إيرانية، لأنه في حال تعرض إيران لأي هجوم إسرائيلي وقيام &laqascii117o;حزب الله" بمؤازرتها، فإن إسرائيل لن تُفرق في تدميرها كل لبنان. واسأل مصدرا أميركيا عن سبب معارضة أميركا وإسرائيل لهذه الزيارة فيقول إن ما يقلقنا هو ما يحاول أحمدي نجاد فعله، بأن يصبح لبنان قاعدة إيرانية، ثم إن إسرائيل تتخوف من تداعيات محاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري. فإذا تبين أن &laqascii117o;حزب الله" متورط بطريقة ما، ولا عقاب للأفراد، فهذا يعني أن الحزب هو الحاكم الفعلي للبنان، ثم إن زيارة أحمدي نجاد ستجعل &laqascii117o;حزب الله" أكثر عدائية لإسرائيل. لكن، ما هي تداعيات هذه الزيارة على الداخل الإيراني؟ من المؤكد أن هذه الزيارة ستضر بصورة &laqascii117o;حزب الله" لدى الشعب الإيراني، لأن شعبية أحمدي نجاد في أدنى مستوى لها داخل إيران، وبعد فوزه المزيف العام الماضي، لاحظ الإيرانيون أن أمين عام &laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصر الله كان من بين أول من هنأوا أحمدي نجاد، وهذا دفع الكثير من الإيرانيين إلى الإدراك بأن &laqascii117o;حزب الله" لا تهمه مصالح الشعب الإيراني بل يهمه النظام ومصالحه، عكس وضع الحزب في لبنان، إذ كيف يدعي حزب أنه يعمل من أجل شعبه في حين يرى شعبا شقيقا يعاني من الاعتقال والاغتصاب والتعذيب والقتل والرجم وكم الأفواه. ثم إن &laqascii117o;حزب الله"، كما يقول الإيرانيون، لا يهتم كيف يعامل النظام الإيراني إيران الدولة والإيرانيين ما دام أنه يتسلم الأموال من إيران التي يُحرم منها الشعب الإيراني الفقير والعاطل عن العمل. يتساءل البعض، هل لا تزال إيران تملك المال الكثير لتمنح &laqascii117o;حزب الله" والدولة اللبنانية؟ ويقول لي مصدر إيراني: ربما بسبب الحصار والمقاطعة صار لدى النظام الإيراني مال أقل، إنما يبقى لديه، خصوصا إذا ما تعلق الأمر بـ&laqascii117o;حزب الله"، لأن الحزب هو آخر حليف حقيقي لهذا النظام. ويشير إلى تقرير صدر في إيران، في صحيفة موالية لهاشمي رفسنجاني عام 2006 عن اختفاء مبلغ 32 مليار دولار من المصرف المركزي، &laqascii117o;كل سنة يخفي النظام المال ويودع مبالغ ضخمة في عدة مصارف في دول مختلفة من أجل دعم برنامجه النووي ودعم المجموعات التي يغذيها".حاليا، عدد أعداء أحمدي نجاد داخل إيران أكثر مما كانوا في السابق، خصومته كبيرة مع علي لاريجاني (المولود في النجف) رئيس مجلس الشورى، ولديه مشكلات كثيرة مع صادق لاريجاني (شقيق علي) رئيس السلطة القضائية، وخلافاته واسعة مع هاشمي رفسنجاني وكل الأئمة في قم.قيادات &laqascii117o;الحرس الثوري" تدعمه لأن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية يدعمه، واليوم الذي يتوقف فيه دعم خامنئي لأحمدي نجاد، سيتوقف فورا دعم &laqascii117o;الحرس الثوري" له. أما سبب دعم خامنئي لأحمدي نجاد فلأن خامنئي يريد تصنيع قنبلة نووية، ويريد إلى جانبه &laqascii117o;ملازما مخلصا".