- 'السفير'
استـراتيجيـة &laqascii117o;تعطيـل قـوة العـدو"
امين محمد حطيط (عميد ركن ومفكر استراتيجي):
عندما ارست اسرائيل كيانها العدواني في فلسطين، لم تكن لتستعيد حقاً، ولم تستند الى شرعية اخلاقية او قانونية تبرر فعلها، بل استعاضت عن الامرين بمنطق القوة المادية، وبشرعية المنتصرين في الحربين الاولى والثانية. وبهذين العنصرين استطاعت ان تحقق الحلم الصهيوني وترسي دعائم &laqascii117o;الدولة"، وكان اعداؤها يتراجعون في معظمهم امامها بعد ان يئسوا من تحصيل قوة يضاهون بها القوة العسكرية الاسرائيلية، وبعد قنوطهم من &laqascii117o;عدالة دولية" وهمية، قام بينها وبين العدل جفاء وعداء حتى بات مجلس الامن مقبرة للحقوق العربية، وحائط ذل وبكاء للضعفاء.
وقد توالت عقود والعرب يتقهقـرون امام &laqascii117o; قوة اسرائيل وشرعيتها المزيفة &laqascii117o;، رغم ان بعضهم ابدى من الشجاعة في المواجهة في الميدان احياناً وحقق الانتصارات في معارك معينة، ما لا يمكن نسيانه، لكن النتيجة في النهاية لم تكن الا لصالح اسرائيل في خطها الصاعد المستند الى عنصري وجودها. وهنا كانت محاولة شعبية لكسر هذه الحلقة التي كلما ازداد الدوران فيها ازدادت الخسائر تفاقماً، فكانت المقاومة الفلسطينية التي اعتبرها البعض عملاً سخيفاً غير مجدٍ في مواجهة من جعلته السياسة الدولية وعلى رأسها اميركا متفوقا استراتيجيا على كل العرب، وبالفعل لم تصل هذه المقاومة الى ما صبت اليه. وبشكل موضوعي نقول ان المقاومة ضد اسرائيل وفي انطلاقتــها الثانية من لبنان كانت مثقلة، بنتائج المقاومة الاولى التي انتهت في العام 1982بشكل دراماتيكي، تمثل في مشهد جماعات المقاومين الفلسطنيين المجـبرين على الرحيل من الميدان حيث حل لبنانيون مكانهم، وانطـلقت المقاومة اللبنانية ضد اسرائيل متعددة المنطلقات الفكرية ومتوحدة على هدف اساس : قتال العدو لتحرير الارض.
مقاومة لبنان بوجه اسرائيل انطلقت من الصفر تقريبا، بحجر وزيت مغلي، وبعض ما صودف من اسلحة نارية خفيفة، لكنها تطورت الى ان اقتنت البندقية والرشاش والمدفع والصاروخ والاجهزة الالكترونية وارست منظومة قيادة وسيطرة، عجز العدو عن خرقها، فحازت بذلك القوة التي لا نقول بانها تعادل القوة العسكرية الاسرائيلية، بل انها القوة التي تنال منها فتؤلمها، وتوقظ الوعي لدى العدو بان في الميدان من يتحرك في مواجهته، وانه قادر على ان يجعله يصرخ. ونجحت المقاومة في استراتيجية الايقاظ ثم الايلام التي تطورت الى اشعاره بالثمن الباهظ والكلفة العالية التي تفرض عليه في احتلاله او في هجومه ان كان يريد احتلالاً جديداً، واستعيد المشهد في فلسطين في الداخل وكان النجاح .و بهذه الاستراتيجية كان تحرير جنوب لبنان ثم غزة، وكان الحؤول دون تحقيق اهداف اسرائيل في حربيها 2006، و2009. وبعدها تغير الامر حيث يرى البعض ان المقاومة وصلت الان الى الحائط المسدود، بعد ان غابت العمليات الاستشهادية التي زلزلت الامن الاسرائيلي، وارعبت جنود العدو، كما وتوقفت العمليات الميدانية في جنوب لبنان وعبره، وتراجعت في الضفة الغربية وغزة، ما يعني ان المقاومة تحولت الى اسم وفكرة في الاذهان وغابت افعالها المؤثرة في الميدان. الامر الذي قد يثير التساؤل حول جدوى المقاومة وبقاء سلاحها مع هذا الجمود العملاني .
على التساؤل لا تكون الاجابة موضوعية برأينا الا عبر الواقع وما يقدمه الميدان حيث نسجل:
1. قبل المقاومة كانت اسرائيل، تقرر الحرب، ثم تذهب اليها وتعود بما ارادت من مكاسب، ثم تكرسها بقرارات من &laqascii117o;مصنع الشرعية الدولية المزيفة"، لتحمي بها ما اغتصبت باستثناء حرب تشرين. اما اليوم فان الامر تغير وفقدت اسرائيل الحرية في قرار الحرب نظرا لعجزها عن تحقيق الانتصار على المقاومة في الميدان ولعجزها عن تأمين الامن لصهاينتها في الداخل بعد ان تصدع امن &laqascii117o;الجبهة الداخلية" بصواريخ المقاومة، وبعد ان وعت المقاومة زيف الشرعية الدولية فأحجمت عن الانصياع الاعمى لقرارات اميركا باسم &laqascii117o;المجتمع الدولي". وما الصورة في جنوب لبنان وقبلها مع القرار 1559 ببعيدة عما نقول، وبموضوعية نرى ان المقاومة عطلت الآن قرار اسرائيل بالحرب وكشفت زيف الشرعية الدولية (عنصرا قوة اسرائيل).
2. قبل المقاومة وسلاحها المتراكم اليوم، لم تكن اسرائيل لتعبأ كثيرا بقدرات الاعداء وصراخهم او تهديداتهم لانها كانت مطمئنة الى تفوقها عليهم جميعاً، لذلك كانت (خاصة بعد صلحها مع مصر) في امان وطمأنينة كلية لوجودها لان سبب وجودها فاعل في عنصريه (القوة والشرعية المزيفة) اما بوجود المقاومة فقد فقدت اسرائيل الامان النفسي.
3. اما على الاتجاه الاميركي فقد ادت المقاومة وممارستها في المنطقة كفكرة ونهج الى منع اميركا من تحقيق مشروعها الكوني انطلاقا من الشرق الاوسط، فكسر العنفوان الاميركي وارغمت اميركا على التخلي عن استراتيجية القوة الصلبة، وحملت على اعتماد استراتيجية الانكفاء.
على ضوء ذلك نقول، رغم ان المقاومة بوجه اسرائيل جامدة الان نوعا ما، لكنها جمدت معها قدرة اسرائيل على الذهــاب الى الحرب، ويكون التجميد والتعطيل متبادلين، حيث نجد مقاومة تملك اليسير من الاسلحة والعتاد، قد توصلت الى تعطيل استعمال الكثير المتطور بيد اسرائيل وافقدتها امنها النفسي وطمأنيتها الوجودية. وعلى الجبهة الاميركية، منعت المقاومة اميركا رغم ما تملك من سلاح وتقنية منعتها من تحقيق اهداف حروبها اولاً والزمتها بالعدول عن متابعة الحرب ثانياً، اي بكلمة اخرى حملتها على تجميد استعمال قدراتها العسكرية الفائقة والزمتها بوقف الحروب.
وهنا نرتد الى السؤال التالي: وهل ان في تعطيل قدرات الخصم نصرا؟ او امكانية استعادة حقوق؟ في العلم العسكري هناك قاعدة تقول: &laqascii117o;ان استنقاذ المغتصب لا يكون الا بعمل هجومي"، ما يعني ان الحقوق المغتصبة لن تستنقذها السلبية والجمود المتبادل. وهذا يقود الى القول ظاهراً اننا في وضعنا الراهن لسنا في الطريق الى استعادة المغتصب من الحقوق سواء في فلسطين او جنوب لبنان او الجولان.
إذا كانت عناصر وجود اسرائيل وبقائها قد تعطلت (القوة والشرعية المزيفة)، وقوة اميركا الداعمة قد جمدت، ثم استمرت المقاومة في انتشارها وتراكم قوتها، لتنتقل من &laqascii117o;استراتيجية تعطيل قوة العدو" الحالية، الى دفع العدو الى مزالق التآكل. إن الطمأنينة التي كانت لدى اسرائيل، تنتقل اليوم الى صفوف مقاوميها، وبهذا تكون المقاومة الطريق الاستراتجي الاكيد لتجميد العدوان الغربي الصهيوني على المنطقة ثم طرده. ومن هنا نفهم كيف تعمل اميركا واسرائيل للتخلص من المقاومة وداعميها لانها الخطر الحقيقي على مشروعهم كله .
- 'السفير'
هـل تشفـط إسرائيـل غـاز لبنـان ونفطـه؟
ريان حسين القوتلي (محام متخصص بالقانون الدولي):
ليس هناك من شك في أن أي اكتشاف للموارد الطبيعية من نفط أو غاز، سواء داخل الأراضي اللبنانية، أو في عمق المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة قد يكون كفيلاً بأن يخرج لبنان من نفق الحاجة المستمرة والمتجددة للمنح والتسهيلات المالية الدولية التي تعقد لها مؤتمرات شبه دورية، بما يمهد للمرة الأولى للانتقال الجدي بالاقتصاد الوطني من اقتصاد يقوم أساسا على خدمات ومبادرات متفرقة وعشوائية من القطاع الخاص الى اقتصاد متعاف يتكئ ضمن خطة حكومية ذات رؤية شاملة ومنهجية، على عائدات الصناعات والصادرات النفطية.
على ان تحقيق هذا الأمر دونه عقبات وتحديات، قد يكون أعظمها، على الصعيد الخارجي، تحديد حقوق لبنان بشكل لا يحتمل لبساً في حقول النفط والغاز البحرية، كما قد يكون أهمها، على الصعيد الداخلي، التوصل الى قواعد واضحة تحكم علاقة لبنان بالشركات المنقبة.
وبالفعل، يتضح من آخر تقرير جيولوجي أميركي للحوض الشرقي للبحر المتوسط أن الحقول المكتشفة تحوي من حيث المبدأ كميات تقارب 122 تريليون قدم مكعب من الغاز وكميات هائلة من النفط، وهي قد تغطي كل الغرب اللبناني من شمال سلسلة جبال لبنان الغربية الى جنوبها، ومن هذه الحدود الى عمق المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تحددها اتفاقية الأمم المتحدة حول قانون البحار، بما لا يمكن أن يتخطى 200 ميل بحري (370 كيلومترا)، تبدأ من نقطة خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي.
وهذه المعاهدة التي دخلت حيّز التنفيذ بتاريخ 16 تشرين الثاني 1994، لم تنضم إليها دولة إسرائيل حتى اليوم، ما يعني ان الإشكالية الكبرى تكمن في عدم اعتراف إسرائيل بالأطر القانونية الدولية، لا سيما لجهة تعريف وتحديد المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة وسيادة كل بلد عليها، وهذا ما يعرض حقوق لبنان للاغتصاب. فتطور تكنولوجيا التنقيب بات يعتمد حفراً باطنياً أفقياً للآبار، ما يعني أن الآبار الجوفية للنفط والغاز التي تقع على الحدود البرية أو البحرية (وهي آبار لا تعترف بالحدود السياسية)، ستكون جائزة لمن يحفر أولا، إذ يمكن من يبدأ الحفر أن يشفط أفقياً كل يمكن ان يكون تحت أرض أو بحر البلد المتاخم! والخرائط التي وضعتها وزارة البنى التحتية الإسرائيلية تشير الى ان أكبر آبار الغاز الأرضية يقع الى جنوب الحدود اللبنانية، في المسافة الموازية ما بين قرية العديسة وصولاً الى قرية الغجر.
وتكمن الإشكالية الرئيسية الثانية في إيجاد آلية تسهل حل أي خلاف أو نزاع بين بلدين هما فعلياً في حالة حرب (بالرغم من عدم اشتعال الأعمال الحربية، إلا ان السيادة اللبنانية هي ضحية شبه يومية لعمليات انتهاك إسرائيلية عدائية)، لا سيما أن الإسرائيليين يعولون على دخولنا معهم في مفاوضات مباشرة لحل أي نزاع اقتصادي، تمهيداً لدخول أية مفاوضات سياسية.
وفي مطلق الأحوال، فالمادة الخامسة عشرة من هذه الاتفاقية ترعى رسم المياه الإقليمية للدول المتاخمة (لبنان وإسرائيل) أو الدول المتقابلة (قبرص وإسرائيل)، فتقلص من حيث المبدأ، ما خلا حالة وجود اتفاق مباشر بين الأطراف المعنية، من مسافة وامتداد المياه الإقليمية لكل بلد الى خط وسطي معيّن بينهما.
وإسرائيل الساعية دوماً الى السيطرة على الخيرات الفلسطينية واللبنانية ما استطاعت الى ذلك سبيلا، تعوّل استراتيجياً على حقلي &laqascii117o;تامار" و&laqascii117o;ليفياتان" البحريين اللذين قد يحويان ما يوازي 24 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي. ويقع الحقل الأول على بعد 90 كيلومتراً والثاني على بعد 130 كيلومترا غرب مدينة حيفا.
وهذان الحقلان يكفيان ليس فقط لسد النقص الهائل من الموارد الطبيعية التي تحتاجها إسرائيل، بل يجعل منها دولة نفطية جديدة، ما يمكنها، من جهة، من أن تتجاوز مؤقتاً فكرة الأضرار الى الاعتماد على الطاقة البديلة من هواء وأشعة الشمس، وتصدير الفائض منه (لا سيما الى أوروبا) ودخول نادي الدول المتحكمة بأسعار هذه السلعة النادرة، ومن جهة ثانية ينزع من يد الدول العربية (التي تتحكم بـ75% من احتياط النفط العالمي) أهم سلاح اقتصادي يملكونه على الساحة الدولية، ومن جهة ثالثة، يحرّرها من بعض التبعية المالية للولايات المتحدة الأميركية، ما يعني تحرّرها من أية ضغوط لاحقة قد يمكن أن يطمح أحد بأن تمارسها اية إدارة أميركية في اللعبة السياسية الدولية، وهو ما يكفي لإطلاق الجنون الإسرائيلي من عقاله.
ثم إن الخطورة الأعظم تكمن في أن بعض التحالفات التجارية بين شركات أميركية وإسرائيلية تتكئ على التوراة وتفسير ما جاء فيها للتأكيد من جهة أن الحق بالنفط والغاز هو حق يهودي أزلي إلهي وعد به الشعب المختار تماما كما وعد بالأرض، ودليلهم الى ذلك ما جاء في &laqascii117o;سفر تثنية الاشتراع": يركبه على مرتفعات الأرض فيطعمه من غلات الحقول ويرضعه من الصخر عسلاً ومن صوان الجلمود زيتاً (32ـ13). وأيضاً، وقال ليوسف &laqascii117o;مباركة من الرب أرضه له طيّبات ندى السماء والغمر الرابض في الأسفل" (33/13).
وهو ما يشير الى ان قواعد القانون الدولي قد لا تشكل سنداً كبيراً لأية مطالبة لبنانية سيادية سواء بالثروات أو بترسيم الحدود، وهو أمر قد يفضي، لو قيّض لإسرائيل ان تحشد تأييداً دولياً بذلك، أو أن تقتنص وضعاً عسكرياً جديداً لها إثر عدوان قد يكون مرتقبا، أن ترسي خطا أزرق بحرياً يمنع من حيث المبدأ لبنان من استخراج ثرواته الباطنية، الى حين التوصل الى سلام دائم معها. ساعتئذ ستكون إسرائيل قد استخرجت ما يكفي من النفط والغاز من حقول مشتركة مع لبنان واستأثرت بعائداتها.
ومن هذا المنطلق، يصبح من البديهي أن يضع لبنان خطة سريعة لحماية قطاع النفط والغاز من الأطماع الخارجية، لا سيما أن جميع اللبنانيين يعولون على دوره في تنمية اقتصادية موعودة وهو بات اليوم، وقبل بدء التنقيب عنه، جزءاً من النزاع اللبناني ـ الإسرائيلي.
- 'الحياة'
لبنانيون عملوا للاستخبارات الاسرائيلية ينصبون خيمهم على قارعة الطريق في كريات شمونة
آمال شحادة:
قضى اللبناني فواز نجم، 22 سنة من الخدمة في وحدة الاستخبارات الاسرائيلية &laqascii117o;504" حتى آخر يوم لها في لبنان عام 2000. فواز اطلق صرخة احرجت بعض من كان حولنا من لبنانيين يصغون اليه، اذ راح يقول بلهجته اللبنانية ومن دون تردد ولا تلعثم: &laqascii117o;بدي اتمنى وإترجى... بدي بوس ايدين ورجلين السيد حسن نصر الله ورئيس الجمهورية اللبنانية وأي انسان معني بوضع اللبنانيين. بدى اترجاهم يشيلو اولادنا من اسرائيل... بدي اترجاهم ينقذوا اولادنا وأطفالنا من المستقبل اللي ينتظرنا بعد ما قسم منهم راح الى الجيش الاسرائيلي وبعد ما عدنا قادرين نسيطر عليهم. المسلم نسي القرآن وحفظ التوراة والمسيحي نسي الانجيل وحفظ التوراة حتى وصلوا اولادنا لدرجة يقسموا انواع اللحم والاكل &laqascii117o;الكاشير" (المحلل بحسب الديانة اليهودية) والمحرم مثل اليهود المتدينين...".صرخة فواز نجم تعكس موقف ثمانين في المئة على الاقل من اللبنانيين المتبقين في اسرائيل على ما يؤكد هو. صحيح ان هناك العشرات ممن يقولون صراحة انهم يرفضون العودة الى لبنان، بل ان امهات لم يترددن في الاعلان عن قبولهن دخول ابنائهن الى الجيش الاســرائيلي ويقلن صراحة انهن يجدن مستقبلهم هناك. وصحيح ان اصواتاً قليلة لا توافق فواز نجم بأن حياتها باتت كلها معاناة ومتاعب وكما يلخصها محدثنا: &laqascii117o;عيشة ذل... عيشة كلاب...". ويقول: &laqascii117o;بصراحة رمونا مثل الكلاب". لكن الغالبية توافق فواز لأنها تخشى من مصير يشبه مصيره. انه يعيش داخل خيمة نصبها على قارعة شارع في بلدة كريات شمونة، بعدما طرده صاحب البيت لعدم قدرته على دفع الايجار الشهري لفترة طويلة. والسبب هو رفض اسرائيل، وبالتحديد وزارة الدفاع، التعامل معه كما تتعامل مع ضباط خدموا في الجيش وضمان تعويضات لهم وفي مقدمها بيوت وأجرة سكن. وهذه هي المشكلة التي يشدد عليها كل لبناني من ميليشيات لحد قرر الحديث عن معاناته منذ فراره الى اسرائيل. فمنذ سنوات طويلة واللبنانيون يتظاهرون ويحتجون ويطالبون اسرائيل بضمان الحد الادنى من احتياجاتهم. لكن من دون جدوى، وفواز نجم ليس اول لبناني في اسرائيل يعيش في خيمة في الشوارع الاسرائيلية وهناك من يرى ان استمرار الوضع الحالي من دون تغيير ينذر باحتمال نصب خيم اخرى في مختلف البلدات اليهودية التي يعيش فيها لبنانيون.
