ـ صحيفة 'الشرق الأوسط'
حزب الله متهم &laqascii117o;ما شافش حاجة"
غسان الإمام: محكمة الحريري:
ضع مسدسا في يدي. سأريك كيف أتصرف معك. هكذا يتصرف حزب الله اليوم، ومسدسه مثبت إلى صدغ لبنان. الحزب ماض، بتدرج متسارع، نحو فرض دكتاتورية الطائفة، على ديمقراطية الطوائف. تم إسقاط حكومة سعد الحريري بعملية ديمقراطية. حتى هتلر كان ديمقراطيا في زحفه السريع لاغتصاب السلطة.
اتهام الحزب باغتيال الحريري ليس نهاية الدنيا. الاتهام يحتاج إلى مستمسكات قوية. المحكمة أثبتت حيادها، بإطلاق سراح ضباط الأمن (عصبة الأربعة) المنحازين. لكن لماذا يخاف الحزب &laqascii117o;المعصوم"، من المحكمة؟ حسن حزب الله يحلف برأس العماد عون، بأنه &laqascii117o;ما شافش حاجة". لكن مجرد اتهام الحزب بقتل الحريري الأب، سيسقط حزام عفته، ليفقد الحزب سمعته لدى العرب.
في حرصه على حماية لبنان من اعتداء حزب الله على أمنه، ذهب سعد الحريري في استرضاء الحزب وإيران، إلى الحد الذي جعل حلفاءه &laqascii117o;يزعلون" منه. أخيرا حسم حيرته بين العدالة والأمن، &laqascii117o;فشلحوه" الحكومة. هو اليوم خارج الحكم أقوى مما كان داخله.
هذا الشاب الوارث للزعامة، مر بتجربة سياسية صعبة، لم يمر بها أبوه الراحل. كانت التجربة قاسية سياسيا وشعبيا، وهو حديث العهد بالسياسة. هل يعود الحريري إلى الحكم، بعد انتهائه من حكومة &laqascii117o;تصريف الأعمال"؟ الساسة في لبنان يميلون حيث يميل ميزان القوة. &laqascii117o;النهار" الحريرية تعترف بأن حزب الله استمال عددا من النواب &laqascii117o;الفلتانين" بحيث بات يملك &laqascii117o;الأكثرية". وهو يبحث عن زعيم سياسي، على مقاسه، وليس على مقاس الطائفة السنية. يريد رئيسا للحكومة ينسحب من المحكمة. يذعن للأمر الواقع الذي فرضه الحزب بالقوة.
من هنا، صعوبة الاستشارات التي سيجريها الرئيس ميشال سليمان. إذا انحاز جنبلاط بكتلته المنقسمة إلى أحد مرشحي الحزب (كرامي. ميقاتي. الصفدي. مراد)، ضمن الحزب السيطرة على الحكومة المقبلة. حكومة تعطيل العدالة.
هل تتدخل أميركا في لبنان، إذا استكمل حزب إيران انقلابه &laqascii117o;الدستوري"، باجتياح السنة، وفرض حكومة منحازة، كما في العراق؟ الرئيس أوباما، بطبيعته كمثقف، وكرئيس يخوض حروبا مكشوفة وخفية، في ديار الإسلام، لن يتدخل في لبنان، على الأرجح. فهو غير راغب، أو ربما غير قادر، حتى ولو كانت سنة لبنان ترحب بنزول المارينز على شواطئها، وفي مدنها الكبيرة (بيروت. طرابلس. صيدا).
(...) لا حرب مع إسرائيل. حزب الله يفضل الحرب في لبنان. فهي أقل في الخطر والخسائر، وأكبر في المكاسب. تدخل الحرب اللبنانية مرحلة المشاورات المعقدة، لتشكيل حكومة جديدة. سعد الحريري يظل المرشح الأقوى. عمر كرامي مرشح دائم، لقربه من سورية وحزب الله. نجيب ميقاتي، ومحمد الصفدي، مرشحان في الاحتياط جاهزان فورا للخدمة. وهما يرتبطان بعلاقة طيبة مع حركتي 8 آذار و14 آذار. ثم هناك عبد الرحيم مراد وهو مرشح فاقع اللون. رماديته قريبة من حزب الله وسورية.
أعود إلى تذكير الحريري بالرجل الكبير رياض الصلح. فقد كان يحرص على استقطاب زعماء السنة. يستقيل من الحكم، ليتيح المجال للشيخ عبد الحميد كرامي، أو غيره، لتشكيل الحكومة. وبالتالي، فاستقطاب الحريري لهؤلاء الزعماء، يدعم مركزه أمام سورية وحزب الله. ويخفف من قدرة الحزب على استيعابهم، كما يحدث الآن، واضعا الجزرة الحكومية نصب عيونهم.