وحسب مصادر مطلعة، فان الرئيس السوري بشار الأسد قلق من احتمال أن يتسبب أحمدي نجاد بقلاقل في لبنان وتأجيج عدم الاستقرار والانقسام فيه. الأسد يعرف كيف يعيش مع الانقسامات اللبنانية لكن يهمه الاستقرار في لبنان الآن. لكن الإيرانيين قلقون بدورهم لأن بشار الأسد &laqascii117o;يغازل" طرفا آخر، هو مع الإيرانيين لكنه الآن مع الأتراك أيضا، (استقبل الأسد عشية زيارة أحمدي نجاد للبنان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان). يدعي الإيرانيون أنهم موافقون على أن الأسد يقوي علاقاته بتركيا بسبب مصالحه، وعليه بالمقابل أن يوافق على متابعتهم لمصالحهم. وحسب المصدر الإيراني، يهم إيران وسورية بقاء الحكومة اللبنانية الحالية، وأن يكون &laqascii117o;حزب الله" وحركة &laqascii117o;أمل" فريقين قويين في لبنان، لكنهما يختلفان حول أبعاد القوة التي يجب أن يتمتع بها &laqascii117o;حزب الله" ويقول: &laqascii117o;لأنه إذا هاجمت إسرائيل إيران، فلست متأكدا ما إذا كانت سورية تريد من حزب الله الدخول في المعركة، لأن إسرائيل ستهاجم بسببه لبنان، وسيتعرض حزب الله لضربة كبيرة، مما سيجعل الحزب يظهر وكأنه (دمية إيرانية)، وهذا سيثير حفيظة السعودية ومصر. ثم إن سورية قبل استئناف مفاوضاتها مع إسرائيل، تريد أن تبقى ورقة حزب الله قوية في يدها".ويضيف محدثي: الآن السعودية ومصر غير مرتاحتين لما يجري في لبنان، لأنه بعد السابع من أيار (مايو) 2008، بدل المحاسبة، جاء اتفاق الدوحة وصار لبنان تقريبا دولة &laqascii117o;حزب الله". هذه هي الحقيقة للأسف، وهي أن الحزب فوق القانون في لبنان.وكانت صحيفة &laqascii117o;صنداي تايمز" نشرت تحقيقا يوم الأحد الماضي عن الفيروس التي انتشرت في كومبيوترات مفاعل &laqascii117o;بوشهر" النووي، وأن حربا بالصواريخ الإلكترونية بدأت فعلا ضد البرنامج النووي الإيراني، وقد اعترفت إيران بالأمر.لكن، هل ستكون الحرب الإلكترونية بديلا عن الحرب التقليدية؟ يقول المصدر الأميركي، إن هذا محتمل، لكنه يضيف: &laqascii117o;إذا تخلصنا من البرنامج النووي الإيراني فإن الغرب سيقبل بالنظام الإيراني كما هو. بعدما حدث في العراق فإن الغرب لم يعد يهتم. الغرب لا يستطيع أن يأتي بالثورة إلى إيران، على الشعب أن يقوم بها". ذن، لا يهم الغرب فعلا زيارة أحمدي نجاد إلى لبنان والزيارة ستكون مظفرة؟ يجيب: &laqascii117o;على المدى الطويل، ستضر الزيارة بحزب الله، لأن أحمدي نجاد مكروه جدا في إيران وفي المنطقة، وكل من يصادقه يصبح مكروها، وأعتقد أن زيارته إلى لبنان التي حملت كل معاني الاستفزاز، ستجعل حزب الله يبدو أحد عناصر عدم الاستقرار، في حين أنه في السنوات الأخيرة، بذل السيد نصر الله جهدا ليجعل من الحزب قوة استقرار. إن نصر الله أكثر براغماتية من أحمدي نجاد، وهذه الزيارة ستؤثر على صورته وعلى الحزب، لكن يبدو أنه لم يكن أمام نصر الله أي خيار، إذ قد يكون خامنئي طلب منه استقبال أحمدي نجاد، وعندما يدفع لك طرف مئات الملايين من الدولارات سنويا، تزول الخيارات أمامك، ولا تزال إيران مستمرة في الدفع".
- 'المستقبل'
تخفيف أميركي من وطأة التحذير المتزامن مع زيارة نجاد للبنان
ثريا شاهين:
ثمة فارق بين التحذير الذي وجهته السفارة الأميركية الى رعاياها في لبنان بناء على توصية وزارة الخارجية، والقلق على المستوى السياسي الأميركي من زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الى لبنان.
فبالنسبة الى التحذير الذي تضمن إمكان أن تتطور التجمعات السلمية الى أعمال عنف، وتمتد الى مناطق أخرى، أثناء زيارة نجاد، فإن مصادر ديبلوماسية غربية، تشير الى أن توقيت صدور التحذير لا يرتبط بزيارة نجاد الى لبنان، بل إنه تحديث للتحذير الموجود، يتم كل ستة أشهر، وحان موعده في الوقت الذي صدر به قبل أيام. ولا بد لأي تحذير أن يأخذ في الاعتبار الوضع حيث البلد المعني أو الأحداث القائمة فيه. ولذلك، كان صدفة أن يلتقي توقيت الصدور مع توقيت زيارة نجاد والمواقف وردود الفعل في لبنان حولها. وكان لازماً أن تصدر وزارة الخارجية الأميركية هذا التحذير لتجديد التحذير السابق للرعايا الأميركيين في هذا التوقيت والذي كان سيعلن عنه ولو لم تكن الزيارة قائمة. وبالتالي، لا خلفيات للتحذير الذي يعتبر إجراء روتينياً مستمراً في موعده كل ستة أشهر، الى حين اعتبار البلد، مكان التحذير، مستقراً وآمناً في المعايير الأميركية. وقد تم وضع التحذير ما قبل الأخير في التاسع من آذار الماضي. وتم تحديثه أخيراً تماشياً مع متطلبات الخارجية الأميركية، والذي يجب ألا يتم التعليق عليه أكثر من اللازم، لأن أي تحذير يأخذ في الاعتبار الأحداث التي تحصل في البلد موقع التحذير. ولم يكن التحذير ليصدر لو لم يحن أوانه حالياً. أي أنه كان ليصدر إن زار نجاد لبنان أو لم يزره، وإن كانت هناك أحداث في لبنان ستحصل أم لا. وفي هذا الإطار سعت الديبلوماسية الأميركية الى التخفيف من وقع التحذير لكي لا يساء فهمه. كما أن تحديثه لا يرتبط بالمواقف التي تتحدث عنها الصحافة الإسرائيلية في شأن زيارة نجاد للبنان. وتبعاً لذلك، فإن التحذير لا علاقة له بالقلق السياسي الأميركي الموجود من زيارة نجاد، وهذا القلق يختلف عن مستلزمات التحذير. والقلق السياسي على خلفية المعطيات المتصلة بالعلاقة التي تربط إيران بـ'حزب الله'، الذي تتخذ الإدارة موقفاً منه بعدم محاورته، والذي تطالبه بوقف تهريب السلاح الى لبنان، وضرورة تنفيذه القرار 1559 و1701، والذي تعتبر أن الحوار الوطني الداخلي حول ايجاد الحل لسلاحه لم يفضِ بعد الى نتيجة، مع ما يترافق ذلك من الحذر من تنامي نفوذه في الداخل من جراء قوته المسلحة. وأيضاً من جراء سعيه الى الهيمنة على القرار السياسي في البلاد. أما على مستوى العلاقة الأميركية الإيرانية، فإن أسباب القلق الأميركي من الزيارة تعود الى مدلولاتها بالنسبة للرسائل التي تحملها حول أن إيران لاعب أساسي في لبنان، وأن الدول الكبرى ليست وحدها اللاعب الأساسي فيه. ما يعني عدم الارتياح لازدياد الدور الإيراني والذي يجسده نجاد من خلال زيارته، على الرغم من خطابه في قصر بعبدا والذي حرص فيه على دعم لبنان حكومة وشعباً، ثم على الرغم من توقع تخفيف التوتر في لبنان بعد الزيارة. كما يرتبط هذا القلق بخلفية موقف إيراني، من دعم الحركات المتطرفة في المنطقة بدءاً من لبنان وفلسطين والعراق، واتخاذ مواقع لإيران عبر هذه التنظيمات في الدول العربية، والضغط من خلالها على العرب. ثم على خلفية الملف النووي حيث تتدرج العقوبات الدولية، وفي مجلس الأمن على إيران لتعذر نجاح الحوار الدولي معها لحل هذا المسألة. ولعل موضوع الدعم الإيراني للجيش اللبناني المطروح من طهران والذي أرجئ بحثه في القمة ا