- 'النهار'
لا صفقة سعودية - سورية بشروط دمشق.. الحريري لن يضحّي بكل شيء لإرضاء خصوم المحكمة
بقلم عبد الكريم أبو النصر:
'مسؤول عربي بارز وثيق الإطلاع على مضمون الإتصالات السعودية - السورية - اللبنانية أوضح خلال زيارة قام بها حديثاً لباريس ان حلفاء دمشق 'اخترعوا' مبادرة سعودية – سورية مختلفة جوهرياً عن المبادرة الحقيقية وسرّبوا خلال الأشهر الأخيرة معلومات خاطئة عنها تفيد أن الصفقة بين الرياض ودمشق تتركز على وقف عمل المحكمة الخاصة بلبنان ودفع رئيس الحكومة سعد الحريري الى التخلي عنها والرضوخ لمطالب نظام الرئيس بشار الأسد وحلفائه. وحين تبين لحلفاء دمشق ان جهودهم لوقف عمل المحكمة قد فشلت أعلنوا نهاية هذه المبادرة التي 'اخترعوا' مضمونها وأدخلوا لبنان في أزمة حكم معقدة تهدد بالتفاعل أمنياً بشكل خطر وذلك لمحاولة تأمين الحماية لعناصر من 'حزب الله' قد توجّه إليهم تهمة التورط في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه. وأكد المسؤول العربي أن هذه الجهود الجديدة لن توقف عمل المحكمة ولن تحقق مكاسب لحلفاء دمشق، وأن القيادة السعودية لم تتعهد لنظام الأسد ان تتحرك لوقف عمل المحكمة ومنع صدور القرار الاتهامي، كما لم تتعهد أن تفرض على الحريري صيغة تسوية للأزمة تؤمن تماماً مطالب النظام السوري وحلفائه. أضف ان الحريري لم يتعهد بدوره للأسد أو لقيادة 'حزب الله' أن يتخلى عن المحكمة وعن دورها ومهمتها بل انه أكد باستمرار في اتصالاته الداخلية والخارجية حرصه على التوصل الى صيغة حل للأزمة تضمن تحقيق العدالة والإستقرار معاً'.
هذا ما أعلنته مصادر ديبلوماسية أوروبية وثيقة الإطلاع في باريس. ولاحظت ان حلفاء دمشق يسربون معلومات غير صحيحة وتحليلات غير دقيقة عن مضمون الإتصالات السعودية - السورية كأنهم يريدون أن يضعوا المسؤولين السعوديين والحريري والإستقلاليين أمام الأمر الواقع وأن يفرضوا عليهم الصفقة التي تتلاءم كلياً مع مطالبهم ومصالحهم أو أن يحملوهم مسؤولية فشل التسوية إذا رفضوا الإستجابة لشروطهم. وأوضحت أن المعلومات الدقيقة التي تملكها جهات دولية وعربية معنية بمصير لبنان، ومنها جهات فرنسية رسمية، عن حقائق ما جرى ويجري بين الرياض ودمشق من تبادل للأفكار والإقتراحات تظهر ان الموقف السعودي الحقيقي من المحكمة ومن الأزمة الراهنة وطريقة حلها يتضمن الأمور والعناصر الأساسية الآتية:
أولاً - ترفض السعودية أن تتحالف مع النظام السوري من أجل العمل على إسقاط المحكمة لأن ذلك يتناقض مع موقفها الداعم لها منذ إنشائها. فالسعودية على إقتناع بضرورة أن تواصل المحكمة عملها شرط أن يتم ذلك وفقاً لأعلى المعايير القانونية وبعيداً من التسييس أو الإستغلال السياسي وبحيث تستند قراراتها وأحكامها الى الأدلة والقرائن والحجج القانونية الصلبة والقوية والقاطعة وليس الى التحليلات والظنون والمعلومات الخاطئة والشهادات المضللة أو الباطلة.
ثانياً - ترفض السعودية أن تدعم الموقف السوري الرافض للمحكمة إرضاء لنظام الأسد، كما ترفض أن تتبنى أو تساند موقف الفريق اللبناني الرافض للمحكمة والمتضرر من قراراتها، وأن تقف تالياً ضد موقف الغالبية من اللبنانيين المتمسكين بالمحكمة والمطالبين بإنجاز العدالة وكشف حقائق الجرائم السياسية - الإرهابية التي شهدها لبنان في السنوات الأخيرة.
أربعة أهداف سعودية في لبنان
ثالثاً - ترفض السعودية، وكذلك سائر الدول الحريصة على مصير لبنان، الرضوخ للتهديدات والإستجابة لمطالب الذين يريدون إستخدام العنف والسلاح للرد على القرار الاتهامي لأن ذلك يهدد فعلاً الأوضاع الداخلية والسلم الأهلي في لبنان ويتناقض جذرياً مع جهود المملكة لإنقاذ هذا البلد من ورطته وإحلال الأمن والإستقرار فيه مما يتطلب مساعدة كل الأفرقاء على الخروج من المأزق وليس 'إنقاذ' فريق على حساب أفرقاء يمثلون الغالبية من اللبنانيين. كما ان الرضوخ للتهديدات وللذين يطلقونها يضعف موقف السعودية في التعامل مع إيران ومع أخطار تنظيم 'القاعدة' والقوى التي تدعمها طهران والتي تنشط وتتحرك في اليمن وفي منطقة الخليج العربي عموماً.
رابعاً - ترى السعودية ان المحكمة واقع دولي شرعي وهي تلقى دعماً دولياً وعربياً ولبنانياً واسعاً ولن يوقفها أو يسقطها أي تفاهم إقليمي أو لبناني - لبناني، كما ان مسارها قانوني سلمي، ومن الضروري تاليا التعامل معها بواقعية وحكمة والرد على القرار الاتهامي الذي سيصدره المدعي العام الدولي دانيال بلمار بالوسائل القانونية ومن طريق الإستعانة بمحامي الدفاع وليس باستخدام العنف والسلاح لأن ذلك ليس مجدياً بل انه يلحق الخراب والدمار من غير أن يحقق هدف وقف المحكمة أو تعطيل مهمتها.
خامساً - ترى السعودية ان مصالحها ومصالح لبنان الحيوية تتطلب التمسك بالشرعية الدولية وقراراتها والإمتناع تالياً عن الدخول في مواجهة مع مجلس الأمن من أجل إرضاء فريق لبناني - إقليمي متضرر من المحكمة أو منزعج منها ومن قراراتها. كما ترى السعودية ان المصلحة الحقيقية لسوريا وحلفائها تتطلب الإمتناع عن الدخول في مواجهة خاسرة مع مجلس الأمن ودول بارزة مؤثرة لأن ذلك ينعكس سلباً عليها ولن يحقق لها أهدافها في أي حال.
سادساً - لم تعقد السعودية إتفاقاً مع نظام الأسد من أجل خدمة مشاريعه في لبنان وتنفيذ مطالبه ومطالب حلفائه، بل ان الملك عبدالله بن عبد العزيز حريص على التشاور والتنسيق مع الرئيس السوري وكذلك مع قيادات عربية وأجنبية وجهات دولية وإقليمية معنية بمصير لبنان من أجل تحقيق أربعة أهداف أساسية هي الآتية: الهدف الأول هو إنهاء مرحلة المواجهة بين نظام الأسد والإستقلاليين وفتح صفحة جديدة سليمة وسلمية بين لبنان وسوريا تقوم على الإحترام المتبادل لسيادة كلا البلدين واستقلالهما وعلى التعاون من أجل تعزيز العلاقات بينهما في مختلف المجالات لتحقيق مصالحهما المشتركة، كما تقوم على معالجة المشاكل العالقة عبر الحوار وليس عبر الإملاءات والضغوط والتهديدات. الهدف الثاني هو حظر إستخدام السلاح والعنف في الصراع السياسي الداخلي مما يتطلب من نظام الأسد ضبط حلفائه ومنعهم من اللجوء إلى القوة المسلحة لمعالجة المشاكل العالقة مع الأفرقاء الآخرين. الهدف الثالث هو إبقاء ملف المحكمة الخاصة خارج نطاق المساومة أو المقايضة لأن مصير المحكمة في أيدي قضاتها ومجلس الأمن وليس في أيدي أي دولة أو جهة. الهدف الرابع هو الإمتناع عن استخدام قضية المحكمة من أجل محاولة تعزيز مواقف هذا الفريق أو ذاك على حساب الأفرقاء الآخرين والإمتناع كذلك عن إستغلال أي إتهام يوجّه الى عناصر من فريق معين بالتورط في جريمة إغتيال الحريري ورفاقه من أجل تنفيذ عمليات إنتقامية وتفجير الأوضاع بذريعة الرد على قرارات المحكمة.
سابعاً - لن تفرض السعودية أي صيغة حل للأزمة على الحريري والإستقلاليين وخصوصاً إذا كانت تتناقض مع مصالحهم وحقوقهم المشروعة ولن تقبل أساساً بمثل هذه الصيغة، بل ترى أن تمسك اللبنانيين في غالبيتهم العظمى بإنجاز العدالة حق مشروع لهم. وترفض السعودية وسائر الدول الحريصة على مصير لبنان أن يدفع الحريري والإستقلاليون، وهم يمثلون أهالي الضحايا وإرادة الغالبية من اللبنانيين، ثمن أي صفقة تسوية، بل ان أي تسوية للأزمة يجب أن تكون منصفة وعادلة ومتوازنة وتتطلب تنازلات متبادلة تهدف أساساً الى تحقيق العدالة والإستقرار معاً وليس إطاحة العدالة ثمناً لضمان الإستقرار لأن مثل هذا الإستقرار سيكون هشاً ولن يصمد طويلاً.
ثامناً - ترى السعودية وسائر الدول الحريصة على مصير لبنان أن أي صيغة حل للأزمة يجب أن تشمل ليس فقط التعامل مع تداعيات القرار الاتهامي بالوسائل القانونية المشروعة، بل يجب أن تشمل أيضاً معالجة قضايا أساسية في لبنان منها تفعيل عمل حكومة الوحدة الوطنية لإيجاد حلول للمشاكل العالقة، وإتخاذ إجراءات وخطوات محددة وملزمة لضمان عدم إستخدام العنف والسلاح في الصراع السياسي الداخلي، وتسوية مشكلة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وإحياء أعمال هيئة الحوار الوطني في رعاية الرئيس ميشال سليمان للتفاهم على إستراتيجية دفاعية تعزز موقع لبنان في التعامل مع إسرائيل وتهديداتها، ومواصلة تنفيذ إتفاق الطائف، وإحياء عملية تحسين العلاقات بين لبنان وسوريا على أساس الإحترام المتبادل وتأمين المصالح المشروعة للبلدين.
العرض السوري المرفوض
في المقابل، ذكرت المصادر الديبلوماسية الأوروبية المطلعة ان موقف نظام الأسد وحلفائه يختلف الى حد كبير عن موقف السعودية ويتميز بالأمور الآتية:
أولاً - لم يقدم النظام السوري وحلفاؤه حتى الآن الى المسؤولين السعوديين والى الأفرقاء اللبنانيين المتمسكين بالمحكمة عرضاً جدياً عادلاً ومتوازناً يؤمن العدالة ويحمي الإستقرار، بل إنهم يكتفون بتسريب المعلومات غير الصحيحة وبإصدار الأوامر والتعلميات وتوجيه التهديدات والتحذيرات الى الحريري والإستقلاليين وممارسة الضغوط المتنوعة عليهم لدفعهم الى التخلي عن المحكمة وقراراتها، متجاهلين كلياً حقوقهم ومصالحهم المشروعة، ومتعاملين معهم على أساس انهم هم المسؤولون عن المأزق الحالي وليس قتلة رفيق الحريري ورفاقه وشخصيات وطنية عدة أخرى. وكما قال مسؤول أوروبي مطلع: 'ان الأمر المثير للدهشة ان النظام السوري و'حزب الله' يريدان عقد صفقة مع أنصار المحكمة تؤمن لهما كل المكاسب وتحقق كل مطالبهما وتؤدي تالياً الى إلحاق الهزيمة السياسية بالحريري والإستقلاليين، ويبديان إنزعاجاً لأن رئيس الحكومة وحلفاءه يرفضون هذا العرض الذي ترفضه أيضاً السعودية وسائر الدول الحريصة على مصير لبنان والتي لن تقبل أن يحدد المسؤولون السوريون وحلفاؤهم مصير هذا البلد وتوجهاته'.
ثانياً - المسؤولون السوريون وحلفاؤهم قلقون جداً من مضمون القرار الاتهامي ومن نشر هذا القرار وهم يريدون من الحريري والإستقلاليين أن يضحّوا بكل شيء من أجلهم وأن يؤمنوا الحماية للأشخاص الذين يمكن أن يُتهموا بالتورط في جريمة إغتيال رفيق الحريري وذلك من خلال رفض القرار الظني سلفاً ونزع الشرعية اللبنانية عن المحكمة. كما يريد المسؤولون السوريون أن تدعم السعودية هذا الموقف وتفرضه فرضاً على الحريري، وذلك في مقابل الإمتناع عن تفجير الأوضاع الأمنية في لبنان. وليس ممكناً أن يقبل الحريري والإستقلاليون عرضاً خطراً وخاسراً كهذا.
ثالثاً - المسؤولون السوريون وحلفاؤهم متخوفون جدياً، وخلافا لما يحاولون ترويجه أو الايحاء به، من تفجير الأوضاع الأمنية في لبنان إذا فشلت جهودهم لدفع الأفرقاء اللبنانيين الآخرين الى الإستسلام لهم، إذ انهم يدركون تماماً، في ضوء الرسائل الحازمة التي تلقتها القيادة السورية من جهات دولية وإقليمية بارزة، ان معادلة 'إما وقف المحكمة وإما تفجير الأوضاع' لن تحقق لهم مكاسب ولن توقف مسار العدالة الدولية، بل ان تطبيق هذه المعادلة سيعرضهم لأخطار كبيرة اذا إستخدموا السلاح والعنف على نطاق واسع للإنتقام من أنصار المحكمة ولمحاولة قلب الأوضاع في لبنان.
وقال لنا مسؤول أوروبي معني بالملف اللبناني: 'تفيد المعلومات التي تلقيناها من دمشق ان المسؤولين السوريين يتصرفون فعلاً على أساس أن المحكمة وقراراتها يمكنها أن تشكل تهديداً للنظام السوري، ولذلك قال الأسد إن المطلوب من الحريري أن يرفض القرار الظني قبل صدوره' وان 'النجاح في مواجهة القرار الاتهامي ولجم تداعيات المحكمة على الوضع في لبنان سيكون إنجازاً يوازي في نوعيته وأهميته حدث إسقاط إتفاق 17 أيار 1983'. ذلك ان الرئيس الراحل حافظ الأسد تعامل عام 1983 مع إتفاق 17 أيار، الذي وصفه بأنه اتفاق الاذعان، على أساس انه يشكل تهديداً جدياً للنظام السوري، فاستخدم مختلف الوسائل لإسقاطه. ومع انه ليس ثمة مجال للمقارنة بين إتفاق 17 أيار اللبناني - الإسرائيلي ومحكمة أنشأها مجلس الأمن، إلا ان موقف الأسد هذا يعكس مدى جدية مخاوف السوريين وحلفائهم من المحكمة وقراراتها. لكن بشار الأسد لن ينجح في إسقاط المحكمة كما أسقط والده الراحل إتفاق 17 أيار'.
وخلص المسؤول الأوروبي الى القول: 'لن تعقد صفقة سعودية - سورية إستناداً الى شروط نظام الأسد وحلفائه. فالتفاهم السعودي - السوري يتمتع بالشرعية ويلقى دعماً واسعاً إذا كان يهدف الى تعزيز الأمن والإستقرار والمشاركة الوطنية الواسعة في الحكم والى تأمين الأجواء الداخلية المناسبة للتعامل مع المحكمة والقرار الاتهامي بطريقة تضمن تحقيق العدالة وفقاً لأعلى المعايير القانونية. لكن التفاهم السعودي - السوري لن يصمد ولن يستمر إذا تمسك نظام الأسد وحلفاؤه بمواقفهم المتشددة وبمطالبهم التعجيزية وذهبوا الى حد تفجير الأوضاع والمجازفة بمصير البلد لمحاولة إنجاز أهداف غير قابلة للتحقيق. والتفاهم السعودي - السوري يؤمن فرصة مهمة لنظام الأسد كي يثبت انه يريد فعلاً الإضطلاع بدور إيجابي بناء في لبنان والمنطقة، مما يساعد على تحسين علاقاته مع الدول البارزة والمؤثرة'.
- 'النهار'
قانونيون يحضّون الحكومة: اللجوء إلى المراجع الدولية لا يحتّم الاعتراف المتبادل بين الدول المتنازعة.. إسرائيل ترسّم الحدود وتستغل ثروات الغاز اللبنانية !
تحقيق: عباس صباغ:
منذ ان اقر مجلس النواب قانون التنقيب عن النفط في 17 آب عام 2010، لا تزال المراسيم التطبيقية لهذا القانون تنتظر عودة الحياة الى مجلس الوزراء المعلقة أعماله منذ منتصف تشرين الثاني الفائت على بند شهود الزور، والذي تصر المعارضة السابقة على احالته الى المجلس العدلي وسط كباش سياسي محموم على خلفية التوقعات بصدور القرار الظني في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. في هذه الأثناء سارع العدو الاسرائيلي الى الاعلان عن اكتشاف حقل غاز ضخم قبالة شواطئ حيفا اطلق عليه اسم 'ليفتتان'، وهددت باللجوء الى القوة لحماية ما تعتبره حقوقها المكتسبة في الغاز وغيره. بازاء هذه المعطيات تطرح اسئلة عن ترسيم حدود لبنان البحرية والجهة الدولية الصالحة للبت في النزاع المحتمل مع اسرائيل، اذ يرى عدد من القانونيين ان مهمة ترسيم الحدود تقع اولاً على عاتق الحكومة اللبنانية، وفي حال التنازع مع دولة مجاورة يجب الركون الى الاتفاقات الدولية ومنها اتفاقية قانون البحار للعام 1982.
ترسيم الحدود واجب على الحكومة
اثار اعلان اسرائيل المنطقة البحرية الحدودية قبالة الشواطئ اللبنانية – القبرصية، والمتصلة بأحد جوانبها مع حدود فلسطين المحتلة البحرية، منطقة' اقتصادية، استغراباً لدى عدد من القانونيين، في وقت تحجم فيه الحكومة اللبنانية عن اصدار المراسيم التطبيقية لقانون النفط الذي اقره مجلس النواب قبل اشهر عدة.
ويصف الخبير القانوني المحامي ميشال تويني مرحلة ما بعد الاعلان الاسرائيلي، أنها 'الأصعب في تاريخ لبنان الحديث على المستويين السياسي والأمني، الا أن الحكومة العاجزة والمعطّلة لم تدرك أنها الأصعب أيضاً من الناحية الاقتصادية، اذ إنها غائبة في شكل كامل عن المواضيع الحيوية للمواطنين وللوطن، والتي قد تنشله من مزيد من انهيارات مالية واقتصادية تبقى محتملة. فالعالم بأسره مهتمّ بحقول النفط و الغاز في مياهنا الاقليميّة الا الحكومة اللبنانية، لانشغالها بما لا يمكن أن يشغل حكومة ما عن مصالح أمتها، واما لتعطيلها المشاريع الحيوية لعدم التوافق على اقتسام المغانم. وقد يكون لبنان الدولة الوحيدة غير المتلهفة الى حماية حقول النفط والغاز التي أصبح مؤكداً وجودها في مياهنا؛ وقد تكون هذه الحكومة بذلك تهدر مرّة أخرى واحدة من أثمن الفرص لتحويل لبنان قوة اقتصادية شرق أوسطية تواجه غطرسة الغرب الداعم لاسرائيل'.
ويدعو تويني الحكومة اللبنانية للمبادرة الى ترسيم الحدود البحرية، و'ليُثَر النزاع مع من يعتبر نفسه متضرراً، وعندها يصار للاحتكام الى المراجع الدولية المتخصصة لفض النزاع'. ويحذر من ان القانون الذي يزعم تقديمه الكنيست الاسرائيلي الى حكومة الدولة العبرية سينهي الحقوق اللبنانية في هذه الاكتشافات. ويستغرب تهديد اسرائيل باستعمال القوة لحماية هذه الاكتشافات، مما يبقي لبنان تحت رحمة التهديدات الاسرائيلية.
ويرى ان هذه الاكتشافات تقع ضمن الحدود الاقتصادية الخالصة للبنان.
ويقول: 'ان أي تأخير من الدولة اللبنانية في اقرار القوانين اللازمة، كما التفاوض مع الشركات المتخصّصة واعداد الملف القانوني اللازم لتقديمه أمام الأمم المتحدة احتياطاً لأي تجاوزات أو تعديات اسرائيليّة محتملة، سيؤثر سلباً على لبنان الذي بات على المحك، لا سيما وأن الحكومة مجتمعةً غائبة وعاجزة عن فتح ملف بهذا الحجم قد يعيد لبنان الى الخريطة الاقتصادية العالمية بعد غيابٍ قسري تسببت به صراعات لا طائل منها سوى تدجين القرار اللبناني في ما يتعلّق بحقوق الشعب'.
ويلفت تويني الى 'أن بعض الخرائط المغلوطة التي قدمتها شركة 'نوبل انرجي' الأميركية عن وجود حقول النفط والتي حدّدتها كلها الى الغرب من الحدود الفلسطينية المحتلة، غير دقيقة، فالواقع أن هذه الحقول توجد جميعها في لبنان والى الغرب الشمالي باتجاه قبرص، مع حصة محددة لسوريا ، مع امكان وجود القليل منها باتجاه الجنوب، وهذا ما أظهر نية اسرائيل الاعتداء على ثروات لبنان النفطية ، بعد اغتصاب الأرض وسرقة المياه، مما بات يستلزم من الحكومة اللبنانية اتخاذ اجراءات قانونية سريعة و حازمة للمحافظة على حقوقها في النفط والغاز الواقع في مياهها'.
في المقابل، اكد عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري في مؤتمره الصحافي الاخير غن النفط والغاز، ان 'الحكومة اللبنانية لم تقصر لا في مجال ترسيم الحدود ولا في مجال التنقيب، ولا في تطوير السياسة النفطية ولا في وضع صيغة القانون والعمل على اقراره ولا في الدفاع عن حقوق لبنان في هذا المجال لدى الامم المتحدة وتجاه الشركات التي تتولى التنقيب عن النفط والغاز من العدو الاسرائيلي. (...) وفي ما يخص ترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة، نشر في الاعلام بتاريخ 14 تموز 2010، الكتاب الذي وجهته البعثة الدائمة للبنان في الامم المتحدة الى الامين العام في ما يتعلق بترسيم الحدود من جانب لبنان مع فلسطين المحتلة'.
كيف ترسم الحدود البحرية؟
اذا كانت الأمم المتحدة اشرفت بعد التحرير في ايار عام 2000 على ترسيم الحدود البرية ما بين لبنان وفلسطين المحتلة عبر ما يعرف بالخط الأزرق، فإن الحدود البحرية وفق بعض المتابعين، لا تخضع لمهمات قوات اليونيفيل التي استقدمت الى جنوب الليطاني بموجب القرار 1701، مما يطرح السؤال عن كيفية ترسيم الحدود البحرية مع الدول المجاورة . وهو ما كان اكده النائب حوري قائلاً: 'اليونيفيل تخضع للقرار 1701، وضمن القرار 1701 لا وجود لترسيم الحدود البحرية. ولكن، في الوقت نفسه واجبنا في لبنان ان نتابع مع الامم المتحدة، لانه عندما يكون هناك خلاف بين جهتين، وكل جهة ترسم في شكل مختلف عن الاخرى تتدخل الامم المتحدة. لذلك هناك تفاصيل ثانوية وعلى الحكومة اللبنانية ان تتابعها، وهناك عمل قانوني مهم يجب ان يتم من خلال مجلس الوزراء، لذا يجب ان يجتمع مجلس الوزراء'.
وعن الجهة الصالحة للبت في النزاع حول الحدود البحرية، خصوصاً مع اسرائيل، وما اذا كان التوجه الى المحافل الدولية لهذا السبب يستدعي الإعتراف بالكيان الصهيوني، يجيب استاذ القانون الدولي الدكتور حسين كنعان، ان مسألة الترسيم لا تستدعي الإعتراف المتبادل ما بين الدول. ويعتقد ان الاجدى ان تبادر الدولة اللبنانية الى ترسيم حدودها البحرية وفق القواعد المتبعة على الصعيد الدولي واستناداً الى قانون البحار. ويضيف: ' في حال ظهرت اي عوائق حول ترسيم الحدود وكيفية تحديد النتوءات الواجب اعتمادها لتحديد نقطة الارتكاز، عندها نعتمد الاعراف ونعتبر ان اكبر النتوء هو الواجب اعتماده، ونرسم خطاً مستقيماً بطول 12 ميلاً، وما بعد هذه المسافة يعتبر مشاعات يحق للدولة اللبنانية الافادة منها لانها مياه دولية'. ويلفت كنعان الى ان اسرائيل ترسّم حدودها كما تشاء وصولاً الى شمال غرب لبنان من دون حسيب او رقيب، وتستند الى مبدأ القوة من دون اي اكتراث محلي أو دولي. ويذكر ان دراسات نشرت في صحف غربية تؤكد وجود الموارد الطبيعية مثل الغاز والبترول في شرقي المتوسط ويختم: 'كانت هناك اقتراحات عدة للافادة من هذه الموارد في المتوسط، منها ان تنشأ الشركات للتنقيب عن هذه الموارد تحت رعاية هيئة الامم المتحدة وان يكون هناك شركة مساهمة من الدول المعنية في هذه الموارد والتي تقع حقول الغاز والنفط ضمن مياهها البحرية لكن اسرائيل سارعت الى الاعلان عن إكتشاف اكبر حقل للغاز في البحر المتوسط وهددت باللجوء الى القوة في حال اعتراض اي من الدول المجاورة على ما تزعم انه حقوق مكتسبة لها، ولا يزال لبنان يتفرج من دون ان يحرك ساكناً'.
المنطقة البحرية الاقتصادية
يعرف القانون الدولي المنطقة الإقتصادية الخاصة بأنها منطقة بحرية ملاصقة للبحر الإقليمي تمارس فيها دولة الساحل صلاحيات محصورة بها من دون غيرها من الدول، فيما يخص الموارد الطبيعية ويأتي الصيد في مقدمها، ونظمتها اتفاقية 'مونتيغو باي' حيث اصبحت الحقوق تطول الموارد الطبيعية الأخرى حسب استاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية الدكتور علي زراقط ويشرح في مؤلفه 'الوسيط في القانون الدولي' ان الدولة تمارس، كما هو الأمر بالنسبة الى إقليمها الأرضي، سيادتها على مياهها الداخلية وبحرها الإقليمي. وقد كان مجال البحر الإقليمي للدولة محدداً، ولفترة طويلة بثلاثة اميال بحرية. هذه المسافة كانت تساوي في القرن التاسع عشر المدى الذي تصله طلقة المدفع آنذاك. وقد رفعت معاهدة 'مونتيغو باي' (1982) في مادتها الثالثة، هذه المسافة الى 12 ميلاً بحرياً. وعلى الدولة الشاطئية ان تحترم 'حق المرور البري' الذي يمكن ان تستفيد منه السفن الأجنبية.
كما تمارس الدولة على منطقتها الإقتصادية المحجوزة (او الحصرية) ((z.e.e حقوقاً سيدة في المجال الاقتصادي. هذا المفهوم 'للحقوق السيدة' يجب تمييزه عن ممارسة السيادة. وقد تم تحديده ب 200 ميل بحري. في هذه المنطقة، تتمتع الدولة الشاطئية في حق حصري في استغلال الموارد والثروات البيولوجية والسمكية وغير البيولوجية الموجودة في هذه المياه، وكذلك الجرف القاري الموجود في اسفلها. والمنطقة الإقتصادية المحجوزة (z.e.e ) لا تشكل، بالمعنى الدقيق للكلمة، جزءاً من اقليم الدولة.
بعدما اعلنت قوات اليونيفيل انها غير مخولة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وعدد من الدول المجاورة، هل على لبنان ان يبادر الى ترسيم حدوده بمفرده ويتقيّد بقواعد القانون الدولي؟ وهل يستعين بمراقبي الهدنة فقط للمواكبة، ومن ثم يودع الخرائط الامم المتحدة؟ وعندها نكون امام مرحلة جديدة من ممارسة السيادة الوطنية ام ان لبنان وحسب حوري 'قام بكامل ما يتوجب عليه، لكن المطلوب المتابعة، وأهم شيء في هذه المتابعة ان ينعقد مجلس الوزراء لمتابعة هذه القضايا ويقوم بواجباته'.
ولا يبقى سوى انتظار للآلية التي ستتبعها الاطراف المعنية وما اذا كانت الامور ستسيرعلى قاعدة الكيديات السياسية في انتظار تسوية اخرى.
- 'السفير'
&laqascii117o;القدس العربي": المبادرة استُخدمت لاكتمال الاستعداد الإسرائيلي للحرب
علي دربج:
تفاوتت اهتمامات الصحافة السعودية والسورية، بالأزمة اللبنانية بين صحيفة وأخرى، إذ أن اخبار استقالة وزراء المعارضة من الحكومة وبالتالي سقوطها، احتلت عناوين بارزة في بعضها، فيما أوردت أخرى تداعيات الاستقالة ضمن صفحاتها الداخلية... فيما لوحظ غياب الخبر اللبناني عن الصفحات الأولى في معظم الصحف المصرية.
بدت الصحف السعودية الأكثر اهتماما بالحدث اللبناني، فصحيفة &laqascii117o;الشرق الأوسط" أبدت تشاؤمها من خطوة المعارضة ومن مخاطرها على لبنان. وقد ظهر ذلك جليا في صفحتها الأولى وعنوانها الرئيسي:&laqascii117o;ساعة الخطر تدق في لبنان".
&laqascii117o;انهيار الحكومة بعد استقالة ثلث وزراء الحكومة".. وزير الخارجية السعودي: &laqascii117o;الاستقالات ستكون خطيرة".. السفير عسيري: السعودية مستمرة في جهودها.. واوباما بعد لقاء الحريري: إسقاط الحكومة دليل خوف.
ورأت الصحيفة تعليقا على الاستقالة، أن &laqascii117o;كل الاحتمالات مفتوحة في لبنان"، مشيرة إلى انه &laqascii117o;ثبت أن ورقة الثلث المعطل التي أعطيت للمعارضة إبان اتفاق الدوحة ما هي إلا بمثابة فخ لهذه الحكومة".
وأضافت ان &laqascii117o;لبنان دخل مأزقا ومرحلة غامضة الملامح ودقت ساعة الخطر فيه". وتابعت يحسب المراقبين &laqascii117o;فإنه لا يوجد في صفوف المعارضة من يمكنه ان يكون بديلا عن الشارع السني ولا من يستطيع أن يقول لا للمحكمة الدولية، غير الحريري، بصفته الزعيم السني الأكبر وولي الدم". وأفردت الصحيفة عدة صفحات داخلية للحديث عن الأزمة.
وكتب رئيس تحرير &laqascii117o;الشرق الأوسط" طارق الحميد &laqascii117o;الحقيقة الماثلة أمامنا أن &laqascii117o;حزب الله" في ورطة حقيقية خصوصا اذا ما تذكرنا تصريحات الحزب التي طالب فيها الدول الصديقة والشقيقة بالحيلولة دون صدور القرار الاتهامي. ولذلك فان الحديث عن مبادرة لم يكن الا من باب الأماني... لكن ورطة الحزب اليوم أن أي حل لن يكون بيده حيث بات الحزب تحت رحمة كثر في لبنان وخارجه. وهذه القصة يجب أن نفطن لها في الأيام القادمة".
بدورها، كتبت صحيفة &laqascii117o;الحياة" في صفحتها الأولى أن &laqascii117o;لبنان دخل &laqascii117o;المجهول أمس بعد إسقاط المعارضة حكومة الرئيس سعد الحريري الثلاثينية، فيما كان مجتمعاً مع الرئيس الأميركي باراك أوباما"، مؤكدة ان هذا التطور أدخل لبنان &laqascii117o;في نفق أزمة سياسية يصعب تحديد نهايته".
وكتب المعلق السياسي في &laqascii117o;الحياة" الزميل داود الشريان مقالة هي الثالثة عن لقائه بالرئيس السوري بشار الأسد برفقة صحافيين آخرين وقال &laqascii117o;لا شك في ان التحدي اليوم هو ألاّ تتحول الخلافات اللبنانية ـ اللبنانية الى شظايا تصيب العلاقات السعودية ـ السورية، فهذه العلاقات ستبقى مؤثرة في لجم تداعيات المحكمة، مهما قيل عن نفاذ قراراتها، وحماسة العواصم الغربية لها، ورفض أي تدخل في مسارها، فالمسعى السعودي - السوري كان يهدف الى تفويت الفرصة على أي تحرك لضرب الاستقرار، وإشاعة الفوضى في لبنان، وهو قادر على فعل الكثير في هذا الجانب. الأكيد ان فرصة اللبنانيين في تحقيق شعارات الحوار والوحدة الوطنية باتت على المحك. لبنان بحاجة الى استقبال القرار الظني بجبهة وطنية متفاهمة، ولو في الحد الأدنى. وأياً تكن المفاجآت التي يحملها قرار المحكمة، فإن تحرك الأطراف اللبنانية يجب أن يسير في اتجاه معاكس. ومن دون تنازلات من الجانبين، فإن لبنان سيدخل مرحلة أخطر من اختلال الأمن، وهو ربما وقف في طابور التقسيم الذي يجتاح المنطقة بوتيرة متسارعة".
وكان لافتا للانتباه ما أوردته صحيفة &laqascii117o;الجزيرة" السعودية بعنوان &laqascii117o;الترهيب يخرب مساعي التهدئة في لبنان"، إذا قالت &laqascii117o;مع أنَّه أسلوب قديم تأكَّد عدم جدوى الاستمرار على الأخذ به، والذي تلجأ إليه الدول المتخلِّفة سياسياً، والتي لا تزال تنتهج أسلوب الترهيب والإرهاب لفرض نهجها السياسي في الدول التي تسعى إلى بناء نفوذ لها مستغلةً جماعات سياسية أو مكونات طائفية تمدها بالمال وخبراء متخصصين في إرهاب الذين لا يؤمنون بأساليبهم والفكر الذي يسعون لترويجه"، وذلك في إشارة واضحة إلى إيران من دون أن تسميها.
وأضافت &laqascii117o;الآن في لبنان تتكرر مسرحية وسيناريو إضعاف الوجود العربي نفسه لصالح تصاعد نفوذ الدولة الإقليمية، عبر أساليب الإرهاب والترهيب، وتوزع الأدوار لمساعدة الميليشيا الطائفية التي ارتدت بنادقها إلى صدور اللبنانيين، وانضم إلى &laqascii117o;جوقة الترهيب" حزب الجنرال الساعي إلى حليف يؤمن كرسي الرئاسة حتى وإن تباينت الأيديولوجيات طالما تطابقت المصالح".
وأشارت إلى انه &laqascii117o;وفق السياق نفسه &laqascii117o;سياق الترهيب" جعل هذه الدولة بالتغطية على الحقيقة وإلغاء المحكمة الدولية حتى لا تعلن الحقيقة التي تدينها وتفضح الأحزاب والجماعات والشخصيات التي تنفذ أجنداتها".
وتعاملت صحيفة &laqascii117o;الوطن" السعودية مع الحدث بشكل عادي: &laqascii117o;سقوط حكومة الحريري والفيصل يحذر من &laqascii117o;مشاكل جديدة"". أما صحيفة &laqascii117o;عكاظ"، فكتبت &laqascii117o;سعود الفيصل من تركيا: استقالة المعارضة انشقاق للصف الداخلي"... &laqascii117o;دستورياً لبنان بلا حكومة وكل الاحتمالات مفتوحة".
بدورها، تعاملت الصحف السورية مع الأزمة بشكل طبيعي، فخلت من التعليقات إلا من عناوين فرعية، وأبرزها ما جاء في صحيفة &laqascii117o;البعث"، تحت عنوان &laqascii117o;استقالة 11 وزيراً والمعارضة تطالب سليمان بحكومة جديدة". أما صحيفة &laqascii117o;تشرين" فكتبت في احدى صفحاتها &laqascii117o;وزراء المعارضة يستقيلون ويطالبون الرئيس سليمان بتشكيل حكومة جديدة".
وأبرزت صحيفة &laqascii117o;الوطن" السورية في صفحاتها الداخلية الحدث اللبناني قائلة: &laqascii117o;للمرة الأولى في الجمهوريتين الأولى والثانية تسقط حكومة باستقالة ثلث أعضائها زائدا واحدا، أي 11 وزيراً في حكومة الحريري الثلاثينية، وهي المرة الأولى أيضاً التي تسقط حكومة ورئيسها في سفر خارجي".
وجاء في افتتاحية جريدة &laqascii117o;القدس العربي" في لندن، أن الاسرائيليين يستعدون للحرب في لبنان، والاميركيين يهيئون الاجواء والتحالفات اللازمة لدعم هذه الحرب، من خلال افشال المبادرة السورية ـ السعودية أولا، وتصلب مواقف جماعة الرابع عشر من آذار بزعامة السيد سعد الحريري ثانيا". واعتبرت ان &laqascii117o;المبادرة السعودية السورية استخدمت من اجل كسب الوقت، وتهدئة الاوضاع في لبنان بشكل موقت، تمهيداً لنضوج الأوضاع على الارض واكتمال الاستعدادات الإسرائيلية"، وختمت بأن لبنان &laqascii117o;دخل ازمة دستورية بمجرد انسحاب وزراء المعارضة من الحكومة بهدف إسقاطها".
- 'السفير'
حكومة انقلابية
نصري الصايغ:
لا أرباح للمعارضة بعد. حساب الخسائر يطال فقط، فريق الرابع عشر من آذار.
نتائج فرز اليوم الأول، من عمر الاستقالة، أفضت إلى ما يلي:
خسرت قوى 14 آذار الحكومة برمّتها، وباتت طريق القرار الاتهامي مقطوعة لبنانيا. خط سير المحكمة متوقف خارج حدود لبنان. لن تتمكن من العبور إلى الداخل. لا حكومة راهناً، قادرة على التعامل، مع مقتضيات القرار الظني الاجرائية، ولا قدرة لها على تنفيذ شروط بروتوكول التعاون.
وقد ينفتح باب الخسائر على ما يلي ايضاً:
أ ـ امكانية انتقال الأكثرية من معسكر 14 آذار إلى فريق 8 آذار. وهذا، في ظن بعض المطلعين، بحاجة إلى &laqascii117o;رتوش" قوي جداً، محلي وإقليمي، كي يهجر وليد جنبلاط حال الوسط التي لم تعد مجدية. فالحسم بات مطلوباً وملحاً.
ب ـ امكانية تسمية رئيس حكومة جديد، يحظى بسمعة حريرية جيدة، تعود إلى إرث الحريري الأول، ويتمتع بصلابة قومية، ومواقف حاسمة مع المقاومة. كما أن الأسماء المتداولة الأخرى، ذات حظوظ، انما وفق المهمات المطلوب تنفيذها: مهمة تسوية فاضلة، أم معركة فاصلة.
ج ـ امكانية تأليف حكومة، من دون تيار المستقبل وحلفائه، تحظى بتأييد شرائح سنية، يصار إلى تكبير حجمها وتوسيع دائرة حضورها، لتصبح ذخيرة كافية، لمواجهة تهمة &laqascii117o;الفراغ السني". وليس من الضروري أن تنجح هذه القوى في سد الفراغ. فلبنان، يحفظ لنا في احداثياته، انه من الصعب. اختراق القلاع الطائفية المزمنة، برمايات خفيفة، ولو كانت من &laqascii117o;أهل البيت" أو من ظلاله.
د ـ ان حكومة من هذا الوزن، ستقدم حتماً على تدبيج بيان وزاري استثنائي، تقطع فيه دابر المحكمة، فتستعاد إلى مجلس النواب، ليجردها من قانونيتها وإيقاف تمويلها وسحب القضاة اللبنانيين منها.
هـ ـ ان حكومة غير مقيَّدة بتسوية، قد تذهب بعيداً في ملاحقة شهود الزور. ومن يدري ماذا ستكون النتائج. هل تقدم تلك الحكومة، على تنفيذ مذكرات توقيف، بعد احالة الملف على المجلس العدلي؟ هل يستبدل اعتقال الضباط الأربعة السابقين بسواهم؟ وعشرات الأسئلة التي تتفتق عليها عبقرية المرحلة؟
و ـ قد لا يكون بعيداً وضع قيود دبلوماسية ضرورية على تحرك السفراء الأجانب في لبنان، فلا يبقى بعض السفراء، مندوبين سامين، يجولون في طول البلاد وعرضها، مشكلين شللاً وفروعاً لدولهم.
ز ـ قد لا يكون مستبعداً، فتح ملفات الحكومات السابقة، بدءاً من البحث عن المغاور التي ابتلعت 11 مليار دولار، وصولاً إلى &laqascii117o;عقارات سوليدير" وأخواتها. ففي لبنان، كل شيء ممكن، عندما يصل الخلاف إلى هذه الدرجة، وعندما تسقط الحكومة بهذا الشكل غير المسبوق. وعندما يكون درء خطر المحكمة ـ وفيها شبهة أعظم من جريمة 17 أيار ـ بحاجة إلى عملية جراحية، أقرب ما تكون إلى الاستئصال.
قد لا يحدث شيء مما ورد اعلاه. لكن الأشباح هذه، مقيمة في المجهول الآتي، وعلى الفريق الذي دشّن الخسائر يوم أول من أمس، بخسارة الحكومة أن يتحسب لخسائر أكبر. فهذا بلد اسمه لبنان، ولبنان، أقدمت فيه قيادات 14 آذار، بعد زلزال اغتيال الحريري على تنفيذ انقلاب سياسي شامل، من أجرأ الانقلابات على الإطلاق، لا شبيه لنتائجه، حتى مع كثير من الانقلابات العسكرية، في زمن الصعود إلى السلطة على ظهر دبابة. وكان قد حدث انقلاب بعد اغتيال بيروت عام 1982 وانتخاب بشير الجميل رئيساً برعاية مناحيم بيغن وأرييل شارون، اطيح به بانقلاب مضاد.
ماذا لم تفعل حكومة انقلاب 14 آذار، بعد اغتيال الحريري؟ يكفي أن نقول، انها غيّرت وجه لبنان، ولا تنفي الانتخابات النيابية والتظاهرات المليونية صفة الانقلابية عن حكومات تلك الحقبة. بعض ما أقدمت عليه كان دستورياً، وبعضه مضاد للدستور وبعضه مضاد لطبيعة العلاقة بين الطوائف. وبعضه، مضاد لموقع لبنان الجغرافي والأخوي.
ماذا لو قررت الحكومة القادمة، إذا اقتضت ذلك ظروف المعركة وتوفرت لها القوى الضرورية، استكمال الانقلاب المضاد؟ كان سعد الحريري قد بدأ هذا الانقلاب المضاد، وتوقف في منتصفه، عندما تراجع عن استكمال نتائج اعترافه بشهود الزور وما أقدموا عليه من اقترافات أساءت إلى المحكمة وإلى سوريا وإلى لبنان وإلى العائلة؟
ماذا لو قررت حكومة الانقلاب الثاني، القيام بحركة تصحيحية لذاك المسار، فماذا يبقى في السياسة، لقوى 14 آذار، ولتيار المستقبل؟
السياسة، علم في الحساب. أي، علم في توقع النتائج.
ان لكل تغيير في الداخل اللبناني، ظروفا إقليمية مؤاتية، فماذا لو أن ظروف سوريا مؤاتية، استباقاً لظروف دولية غير مؤاتية من جهة المحكمة ومن جهة دول الاعتدال العربي ومن جهة اسرائيل كذلك؟
إن قراءة للتوقعات السوداء، قد تهدي ذوي البصر والبصيرة، لاجتراح حل يدير أذنه الطرشاء للمحكمة.
هذا الكلام الوارد أعلاه، قد يستدعي رفع شعار مؤقت وآني: &laqascii117o;تعالوا إلى تسوية.. ولو عرجاء".
- 'السفير'
ضحايا العدالة الدولية
ليلى نقولا الرحباني:
يعيش اللبنانيون اليوم هاجس تسوية مفترضة، تؤدي فيما لو نجحت الى إبعاد كأس قرار مرّ، يؤذّن بانقسام جديد وتطورات لا يُعرف حجمها كنتيحة لصدور القرار الاتهامي في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
واذا كان من المنطقي أن يكون للمحكمة مؤيدوها وداعموها في الداخل اللبناني، باعتبار انها أنشئت لمحاكمة من حرّض وخطط ونفذ جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، ولكن الواجب يقتضي أيضا الاطلاع على التجارب السابقة للمحاكم الدولية لمعرفة ماذا ينتظر اللبنانيين قياسا على ما مرت به شعوب أخرى سبقته في التعامل مع تلك المحاكم.
شهد عام 1993 ولادة المحكمة الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة التي أعطِيت صلاحية محاكمة المسؤولين عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني المرتكبة في أراضي يوغسلافيا السابقة منذ العام 1991، والتي تدخل ضمن اختصاصها في النظام الاساسي.
واللافت أن تلك المحكمة وبالرغم من انشائها في وقت مبكر، لم تحصل على تلك الاهمية الاستثنائية أو الدعم الغربي المفرط، الا بعد هجوم الناتو على كوسوفو عام 1999. فقط مع التبدل في الجو السياسي في البلقان، بدأ الاوروبيون والاميركيون ينظـرون الى المحكمة كأداة يمكن استخدامها في محــاولة القيام بتغيير سياسي لصالحهم في البلقان، وإزاحة النفوذ الروسي من المنطقة، وكصمـام أمان لصربيا وكرواتيا للتخلص من القوميين الذين &laqascii117o;يخلّون بالاستقرار" في منطقة البلقان، بحسب رأيهم.
قبل كوسوفو، كان ميلوسيفيتش بنظر الغرب مفتاحًا للاستقرار في البلقان و&laqascii117o;رجل دولة" يعتمد عليه في مفاوضات السلام، وفي قيادة التحول الجاري في يوغسلافيا. ولكن بعدما واجه ميلوسيفيتش المخططات الغربية في كوسوفو، وشنّ الناتو حربه على كوسوفو، بدأ يسوّق للرأي العام العالمي كمجرم حرب يجب محاكمته. وهكذا، وقياسًا على التبدل في الموقف الغربي، أصدرت المحكمة الدولية قرارها الاتهامي بحق ميلوسيفيتش في أيار 1999، بالقيام بجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، أضيف اليها في ما بعد جريمة الابادة الجماعية، بالرغم من اعتراف المدعي العام الاول للمحكمة، ريتشارد غولدستون بأن &laqascii117o;محاكمة ميلوسيفيتش هي سياسية أكثر منها قانونية".
بين ليلة وضحاها تحول ميلوسيفيتش من &laqascii117o;رجل سلام" الى مجرم فار من العدالة، وبدأت الضغوط الدولية على صربيا للتعـاون مع المحكمة كشرط لدخولها الاتـحاد الاوروبــي، وهدَّد الاميركيون بحجب قروض كان البنك الدولي قد وعد صربيا بها لإنعاش اقتصادها. ومرَّر الكونغرس الامــيركي قانــونًا يلزم الرئيس جورج بوش بمراقبــة مدى تعاون صربيا مع المحكمة الدولية قبل امـدادها بالقروض والمساعدات، ويعطي مهلة للحكومة الصربية للقبض على ميلوسيفيتش وتسليمه للمحاكمة بحلول 1 نيسان 2001. الامر الذي نفذه رئيـس الوزراء الصربي المدعــوم من الغرب، والمعروف بصداقته القوية مع السفير الاميركي في بلغراد، فاعتقل ميلوسيفيتش في 31 آذار 2001 خلال وجود رئيس الجمهورية خارج البلاد.
أما تسليم ميلوسيفيتش للمحكمة فأتى نتيجة ضغوط خارجية عشية مؤتمر للمانحين في بروكسل، استسلم لها رئيس الوزراء الصربي جانجيتش، فأرسله الى لاهاي بطريقة سرية ضاربًا عرض الحائط كل الاعتراضات الداخلية، ومتخطيًا قرار المحكمة الدستورية. قرار كلفه حياته؛ اذ اغتالته مجموعة تطلق على نفسها اسم &laqascii117o;القبعات الحمر"، في عملية انتقامية اطلقوا عليها اسم &laqascii117o;اوقفوا لاهاي".
وكان للانتخابات الداخلية حصتها في استخدام المحكمة أيضًا، فمع اقتراب الانتخابات في صربيا، وبروز توقعات بفوز الشيوعيين السابقين، تراجع اهتمام الاوروبيين بالمحكمة خوفًا من أن يؤدي الضغط على صربيا الى خسارة التحالف المدعوم غربيًا، وباتوا بحاجة الى &laqascii117o;شيء ما" يسمح بتراجعهم عن &laqascii117o;الشرطية" وفي الوقت نفسه لا يظهرهم كمتخلين عن المحكمة.
حينها اصدرت محكمة العدل الدولية في شباط 2007 قرارها &laqascii117o;المنتظر طويلاً" في قضية البوسنة ضد صربيا، فأعلنت &laqascii117o;براءة صربيا من الابادة التي حصلت في سربرينكا، وعدم استحقاق أي تعويضات للبوسنيين". وتمّ الطلب من القاضية دال بونتي اصدار بيان ايجابي حول تعاون صربيا مع المحكمة الدولية، بعد ان عقدت صفقة بين صربيا والاوروبيين قضت باعتقال اثنين من المتهمين المنخفضي الرتب. وهكذا استؤنفت المفاوضات لدخول صربيا الى الاتحاد الاوروبي، مما ادى الى ارتفاع أسهم التحالف المدعوم من الغرب والمناوئ لموسكو في الداخل الصربي، فشكل الحكومة واستلم السلطة.
وكما في صربيا كذلك في كرواتيا، استخدم التعاون مع المحكمة الدولية شرطاً لاستمرار المفاوضات لدخول كرواتيا الى الاتحاد الاوروبي، وخاصة من قبل الدول الاسكندنافية التي لم تقبل باستئناف المفاوضات الا بعد اتمام صفقة مع النمسا، اتفق فيها على القبول بعضوية كرواتيا مقابل التعهد بعدم انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي. حينها، وبعد الصفقة، أصدرت المحكمة الدولية بيانًا تشيد فيه بـ&laqascii117o;التعاون الكرواتي الكامل" مع المحكمة، بدون أن توضح كيف ومتى.
أدت الضغوط على كرواتيا الى اعتقال جوتوفينا وتحويله الى المحكمة، فاستقال اربعة من الوزراء في الحكومة الكرواتية احتجاجًا، وسارت التظاهرات في الشوارع، يقودها نواب ووزراء، ونظمت اغان وطنية تتحدث عن &laqascii117o;بسمارك كرواتيا" أو &laqascii117o;جوتوفينا البطل القومي" الذي حرر الوطن وواجه الطغيان المتمثل بالمحكمة المسيَّسة التي تشوّه تاريخ كرواتيا وحربها الاستقلالية.
أما في الحالة اللبنانية، فيتجه القرار الاتهامي اليوم لاتهام عناصر من حزب الله، وبعدها السيد حسن نصر الله وقادة المقاومة بموجب مسؤولية الرئيس عن المرؤوس، وهكذا سيتحول ابطال المقاومة الذين حرروا لبنان من الاحتلال الاسرائيلي عام 2000 وهزموا اسرائيل عام 2006، الى مجرمين ارهابيين مطاردين من العدالة الدولية، هذا قد يفرح بعض الجهلة في لبنان. نقول جهلة، لأن داعمي المحكمة في لبنان عليهم أن يقلقوا كما المقاومة المستهدفة، بالقرار الاتهامي، فقياسًا على التجارب السابقة للمحاكم الدولية، لن يسلم أحد من تداعيات هذا الامر، وسيتعرض لبنان لضغوط لا طاقة له على احتمالها، ومطالبات بتسليم المتهمين، تستخدم لأجله وسائل اقتصادية وسياسية وإيقاف قروض ومنح دولية، وستسحب ورقة المحكمة الدولية عند كل انتخابات وكل مؤتمر دولي وكل استحقاق لبناني هام.
نتشاءم بما ستجرّه المحكمة على لبنان من ويلات، مع علمنا بأن الحالة اللبنانية تختلف عن الحالة اليوغسلافية، فالقوميون الصرب والكروات كانوا من الشيوعيين السابقين الذين تأثروا بانهيار الاتحاد السوفياتي وضعف روسيا في حينه، لكن موازين القوى اللبنانية لا تعطي امكانية لتسليمات من هذا النوع، وستكون الضغوط ممتدة. ولعل المأزق الاكبر الذي سيجد داعمو المحكمة أنفسهم فيه، أن يكون القرار الاتهامي ذريعة لتغيير سياسي يقلب الطاولة على الجميع، فيجدون أنفسهم وداعميهم الدوليين قد خرجوا كليًا من الساحة اللبنانية، كما يقول احد السيناريوهات المحتملة.
- 'الأخبار'
مغامرة واحدة تكفي
خالد صاغية:
لعلّ إحدى أسوأ مزايا 14 آذار ادّعاؤها ذات مرّة احتكار الوطنيّة اللبنانيّة، والخلط بين ما تؤمن به وما تفعله وبين ما يريده اللبنانيّون. هكذا أفرط هذا الفريق في ابتذال شعار &laqascii117o;الوحدة الوطنيّة"، وصولاً إلى تصوير نفسه أنّه يمثّل الطوائف اللبنانيّة كافّة في الوقت الذي كانت فيه الطائفة الأكثر عدداً تتكتّل حول حزب اللّه بنحو غير مسبوق. لم تنبع المسألة طبعاً من سوء التقدير، بل من مشروع هيمنة يحلّ مكان السيطرة السوريّة. وككلّ مشاريع الهيمنة، لا بدّ لفئة أن تبقى خارجه. ومثل هذه الفئات في لبنان قد تضمّ مهمّشين كثراً، لكنّها ينبغي أن تضمّ أوّلاً طائفةً ما. وهذا ما حصل فعلاً.لا بدّ من التذكير بذلك في ظلّ مخاوف من استعادة هذا السيناريو مقلوباً. فسعد الحريري، كما هو معروف، لم يعد زعيماً للأكثريّة النيابيّة، لكنّه لا يزال زعيم الأكثريّة الكبرى داخل طائفته. لا يع