قضايا وآراء » قضايا وآراء مختارة من الصحف اللبنانية الصادرة الجمعة 28/1/2011

- 'النهار'
'وثائق' الجزيرة الفلسطينية: فضائح غير استراتيجية !؟
جهاد الزين:

في كل 'العاصفة' الاعلامية – السياسية التي أثارها كشف قناة 'الجزيرة' لما قالت عنه القناة انه وثائق رسمية عن محاضر اجتماعات بين مسؤولين من 'السلطة الوطنية الفلسطينية' وبين مسؤولين اسرائيليين خلال عهدي حكومتي إيهود أولمرت وبنيامين نتنياهو... في كل هذه 'العاصفة' هناك نقطتان تستحقان التوقف لنرى ما إذا كانت المواقف التي قدمها مسؤولو فريق الرئيس محمود عباس ترقى إلى مرتبة التنازلات الاستراتيجية غير المعروفة أو غير المتوقعة وبالتالي الى مرتبة 'الخيانة' كما قال بعض أخصام 'السلطة'... أم لا؟ النقطتان الأكثر حساسية في حدود ما سمعنا – وليس ما قرأنا على الورق مباشرة – على شاشة 'الجزيرة' لأنهما الأكثر استراتيجية قياساً بالسياق التاريخي للقضية الفلسطينية منذ نشوئها... هما:
1 - عودة اللاجئين.
2 - مصير القدس الشرقية.
بالنسبة للنقطة الأولى... تبعاً لما أظهرته أوراق 'الجزيرة' فإن هذه الأوراق تكشف ما هو غير مألوف التصريح العلني به على كل المستويات العربية الرسمية، لا الفلسطينية فقط. ولكن 'غير المألوف' هذا يعتبر في جميع العواصم العربية والغربية من 'مسلمات' الحل المقبل للصراع الاسرائيلي – الفلسطيني. فعودة اللاجئين في الشتات سيكون مسلماً بها إلى داخل حدود الدولة الفلسطينية التي ستنشأ، في حين أن ترضية ما ستحصل لاعطاء 'حق العودة' الى قسم محدود من اللاجئين الى داخل اسرائيل والجدل دائر دائماً حول نسبة هذه الترضية المحدودة منذ أيام الرئيس ياسر عرفات. لكن المعطى الأهم هنا والذي تعرفه حركة 'حماس' التي اتخذ زعيمها خالد مشعل موقفاً مؤيداً واضحاً لقيام الدولة الفلسطينية ضمن حدود العام 1967 أي في الضفة الغربية وقطاع غزة... هذا المعطى هو أن 'حق العودة' سيكون مفتوحاً ومطلقاً إلى داخل الدولة الفلسطينية لا داخل اسرائيل.من هذه الزاوية لا تقول الوثائق شيئاً جديداً. إنها 'فقط' تكشف معطى غير معلن قائماً ومكرساً في 'فلسفة' حل الدولتين. لأن هذا 'الحل' كمشروع – انتقل الآن من الزاوية الفلسطينية ليس إلى تكريس عودة اللاجئين إلى إسرائيل وإنما إلى حماية بقاء 'عرب 1948' داخل الدولة العبرية !
2- النقطة الثانية المتعلّقة بالقدس الشرقية، وهي بالنسبة للعالم الإسلامي كما للعالم العربي أكثر أهمية – وحساسية – حتى من مصير 'حق العودة'.في الأوراق التي 'سمعناها' هناك جديد واحد غير معروف في 'التنازلات'. إنه كشف 'الأوراق' قبول بعض مسؤولي 'السلطة' في المفاوضات مع اسرائيل بالتخلي عن جزء من الحي الأرمني داخل القدس الشرقية. في حين أنه من شبه المؤكد أن الرئيس ياسر عرفات كان قد قبل بالتخلي عن 'الحي اليهودي' من القدس الشرقية. وما رفضه الرئيس ياسر عرفات في مفاوضات كامب ديفيد هو اقتراح رئيس الوزراء إيهود باراك بتقسيم الحرم الشريف بين 'سطح' وما عليه تابع للسيادة الفلسطينية وبين ما تحت السطح تابع لاسرائيل! (إضافة طبعاً إلى رفضه خارطة المستوطنات الاسرائيلية التي ستبقى داخل الضفة الغربية وتجعل 'الدولة' غير قابلة للحياة عملياً).لا يظهر مما سمعنا عن 'الوثائق' على شاشة 'الجزيرة' أن التنازلات الفلسطينية وصلت إلى هذا الحد غير المسبوق أي القبول بتقسيم باراك بين 'سطح' وما تحت السطح لمنطقة المسجد الأقصى والمقدسات المجاورة لها.
3- هذا لا يعني أن الوثائق خالية من تنازلات أخرى غير مألوفة. خصوصاً بالنسبة للنقطة الثالثة الاستراتيجية بالنسبة للدولة الفلسطينية وهي مصير المستوطنات أو بعضها لا سيما حول القدس. لكن لا يمكن التأكد عملياً من أن المفاوض الفلسطيني خرج في هذا الموضوع عن الإطار العام الذي رسمه الرئيس عرفات، اللهم إلا إذا كان تراجع إيهود أولمرت عن خارطة إيهود باراك في كامب ديفيد أي 'تضييق' أولمرت لمساحة انتشار المستوطنات قد استوجب بعض التنازلات الاضافية 'الاستيطانية' الفلسطينية في محيط 'الخط الأخضر'.عدا ذلك... لا نجد في ما أذاعته 'الجزيرة' سوى 'فضائح' شخصية سياسية أكثر مما نجد تراجعاً استراتيجياً غير متوقع في السياق المعروف للمفاوضات حول المسائل الأساسية. وهذا يجعل وثائق 'الجزيرة' أقرب إلى 'ويكيليكس مصغرة' تذكيراً بألوف الوثائق التي نشرها 'موقع ويكيليكس' حول الديبلوماسية الأميركية والتي في النتيجة لم تكشف معطيات تتخطى الخط الأحمر الذي يهدد عملياً الاستراتيجيات الأميركية وإنما كشفت عن العديد من 'سلوكيات' سياسية شخصية لمسؤولين على مستوى رفيع في العديد من دول العالم.فأن تشجّع بعض قيادات 'السلطة' إسرائيل على القضاء على 'حماس' أو اضعافها هو نوع من الفضائح المعروفة والمتوقعة في السياسة الفلسطينية. فالعداوة بين 'حماس' و'فتح' باتت عميقة وتقع على خط صراع إقليمي – دولي كبير!. الدولة الفلسطينية' كديناميكية جادة وحيوية عادت تتقدّم من خارج 'نواة الدولة' في الضفة. انها ديناميكية تصميم المجتمع الدولي فعلاً وفي قيادته النظام الدولي على تأسيس هذه الدولة. يأتينا الغيث من آخر الدنيا من أميركا الجنوبية بدءاً من أقرب مناطقها إلى القطب الجنوبي... عبر الاعترافات الحاسمة المتواصلة من دول عديدة، بل من بعض أكبر دول أميركا اللاتينية على قاعدة حدود 1967... أي مثل اعتراف خالد مشعل... بـ'دولة' آتية بقوة إلى داخل النظام الدولي. المهم الآن هو إنقاذ حدود 1967 وعلى رأسها القدس الشرقية ولا سيما القدس القديمة. عدا ذلك... الاعترافات الأميركية اللاتينية فالروسية فبعض الأوروبية الغربية كبريطانيا وارلندا هي أقوى ليس فقط من 'الوثائق' المذاعة بل حتى من المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية نفسها... حتى الآن.


- 'النهار'

المراجعة النقدية الضرورية لأداء فريق 14 آذار
رويدة سام منسى ـ واشنطن:

بعد ان رسا هذا الفصل من فصول الأزمة اللبنانية المستمرة، بعد إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، على تكليف الرئيس نجيب ميقاتي مرشح ما يسمى المعارضة او فريق 'حزب الله' وحلفائه وإبعاد سعد الحريري ومن يمثل عن الحكم بالوسائل الديموقراطية، اقله في الظاهر، من الفائدة ان يُلقى الضؤ على بعض الوقائع، حتى لا أقول الحقائق، علّها تساهم في مراجعة اداء فريق 14 آذار ما قد يساعد على التعاطي مع المرحلة المقبلة والحد من الخسائر والضرر الذي سوف يترتب جراءها بعد ان تبدأ هذه الحكومة اعمالها إن قُدِّر لها ان تبدأ.
اولا: ضياع فرصة لا تعوض اتاحتها تداعيات إغتيال الرئيس الحريري وسلسلة الاغتيالات التي لحقت، والتي تجلت بتطابق مواقف أكثرية القادة والسياسيين في الطائفة السنية مع الشعارات التي حارب من اجلها المسيحيون اقله منذ العام 1975، وملخصها شعار 'لبنان اولا' قبل القضايا الاقليمية كافة. وتجدر الاشارة هنا الى ما عبرت عنه صرخة احد الناشطين من ابناء الطائفة المارونية بعد تظاهرة 14 آذار: 'لقد سرقوا شعاراتنا... ماذا نفعل؟'. وفي الواقع ان قسما كبيرا من المسيحيين تجاوز حدود الاستهجان الى الرفض والاصطفاف ضد الغالبية السنية وشعاراتها ومطالبها في حلف مناهض لسنا في هذا المجال بصدد مقاربة اسبابه ودوافعه. والنتيجة ادت الى تعميق الهوة بين بعض المسيحيين والسنة اضافة الى الخلاف القديم والمتجدد بين المسيحيين انفسهم، عوض ان تتيح السنوات الست المنصرمة الفرصة لميثاق اسلامي - مسيحي جديد على قاعدة الجوامع المشتركة عماده غالبية المسيحيين مع غالبية السنة يؤسس لاحتضان الطائفة الشيعية كمكون رئيس اساسي لا غنى عنه في النسيج اللبناني.
ثانيا: النقطة الثانية التي امكن رصدها عبر السنوات الست المنصرمة 2005 – 2011 لدى فريق 14 آذار هي عدم وضوح الرؤية وتحديد الاهداف والوسائل لتحقيقها اضافة الى ضعف التنسيق وتفرد بعض الاطراف بمواقف دون الاطراف الأخرى. ان الانطباع الذي يتولد عند المراقب لأداء فريق 14 آذار خلال هذه الفترة الطويلة نسبيا هي سياسة تدوير الزوايا والسباحة في المناطق الرمادية وقد بدأت منذ انتخابات العام 2005 ولا تزال مستمرة. ان سرد بعض المحطات المواقف وهي ليست على سبيل الحصر، لا يسعى الى نكء الجراح بل للإفادة من التجارب:
- اجهاض الغليان الشعبي لدى كل الطوائف وفي كل المناطق. والذي بلغ ذروته في 14 آذار 2005 عبر التردد بالحسم وباتخاذ اجراءات للامساك بزمام الامور واهمها التردد باسقاط رئيس الجمهورية الممدد له قسرا جراء الضغوط السورية - اتفاق الدوحة شكلا ومضمونا - التردد بحسم انتخابات رئاسة الجمهورية - التخلي عن عدد من الحلفاء في الانتخابات النيابية الأخيرة - انتخاب الرئيس بري رئيسا للمجلس النيابي – البيانات الوزارية والمواقف الملتبسة من مقاومة 'حزب الله' – التمسك بالقرار 1701 والمقاومة في آن واحد
- زيارات الرئيس الحريري الى سوريا بسبب او من دون سبب – زيارة ايران - التصريح الشهير الى صحيفة 'الشرق الاوسط' وتبرئة سوريا من الاتهام السياسي باغتيال الرئيس الحريري – احاطة المبادرة السورية السعودية بغموض مريب ادى الى تفاسير وتأويلات اسست لارضية صالحة لاي رئيس حكومة بعد الرئيس الحريري ان يختبئ وراءها للنيل من المحكمة الدولية.ماذا حصد فريق 14 آذار مقابل كل التنازلات وسياسة تدوير الزوايا سوى اصرار الفريق الآخر، ومنذ العام 2005 على سياسة القضم اولا ثم الانقلاب التدريجي واخيرا المجاهرة برغبته واصراره على الاستيلاء على السلطة وبكل الوسائل.وفي هذا المجال لا بد من ان نشير الى ان فريق 'حزب الله' يعرف ماذا يريد ويجاهر بعلاقاته بحلفائه بينما أداء فريق الاكثرية يولد الانطباع بأنه لا يعرف ماذا يريد ولم يحدد بعد من هم حلفائه.
ثالثا: إن مقاربة سلاح المقاومة، وهو القضية الاساس منذ قبل اغتيال الرئيس الحريري وتداعياته، اقل ما يقال فيها انها مقاربة عادية لمشكلة اساسية استثنائية ومن شأن استمرارها على ما هي عليه أن يؤدي الى تقويض تسويات المشاكل والقضايا الاخرى كافة.مع وجود السلاح بيد 'حزب الله' يتعذر التوصل الى اية تسوية لأي شأن، اللهم الا اذا كان المقصود بالتسوية 'باللبناني' المتداول هو التسليم بمشيئة الحزب ورؤيته للقضايا كافة والامثلة كثيرة لسنا بحاجة الى تعدادها.ان كل المقاربات لسلاح 'حزب الله' خلال السنوات الست المنصرمة لم تؤدِّ الا الى زيادة حدة المشكلة وتعقيدها وبات الانطباع لدى اكثر من مراقب ان فريق 14 آذار سلم بوجود السلاح بيد الحزب شرط توجيهه الى اسرائيل وبتنا اليوم بصدد السعي لانقاذ الحزب من تداعيات القرار الاتهامي والمحكمة الدولية بينما الاساس هو كيف نخلص شيعة لبنان واللبنانيين كافة من سلاح 'حزب الله'؟!!كيف يمكن التوفيق بين المطالبة بنزع سلاح الحزب وتضمين البيان الوزاري دعم المقاومة ؟ كما ان المسؤولين وحتى بعض اطراف 14 آذار باتوا يتحدثون في بعض المناسبات عن ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة مع التأكيد على تنفيذ القرار 1701.وفي هذا الصدد ان ما يصدر عن الجيش اللبناني من بيانات حول حماية السلم الاهلي والضرب بيد من حديد على الذين يعبثون بالأمن والاستقرار باتت تثير الضحك والبكاء في أن معا. هل العبث بالامن والاستقرار هو القيام باعمال شغب وغيرها من الاعمال العسكرية فقط ام ان التهديد بالسلاح والاستعراضات شبه المسلحة والتماهي بترسانات الصواريخ والبنى التحتية لدولة برمتها ضمن الدولة اشد خطرا؟.
رابعا: ان المراقب من الخارج للاوضاع في لبنان يلفته تنامي وتمدد دور واهمية 'حزب الله' في الحياة السياسية اللبنانية حيث بات ممسكا بمفاصل العملية السياسية برمتها. اما الفريق الآخر فتقتصر مواقفه على الرد وغالبا في اتخاذ موقف المدافع. ويندر ان لاحظنا موقفا هجوميا واحدا. هذا في الشكل اما في المضمون، هل يمكن للحياة السياسية ان تستقيم بوجود حزب مسلح يشكل اكبر قوة سياسية هي اليد العسكرية والايديولوجية لدولة اقليمية كبرى هي ايران لها اهدافها ومشاريعها في الاقليم؟. لبنان متعدد يضم 18 طائفة هل يحكم بفريق واحد ينتمي الى طائفة واحدة صاحب ايديولوجية دينية متشددة اصولية تهدف الى انشاء دولة اسلامية ولو في المستقبل البعيد؟. لا يحتاج الجواب الى كثير عناء للاستنتاج ان هذا الوضع او هذه الحالة هي غير ميثاقية طالما يكثر الكلام في هذه الايام عن الميثاقية.يرد البعض انها دعوة لعزل 'حزب الله' على غرار عزل الكتائب في العام 1975 وهو امر مستحيل في هذه الظروف، انما ايضا الاستمرار بالتكاذب وتجاهل الحقيقة وطمر الرأس بالرمال لن يستمر ولن تستقيم الاوضاع ويتأمن التعايش بين مكونات المجتمع اللبناني بوجود قوة عقائدية مسلحة في بلد متعدد محكوم بتوازنات طائفية.
خامسا: الموقف من اسرائيل - باتت قضية اسرائيل بمثابة الفزاعة حينا والشماعة التي نلقي عليها مشاكلنا وجرائمنا وعقدنا كافة حينا آخر.ان مهاجمة اسرائيل ولو بالكلام بمثابة آلة الغسيل التي تخرج منها طاهرا نظيفا مغفورة لك كل الخطايا والجرائم.الموقف من اسرائيل ينبغي ايضا مواجهته من دون عقد بدءا من احتلال مزارع شبعا الى الموقف من تسوية النزاع العربي - الاسرائيلي برمته.ويجدر التساؤل لماذا محكوم على لبنان واللبنانيين بموقف من اسرائيل اكثر تشددا من السلطة الفلسطينية ومن حركة 'فتح'؟ لماذا لا يكون سقف الموقف من اسرائيل هو موقف السلطة الفلسطينية.ان اسرائيل تحتل كل ارض فلسطين التاريخية باستثناء غزة ومحمود عباس وسلام فياض وحركة 'فتح' يكررون في كل مناسبة التخلي عن خيار العنف والمقاومة وبات السلام خيارهم والمفاوضات، نعم المفاوضات فقط، سبيلهم اليه.الموقف الواضح ضروري في هذه المرحلة، وهو ان السبيل الوحيد لاسترجاع ما تحتله اسرائيل من اراض لبنانية هو المفاوضات لا غيرها.كثيرون يرفضون تلك المقاربة للنزاع مع اسرائيل انما كل الذي جرى وسوف يجري في الايام المقبلة يؤكد ضرورة اعتماد تلك المقاربة اقله ان تكون مادة للحوار والدراسة.ان لبنان دخل مرحلة جدية - قديمة في آن واحد، انها جديدة لأنها قد تقلب المعادلة التي رست بعد اغتيال الرئيس الحريري وحتى اسقاط حكومة سعد الحريري. وهي مرحلة جديدة لأنها قد تكون المرة الاولى في تاريخ لبنان الحديث يحكم البلد بقوة سياسية عسكرية على غرار 'حزب الله'. ولن تنفع محاولات ستر الحقيقة بحلفاء الحزب وعدد من الشخصيات التي توصف بالوسطية والاعتدال لانها لن تشكل اكثر من واجهة لسياسة الحزب على الصعد كافة.اما لماذا هذه المرحلة هي قديمة ايضا فلأنها سوف ترجع عقارب الساعة الى 14 شباط 2005 واعادة العقارب الى الوراء هي سياسة سورية بإمتياز عرفها لبنان جراء الحرب على اتفاق 17 ايار وتشكيل حكومة الاتحاد الوطني يومها برئاسة الرئيس رشيد كرامي، رحمه الله.انها سياسة قديمة سوف تعيد سياسة الاقصاء مع تبديل في الاسماء والطوائف وكما حصل مع التمثيل المسيحي على مدى سنوات قد يحصل بالتمثيل السني.انما اكثر ما يبعث الى القلق ان المنطقة برمتها شهدت تغييرات عدة والمستجدات الطائفية والتجاذب المذهبي على اشده ما قد يحرك اصوليات سنية متشددة نائمة حتى الآن تدخل البلاد في نمط جديد لم تشهده الحرب الاهلية المستمرة منذ العام 1975 بالرغم من اعتقاد البعض اننا نعيش في سلم اهلي ينبغي حمايته.


- 'النهار'

التلاقي ضد الاستبداد بين ثورة الأرز وثورة الياسمين.. نجيب ميقاتي والعقد الثلاث
عبد الكريم أبو النصر:

العقد الأساسية والجوهرية الثلاث التي أحبطت، وفقاً لمصادر ديبلوماسية أوروبية وعربية وثيقة الاطلاع في باريس، الجهود السعودية والعربية والاقليمية والدولية لإيجاد حل سلمي وجدي ومتوازن للأزمة اللبنانية ولقضية المحكمة الخاصة مقبول لدى كل الأفرقاء ستواجه نجيب ميقاتي المكلف تأليف حكومة جديدة بتفويض من حلفاء دمشق وخارج نطاق التوافق الوطني بعد إسقاط حكومة سعد الحريري ، وهذه العقد هي الآتية:
أولا العقدة السورية. فنظام الرئيس بشار الأسد يتحكم به، أكثر من أي وقت، وربما بسبب اقتراب موعد صدور القرار الاتهامي، هاجس العودة الى مرحلة ما قبل الانسحاب السوري من لبنان في نيسان 2005 وتقليص الحماية العربية والدولية لهذا البلد. ولذلك يحاول النظام السوري الافادة من الأزمة المعقدة والخطرة، الناتجة أساساً من تشدده وتشدد حلفائه في التعامل مع قضية المحكمة، ليعزز نفوذه في لبنان على نطاق واسع مما يحد في تقديره من الانعكاسات السلبية المدمرة عليه وعلى حلفائه لأي قرار تصدره المحكمة الخاصة لبنان قريباً ويتهم عناصر من 'حزب الله' وأشخاصاً غير لبنانيين بالتورط في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه. وتصطدم الحملة التي يقودها نظام الأسد لمحاولة 'استعادة' لبنان بعقبات جدية عدة داخلية وعربية وإقليمية ودولية مما يزيد الأوضاع تعقيداً.
ثانيا العقدة الانقلابية. يتحرك 'حزب الله' وحلفاؤه ضمن إطار الاستراتيجية السورية لمحاولة 'إستعادة' لبنان، وهم لذلك لم يجروا مع سعد الحريري والاستقلاليين منذ بدء الأزمة مطلع الصيف الماضي حتى اليوم أي مفاوضات جدية حقيقية تنسجم مع منطق المشاركة الوطنية الصحيحة في السلطة وفي اتخاذ القرارات وتقوم على الأخذ والعطاء وعلى تقديم التنازلات المتبادلة ومراعاة مصالح كل الأفرقاء ومطالبهم، بل اعتمدوا سياسة الاستقواء وأسلوب الاملاءات ونهج فرض المطالب والشروط على الآخرين والتهديد المستمر بقلب الأوضاع وتعطيل الحياة العامة وصولاً الى استخدام العنف والسلاح ضد خصومهم السياسيين كي يرضخوا لهم ويقدموا كل التنازلات المطلوبة منهم من اجل تعطيل عمل المحكمة ومحاولة فرض سيطرتهم على البلد.
ثالثاً عقدة الحل غير المتوازن. رفض المسؤولون السوريون وحلفاؤهم كل صيغ الحلول اللبنانية والعربية والاقليمية والدولية التي تحقق العدالة والاستقرار معاً وتمسكوا منذ البداية حتى اليوم بصيغة حل واحدة يحققون فيها كل ما يريدون ويخسر فيها الحريري والاستقلاليون كل شيء وتهدف الى تعطيل عمل المحكمة ونزع الشرعية اللبنانية عنها من دون معالجة أي من المشاكل المهمة العالقة في لبنان. وفي المقابل يبدو واضحاً من الاتصالات والجهود المختلفة ان الحريري والاستقلاليين يستعدون منذ البداية، لقبول الحل العادل والمتوازن للأزمة القائم على التنازلات المتبادلة والذي يضمن العدالة والاستقرار معاً ويضع حداً نهائياً لإخضاع لبنان لنهج الاغتيالات السياسية ويؤمن مصالح كل الأفرقاء وحقوقهم المشروعة، لكنهم يرفضون كلياً مشاريع الحلول الانتحارية المدمرة لهم وللبنان المستقل السيد والمعطل لعمل المحكمة. الا ان هذه الرغبة في التوصل الى حل عادل ومتوازن أحبطتها العقد الأساسية الثلاث...


- 'الأخبار'
إنصافاً لعكار من تهمة &laqascii117o;الغضب" البشع
جوزف عبد الله:

لعله لا يكفي عكار ما يلحق شعبَها من ظلم تاريخي في إهماله وتهميشه وتجويعه وتجهيله لدرجة &laqascii117o;استحماره"، حتى تأتي التعليقات شبه مجمعة على تحميله مسؤولية بشاعة مشهد &laqascii117o;الغضب" في ساحة &laqascii117o;النور" الحريري الطرابلسية.أجمعت وسائل الإعلام تقريباً، على تصوير ما ظهر من بشاعة يوم الثلاثاء في طرابلس، كأنّه صناعة عكارية. يُطل مشهد &laqascii117o;يوم الغضب" على الشاشات ضعيفاً في مشاركة الطرابلسيين، فلا بد من &laqascii117o;انتظار الترياق الآتي من عكار"، ويكتمل مع &laqascii117o;الاستعانة بأهل عكار". ولا يبخل الإعلام على أهل الضنية بنصيبهم. لكن الاعتماد هو على عكار. خلاصة التقارير الإعلامية، تجعل المشاهد للفضائيات يستذكر توصيف سكان جبل لبنان للمقاتلين المسيحيين الذين استقدمهم آل الجميّل وشمعون في أواخر السبعينيات من بعض قرى عكار للمدافعة عن الكانتون المسيحي بوصفهم بعبارة &laqascii117o;وحوش عكار"! واليوم يتكرر المشهد باستقدام فئة من العكاريين للمدافعة عن &laqascii117o;كيان" طائفي للسنّة، فيوصف أبناء عكار بوصمة &laqascii117o;الغضب" البشع. فهل ما حصل في طرابلس يعبر عن أخلاق عكارية، أم أخلاق طرابلسية، أم أخلاق بيروتية؟ لنعرض سير مشاهد &laqascii117o;يوم الغضب".أطل علينا الصحافي البيروتي العريق محمد سلام، مهللاً مكبراً، كأنّه داعية جليل: &laqascii117o;الله أكبر. الله أكبر. اسمعي يا سماء، استفاق المارد السنّي". قالها بتجويد، إيقاعه من نَظْمِ مهندسة ثورة الأرز، الأميركية بولا دوبريانسكي. &laqascii117o;اسمعني يا بشار، لن تحكم لبنان، لن تحكم لبنان، لن تحكم لبنان. فليسمع أحمدي نجاد، لن يحكم لبنان، لا هو لا وكيله في لبنان... نحن لا يرهبنا سلاح، نحن اخترعنا السلاح. رجالنا تقاتل على زغاريد النساء. لا أسمع زغاريد النساء (إيه يلاه!). نحن حصان عربي لا يحكمه فارسي. أقول لـ14 آذار لا يكفينا أن لا نشارك في الحكومة، يجب أن نمنع حكومة العملاء من أن تحكم وسيمنعها شارع عمر وأبو بكر وعثمان وعلي". ولعله كان يريد أن يستحضر يزيد لولا أن جاءه هاتف لربما أبلغه: &laqascii117o;فضحتنا"! فانسحب وهو يصرخ لعيونك يا شيخ سعد، بعد أن ضاعف في الحضور شحنة &laqascii117o;ريدبول" كان قد بدأها &laqascii117o;أبو العَبَد" كبارة. هذا الطرابلسي صاحب صورة &laqascii117o;نثق بهذا الرجل" الكبير، راعي المنحرفين ومتابع قضاياهم في المخافر والسجون ليفلتوا من القضاء ويُحرموا المعالجة النفسية، قال: &laqascii117o;من طرابلس عاصمة اللبنانيين السنّة... احتجاجاً على التدخل السوري ـــــ الإيراني الفاضح في شؤوننا الداخلية... نقول لكل الخونة إنّنا لن نركع... سنواجهكم بصدورنا وأجسادنا لنسقط مخططاتكم". وأعقبه &laqascii117o;أبو سطيف" علوش &laqascii117o;بجرعة حماسة زائدة"، فهو طبيب ويحسبها: &laqascii117o;يا أشرف الناس، أنتم الأشرف... إنّها الإهانة، ومن يقبل الإهانة يبقَ مهاناً كل حياته... يريد الجندي في ولاية الفقيه أن يفرض الرؤساء اليوم... هل سيصبح لبنان المقر الصيفي للولي الفقيه في الغد؟... لن نقبل بنقل لبنان إلى المحيط الفارسي، ونحن لهم بالمرصاد".بلغت نشوة التعبئة الذروة، عندما جاء دور ابن العائلة الطرابلسية العريقة، الوزير السابق الجسر ليقول: &laqascii117o;ماذا تريدون؟ في كل مرة نمد يدنا نجدكم ترفضون... تستكبرون... وصبر الحريري وصبرنا... وشرعتم في الانقلاب...". لم يسمعه أحد. الجمهور غائب في نشوة التعبئة، ولم تنفع معه صيحة الجسر: &laqascii117o;صلوا على النبي". شعر كأنّه لم يؤدّ دوره. فهل قصّر؟عندما أيقن نواب الصدفة في عكار، قادة باصات &laqascii117o;المستقبل" العكاري، والصحافي البيروتي والقيادة الطرابلسية الحريرية أنّ الجمهور بات جاهزاً لأداء دوره، اختفى القادة، جميع القادة. وحصل ما حصل كما كان مقدراً. ونجح السيناريو. لذلك نسأل: هل ما حصل في طرابلس يعبّر عن أخلاق عكارية، أم أخلاق طرابلسية، أم أخلاق بيروتية؟إنّ بشاعة ما حصل في طرابلس صناعة &laqascii117o;حريرية" بامتياز: مهندسها بيروتي عريق، مقاولوها من بعض كبار الساسة الطرابلسيين، ملتزموها نواب من صغار كسبة السياسة العكاريين.عفواً يا شيخ سعد. لم يكن في &laqascii117o;يوم الغضب" الطرابلسي &laqascii117o;دعوات مشبوهة". لقد كان كلّ ذلك اليوم، بتنظيمه وإعداده وتنفيذه، مجرد &laqascii117o;دعوة مشبوهة"، نظمها، عن سابق تصميم وإصرار، تيار سياسي زعم أنّه يعمل وفق &laqascii117o;حب الحياة" بممارسة &laqascii117o;حضارية" عبّرت، في طرابلس، عن أخلاق قيادات تيار المستقبل ونوابه.أما أخلاق العكاريين فهي معروفة: عيش مشترك عميق، إيمان بقضية العرب الكبرى، استشهد في سبيلها العشرات من العكاريين على تراب جنوب لبنان وعلى تراب فلسطين بالذات، سعي إلى لقمة عيش كريمة رغم كلّ إغراءات &laqascii117o;التسويل" بديلاً من المطالبة بالحقوق. أخلاق عكار أخلاق جدودنا المقاومين للاحتلال الفرنسي، وأخلاق آبائنا المقاومين للاحتلال الصهيوني، وأخلاقنا المنادية بالوحدة الوطنية ورفض الطائفية البغيضة. أما الدخيل على عكار فتجار الضمائر وفجار السياسة و&laqascii117o;مستحمرو" الفقراء والمظلومين، شركاء صناعة يوم &laqascii117o;الغضب البشع".

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد