- صحيفة 'المستقبل'
المستقبل اليوم
ذكي 'الحزب الفاعل'. لا خلاف على ذلك. قاد معاركه الداخلية ضد 'شركاء الداخل' بالكفاءة التي خاض فيها معاركه مع 'العدو الخارجي'. كلما أكثر من رفع شعار 'سلاح المقاومة' ضد العدو الخارجي فقط، أكثر من استخدام هذا السلاح في الداخل، وكلما أكثر من اظهار تعففه عن المناصب السياسية، أكثر من نهمه للسلطة، حتى نجح في 'تحرير' الجمهورية من أبرز أعمدتها. هو ضد 'الفيتو' دائما لكنه يمارس 'الفيتو' في كل الأمور الداخلية، كبرت أو صغرت، والحجة دائما: شرف المقاومة، ممارساً ديماغوجية لا نظير لها: الحق دائما معي وما على الآخرين سوى تبرئة أنفسهم.
السلاح صونا لشرف المقاومة، ثم السلاح صونا لشرف السلاح، ثم السلاح صونا لسياسة الحزب الفاعل، حتى امتلكت الأقلية 'راجمات' التعطيل و'صواريخ' الإلغاء والتشطيب.
وها هو 'الحزب الفاعل' يخوض إحدى معاركه الكبرى اليوم. حوّل رئاسة الحكومة أشلاء و'أسر' هذه الأشلاء في شبكة مصالحه وحساباته الفئوية، ربما بانتظار 'صفقة تبادل' ما.
ـ 'النهار'
'13 تشرين' سنّية
نبيل بومنصف:
على رغم الفوارق والتبدلات الكبيرة في الظروف والأطر السياسية والامنية والطوائفية لبنانيا وموازين القوى خارجيا، بدا مذهلا امس تحديدا أن يستعاد مشهد مثقل برمزياته في ساحة واحدة من الطوائف الكبرى سبق ان حصل مثيله تماما قبل عقدين لدى طائفة شقيقة أخرى وإن اختلفت الوسيلة والاسلوب في اثارة كل من الحدثين وتفجيره. فما يمكن اعتباره انتفاضة سنية أشعلتها عملية اقصاء الزعيم السني الأقوى الرئيس سعد الحريري عن رئاسة الحكومة لمصلحة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي، لا تبتعد اطلاقا في بعدها المباشر واستهدافاتها البعيدة المدى عن عملية 13 تشرين الاول 1990 العسكرية التي أسقطت الحكومة العسكرية برئاسة العماد ميشال عون وأقصته عن السلطة ونفته من البلاد. آنذاك، وعلى مدى 15 عاما متعاقبة من الوصاية السورية المباشرة، تسببت تلك العملية، مع سجن الزعيم المسيحي الآخر سمير جعجع، في أكبر وأوسع وأخطر انكفاء مسيحي عن السلطة والدولة، وأضحى الفريق المسيحي وحده المعارضة لا بل 'المقاومة' للسيطرة السورية وأدواتها الحاكمة. ومع كل الاختلاف في الظروف الراهنة، أظهر 'الغضب السني' أمس شعورا مماثلا في الاقصاء حيال عملية تبدو معقدة جدا ولكنها أرادت تدفيع الغالبية الموصوفة لدى الطائفة ثمن المحكمة الدولية وقرارها الاتهامي المهرول في وقت قريب الى الساحة اللبنانية مع كل ما يحمله من نذر المضاعفات الاضافية الثقيلة. (...)
ومع ذلك فان التداعيات الداخلية والخارجية ستضع ثلاثة في مهب الاستحقاق المتدحرج لأن الامر لم يطوَ عند حدود تكليف ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة وهم: رئيس الحكومة الجديد الذي ربح الاختراق في العودة الى رئاسة الحكومة في ظرف ملتبس وبثمن باهظ يرتب عليه الادراك انه محاصر بحقل ألغام ومقاتل شديدة الخطورة. ورئيس الحكومة السابق الذي سيتعين عليه قيادة معارضة فعالة وذكية ومختلفة تماما عن أنماط معارضة 8 آذار التي تتكىء أولا وأخيرا الى الاستقواء بالقوة الاستثنائية التي يمتلكها عمودها الفقري 'حزب الله'. و'حزب الله' نفسه الذي حل محل القوة السورية في التجربتين ما بين 13 تشرين الاول 1990 و25 كانون الثاني 2011، مما يوجب عليه تلقي تقلبات الميزان الشديد الهشاشة بين ما يعتبره مكسبا هائلا في ازاحة الحريري عن السلطة وما سيؤول اليه الاستحقاق الاخطر بعد وقت قليل مع صدور القرار الاتهامي.
ـ 'النهار'
أخطاء في الحسابات... أم حسابات مُتعمَّدة ؟
سركيس نعوم:
أخطأ الرئيس سعد الحريري، وأخطأ معه شركاؤه السياسيون، عندما اعتبروا ان الغالبية النيابية لا تزال معهم رغم الانقلاب التدريجي عليهم وعلى الذات الذي قام به الزعيم الدرزي الابرز وليد جنبلاط بعد عملية 7 أيار 2008 التي نفّذها 'حزب الله' في العاصمة بيروت وبعد الصدامات التي وقعت معه في 'الجبل الدرزي'. صحيح ان جنبلاط ساير حلفاءه (السابقين) في الانتخابات النيابية الامر الذي مكّنهم من ان يكونوا غالبية في مجلس النواب، سواء بواسطة الذين فازوا على لائحتيه في قضاءي الشوف وعاليه او حتى بواسطة نوابه. وصحيح ايضاً انه ساير الحريري تحديداً في مواقف عدة، وحرص على إبقاء تحالفه معه او على الاقل علاقة مميزة معه رغم مضيه قدماً في الابتعاد المبرمج من مسيحيي 14 آذار وفي مقدمهم 'القوات اللبنانية' ورئيسها سمير جعجع. وصحيح أخيراً إنه حرص على استمرار علاقاته الجيدة مع المملكة العربية السعودية حليفة 'الشيخ' سعد الحريري وراعيته بل حاميته. واعتُبر ذلك من الاخير علامة تؤكد ان الخيط بينه وبين جنبلاط لن ينقطع، وان الزعيم الدرزي الابرز لن يتخلى عنه في نهاية المطاف. لكن صحيح ايضاً انه كان على الحريري ان يعرف، وخصوصاً بعد نيف وخمس سنوات من تحمّل مسؤولية العمل السياسي والوطني كوارث للرئيس الشهيد رفيق الحريري في السياسة وفي رئاسة الحكومة، تاريخ الجنبلاطية في شكل عام بل التاريخ الدرزي، وان يعرف تحديداً ان 'البقاء' هو الهدف النهائي بل الاستراتيجي والحيوي لهم، وان في سبيله تهون التضحيات الجسام سواء كانت نسيانا (ظاهرياً او فعلياً) لاستشهاد 'عمود السماء' كمال جنبلاط كما كان يلقب، او تخلياً عن حليف وصديق وابن صديق بل اخ هو سعد الحريري.
ويبدو في كل ما حصل انه لم يُلِمّ بهذا التاريخ، وقد يكون معذوراً لحداثة تجربته في السياسة وحاجته الى مزيد من الاختبار والتَّعلُّم. ومثله كان الرئيس السوري بشار الاسد الذي لم يتعلم الا بعد 5 سنوات او اكثر قليلاً من تسلّمه السلطة وتحديداً بعد تعرّضه ونظامه وبلاده لهزيمة مدوية في لبنان في نيسان عام 2005. علماً انه ليس هناك عذر لعدم استعانته بخبرة العارفين ومعرفتهم من 'اطقم' والده الشهيد وهي كثيرة، او لامتناع هؤلاء عن مصارحته بالحقائق وان تكن جارحة. كما انه ليس هناك عذر لاكتفائه بالذين لا يعرفون. انطلاقاً من ذلك كان يفترض في الحريري ان يعرف انه وفريقه فقدا الغالبية، وان يستعد للأسوأ، لا ان يتمسك بانها لا تزال معه الى ان يُعرِّضه خصومه لاختبار يؤكد له انه فقدها، كما حصل في استشارات قصر بعبدا في اليومين الأخيرين. كما كان عليه ان يستعد للمواجهة السياسية والنيابية داخل المؤسسات والشعبية السلمية خارجها. ولا نعني بذلك انه يريد الدم ان يحرض على الشغب. لكن في ظل الاحتقان المذهبي والطائفي والسياسي لا يمكن ان يؤدي تجاهل الحقائق الميدانية والسياسية والنيابية إلا الى الصدام فالدم ومن ثم الفتنة. إلى ذلك أخطأ الرئيس سعد الحريري في تعاطيه مع ملف المحكمة الدولية، مع اعترافنا بأنه موضوع بالغ الصعوبة والتعقيد، وخصوصاً عليه بالذات كونه ابن الذي استشهد دفاعاً عن لبنان السيد الحر المستقل العربي المتنوع وولي الدم. وأخطأ في تعاطيه مع المملكة العربية السعودية وخصوصاً بعدما تصالح مليكها عبد الله بن عبد العزيز مع رئيس سوريا بشار الأسد، وبعدما أطلقت المصالحة مسعى مشتركاً بين الزعيمين العربيين لترتيب علاقة الرئيس الحريري بدمشق وعلاقة لبنان بسوريا. في هذين الموضوعين تضاربت الأقوال والمعلومات والمواقف والتصريحات. فمن جهة كان هناك تمسّك بالمحكمة. ومن جهة أخرى، كان هناك استعداد للتخلي عنها. ومن جهة ثالثة كانت هناك ارادة في طلب مقابل لذلك. فهل صحيح ان المقابل الذي طُلب لم يكن يوازي أهمية التخلي عن المحكمة؟ وهل صحيح ان رفض احالة قضية شهود الزور على المجلس العدلي موقف مبدئي، او موقف ناجم عن خوف من دخول كثيرين مهمين جداً السجن على حد قول الحريري للرئيس نبيه بري في أحد اللقاءات القصيرة بينهما قبل اسابيع؟ وهل صحيح انه التزم امام العاهل السعودي انجاز ما يلزم لبنانياً لجعل المحكمة غير ذات موضوع، لكنه في المقابل واصل محاولة اقناع من يلتقي من زعماء العالم ومنهم اوباما رئيس اميركا باقناع السعودية بوقف ضغطها عليه كي ينسى المحكمة؟ وهل صحيح ان اوباما سأل الملك عبد الله في لقائه به اخيراً في نيويورك: لماذا تضغط على سعد الحريري في موضوع المحكمة؟ وهل صحيح ان العاهل السعودي قرر في ذلك اليوم وربما في ذلك الاجتماع التخلي عن المسعى المشترك مع سوريا لايجاد حل لمشكلة المحكمة وتالياً لبنان؟ وهل صحيح ان ما قاله الرئيس الحريري في 'الشرق الأوسط' عن المحكمة وشهود الزور وعن علاقته مع سوريا لم يكن يعكس بدقة موقفه؟ ولماذا؟
واما في موضوع مقام رئاسة الوزراء المحفوظة للطائفة السنية الكريمة والانقلاب الحاصل حالياً يمكن لفت الناس إلى أمرين. الأول، ان الانقلاب الفعلي حاصل من زمان، واصحابه امسكوا بمعظم المفاصل الأساسية في الدولة. والثاني، ان شلل الحكومة وتالياً شلل الموقع السني حاصل من زمان أيضاً. واعادته الى الحركة بل الى الحياة لا تكون في الشارع المفتوح على الدم في أي لحظة، ولا سيما في بلاد تضم 'شوارع' عدة كبيرة وقوية وفاعلة ومتناقضة. وكل ما يمكن قوله هنا هو ان لبنان ليس تونس.
في اختصار لا يرمي كل هذا الكلام إلى احباط الحريري الابن أو فريقه. فنحن كنا أوفياء لمسيرة الأخ والصديق الشهيد رفيق الحريري. ولا نزال. لكننا قبل ذلك كله نحن أوفياء للوطن ولأولادنا وأحفادنا ولشعوبنا. انطلاقاً من ذلك نحاول جعل الناس يتبصرون ودعوتهم إلى التعقّل، وإن أحياناً عبر مواقف أو معلومات يعتبرونها مزعجة أو ربما مسيئة. وفي هذا الإطار لا بد من قول ثلاثة أشياء لـ'المستقبل' و14 آذار وتحديداً لزعيم الاثنين سعد الحريري. الأول: ان حلفاءهم الاقليميين والدوليين لا يستطيعون نجدتهم كما تستطيع سوريا وايران نجدة خصومهم. وجل ما يفعلونه، اذا قرروا ذلك، هو الذهاب الى مجلس الأمن في حال وقوع فتنة لا سمح الله. فهل نهدر دماء ابنائنا لكي يصدر مجلس الأمن قراراً في مصلحة فريق لبناني ضد آخر؟ علماً ان احداً لا يضمن تنفيذه على الأقل قبل تحول الدم انهاراً. وقد ظهر ذلك واضحاً في موقف واشنطن، الذي هو انتظار تأليف الحكومة لمعرفة مدى سيطرة 'حزب الله' عليها. فهل هذا جهل أم تجاهل أم 'تغابي'؟ ذلك ان الجميع في المنطقة والعالم يعرفون سيطرة الحزب وحلفائه على لبنان. كما ظهر من مواقف جهات ديبلوماسية قال معظمها، وهو متعاطف مع الحريري، 'ما دامت الأمور تسير ضمن قواعد الدستور فنحن لا نستطيع الاعتراف إلا بالأمر الواقع'. والأمر الثاني، ان الشارع قد يخرج على إرادة الذي حركه. وسعد الحريري لا يؤمن بالدم. ونحن نعرف ذلك، لكن شارعه كما شوارع الآخرين مُخْتَرَقَة، وأي جموح له وتالياً أي تحوّل له نحو نوع من الانتفاضة المستمرة أو الفتنة المذهبية سيجعل 'الانقلاب' الذي يتحدث عنه 14 آذار حقيقياً بكل معنى 'الكلمة'. ولن يكون الحزب وحده مُنفِّذه. فهل يصب ذلك في مصلحة الديموقراطية، فضلاً عن ان ذلك قد يطلق حرباً شيعية – سنية؟ وهل للحريري مصلحة في ذلك؟
أما الأمر الثالث، فهو ضرورة أن يقرر الرئيس الحريري أولاً وبالتشاور مع حلفائه الموقف الذي سيتخذه من الحكومة الجديدة. وهناك فقط موقفان ممكنان. الأول، مقاطعة الحكومة والجلوس في مقاعد المعارضة في مجلس النواب. وذلك يفيد في الابتعاد عن المسؤولية عن اي موقف سلبي من المحكمة الدولية. والثاني، الاشتراك فيها مع ثلث معطل وفقاً لاتفاق الدوحة. وفائدته تكمن في التصدي لمحاولات الأذى الذي قد يتعرّض له فريق 14 آذار (فساد – شهود زور - سجن). علماً ان موضوع الفساد قد يلقى تجاهلاً بعض الشيء لأن فريقي الصراع في البلاد ليسا بعيدين منه.
طبعاً يتمنى البعض المتطرف التصعيد من خلال انتقال الحريري الى الخارج وتأليفه حكومة منفى. ولكن ومن دون خوض في التفاصيل، فإن موقفاً كهذا يكون انتحاراً.
في اختصار ذكّرت 'الكلمة' المهدِّئة للرئيس سعد الحريري بعد ظهر امس بالرئيس الشهيد رفيق الحريري، رحمه الله.
ـ 'النهار'
إفشال الوسطاء لمصلحة سيناريو 'الانقلاب'
سركيس نعوم:
عندما أخرج السيد حسن نصرالله قضية الاتهامات لعناصر من 'حزب الله'، وفجّرها علنا في حزيران الماضي، كان قد حسم أمره بأن المسألة لا تعالج داخليا وانما يجب استدعاء تدخل خارجي عربي ودولي. ومنذ تلك اللحظة ارتسم الخيار بين بقاء المحكمة الدولية والمضي في اعداد القرار الاتهامي، وبين الانقلاب على الحكومة والسلطة لنسف الارتباط اللبناني الرسمي بالمحكمة. لم يكن الامر قابلا للتحاور داخليا، ولا على المستوى الثنائي الضيّق بين نصرالله والرئيس سعد الحريري، أو في مجلس الوزراء ولجنة الحوار إلا لعرض مطالب 'حزب الله' وشروطه، وبالتالي حمل الآخرين على التسليم بها.
لم يكن هذا الخيار معبّرا عن الحزب باعتباره مستهدفا بمؤامرة اميركية – اسرائيلية فحسب، وانما عن نقاش وتنسيق مع سوريا وعن توحيد للمواقف والاهداف معها، برعاية ايرانية لا بد منها. وعلى هذه الخلفية نشأت المساعي السعودية – السورية، ومنذ لحظتها الاولى فهم 'فريق 14 آذار' انه سيدعى عاجلا أو آجلا الى تنازلات قاسية لكنه أمل بأن تكون هناك تسوية متوازنة تعوض تنازلاته بمكاسب تعزز دور الدولة والمؤسسات. أما 'فريق 8 آذار' فأشاع ان للدور السعودي وظيفة واحدة هي تلبية مطالبه، فاذا كان له نفوذ على المستوى الدولي، لا سيما الاميركي، فما عليه سوى أن يستخدمه لـ'انقاذ' الحريري وفريقه من المصير الاسود الذي ينتظرهما. وكل ما نقل عن المصادر السورية، ولم يُنفَ، كان يغذي هذا الاعتقاد، وكان ذلك مفهوما لأن دمشق لم تبدل موقفها الرافض أساسا للمحكمة الدولية حتى بعدما سرّب اليها ان التحقيق لم يتوصل الى ما يدينها.
كل الخطوات التي قام بها ثنائي دمشق – 'حزب الله' خلال 'المساعي' إياها، كانت تمهد لـ'الانقلاب' وليس لتسوية.
ـ 'المستقبل'
كيف تتسلل الديكتاتورية في ثغرات الديموقراطية؟
مصطفى علوش:
... أما واقع الحال اليوم فهو واقع التوازن الدقيق القائم اليوم في قضية تسمية رئيس الوزراء. فقد أصبح معلوماً ان كتلة واحدة صغيرة نسبياً هي القادرة على قلب مصير البلاد والعباد من مكان لآخر، ومع العلم أن هذه الكتلة كانت قد انتجت تحت شعارات واضحة وفاقعة لقوى 14 آذار، فإن عملية تهويلية وترهيبية ومخابراتية مستمرة تسعى إلى جرجرة البلاد إلى متاهات جديدة. والواقع هو ان تداخل القوى الإقليمية والدولية أضخم بكثير من قدرة بلد كلبنان على مواجهته بقدراته الذاتية.
المصيبة هي ان استعمال هذه الثغرة الديموقراطية في لبنان في المعطيات الحالية سيؤدي في حال نجاحه إلى تغيير الواقع اللبناني وجعله عملياً تحت السلطة السياسية المباشرة لـ حزب الله صاحب القوة الفعلية وراء هذه الحركة الانقلابية، مما يعني أن هذا البلد سيحكم عملياً بفتاوى من قبل سلطة ولاية الفقيه وهي المرجعية العليا لقرار 'حزب الله'.
كما أن هذا القرار سيستدرج إلى سلسلة من القوانين والقرارات السياسية التي قد تغير وجه لبنان بشكل كامل وتدفع إلى هجرة الاستثمارات والآلاف من الخبرات الواعدة، مما سيفرغ البلد من أي قدرة على المقاومة، ليسقط لبنان تدريجياً في قبضة ايران كما تنبأ سفير ايران الأسبق في دمشق عندما قال: 'لبنان اليوم كحالة إيران عشية سنة 1979، فإذا صبرنا وعملنا بهدوء سيسقط في أيدينا'.
ـ 'الشرق'
كلا يا سيّد حسن
عوني الكعكي:
مع توالي التصريحات التي يدلي بها الامين العام لـ'حزب الله' السيّد حسن نصرالله سمعناه أمس يوجه كلمة بمناسبة أربعينية الإمام الحسين، وقد خرج فيها عن السياق العام للمناسبة، ليشن هجوماً على الفريق الآخر من اللبنانيين، بمن فيهم فريق الرابع عشر من آذار، قائلاً: أنتم أتيتم بإسرائيل لتشن حرباً ضد المقاومة في تموز من العام 2006.
دهشت لدى سماعي هذا الكلام، ولم أصدق ما سمعته أذناي، غير أنني تذكرت المعادلة - التي وردت في البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الحريري - والقائلة بالجيش والشعب والمقاومة، فأين هذه المعادلة مما قاله السيّد، ولماذا ذهب هذا المذهب في تخوين الآخرين واتهامهم بالعمالة؟
إن هذا القول يثير الاستغراب الشديد، خصوصاً أنه يصدر عن أمين عام الحزب.
هذه النقطة الأولى من جملة النقاط التي أتى عليها السيّد حسن نصرالله، أما النقطة الثانية فهي إشارته الى الاستقالات التي جرت مؤخراً من الحكومة، حيث اعتبرها عملاً دستورياً، وهنا نسأل: هل إلغاء اتفاق الدوحة، والذي نص على أن 'لا استقالة من الحكومة في حال نالت المعارضة الثلث الضامن'، فهل الاستقالات عمل دستوري وديموقراطي يا ترى؟
النقطة الثالثة التي نود الاشارة إليها هي قول السيّد حسن نصرالله إن كثيرين في هذا العالم تدخلوا في موضوع الاستشارات النيابية، متصوراً أن نائب الرئيس الاميركي جو بايدن اتصل برئيس كتلة نيابية ما، وطلب منه اتخاذ موقف معيّن.
لا نريد هنا في هذه العجالة أن ندخل في التصوّرات والتهيّؤات، ولكننا نسأل، هل نسي السيّد حسن أو تناسى أنه عقب الانتخابات النيابية الاخيرة طلبت الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا من الرئيس سعد الحريري عدم تأييد نبيه بري في ترؤسه مجلس النواب، ولكن، وكما هو معلوم للقاصي والداني، أصر الرئيس سعد الحريري على تأييد الرئيس بري والعمل على إنجاحه حفاظاً منه على التعايش الوطني وصوناً للبلاد والعباد، ومنعاً للاختلاف.
أحب هنا أن أذكر السيّد حسن بأن ما فعله رئيس الحزب 'التقدمي الاشتراكي' النائب وليد جنبلاط، بانعطافته الأخيرة، لم يكن عملاً اختيارياً حراً، بل جاء نتيجة ضغوط مورست عليه، وما حدث في الجبل من استعراضات عسكرية وحشودات، كانت أكبر دليل على هذه الضغوطات.
ويقال في هذا المجال إن الحرس الثوري الايراني شارك في التجمعات بقمصانه السود في القماطية الاسبوع الماضي؟!
ويستطرد أمين عام 'حزب الله' قائلاً ايضاً: إنهم يقولون إن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي هو من &laqascii117o;حزب الله"، وهو ليس كذلك، فهو وسطي، والهدف من هذا هو التحريض المذهبي.
والحقيقة أن ما جرى هو أن وراء ترشيح الرئيس نجيب ميقاتي الرئيس نبيه بري، الذي احتسب الأصوات فوجدها متساوية إذا ترشح الرئيس عمر كرامي، فكان أن تم ترشيح الرئيس نجيب ميقاتي الذي حظي بثلاثة أصوات طرابلسية.
صحيح أن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ليس من 'حزب الله'، ولكننا نعرف أن الرئيس نبيه بري حليف أساسي لـ'حزب الله'.. أليس كذلك؟! هنا، لا نشك في أن بري 'لعبها'!
في النتيجة، فإن الغضب الذي حصل أمس نؤيده، لكننا نرفض أساليب العنف والاعتداءات بالمطلق.
وفي العودة الى الاستشارات النيابية، وما قاله الوزير محمد الصفدي وصرّح به، ومفاده: هل لا يوجد سني في لبنان غير الحريري؟
هذا القول يدفعنا الى التوقف طويلاً وطويلاً لدراسته، لأن هذا الموقف صادر عن وزير ونائب ترشح الى الانتخابات النيابية الاخيرة على لائحة الرئيس سعد الحريري!!
في مطلق الأحوال، نحن نعرف أن الوزير محمد الصفدي يملك مالاً، ولكننا نعرف كيف جمع هذا المال، وهو يعرف تماماً أنه لو لم يكن في اللائحة التي أشرنا إليها أعلاه وأيدها الرئيس الحريري لما أصبح نائباً.
ولكنه بقي الآن وحيداً، بعدما تخلى عنه شريكه في الكتلة النيابية النائب قاسم عبد العزيز.
ـ 'الشرق'
الفتنة ونيرانها
ميرفت سيوفي:
الرئيس المكلف نجيب ميقاتي حتى الساعة - للأسف - متمسّك بفرض حزب الله له على اللبنانيين، وبمنطق الانقلاب على الدولة والديموقراطية والدستور، رئيس حكومة معين بتهديد السلاح الإيراني، وعلى رغم أنف طائفته وقياداتها ومواطنيها، والوقت وإن كان مازال متاحاً أمامه لحفظ 'بعض ماء وجهه الذي أراقه حباً بالمنصب ولو على دماء شهداء لبنان وعلى رأسهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري' فهدر كرامته وكرامات كثيرة على أعتاب اختيار ولاية الفقيه الإيرانية ليكون ربما إميل لحود 2 ولكن في الرئاسة الثالثة، الوقت مازال متاحاً أمامه للتراجع عن هذه الخطيئة التي ارتكبها في حق لبنان والرئاسة الثالثة وأبناء طائفته قبل أن يُحرق بيديه ما تبقى من احترام كان يكنه له كثيرون وجدوا فيه رجل دولة لا 'انتهازي فرص'!!
كان واحداً من أكبر الأخطاء التي ارتكبها جمهور 14 آذار هو سيره وراء 'خدعة' وليد جنبلاط 'الانتخابية' التي أسماها في العام 2005 'عدم عزل' الطائفة الشيعية، كان الرجل مدركاً أنه عاجلاً سيحتاج إلى أصوات الحزب في معركته الانتخابية ليظل نائباً، نفس المنطق في عدم عزل طائفة كبرى تجاهله وليد جنبلاط فعزل رأس أكبر طائفة في لبنان وقيادتها السُنية المنتخبة برلمانياً وعبر أصوات جمهورها ومن دون أن يرف له جفن!!
أما السيد حسن نصر الله الذي وزع علينا في الأمس 'خبز مائدة خطاباته المعتاد' من تهم التآمر والخيانة، طالباً منح نجيب ميقاتي فرصة عام، فنقول بإزاء هذه المناورة الجديدة، أو 'الخديعة الفرصة' التي دعا إليها بالأمس، أنتم قوم لا يؤمن جانبكم ولا عهد ولا مواثيق لكم، جربناكم بعد اتفاق الطائف، وعايشنا عداوتكم للرئيس الشهيد رفيق الحريري، وجربناكم في 8 آذار 2005، وبعد حرب تموز 2006، وخبرنا 'فرعنتكم' في 7 أيار العار المجيد، وآخر مآثركم اتفاق الدوحة الذي نكثتم كل عهوده، وباتت مناوراتكم وخدعكم وتقيتكم مكشوفة ومعروفة من كل اللبنانيين، أنتم تحتاجون عاماً واحداً بعد - بحسب التوقيت الإيراني - للإجهاز على ما تبقى من الدولة وللإطاحة برئيس الجمهورية اللبنانية، وإعلان قيام 'الجمهورية الإسلامية في لبنان'، بحيث يصبح لبنان خاضعاً كلياً لسلطة وفتاوى مرشد الجمهورية الإيرانية، والخدعة هذه لن تمر، فمن دونكم ومن دونها أكثر من نصف الشعب اللبناني لتحقيق هذا الحلم المستحيل!!
ـ 'الأنوار'
من كلفة التكليف الى كلفة التأليف
رفيق خوري:
... أما المشهد اللبناني، فانه كان كثير الدلالات في يوم بدا كأنه يومان: يوم حداد شيعي في أربعين الإمام الحسين سلّط خلاله السيد حسن نصرالله الضوء على التاريخ ودروسه وحاول التخفيف من وقع النصر السياسي في الموضوع الحكومي بالحديث عن الشراكة وزهد حزب الله بالسلطة ونفي الصورة السائدة عن حكومة يديرها الحزب. ويوم غضب سني شهد انفلاتاً في الشارع وسقط فيه جرحى وتعديات على الاعلاميين، بحيث اضطر الرئيس سعد الحريري لتهدئة أنصاره والقول إن الغضب لا يكون، ولا يصح أن يكون بقطع الطرق واحراق الدواليب والتعدي على حرية الآخرين.
ـ 'الشرق الأوسط'
التشبه بأخلاق 8 آذار
عبد الرحمن الراشد:
سعد الحريري ليس الأول الذي يفقد حقه ظلما في رئاسة الوزراء، فالرجل يمثل أغلبية السنة في البرلمان، عشرون نائبا سنيا معه، وسبعة فقط مع منافسه نجيب ميقاتي. فقد سبق أن ظلم والده، وأقصي سياسيا، ثم قتل بعدها. وعلى نفس قاعدة قهر الغالب لصالح المغلوب أبعد قبله إياد علاوي، الزعيم الشيعي العراقي، مع أنه كسب أعلى الأصوات في انتخابات بلاده. فرضت إيران مطلبها بإقصائه من رئاسة الحكومة العراقية لأنه ليس من أتباعها، وهكذا كان.
ومع وضوح الضيم الذي ألحق بالحريري، إلا أن مظهر أتباعه لم يكن حضاريا، حيث أضحى &laqascii117o;الطرف المحترم" مثل الطرف الآخر الذي نتهمه بالشوارعية. كان مظهرا شاذا أن يخرج غوغاء الشارع يهاجمون الغير، يحرقون، ويقطعون الطرق. صورة لا تليق بفريق 14 آذار الذي ميز نفسه في العالم العربي بأنه الفريق الذي يحترم الأصول، ويرفض التخويف، ويتمسك بقيم يفاخر بها، وهي بالفعل رجحت كفته في ميزان المقارنة وأكسبته التعاطف والتأييد على مستويات مختلفة. أفسدت الغوغاء، ومن كان خلفها، صورة المعسكر النقية من أن 14 آذار فريق يفرض احترامه دون أن يشهر مسدسا أو يحرق مكتبا. بشعاراته، ومواقفه، وبحقائق الأرض أسس لأخلاقيات راقية، حيث حافظ يتامى السياسيين والفريق الأعزل على صموده، وكسب الانتخابات، ومارس وظيفته. أحرج الفريق الآخر المدجج بالسلاح ولغة الشتائم و&laqascii117o;زعران" الشوارع. لكن بعد أحداث أمس كنت واثقا من أن السيد حسن نصر الله سيخرج فرحا سعيدا معلنا للعالم: كلنا &laqascii117o;زعران" مثل بعض، وهذا ما حدث.
على مستوى أكبر، عالج الحريري خسارته لمنصب رئاسة الحكومة بروح لا تعكسه. كان متوقعا منه - عندما هزم من الطرف الآخر الذي نصب نجيب ميقاتي - أن يمد يده إلى رئيس الحكومة الجديد ليس فقط لأنه صار رئيس وزراء شرعيا للبنان، بل أيضا لأن ميقاتي منافس محترم.
ـ 'الحياة'
أضعف الإيمان - معارضة لبنانية مستنسخة
داود الشريان:
بات واضحاً أن &laqascii117o;كتلة المستقبل" هُزمت. أُجبرت عنوة على الجلوس في مقاعد المعارضة. لكن أحداً لم يفرض عليها اللعب بأدوات سلفها وخطابه، ففعلت، وبطريقة لا تحسد عليها. قبل إعلان النتيجة، سعت المعارضة بالإكراه، الى فرض شخص رئيساً للحكومة بلغة الشارع، وحرق الإطارات. مارست ما كانت تنهى عنه خصومها وتعيّرهم به.
سعد الحريري هدّد بلغة الوعيد بيوم آخر. وتمسك بعض نواب كتلته بخطاب مذهبي صارخ جعل خطاب الأمة يشبه شعارات الطوائف. استنسخ لغة بعض نواب &laqascii117o;حزب الله" حين كان الأخير يمثل المعارضة. إقصاء سعد الحريري ليس آخر المطاف. لكنه يعتقد أن قانون المحكمة يشترط استمراره رئيساً أبدياً للوزارة. والده اختصر السنّة في شخصه، وهو يمارس هذا الاختصار، لهذا فإن المعركة السياسية الراهنة ستحدد موقع الحريري في محيطه. وهو إن استمر في الرهان على وهم الشارع فإنه بالتأكيد سيصبح رهاناً خاسراً لمحيطه والدول الإقليمية.
كان المطلوب أن يقبل سعد الحريري قواعد اللعبة الديموقراطية التي تدعيها الساحة السياسية في لبنان. يكتفي بالانسحاب من تشكيل الحكومة، ويترك &laqascii117o;المعارضة" تدير التشكيل. ويتبنى &laqascii117o;الحقيقة" من موقعه الجديد، ويتخلّص من أعباء الحكم ومشاكله، ويربك بعض الإعلام اللبناني، الذي عاش في المرحلة الماضية على رفع صوته ضد المحكمة، بقضايا الفساد والمحسوبية. لكن خبرة سعد لم تسعفه. ويبدو أنه ماض في استعذاب التجربة الفلسطينية التي كرست دور &laqascii117o;حماس". وهو اليوم يكرس دور &laqascii117o;الحزب" بوسائل حزبية، وربما خسر الحريري قضية بخسارة البلد برمته، وعوضاً عن أن تكون المحكمة الدولية الخاصة بلبنان باباً لمرحلة جديدة تصبح وسيلة لدمار لبنان وتمزيقه.
نجيب ميقاتي هو الرئيس المكلف. والسياسة تقتضي التعامل مع ترشيحه بعقل بارد، والإبقاء على الاعتراضات في الإطار السياسي، وطالما أن الدول الغربية تتحدث عن حماية المحكمة ورفض التنصل منها، فمن الحكمة الانتظار. فالتجييش والصراخ المذهبي اللذين تورط بهما &laqascii117o;تيار المستقبل" سيتحوّلان لاحقاً الى ذريعة لرد فعل أشد. وهنا تتساوى الأطراف بالإضرار بمصالح الناس وأمن البلد ومستقبله، وسد الأفق السياسي.
ـ 'الحياة'
&laqascii117o;المارد السني" الخائف
حسام عيتاني :
على من هتف لخروج &laqascii117o;المارد السني" من قمقمه أن يشعر بالرعب قبل غيره. ذلك أن انضمام مارد جديد إلى مَرَدة الطوائف الأخرى لن يزيد الطائفة السنية في لبنان سوى انخراط في سياسات الخوف والعزلة والهوية المذعورة.
السياسات تلك هي ما يرسم إطار الدائرة المقفلة التي يسير اللبنانيون فيها منذ أعوام: يخشى الشيعة من إسرائيل والدمار الذي تهددهم به ليل نهار. ويخشون على سلاحهم أن يُنتزع من قبل قوة عاتية تأتيهم على غفلة منهم. ويخشون خسارة المكتسبات التي حققوها في مؤسسات الدولة وزيادة حصتهم في السلطة منذ اتفاق الطائف عام 1989.
ويخاف السنّة من تلك الاغتيالات التي تلاحق كل شخصية تبرز وتتميز من بينهم، من رياض الصلح إلى رفيق الحريري مروراً برشيد كرامي وحسن خالد وكثر غيرهم. حتى بات البعض يعتقد أن مؤامرة تديرها أطراف عدة ترمي إلى منع السنّة اللبنانيين من إنتاج زعامات وكوادر على المستوى الذي تستحقه طائفتهم. ويخافون من صعود الطائفة الشيعية ورمزها الأهم، هذه القوة العسكرية التي نازلت إسرائيل وهزمتها في أكثر من موقعة ومواجهة، والحاملة خطاباً مذهبياً صريحاً. ويخاف السنّة من ارتقاء الشيعة اجتماعياً واقتصادياً وعلمياً في حين يرون أنفسهم في أسفل السلم الاقتصادي- الاجتماعي اللبناني. ويخافون من الحيوية الشيعية المدعومة سياسياً ومالياً وعسكرياً من قوى إقليمية دائمة الاستنفار، مقابل بلادة مقيمة عند قيادتهم ونخبهم واسترخاء مبالغ في معسكر &laqascii117o;الاعتدال العربي".
أما المسيحيون فيخافون الشيعة والسنّة معاً. النموذجان اللذان يقدمهما أنصار &laqascii117o;الإسلام السياسي" بشقيه الشيعي والسني، يتعارضان جذرياً مع كل القيم التي يقول المسيحيون أنهم يحملونها في هذا الشرق، منذ ألفي عام أو على الأقل منذ إنشاء علاقة مؤسسية مع الكنيسة الغربية في القرن السادس عشر. فلا ولاية الفقيه ولا الإمارة الإسلامية، أي الحدان الأقصيان لمشروعي الإسلام السياسي، يمكن أن ينطويا على ما يقنع المسيحيين اللبنانيين بالانخراط في أي منهما انخراط المؤيد الواعي. ويتراوح التحالف المسيحي مع القوى المذهبية الإسلامية المختلفة بين حدي التذاكي ومحاولة الاستيعاب. وسيكتشف المتذاكون المسيحيون، مثلما اكتشف اليساريون قبلهم، زيف أوهام توظيف الإسلاميين لمصالحهم الخاصة. فشل الاستيعاب سيأتي بطيئاً.
كما يُظهر تحريك الشارع على النحو الذي جرى فيه، خسارة 14 آذار لَبِنَة جديدة من خطاب عابر للطوائف موجه الى الحساسيات الوطنية العامة، بعدما صار الكلام يندرج في سياق الاحتجاج على &laqascii117o;تعيين الجندي في ولاية الفقيه زعيم السنّة". وما من أحد ساذج إلى حد تصوره تحميل القوى &laqascii117o;الاستقلالية" همّاً يزيد عن مصالحها المباشرة. بيد أن انفراط عقد قوى 14 آذار وعودتها الى مكوناتها الطائفية والمذهبية الأولية لا يصب في مصلحة أي مشروع وطني في لبنان. و &laqascii117o;المارد السني" الذي بشّر خطيب طرابلس بخروجه من قمقمه ليس إلا علامة جديدة على ضياع المشروع ذاك.