افتتاحية صحيفة الدايلي ستار 17- 4- 2008
ترجمة خاصة ـ 'ميديا أوبزرفر'
لم يكن بيان مجلس الأمن في الأمم المتحدة حول التقرير الأخير للأمين العام بشأن تنفيذ القرار 1701، (الذي وضع حدا للأعمال الحربية في حرب صيف 2006مع إسرائيل)، جديرا بالانتظار. لقد استغرقت الوثيقة أسابيع حتى تتم صياغتها بهذا الشكل لكي تتغلب على اعتراضات بعض الأعضاء، و كانت النسخة النهائية جبانة كما كان متوقعا. ومع ذلك، فقد عزز البيان، بصورة غير مباشرة، ميول المجلس للتركيز على القضايا الخاطئة. وبهذا، أضاع البيان فرصة أخرى لإحراز ولو تقدم بسيط في بعض الأهداف التي أثارها، وتحديدا تنفيذ الدعوة التي تضمنها التقرير ل 'وقف دائم لإطلاق النار وإيجاد حل طويل الأجل' ، وعبارة البيان حول 'أهمية ...سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط. '
إحدى المشاكل في العملية كلها، كانت التركيز المفرط على سلاح حزب الله وكيفية حصوله عليه. على العموم، سواءً تسبب هذا السلاح بنزاعات إضافية أم لا، أو منع حصولها، هي مسألة يطول نقاشها الى الأبد. ففي تموز وآب العام 2006 ،على سبيل المثال، كان تدمير ترسانة المقاومة، هدفا رسميا للحرب لدى الحكومة الإسرائيلية (وإن كان ذلك غير واقعي كليا). وبذلك، ساهم السلاح في الأضرار الرهيبة والخسائر التي الُحِق بها الجيش الإسرائيلي. ومن ناحية أخرى، وخلال كل السنوات التي أدار فيها حزب الله حربه المحدودة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان (وربما في 2006 أيضا)، كان هناك العديد من الحالات التي شكلت فيها قدرة هذا السلاح على انتزاع حصيلة أكبر، قوة ردع او حد للتصعيد من قبل الدولة اليهودية.
وبرغم ذلك، فإنه ليس هناك أية شكوك مماثلة، عندما يتعلق الأمر بتفسير سبب وجود حزب الله: هذا الوجود كان نتيجة مباشرة للعدوان الإسرائيلي. يخدم الحزب اليوم أهدافا اجتماعية وسياسية واقتصادية أوسع بكثير، لكنه ولد من رفض الإذعان للاعتداء الإسرائيلي وتسلط إسرائيل المستمر على هذا البلد. تاريخ الأمور هو أكثر أهمية من إي شيء آخر لأن حل المشكلة يقتضي فهم السبب والنتيجة -- ولأن السلوك التاريخي الذي خلق هذه الحالة لم يتغير : إسرائيل، على سبيل المثال، لم تخلي تماما الأراضي اللبنانية التي تحتلها، ولم تتوقف عن انتهاك الأجواء اللبنانية، ولم تسلم البيانات التي توجد حاجة ماسة إليها، والتي قد تساعد فرق نزع الألغام في مسح الذخائر غير المنفجرة التي قتلت و جرحت 300 لبناني منذ نهاية الحرب عام 2006. إن مجلس الأمن يحاول ان يضع العربة امام الحصان بالتشديد على سلاح حزب الله بدلا من التشديد على عقود النهب التي لا تحصى والتي جاء الحزب كرد عليها.
ومما يؤسف له ان الحكومة اللبنانية لا تزال تتماشى مع أجزاء كبيرة من هذا المنطق الرجعي . جزء من هذا الأمر يرجع الى صراعها على السلطة مع المعارضة التي يشكل حزب الله عضوا مركزيا فيها. لقد أصبحت ضغوط المنافسة الداخلية سببا لتغيرات ضخمة في حسابات تحالف 14 آذار الحاكم. كل هذا أسهم في إيجاد مزيج من اليأس والانتهازية، مزيج شهد بيروت تحتضن بحماس بعض عبارات الابتزاز الإسرائيلي الذي تعرضت له عام 2006.
خلاصة القول ان حزب الله لن يمنح الإسرائيليين الحصانة ليدوسوا الأراضي اللبنانية بنعالهم الناتئة، كما فعل الفلسطينيون. كلما أسرع مجلس الأمن باستيعاب هذه الحقيقة الثابتة ، كلما تمكن من العمل على مصدر الصراع. إن لم يحصل هذا الأمر، فإنه سيصبح مهما بالنسبة الى 14 آذار ان تفعل ذلك لأنه إذا احتفظت إسرائيل 'بجواز مرورها المجاني،' فإن هذا البلد وحكومته سيحتاجان الى كل ما يستطيعان حشده من قوة.