أخيرا، أود أن أقول إن قضايا الاغتيال الكبرى تظل لغزا لدى الرأي العام، أيا كان حكم المحاكم والعدالة. ظل اغتيال الدكتور عبد الرحمن الشهبندر (1940) لغزا سوريا. اغتيال الرئيس جون كيندي وشقيقه روبرت ما زال موضع أخذ ورد، فيما حكم المحكمة برأ الأجندة المخابراتية من التورط. مقتل الأميرة البريطانية ديانا لغز آخر. العدالة في إسرائيل أدانت قاتلا واحدا لإسحق رابين، فيما عاد محرضوه الإعلاميون، إلى واجهة الحكم. حتى الوفاة المبكرة لجمال عبد الناصر ظلت موضع الشبهة.
وصولا إلى الحريري الراحل الذي سيبقى لغزا خالدا. فقد نجح خصومه في تسييس المحكمة الدولية، قبل أن تضعهم في دائرة الاتهام الذي لن تجد المحكمة شرطيا واحدا في لبنان، يلاحق المتهمين. لا يجد حسن حزب الله حرجا في الاقتداء &laqascii117o;بالمتهم" عمر البشير &laqascii117o;المتمرد" على العدالة.
ـ 'السفير'
ضد مجهول
ساطع نور الدين:
مجموعة الاتصال الدولية الخاصة بالازمة اللبنانية والمقترحة من قبل فرنسا وتركيا هي أقرب الى المزاح الذي لا يسد أي فراغ، ولا يستقيم مع أي منطق، لكنه يشكل استفزازا إضافيا للمحور السوري الايراني وحلفائه اللبنانيين الذين يخوضون الآن معركتهم الخاصة تحت شعار خصومهم، الحرية والسيادة والاستقلال، مضافاً إليها العنوان المكتشف حديثا وهو محاربة الفساد.
مصدر الاقتراح عاصمتان وجدتا نفسيهما في مواجهة انقلاب، أو مشروع انقلاب يهدد مصالحهما ودورهما اللبناني، ويعرّض وحداتهما العسكرية المشاركة في قوات الطوارئ الدولية في الجنوب لخطر شديد.. برغم أنهما ليستا على وفاق أو انسجام تام لا في لبنان ولا في أي أزمة اخرى من أزمات العالم. والمعلوم أنهما على صراع حاد محوره رفض باريس المتشدد لعضوية تركيا في الاتحاد الاوروبي.
هو لقاء الصدفة اللبنانية البحتة بين باريس وأنقرة، من دون أي ضمانة في أن العاصمتين ستكونان معا في مجموعة الاتصال. والأرجح أن تظل باريس خارجها، تراقبها من بعيد، وتأمل في أن تحقق الدبلوماسية التركية ما عجزت عنه دبلوماسيتها الخائفة.. اذا ما قدر لهذه المجموعة أن تولد وأن تعثر على اسم وعلى مكان للاجتماع وعلى غطاء للعمل، يستبعد التدويل المحرم، ويستدعي الإطار الإقليمي المحبب من الجميع، خصوصا اذا امتد الى طهران!
وفي الانتظار الذي لا يضمن أن الفكرة التي ولدت بالصدفة ستموت في مهدها. ثمة حقائق لا بد من تسجيلها، وهي أن إطلاقها هو نتاج غياب أميركي غير مرغوب به من أحد، لا في لبنان ولا في دمشق أو طهران، اللتين تنشدان دوماً مقارعة واشنطن ومساومتها ومصالحتها، بدلا من إضاعة الوقت مع باريس التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل يمكن أن تضيع الاستثمارات السورية والايرانية في لبنان.. وبدلا من التعرض للحرج في حوار مجتزأ مع تركيا التي لا يرغب أحد من اللبنانيين والسوريين والايرانيين المس بدبلوماسيتها الحيوية.
لكن الحرج حصل بالفعل، وربما تطور الى ما هو أقرب الى الخلاف: لم تخف أنقرة استياءها من الانقلاب الذي ينفذه حزب الله حاليا، والذي اعتبرته موجهاً ضدها مباشرة لأنه يسقط اتفاق الدوحة، الذي كانت الدبلوماسية التركية النشطة أحد رعاته الرئيسيين. ولم يكن من قبيل المصادفة أن الصحف التركية كلها من دون استثناء اتهمت إيران بأنها هي التي أعطت الأمر المباشر الى الحزب بإسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، وكتبت مطولات في مخاطر وجود دولة داخل الدولة اللبنانية.. فيما كان الهمس يدور في أنقرة حول دور سوريا المشابه، وكان السؤال يتردد حول حدود مسؤوليتها عما جرى في بيروت الاسبوع الماضي.
مهما كان من أمر مجموعة الاتصال، الاقليمية كما تراها تركيا، أو الدولية كما تفترضها فرنسا، فإن أنقرة هي الوسيط الفعلي الوحيد، الذي يمكن أن يتحرك في جميع الاتجاهات من دون استثناء، والذي يمكن أن يرجع منها خائبا، اذا لم يحمل الصيغة السحرية للتسوية اللبنانية المعروفة جيدا.. والتي تتطلب تسجيلها ضد مجهول!
ـ 'الحياة'
أضعف الإيمان - 7 أيار سياسي
داود الشريان:
المواجهة في لبنان بدأت قبل صدور القرار الاتهامي للمحكمة الدولية. المعارضة قررت النزول الى الشارع السياسي بأدوات اشد استفزازاً وفتكاً من العمل العسكري. سمت عمر كرامي لرئاسة الوزارة. ستواجه القرار الاتهامي بصراع سنّي - سنّي. وعمر كرامي لا يحتاج الى حافز. كان ينتظر الفرصة. وهو يملك ثأراً قديماً ضد بيت الحريري. عمر كرامي لم ينسَ أن رفيق الحريري هو الذي أخرج من السجن رئيس &laqascii117o;القوات اللبنانية" سمير جعجع، المتهم بقتل شقيقه، رشيد كرامي. المعركة لم تعد تستخدم أوراقاً جديدة. &laqascii117o;حزب الله"، مصرّ على استخدام مشاهد لبنانية سبقت عام 2005، وهي مشاهد لم تزل حيّة في الصدور، ولم تطوَ صفحتها.
&laqascii117o;حزب الله" يريد صناعة ميشال عون سنّي، وعمر كرامي جاهز. هذا الاختيار سيخلط الأوراق أمام جماعة 14 آذار. المعركة ستبدو في احد ملامحها صراع قوى وطوائف، أطفأ لهيبه اتفاق الطائف. لبنان أمام معركة تصفية حسابات قديمة، وهي ربما أفضت الى أزمة تتجاوز المحكمة وتحرق البلد. وسيجد سعد الحريري ان موقعه في محيطه يتغير، وإن شئت يدمر. السياسة في لبنان تملك من الألغام ما يفوق صواريخ &laqascii117o;حزب الله" وترسانة سلاحه. وإذا استطاع الحزب اختراق السنّة، بالطريقة التي نفذها مع المسيحيين، فإن غبار السياسة اللبنانية سيحرق كل ملفات المحكمة، فضلاً عن ان بعض الزعامات السنية في لبنان يشعر بالغبن والتهميش، محلياً وإقليمياً، ويعتقد بأن الحريري هو السبب.
لا شك في أن المواجهة التي يخوضها &laqascii117o;حزب الله" لن تقف عند سعد الحريري، والغالبية، التي بدأ عقدها ينفرط بانحياز وليد جنبلاط الى المعارضة. المواجهة ستصل الى رئيس الجمهورية - الذي دخل المعركة بقبول استقالة الحكومة قبل عودة رئيسها من الخارج. وهي ستعاود - وهنا خطورتها - خلط الأوراق بين الطوائف والتحالفات. الوضع خطير، والحزب قرر تنفيذ وعده بمواجهة المحكمة بإشراك الجميع، برضاهم أو من دونه.
الأكيد أن العناد هو دليل الجميع، وسعد الحريري بإمكانه نزع الفتيل. عليه أن يتنحّى قبل أن يُنحّى. وإذا كان يعتقد بأن المحكمة باتت قراراً دولياً، وهو محق، عليه أن يتوقف عن استخدام أدوات محلية غير مفيدة لدعمها. اترك يا سعد المحكمة تدافع عن نفسها.
ـ 'الحياة'
حملة &laqascii117o;حزب الله"؟
عادل نصّار:
أي تدقيق يجريه المرء في نتائج الحملة التي شنها &laqascii117o;حزب الله" ضد المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لمحاكمة المسؤولين عن اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والقائمة اساساً على وقع ما سربته وسائل إعلام غربية من اتهامات مفترضة تحمّل عناصر تابعة له مسؤولية الاغتيال، يظهر الفشل الذريع الذي منيت به تلك الحملة.
فالحزب افتتح معركته صيف العام الماضي بسلسلة من الاطلالات الاعلامية لأمينه العام السيد حسن نصرالله، رافقتها تقارير صحافية محلية يدين كتّابها بالولاء له تتضمن خططاً عسكرية وأمنية مفترضة للحزب ضد أخصامه المحليين في حال تم توجيه الاتهام له رسمياً. وانهى حملته الفاشلة بمناشدات تولت قياداته الاولى توجيهها الى الدول الصديقة والشقيقة لمساعدته ومساعدة البلد على ما اعتبره مؤامرة تستهدف وحدة البلد وأبنائه.
وتدلل النهاية المأسوية لحملة الحزب على المحكمة على عمق المازق المصيري الذي يعيشه، وهو الذي بشرنا وبشر أنصاره وعناصره بانتصاره الدائم في جميع المعارك التي خاضها ويخوضها ربما لأنه يعتقد خطأ ان العناية الإلهية تقف الى جانبه وحده دوماً.
ومرد مأزق الحزب يعود الى تحكم اعدائه بظروف وتوقيت وطبيعة ما يعانيه. حتى وسائل دفاعه عن نفسه يمده بها اعداؤه. فمنذ تقرير المجلة الالمانية &laqascii117o;دير شبيغل" الذائع الصيت وحتى تقرير الشبكة الكندية &laqascii117o;سي بي سي"، تتمحور الاتهامات الموجهة الى الحزب على عنصر وحيد اي الاتصالات، التي هي في الآن نفسه عنصر الدفاع الوحيد الذي يشهره الحزب في وجه متهميه.
ان هذا التحكم بالمعركة وبمجرياتها الذي يملكه أعداء الحزب جعله عاجزاً وفاقد القدرة على صياغة رد من صنيعه يشق به مساراً مختلفاً يسمح له بالنفاذ بجلده.
ان أداء الحزب القاصر منذ بداية ازمته والادوات البائسة التي يستعملها للدفاع عن نفسه والمتوقعة سلفاً، تسمح بالاستنتاج مسبقاً انه خاسر لا محالة.
وما فاقم ازمة الحزب خذلان سورية له بامتناعها عن تحريك ساكن للدفاع عنه ورد الجميل له لدفاعه المستميت عنها بتعطيله الحياة في البلاد عندما كان سيف المحكمة مصلتاً عليها. وفشل الحزب هذا كانت له آثار اخرى مضرة به كثيراً وبهيمنته على البلاد وتحكمه بمسارات العمل السياسي فيه.
وطبيعي جداً ان تنسحب ازمة الحزب نفسها عليه مباشرة. وهو ما اصبح محل تداول العامة من الناس، في شكل علني، خصوصاً أولئك المفاجئين بظواهر جديدة كانوا يعتبرونها من الكبائر في سلوكيات المنضوين في صفوفه، كالفساد الذي اخذ يزحف شيئاً فشيئاً الى الحزب ويمسي شيئاً عادياً.
ان استمرار الحزب في مأزقه ولمدة طويلة سيعرّض تماسكه الداخلي للخطر والتفسخ تالياً ويعزز بيئة عنوانها التسيب والفوضى في اماكن سيطرته. واذا كان لما تقدم من حظوظ للصمود في وجه اي نقاش وبالاعتماد على تجارب سابقة مشابهة للذي يعيشه الحزب (وتاريخ ازمتنا اللبنانية منذ اربعين عاماً حافل بالامثلة المعبّرة عما نذهب اليه)، يمسي الخوف من وقوع اشكالات امنية في مناطقه لغايات تتعلق بالنفوذ والمكاسب المالية غير المشروعة خوفاً له الكثير من عناصر الاثبات. وهذا كالعادة ما ندفع، نحن المواطنين العزّل، تكاليفه الباهظة من دون وجه حق.
ـ 'المستقبل'
اكتمل النقل بالزعرور
مصطفى علوش:
'وجاهل مده في جهله ضحكي حتى أتته يد فراسة وفم' المتنبي
كانت عمتي عندما يأتي شخص غير مرغوب فيه أو يدلي بتصريح سخيف أو خارج عن المألوف تقول 'اكتمل النقل بالزعرور'، بما يعني أنه لا يكفينا جملة الآراء المضحكة التي يطلقها الحاضرون حتى 'حكى بدري وشرح صدري'! وأصدر تصريحاً لا يزيد إلا الطين بلة ويزيد جنوناً على حفلة الجنون القائمة أصلاً.
في هذا الإطار كانت عمتي ستعلق على تصريح النائب العبقري محمد رعد بأنه يريد لرئاسة الوزراء في لبنان 'رئيساً مقاوماً' في عودة الى تعابير بائدة من موروثات أواسط القرن العشرين سممت عقول العرب وأرجعتهم قروناً الى الوراء مثل 'الرئيس المؤمن' و'الرئيس المناضل' و'الرئيس الملهم'، أي أنه لا يكفي أن يكون الرئيس رجل دولة نظيف الكف ويسعى الى إنماء بلاده وازدهاره وتوسيع شبكة علاقاتها واقتصادها، بل يكفيه أن يكون مقاوماً على نسق الرئيس اميل لحود، ولا يهم بعدها إن كان فاسداً أو متخلفاً أو فاشلاً أو طاغية أو قاتلاً وما الى هنالك من صفات غير حميدة.
ولا غضاضة في أن تصطف طوابير المواطنين أمام محطات الوقود، أو أن تنتظر ساعات للحصول على ربطة خبز، أو أن تتحول المدارس الى ملاجئ للنازحين، أو أن تطحن أشلاء الأبناء في دوامة العنف، أو أن يقبع مئات الآلاف في السجون لمجرد أنهم يعارضون صاحب السلطة المطلقة الرأي. أو أن صفات الرئيس المقاوم هي في قبوله تحويل الاقتصاد والتعليم والثقافة والإعلام وحتى التربية في المنازل خدمة لمشروع المقاومة، كما صرح يوماً الشيخ نعيم قاسم، وهذا يعني حسب منطق المقاومة وضع كل هذه المهام تحت سلطة 'مؤسسة الشهيد' لتحويل كل أبنائنا مشاريع شهداء في خدمة الأهداف العقائدية التي تقود هذه المقاومة.
لا يا حضرة النائب المقاوم، فلست أنت من يصنف الناس، ولا ميزانك أو ميزان زملائك هو المقياس المرجعي لتصنيف الرجال أو الرؤساء أو حتى وضع المعايير للقبول أو الرفض في الشؤون العامة.
أما نحن، المواطنين المتحررين من لوثة العقائد السياسية الجامدة، فجلّ ما نسعى اليه هو رجل دولة مستقيم قادر على إدارة البلاد في سياستها واقتصادها نحو برّ الأمان، لأنه لا رغبة لنا بعد اليوم في أن نجعل من أولادنا مشاريع شهداء للمقاومة، ولا أطفالنا ضحايا لمشروع المقاومة، ولا بيوتنا المدمرة فداء لعقيدة المقاومة أو لسيدها. ورغبتنا وطموحنا أيضاً أن تتحقق العدالة وأن تظهر حقيقة من اغتال قياداتنا ومعهم أبناؤنا حتى لا يبقى أحد في المستقبل عرضة للابتزاز والتهديد كما عاش آباؤنا وعشنا نحن على مدى العقود القليلة الماضية. ولا يعتقدن أحد بأن رفضنا حصر الأمور أجمعها في منطق المقاومة يعني عدم قدرتنا على الصمود، فقد جربنا على مدى السنوات الماضية وسوف نصمد الى أن يصل وطننا الى برّ الأمان، فإذا 'رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن أن الليث يبتسم'!
ـ 'المستقبل'
بين وثائق 'الجديد' ووثائق المحكمة وطلبات السيد:المحكمة مستهدفة لا مسيّسة!
فادي شامية:
لم تكن المرة الأولى ولن تكن الأخيرة على ما يبدو- التي تخرق فيها محطة 'الجديد' سرية التحقيقات في جريمة اغتيال الرئيس الحريري وباقي الشهداء.
تسريبات الجديد
محطة 'الجديد' كان لها فصول كثيرة في خرق سرية التحقيقات، لعل أبرزها؛ عرض تسجيلات صوتية، يفترض أنا سرية، الشهر الماضي، بما يمكن أن يعرّض حياة أصحابها للخطر، لكن ما أسمته القناة 'حقيقة ليكس' وهو سلسلة على حلقات عرضت منها اثنتان فقط حتى الآن-، يطرح التساؤلات ويثير الملاحظات الآتية:
1 ـ بقطع النظر عن مضمون التسجيلات؛ هل يجوز لوسيلة إعلامية أن تخرق سرية التحقيق، إلى درجة عرضها تسجيلات صوتية، أُدلي بها أمام لجنة التحقيق الدولية، بالوقت الذي تتهم هذه الوسيلة ومن يدعمها المحكمة بالتسييس؟! وتالياً ألا يعتبر ما قامت به 'الجديد' جريمة من الناحية القانونية، تستوجب تحرّك القضاء (سواء اللبناني أو الدولي)، باعتباره يسيء إلى أصحاب الإفادات أو يعرضهم للخطر؟!.
2 ـ استخدمت القناة المذكورة التسجيلات الحالية وما سبقها للإساءة إلى المحكمة، وإخافة أو إحراج الشهود (السابقين أو اللاحقين) ما يعني أن التسريب لا يخدم المحكمة ولا العدالة، وإنما يصب في خدمة جهود الذين يعرقلون العدالة، ويستهدفون المحكمة. وعليه؛ فإن هذه التسجيلات تُسقط دعاية فريق الثامن من آذار التي تتخذ من التسريبات دليلاً لها على تسييس المحكمة، فيما الواقع أن التسريبات دليل على استهداف المحكمة كما هو واضح.
3 ـ في الوقت الذي يؤكد الرئيس سعد الحريري المستهدف من التسريبين الأخيرين- أنه لن يقبل بتوظيف القرار الاتهامي للمحكمة ضد 'المقاومة'، فإن القناة المذكورة ومن وراءها- لم تتورع عن التوظيف السياسي لمواد في التحقيق الدولي ضد الحريري، مع اختيار توقيت البث عشية الاستشارات النيابية وصدور القرار الاتهامي. والأنكى أن السيد حسن نصر الله يعتبر أن 'اختيار' توقيت صدور القرار الاتهامي بالتزامن مع الاستشارات النيابية (قبل تأجيلها) دليل على التسييس، ثم لا يرى شيئاً مطلقاً في توقيت بث مواد سرية من التحقيق إياه!.
4 ـ اعتبرت 'الجديد' في الشريط الأول (المقتطع منه أجزاء دون أخرى) دليلاً على فبركة الرئيس الحريري وفريقه لشهود زورٍ، تسببوا بسجن الضباط الأربعة، في حين أن التدقيق فيه-حتى بالوضعية التي عُرض فيها- ليس فيه هذا الدليل (وضح مكتب الرئيس الحريري الهدف من الحوار المسجل). أما الشريط الثاني، فقد كان واضحاً أن الهدف منه إحراج الرئيس الحريري مع حلفائه وأصدقائه، وإحباط مساعي التوافق.
5 ـ يبقى التساؤل الأهم: كيف حصلت الجديد على هذه 'الوثائق السرية'؟! ومن هو الجهاز المخابراتي الذي يعمل منذ مدة على خرق سرية المحكمة؟! هل أن المخابرات الأميركية أو الإسرائيلية هي من يخرق المحكمة، وينشرون التسريبات لإحراج من يدافعون عن هذه المحكمة، التي يصفها فريق الثامن من آذار بأنها 'إسرائيلية وأميركية ومتآمرة'؟! وهل أن نشر هكذا تسجيلات يهدف إلى خدمة مسيرة العدالة كما تدّعي 'الجديد' أم أنها مصلحة محضة للجهة التي ارتكبت الجريمة؟! (كان لافتاً استقبال ميشال سماحة للتحدث بصفة العارف بخفايا هذا التسجيل وما سيليه من تسجيلات أخرى يملكها 'حزب الله'!).
طلبات السيد
يوم الجمعة الماضي توجه اللواء جميل السيد إلى المحكمة الدولية مرة جديدة طالباً منها البت بطلباته تسلّم وثائق سرية تتعلق بالتحقيق الدولي، باعتباره ضحية، من الناحية القانونية، لكن ممثل بلمار في الجلسة رفض وصفه بالـ 'ضحية'، واعتبر تالياً أن 'ليس له الحق بالاطلاع على الأدلة التي بحوزة المدعي العام، وإذا كان قد تم احتجازه من قبل السلطات اللبنانية فهذا لا يغير من تقييمنا لوضعه'. أضاف: 'إنه لا يطلب هذه الأدلة لكي يطعن في قانونية احتجازه، بل يطلب الولوج إلى هذه الأدلة لأسباب أخرى'!.
قناة 'الجديد' قالت قبل بثها الشريط الأول إنها تملك الوثائق التي تؤكد أن السيد كان ضحية، وبلا 'جميلة' المحكمة، لكنها أكدت بدلاً من ذلك - دون أن تدري- وجهة نظر بلمار، لجهة وجهة الاستعمال، خصوصاً أن ممثله في جلسة يوم الجمعة الماضي قال عن السيد إنه 'شخص غير مؤهل للحفاظ على سرية هذه المواد'، فضلاً عن أنه 'قام مراراً وتكراراً بالحديث جهراً عن قضيته... وهو نشط جداً في تحقيق مآربه... وهو لم يحترم طابع السرية، وخالف الالتزام بعدم بث أسماء الشهود بنشره النسخة غير المنقحة الأسماء'!!.
غير أن السؤال الذي يطرح نفسه على اللبنانيين، هو ما طرحه القاضي فرانسين في الجلسة إياها، عندما توجه للمستدعي جميل السيد بالسؤال الآتي: كيف اكتشفتم المستندات؟ لقد أذهلتني الدقة في مذكراتكم عن التواريخ والتفاصيل؟! وكيل جميل السيد ادعى في الجلسة أنه حصل عليها من الإعلام؟!... تُرى من يقف وراء هذا الإعلام؟!
ـ 'النهار'
التلاعب بالصيغة أسرع الطرق نحو الهاوية
علي حماده:
تمكن 'حزب الله' والسوريون من اسقاط الحكومة التي اصطلح على تسميتها جوازا بـ'حكومة الوحدة الوطنية'. وفي الحقيقة لم تكن حكومة وحدة وطنية بمقدار ما كانت حكومة الاضداد والمتناقضات العميقة التي ادت خلال سنة عاشتها الى تحويلها مجرد هيكل من دون حياة. فبين التحدي الداخلي المتمثل بالقضم المنهجي للدولة والنظام، والتحدي الخارجي المتمثل بسعي الجار المتعب الدائم الى استعادة وصاية ماضية على بلاد الارز، ما كان لهذه الحكومة التي رافقت القرار الاتهامي في رحلته الاخيرة قبل تسليمه البارحة ان تعبر حقول الالغام التي زرعت حولها من دون ان يصل بها الامر الى التفجر في وقت من الاوقات.
لقد كان المطلوب من سعد الحريري وصحبه الاستقلاليين التنازل عن المحكمة من اجل الفوز برضى دمشق وبحلم 'حزب الله'. والحال ان من كانوا يعلّلون النفس بخطوة كهذه ما كانوا ليدركوا ان التنازل عن المحكمة ما طرح مرّة على جدول اعمال الاستقلاليين. فلا سلاح 'حزب الله' ومسلحوه المنتشرون في كل انحاء لبنان، ولا طموحات الرئيس بشار الاسد كانت لتكون سببا يدفع بالاستقلاليين الى نقض التحقيق الدولي، ولا الى عرقلة صدور القرار الاتهامي الذي تم تقديمه الى قاضي الاجراءات التمهيدية بالرغم من هذه الحرب الشعواء، ولا الى ضرب المحكمة التي ستنظر في قضية اغتيال رفيق الحريري ورفاقه، ولاحقا ستربط في ما بين الجرائم الارهابية المترابطة اصلا.
ان التلويح بعدم تسمية سعد الحريري رئيسا للحكومة لا يخيف أحداً، لان شرعية الحريري مستمدة من غالبية استقلالية واضحة المعالم لا لبس فيها. وهي مستمدة من كونه ممثلا لبيئة لا تستطيع كل صواريخ 'حزب الله' انتزاعها منه، او تخطيها باسماء بالكاد تقدر على الخروج الى باحات منازلها ! اضف الى ذلك ان ما سماه السيد حسن نصر الله التدخل الدولي يجمع في شخص سعد الحريري شرعية عربية ودولية تتجاوز بأشواط البعد السوري او حتى الايراني لأي مرشح سرعان ما سيصير رئيسا لحكومة المطلوبين للعدالة!
من هنا نقول ان محاولة التلاعب بالصيغة لا توصل إلا الى الهاوية. و'حزب الله' ومعه دمشق لا يقدران على فرض امر واقع شبيه بما حصل في خريف 2004 عندما جرى فرض التمديد، ومن ثم تشكيل حكومة سميت في تلك المرحلة 'حكومة المخبرين'، وفي عهدها انطلقت الاغتيالات وحدث زلزال رفيق الحريري في 14 شباط 2005. فلنتذكر التاريخ جيدا. وليتذكر من سال لعابهم في الساعات الاخيرة كيف تكون نهاية التركيبات المنافية للصيغة وللواقع الشعبي والتمثيلي.
إن المحكمة حقيقة قائمة وستظل كذلك. كما ان الوصاية الداخلية مستحيلة، ومثلها الوصاية الساعية الى العودة محمولة بطموحات قديمة ما عادت ممكنة. وغداً عندما تعلن الحقائق من خلال القرار الاتهامي، سيرى الشعب ويدرك اسباب هذه الحرب الشعواء التي خيضت ضد الاستقلاليين والمحكمة منذ اليوم الاول لبدء الجرائم. وسيفهم الشعب سر هذا الحلف المقدس الذي جمع ويجمع المطلوبين!
بعد هذا كله... فليجمعوا أصواتهم وليأتوا برئيس لـ'حكومة المطلوبين'!
ـ 'النهار'
عصفوران بحجر الانقلاب
راشد فايد:
'عندما يصدر القرار الإتهامي ويتهم عناصر من حزب الله، ينكشف البلد'
الكلام للأمين العام، وهو، ككل نصوصه، من نوع الأحكام القاطعة، على 'المؤمنين' الأخذ بها بلا نقاش، وإذا كان من بينهم من يريد المحاججة، فلتعزيز ايمانه.
لكن، وللمصادفة، هناك من لا يؤمن بالكلام ولا بالأفلام المركبة، وداتا الاتصالات، وأجهزة التجسس 'المكتشفة' على رؤوس الجبال.
هؤلاء، من سلالة القديس توما الأكويني، يؤمنون بما يرون.
وما يرونه، إستنتاجاً من التهويل المستمر بـ'فتنة سنية – شيعية '، هو ان الامين العام يشير، في قوله، الى تخريب اسرائيلي - اميركي تحت مظلة صدور القرار الإتهامي الذي يتوقّع، هو ولا أحد غيره، ان يتهم حزبه، عبر عناصر منه.
لم يشفع كل قول من المحكمة الدولية والمهتّمين العرب وغيرهم، وحتى وزيرة الخارجية الاميركية، بأن القرار الإتهامي سيصيب افراداً، لا هيئات ولا جماعات ولا دولاً، في ثني الامين العام عن افتعال المخاوف.
ولم تشفع لديه أيضاً الحقائق التي تقول إنّ الفتنة لو كانت كامنة، ونائمة، لكانت استفاقت ودهمت لبنان منذ أشهر، تحديداً، منذ بدأ حملته الخطابية لـ'كسب الرأي العام'، كما قال، لا لإقناعه.
ذلك يشي، الى جانب شواهد كثيرة، بأن المطلوب ليس تأكيد التعفف عن جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري فحسب، بل الإنقلاب على الصيغة اللبنانية، وعبرها النظام العربي العام.
فمن يقول اليوم إن المقاومة لا تحتاج الى حماية أحد، بعدما كان يسعى الى انتسابها الى جميع اللبنانيين، يمكنه ان يتراجع غداً عن قوله الشهير - وهو مناقض للوقائع التاريخية - 'إن المقاومات في كل دول العالم تقبض على السلطة عند انتصارها على العدو الخارجي، فيما المقاومة الإسلامية لا تريد ذلك لأنها تعرف طبيعة التركيبة اللبنانية'.
بدأ الأنقلاب عملياً في 7 أيار 2008، يوم أثبت 'السلاح المقاوم' أنّ في إمكانه ان يتورط في الداخل ليرجح الكفة الشعبية الأضعف.
كان ذلك عملية 'إذاقة طعم' التفوق المسلح لمن لا يؤمنون بالتجارب المزعومة للمقاومة الفرنسية ومثيلاتها التي تحدث عنها الامين العام، والتي لا صحة لما نسبهُ اليها في الوقائع التاريخية.
ليس بعيداً من الانقلاب الهادئ التمادي في السطو على وزير من كتلة رئيس الجمهورية، ومحاولة السطو على صلاحيات رئيس الحكومة، من فرض جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، وتسلسل بنوده، الى محاولة 'أمره' بالعودة، في أقل من 12 ساعة، الى البلاد، للوقوف على 'توجيهات' الثلث المعطل تجاه المحكمة الدولية، وصولا الى فرض تحديد ذاتي لـ'الخط الوطني المقاوم'، بما في ذلك من تمييز يجعل من اللبنانيين الذين لا يرون رؤية كتلة 'الوفاء للمقاومة' ورهطها، غير وطنيين وغير مقاومين ، بمقياسها، تماما على مجرى ما كانت عليه حال اللبنانيين من تنابذ بهذه الصفات خلال فترة تحاربهم البائدة.
كذلك ليس بعيداً من هذا الإنقلاب ما ينوي الاتحاد العمالي العام تنفيذه من تظاهرات الشهر المقبل ترفع شعارات الجوع وتحسين الاحوال المعيشية التي ينساها قادته حين يزمع الحزب القائد تطرية الاجواء، ثم يتذكرونها 'بالمصادفة' حين يتحضر لقلب الطاولة، كما في السنوات الخمس السابقة.
لكن من دون الاسترسال في سرد الوقائع، وهي كثيرة، لا تبدو آفاق الانقلاب مفتوحة أمام أهدافه، وفي طليعتها اطاحة التوازن السياسي الوطني لمصلحة فرض هيمنة لطرف حزبي – سياسي – ديني – مذهبي على ما عداه، لمعاندته هوية المنطقة بارتباطه باستراتيجية إقليمية لا تتواءم معها في المدى البعيد، وإن تكن تتماهى وإياها في الصراع العربي - الاسرائيلي والقضية الفلسطينية في التفصيل الراهن.
في ذلك تفسير للتحرك العربي السعودي – القطري، والاقليمي التركي، وفريق الاتصال الدولي الفرنسي – الاميركي – المصري المعلن عنه. وما اللقاء القطري – التركي – السوري في دمشق إلا للتوعية على أهمية إعادة تفاهم دمشق – الرياض ومخاطر الاختلاف.
كل ذلك تحت سقف اللاعودة الى ما قبل الساعة الواحدة إلا أربع دقائق من الرابع عشر من شباط 2005، أي موعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما تبعه من إعلاء صوت الاستقلال والسيادة الوطنية مع توازن العلاقات اللبنانية – السورية من إضافات لغوية تبطن أكثر مما تعلن .