قضايا وآراء » قضايا وآراء مختارة من الصحف اللبنانية الصادرة الأحد 24/10/2010

- 'النهار'
رد على رد الشيخ علي خازم
بقلم غسان المفلح:

... بشير الجميل أفشلته عوامل إقليمية بالدرجة الأولى، أما 'حزب الله' فمن الواضح حتى اللحظة، أن العوامل الإقليمية ربما لا تسانده في أن يذهب إلى أقصاه، لكن في المقابل ليست من القوة بحيث تجعله يلغي هذا الخيار- الحلم في تجميع الشيعية السياسية روحيا وسياسيا في مكتب السيد حسن نصرالله، وتاليا نحو طهران، لأن الملاحظ جديا، ان من اجتاح بيروت 2008 لا يحتاج ما تبقى من قوى شيعية سياسية، منه سوى الى غمزة مسلحة صغيرة والمحاولة التي يمكننا أن ندرجها في هذا السياق محاولة الرئيس الراحل رفيق الحريري، كمحاولة سياسية من أجل دولة ليبرالية عابرة للطوائف، وقد فشلت المحاولة أيضا ولا نعرف الآن، إن كان من حملوا رايته قادرين على المضي بها؟ مع الاختلاف في كثير من الأمور: واهمها الابتعاد عن العنف كطريق لمشروع سياسي على مستوى الكيان اللبناني، ولأن الراحل الحريري كان مرتاحا لما تمثله دار الفتوى لدى السنة، من أنها لا تمثل السنة لا روحيا ولا سياسيا بالمعنى العملي للعبارة، رغم دورها الرمزي. إن التاريخ المقروء في هذا الملف، مهما حاولنا ان نقول فيه، لا يمكن فصله عن شرطنا الراهن وما يحمله هذا الشرط من هواجس وأحلام وآمال وتخوفات من الراهن وعلى المستقبل، أربعة عقود ايضا من تاريخ لبنان، لا يمكن فصلها عن تاريخ الشقيقة الكبرى سوريا، مختصرة بنظامها السياسي، شروطه الداخلية سوريا، وضعه الإقليمي والدولي، أهدافه وتطلعاته، وبإمكان 'النهار' أن تفتتح ملفا كهذا حول هذه المسألة، أزعم أنه لا يوجد سوري حتى من رفعوا صور السيد نصر الله، يرى أن مشاركتنا تاريخ بلدكم لأربعة عقود، والخير إلى الإمام! بريئة من المصالح، متعففة عن شرط نظامنا السياسي.. وهنا لا نتحدث عن أشخاص أو أحزاب صغيرة أو تجمعات مدنية قليلة العدد والفاعلية، نتحدث عن قوى فاعلة، لها دور في المشهد اللبناني. هذه ليست دعوة 'يوتوبية' تريد إلغاء الطائفية السياسية، ولكن أن تكون السيادة للدولة ومؤسساتها، وفي ما بعد تأتي السيادات الجزئية سواء في الضاحية الجنوبية أو في الرابية أو في المختارة أو في بيت الوسط. صحيح أن 'حزب الله' الآن، أهدافه برانية لبنانيا وتخدم أجندة إيرانية، والصحيح أيضا أنه قادر عسكريا على حسم المسألة نتيجة لاعتماده على هذه البرانية، ولكن الأصح ان هذه الشيعية السياسية، وإحساسها بالتفوق! لم تعد تشعر أنها بحاجة للدولة اللبنانية، وهذا الخطير بالموضوع، فلديها كل ما من شأنه أن يجعلها دولة مستقلة! وهذا لا ينطبق على البقية في الوقت الراهن، لهذا يتمظهرون بأنهم أكثر جوانية وانتماء للبنان. هذا من جهة ومن جهة أخرى، إن تغير التحالفات اللبنانية داخليا وإقليميا ودوليا، هو نتاج للطائفية السياسية وتقاليدها الراسخة، في الاستقواء بالخارج على المكونات الباقية، وليس لأن هذا الطرف 'وطني' والآخر'خائن وطنيا'. هذه سمة طابعة للتاريخ اللبناني حتى قبل تأسيسه. والفوارق نسبية بين مكونات الطائفية السياسية. واختم بما يذكرنا بالشهيد سمير قصير، ربما ديموقراطية دول الإقليم تتيح الدولة - الأمة في لبنان، ولكن ما العمل حتى ذلك الحين؟ اللبنانيون أعرف بذلك. وأشكر الشيخ علي خازم في رده على تعليقي الأول... وأشكر 'النهار'.


- 'النهار'
علاقة الشيعة بالكيان اللبناني.. الشيعية السياسية ككل الطائفيات
بقلم حسن احمد عبدالله (صحافي لبناني مقيم في الكويت):

 يستعيد النقاش الدائر حول دور الشيعة في لبنان مقولات ماضوية، او يستند الى ما هو مرحلي موقت في الحال الطائفية السائدة حاليا، من دون الدخول الى جوهر القضية، بمعنى ان الحركات والاحزاب المهيمنة شيعيا الآن ليست خلاصات نهائية لحركة الطائفة ضمن التركيبة اللبنانية العامة. واذا كانت رمزية رحيل الرئيس كامل الاسعد شكلت اساسا للحوار فمن باب أولى النظر الى الادوار التاريخية للنخب الطائفية عموما في تشكيل الوجه السياسي للكيان اللبناني، وهل استطاعت ان ترسخ فكرة الدولة التعددية او هي اكتفت فقط بالشراكة في ادارة الاستثمار في مؤسسات ماقبل الدولة.
ليست الطائفة الشيعية في لبنان افضل حالا من بقية الطوائف، لانها ليست اكثر من مشارك في صناعة تعددية ثقافية غير منظورة في المحاصصة السياسية. ولا تقاس مشاركتها في الدولة من خلال قوتها الديموغرافية او قوة الممثلين السياسيين الرئيسيين فيها( حركة'امل' و'حزب الله')، وانما من طبيعة المحاصصة الطائفية التي بني عليها الكيان في العام 1920 وما تبعه من مخاض عسير طوال 20 عاما لتثبيته، وأدى فيه التوزيع الديموغرافي للسكان الدور الابرز في تشكيل شخصيته، وقد ظهر ذلك جليا في النخبة الاقتصادية والسياسية التي ادارت البلد لعقود عدة، اكتفت فيها نسبة كبيرة من اللبنانيين في الاطراف بدور الملحق بالنخبة في المركز، ولم تكن الطائفة الشيعية احسن من غيرها في ذلك مع فارق ان الزعامات الشيعية اتت من الاطراف او استجلبت لتكمل المشهد السياسي الجديد.
حتى الان لم يقتنع الشعب اللبناني برمته بنهائية الوطن، ولم تستطع قواه السياسية الخلاص من براثن الاحتماء بالآخر للاستقواء على الشريك في الوطن، بل ان مفهوم السيادة والاستقلال، المعبر عن الانتماء النهائي للوطن بني على الولاء للآخر، بمعنى ان من يحملون يافطة السيادة والحرية والاستقلال لا يرون في التقرب من الغرب، او سلخ لبنان عن محيطه العربي اي نقيصة، بينما هم يعيدون انتاج الخلاف الذي احتدم، في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، على الحاق لبنان بسوريا او اعلانه كيانا منسلخا عن محيطه. في هذه المرحلة بعد 21 عاما على الاقرار بنهائية الوطن في' اتفاق الطائف' والدستور المعدل، تنشأ اشكالية الطائفة الشيعية، كجزء من الاشكالية الوطنية عموما، بمعنى دور الطائفة الحالي في الكيان اللبناني، وحصتها من الاستثمار في مؤسسات ما قبل الدولة (لبنان حتى الآن لم يستطع ان يكون دولة بالمعنى الصحيح للمصطلح).
ليس لما يعتبره البعض فائض قوة عند الطائفة الشيعية اي دور فعلي في دور الطائفة في بناء الوطن، لان لبنان لا يمكن أن يكون على صورة غير صورته التعددية، و ليس للنكايات السياسية الحالية اي دور في تعزيز حضور طائفة على حساب غيرها، وبالتالي من المهم جدا البحث في مفهوم نهائية الوطن، ليس من خلال المشاركات الطائفية انما عبر ذوبان المجموع في الوطن.
ان ما نشاهده الآن في الطائفة الشيعية هو البحث عن دور في بناء الهوية الوطنية للكيان، وهذا الامر لا يقتصر على الشيعة وحدهم انما ينسحب على كل الطوائف، بمعنى ان تأكيد الحضور الشيعي يستتبعه تلقائيا تأكيد حضور الطوائف الاخرى، والعكس صحيح، اي ان بحث الطائفة المارونية، او السنة او الدروز عن دورهم هذا يستتبعه تلقائيا تأكيد حضور الطوائف الاخرى، وهذا ما لم تدركه النخبة السياسية اللبنانية منذ العام 1943 حتى اليوم، اي منذ قيل للبنانيين، بات بمقدوركم حكم انفسكم بانفسكم، لكن بدلا من السعي الى تثبيت الدولة، سعت تلك النخب الى البحث عن استثمار خلافي جديد كان يتمثل دائما في قضايا شكلية غير اساسية في تجديد ولاية رئيس الجمهورية مثلا، او الخلاف على وزارة او مقعد بلدي، او الزج بلبنان في محاور دولية اكبر منه، او تخليه عن حقوقه في سبيل تحقيق احلام ليلة صيف، وكان كل ذلك يربط مباشرة بالسماء، اي يتحول الخلاف السياسي صراعاً لبنانياً على السماء.
ان اشكالية الطائفة الشيعية هي اشكالية لبنانية عامة، لايمكن ان تحل الا عبر اخراج الطوائف من الصراع السياسي وحصره في اطره الصحيحة، التي لا علاقة لها بما يجري الان من مناكدات سياسية ربما لم يدرك من يحركها مخاطرها، في مرحلة لم يسبق ان شهد العالم العربي مثيلها حتى في اوج ازماته الكبرى.
ربما تتحمل القوى المفترض انها شيعية مسؤولية اكبر من غيرها في تعزيز مفهوم الدولة مستفيدة من ذاك التنوع السياسي التاريخي الذي حكم حركتها، وشكل نخبتها، التي توزعت بين يمين ويسار، و قومية و كيانية، و تقدمية واقطاعية، لكن ذلك لا يمكن ان يتحقق الا من خلال اطلاق حوار داخل الطائفة عما هو مطلوب من دولة المستقبل، التي لن تكون افضل مما هي الان، بمعنى المحاصصة الطائفية المحكومة بالمرحلة الانتقالية المستمرة منذ العام 1989 حين اقر 'اتفاق الطائف'، وفيه اقر التوزيع الطائفي للسلطة، وادخل في المادة95، التي لا تزال اللغم المزروع  في الدستور اللبناني منذ العام 1926 عبر محاصصة وظائف الدرجة الاولى، فتحول 'الموقت' في النص القديم الى 'المرحلة الانتقالية' في النص الجديد للمادة، وبالتالي لا يمكن اي طائفة ان تتعدى حدودها المرسومة لها في الكيان اللبناني، وهذا ما هي عليه الطائفة الشيعية، وكلنا رأينا كيف ان'حزب الله' المحسوب على الطائفة الشيعية لم يستطع استثمار انتصاره على اسرائيل في العامين 2000 و2006 لحساب الطائفة او لحسابه الخاص، علما ان هذا الانتصار في جوهره هو انتصار مجموعة قوى مقاومة تاريخيا توجه 'حزب الله' في انتصاره الاخير.
اي بمعنى آخر ان الحدود المرسومة لكل طائفة ودورها في لبنان باتت من الثوابت ولا يمكن أيا منها ان تتعدى تلك الحدود حتى اذا حققت ما عجز عنه العرب، وهنا يمكن تحويل الانجاز الى انجاز وطني، لانه في الواقع سيكون بلا اي فائدة سياسية اذا حاولت اي طائفة ان توظفه لمصلحتها.
وعود على بدء، ان مشكلة الطائفة الشيعية هي مشلكة كل الطوائف في بحر لبنان الذي اذا خرجت منه احداها ماتت، واذا حاولت اي منها ان تنفرد بالقرار ماتت ايضا، ولذلك لا مفر للجميع الا الدخول في الدولة، لكن اي دولة؟ هذا ما يجب ان يتفقوا عليه.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد