قضايا وآراء » قضايا وآراء مختارة من الصحف اللبنانية الصادرة الأربعاء 5/1/2011

ـ 'السفير'
مســاعي الحــل تســابق مســاعي الفتنــة
عـودة حكـم &laqascii117o;الترويكـا".. لا تصحيـح مسـيرة النظـام
غاصب المختار:

يخشى مرجع سياسي من تطورات ما على خلفية الصراع السياسي القائم حاليا حول القرار الاتهامي المرتقب صدوره عن المحقق الدولي القاضي دانيال بيلمار، لأنه يستهدف أولا شريحة تمثل ثلث اللبنانيين تحت شعار العدالة، ويرى أن استمرار هذه الطبقة السياسية على طريقتها في معالجة المشكلات البنيوية القائمة سيؤدي الى إرباكات وربما الى انفلات غير محسوب للأوضاع، اذا لم تعالج أزمة القرار الاتهامي بتفاهم لبناني ـ لبناني قبل صدوره، فالمشكلة - برأيه - أكبر من أن تعالج بتسويات ظرفية، والمطلوب قرارات مصيرية من قبل أركان الحكم توازي خطورة الأوضاع، ولو استدعى الامر تغيير الحكومة والاداء.
ويبدي المرجع السياسي خشية من غياب أركان الحكم عن الاضطلاع بمسؤولياتهم في إدارة شؤون البلاد على كل المستويات، ومن ضمور الحس الوطني الى حد التبعية المذهبية العمياء.
ويؤكد المرجع أن مسؤولية رئيس الحكومة سعد الحريري تبدو أكبر من مسؤولية سواه، لأنه يستطيع اتخاذ الموقف الوطني الذي يعالج الازمة قبل استفحالها بصدور القرار الاتهامي المرتقب والمعروفة توجهاته وأهدافه، ويشدد على أن الوضع قبل صدور القرار لن يكون كما بعد صدوره، ويرى أن بعض المقترحات التي يجري تداولها للتسوية، ستكون ظرفية وتؤســس لحالة حكم كالتي شهدها لبنان في التسعينــيات، أي حكم &laqascii117o;الترويكا"، وهو ما يعني تقاسم مغانم السلطة والمزيد من الازمات السياسية والاقتصادية والمعيشــية، أي لا إصلاح ولا تغييــر ولا قانــون انتخــابي نســبي لا بل المزيد من العصبيات المذهبية والطائفية... والهجرة.
كما يحذر المرجع &laqascii117o;من أن تداعيات عدم المعالجة المبكرة للأزمة قد تخلق واقعا صعبا للحكم والحكومة، وقد تدفع عدداً من المسوؤلين الى الاستقالة أو الى أن يقالوا بضغط سياسي".
واذا كان البعض ينتظر كما يقال نتائج الحوار الايراني ـ الاميركي حول ملفات المنطقة ككل، في ضوء لقاء اسطنبول المقرر نهاية الشهر، في موازاة استمرار المساعي السورية ـ السعودية حول الوضع اللبناني، فإن مصدراً سياسياً متابعاً يرى ان مثل هذا الحوار قد يطول وقد لا يصل الى نتائج، واذا فشل فهناك سيناريوهات كثيرة متداولة لمعالجة تداعيات الازمة بينها الايجابي وبينها السلبي الذي قد يشل الحكم نهائيا لفترة طويلة... لذلك يبقى التعويل على المسعى الاقرب، أي السوري - السعودي، المرجح أن يصل الى نتائج ايجابية اذا التزم الرئيس الحريري بمقتضياته بعيدا عن &laqascii117o;الوشوشة" التي تزين له أمورا خارج سياق الحل وتحت حجج ومسوغات عدة، تستند الى حسابات خاصة أو ثأرية.
ويقول مصدر مقرب من الحكم إن ما هو مطلوب من الرئيس الحريري مطلوب من الآخرين ايضا، وكلام الرئيس الحريري عن تمسكه بالثوابت الوطنية والدستورية انما هو لحماية البلد، وليس بالمعنى السلبي ولا يعني تحديا للآخرين، بقدر ما هو دعوة الى المزيد من الانفتاح والحوار واليد الممدودة لمناقشة كل القضايا.
ولكن مصدراً في المعارضة يرد بأن الأمين العام لـ&laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصر الله أبدى في أكثر خطاباته الكثير مما يمكن تقديمه، وأولها تحصين الاستقرار والامن الوطنيين وتمكين عجلة الحكم من الانطلاق، وحماية لبنان من التدخلات الخارجية ولا سيما الاميركية التي لها حساباتها البعيدة عن مصلحة لبنان، والمعارضة مستعدة لان تقدم الكثير لإنقاذ البلاد من مخاطر المشروع الاميركي ـ الاسرائيلي الفتنوي الكامن.
مساعي الحل تسابق مساعي الفتنة، من يتقدم على من؟ التسوية قبل القرار الاتهامي أو بعده؟


ـ 'النهار'

خيار أوباما لا يزال العقوبات... والحوار
سركيس نعوم:

-3-

عن سؤالي: ماذا يجب ان يفعل الرئيس الاميركي باراك اوباما مع ايران الاسلامية؟ وما هي اخطار الخيار العسكري إذا اعتمده حيالها؟ اجاب الباحثون الكبار في عدد من مراكز الابحاث الاميركية، قالوا: ان سياسته الايرانية حتى الآن كانت التدرج في زيادة العقوبات الدولية وغير الدولية عليها وذلك من خلال تحالف دولي ضعيف. وكان الهدف منها اشاعة اجواء سلبية في اوساط الشعب الايراني من شأنها التشجيع على تغيير السياسات في الداخل. وتحديداً إضعاف الرئيس محمود احمدي نجاد، وتقوية اعدائه وخصومه الذين يُفترض انهم اكثر اعتدالاً منه وأقل ميلاً لمتابعة الملف النووي لبلاده الى نهايته. وقد تجنَّب اوباما الى الآن عملاً عسكرياً مباشراً ومكشوفاً ضد ايران. ولذلك فان قراره اعتماد الخيار العسكري معها يتطلب منه نقلة واضحة في الموقف الاميركي الرسمي من ايران ونظامها وملفها النووي، كما يقتضي وجود مبرر قوي فعلاً لاستعمال القوة العسكرية ضدها. والمبرر الاقوى والبديهي هو الادعاء ان ايران صارت قاب قوسين او ادنى من تصنيع سلاح نووي. لا يهم اذا كان ذلك صحيحاً أم لا. أولاً، لأن احداً لن يكون في وسعه تحدّي هذا الادعاء أو التشكيك فيه بمعلومات دقيقة وصحيحة. وثانياً، لأن صدقية اوباما في تأكيده المبرر المذكور تبقى من دون اي شك اكبر بكثير من صدقية سلفه جورج بوش يوم برر حربه على عراق صدام حسين عام 2003 باتهامه بامتلاك اسلحة دمار شامل. علماً ان معطيات كثيرة في حينه كانت تشكك في مبرر بوش هذا وكانت صدقيتها كبيرة. لكن قرار الحرب على العراق كان اتخذ لأسباب متنوعة. ومن شأن ادعاء اوباما الديموقراطي قرب ايران من انتاج سلاح نووي يتماشى مع مواقف الجمهوريين في اميركا، في حين لن يكون سهلاً على الديموقراطيين ان يعارضوه في هذا الامر او ان يجادلوه في صحة مبرره. انطلاقاً من ذلك يصبح اوباما مضطراً الى استخدام القوة. علماً ان قاعدته المباشرة قد تكون مترددة حيال ذلك. اما القاعدة الشعبية الاوسع فقد تكون اكثر حماسة له. ولن يكون في وسع معارضيه الجمهوريين معارضته على الاقل في المراحل الاولى لعمله العسكري. ولن يكون في وسع احد مناقشة مبرره للخيار العسكري ضد ايران او اعتباره ادعاء كاذباً.
ما هو الخيار العسكري الذي يمكن ان تعتمده اميركا اوباما مع ايران الاسلامية؟ وما هي امكانات نجاحه؟
يقول الباحثون الكبار انفسهم في مراكز الابحاث الاميركية، ان طريقة توزيع ايران منشآتها النووية في كل انحاء البلاد ووسائل حمايتها لها، تجعل من المستحيل نجاح عمل عسكري قوامه عشرات او مئات الغارات خلال يوم واحد في تدمير المنشآت المذكورة. كما انه لا يحرم ايران امكان الرد على الاعتداء عليها. ولذلك فان تدمير هذه المنشآت او على الاقل انزال اشد الاضرار بها بحيث تتعطل مدة طويلة ويتعذر إصلاحها في سرعة، يقتضي حرباً جوية طويلة، قد تستمر اشهراً. وربما يقتضي الى ذلك تسلُّل وحدات اميركية خاصة الى داخل ايران من اجل اكمال مهمة التدمير في حال كان جزئياً. كما يقتضي في الوقت نفسه عملاً عسكرياً ضد القوات البحرية الايرانية وذلك بغية حماية طرق امداد النفط في منطقة الخليج. اذ ان ناقلات النفط قد تتعرض لغارات جوية ولعمليات تفجير بواسطة الغام أو بواسطة زوارق صغيرة وسريعة. طبعاً لا ينهي هذا العمل الطويل تحدي القوى التقليدية داخل الجيش الايراني. لذلك يجب التركيز عليها وضربها كي يضعف تأثيرها في المنطقة. طبعاً، يضيف هؤلاء، لن يكون ضرب ايران اجتياحاً برياً ولا حرباً قصيرة. وسيقع نتيجته اميركيون اسرى لدى ايران. وستقع ضحايا مدنية كثيرة تثير ضجة لدى الرأي العام الدولي. ورغم نجاحها في اضعاف النووية والعسكرية الايرانيتين فانها قد تكتل الشعب من جديد حول النظام الذي لا بد ان يُجسِّد في حال الاعتداء عليه الامة والكيان والوطن. الا ان ذلك على اهميته يحقق مكاسب عدة خارج ايران منها تسهيل انسحاب قوات اميركا من العراق، وتهدئة مخاوف السعودية، ودفع الروس والصينيين لأن يكونوا اكثر تعقلاً وحكمة. أما أخطار هذا العمل العسكري ضد ايران فكثيرة في رأي الباحثين الأميركيين الكبار انفسهم. منها اطلاق ايران حملة ارهابية ضد اميركا وحلفائها في العالم كله. واقفال مضيق هرمز واغراق الاقتصاد العالمي في ركود كبير. واعادة اطلاق الحرب الأهلية في العراق. وظهور ان ايران لم تكن قاب قوسين أو أدنى من انتاج سلاح نووي. في اختصار، يضيف هؤلاء، أن العملية العسكرية الضخمة المشروحة اعلاه قد تنجح كما قد تتحول فشلاً ذريعاً.
في النهاية يؤكد هؤلاء ان اوباما المُحَارِب سيضطر الى تجميد كل سياساته الداخلية، وسيحاول توظيف نجاحاته الميدانية في الانتخابات الرئاسية. ونجاحه في ذلك يتوقف على نجاحه في الميدان العسكري. علماً ان هذا التحليل المعلوماتي الواسع لا يعني او لا يرمي الى القول ان اوباما يُفكِّر في اعتماد الحل العسكري سواء بالخطة المفصلة أعلاه او بخطة أخرى. بل يرمي الى اظهار الخيارات التي بدأت تواجهه بعد الانتخابات النصفية الاخيرة التي خسرها جزئياً، وليس دفعه الى تبني خيار واحد.
هل يختار اوباما الحرب مع ايران؟ العارفون والمتابعون في واشنطن يجمعون كلهم، حتى الآن على الأقل، انه لن يعمل ذلك. وانه لا يزال قادراً خلال آخر سنتي ولايته على السعي لجعل سياسته القائمة على تشديد العقوبات ومد اليد للحوار تنجح مع قادة النظام الايراني. اما اذا فشل في ذلك او اذا استدرجته ايران او اسرائيل الى الخيار العسكري فإن كل شيء يصبح متوقعاً.


ـ' السفير'

لا يمكن استبدالهم بقضاة عرب أو من جنسيات أخرى
وجود قضاة لبنانيين في هيئتي المحكمة إلزامي بحسب نظامها الأساسي
علي الموسوي:

يكثر الحديث في معرض الحديث عن التسوية، عن مسألة القضاة اللبنانيين المعيّنين في المحكمة الدولية، وما إذا كان بالإمكان سحبهم واستبدالهم بقضاة آخرين، من دون العودة إلى النظام الأساسي الخاص بهذه المحكمة.
إنّ وجود القضاة اللبنانيين في هيئة المحكمة بدرجتيها الابتدائية والاستئنافية إلزامي، ولا صحّة على الإطلاق لما يتردّد هنا وهناك عن عدم ضرورة مشاركة القضاة اللبنانيين في المحكمة.
وقد ذهب بعض الخبراء إلى القول بإمكان حصول تغيير في جنسية القضاة باستبدال اللبنانيين بآخرين من جنسيات عربية مختلفة ولاسيّما المصرية والمغربية والتونسية بسبب امتلاك عدد من قضاتها خبرة دولية اكتسبوها في الدرجة الأولى من ثقافتهم وعلمهم ومن خلال مراسهم وعملهم في عدد من المحاكم الدولية، وفي طليعتها المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة.
ونذكر من هؤلاء القضاة كلاً من القاضي المصري محمّد أمين العبّاسي المهدي الذي كان عضواً في اللجنة الثلاثية التي اختارت قضاة المحكمة الخاصة بلبنان، والمصري جورج ميشال أبي صعب، والمصري فؤاد عبد المنعم رياض، والمغربي محمّد بينونا، والمغربي محمّد الحبيب فاسي فهري.
فالمحكمة التي تنظر في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري خاصة بلبنان، وينصّ نظامها الأساسي في غير مادة من مواده الثلاثين، على أن تكوين المحكمة يتشكّل من قضاة دوليين من جنسيات مختلفة أوروبية وأميركية وإفريقية وآسيوية وعربية أيضاً، وقضاة لبنانيين، وبالتالي فإنّه لا غنى عن حضور قضاة لبنانيين في هيئتيها الأساسيتين، بينما الأمر مختلف في تأليف هيئات وحدات المحكمة الأخرى مثل رئاسة القلم، ورئاسة مكتب الدفاع، ورئاسة وحدة الضحايا، وقاضي الإجراءات التمهيدية حيث لا نصّ إلزامياً يوجب أن يكونوا لبنانيين، وإنّما من جنسيات متنوّعة، وهذا لا ينطبق على الإطلاق لا من قريب ولا من بعيد على هيئة المحكمة التي يفترض أن يكون القضاة اللبنانيين أساسيين فيها، ولا يمكن أن يحلّ أحد مكانهم ما لم يكن يحمل الجنسية اللبنانية واختاره مجلس القضاء الأعلى من بين قضاته العاملين والموجودين في الخدمة وليس متقاعداً أو موضوعاً في الاستيداع، ورفعه عبر مجلس الوزراء، إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة لتعيينه رسمياً في المحكمة، باعتبار أنّ التعيينات تأتي من الأمين العام وحده وليس من أحد سواه.
فالبند (ب) من الفقرة الأولى من المادة الثامنة من النظام الأساسي يطالعنا بقوله إنّ الدائرة الابتدائية تتكوّن من ثلاثة قضاة أحدهم لبناني والآخران دوليان، ويحدّد الجنسية اللبنانية كشرط رئيسي لا غنى عنه في تأليف محكمة الدرجة الأولى، بينما نراه لا يعيّن ولا يسمّي جنسية القاضيين الآخرين بل يقول إنّهما دوليان، والصفة الدولية ليست سمة دولة ما بعينها، بل تتسع لكلّ دول العالم، شريطة أن يكون القاضي الدولي حائزاً على المؤهّلات الواجب توافرها فيه ليكون عضواً في محكمة دولية، والمنصوص عليها في متن النظام الأساسي للمحكمة الخاصة بلبنان حيث يجب أن يكون متمتّعاً &laqascii117o;بخلق رفيع ومتجرّداً ونزيهاً مع خبرة قضائية واسعة وكفاءة مشهود بها في مجالي القانون الجنائي والإجراءات الجنائية، والقانون الدولي".
كما أنّ البند (ج) من الفقرة نفسها من المادة الثامنة إيّاها، يؤكّد أنّ دائرة الاستئناف تتكوّن من خمسة قضاة، اثنان منهم لبنانيان، والثلاثة الآخرون دوليون، وما يسري من شرح على البند (ب) يطاول البند (ج) أيضاً، حيث الجنسية اللبنانية ضرورة حتمية لا يمكن الاستغناء عنها لتأليف هيئة المحكمة.
ويذهب البند (د) من الفقرة الأولى من المادة الثامنة إلى القول بوجوب وجود قاضيين مناوبين أحدهما لبناني والآخر دولي. أيّ أنّ أحد القاضيين المناوبين هو لبناني، وذلك للحلول مكان أيّ قاض لبناني في حالات معيّنة كأنْ يصاب بوعكة صحّية، أو يرحل عن الدنيا، أو يتنحّى عن النظر في الملفّ المعروض عليه، أو يجري ردّه وإجباره على التنحّي.
على أنّ إمكان تعطيل المحكمة عن القيام بعملها بشكل طبيعي وعادي، يكمن في أنّه بعد انتهاء ولاية القضاة المعيّنين والبالغة ثلاث سنوات، يمكن للحكومة اللبنانية أن ترفض تعيينهم من جديد، أو استبدالهم بقضاة لبنانيين آخرين، لأنّ مسألة التعيين وإن كانت مناطة بالأمين العام للأمم المتحدة إلاّ أنّها محكومة بالتشاور مع الحكومة اللبنانية، ومن دون العودة للحكومة اللبنانية لا يمكن للأمين العام أن يعيّنهم من تلقاء نفسه، باعتبار أنّهم قضاة لبنانيون ويفترض أن يختارهم مجلس القضاء الأعلى الذي تخاطبه الحكومة اللبنانية وحدها وليس الأمين العام للأمم المتحدة الذي ليست له أيّة سلطة عليه.
وهذا ما توضّحه الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من النظام الأساسي المذكور، حيث تشدّد على جواز إعادة تعيين القضاة لمدّة إضافية يحدّدها الأمين العام للأمم المتحدة بالتشاور مع الحكومة اللبنانية.
وثمّة خلاف في وجهات النظر القانونية في تحديد سريان مدّة وجود القضاة في المحكمة، وما إذا كانت تبدأ عند تعيينهم، أم عند مباشرتهم العمل، أم عند افتتاح المحكمة رسمياً في الأوّل من شهر آذار من العام 2009.
وإذا ما اعتمد المقياس الأخير، وهو الأقرب إلى المنطق، فإنّ ولاية القضاة تنتهي في الأوّل من شهر آذار من العام 2012، وإذا ما بوشرت المحاكمات في شهر أيلول، أو شهر تشرين الأوّل من العام 2011 بحسب قول رئيس قلم المحكمة الهولندي هيرمان فون هيبل في شهر كانون الأوّل من العام 2010، فإنّها تتوقّف في منتصف الطريق وبعد نحو ستّة أشهر أو سبعة أشهر حيث يستحيل الانتهاء من المحاكمات في هذه المدّة الزمنية الوجيزة جدّاً حتّى ولو كانت كلّ الأمور القانونية تسير بشكل طبيعي مثل أيّة محكمة أخرى، ولم تعترضها عراقيل معيّنة سياسية كانت أم قانونية.
وما يسري على جنسية القضاة اللبنانيين في هيئتي المحكمة، ينطبق على نائب المدعي العام الذي يتوجّب أن يكون أيضاً لبنانياً وليس من أيّة جنسيّة أخرى.
أمّا ما لم يرد ذكر لماهية الجنسيّة المطلوبة فيه، فهو رئيس مكتب الدفاع حيث يمكن أن يكون لبنانياً، أو عربياً، أو أوروبياً أو أميركياً، أو إفريقياً، أو آسيوياً، أو من أيّة جنسية كانت. فضلاً عن أنّ جنسية رئيس القلم أو المسجّل غير محدّدة في النظام الأساسي، ولكن يفترض أن يكون من موظّفي الأمم المتحدة وعندها يتحكّم الأمين العام للأمم المتحدة بتعيينه من دون العودة إلى الحكومة اللبنانية ولو للتشاور معها أو الاستئناس برأيها إلاّ في حال قرّر إعادة تعيينه في هذا المنصب الإداري بعد انتهاء ولايته البالغة ثلاث سنوات، وذلك لتحديد هذه المدّة الزمنية فقط.


ـ 'النهار'

الانخراط الأميركي الميداني في بناء دولة فلسطينية
جهاد الزين:

ليس معروفا كثيرا خارج فلسطين، الدرجة الواسعة لانخراط فريق السيناتور جورج ميتشل، المبعوث الاميركي الخاص للسلام في الشرق الاوسط، كما هي صفته الرسمية، في شبكة تنظيم وتدريب في الضفة الغربية، وحتى بصورة غير مباشرة في قطاع غزة، تشمل ادارات ومؤسسات في 'السلطة الوطنية الفلسطينية' وتحديدا الاجهزة التي تشرف عليها حكومة رئيس الوزراء سلام فياض، الاجهزة الامنية كما الادارية كما الخاصة عبر مبادرات لشركات اميركية تشجعها وزارة الخارجية الأميركية في هذا الاتجاه، ضمن ما يسمى برنامج 'الشراكة'.
فمهمة ميتشل، كما تبدو من وزارة الخارجية في واشنطن، ليس فقط 'الوساطة' التفاوضية بين الفريقين الفلسطيني والاسرائيلي، وانما كجزء من وزارة الخارجية المساعدة عبر فريق خاص على مواصلة برنامج تطوير دور 'الحكومة الفلسطينية' ضمن ما يفضلون ان يسموه هنا 'الثقافة الجديدة' للكوادر وآليات العمل الفلسطينية.
مع ذلك، لعل التطور الاخير بتكليف السيد دنيس روس تحت صفة 'مستشار' في البيت الابيض  المساهمة في تفعيل التفاوض الفلسطيني – الاسرائيلي، يعتبر في نظر بيئة الخبراء الاميركيين المتابعين عن قرب انشطة البيت الابيض ووزارة الخارجية كنوع من اضعاف مباشر لدور السيناتور ميتشل السياسي. حتى ان احد هؤلاء المتابعين الاميركيين هنا يرى ان 'دنيس روس اختطف عملية السلام من جورج ميتشل'، قياسا بكونه يتحرك – اي دنيس روس – بعد وصول جهود ميتشل السابقة الى طريق مسدود ضمن السياق المعروف لازمة الاستمرار الاسرائيلي في بناء المستوطنات، خصوصا ان دوره يأتي بتكليف من البيت الابيض. وعلى اي حال اعلن مؤخرا عن قرب وصول روس الى اسرائيل خلال هذا الاسبوع مما سيفتح المجال لرصد ما اذا كان يحمل جديدا سريعا في مواجهة المأزق اللاتفاوضي القائم.

على ان المراقب الآتي من العالم العربي الى واشنطن حاملا معه المناخ السائد هناك عن امكان انهيار في عملية السلام بسبب المواقف الاسرائيلية وتاليا حاملا احساسا ضاغطا بخطورة الوقت وكأن 'الانفجار' بين لحظة واخرى... لا يجد لدى مستقبليه من الديبلوماسيين الاميركيين، الاحساس نفسه بالازمة. او ربما من الاصح القول ان هناك نمطا مختلفا من تحسس الازمة عما هو في العالم العربي.
لا شك ان الشعور بالمأزق قائم في واشنطن، حتى بمعايير تتعلق بالعلاقة مع العالمين العربي والمسلم... فأحد السفراء غير العرب الذي اتيح له الاستماع الى الرئيس باراك اوباما في جلسة خاصة فوجئ الحضور القليل فيها بانضمام الرئيس الاميركي اليها وكانت تتم مع احد اكبر مساعدي اوباما في واشنطن، ان الرئيس الاميركي وضع المسألة الفلسطينية في خانة 'احترام العالم الاسلامي' ومشددا على ضرورة الوصول الى حل له.
لكن عندما يتعلق الامر بالخبراء في مراكز الابحاث، ستجد عديدين بينهم ايا تكن نسبة تأييدهم لاسرائيل – وهنا التفاوت هو بين مؤيدين او بين مؤيدين نقديين وغير نقديين – يقولون بلهجة حاسمة انه من الصعب جدا اذا لم يكن من المستحيل انتظار تسوية شاملة في ظل الوضع السياسي القائم في اسرائيل وتحديدا حكومة بنيامين نتنياهو.

لكن مع ذلك، فاللغة الديبلوماسية السائدة في وزارة الخارجية هي لوم الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي على 'تفويت الفرص'، فبالنسبة الى هذه 'اللغة' هناك مسؤولية ايضا، بين وقت وآخر، على الطرف الفلسطيني، اي فريق الرئيس محمود عباس، باضاعة الوقت عبر عدم اخذ المبادرة الكافية في اللحظة المناسبة. بينما النظرة بالمقابل من العالم العربي وخصوصا في المشرق الى 'فريق ابو مازن' باعتباره دخل في طريق اللاعودة في الرهان على تسوية سياسية مع اسرائيل.
قد يكون هناك من يختلف بين الفلسطينيين والعرب في تقييم درجة 'اللاعودة' هذه بالنسبة الى الرئاسة الحالية للسلطة الوطنية وللرئيس محمود عباس شخصيا ضمن الخلاف على نمط الخيارات المتاحة... لكن الامر الذي لا يحتمل اي جدل ان رجل المشروع الاميركي لقيام دولة فلسطينية اذا كانت ستقوم هو بدون ادنى شك سلام فياض رئيس الوزراء. فالاجهزة الاميركية – وعلى طريقتها – منخرطة تماما في عملية تقوية وتعويم يومية لكل اجهزة السلطة وبصورة خاصة الامنية. والظاهر من لهجة الديبلوماسيين الاميركيين ان ثمة ارتياحا جادا الى درجة تماسك وفعالية هذه الاجهزة 'يجري اختباره يوميا'. وحين يسأل الزائر محدثه الاميركي المتابع عن قرب 'برنامج الشراكة' هذا الامني والاداري والاقتصادي من اين يأتي هذا التماسك لدى الفرد العادي الفلسطيني في الجهاز الامني بقدرته على ضبط المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال الاسرائيلي (لا زال تقسيم المناطق على اساس تقسيم اتفاق اوسلو A,B,C)... يأتي الجواب: 'مصدر قوته في تنفيذ المهمات الامنية هو شعوره القوي بأنه يبني دولة وهذا يضعه في موقع ثقة بالنفس'؟!
طبعا تقويم هذه التجربة الجارية منذ سنوات – خصوصا في مجال المؤسسات الامنية – يحتاج الى درس ادق واشمل على المستويات الشخصية والمالية والسياسية، هل هي 'ثقافة جديدة'، ثقافة جيل فلسطيني جديد كما يحب الديبلوماسيون والخبراء الاميركيون المتابعون ان يقولوا، والى اي حد يمكن الرهان على استمرار نجاحها اذا بقي الافق السياسي او افق الحل الشامل مسدودا في عالم كعالمنا العربي ليست فلسطين، على كل خصوصيات تجربتها تحت الاحتلال، الا جزء منه من حيث الانكشاف على الراديكاليات والتطرف في غياب البدائل او في مواجهة التطرف الاسرائيلي؟
اتيح لي في تشرين الثاني الماضي ان امضي في دبي يومين في محيط المجموعة الفلسطينية الناشطة التي تدعم بصورة خاصة في واشنطن رئيس الوزراء سلام فياض، وهي بقيادة الناشط الاميركي الفلسطيني الاصل زياد عسلي ورفيقه حسين ايبش.
سألت زياد عسلي في احدى المناقشات، وهو الذي نجح في جعل 'فريق العمل الخاص من اجل فلسطين' نوعا من 'لوبي فلسطيني' معترف به على اعلى المستويات الرسمية في واشنطن الى حد ان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون القت الخطاب الرئيسي في المؤتمر الاخير لمنظمته.
قلت لزياد: يا اخي من اين تأتون بكل هذا التفاؤل، بل حتى الهجومية، حيال مستقبل فلسطين رغم الصورة العامة الكئيبة؟
يجيب زياد بهدوء: لاننا واثقون ان مشروع الدولة الفلسطينية هو مصلحة اميركية ومصلحة اسرائيلية.
اجبت: مصلحة اميركية. مفهوم. مصلحة اسرائيلية؟ كيف؟
طبعا، لا تملك اسرائيل خيارا آخر والا معنى ذلك تهديد هويتها اليهودية.
يمكن لكثيرين ان يختلفوا مع هذه النظرة لكن ثمة شريحة من النخبة الفلسطينية في الداخل والخارج، على تفاوت ميولها، تواصل هذا الخيار مع اختبار انتقالي لجيل 'تكنوقراطي' يمثله سلام فياض سيظهر في السنوات المقبلة ما اذا كان رهانه فعالا وقابلا للتطور ام ستطحنه الانغلاقات الخطرة في الصراع؟
لا شك ان الارادة السياسية الاميركية على رغم نقاط ضعفها حيال اسرائيل داخل اميركا وخارجها، تعبر منذ ما يقارب العقدين عن 'قرار' النظام العالمي بقيام دولة فلسطينية بمعزل عن شكلها ومحتواها الجغرافي... وثمة بين الوقت والآخر مواقف في العالم تؤكد 'الدولة الفلسطينية' كنقطة تلاق على المستوى العالمي مثلما ينبغي النظر الى الاهمية السياسية الفائقة لموجة اعترافات دول اميركية لاتينية كبيرة بهذه 'الدولة'؟
(&bascii117ll;) راجع التقرير الاول من واشنطن في 'قضايا النهار' امس: 'حوارات في واشنطن: ما الذي يمنع تحويل 'حزب الله' من مشكلة في لبنان الى 'مشكلة لسوريا؟

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد