قضايا وآراء » قضايا وآراء مختارة من الصحف اللبنانية الصادرة الجمعة 12/112010

- 'السفير'
اتهم روسيا وألمانيا وفرنسا بنقل رسائل كاذبة عن عدم جديته في الغزو.. بـوش في كتابه يبرّر احتلال العـراق بسيناريوهـات خيالية عن صدّام.. تحسنت علاقته بالمالكي بعد حملة البصرة وقبوله زيادة قوات الاحتلال
خالد داود:

قلّد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش نفسه في كتابه &laqascii117o;لحظات القرار"، وساما رفيعا لاستخفافه بدماء اللبنانيين في حرب تموز، وبعقول عدد من القادة العرب طوال فترة رئاسته. لكن البقعة الأكثر سوادا في سجل بوش، تبقى على الأرجح احتلاله العراق، وإدارة البلاد بعد ذلك بما أدى إلى سيل جارف من الدماء العراقية، وتدمير منهجي لمؤسسات الدولة. زعيمان عراقيان، تتجلى في نظرة بوش لهما، علاقته بهذا البلد: الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ورئيس الحكومة العراقية نوري المالكي. ولم يجد بوش وسيلة لتبرير غزو العراق، بعدما اتضح غياب أسلحة الدمار الشامل منه، سوى اختلاق سيناريوهات خيالية عما كان صدام ليفعله في المستقبل لو لم يتم الغزو، فيما أشاد بالمالكي لقيادته الحملة الدامية ضد الصدريين في البصرة، وروى كيف أراد أن يكون بموقع &laqascii117o;ملهمه الفكري".
صدّام والغزو
وكتب بوش: &laqascii117o;ان طبيعة التاريخ تقضي بأننا نتعرف فقط الى نتائج ما نقوم به من أعمال. لكن عدم التحرك أيضا تكون له نتائج. تخيل ما كان يمكن أن تكون عليه حال العالم لو أن صدام حسين كان ما زال مسؤولا عن حكم العراق. كان ليواصل تهديد جيرانه، ورعاية الإرهاب، وتكديس الجثث في القبور الجماعية (تجاهل بوش بالطبع القبور الجماعية الهائلة التي كدسها هو بحربه خلال خمس سنوات فقط) والارتفاع المتواصل في أسعار النفط ـ الذي قفز من نحو ثلاثين دولارا فقط للبرميل إلى نحو مئة وأربعين دولارا بعد خمس سنوات - كان من شأنه أن يغرق صدام في الثروة. وكانت العقوبات، التي بدأت تتهاوى، لتسقط بكل تأكيد. صدام كان ما زال يحتفظ بالبنية التحتية والمعرفة اللازمة لصناعة أسلحة الدمار الشامل. وكما أشار التقرير النهائي للتفتيش عن الأسلحة الذي أعده ريتشارد دولفر فإن &laqascii117o;صدام أراد إعادة بناء قدرات العراق على انتاج اسلحة الدمار الشامل بعد إزالة العقوبات واستقرار اقتصاد العراق". ولو كان صدام قد تمكن من تنفيذ هذه النيات، فلقد كان العالم ليشهد غالبا سباق تسلح نووي بين العراق وإيران. وكان من الممكن أن يلجأ صدام لجماعات إرهابية سنية مثل القاعدة، وهو زواج فائدة وليس مبنيا على اتفاق أيديولوجي، للعمل نيابة عنه وذلك في محاولة للتماهي مع استخدام إيران لجماعات شيعية &laqascii117o;ارهابية" مثل &laqascii117o;حزب الله". كما أن فرص وقوع أسلحة بيولوجية وكيميائية ونووية في ايدي الإرهابيين كانت لتزداد. والضغوط على اصدقائنا في المنطقة ـ وخاصة اسرائيل والكويت والسعودية والإمارات العربية المتحدة ـ كانت ستصبح كبيرة، ولكان الشعب الأميركي أقل أمنا اليوم.
بدلا من ذلك، ونتيجة لما قمنا به في العراق، فإن أحد أكثر أعداء أميركا خطورة قد توقف عن تهديدنا إلى الأبد. وفقدت إحدى أكثر المناطق العالم اضطرابا أحد أكبر مصادر العنف والفوضى. ورأت الدول المعادية في كل أنحاء العالم ثمن دعم الإرهاب والسعي للحصول على أسلحة دمار شامل. وفي مسافة تسعة أشهر، انتقل 25 مليون عراقي من العيش في ظل ديكتاتورية الخوف إلى رؤية الأمل في إقامة ديموقراطية مسالمة وفعالة".
وفي نفس الوقت، كان من اللافت أن بوش لم يتناول مطلقا في كتابه واقعة إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وإن كان باديا بالطبع حجم الكراهية الشخصية التي كان يحملها له وكانت &laqascii117o;محاولة اغتيال والدي (أو داد كما أشار له طوال كتابه)" من ضمن قائمة أسباب طويلة أوردها بوش الابن في سياق محاولته تبرير حرب العراق. وأورد بوش فقط واقعة تسلمه مسدس الرئيس العراقي السابق من الجنود الأميركيين الذين قاموا باعتقاله، وحجم السعادة التي شعر بها للعثور عليه في حفرة في الأرض:
&laqascii117o;يوم السبت 13 كانون الأول اتصل بي (وزير الدفاع السابق) دونالد رامسفيلد. وكان قد تلقى للتو مكالمة من الجنرال جون أبي زيد الذي تسلم منصبه من تومي فرانكس بعد تقاعده (كقائد للقوات الأميركية في العراق). وكان جون جنرالا أميركيا لبنانيا يتحدث العربية ويفهم الشرق الأوسط. وكان جون يعتقد أننا أمسكنا بصدام حسين. وقبل أن نعلن ذلك للعالم كان يجب أن نكون متيقنين مئة في المئة. صباح اليوم التالي اتصلت كوندي (رايس) لتأكيد الخبر. كان هو صدام. الوشم القريب من قبضة يده ـ ثلاث نقاط زرقاء كرمز للقبيلة التي ينتمي لها ـ كان دليلا قاطعا. وشعرت بفرحة غامرة. الإمساك بصدام كان سيمثل رفعة معنوية قوية لقواتنا وللشعب الأميركي. كما سيمثل فارقا نفسيا للعراقيين الذين كان يخشى الكثيرون منهم عودته. الآن الأمور أصبحت واضحة: مرحلة الديكتاتور انتهت إلى الأبد.
وبعد شهور عدة، جاء أربعة رجال لزيارتي في البيت الأبيض. وكانوا أعضاء في فريق الدلتا الذي أمسك بصدام حسين. وأطلعوني على قصة ملاحقته. المعلومات الاستخباراتية قادتهم إلى مزرعة بالقرب من بلدة صدام في تكريت. وبينما كان الجنود ينقبون الأرض، اكتشف أحدهم حفرة. وقام بالقفز داخلها وجذب رجلا غاضبا وأشعث الشعر. وقال الرجل: &laqascii117o;اسمي صدام حسين. أنا رئيس العراق وأريد التفاوض". ورد عليه الجندي: &laqascii117o;أبلغك تحيات الرئيس بوش". وكان بحوزة صدام ثلاثة أسلحة، بما في ذلك مسدس قدمه لي اولئك الرجال في صندوق زجاجي. وقلت لهم انني سأعرض هذه الهدية في مكتبي الخاص في المكتب البيضاوي، ولاحقا يوما ما في مكتبتي الرئاسية. وكان المسدس يذكرني دائما بأن ديكتاتورا متوحشا، مسؤولا عن هذا الكم من الموت والمعاناة، قد استسلم لجنودنا بينما هو متكور في حفرة".
بوش اتهم دولا مثل روسيا وفرنسا وألمانيا بإبلاغ صدام حسين رسائل خاطئة بأنه لم يكن جادا في شن الحرب، وأن الرئيس العراقي السابق بالغ في تقييم حجم المعارضة الدولية والتظاهرات الشعبية للاحتجاج على الحرب. ويتساءل بوش كيف كان يمكن أن يكون أكثر جدية في تأكيد نيته القيام بعمل عسكري بعدما تم تضمين العراق في &laqascii117o;دول محور الشر" في خطابه الشهير في كانون الثاني 2002 أمام الكونغرس، وبعد لجوئه لمجلس الأمن للحصول على قرار يهدد باستخدام القوة، وفشله في الحصول على قرار ثان يعطي الشرعية من الأمم المتحدة لشن الحرب، وحصوله على دعم الكونغرس لشنها، وتوجيهه إنذارا نهائيا لصدام بأنه سيقوم بشن الحرب خلال 48 ساعة، وأخيرا حشد 150 ألف جندي على حدوده مع الكويت. &laqascii117o;كان هناك شخص واحد لديه القدرة على تجنب الحرب، وهو اختار عدم القيام بذلك. ومع كل الخداع الذي قام به للعالم، فإن الشخص الذي خدعه صدام في النهاية إلى أقصى درجة كان هو نفسه".
وبعدما كتب بوش عن &laqascii117o;وقت طويل قضيته في التفكير في الخطأ الذي جرى في العراق، ولماذا"، توصل فقط إلى الاعتراف &laqascii117o;بخطأين ترتبت عليهما كل النكسات التي واجهناها لاحقا". الخطأ الأول كان عدم التعامل بشكل سريع مع تدهور الموقف الأمني بعد سقوط صدام والقيام بدلا من ذلك بالإسراع في تخفيض عدد الجنود الأميركيين الذين قاموا باحتلال العراق، متجاهلا بشكل كامل أنه بصفته القائد العام للقوات المسلحة استجاب لمقترحات وزير دفاعه رامسفيلد بشن حرب رخيصة تعتمد على التكنولوجيا والقوة المفرطة لاحداث &laqascii117o;الصدمة والرعب" وكل ما صاحب حملة غزو واحتلال العراق من أكاذيب عن خروج العراقيين للشوراع لاستقبال الأميركيين بالزهور فور وصولهم أطراف بغداد. لكن بوش برر قلة عدد القوات بخشيته من تأكيد الانطباع الذي تردد بأنه كان يريد &laqascii117o;امبراطورية" انطلاقا من العراق ولعدم ترسيخ صورة المحتل. أما &laqascii117o;الخطأ" الثاني الذي أقر به بوش فكان الفشل المتعلق بمعلومات الاستخبارات حول مخزون العراق من أسلحة الدمار الشامل. لكنه يبرر ذلك بأن الجميع كان على يقين بأن صدام كان يمتلك أسلحة دمار شامل، وأنه لم يكن يفهم سبب عدم سماحه للمفتشين بالتيقن من عدم امتلاكه الأسلحة لو كانت التقارير الاستخباراتية خاطئة. لكنه أضاف انه علم فقط بعد سقوط صدام بما وردت في التحقيقات معه من أن هاجسه الأساسي كان إيران، لذلك كان يرفض تأكيد عدم امتلاكه تلك الأسلحة بشكل قاطع.
وفي معرض ما ساقه بوش من دلائل للتأكيد على سيل المعلومات التي تلقاها حول مخزون صدام من أسلحة الدمار الشامل، قال إن &laqascii117o;رئيس مصر حسني مبارك أطلع تومي فرانكس بأن العراق لديه أسلحة بيولوجية وأنه سيقوم باستخدامها ضد قواتنا بكل تأكيد. ورفض مبارك التصريح بذلك الاتهام علنا خشية إثارة الشارع العربي. لكن المعلومات الاستخباراتية التي حصلت عليها من قائد في منطقة الشرق الأوسط يعرف صدام جيدا كان لها تأثير على تفكيري. وكما كانت هناك مخاطر ترتبط بالقيام بتحرك، فإن عدم القيام بتحرك كان أيضا ينطوي على مخاطر: فامتلاك صدام أسلحة بيولوجية كان يمثل تهديدا خطيرا لنا جميعا".
المالكي
ربما يكون حديث بوش عن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وتقييمه الشخصي له ذا صلة بالمرحلة التي تمر بها منذ أشهر عملية تشكيل الحكومة العراقية. وقال بوش إن حصول المالكي على منصب الرئاسة مثل &laqascii117o;خيارا مفاجئا" بعد اول انتخابات برلمانية تشهدها العراق في نهاية العام 2005. وأضاف ان المالكي كان &laqascii117o;شخصا ودودا ومخلصا، لكنه كان حديث العهد بالسياسة. وأوضحت له أنني أود إقامة علاقة شخصية لصيقة معه. وهو عبر عن ذلك أيضا. وفي الشهور التي تلت، كنا نتحدث كثيرا عبر الهاتف والفيديوكونفرنس. وكنت حريصا على ألا أبدو كأنني أصدر الأوامر له وأوجهه. وكنت أريد منه أن يعتبرني بمثابة شريك، وربما ملهم فكري. هو كان يتعرض لضغوط من أطراف عدة. لكن من ناحيتي كان سيحصل على النصيحة والتفهم".
كما تناول بوش زيارته العراق في صيف العام 2006 ولقاءه المالكي في ذلك الوقت. وقال إن المالكي &laqascii117o;كان سلوكه ودودا وصوته هادئا. لكنني شعرت بأن لديه قوة داخلية. فصدام حسين أعدم عدة أعضاء من عائلة المالكي، لكنه رفض التخلي عن دوره في حزب المعارضة. وكانت شجاعته الشخصية بمثابة بذرة أملت في رعايتها وذلك كي يتمكن من النمو ليصبح ذلك القائد القوي الذي يحتاج اليه العراقيون". لكن مشاعر الرضا التي منحها بوش للمالكي تراجعت مع استمرار العنف الطائفي في العراق وتوجيه اتهامات للمالكي من قبل مسؤولين أميركيين كبار بالتقاعس عن ملاحقة من وصفهم بوش بالمتشددين الشيعة، في اشارة إلى اتباع مقتدى الصدر، وعدم تنظيف صفوف أجهزته الأمنية من عناصر طائفية كانت معروفة بأن لها &laqascii117o;علاقات مريبة مع إيران"، وعدم نشر القوات العراقية في الأماكن المطلوبة. وفي تشرين الأول 2006 أرسل بوش مستشاره للأمن القومي ستيف هادلي للعراق لتقييم الموقف قبل اتخاذ قرار بشأن زيادة عدد القوات الأميركية في العراق، في محاولة أخيرة لخلق بعض الاستقرار هناك. وعاد هادلي بتقييم كتب فيه أن المالكي &laqascii117o;إما جاهل بما يجري، أو يتعمد اساءة تقديم نياته، أو أن قدراته لا تكفي بعد كي يحول نياته الحسنة إلى أعمال".
لكن الرئيس الأميركي قال إن علاقته عادت للتحسن مع المالكي بعدما وافق على التعاون مع خطته نشر عشرين الف جندي أميركي اضافي في العراق، وإن &laqascii117o;قدراته نمت كشخصية قيادية". وأشاد بوش بشكل خاص بالحملة التي قادها المالكي بنفسه ضد من وصفهم بـ&laqascii117o;العناصر المتشددة في البصرة" في ربيع العام 2008 والتي أكدت أنه &laqascii117o;قائد قوي".


- 'النهار'

للسيستاني سبعون متراً..وللآخرين قصور فارهة
بقلم  محمد الياسري:

سبعون متراً مربعاً يدفع ايجارها سماحة السيد السيستاني تأويه هو وعائلته، هي كل مساحة البيت الذي يؤجره رجل الدين الشيعي الأبرز في العالم الاسلامي وهذه المساحة المحدودة هي لسكنه واستقباله لضيوفه من اقربائه.
والذي يعرف السيد السيستاني والقريبون منه لا يستغربون ما نقوله فهذا الرجل معروف بورعه وتواضعه وزهده بالدنيا ويكفي أنه يقول 'سمعت أن بعض النجفيين وبسبب تردي أوضاعهم الاقتصادية اضطروا الى السكن في منطقة خان النص ولهذا لا ينبغي أن يجيز رجال الدين لانفسهم ان يعيشوا عيشة رفاه وترف'.
ومن هذا الكلام لنا أن نستوعب حقيقة هذا الرجل وتواضعه وما يجب أن يكون عليه رجال العلم والدين من ايثار وهي صفات لا نعتقد أن من حقنا وصفها وتعدادها في السيستاني فمقلدوه ومحبوه وطلابه يعرفون عنه الكثير وبما يفوق ما نعرفه نحن عنه.
لا اريد ان اكيل المديح للرجل وليس هذا المقال ينحو في هذا الاتجاه لكنني وددت ايراد المقدمة البسيطة التي من غير ادنى شك لا ترقى الى شخص المرجع الديني، لاتحدث عما يفعله اليوم رجال السياسة واعضاء البرلمان العراقي واصحاب النفوذ والمال في عراقنا الجديد.
فقادة البلاد اليوم ونوابه الذين من المفترض ان يمثلوا عامة الشعب وفقراءه ومعدميه والطبقات المسحوقة فيه يتنافسون على بناء القصور الفارهة ليس في بلادهم فقط بل في ارجاء المعمورة والاموال التي يتقاضونها دون عمل مرهق او بذل جهد بدني او فكري باتت تصل الى ارقام مكوكية يعجز المواطن البسيط على استيعاب عدد الاصفار فيها.
ولنا في برلماننا الجديد الذي تقاضى نوابه رواتبهم ومخصصاتهم لمدة ثمانية شهور وهم لم يلتقوا سوى ربع ساعة فقط وقد لا يعرف بعضهم الآخر والكثير منهم متذمر لانه لم يتقاض مبالغ قريبة او مماثلة لأقرانهم بالدورة السابقة، ولكم ان تتخيلوا شخصاً لم يبذل جهداً من أي نوع لفترة لا تتجاوز الدقائق وينال على ذلك اموالاً تعادل رواتب الآلاف من الموظفين الكادّين لمدة عشر ساعات في اليوم مع اعباء الأمن والمخاطرة ويقيناً أن قانون الدولة سيقطع راتب أي موظف في العراق إن تغيب بضعة ايام ومن ثمّ سيطرد من عمله فلماذا هؤلاء وجلهم الآن في خارج البلاد ينالون الحظوة دون أن يبذلوا جهداً. فأي حلال وحرام هذا؟ وأين المقارنة بين حال السيد السيستاني وممثلي الشعب المزعومين؟
ثم – وهذا لا يخفى على أحد - إن مسؤولينا وقادتنا السياسيين واعضاء البرلمان السابقين والحاليين بدأوا يتنافسون في بناء وحداتهم السكنية وطرق المعمار فيها بحيث بعضها يتجاوز آلاف الامتار وفيها ما لذ وطاب من وسائل الراحة والحدائق الغناء وبحيرات السباحة والنافورات، وبعض من هؤلاء القادة يعتمرون العمامة ويرتدون الجلباب، والأدهى من كل هذا أن بعضهم أغلق شوارع بالكامل ومنع مرور الناس فيها كي لا يعكروا مزاج اسرهم، وسياسيون آخرون جعلوا لهم في العديد من بقاع الأرض منتجعاً يحجون اليه وقتما تشتد الهجمات الارهابية وهي تقتل الشرفاء العراقيين البسطاء دونما تمييز ويخرج من جحره في عمان او بيروت او دمشق ليستنكر ويدين وينظّر ويزايد بدمنا وهو لم يرَ حتى أي حي شعبي من احياء العراق. تبدو الآن المقارنة بين ما يسكنه المرجع الديني السيد السيستاني من سبعين متراً يدفع ايجارها كل شهر وما يناله قادة البلاد وممثلو الشعب من امتيازات ورفاهية وغنج اشبه بضرب من التخريف، فأين وجه المقارنة وكيف وماذا سنحقق اذا ما قارنا سوى عض اصابع الندم على ما وصلنا اليه الآن بمحض ارادتنا ورغبتنا؟.


- 'الأخبار'
الدولة ثمّ الدولة
خالد صاغية:

في الخطاب الرسمي لـ14 آذار، يطلب هذا الفريق من اللبنانيّين أن يتناسوا كلّ الخصوصيّات المتعلّقة بوضع لبنان في منطقة الشرق الأوسط الملتهبة، وبوضع الجنوب المعرّض في أيّ لحظة لحرب إسرائيليّة، ووضع الأراضي اللبنانية التي لا تزال إسرائيل تحتلها، ووضع الجيش اللبناني الذي لا يجد من يقدّم له مساعدات عسكريّة نوعيّة... المطلوب إهمال كلّ ذلك مقابل التمسّك بمبدأ &laqascii117o;احتكار العنف" كما عرفته وطبّقته دول غربيّة كثيرة. وفقاً لـ14 آذار، هذا هو باب العبور إلى الدولة الذي لا يمكن استبداله بأيّ شبّاك، حتّى ولو كان شبّاك المقاومة أو الدفاع عن لبنان. الدولة، ثمّ الدولة، ثمّ الدولة. هكذا يمكن اختصار أدبيّات &laqascii117o;ثورة الأرز".
يمكن أيّ لبنانيّ ساذج أن يصدّق هذا الشعار، وأن ينتمي لفريق &laqascii117o;انتفاضة الاستقلال"، وخصوصاً أنّ اللبنانيّين عانوا كثيراً ـــــ ولا يزالون ـــــ من غياب الدولة. اللبنانيّ الساذج نفسه مستعدّ لغضّ الطرف عن قادة الميليشيات الذين بنوا مجدهم على أنقاض الدولة، والذين يبشّرون بها الآن فوق جثث ضحايا الحرب الأهليّة ودموع أهالي المخطوفين الذين ما زالوا مجهولي المصير. واللبناني الساذج نفسه مستعدّ لتناسي الخطاب التقسيمي الذي حمله وقاتل في سبيله بعض رموز 14 آذار. واللبناني الساذج مستعدّ لسدّ أذنيه عن الدعوات الفدراليّة الصادرة عن هذا الفريق السياديّ. واللبنانيّ الساذج نفسه مستعدّ لطرد كلّ الأفكار الشريرة حول التناقض بين الدعوة إلى بناء الدولة والإمعان في نهب مواردها والسعي إلى بيع ممتلكاتها في سوق الخردة. واللبناني الساذج نفسه مستعدّ لوضع يديه على أنفه حتّى لا يشمّ رائحة الصفقات المشبوهة والسياسات المنحازة لمصلحة الأثرياء، التي يبرمها ويدافع عنها أنصار الدولة.
اللبنانيّ الساذج مستعدّ لتجاهل أمور كثيرة، وخصوصاً أنّ سذاجته تزداد كلّما ازداد خوفه. وكلّ ذلك من أجل بناء الدولة والعبور إلى الدولة والعيش في كنف الدولة. لكن ما العمل إذا كانت &laqascii117o;حركة بناء الدولة" يتزعّمها &laqascii117o;رجل دولة" لا يتورّع عن تهديد أحد وزرائه لأنّه تحدّث عن ضغوط تمارَس على لبنان، ثمّ يرسل ألسنته الكثيرة لتطالب ذاك الوزير بالاعتذار!
أنقِذونا من &laqascii117o;الوَلْدَنة" أوّلاً، حتّى نتمكّن من الحديث... عن الدولة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد