ـ 'النهار'
'رئاسة' ميقاتي لم تكن واردة... لماذا وردت ؟
سركيس نعوم:
... يقول العارفون من اللبنانيين انفسهم، وبعضهم قريب من دمشق، في معرض الجواب عن التساؤلات المشار اليها، ان قرار ميقاتي كان في البداية وضع ورقة بيضاء في الاستشارات التي قرر رئيس الجمهورية ميشال سليمان اجراءها في قصر بعبدا، أي عملياً الامتناع عن ترشيح اي شخصية لتأليف الحكومة. ويقولون ايضاً انه قرر في وقت لاحق ترشيح زعيم 'تيار المستقبل' الرئيس سعد الحريري لتأليف الحكومة. لكنهم يقولون ثالثاً ان امراً حصل ازعج ميقاتي كثيراً وجعله يفكر في تغيير موقفه من تسمية رئيس الوزراء المكلف. ذلك انه تلقى اتصالاً هاتفياً قبل يومين من الاستشارات الرئاسية التي ارجئت اسبوعاً من الرئيس الحريري سأله فيه: 'ماذا قررت بالنسبة الى الاستشارات؟' اجابه ميقاتي: 'سأجتمع غداً مع زميلي في الكتلة النيابية الوزير محمد الصفدي لنحدد موقفنا معاً'. فرد الحريري وبشيء من العصبية: 'اذا لم تُسمِّني في الاستشارات فسأقطع كل علاقة لي معك'. واقفل الخط. يضيف العارفون انفسهم، تضايق ميقاتي كثيراً. وكان اساساً تضايق من كلام الحريري عنه في 'التحقيق الدولي' اذ اتهمه بطعنه في ظهره عام 2005. وتساءل: 'اين طعنته' في الظهر؟ انا خدمته في الانتخابات. وخلال السنوات الاربع اللاحقة ظللت قريباً من خطه رغم علاقاتي. ولم افعل شيئاً ضد المحكمة الدولية. فضلاً عن ان مواقفي من احداث 7 ايار 2008 التي اعتبرها الحريري والسنّة موجهة اليهم كانت متماشية معهم'. وكان للاتصال دور مهم في بدء ميقاتي التفكير في ترؤس الحكومة التي ستخلف حكومة الحريري.
طبعاً، يضيف العارفون اياهم، كانت هناك اسباب اخرى دفعت ميقاتي الى اتخاذ قرار بترشيح نفسه لرئاسة الحكومة، كما دفعت القوى الفاعلة وفي مقدمها 8 آذار وتحديداً 'حزب الله' كما سوريا بشار الاسد الى دعمه. ابرز الاسباب كان اعتقاد عدد كبير في اوساط رجال المال والاعمال والاقتصاد والمصارف ان حكومة برئاسة كرامي قد تنفذ المطلوب منها على الصعيد السياسي وخصوصاً في كل ما يتعلق بالمحكمة الدولية، لكنها قد لا تفلح كثيراً في معالجة الاوضاع الاقتصادية الصعبة الامر الذي قد يوصل البلاد الى ازمة وربما الى هاوية. وكان ايضاً اعتقاد الزعيم الدرزي الابرز وليد جنبلاط بأن حكومة كرامي ومع الاحترام التام له ولتاريخ عائلته لا تبعث التفاؤل في اوساط الناس. وقد عبَّر عن موقفه هذا للسيد حسن نصر الله الامين العام لـ'حزب الله'، في لقاء معه قبل التكليف، اذ قال 'ان المرشحين لرئاسة الحكومة عندي هم في المرتبة الاولى، نجيب ميقاتي، وفي المرتبة الثانية عدنان القصار (رجل اقتصاد ومصرفي)، وفي المرتبة الثالثة عمر كرامي. وكان ابرز الاسباب ثالثاً اعتقاد رئيس مجلس النواب نبيه بري ان ميقاتي هو الانسب وقد فاتحه في ذلك، لكنه لم يلق قبولاً منه.
وكان ابرز الاسباب رابعاً اقتناع القيادة السورية بأن تولي ميقاتي رئاسة الحكومة الجديدة يُثبِّت الغالبية النيابية الجديدة، ويعزز الوجود السنّي فيها، ويفتح الباب امام حصولها على تغطية، وإن جزئية في البداية، دولية وعربية. وهذا امر مفيد للبنان في ظل تهديد جهات دولية عدة بمعاقبته في حال تشكلت فيه حكومة خاضعة كلياً لـ'حزب الله'. وطبيعي ان احد ابرز الاسباب خامساً وأخيراً كان اقتناع 'حزب الله' بأهمية رئاسة ميقاتي الحكومة في هذه المرحلة.
في اختصار كل ما قاله 'العارفون' اعلاه يشرح تفصيلاً لماذا غيَّر ميقاتي قراره البقاء بعيداً عن رئاسة الحكومة. لكن ما ليس واضحاً حتى الآن رغم كل ما قالوه، لماذا غيَّر الاسد موقفه من هذا الامر وكذلك 'حزب الله'؟ علماً ان ميقاتي يؤكد يومياً انه لم يقدم التزامات او وعوداً في شأن المحكمة. علماً ان هذا التأكيد قد بدأ يزعج الحزب. لكن السؤال المهم هو: هل بدأ يزعج سوريا؟
ـ 'السفير'
تشكيلة من 24 وزيراً.. محسومة شيعياً وسنياً ودرزياً وملتبسة مسيحياً
حكومة اللون الواحد تتقدم... والمخاض الأخير يتركز حول الحصص
إيلي الفرزلي:
خلال اليومين الماضيين برزت عناصر عدة تشي باقتراب نضوج الطبخة الحكومية. زار الرئيس المكلف تشكيلها نجيب ميقاتي، رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، مساء يوم الأحد الماضي، بعيدا عن العدسات الاعلامية، حيث تداول معه في أول مسودة للتشكيلة الحكومية العتيدة، حقائب واسماء، هي محصلة آخر ما توصل له خلال المفاوضات مع مختلف الأطراف. من الطائرة التي أقلته إلى الدوحة، قدم الرئيس نبيه بري دفعة قوية للخطوة المنتظرة، فأعلن بشكل مباشر عن قرب إعلان التشكيلة، حتى أنه جزم أن الأسبوع لن يمر إلا وللبنان حكومة تبدأ برسم معالم بيانها الوزاري. ويرى متابعون أن كلمة بري لا تعدو كونها محاولة لضخ المزيد من الدماء في شرايين المشاورات التي يجريها الرئيس المكلف، في مواجهة المطالب المكدسة على مكتبه، لأسماء وحقائب متشابكة ومتعارضة، بين أبناء الصف الواحد، برز إضافة إليها في الآونة الأخيرة، اعتراض من قبل رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، حول حصة رئيس الجمهورية والحقائب التي ستؤول إليه، لا سيما منها حقيبة الداخلية. وفيما استغربت مصادر &laqascii117o;التيار الحر" الحديث عن ثلث معطل أو ضامن في حكومة من لون واحد، يفترض ان تعمل بوصفها فريق عمل واحدا، تردد في المقابل ان التيار نفسه طلب 12 وزيراً له ولحلفائه في &laqascii117o;المردة" و&laqascii117o;الطاشناق"، مع إصرار على عدم التراجع عن سقف المقاعد العشرة بالحد الأدنى.
وبعيداً عن خلافات الصف الواحد التي تتابعها قوى &laqascii117o;14 آذار" بدقة وتتوقع أن تؤدي إلى تأخير تشكيل الحكومة، وتأمل أن تفضي إلى فشل مساعي الرئيس المكلف في تشكيل حكومته العتيدة، برزت ازدواجية واضحة في خطاب تيار &laqascii117o;المستقبل" الذي يعمل على خطين. أولهما الإصرار على ربط المشاركة في الحكومة بإقرار الرئيس المكلف علناً بشروط المحكمة والسلاح، متغاضياً عن تكرار ميقاتي مراراً رفضه تقديم أي التزام لأي طرف. لم يقطع &laqascii117o;التيار الأزرق" شعرة معاوية مع ميقاتي، عبر المندوبين الثلاثة، الذين يفاوضون على الحصص والحقائب، مستغلاً رغبة الرئيس المكلف بضم مختلف الأطراف إلى حكومته، مع تأكيد أكثر من مصدر أن إعلان الرئيس أمين الجميل فشل المفاوضات مع الرئيس المكلف يأتي في سياق الضغط ليس أكثر.
هذان الخطان يراهما مراقبون مجرد خطوات لشراء الوقت، بهدف تأخير تشكيل الحكومة على أمل حصول متغيرات خارجية أبرزها صدور القرار الاتهامي، الذي يمكن أن يعيد خلط الأوراق، وصولاً ربما إلى إنزال ميقاتي عن كرسي الرئاسة الثالثة. بالمحصلة، يبدو أن ميقاتي قد شرع فعلياً في تحضير تشكيلته الخالية من أسماء &laqascii117o;14 آذار"، بمن فيهم الكتائب. وإذا ما حسمت مسألة حكومة اللون الواحد، فإن ميقاتي ما زال يفضل صيغة الـ24 وزيراً، من دون أن يكون متمسكاً بها. وبالرغم من المطالب المختلفة لتغيير طوائف الحقائب السيادية والخدماتية، فإن الاتجاه الأغلب ما يزال نحو تثبيت التوزيع المعمول به حالياً. وإذ ما خرق هذا التوزيع، فقد يكون بحقيبة واحدة حيث يحصل الدروز عبر الوزير طلال ارسلان على حقيبة الدفاع بدلاً من الارثوذكس، من دون إغفال إمكان تبادل حقائب بين الكتل، وخاصة لجهة اسناد الخارجية الى عصام فارس اذا وافق بري على التنازل عنها.
وبناء عليه، فإن الوزير محمد الصفدي ما زال الأوفر حظاً للحصول على وزارة المالية. وإذ ما تم تثبيت اسم تمام سلام، وهو المرجح حتى الآن، بالرغم من تأكيده لـ&laqascii117o;السفير" أن الأمر لم يبت بانتظار التأكد من عدم ضم الحكومة لأي وجوه استفزازية، وأن لا تكون على قاعدة غالب ومغلوب، بل على شاكلة رئيسها معتدلة، فإنه لن يمانع الانضمام إليها، ضمن إطار عدم عرقلة جهود الرئيس ومساعدته. من هنا، وإذا ما ثبت اسم سلام للوزارة، فإنه من المرجح أن يكون على رأس وزارة التربية التي عرضت عليه في بداية الاستشارات النيابية.
وإذا ما روعي التوزيع الطائفي الحالي للحقائب، فإن وزارتي البيئة والاقتصاد بالاضافة إلى وزارة دولة، ستؤول إلى ثلاثة من الاسماء المتداولة نفسها أي الوزيرة ليلى الصلح، فيصل عمر كرامي، إضافة إلى النائب علاء الدين ترو، عن كتلة جبهة النضال الوطني، وممثلاً لإقليم الخروب.
شيعياً، يبدو وزير الصحة محمد جواد خليفة الثابت الوحيد حتى الآن، فيما بات الرئيس نبيه بري يميل لصالح تسمية السفير جهاد مرتضى لوزارة الخارجية، بعدما تراجعت حظوظ علي حمدان، ومحمود بري، لأسباب &laqascii117o;أملية" داخلية.. بالنسبة لـ&laqascii117o;حزب الله" الذي يبقى الأكثر تكتماً، حيث يعتمد قاعدة أنه بعد انجاز الرئيس المكلف مهمته مع جميع الأطراف يصار الى تسليمه لائحة بأسماء من يسميهم الحزب للوزارة، وهم سيكونون اما ثلاثة حزبيين، أولهم محمد فنيش وحسين الحاج حسن، بالاضافة الى نائب جنوبي، واما تعتمد الصيغة الحالية، أي وزيران حزبيان (الأرجح فنيش والحاج حسن) بالاضافة الى ثالث من الشيعة المستقلين موضع ثقة الحزب في الخيارات الاستراتيجية. أما الاحتمال الثالث، فهو أن يسمي الحزب حزبيا واحدا وشخصيتين مستقلتين (مثل عدنان السيد حسين)، أو أن يسمي الحزب ثلاثة وزراء من غير الحزبيين نهائيا ولكن موقفهم حاسم من موضوع حماية المقاومة.
عند الموارنة، الحاصلين حالياً على حقائب: الداخلية، الطاقة، السياحة، الشؤون الاجتماعية، والعمل، بالاضافة إلى وزارة دولة، فبالرغم من اختلاط الأوراق بين أكثر من فريق، إلا أن الوزير زياد بارود الهادئ والغائب عن الصورة، ما زالت أسهم عودته لوزارة الداخلية الأكثر ارتفاعاً. ومن الأسماء المارونية التي تتردد بوصفها من حصة رئيس الجمهورية: جو عيسى الخوري، ناجي البستاني، ناجي أبي عاصي، ناظم الخوري والقاضي غالب غانم. وفيما يبقى الوزير جبران باسيل بيضة القبان بالنسبة للتيار الوطني الحر عن المقعد الماروني، فإن سليم عون ارتفعت أسهمه أيضاًَ، مع بقاء حظوظ الوزير فادي عبود مرتفعة.
وبالنسبة للوزير سليمان فرنجية فتردد انه سمى المحامي روني عريجي (ماروني) للوزارة، من دون ان يغيب اسم الوزير يوسف سعادة عن التداول. كذلك سمى الوزير السابق فايز غصن (أرثوذوكسي من الكورة) لنيابة رئيس الحكومة.
وأرثوذوكسيا أيضاً، يبدو أن التيار الوطني الحر صار أقرب إلى تسمية الناشط في التيار زياد عبس. فيما تتردد أيضاً أسماء النائب أسعد حردان، يعقوب الصراف، عماد جودية. أما الحقائب التي يتوقع أن تكون من حصة الأرثوذوكس، بحسب التوزيع الحالي فهي: العدل، الدفاع، الاعلام، ووزارة دولة.
إضافة إلى ترو، حسمت مسألة حصول جبهة النضال الوطني برئاسة جنبلاط على مقعدين درزيين، اولهما للوزير غازي العريضي الذي سيبقى على رأس وزارته الحالية (الأشغال العامة)، وبالنسبة للمقعد الدرزي الثاني، فقد عادت فرص الوزير وائل أبو فاعور للارتفاع على حساب الوزير أكرم شهيب ورجل الأعمال بهيج أبو حمزة.
بالنسبة للكاثوليك (الاتصالات، الثقافة، وحقيبة دولة، في الحكومة الحالية)، فالوزير شربل نحاس، يبقى ثابتاً على رأس وزارته، فيما يبدو أن انضمام الوزير نقولا فتوش إليه قد حسم أيضاً. ويبقى اسم نعمة طعمة مطروحاً من قبل النائب وليد جنبلاط، ويضاف إليه نقولا صحناوي عن التيار الوطني الحر وميشال موسى من قبل الرئيس نبيه بري. أرمنياً يتردد أيضاً أن حزب الطاشناق سيسمي الوزيرين الأرمنيين (الصناعة ودولة)، إلا إذا ضم الرئيس المكلف إلى حكومته وزيراً من الاقليات، هو على الأرجح حبيب افرام.
ـ 'النهار'
عون لا يسير بحكومة 'كيفما اتفق' ويرى عقبات
'البوابة المسيحية' معبر الكتائب لمقتضيات الانسجام
هيام القصيفي:
... تبدو حركة الرئيس امين الجميل في هذا الاطار محكومة باعتبارات مختلفة، 'فقيادة 14 آذار لم تلجمها، وتركت للجميل حركته المضبوطة ضمن ايقاع مدروس'. لكن ثمة اعتقادا لدى المصادر الرفيعة في 'تكتل التغيير والاصلاح' ان الجميل راغب بجدية في دخول الحكومة، الا انها تؤكد 'ان ثمة طريقا لذلك، فطريق الدخول امر، وبوابته امر آخر، وهذه البوابة مسيحية بامتياز، والجميل لم يسلكها حتى الآن'.
والحديث عن مشاركة الكتائب يحتمه امر الانسجام المطلوب فيها، وهذا يعني ان المشاورات لتشكيلها تأخذ في الحسبان، في الحد الادنى، اهمية الانسجام بين المكونات الحكومية'.
ورغم ان المعارضة المسيحية مدركة لمحاولة قوى 14 آذار تأخير تشكيل الحكومة، ثمة من يعتبر انها تساهم في هذا التأخير نظرا الى ما يطرح من شروط وتصورات لشكل الحكومة العتيدة.
وتدرك مصادر 'التغيير والاصلاح' ان ثمة من يحاول ان يرخي بثقل عرقلة التأليف عليها، الا انها تؤكد ان 'ما خاضه التكتل من اجل إحداث التغيير، لن نضحي به من اجل تأليف حكومة كيفما اتفق، ولن نقبل ان يكون التغيير كيفما كان'.
وتفيد المعلومات ان 'الامور الجدية لوضع تصور واضح للحكومة بدأت تُبحث في نهاية الاسبوع الفائت. ولذا، فان ما قبل هذه العطلة ليس حتما كما بعدها. وقد اجرى 'تكتل التغيير والاصلاح' اكثر من جولة مشاورات مع ميقاتي، وبدأ معه الكلام الجدي على الحكومة وتصور التكتل لها وما يريده منها، ومن المبكر كشف اوراق هذه الحوارات، لأجل مزيد من البلورة'.
وثمة تلميحات الى الحصص المسيحية، وطريقة توزيعها بين القوى المسيحية المشاركة في الحكومة، ورغبة الافرقاء الآخرين، ومنهم رئيس الحكومة، في اختيار وزراء مسيحيين، وهو امر لا يزال موضع اخذ ورد، وخصوصا انه لم يعط للمسيحيين حق اختيار اي وزير من خارج الطوائف المسيحية.
ـ 'النهار'
أفضل الخيارات السيئة
غسان حجار:
'لقد تلطخت سمعة 'حزب الله'، وليس من المرجح ان يستعيدها في وقت قريب. وقوى 14 آذار تظهر، مرة أخرى، في حال عجز، وتعاني خللاً هائلاً في ميزان القوى الفعلي، وهذا أيضاً لن يجد له حلاً سريعاً. لن تحقق المحكمة أسمى الأهداف التي ينتظرها البعض، ولن يخرج أحد منتصراً من هذه المعركة. الأمر الضروري هو ألا يكون الشعب اللبناني الخاسر الأكبر'.هذه العبارات وردت في نهاية الملخص التنفيذي لتقرير 'المحاكمة بالنار: سياسات المحكمة الخاصة بلبنان' والذي صدر عن'مجموعة الأزمات الدولية' في بروكسل في كانون الأول الفائت، أي قبل التطورات الأخيرة في لبنان والتي أفضت الى اقالة الحكومة، وتكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليف أخرى، وقيام تحركات، في الشارع السني تحديداً.
في الملخص تساؤل معقد ومزمن، وفيه 'من الصعب التنبؤ بمن سيخرج منتصراً في آخر أزمات لبنان'، فالمحكمة على الأبواب، ولن يفيد معها فك بروتوكول من جانب لبنان منفرداً. ادانة 'حزب الله' واردة، بل مرجحة وفق التسريبات، وربما تطال التهم دمشق أيضاً، بل مسؤولين فيها من دون رأس النظام، ومع هذا، تتحول المحكمة، بقصد أو بغير قصد، وسيلة جديدة تفيد منها قوى 14 آذار، ومعها دول الغرب، لمحاصرة سوريا والمقاومة. وهذا يضاف الى محاولات سابقة، منها القرار 1559 وحرب تموز 2006، وغيرها، مما يضعف حياد المحكمة وصدقيتها، خصوصاً بعدما عملت أطراف في قوى 8 آذار على شراء تسجيلات صوتية من المحكمة وأرادت بثها عبر قناة 'الجزيرة' قبل ان تتردد الأخيرة، لتحط التسجيلات- التسريبات المباعة في محطة 'الجديد'، فتشكل رأياً عاماً مناهضاً للمحكمة، وللمتعاونين معها، في واحد من فصول رفض المحكمة وقراراتها، المدروسة بعناية، والمنفذة وفق مراحل كان آخرها اسقاط الحكومة.
في المقابل، لم تعد المحكمة فرصة الغرب لإعادة تشكيل التحالفات في لبنان، وأملاً في تحقيق اختراق في العالم العربي لمبادئ العدالة الدولية، ووضع حد لثقافة الإفلات من العقاب، لأن الأنظمة العربية القائمة على الدعم الأميركي بدأت تنهار، أو تترنح، أو تسارع الى اصلاحات، وان صورية، تسابق بها رياح التغيير التي هبت، ومعها، تصبح قوى 14 آذار مكبلة، اذ اعتمدت على تلك الأنظمة التقليدية المتوارثة، وهي تتخوف، كما قوى 8 آذار، ان تذهب رياح التغيير بالأنظمة الى الأسلمة، فتصبح المنطقة أسيرة ايران وبن لادن. وبذلك تتحول معها الأنظمة الحليفة للجمهورية الإسلامية، أسيرة الأخيرة، لمقاومة القاعدة، أو ان يتجه الشارع السني الى احضان بن لادن، رفضاً لخامنئي.في كل هذه المعمعة، تتقلص الخيارات، وتصبح أفضل الخيارات السيئة هي التسوية الداخلية، التي تمنع التفلت، وتحاول اطفاء الجمر المتوهّج تحت الرماد الهشّ.فهل تقدر وسطية الرئيس ميشال سليمان والرئيس المكلف نجيب ميقاتي على ذلك، في ظل حكومة التوجه الواحد أم انها ستكون مسيّرة الى مواجهة، بل مواجهات، لا تنتهي، وإن تهيأ للبعض في هذه المرحلة انه ربح معركة؟ فالحرب بالتأكيد صولات وجولات، والتغيير الحاصل في الدول العربية، والذي لم يفضِ بعد الى حال استقرار نسبية، أو الى ديموقراطية حقيقية، يهدد الجميع، الرابحين مرحلياً، والخاسرين آنياً.
ـ 'السفير'
إيران... الدولة التي استحقت البيعة
نزيهة صالح:
كانت البداية في العام 1978، عندما تعرفت عن بعد على قائد جماهيري كبير في دولة لم أكن أسمع بها إلاّ على لسان جدتي التي كانت تفيض بالكلام عن زيارتها لغريب الغرباء، وبدأت أعرف مفهوم العشق منذ صغري لهذا الغريب، وما لبثت أن عرفت هويته كثامن أئمة أهل البيت الإمام علي بن موسى الرضا ورسمت عنه صورا في ذهني عن رحلته ومعاناته، إلى أن أعادت ثورة الإمام الخميني اليّ ذاكرة الطفولة وعاصرت هذه الثورة عن بعد، لحظة بلحظة.
استحق الانتظار المعاناة... وشهدنا مع انتصار الثورة الاسلامية الايرانية، بناء دولة خرجت عن المألوف في عالم دول العالم الثالث وسارت في ركب التطور العلمي والتكنولوجي رغم العوائق العالمية وما زالت تخوض المعارك في سبيل الحق في العلم والتطور الذي يمنعه الاستكبار الأميركي والأوروبي عن الدول الأخرى كي يبقى الانتاج الدائم لهم والاستهلاك الدائم لنا، فإذا لم ينتجوا لنا لا يمكننا استهلاك حتى أنفاسنا التي وهبها الله لنا.
دولة قامت في منطقتنا فكانت نموذجا للدول الأخرى شاء البعض أم أبى، الواقع يقول بأن ثمارها قد أوتيت في بلاد عمّ فيها الظلم والفساد وها هي أحجار الدومينو تتساقط بعد أن سقط الملك من على طاولة الشطرنج الإيرانية وها هي الفرسان تتجمع في لعبة شطرنج بقواعد جديدة بدأت في تونس وتسربت إلى مصر وستمتد إلى لائحة من الأقطار العربية...
من اتهم الإمام الخميني بتصدير الثورة كان يظن بأن الإمام سيرسل جنودا أو كتائب من علماء الدين لنشر التشيع كما اتهموه وما زالوا بما فيهم مصر، التي كانت تصر على أن الإسلام في مصر هو خميني رغم أن الأخوان المسلمين سبق وجودهم إنتصار الثورة الإسلامية في إيران، لكن أدوات التفرقة بين المسلمين كانت السلاح الذي يلعبه الحكام العرب كي يحكموا القبضة والخوف على الشعب كي لا يفكر يوما ما بأي تحرك أو مطلب لأن الاتهام بالتشيع وبالتبعية لإيران ومن ثم الإعدام بتهمة الخيانة العظمى سيكون حاضرا في قفص الاتهام.
من يزر إيران يرَ المشهد مختلفا عما تُظهره وسائل الإعلام &laqascii117o;العربية" والغربية، رأيت في الولايات المتحدة وكندا قمعا مقنّعا، فالشعب هناك لا يعرف سوى البحث عن تحقيق ذاته الخاصة جدا على حساب العلاقات الأسرية والاجتماعية، تلك العلاقات التي دُفنت تحت أنقاض التحضر المزعوم، وأصبح الفرد هناك عبارة عن رقم تستخدمه الشركات والمؤسسات في الانتخابات لا من أجل الحرية أو التعبير عن الرأي بل من أجل زيادة أرباح الشركات التي تحكم باسم الأحزاب.
نعم، الحرية في بلاد الغرب هي حرية الملذات والانفلات وليس حرية الإنسان وممارسة إنسانيته. أما في إيران، فترى الإنسان هو الحر في إنسانيته وعندما يقوم الغرب بالتدخل في مسار التطور العلمي يقف الجميع للدفاع عن الإنجاز الذي حققته الثورة الإسلامية، وبهذا أصبحت إيران الدولة التي استحقت المبايعة.
مصر
ـ 'السفير'
ملاحظات حول القرار الاتهامي المنتظر
سامر ماهر العبد الله:
مع اقتراب موعد صدور القرار الاتهامي في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريــري، يمكــن الإضاءة على بعض الجوانب الواقعية والقانونية التي تحيط به:
1ـ إن الإدعاء العام لدى المحكمة الدولية وبوصفه سلطة اتهام، ملزم بتقديم العناصر المكونة للجريمة كافة، وهذا الإجراء تفرضه طبيعة الدعوى الجنائية وخطورة النتائج التي تترتب عليها، بل وعليه الأّ يدخر وسعاً في جمع كافة عناصر الاثبات في الدعوى في شقيها الإيجابي والسلبي بما يقرّبها من إدراك الحقيقة. ولذلك فالتحقيق يجب أن لا ينحصر مع جهة معينة، أو حول فرضية معينة بل يجب ان يكون شاملاً للفرضيات القائمة والبحث المعمّق في اسبابها.
ذلك، إن أي اتهام جنائي يجب أن يقترن بالوقائع الثابتة الى جانب كافة الممكنات العقلية التي اتيحت امام التحقيق، ومن بين هذه الممكنات أسباب الأخطاء السابقة التي وقعت فيها لجنة التحقيق الدولية والتي أدت الى توقيف الضباط الأربعة وواقعة مراقبة الطائرات الاسرائيلية لمواكب الرئيس الحريري كما كُشف عنه (من قبل الأمين العام لـ&laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصرالله)، وكذلك عمليات القرصنة الاسرائلية على قطاع الاتصالات في لبنان، والتي أصبحت ثابتة (مع ادانة دولية من مؤسسة تابعة للأمم المتحدة)، قبل اي استناد الى القرائن المستمدة من هذا القطاع في أي اتهام، خاصة بعد ان تكشفت قدرة إسرائيل على خلق أرقام تتزامن مع بعضها البعض في الخط الواحد، من دون علم صاحبها، وبالتالي فبركة اتصالات وهمية في أمكنة وأزمنة مختلفة، وبالتالي وجب ربط التحقيق بهذه الممكنات المذكورة صوناً لمصداقية القرار الاتهامي وتصنيفه في خانة المعقول او المقبول في معايير فقه القانون الدولي.
فمن المبادئ القانونية الدولية المتميزة نجد الحالة المعبّر عنها بـ&laqascii117o;لا معقولية الأحكام القضائية الدولية" ومن ضمنها لا معقولية الإجراءات التي بنيت أو ستبنى عليها هذه الأحكام. كما إن أي تحقيق قضائي دولي، وتحديداً إذا كان جنائياً، يجب أن يتصف بالمنطق، وهذا يعني أنه يجب ان يكون هناك استعداد لدى القضاة لدراسة اي إقتراح يفيد التحقيق، ويسبق أحكامهم، وذلك يفيد القضاة ذاتهم لأنه يساعدهم على تبرير استنتاجاتهم.
امام هذه المعطيات، وفي حال عدم سير التحقيق الدولي بالفرضية الاسرائيلية، وبمعنى آخر عدم التحقيق في مسألة ضلوع إسرائيل في جريمة الاغتيال، فإنه من المؤكد أن هذا التحقيق سوف يتصف باللامعقولية مع ما يعطيه هذا المصطلح من حق للمتظلم في رفض نتائجه.
2ـ إن الشكوك المتعلقة بعدم حيادية التحقيق الدولي في ملف اغتيال الرئيس الحريري سببها مسار هذا التحقيق، وإنه من حق المتضرر منه ان يركز على تزايد العوامل السياسية المؤثرة فيه، والتي ادت اولاً الى اتهامات خاطئة لما يسمى &laqascii117o;النظام الأمني اللبناني ـ السوري"، الذي كان سائداً في لبنان أثناء فعل الاغتيال. ذلك ان المحققين الدوليين أخذوا بشهادة كشهادة محمد زهير الصديق لعدة سنوات، رغم سطحيتها. وإذا كان رأس الهرم في جهاز التحقيق الدولي قد تغيّر، الإ أنه لا يمكن إنكار أن هذا التحقيق يعتبر كلأً متكاملاً يحكم عمله التضامن، وأن اي خطأ عبره ينسحب على الجهاز بأكمله، خاصة في ظل غياب أي مساءلة ولو محدودة.
ذلك أنه يجب عدم إغفال أن التحقيق الدولي في ملف الرئيس الحريري هو إجراء في مسار قضائي سيطول، وهذا التحقيق وقع في خطأ جوهري واضح عند أخذه بإفادات شهود الزور اثناء ولاية رئيس لجنة التحقيق الدولية الأسبق، ديتليف ميليس، ولقد تغاضى خلفه سيرج براميرز عن هذا الخطأ لأسباب غير معروفة، وبعد خمس سنوات تم إخلاء سبيل الضباط الأربعة في عهد المدعي العام دانيال بلمار، وهذا يعني أن الإجراءات التحقيقية السابقة كانت خاطئة.
وفي هكذا مسار خاطئ، يفضّل إعادة فتح القضية التي انطوت على أخطاء جوهرية سواء في الواقع او في القانون، لأن التحقيق أساء تقدير الأدلة المقدمة اليه، وأنه من الخطأ الاستمرار في الملف من دون مراجعة كاملة للأخطاء الحاصلة، سيما وأن العدالة الدولية لها طابعها الخاص وهي تقوم على مبادئ صارمة، وفي حال الإخلال بها، وعدم إعادة التوازن اليها، يصبح من حق أي متضرر الطعن باي اجراء لاحق.
3ـ من الأمثلة التي تؤكد التخوف من نتائج التحقيق الدولي، هو الشعور بأن الجهات المحققة لا تتصرف في إطار الشعور بالمسؤولية القضائية، سواء لناحية التغاضي المطلق عن التسريبات وعن خرق سرية التحقيق بدءاً من تقارير جريدة السياسة الكويتية مروراً بدير شبيغل الإلمانية وصولاَ الى تقرير محطة CBC الكندية واشرطة التحقيق التي تواصل بثها قناة &laqascii117o;الجديد"، إضافة الى كون قادة بعض الدول الكبرى يتصرفون كمفاوضين يحاولون ربط القضية بنواح سياسية.
ذلك ان عمل المحاكم الدولية يتأثر عادة بشكل او بآخر بالرأي العام العالمي والداخلي الذي ينتظر عملاً حيادياً متمتعاً بمصداقية كبيرة، وأنه من الصعوبة إقناعه باتهام مبالغ فيه، لأن مشكلة القرائن العلمية تكمن دائماً في تقييمها، وأنه من الخطر حصرها مقدماً، لأنها يجب أن تتضمن بياناً وفحصاً لجميع الأشياء والأدلة التي يمكن أن تؤدي الى كشف الحقيقة . كما أن إعادة التوازن الى التحقيق في ملف الرئيس الحريري لا تتم إلا بمحاكمة شهود الزور، فكيف اذا كانت المحكمة الدولية قد رفضت محاكمة هؤلاء الشهود، وأن جهاز الإدعاء العام لديها، وبدلاً من أن يكون متحمساً لمحاكمتهم، نجده يرفض ويؤخر تسليم المستندات الخاصة بذلك لإصحاب المصلحة في محاكمتهم؟. وفي حال الإصرار على تجاهل القرصنة الاسرائيلية، وفي الوقت ذاته الأخذ بقرينة الاتصالات للاتهام بالاغتيال، مع التمادي في رفض محاكمة شهود الزور، والتغاضي عن التسريبات المبرمجة، يصبح رفض الاتهام من الأمور الجدية، ويصح القول بأنه تم تغليب الاعتبارات السياسية على الاعتبارات القانونية، لأن دليل الاتصالات وفي ظل الخرق الاسرائيلي الكامل يصبح دليل نفي وليس دليل إثبات ومن غير القانوني الأخذ به.