الموت في لبنان أفضل
من الخيمة التي نصبها على قارعة شارع في كريات شمونة المجاورة للحدود مع الوطن، يقول فواز نجم انه بعد عشر سنوات من الصمت والتكبر، وصل الى وضع يقول فيه: &laqascii117o;كلمة نادم لا تكفي". لقد وصل فواز نجم الى اسرائيل ومعه 400 الف دولار، على رغم انه قال إن خدمته داخل الجهاز &laqascii117o;504" كانت من دون مقابل. هذا المبلغ صرفه وعائلته خلال عشر سنوات بعدما رفضت اسرائيل إدراجه ضمن قائمة الضباط الذين حصلوا على تعويضات من الدولة العبرية وشملت سيارات وراتباً شهرياً وبيتاً وبعضهم حصل على فيلات. والجهود التي بذلها فواز لتحسين وضعه لم تجده نفعاً. حتى جولته على عدد من الضباط الاسرائيليين الذين كانوا قياديين في الوحدة &laqascii117o;504" في لبنان وحصوله منهم على توصية تؤكد خدمته وتفانيه خلال 22 عاماً في جهاز الاســـتخبارات، ذهبت مع الريح الى ان وصل الى الوضع الحالي، وهو ما دفعه الى القول انه يصر على عدم التراجع عن حقه وملاحقة كل المسؤولين في اسرائيل حتى آخر لحظة وإن ادى الامر الى قتله، على حد قوله. عندما يتحدث اليوم فواز عن ندمه، يتذكر العشرات من اللبنانيين الذين ورطهم للعمل في جهاز الاستخبارات الاسرائيلية ويتذكر في شكل خاص ذلك الضابط السوري الذي بحثت اسرائيل عن امثاله لينضم الى استخباراتها. ويقول ان تجنيد هذا الضابط كان يعتبر من انجح المهمات التي قام بها خلال خدمته في الجهاز &laqascii117o;504". فواز يقول انه نادم كلما تذكر اللحظات التي جند فيها هذا الضابط اذ أُلقي القبض عليه وربما قتل... &laqascii117o;انا لا اعرف شيئاً عن مصيره، لكن كل ما اعلم ان عائلته جاءت وأبلغتني انه ضبط... اعتقد انه قتل وأنا نادم جداً لأنني كنت سبب قتله وهو أب لأطفال بأمس الحاجة الى والدهم". ويقول فواز ان معظم من ضبطوا أخيراً في شبكات التجــسس في لبنان كانوا مجندين قبل الانسحاب الاسرائيلي ولكن &laqascii117o;يبدو انهم لم يجرؤوا على ترك عملهم وتورطوا الى حد كبير ولم يقدروا على ترك الارتباط مع الموساد الى ان ضبطوا وأصبح مصيرهم كمصيرنا... رمتهم اسرائيل ولم تقدم اية مساعدة لإنقاذ احد منهم. ويقول: &laqascii117o;عملنا في هذه الوحدة، آنذاك، كان يتركز على تجنيد لبنانيين وسوريين كانت لديهم الامكانية لمساعدة اسرائيل من خلال مواقعهم". وعلى مدار 22 عاماً خدمة فيها، يقول فواز: &laqascii117o;جنّدنا المئات وضبط منهم العشرات وأُعدموا وعلمنا عن الكثيرين ممن اعدموا في سورية بعد ضبطهم في العمل في جهاز &laqascii117o;504". من هم الذين تضعهم اسرائيل هدفاً لجهاز الموساد؟ بحسب فواز فإن الاشخاص الذين كان يطلب منه تجنيدهم كانوا في معظمهم من عائلات وأقارب لشخصيات في مواقع مهمة في السلطة وكانت اسماؤهم معروفة وأحياناً كثيرة، يضيف: &laqascii117o;كانوا يستهدفون من لا يجيد القراءة والكتابة وهؤلاء بالذات كان يتم تجنيدهم لتنفيذ عمليات". وبحسب ما يدعي، فإن علاقة اللبنانيين الذين خدموا في هذا الجهاز مع قيادتهم بدأت تتزعزع بعدما كلفوا مهمات ملاحقة حزب الله، ويقول: &laqascii117o;بدأنا العمل معهم ومساعدتهم في تجنيد اللبنانيين من اجل محاربة المنظمات اللبنانية التي بدأت تجتاح قرانا وكذلك المنظمات السورية. وفي الحقيقة قبلنا ذلك لأننا وجدنا في هؤلاء اعداء لنا. رأيناهم كالجيوش التي تريد احتلال لبنان وهذا دفعني شخصياً الى تجنيد العشرات من اللبنانيين في الموساد ولكن... يضيف فواز: &laqascii117o;بعد عام 1989 اختلفت المهمات الملقاة علينا وبدأ جهاز الموساد بتوزيع مهمات ضد حزب الله وفي مواجهته فوجدنا انفسنا في حرب مع الحزب، وهنا بدأت العلاقة تختلف مع قيادة هذا الجهاز لأنهم ادخلونا في حرب لا شأن لنا فيها".الخدمات الكثيرة التي قدمها فواز لذلك الجهاز، والعقاب الذي يتوقعه بسببها، لا يمنعانه من القول انه على استعداد لأن يعود الى لبنان وينال عقابه... &laqascii117o;فهذا افضل من البقاء في الذل الذي نعيشه في اسرائيل"، على حد قوله، ويضيف: &laqascii117o;22 عاماً خدمتهم في هذا الجهاز واليوم يرمونني هنا كالكلب. حتى ابسط الاحتياجات لا يقدمونها إلي ولا الى غيري من العائلات اللبنانية. هنا في كريات شمونة منذ عشر سنين ونحن نطلب مكاناً للصلاة... فقط قبل ستة اشهر وافقوا على تصليح احد الملاجئ الذي استخدم في حرب تموز وتحول الى مكان صلاة بدل الكنيسة".
رجال دين يتفاوضون
مع الحكومة اللبنانية على مصيرهم. الى خيمة فواز جاء اللبناني ميلاد الفحيلي وهذا كان اكثر الموجودين غضباً على الوضع الذي يعيشونه. فهو يعيش حال قلق شديدة على مستقبل اولاده وهو يتابع عن كثب ما يحدث من تطورات لقضيتهم في لبنان وإمكانية عودتهم. ويقول ان المفاوضات حالياً تجرى بين رجال دين وبين الدولة اللبنانية للتوصل الى صيغة متفق عليها لإعادتهم. وعند سؤاله عن الذي يزعجه، رد بغضب: &laqascii117o;السؤال ماذا يعجبني هنا... لا شيء يعجبني في هذه الدولة لأنني لا اعرف اي مستقبل ينتظر اولادنا. نحن اليوم نريد فعل أي شيء لإعادة اولادنا الى لبنان. نريد التوجه الى الهيئات الدولية والاعتصام امام الفاتيكان وطرق كل الابواب الممكنة لإعادة اولادنا لأنهم يتعرضون لخطر لا احد يعرف نتائجه"، ويضيف: &laqascii117o;لم نعد قادرين على السيطرة على مستقبل اولادنا. انا شخصياً لا ارى اولادي اكثر من ساعتين في اليوم وهناك اقبال من الشباب على الجيش الاسرائيلي، ومن جهتي اذا توجه ابني الى الجيش لست مسؤولاً، وشخصياً ارفض رفضاً قاطعاً ان يذهب ابني الى الجيش لأن ذلك يعني ان يستدعوه كبقية الجنود الاسرائيليين الى الاحتياط وقت الحرب... ومع من ستقع الحرب. اولادي لا يعرفون عمّاتهم ولا اولاد أعمامهم او عماتهم، فإذا حاربوا ضد لبنان، قد يصوّبون البندقية في وجه جدتهم او عمتهم وهذا ما نخافه... هذا ما يقلقنا اليوم". ميلاد الفحيلي وبعد اكثر من عشر سنوات يعلن انه نادم &laqascii117o;انا نادم. اقول اننا اخطأنا. ولكن ليس وحدنا من اخطأ. الجميع اخطأ. امل اخطأت. حزب الله اخطأ. والكل اخطأ، لماذا فقط نحن لا يريدون حل مشكلتنا. أولادنا لا ذنب لهم، فليعيدوا اولادنا الى لبنان".
- 'الأخبار'
الغباوة الوطنية أضمن حلفاء إسـرائيل: القرار 1559، المحكمة، وأشياء أخرى
داود خير الله( أستاذ في القانون الدولي بجامعة جورج تاون في واشنطن):
هل يمكن عاقلاً أن يتجاهل الأهداف السياسية الكامنة وراء الإجراءات القانونية التي رافقت إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وتصرّفات رعاتها، التي شابت الكثير من سلوك محققيها؟ وهل يمكن عاقلاً أن يتجاهل أن معرفة الحقيقة وبلوغ العدالة هما أولى ضحايا تسييس الإجراءات القضائية التي هي باب الولوج الى الحقيقة والعدالة؟ سؤالان يحاول هذا المقال الإجابة عنهما عبر رسم السياق الذي جرت فيه عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وما تلاها من إنشاء للمحكمة.
تبذل إسرائيل وروافدها الصهيونية في العالم جهوداً استثنائية وأموالاً طائلة في جمع الحلفاء وتحفيزهم وابتزاز العملاء وترغيبهم، لتوظيف ذلك في خدمة ما تراه الدولة الصهيونية مصلحة لها. وتدرك اسرائيل أنّ المشروع الذي اقتضى قيامه اقتلاع شعب من أرضه وتشريده على ما بقي من فلسطين وفي أقطار عربية وما تعدّاها من أصقاع الأرض التي ضمّت فلسطينيّي الشتات، والمشروع الذي ما انفكّ يوسّع دائرة الظلم اغتصاباً للأرض وتدميراً للبيوت وتشريداً لسكّانها، تدرك أنّه لا يتمتّع بشرعية قانونية أو خلقية ولا يمنحها استقراراً يمكّنها من ممارسة حياة طبيعية داخل المجتمع الدولي. لذلك تعمل أدوات المشروع الصهيوني بلا كلل على كل صعيد في العالم لطمس الواقع وتشويه الصورة لدى الرأي العام العالمي، كأنّها في سباق مع ما تقترفه اسرائيل من جرائم تهزّ الضمير البشري وتضع علامة استفهام كبرى على شرعية المشروع الصهيوني واحتمالات بقاء دولته أو زوالها. وقد أدرك قادة المشروع الصهيوني منذ نشأة دولتهم أنّه ليس هناك ما يمكن الاعتماد عليه في نجاح مشروع لا مسوّغ قانونياً أو خلقياً له سوى القوّة بكل أشكالها، وبالتالي الدعم المادي والمعنوي من أهمّ مراكز القوّة في العالم، دولاً ومنظّمات دولية. من هنا نفهم الأهمّية التي توليها أدوات المشروع الصهيوني للسيطرة على صناعة القرار وتنظيم الحلفاء في الدول الكبرى وتحفيزهم.
إنّ الجهود التي تبذلها المؤسسات الصهيونية مثلاً في الولايات المتحدّة للسيطرة على صناعة القرار السياسي والتحكّم في أدوات تنفيذه، جديرة بكلّ اهتمام. فالهيمنة على السلطة التشريعية شبه تامّة حتّى قال عنها الإعلامي البارز والمرشّح السابق لرئاسة الجمهورية بات بيوكانون &laqascii117o;إن الكونغرس الأميركي أرض محتلّة". وأمّا السيطرة الصهيونية على الإعلام وصنّاع الرأي العام الأميركي بعامة، كما على القطاع المالي وسائر مراكز النفوذ، فلا تقلّ فعالية عنها في السلطة التشريعية. وحبّذا لو أنّ أحد مراكز الأبحاث الجدّية في العالم العربي يقوم بدراسة معمّقة لمدى النفوذ الصهيوني في صناعة القرار الأميركي وتنفيذه. فمثل هذه
الدراسة من شأنها توضيح حدود الصواب والخطأ بين أصحاب الرأي القائل بأنّ اسرائيل هي صناعة أميركية تحرّكها الولايات المتحدة لما فيه مصلحة أميركية استعمارية في الشرق الأوسط، والرأي الجازم بأنّ النفوذ الصهيوني هو المسيطر على القرار السياسي الأميركي يوجّهه لما فيه من مصلحة اسرائيلية لا تتلاءم بالضرورة مع المصلحة الأميركية. إنّ للنتائج الموضوعية التي يمكن الركون اليها في مثل هذه الدراسة أهمّية كبرى بالنسبة الى كلّ قرار سياسي مهمّ أو خطّة يمكن اعتمادها للدفاع عن حقّ عربي أو درء خطر اسرائيلي.
ما تفعله المنظّمات الصهيونية في الولايات المتحدة تقوم به في الدول الأخرى بطريقة تتناسب والقدرة التي تتمتّع بها هذه الدول على الصعيدين السياسي والاقتصادي، والدور الذي يمكن أن تؤديه داخل المنظمات الدولية. والنشاطات التي تقوم بها المنظمات الصهيونية لا تقتصر على الدول، بل تتعدّاها الى المنظمات الدولية الرسمية وكذلك منظمات المجتمع المدني. فهي لا تألو جهداً في حشد الحلفاء وتحفيزهم وانتقاء العملاء وتفعيلهم في أيّ مجال دولي يمكن أن يعود بالفائدة على اسرائيل، أمنية كانت أو اقتصادية أو سياسية. والمراقب باهتمام للنشاطات الإسرائيلية وامتداداتها الصهيونية في الإفادة الدائمة من كلّ فرصة، أكانت من صنيعتها أم لا، يدرك أنّ القوى الصهيونية لا تكاد تنام في سعيها للدفاع عن كل مصلحة اسرائيلية بقدر ما يتيقّن أنّ الأنظمة العربية وكلّ التنظيمات الرسمية والمدنية تكاد لا تصحو للدفاع عن الحقوق والمصالح العربية.
ولا تستثني جهود أدوات المشروع الصهيوني العالم العربي ولا حتّى الشعب الفلسطيني، الضحيّة الأولى لقيام اسرائيل وأطماعها التوسعية. فقد نجحت اسرائيل في زرع ثقافة الهزيمة والاستسلام للأمر الواقع، وجنت نتيجة لذلك اتفاقيتي سلام مع دولتين من دول الطوق ودول عربية أخرى تمارس التطبيع مع الدولة الصهيونية وتدعو له. لا بل تمكّنت من أن تنسي بعض الأنظمة العربية تاريخ شعوبها النضالي ضدّ إسرائيل وجعلت منها حليفة للظلم والاحتلال الإسرائيلي في حصار غزّة وحرمان شعبها إمكانات الدفاع عن نفسه فضلاً عن الدفاع عن الحقّ العربي في فلسطين.
لكنّ تطوّراً هامّاً طرأ في الصراع العربي الإسرائيلي كان له أثر مقلق جدّاً للقادة الصهاينة، وهو ظهور تيّار شعبي تبنّى مقاومة الظلم والاحتلال ثقافةً ومنهجاً، ومارسها بثبات ونجاح أرغما إسرائيل على الانسحاب من أرض احتلّتها في لبنان بلا قيد ولا شرط، وذلك لأوّل مرّة في تاريخها مع العالم العربي. وبعد شهور أربعة على انسحاب اسرائيل من لبنان في أيّار 2000، قامت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ممّا دفع بإسرائيل لبذل جهود استثنائية للقضاء على المقاومة تنظيماً وثقافةً في لبنان وفلسطين. وما الحرب التي شنّتها اسرائيل على لبنان في صيف 2006، وعلى غزّة في نهاية 2008، والوحشية التي مارستها في كلتا الحربين، سوى محاولات مستميتة للقضاء على المقاومة كما أعلنت في حربيها كلتيهما، ولكن دون جدوى.
اعتمدت إسرائيل على أثر ذلك مضاعفة الجهود مباشرة ومن خلال حلفاء وعملاء لها في استعمال السلاح الأفعل، وهو زرع الفتن وتنمية الانقسامات داخل المجتمع الواحد عن طريق إثارة كلّ ما من شأنه أن يؤجّج المخاوف والهواجس الطائفية والمذهبية ويذهب بالانصهار الاجتماعي، وبالتالي بالمناعة والقدرة على درء المخاطر الخارجية.
ما من حليف لإسرائيل يمكّنها من بلوغ أهدافها في إضعاف أعدائها مثل التخلّف السياسي وغياب الوعي لما هو مصلحة وطنية، فضلاً عن إطلاق جميع أدوات الفساد لإسقاط الروادع الخلقية وتشويه الواقع وزرع المخاوف والأحقاد. وما يجري في لبنان حالياً هو خير دليل على صحّة ما نقول.
فبعد فلسطين، كان لبنان أكثر الدول العربية معاناة من إسرائيل منذ نشأتها. اعتداءاتها على أرضه وشعبه وأجوائه ومياهه الإقليمية لم تنقطع. وقد أدّت إسرائيل دوراً أساسياً في الحرب الأهلية التي مزّقت لبنان على مدى خمس عشرة سنة. وفي غياب كامل للدولة للدفاع عن أرض الوطن وشعبه، قامت مقاومة شعبية تمكّنت بفضل جهود وتضحيات عزّ نظيرها، من إنهاء الاحتلال بلا قيد ولا شرط واسترجاع السيادة على الأرض المحتلّة باستثناء القليل منها وفكّ أسر جميع المعتقلين في السجون الإسرائيلية. لا بل وضعت المقاومة اللبنانية حدّاً للغطرسة الإسرائيلية ومعظم اعتداءاتها، وفرضت حالة من الردع على النزعة العدوانية لإسرائيل اعترف بها كبار قادتها العسكريين، ولم يعرف لبنان معنى للسيادة في تعامله مع إسرائيل منذ نشأتها كالتي عرفها بفضل إرادة مقاومته وتسلّحها وجهوزيّتها.
اهتزّت الصورة الردعية لإسرائيل ليس فقط في محيطها الإقليمي، بل أيضاً في العالم أجمع. فعمدت هي وحلفاؤها في العالم الى كلّ الوسائل، ولجأت الى أفعل الأسلحة، وخاصةً زرع الفتن الأهلية الهادفة الى تدمير الصورة المعنوية للمقاومة دوليّاً ومحلّياً، والدفع بها الى توجيه سلاحها الى الداخل اللبناني.
القرار 1559
عمدت إسرائيل وحليفتها الأساسية، الولايات المتحدة، بدايةً الى مطالبة سوريا بالمساعدة على نزع سلاح حزب الله مقابل البقاء في لبنان المدّة التي تشاء. هذا الطلب أبلغه توم لانتوس رئيس لجنة العلاقات الخارجية في حينه، وقد كان من أهمّ حلفاء اسرائيل في الكونغرس الأميركي، الى السفير السوري في واشنطن الدكتور عماد مصطفى. وكذلك فعل آخرون مع رسميين سوريين.
صدر القرار رقم 1559 عن مجلس الأمن الدولي بعدما تيقّنت إسرائيل والإدارة الأميركية، المعتبرة أكثر تعاطفاً معها مقارنةً بكلّ الإدارات التي سبقت منذ نشوء الدولة الصهيونية، من عدم التعاون السوري. يرمي القرار بنصّه الصريح الى بلوغ أهداف ثلاثة تؤكّد كلّها الرغبة في نزع سلاح المقاومة. الهدف الأوّل هو الخروج السوري من لبنان. ولا يمكن القبول ولو على سبيل الاحتمال بأنّ الإدارة الأميركية لا غاية لها سوى &laqascii117o;تحرير لبنان من الاحتلال السوري" كما يحلو للبعض أن يشيع. قد يكون ذلك ما كان يتمنّاه عدد كبير من اللبنانيين نظراً إلى التجاوزات التي ارتكبها مسؤولون سوريون بالتعاون طبعاً مع مسؤولين لبنانيين، وكان الفساد الضامن الأساسي لهذا التعاون. فقد كان المسؤولون في الإدارة الأميركية نفسها، عندما تطلب اليهم المساعدة على إقناع السلطات السورية بإعادة تمركز جيشها أو انسحابه من بعض المناطق اللبنانية، يجيبون &laqascii117o;إن الوجود السوري في لبنان هو عامل استقرار".
فما الذي حصل في مدّة شهور معدودة لكي يصبح هذا الوجود تهديداً للسلم العالمي، المبرر الوحيد لتدخّل مجلس الأمن الدولي وصدور قراراته؟ الهدف الأكثر إقناعاً، الذي أصبح أكثر وضوحاً مع الوقت والممارسة على الأرض، هو تجريد حزب اللّه من نصير ومصدر دعم أساسي له تأثيره في الداخل اللبناني وفي المجالين العربي والإقليمي.
الهدف الثاني من القرار 1559 كان عدم تمديد ولاية الرئيس إميل لحّود، بحجّة أنّ هذا التمديد سوف يحصل نتيجة الضغط السوري، علما بأنّ سلف الرئيس لحّود، الرئيس الياس الهراوي، مُددت ولايته في ظلّ الوجود السوري في لبنان دون التشكيك في شرعية التمديد لا من جانب الولايات المتحدة ولا المجتمع الدولي الممثّل في مجلس الأمن. الواقع والمبرّر المعقول هو أنّ الرئيس لحّود كان في الداخل اللبناني من أشدّ المؤيدين للمقاومة. وبصفته رئيس الدولة، كان من أهمّ مصادر شرعية المقاومة، إذ كان يعدّها عاملاً مكمّلاً للسيادة الوطنية لا تهديداً لها، فيما كان هدف القرار 1559 تحويل التنظيم المقاوم من مؤسسة تضمّ أبطالاً قاموا بتحرير وطنهم، وبات وجودهم في ظلّّ استمرار التهديد والخطر الإسرائيليين ضمانة للدفاع عن سيادة الوطن وحقوقه، الى مجموعة إرهابيين يمثّلون تهديداً للسلم العالمي، وانتقاصاً من السيادة الوطنية وخطراً عليها.
الأمر الثالث والأهمّ الذي نصّ عليه قرار مجلس الأمن رقم 1559 هو نزع سلاح المقاومة. وبذلك يتّضح أنّ الهدف الأساس من وراء قرار مجلس الأمن المذكور كان ولا يزال تجريد المقاومة من مؤيديها عالمياً وإقليمياً ولبنانياً، ومن سلاحها، كما القضاء على ثقافة مقاومة المطامع والاعتداءات الإسرائيلية.
لكنّ القرار الدولي لم يكن بذاته ليخلق المناخ الملائم للخروج السوري السريع من لبنان كما حصل إثر ثورة الغضب التي عمّت معظم اللبنانيين على أثر اغتيال الرئيس الحريري. وما كان قرار مجلس الأمن بذاته ليؤسس لفتنة مذهبية تدفع بحزب الله الى توجيه سلاحه عن إسرائيل الى الداخل اللبناني. فما اغتيال الرئيس الحريري والحملة الإعلامية التي رافقته بأنّ سوريا وحلفاء لها في لبنان هم وراء اغتياله، وكذلك الإجراءات القانونية التي اتخذت على الصعيد الدولي جميعاً، سوى عوامل مكمّلة للقرار 1559 كما أدرك وليد جنبلاط وعدد من القادة السياسيين الذين يرفضون أن يطمروا رؤوسهم في التراب إزاء دنو ساعة الانفجار وتداعياته على الوطن وشعبه.
المحكمة الدولية
لا نستطيع الجزم بصورة علمية حيال هوية الطرف أو الأطراف المسؤولة عن اغتيال الرئيس الحريري، لكن لا ينبغي لنا أن نستكين ونعطّل عمل العقل فينا عندما نعلم بالتجاوزات التي حصلت والأخطاء، لا بل المخالفات الصارخة التي ارتُكبت، والاستسلام للإرادات الغريبة التي لا تبغي عدالة ولا تريد الخير للبنان. فلو نظرنا بدايةً الى الطرف الذي هو أكثر الذين استفادوا من اغتيال الرئيس الحريري، وهذا من العوامل الرئيسية التي تقود التحقيق الجنائي في تقصّي الجاني، لوجدنا اسرائيل والدول المنفّذة لشهواتها على الصعيد الدولي في طليعة المستفيدين، إن لم يكن المستأثرين بالإفادة من هذا العمل الجرمي.
فخروج السوريين ومحاصرة حلفائهم في السلطة أو عزلهم أو حتّى الزجّ بهم في السجون بدون وجه حق، كانت من الأهداف الإسرائيلية الأميركية. ولعلّ أكثر المتضررين من اغتيال الرئيس الحريري، وهذا ما أثبتته الأيام، كانوا السوريين وحلفاءهم في لبنان. ولو تفحّصنا الإجراءات القانونية التي حبكتها ووضعتها موضع التنفيذ دول حليفة لإسرائيل ومدافعة في وجه العموم عن جميع ما ترتكب من جرائم، لأيقنّا أن الدوافع وراء كلّ تلك الإجراءات بعيدة كلّ البعد عن الرغبة في معرفة الحقيقة أو بلوغ العدالة، لا بل إنّها تنطوي على مخالفة للقواعد التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي في إنشاء محاكم جنائية دولية، وعلى تجاوزات قانونية تضع علامة استفهام كبرى حول قانونية وجود المحكمة.
بدايةً، المحكمة الخاصة بلبنان هي المحكمة الدولية الوحيدة في العالم التي لا تنظر في جريمة دولية يطبّق بشأنها القانون الدولي، لذلك اختير القانون اللبناني كقانون صالح للتطبيق حصراً. والسبب في ذلك أنّ الجريمة التي سوف تنظر فيها المحكمة، والتي وُصفت بالعمل الإرهابي، لا تعريف ولا عقوبة لها في القانون الدولي، ولم يحصل أن نظرت محكمة دولية في السابق في جريمة قتل وصفت بأنّها عمل إرهابي. لا بل إنّ جميع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي بشأن الإرهاب تدعو الدول إلى اتخاذ إجراءات قانونية داخلية للمعاقبة على جرائم الإرهاب. وزيادة في الإيضاح، لو قرر مجلس الأمن إحالة النظر في جريمة اغتيال الرئيس الحريري على محكمة الجنايات الدولية، لكانت ردّت الدعوى شكلاً لعدم الاختصاص، لأنّ العمل الجرمي موضوع الدعوى لا وجود له بين الجرائم التي هي من اختصاص المحكمة، والمذكورة بالتفصيل في نظامها الأساسي. ولا يجوز القول إنّ ذلك لم يحصل لأنّ لبنان ليس عضواً فيها. فنظام المحكمة ينصّ على أنه يكفي لأيّة دولة غير موقّعة على اتفاقية روما المنشِئة للمحكمة أن تصرّح خطّياً بقبول اختصاص محكمة الجنايات الدولية حتّى يصبح للمحكمة اختصاص.
والأساس القانوني للمحكمة الخاصة بلبنان هو اتفاقية بين لبنان والأمم المتحدة، لكنّها اتفاقية غير مستوفية الشروط الدستورية اللبنانية، وهذا شرط أساسي بموجب القانون الدولي العرفي والوضعي لصحّة الاتفاقية ونفاذها من الوجهة القانونية. فالاتفاقية المنشئة للمحكمة الخاصة بلبنان لم يجر التفاوض بشأنها وإبرامها من جانب السلطة المكلّفة دستورياً بذلك، وهي رئيس الجمهورية. فالرئيس لحّود أُبعد عن التفاوض من جانب الطرف الممثّل للأمم المتحدة، ولم يؤخذ بأيّ من الملاحظات التي قدّمها بشأن الاتفاقية المنشئة للمحكمة الخاصة بلبنان. فقد كان الرئيس لحّود يتمتّع بشرعية توقيع المرسوم الذي هو بمثابة صكّ الولادة لحكومة الرئيس السنيورة التي حصر مجلس الأمن بها شرعية تمثيل الدولة اللبنانية، لكنّ مجلس الأمن شاء أن لا يعترف بالصلاحية التي ينيطها الدستور اللبناني برئيس الجمهورية لجهة إبرام الاتفاقيات الدولية. كذلك فإنّ الاتفاقية لا تكون صحيحة ونافذة، بحسب الموجب الدستوري، ما لم تحظَ بموافقة مجلس النواب، وهذا ما جرى تجاوزه، ذلك أنّ مجلس النواب لم يوافق عليها.
وبما أننا بصدد اتفاقية غير مستوفاة الشروط الدستورية، وهذا شأن لبناني داخلي، وبما أنّ ميثاق الأمم المتحدة يحرّم على المنظمة الدولية أن &laqascii117o;تتدخّل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي للدولة"، وهذا مبدأ أساسي من المبادئ التي تقوم عليها الأمم المتحدة ولا استثناء بشأنه إلاّ عندما &laqascii117o;يخلّ بتدابير القمع المنصوص عنها في الفصل السابع" من الميثاق الأممي الذي يعالج الأمور الأشدّ تهديداً للسلم العالمي. لقد اختار مجلس الأمن أن يعتمد الفصل السابع من الميثاق مبرّراً لقراره في إعطاء الصيغة التنفيذية لاتفاقية ليست مستوفية الشروط الدستورية، وكأنّ احترام أحكام الدستور اللبناني يمثّل تهديداً للسلم العالمي. وهذا يضع علامة استفهام كبرى على قانونية المحكمة، ولا شكّ لديّ أنّه سوف يكون من أول الدفوع التي سوف يدلي بها أي متّهم يمثل أمام المحكمة، هذا إذا كان هناك إصرار على بقائها دون معالجة العيوب التي اعترت إنشاءها.
وإذا اعتبرنا أنّ المحكمة الخاصة بلبنان أنشئت بموجب الفصل السابع من الميثاق، فلماذا لم تقم الأمم المتحدة بتمويلها كما فعلت بشأن المحاكم الأخرى التي أُنشئت بموجب الفصل السابع مثل المحكمة الخاصة بيوغسلافيا سابقاً، وكذلك المحكمة الخاصة برواندا؟ هل لأنّ مجلس الأمن لم يقبل اقتراح اعتبار جريمة اغتيال الرئيس الحريري من الجرائم ضد الإنسانية، التي رأى مجلس الأمن سابقاً أنّها بذاتها تمثّل تهديداً للسلم العالمي، والمبرر الأساسي لإنشاء محاكم جنايات دولية خاصة بموجب الفصل السابع؟
ما تقدّم هو عيّنة من التجاوزات العديدة التي رافقت إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. والسؤال الواجب طرحه، الذي يجب أن يسترعي اهتمامنا، هو لماذا تقوم قوى دولية بهذه التجاوزات من أجل إنشاء المحكمة الخاصة بلبنان؟ يمكن لمن يشاء أن يرى أن الجهود التي قامت بها الولايات المتحدة مثلاً، وخاصةً ممثلها في مجلس الأمن جون بولتون، وهو من أشدّ المناصرين للدولة العبرية، كانت كرمى لعيون الرئيس فؤاد السنيورة وبعض السياسيين اللبنانيين، الذين لاقوا تكريماً استثنائياً في واشنطن لدى إدارة الرئيس بوش. لكن من يرغب في معرفة الدوافع الفعلية وراء سلوك الإدارة الأميركية، الذي تلى اغتيال الرئيس الحريري، وفي ضوء المصالح التي تملي سلوك الدول، والمدرك للمصلحة والاهتمام الإسرائيليين بكل ذلك، والعارف بالنفوذ الصهيوني، وخاصةً داخل إدارة الرئيس بوش، يرى أسباباً أخرى وراء التجاوزات والأخطاء التي اعتُمدت في اتخاذ كل الإجراءات القانونية، بما فيها المحكمة الخاصة بلبنان. كيف يمكن عاقلاً أن يتصوّر أن معرفة الحقيقة أو بلوغ العدالة كان الدافع الى إقامة المحكمة الخاصة بلبنان في عام 2007، التي أقلّ ما يقال فيها إنّها أُنشئت بموجب اتفاقية مشكوك في قانونيتها، للنظر في جريمة وقعت عام 2005 لا يعرفها القانون الدولي، فيما ارتكبت إسرائيل جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية موثّقة في حربها العدوانية على لبنان عام 2006 ولم يحرّك مجلس الأمن ولا الدول المسيطرة على كل قراراته ساكناً بالنسبة الى التحقيق في هذه الجرائم، فضلاً عن تطبيق العدالة بالنسبة إلى المسؤولين عنها؟
أضف إلى التجاوزات المتعمّدة التي رافقت نشأة المحكمة الدولية، والتي تدفع الى الاقتناع بأنّ أهدافاً سياسية كانت وراء إنشائها، فإنّ سلوك القيّمين على كلّ الإجراءات القضائية الدولية بدأ بالمخالفات التي ارتكبتها لجنة التحقيق الدولية برئاسة ديتليف ميليس، مروراً بصناعة شهود الزور واعتقال أربعة من كبار الضبّاط المسؤولين عن الأمن في لبنان لمدّة أربع سنوات بناءً على شهادات ملفّقة، فضلاً عن موقف المدّعي العام لدى المحكمة الدولية في معارضته الكشف عن الأدلّة التي تمكّن ضحايا شهود الزور من ملاحقتهم قضائياً، والكشف عن رعاتهم ومحرّكيهم، وأثر ذلك في بلوغ تحقيق جنائي شامل والاطمئنان إلى نتائج تضمن معرفة الحقيقة... جميعها تعزّز الشكوك في الإجراءات القضائية التي يُفترض أنّها اتخذت لكشف ومعاقبة قتلة الرئيس الحريري ورفاق له لم يكن الهدف منها لا معرفة الحقيقة ولا بلوغ العدالة. وما الاهتمام الذي يبديه أشكينازي وسواه من القادة الإسرائيليين بمآل التحقيق والآثار التي تتوقّعها إسرائيل نتيجة صدور القرار الظنّي، وما النشاط الذي يقوم به مسؤولون أميركيون لهم تاريخ في زرع الوئام بين اللبنانيين كالسفير السابق ومساعد وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان دعماً لصدور قرار ظنّي قد يفجّر الفتنة بين اللبنانيين، سوى من قبيل الحرص البريء على معرفة الحقيقة وبلوغ العدالة التي ينضح بها السلوك الأميركي، وخاصةً في ما يتعلّق بالعلاقة بين إسرائيل وضحاياها من العرب دولاً وشعوباً.
أمور عديدة تدعو الى التعجّب والحيرة في مواقف عدد كبير من المسؤولين اللبنانيين المؤيّدين للمحكمة الدولية، بالرغم من المخاطر التي يمكنها أن تلحق بوطنهم وأهلهم مهما كانت الإغراءات أو الأمنيات التي يمكن أن تفسّر هذه المواقف. ولكن ما يدعو الى الذهول فعلاً هو موقف من يُفترض بهم أن يكونوا أكثر الناس حرصاً على معرفة الحقيقة وبلوغ العدالة، وفي طليعتهم أولياء الدم، بالرغم ممّا يعرفونه عن تسييس كل الإجراءات القانونية التي اتخذت على الصعيدين الدولي والمحلّي، بما في ذلك رعاية شهود الزور، وهم مع ذلك أكثر الناس تمسّكاً بالمحكمة الدولية.
من الصعب جدّاً أن نعرف أنواع الضغط التي يتعرّض لها أو المكاسب التي يتوقّعها المتمسكون بالمحكمة الدولية، الذين منحوا ثقتهم لجهاز التحقيق التابع لها، الذي سوف يصدر القرار الظنّي المتوقّع قريباً، هذا الجهاز الذي يعمل وراء ستار السرّية، بعيداً عن أيّة رقابة إدارية، ويتمتّع بالحصانة حيال المساءلة القضائية. كلّ ذلك يجري في منأى كامل عن السيادة اللبنانية بالرغم من المصالح الوطنية المهددة، وفي طليعتها أمن البلاد واستقرارها.
كيف لنا أن نفهم أنّ وطناً يتشدّق مسؤولوه بالحرص على الاستقلال والسيادة، اللذين يتجسّدان في الاستئثار بالحكم الذاتي، يتخلّى عن سيادته بحجّة بلوغ العدالة ويضعها في أيدٍ لا دليل في دوافعها وسلوكها على أي حرص على معرفة الحقيقة أو بلوغ العدالة؟ كيف لنا أن نفسّر أن مجتمعاً يرى مثقّفوه وقادة الرأي فيه أن محرّكي أدوات التفجير الداخلي من شحن طائفي واصطفاف مذهبي وإيقاظ للهواجس وزرع للأحقاد يعملون بنشاط فائق للذهاب بأمنه واستقراره، ولا يدرك الأهداف الحقيقية للقوى التي تحرّك أدوات التفجير هذه؟
من أين نأتي بمنطق يساعدنا على فهم شعب عانى الأمرّين من احتلال وإذلال واعتداءات إسرائيلية لم تنقطع حتّى امتلك القوّة لكي ينهي ا