قضايا وآراء » قضايا وآراء مختارة من الصحف اللبنانية الصادرة الأربعاء 9/2/2011

ـ 'النهار'
الحكومة الجديدة من يؤلفها ؟
سركيس نعوم:

لم يُعلِّق 'حزب الله' علانية على الموقف الرسمي الذي أعلنه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من ملف 'المحكمة الدولية'، والذي قال فيه ان لهذه المحكمة شقاً دولياً لا يستطيع ان يلغيه، وان لها شقاً داخلياً لا يستطيع ان يعالجه الا بعد توافر امرين أحدهما التغطية العربية الواسعة والاجماع اللبناني ثم يأتي القرار الحكومي. ولم يُعلِّق ايضاً على استمرار ميقاتي في تأكيد موقفه هذا عبر وسائل الاعلام المحلية والاجنبية. كما لم يُعلِّق على محاولاته تذليل العقبات امام تأليف 'حكومة وحدة وطنية' رغم معرفته باستحالة موافقة الجهات التي اوصلته الى رئاسة الحكومة على شروط فريق 14 آذار لتسهيل تأليف حكومة كهذه. وكوَّن ذلك انطباعاً في بعض الاوساط ان عند الرئيس المكلف هامشاً من الحرية في تأليف الحكومة الجديدة لا ينسجم مع تقاليد الجهات التي دعمته في مسعاه للوصول الى السرايا الحكومية. كما لا ينسجم مع خطورة المرحلة التي يمر بها لبنان حالياً والاطراف السياسيون فيه، وفي مقدمهم فريق 8 آذار وقائده 'حزب الله'. الا ان ذلك كله على صحته لا يعني ابداً ان الحزب المذكور لم يعرب عن قلقه امام الرئيس ميقاتي وفي الجلسات التي عقدها معه ممثله أو ممثلوه كما ممثلو حليفته حركة 'امل'.

ولا يعني ابداً ان 'الحزب' اعطاه 'كارت بلانش' أو تفويضاً مطلقاً سواء في تأليف الحكومة، أو في وضع برنامج عملها واولوياتها، او في طريقة معالجة موضوع المحكمة الدولية. وكي لا يبقى هذا الكلام عمومياً، يتحدث متابعون بتأنٍ لحركة الرئيس ميقاتي والموضوع الحكومي برمته، وبعضهم قريب جداً من دمشق، عن لقاءاته و'الحزب'، فيقولون ان الاجتماع الأول ضم الرئيس المكلف والسيد حسين خليل عن 'حزب الله'، وحضره مستشار الرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل. ويؤكدون انه كان سيئاً أو بالأحرى فاشلاً رغم طول المدة التي استغرقها. فـ'الخليلان' الحليفان ارادا من ميقاتي التزاماً واضحاً بجعل مجلس الوزراء يتخذ القرارات المناسبة في موضوعات ثلاثة. الأول، تمويل المحكمة الدولية والموقف المطلوب هو قرار مجلس وزراء يوقفه.

والثاني، مصير القضاة اللبنانيين في المحكمة. والموقف المطلوب من المجلس نفسه هو سحبهم منها. والثالث، فك ارتباط لبنان بالمحكمة الدولية من خلال قرار وفي مجلس الوزراء اياه اما بإلغائه لاسباب 'شرعية' واما بسحبه بغية مراجعة أوجه النقص فيه. لكن الرئيس المكلف قال انه لا يستطيع الاقدام على هذه الخطوات. وكرر امامهما موقفه الذي صار معلناً عن التغطية العربية والاجماع اللبناني والقرار الحكومي الذي يأتي في الاخير ليتوّج الأمرين الأولين.

بعد ذلك، يضيف المتابعون انفسهم، بحث الرئيس ميقاتي في هذا الأمر مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وطرح عليه 'ثلاثيته' اذا جازت تسميتها كذلك. فطلب الأخير من مستشاره النائب خليل تدوينها ومراجعة قيادة 'حزب الله' فيها. ولم يُثنه عن هذا الموقف قول خليل ان معلوماته تفيد بأن 'الحزب' لن يمشي بالثلاثية المذكورة. وقد كان رده سلبياً عليها عندما طرحها الرئيس المكلف امام ممثله مباشرة. طبعاً استمرت الاتصالات بين 'فردان' و'الضاحية'. اذ زار ممثل قيادة 'الحزب' الرئيس المكلف بعد ذلك بمدة غير طويلة، وكان عائداً من دمشق. دخل الاثنان في تفاصيل موضوع المحكمة، فأظهر 'الحزب' استعداداً لتسهيل مهمة ميقاتي من خلال اعطائه مهلة قصيرة لاتخاذ حكومته القرارات المناسبة المتعلقة بالمحكمة لا تتعدى الثلاث أو الاربع أو الخمس جلسات الأولى لمجلس الوزراء. لكن ميقاتي لم يقبل التزام مهلة أو موعد، وإن اكد حرصه على الاستمرار في العمل لايجاد حل لهذه المشكلة. وفي المقابل اثار الالتزام الذي يفترض ان ينفده 'حزب الله' في مقابل الالتزام الذي قيل ان الرئيس الحريري اخذه على عاتقه والذي تضمنه 'مشروع التسوية' الذي قيل ان السعودية وسوريا توصَّلتا اليه، وسأل اذا كان الحزب 'يلتزم تنفيذه في حال نفذت الحكومة الشق المتعلق بها'، فكان الجواب: لا. لا نلتزم.
لماذا هذا الكلام الآن؟
ليس لإثارة اي مشكلة بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي و'حزب الله'. بل لإطلاع الرأي العام على بعض ما يجري خلف الكواليس وفي الاجتماعات المغلقة باعتبار ان أحداً لا يستطيع معرفة كل ما يجري خلفها. وكذلك للتساؤل اذا كان 'تسريع' موعد تأليف الحكومة (اواخر الاسبوع الجاري على الارجح استناداً الى قريبين من فريق 8 آذار) ناتجاً في صورة اساسية من ادراك 'حزب الله' ان الاستمرار في التفاوض والمناورة قد يوصل الرئيس المكلف ومعه الفريق الذي أوصله الى موقعه الحالي الى مأزق، وخصوصاً في ضوء المعلومات التي لا تستبعد صدور القرار الاتهامي في وقت غير بعيد. كما انه قد يضع 'الحزب' امام خيارات معينة حاول تلافيها بتنفيذ 'انقلاب' سُمِّي دستورياً انتج غالبية نيابية جديدة. لكنه قد يجد نفسه مضطراً للجوء اليها لأنه لن يتساهل في موضوع استمرار ارتباط لبنان بالمحكمة في ظل تعذّر التغطية العربية والاجماع اللبناني والقرار الحكومي، ولا سيما بعد صدور القرار الاتهامي والاجراءات التي ستطلب المحكمة من حكومة لبنان اتخاذها.
هل تؤلف الحكومة خلال أيام كما يقولون؟ هل يقبل الرئيس المكلف حكومة يؤلِّف أكثر من ثلثيها الذين اوصلوه الى رئاستها وذلك لكي يضمنوا ان تكون الى جانبهم دائماً؟ وهل يستطيع ان يرفض؟ لا أحد يمتلك أجوبة عن كل ذلك.
ملاحظة: اعطت الاشارة في 'الموقف' امس الى الاتصال الهاتفي للرئيس سعد الحريري بالرئيس نجيب ميقاتي قبل تكليفه انطباعاً سلبياً عن الأول. علماً ان المعلومات المتقاطعة من اكثر من جهة تشير الى ان حواراً وان قصيراً جرى بين الرجلين سأل خلاله الحريري ميقاتي تحديداً لموقفه وخصوصاً انه كان دائماً يقول له 'انه معه' فاقتضى التوضيح والاعتذار.


ـ 'النهار'
رئيس الجمهورية يشعر بأنه والرئيس المكلّف وُجدا للتعاون
ميقاتي: نحو حكومة ترضي الجميع بالحد الأدنى
سمير منصور:

خلافاً لكل ما قيل ويُقال عن قرب اعلان الحكومة الجديدة، فإن الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي حرص على الجزم لدى استيضاحه مساء امس انه لن يتسرّع ولن يُقدم على اي خطوة غير مدروسة، وانه لن يلزم نفسه فترة زمنية محددة او مواعيد لاعلان الحكومة، وان المهم بالنسبة اليه ان تأتي التشكيلة الحكومية الجديدة بشكل يرضي معظم اللبنانيين وان بالحد الادنى. وقد توقف كثيرون عند كلام صدر عن رئيس مجلس النواب في بعض وسائل الاعلام امس، أكد فيه ان الحكومة باتت شبه منجزة وستعلن في مدة اقصاها نهاية الاسبوع الحالي، ولم يقل بري إلامَ استند في تحديد موعد لإعلان الحكومة، مع العلم انه اكد في الوقت نفسه العمل على تسهيل مهمة الرئيس المكلّف، داعياً الجميع الى التعاون. وبعد اعلان تحالف قوى 14 آذار موقفاً نهائياً هو عدم المشاركة في الحكومة، بات محسوماً الاتجاه نحو حكومة يطغى عليها طابع التكنوقراط اكثر من السياسة، تجنباً لحكومة يمكن ان توصف بـ'اللون الواحد'، وهذا ما وضع الرئيس المكلف الذي يريدها 'حكومة لكل لبنان' امام تحد جديد هو العمل على توسيع هامش الاختيار، والتركيز على اختيار مجموعة مقبولة من كل الاطراف ولا تشكل استفزازاً او تحدياً لأي طرف.

وهذا، في رأي مصادر سياسية مستقلة، ليس بالامر المستحيل، وتسارع هذه المصادر الى عرض بعض الاسماء على سبيل المثال لا الحصر: النائب تمام سلام والوزيران السابقان جان عبيد وخالد قباني والوزير في حكومة تصريف الاعمال عدنان القصار، والرئيس السابق لجمعية المصارف عبدالله الزاخم، ورئيس مؤسسة 'عامل' الصحية الدكتور كامل مهنا، وما شابه من اسماء 'وسطية ومعتدلة' تتناغم مع مدرسة يشكل الرئيس المكلّف ابرز رموزها ويفاخر رئيس الجمهورية ميشال سليمان بالانتماء اليها فكراً وممارسة ومنذ توليه مسؤولياته في قيادة الجيش. وللمناسبة، فإن احد زوار رئيس الجمهورية قبل ايام قليلة نقل عنه قوله انه يشعر بأنه والرئيس ميقاتي 'كأننا وجدنا للتعاون والعمل معاً'، وكان ذلك بعدما قال الزائر المذكور مخاطباً رئيس الجمهورية: 'أشعر وكأن عهدك بدأ الآن'!

ومن الوسطيين الذين نشطوا في اليومين الماضيين النائب سلام الذي زار الرئيس سعد الحريري ومفتي الجمهورية محمد رشيد قباني بعد لقاء مع الرئيس نجيب ميقاتي الذي سيلتقيه ثانية خلال اليومين المقبلين لاستكمال تحركه. ويوضح سلام انه من موقعه 'الوفاقي المعتدل' يقوم بما يمليه عليه الواجب في تقريب وجهات النظر، وفي امكان التوصل الى صيغة حكومية تكون مقبولة من الجميع بعيداً من اي استفزاز او تحدي لأي طرف. ويرى انه 'في هذه المرحلة ثمة رهان على براعة الرئيس ميقاتي، هل يستطيع توسيع حضوره وحضور رئيس الجمهورية في التشكيلة الحكومية؟ ليس بمعنى المحاصصة بل 'سعياً الى الابتعاد ما امكن عن صيغة 'اللون الواحد' والكل يشهد للرئيسين سليمان وميقاتي بالاعتدال وبالوقوف على مسافة واحدة من الجميع، بعيداً من منطق الغالب والمغلوب، وهي صيغة لا تتلاءم والواقع السياسي المتنوّع في لبنان.

صحيح ان هناك تناوباً على الحكم بين اكثرية واقلية، ولكن دائماً تحت عنوان التوافق وان بالحد الادنى، بعيداً من التحدي والاستفزاز'. ويلاحظ سلام انه 'بقدر ما يعبّر الرئيس ميقاتي في أدائه عن وعي وإدراك وحزم وتعقّل، يجنح البعض نحو التطرّف والحديث بلغة المنتصر والمهزوم وهي لغة لا تتلاءم مع الواقع اللبناني' ويشير تحديداً الى الكلام الاخير لرئيس 'تكتل التغيير والاصلاح' النائب ميشال عون ورئيس 'كتلة لبنان الحر الموحد' النائب سليمان فرنجية، وان يكن كلام عون ليس موجهاً في مجمله الى الرئيس المكلّف، بقدر ما هو موجه الى الاحزاب المسيحية في قوى 14 آذار... وسط هذه الاجواء، يبقى السؤال: هل يستطيع ميقاتي ببراعته ووسطيته وبوقوفه على مسافة واحدة من الجميع، كما يحرص على التأكيد دائماً، ان يتوصل الى تشكيلة حكومية متوازنة من خلال وجوه معتدلة وغير استفزازية ومن اهل العلم والاختصاص، وتوسيع هامش التكنوقراط الى اقصى حد فيها؟يرى مواكبون لاتصالات الرئيس المكلف انه قادر على ذلك وانه امام فرصة لاقناع الجميع بأهمية الوسطية، وليؤكد لهم ان الوسطية 'لا تعني اننا ضدكم بل هي لمصلحتكم جميعاً في 8 كما في 14 آذار'.
وليس سراً ان الاتصالات غير المعلنة للرئيس المكلّف هي اكثر من تلك المعلنة. واذا كان قد حرص على التأكيد انه لن يتسرّع، فإنه في الوقت نفسه لن يترك المهلة مفتوحة الى ما لا نهاية. وعليه يفترض ان تتوضح الصورة بشكلها النهائي في مهلة اقصاها اسبوع، وبعدها توضع الاسماء وتصدر مراسيم تشكيل الحكومة الجديدة، الا اذا وجد ميقاتي نفسه امام جدار من الشروط والعراقيل، وقرر قلب الطاولة في وجه الجميع... وهذا ما لا يبدو مطروحاً، أقله حتى الآن.


ـ 'المستقبل'

الشرق الأوسط بحاجة الى صوت شيعي معتدل!
نور الدين الحسيني:

بعد مضي أكثر من ثلاثين عاما على غياب الامام موسى الصدر، ما زال العالم الاسلامي بحاجة الى التحلي بقدرة تحمل الغير وقبول وجوده.الامام موسى الصدر كان حقا مؤسس الحوار بين الاديان في تاريخنا المعاصر. لكن بالرغم من الخطابات التي تلقى في تكريمه وصوره التي تعلق على حيطان المدن، لا نرى اثرا لمضي غالب العالم الاسلامي في طريق التساهل والتسامح الذي رسمه الصدر لنا ولا نرى اي افق واضح لذلك.
مازال المجتمع الاسلامي بحاجة الى أن يدرك أن عليه احترام الانسان لكونه انسانا ذا حق وحرمة.. عليه احترامه في التعامل مع الغير مسلمين أو حملة الفكر المخالف من المسلمين.. ولهذا عليه فسح المجال له كي يعبر عن رأيه.ما زال الكثير من مثقفي العالم الاسلامي في مصر ولبنان وإيران يعمل على عكس الصورة المنطقية والانسانية للاسلام خلافا للصورة العنيفة والبعيدة عن المنطق التي رسمها المسلمون. لكن بالنظر الى ما يجري في العراق وافغانستان واليمن، وبالنظر الى الحرب التي تشنها الحكومة الاسلامية لإيران ضد شعبها، وبما يعمل السلفيون المتطرفون ضد المثقفين، هل تثمر كل تلك المساعي؟!
بالرغم من أن هذا المقال يجب أن يتناول جميع المسلمين بمذاهبهم المختلفة، الا أن كاتب المقال مضطر الى مخاطبة الشيعة لثلاثة اسباب:

أولها، أن الكاتب مسلم شيعي، وإن اراد أن يخاطب المذاهب الاسلامية والسنة منها بشكل خاص ومن جهة واحدة، فسوف ينقض كلامه الذي ذكره أنفا.
ثانيا، أن الشيعة كونهم ورثة الامام موسى الصدر ويعتبرونه من اكبر قادتهم الدينيين والسياسيين ويفخرون لكونه كان شيعيا، هذا ما يضع مسؤولية خطيرة على عاتقهم في حفظ ميراثه أو بعبارة اخرى، فكره وعمله.
ثالثا، مع الاسف خلافا للمسؤوليات التي ذكرناها، التيارات الغالبة في المجتمع الشيعي، ابتعدت شيئا فشيئا عما ما كان ينوي تحقيقه الامام موسى الصدر. على سبيل المثال، لدينا ثلاث مناطق شيعية في الإقليم وهي إيران والعراق ولبنان - ولد الامام موسى الصدر في احداها ودرس في الاخرى ومارس نشاطه في الثالثة- اسيرة اليوم بيد الافكار الديكتاتورية والآذان غير الصاغية. لذا فقد حان الوقت كي يرفع المثقفون الشيعة راية النقد الذاتي في مواجهة الانحرافات الفكرية والسياسية والاجتماعية التي تشهدها مجتمعاتهم.
ابرز وجه في فكر الامام موسى الصدر هو التسامح والتساهل في مواجهة الافكار المختلفة والمخالفة والاعتراف بحقوق الآخرين من الذين تختلف افكارهم معنا لاسباب سياسية او مذهبية او دينية واجتماعية لكن لهم حقوقهم الإنسانية كما قال الامام علي عليه السلام 'الناس صنفان، اما اخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق'.
في اطار هذا الفكر فإن السيطرة على الثروات والسلاح وقدرة تهديد الجيران وتطبيق السياسات بالإتكاء على القوة القهرية في المنطقة، تفتقر الى الشرعية ولا يمكنها خلق ارضية مستقرة. كما أن 'المظلومية السابقة' لا تعطينا حقا لتبرير الظلم الجديد الذي نمارسه نحن.

نبدأ دراسة الوضع الحالي من إيران أي الدولة الوحيدة في العالم التي تتمتع بحكومة شيعية. حينما نرى الوضع في إيران بعد مرور ثلاثين عاما من الثورة الاسلامية، فإن الحديث عن التعامل بين الاديان المختلفة وضرورة مراعاة الاعتدال في السياسات الدولية في هذه الدولة، ما هو الا مزحة مضحكة. لأن الحكام الدينيين في إيران هم اليوم اكبر منتهكي حقوق الإيرانيين الشيعة، فيا ترى ما هو حال اتباع باقي المذاهب ممن لهم عقائد مختلقة. من الطبيعي أن الحاكم الذي ينتهك حقوق شعبه، فمن الاولى انه لا يمكنه صيانة حقوق الاخرين.
القمع الواسع الذي شهده الإيرانيون في السنة الاخيرة ما ادى الى قتل ما لا يقل عن 400 مواطن مسلم شيعي واعتقال الالاف من الناس العاديين والناشطين السياسيين والاجتماعيين، التعذيب الوحشي الذي انكشف بعض منه الى العلن في الاونة الاخيرة: من استعمال الهراوات والاسلاك الكهربائية في تعذيب السجناء، ونزع الاعترافات تحت التعذيب والاعتداءات الجنسية على الرجال والنساء، (التي وثقت سبع منها وفي احد الحوادث كانت الضحية بنت قتلت بعد الاعتداء واحرقت جثتها) اغلاق الصحف المستقلة والضغط على الصحفيين وقمع طلاب الجامعة في جميع انحاء البلد والهجوم الدموي على السكن الجامعي والدفن الخفي لاجساد العشرات من المواطنين الطهرانيين دون علم عوائلهم ودون وضع علامة مميزة على قبورهم في مقبرة جنة الزهراء.. وفي النهاية تشكيل 2582 ملفا قضائيا بحق المعتقلين، ما هي الا حاصل ما قامت به الجمهورية الاسلامية في العام الماضي فقط.

المثير هو أن جميع الجرائم التي ذكرت، نفذتها السلطات والمنظمات التي تعمل مباشرة بأمر ولي الفقيه.وضع الاقليات الدينية في إيران واضح ايضا. الدستور يعترف بالاسلام (الشيعة والسنة) والمسيحية واليهودية والزرادشتية ويعتبر اعتناق باقي المعتقدات جريمة. بالرغم من هذا فإن اتباع الديانات المعترف بها يتعرضون ايضا لانواع الضغوط والحرمان من قبل الحكومة. السنة في طهران محرومون من امتلاك مسجد لاداء فريضة صلاة الجمعة او الجماعة ويضطرون للجوء الى سفارة باكستان لأداء فرائضهم. في العام الماضي فقط تعرضت المجاميع المسيحية لهجومين واعتقل قس بتهمة الترويج للمسيحية.
قبل ثلاثين عاما عند انتصار الثورة الاسلامية، كان من المفترض أن صوت الشعب ورأيه هو الذي يعين مصير البلد وتنتهي كل ممارسات القمع والتعذيب ونقض الحريات الانسانية وحسب اقوال مؤسس الثورة فإنه حتى الشيعيين، هم احرار في طرح نظرياتهم واعتقاداتهم. لكن نرى اليوم أن المنابر الرسمية والحكومية تعتبر زعيم الحكومة ممثل الله على الارض وطاعته المطلقة فرض على الجميع. لا يمكن لاي شخص او اي مؤسسة أن تشرف على عمله أو أن يطرح اقل انتقاد أو سؤال حول ادائه ويعتقل السائل والمنتقد ويعذب اشد العذاب.
هكذا حكومة تدعي زعامة الشرق الاوسط والعالم الاسلامي وتسعى لبسط سيطرتها ونفوذها في العالم. تؤسس مئات المراكز والمؤسسات في مختلف بلدان المنطفة وتحرف مسيرة الاحزاب والمجاميع التي غالبها شيعية بالمال والسلاح والدعاية الكاذبة. في حين أن قسما يُعتدّ به من الشعب الإيراني المظلوم يعيش تحت الفقر لكن الواردات العظيمة للنفط تستخدم في زيادة قدرة الحكام وتخزين الاسلحة الخفيفة منها والثقيلة والمغامرات الخاوية.

نستمر في بحثنا بالنظر الى لبنان وحزب الله.
حزب الله اكبر واقوى حزب شيعي خارج إيران. محله لبنان المشهور بمعالمه الطبيعية والثقافية والاجتماعية الجميلة. بلد كان محل نشاط الامام موسى الصدر انذاك. بلد كان مثالا جميلا لتعايش الاديان والمذاهب. أسست المقاومة في لبنان لمكافحة العدو الصهيوني العنصري الغاصب والمحتل وتمكنت من دحر العدو من الاراضي اللبنانية بكل عز وفخر. تاريخ حزب الله تاريخ مجيد. لكن الميليشيا التي تدعى اليوم حزب الله هل تنتمي الى ذلك الماضي؟ هل استخدام السلاح لفرض السياسات الداخلية وانتهاك حقوق الشعب اللبناني، وايجاد عقبات في مسير عملية السلام والمساعي المسالمة بحجة الاحتفاظ بالسلاح فقط، ودعم ظلم الجمهورية الاسلامية مقابل الشعب الإيراني المسلم والمظلوم الذي كان عونا للمقاومة، والغور في المفاسد الاقتصادية، هل لذلك صلة بذلك الماضي العريق والميراث الثقافي للامام موسى الصدر؟ المقاومة في لبنان كانت محبوبة لانها كانت حركة في مواجهة الظلم. الظلم مذموم في اي حال ولا فرق بصدوره من اي كان او بأي ذريعة كانت. ظلم اليهود وظلم المسلمين وظلم الشيعة وظلم السنة وغيرهم كله مذموم وغير اخلاقي.

حزب الله اليوم يدعم بشدة الحكومة الظالمة في إيران. الشيخ نعيم قاسم نائب امين عام حزب الله يقول بصراحة في حديث مع وكالة ارنا للانباء إن الحزب يتبع ولي الفقيه في ازمة إيران الداخلية. الامين العام للحزب يخطو خطوة اكبر ويصرح امام الاعين الحيرانة للاصلاحيين الذين كان لهم الفضل الاكبر في تأسيس الحزب أن زعيم الجمهورية الاسلامية اصبح اقوى بعد حل الازمة التي تعرضت لها إيران بعد الانتخابات. بعبارة اخرى يعتبر السيد حسن نصرالله جميع الدماء التي سفكت بعد الانتخابات وصرخات السجناء تحت التعذيب وكل المشاهد المخزية التي رآها العالم بأم عينه، عاملا لتقوية الزعيم. هل حزب الله يبحث عن قوة كهذه؟!! هل حزب الله يدعي مكافحة الظلم بهذه الطريقة؟!! المشهد السياسي اللبناني لا يختلف كثيرا. فحزب الله يمنع جميع المساعي المسالمة لان في حال السلام ليس له مبرر لحفظ سلاحه. ولكن ألم يكن من المفروض أن يستخدم السلاح في نصرة الشعب والحفاظ على المصالح العامة؟!! أليست هذه الممارسات تسخيرا لميراث الامام موسى الصدر والاسم الطاهر للمقاومة؟!! إن استمرار هذا المنهج يذكرنا بمصير الجمهورية الاسلامية ويبين أن كل قوة تعمل بعيدا عن اعين الناس ومن دون شفافية، حتى لو كان لها ماض مجيد، محكومة بالانحراف. هذه الحركة تنسى اهدافها المقدسة وتنتهك حقوق الاخرين وللحفاظ على موقعها تلجأ الى اساليب الكذب والاتهام والتوطئة والقمع واتباع الاجانب. إن وضع العراق ليس احسن حالا مما ذكر. حضور الشيعة في الحكومة كان يمكن أن يكون فرصة تغتنم لطرح نموذج لتحمل المخالفين بالرأي ولرسم صورة من التعايش المسالم الذي كان الامام موسى الصدر بصدد تحقيقه. لكن مع الاسف...

يواجه الشيعة اليوم نموذجين من السياسة والحضور المؤثر في اجتماع المسلمين:
النموذج الاول هو النموذج الإيراني واتباعه. اي بعبارة اخرى خلق المعارك والقمع واتهام المخالفين بإتهامات مفبركة وكاذبة كانتسابهم الى الصهاينة او الدول الغربية. النموذج الثاني هو نموذج الاصلاحيين في إيران الذي يمكن اعتباره ما كان ينوي تحقيقه الامام موسى الصدر يعني الاعتدال والاعتراف بحقوق الاخرين والتعايش السلمي مع الفرق والمذاهب الاسلامية وسائر الاديان ومراعاة الحريات الشخصية والمذهبية والاجتماعية ومخالفة الظلم بما هو ظلم والسعي للسلام العادل والشامل ومقاومة جميع انواع الظلم والاعتاء.
إن هذا المقال ينوي الى بيان مسألة واحدة ألا وهي ان 'الشرق الاوسط بحاجة الى حضور صوت شيعي معتدل' و'حركة شيعية للدفاع عن حقوق الانسان'. من دون شك في حال وجود هكذا حركة عظيمة، يمكن مجابهة التطرف الشيعي وايضا مجابهة التطرف والارهاب السني كالقاعدة وغيرها من المجموعات باستعانة كبار وعلماء السنة. يجب ألاّ ننسى أن العدو ليس فقط الصهاينة بل العدو الاكبر هو الجهل والتطرف وعدم تحمل آراء الآخرين وانتهاك حقوق الانسان ما يشجع العدو الاجنبي للحضور في مواطننا ويعطيه ذريعة لتبرير هذا الحضور.
(موقع النداء الاخضر للحرية ـ ايران)


ـ 'المستقبل'
الجحود
'بين أهل الجحود والتكذيب
كل أمر من الأمور عجيب
كثر الإفتراء منهم جهارا
ولهم فيه غاية التشبيب'
عبد الغني النابلسي
مصطفى علوش:

في مؤتمر إنماء طرابلس الذي عقد في السرايا الحكومية سنة 2002، وشارك فيه نواب المدينة ووزراؤها اضافة الى عدد من الفاعليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية طرحت مسألة إنماء باب التبانة وحاجاتها الملحّة، وطرح على الرئيس الحريري المساهمة الشخصية في مشروع انمائي كبير فيها، فكان انه رد بالاستعداد للمساهمة ولكن على المتمولين الطرابلسيين، ومنهم وزراء ونواب، المساهمة أيضاً.
وطبعاً فقد مرت هذه الملاحظة مرور الكرام، ولم يعلّق عليها يومها المتمولان اللذان كانا موجودين في المؤتمر.
لم يعد خافياً على أحد اليوم، على انه في زمن تبدل السلطات، تأتي مجموعة من الأقلام المستأجرة لتلقي بمسؤولية الماضي البغيض على السلطة الراحلة، وتضع الآمال والأحلام الوردية في عهدة السلطة القادمة، مع العلم أن هذه الأقلام نفسها كانت في خدمة الدعاية لعهد السلطة الراحلة.
ما لنا وكل ذلك، فإن الوفاء لا يبدو من الطبائع الانسانية السائدة، ولو كان كذلك لما تغنى به الشعراء كتحفة نادرة، ويبدو ان الجحود أحد الطبائع السائدة لدى الكثيرين من أصحاب الأقلام التي تنقلب مع العهود.بالتأكيد انه لم يعد خافياً على أحد في لبنان حجم الصعوبات والمشكلات الاجتماعية التي تعانيها طرابلس على الصعد كافة، فنسب الفقر والبطالة والأمية والتسرب المدرسي والإدمان، (المعروف محلياً بالـ'تحبحب' لاستعمال حبوب 'بنزكسول' الشائعة والرخيصة الثمن) أصبحت ذات حجم كارثي، ولكن محاولة الايحاء بأن هذا الوضع أتى نتيجة لإهمال الحكومات التي تعاقبت منذ سنة 2005، أو الغمز من قناة مسؤولية الرئيس الشهيد عن هذا الاهمال، فهي قضية تدخل في محاولات التشويه المشبوهة التي تحاول جاهدة القضاء على ذكرى رفيق الحريري وبتر المسار السياسي الذي يقوده ابنه سعد الحريري من خلال 'تيار المستقبل'. والواقع ان هذا المسعى هو جزء من عملية مبرمجة محلياً واقليمياً للاغتيال السياسي لتيار رفيق الحريري بعد النجاح في اغتياله جسدياً.

ان واقع طرابلس لم يكن نتاجاً لما حدث في العقدين الماضيين، بل كان محصلة ما تراكم من ظروف على مدى عقود عدة كانت أهمها تداعيات ونتائج الحرب الأهلية وحكم حركة التوحيد المؤقت، ولكن الأهم كان محاولة العزل المقصودة التي مارستها سلطات الوصاية على المدينة على مختلف المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتركها بؤرة للتوتر من خلال المحافظة على العداوة بين بعل محسن وباب التبانة، لا بل زيادة العداوة من خلال ممارسات دموية كان أبرزها ما حدث سنة 1986 من مجزرة موصوفة. لقد لفح هذا الواقع طرابلس بوشاح قاتم، وجعلها مدينة منفّرة للمحيط القريب والبعيد، وأفقدها بشكل حاسم دورها كعاصمة ثانية، أو حتى كمدينة مركزية اقليمياً، بعد أن وجد المحيط المباشر بدائل عنها، أو اكتفاء ذاتياً أصبح بمتناول الجميع مع سهولة الاتصالات والمواصلات. والجدير ذكره هنا، هو عجز الرأسمال الطرابلسي عن القيام بمبادرات خلاقة، واستنكاف أصحاب الثروات الكبرى أمثال الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي عن القيام بمبادرات ذات معنى من استثمارات اقتصادية، بقيت مساهماتهما في المجالات الريعية والموسمية خاصة لدى اقتراب المواسم الانتخابية، ولم يسمع بمساهمتهما في أي وقت من الأوقات في ايجاد فرص عمل ذات شأن محلياً.

لا يعني هذا بالتأكيد إلقاء مسؤولية التردي الاقتصادي الطرابلسي على المليارديرين الطرابلسيين، فإن قضية الانماء لا تعتمد أساساً على مجهود أشخاص مهما بلغوا من ثروة، بل هي عملية تعتمد على خلق البيئة المناسبة للانماء، تساهم فيها الدولة من جهة والمجتمع المدني والاقتصادي من جهة أخرى. لذلك يجب التذكير بأن الملياردرين الكريمين كانا جزءاً من الحكم على مدى السنوات الماضية ومن خلال وزارة حساسة، هي النقل والأشغال العامة، ولم يلحظ أبناء المدينة أي انجاز حقيقي لهما مجتمعين أثناء وجودهما في هذه الوزارة، فلا المعرض فعّل ولا المرفأ شغّل ولم يحدث أن تقدم على مستوى مطار رينيه معوض. ويجب في هذا المجال عدم اتهام الرجلين 'بالاستخفاف' بحقوق المدينة لأن الواقع السياسي والأمني معروف، والتوازنات القائمة واستمرار واقع عدم الاستقرار جعل من الأولويات في الدولة في غير مجالات الانماء نظراً لتوالي الكوارث وتتابعها، مما جعل الدولة في وضع اللاهث دائماً وراء تدارك تداعياتها من 'حرب 2006' الى 'فتح الاسلام' الى السابع من أيار الى حرب بعل محسن وباب التبانة.

ولكن في الوقت نفسه، يجب ألا يدفعنا الجحود الى اغفال ونسيان ما قام به الرئيس الشهيد وتياره السياسي والرئيس سعد الحريري لطرابلس بالذات على مدى ثلاثين سنة. فمساعدات الحريري الجامعية منحت لأكثر من 2500 من شباب طرابلس، يعني 2500 فرصة عمل مميزة ومن ضمنهم أبناء دعاة الجحود بهذه التقديمات. كما ان المساعدات المباشرة من حصص ومساعدات صحية ومدرسية استمرت على مدى العقود الثلاثة الماضية. ومن الناحية الانمائية فإن أربع مدارس رسمية يجري بناؤها اليوم من نفقة الرئيس سعد الحريري. أما من ناحية الوضع في باب التبانة فقد قام الرئيس سعد الحريري وحده بتعويض المتضررين من الأحداث الأخيرة بأكثر من سبعة ملايين دولار بعد أن ساهم بتثبيت المصالحات، في حين أن المليارديرين بقيا خارج السمع، وتصرفا كالمتفرجين، من دون أن يعرضوا حتى المساهمة في هذه التقديمات التي لولاها لكان الوضع مأسوياً.
فليس صحيحاً إذن أن الرئيس الحريري وتياره تركوا أبناء المدينة في محنتهم، بل من تنكر لهم في الشدة هم من يدّعون اليوم أنهم أتوا لإنقاذهم.
هذا من ناحية الانماء، أما من الناحية السياسية، فلن تكفي كل مساحيق التجميل لإخفاء واقع واحد هو أن الرئيس ميقاتي أتى بعد استدعاء الأمين العام لـ'حزب الله' له لرئاسة الحكومة وتحت سلة من الشروط السياسية المذلة والتي لا تتناسب أبداً مع تطلعات أبناء مدينة طرابلس. كما أن تأكيد تصرفات وأحاديث قيادات 8 آذار ومن ضمنها ما قاله وئام وهاب بأنه منح الرئيس المكلف فرصة 'شهرين قبل أن نقول له مع السلامة!'، تؤكد الدرك الخطير الذي أوصل به الرئيس ميقاتي سدة رئاسة الحكومة من خلال قبوله التكليف تحت رحمة وادارة 'حزب الله'.
ان هذا الواقع أعطى الفرصة لحسن نصرالله لكي يعلن وصايته الكاملة على مفاصل الدولة كافة، ومن ضمنها الرئاسات كلها، وهذا له تداعيات خطيرة وطنياً ومذهبياً نظراً لتأكيد 'حزب الله' تبعيته الكاملة للولي الفقيه، مما يجعل الرئاسات والسياسة في لبنان والمكونات السكانية بطوائفها كافة ومذاهبها تحت وصاية الولي الفقيه وممثلة في لبنان. لذلك فلا يكفي الجحود بما قام به الرئيس الحريري للتغطية على مشاركة الرئيس ميقاتي في دعم سلطة ولاية الفقيه في لبنان.
() عضو المكتب السياسي لـ'تيار المستقبل'


ـ 'النهار'
لأن لا نيّة لدى ميقاتي لاتخاذ قرارات تتحدّى المحكمة
'تمييع' القرار الظني يجنّب الحكومة المواجهة الدولية
سابين عويس:

اذا كان قرار قوى الرابع عشر من آذار عدم المشاركة في الحكومة سرّع عجلة التأليف وحسم الخيار المتبقي أمام رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي في اتجاه تأليف حكومة من لون واحد، فان ثمة عقبة لا تزال قيد المعالجة في حركة الاتصالات والمشاورات تتمثل في توافق الاطراف المسيحيين في اللون الواحد على تقاسم المقاعد الوزارية شكلاً ومضموناً انطلاقا من الحجم المرتقب للحكومة العتيدة وتوزع الحصص والحقائب فيها.  وتنحصر العقبات حاليا في الحقائب الامنية الاساسية ولا سيما الداخلية والعدل لما لهذه الحقائب من رمزية وأهمية لمسؤوليتها عن 3 ملفات ستشكل عناوين المرحلة المقبلة وهي: الامن والمحكمة الدولية والانتخابات النيابية في ربيع 2013 علماً ان هذه الانتخابات مقدر لها ان تفرز الغالبية النيابية التي ستنتخب رئيس الجمهورية في 2014. وفيما يحرص ميقاتي على توفير حصة وازنة لرئيس الجمهورية في الحكومة معطوفة على حصة مماثلة للطائفة السنية تعوض خروج فريق 14 آذار من السلطة مقابل تمثيل غير حزبي لـ'حزب الله'، يبدو التنازع على اشده في الجانب المسيحي بين رئيس 'تكتل التغيير والاصلاح' العماد ميشال عون ورئيس 'تيار المردة' النائب سليمان فرنجية اللذين يجمعهما قاسم مشترك واحد: تولي الحقائب الاساسية ولا سيما منها الداخلية وعدم التنازل عنها لأي سبب لرئيس الجمهورية ووضع فيتو على عدد من الاسماء المطروحة في التداول لهذه الوزارة ولا سيما من المقربين من الرئيس سليمان. وهذا ما دفع بأسماء جديدة من محيط قصر بعبدا. وخلافا للأجواء السائدة عن توقع ولادة الحكومة هذا الاسبوع، لا تستبعد مصادر سياسية مواكبة للملف الحكومي تريث ميقاتي في اعلان وزارته وان كان ثمة من يرى ان التأخير ستكون له انعكاساته على الرئيس المكلف وعلى التشكيلة المرتقبة  اذا جاء بعد اعلان قوى 14 آذار والرئيس سعد الحريري تحديدا خارطة طريق المعارضة الجديدة.

وتعزو هذه المصادر احتمال التأجيل الى جملة اسباب ابرزها انه حتى اليوم لم تنجز أي هيكلية او 'ماكيت' للحكومة العتيدة تحدد حجم تمثيل مختلف الاطراف ما يؤكد المعلومات المتوافرة عن تعذر اعلان اي تشكيلة أقله في اليومين المقبلين.يضاف الى ذلك تردد معلومات مفادها ان دمشق ليست على عجلة لرؤية الحكومة الجديدة لسببين:
 اولهما ان الانظار لا تزال متجهة نحو ميدان التحرير في مصر والمعادلة الاقليمية التي سترتسم بنتيجة التحرك الشعبي هناك والذي أزاح رقما صعبا في تلك المعادلة من شأنه ان يعيد خلط اوراق التفاوض الاقليمي والدولي على الملف اللبناني.
اما السبب الثاني فيتمثل في رأي يدعو الى انتظار صدور القرار الظني قبل اعلان التشكيلة.
وفيما تبقى هذه المعلومات في رأي المصادر عينها في اطار الاجتهاد والتحليل، ترى ان أي تأخير في اعلان تشكيل الحكومة بات يعني ان العقبات القائمة حالياً لا تزال تحتاج الى مزيد من الوقت لتذليلها، علما ان هذه المصادر لم تعد ترى في تصعيد العماد عون ما يبرره بعد تنازل الخصم المسيحي عن المشاركة وستكون زيارة الحج الى براد واللقاءات التي سيعقدها عون مع القيادة السورية مناسبة لتصويب المسار الحكومي وسقف التمثيل العوني فيها.

الحكومة والقرار الظني : وايا تكن التشكيلة الحكومية وحصة التكنوقراط المطعمة بها، فان مرحلة الاستحقاقات والاجابة على الاسئلة والهواجس المطروحة ستبدأ فور انعقاد أول جلسة لمجلس الوزراء لتشكيل لجنة صياغة البيان الوزاري. وابرز الاسئلة تتمحور حول موقف الحكومة من المحكمة وهل ستعمد الى تبني أي موقف في هذا الشأن وكيف ستتعامل مع القرار الظني عند صدوره؟ وهل كونها من لون واحد سيدفعها الى قرارات تضعها في مواجهة المجتمع الدولي؟
 يعي الرئيس المكلف ان مرحلة الكلام والتهدئة واعتماد الوسطية في التعاطي مع فريقي النزاع في لبنان ستنتهي على طاولة أول جلسة حكومية لينتقل معها النقاش حول الآليات القانونية والدستورية التي ستتيح للبنان التعامل مع الاستحقاق القضائي المقبل من دون تحدي الاسرة الدولية وقرارات مجلس الامن. ويعي الرئيس المكلف كذلك ان ثمة فسحة متاحة بين صدور القرار الظني وبين بدء المحاكمات. الامر الذي يدفعه الى دعوة حكومته الى التعاطي بمرونة مع هذا الامر وعدم اللجوء الى أي مواقف استباقية من المحكمة او من قرارها الظني لمنع وضع لبنان في مواجهة او تحد مع الامم المتحدة. وقد لمس ميقاتي من زيارات السفراء وتصريحاتهم ان الدعم الدولي مشروط بالموقف الرسمي للحكومة من المحكمة ما يجعله بمنأى عن التزام اي تعهدات بشأن تجميد بروتوكول المحكمة أوتمويلها او سحب القضاة اللبنانيين منها في البيان الوزاري الذي تفيد معلومات انه سيخلو من أي اشارة الى هذا الامر. ما يحول دون حصول اي استفزاز للاسرة الدولية فيأتي صدور القرار من دون ان يوضع موضع التفنيذ من الجانب اللبناني. وجل ما يمكن ان يستتبع بطلب التعاون على مستوى تقديم معلومات باعتبار ان الاسماء التي قد ترد في القرار قد لا تكون موجودة في لبنان والمطالبة بها لن تتم الا عند بدء المحاكمات. اذن فان لبنان والحالة هذه لن يكون اتخذ اي اجراءات عملية ضد المحكمة وبالتالي لن تكون هناك مواجهة مع القرارات الدولية. وفي الخلاصة سيؤدي 'تمييع' الموضوع على حد ما تقول مصادر سياسية مطلعة الى عدم اخضاع لبنان لأي شروط قاسية واي رهان على ان القرار الظني من شأنه ان يسقط الحكومة لن يصح.


ـ 'النهار'

25 يناير ليس 7 أيار
عبد الوهاب بدرخان:

مسلسل التضليل السياسي مستمر في لبنان، ولم يعد يكتفي بالشأن الداخلي بل يتمدد الى الشأن العربي. لعل المثال الاخير، في التعاطي مع الحدث المصري الكبير، ذو دلالات، خصوصا في الاسقاطات الملتوية والمفتعلة على الوضع اللبناني، أو في توقعات متسرعة كالتي يذهب اليها 'حزب الله' وحلفاؤه متنبئين بانتقال مصر من معسكر 'الاعتدال' الى معسكر 'الممانعة'. ورغم ان منسوب التسييس هو نظريا أعلى عند فريق 8 آذار منه عند فريق 14 آذار إلا أنه لم يبد فهما لحقيقة ثورة مصر. والواقع ان الفريقين وقعا في سطحية مخزية، الاول باعتقاده ان مصر ما بعد الثورة ستصبح في صفه، والثاني بارتدائه حلة الخيبة وكأنه يدين بوجوده وموقعه لنظام آيل الى السقوط. كان الاحرى بالفريقين أن ينكبا على التعرف الى طبيعة هذه الثورة، واستكناه دروسها المتوافرة حتى الآن. ولو أن 'فريق 14' حاول الغوص في أعماقها لوجد أنها، بروحها ومضمونها والاطياف السياسية المشاركة فيها، أقرب الى ما سمي 'ثورة الارز' في مرحلتها الاولى التي سبقت انسحاب القوات السورية من لبنان، وكان يجدر تطويرها رغم الانقسام الذي حصل لاحقا. ولو حاول 'فريق 8' الاقتراب من سر هذه الثورة لما وجد فيها أي شيء يشبهه، وهذا هو الواقع، فلا الاعتصام في ميدان التحرير نظير للاعتصام في ساحة رياض الصلح، أما الخيام المسلحة في قلب بيروت فهي نقيض مطلق للحناجر المسالمة في قلب القاهرة.

لا داعي للاغراق في المقارنات، فلكل من الحالين خصوصياتها، لكن في 2005 كما في 2011 كان هناك نظام مدعو الى 'الرحيل'، نظام الوصاية في لبنان، ونظام التسلط في مصر. وكما نسمع الآن في مدن مصر سمعنا كذلك في لبنان صرخات التوق الى الحرية، والمطالبة بتنظيف 'المنظومة الامنية' الفاسدة وتطهيرها من العناصر السامة التي فقدت نهائيا اخلاقية احترام المواطن. ولمن يريد المزيد من التشابه فان شباب مصر الذي صنع ثورة 25 يناير وشكل اللغز الذي دوّخ الدولة وحزبها وأحزاب المعارضة، هو نسخة مطورة من شباب 'ثورة الارز' العابر للتيارات والاحزاب، وكان يمكن لهذا الشباب اللبناني ان يذهب أبعد في انضاج حركته لولا ان الاحزاب التقليدية ما لبثت أن صادرت جهده وعرقه وتضحياته. وثمة مخاوف في مصر اليوم من ان تتعرض ثورة الشباب للخيانة لتغزو كومبيوتراتها فيروسات وديدان الاحزاب البالية، وهي هذه الاحزاب التي كان 'فريق 8' يشعر بأنها أقرب اليه. التجربة خير برهان. فليسأل إعلام 'فريق 8' شبان وشابات ميدان التحرير، بل ليسأل حتى أحزابه البالية، عن رأيهم في ما تفضل به مرشد الجمهورية الإيرانية من استخلاصات في شأن ما يحدث في مصر. وليسأل ايضا عن رأيهم في ما تفضل به الرئيس السوري في صحيفة 'وول ستريت'. وليسأل أخيرا عن رأيهم في ما تفوه به بعض رجال الدين الخليجيين. ولن تكون الاجابات مختلفة في الحالات الثلاث. فحتى المصريين غير المعادين لايران، وجميعهم من الاسلاميين او القريبين من 'الاخوان المسلمين'، وجدوا في تصريحات علي خامنئي تشفيا ممجوجا ومخاطبة غير ذكية للجيش المصري وبعدا شاسعا عن حقيقة الحدث ومغازيه. ولا شك أن شباب ميدان التحرير سيقرأون في التصريحات السورية مكابرة كالتي كانوا يجدونها في خطاب النظام المصري قبل اهتزازه. فالحكام إزاء شعوبهم سواء، وكلهم في الاستبداد سواء.

تمثلت ابداعية الثورة الشبابية في أنها جعلت الرؤية مشوشة حتى لدى العواصم الغربية التي تقدم نفسها على أنها 'صديقة' لمصر، فاذا هي مثل اسرائيل 'صديقة' للنظام او قل لبعض النظام فحسب. وفي أي حال فانها تصرفت جميعا على نحو غير صديق بالمرة، لا للنظام ولا للشعب. ولم يكن في ذلك ما يفاجئ، بل ما يؤكد مرة اخرى انها تنطبق أساسا من عداء للعرب لأنهم يعادون اسرائيل. لكن المذهل والمفاجئ في موقف طهران أن الرؤية لديها كانت بالغة الوضوح، اذ ان المرشد صوّر ما حدث وكأنه فصل آخر من فصول 'تصدير الثورة الايرانية'. فبعد العراق ولبنان وغزة – ومع احتساب سوريا – ها هي مصر نفسها تقع بين يدي الولي الفقيه، الذي أفتى باقامة 'شرق أوسط اسلامي' كردّ استراتيجي على الشرق الاوسط الاميركي'. واقعيا، لم تكن طهران الحكومية موفقة ابدا في مقاربتها للحدث المصري، خصوصا في تهافتها لتبدو 'عرابا' لهذه الثورة. بل كان في موقفها 'استكبار' متعمد، ليس على المصريين الذين لا يكترثون، وانما على الشعب الايراني نفسه الذي عبر بقوة عن رفضه الظلم والقمع والبطش، وطالب ويطالب بالتغيير وبالحريات وبوضع حد لزمرة الفاسدين الذين يهيمنون على نظام 'الجمهورية الاسلامية'.

بالعودة الى التداعيات اللبنانية، ليس معروفا كيف يدّعي 'فريق 8' زمالة أو اخوة الثورة المصرية انطلاقا من تبعيته الكاملة لنظامين غير مؤهلين لاعطاء أحد دروسا في الاصلاح او احترام الحريات او الانتخابات الحرة او محاربة الفساد أو ضبط الجهاز الامني ووضع حد لاعتداءاته على المواطنين. أما 'فريق 14' المحبط لفقده دعم نظام آفل فعليه ان يتذكر أن أحد أهم أهداف الثورة الشبابية هو اصلاح الدولة واعادة بنائها، وبالتالي فانها تلتقي معه ضد عقلية التسلط على الدولة واختراقها ومصادرة قرارها. بل عليه أن يتذكر ايضا ان كل بلد عربي يستعيد فيه الشعب حرياته ودوره لا بد ان يكون سندا للبنان ضد المتكالبين عليه. ولعل القمع الوحشي المنفلت الذي ساد أيام الغضب في مصر كان يشبه البطش الذي عمدت اليه ميليشيا 'الباسيج' في ايران ضد المحتجين على تزوير انتخابات 12 حزيران 2009، وقد كانا في بعض مظاهرهما مشابهين لأحداث 7 ايار 2008 في بيروت. ليس عند 'فريق 8' وداعميه ما يلتقي مع ثورة الشباب المصري. بل ان انقسام الفريقين اللبنانيين جعل لبنان خارج الصورة ولا علاقة له بما يحصل في مصر.


ـ 'السفير'

استقرار لبنان والاهتزاز الإقليمي
نهلة الشهال:

لم يكن ليتوفر للبنان صيغة أفضل مما حصل له، عبر تكليف الرئيس ميقاتي تشكيل حكومة هادئة. لماذا؟ باختصار، لأن الوضعين الإقلــيمي والدولي متـموجان، تعصف بهما رياح عدم استقرار وتغييرات كثيرة. ولا نقطــة ارتــكاز متوازنة في أي منهما، ولا بينهما. لذا فخير ما يمكن أن يعبِّر عن هذه الحــالة، وأن يعـْبر بلبنان وسط العواصف، هو صيغة من الحياد، وربما ـ إذا حالف حــظ أكبر البلد ـ منحى تكنوقراطي نشط لتلك الحــكومة (بل محتــرم، وهذا قد يبــدو تطلباً كبيراً!)، يسعى إلى الالتفات لمعالجة مشاكل الناس الحياتية، والى وقف النخر المريع اللاحق بالمؤسسات، وقد أُهملا وعُطلا مديداً بحجة الصـراع على الغلبة.

وبخصوص تلك الغلبة، فلا يكفي بهذا الصدد أن يكرر الجميع أنهم ضدها، وان يستنكروها بوصفها دوماً... من فعل الآخر، كما يسلك الأطفال غرائزياً في ملعب مدرسة، بينما يفترض أن التربية تهدف إلى تحويلهم إلى كائنات اجتماعية. فمن المدهش أن يظن سعد الحريري مثلاً أنه مطلق اليد في البلد، وان مصدر ذلك هو كونه الممثل الشرعي والوحيد لطائفته. بل راح البعض يشير إلى ما يقال له &laqascii117o;الحريرية" (؟) من دون تعيين لخصائصها، اللهم إلا إذا كانت تعني الاستئثار بالتمثيل السني بحجج مختلفة، تصل في إدقاعها إلى اعتبار تعويض الابن دم أبيه، وان تلك هي الاستمرارية (وهذا غير قائم حتى في الصيغ العشائرية الأكثر تخلفاً). وهكذا نبدو أمام جنوح نحو غلبة مضاعفة: على مستوى البلد، وعلى مستوى البني ما دون الوطنية. وهذا مقتل لبنان، لأنه يخالف في الصميم منطق نشوئه واستمراره.

وهذا رغم أن الازدواج خاصية لبنانية بامتياز وفي كل شيء. بل لعله سر هذا البلد! ألم ندرَّس صغاراً أن بحره وجبله متلاصقان وأن تلك ميزة فريدة؟ وإن صغر مساحته وشح موارده الطبيعية لا يمنعان عنه إحساسه بعظمته، بل بأنه ليس أقل من &laqascii117o;صرَّة الكون"! وبيروت حاضرة عالمية بينما يخيم فقر وتخلف مذهلان في الأطراف، بما فيها المدن - ومدينتا طرابلس وهي &laqascii117o;العاصمة الثانية"، خير شاهد على ذلك، بغض النظر عن تواريخ سالفة مجيدة كانت لها قبل ولادة لبنان الحديث. وفي بيروت ذاتها، يتكثف المشهد ما بين واجهة عصرية للغاية تنافس في تظاهراتها أهم العواصم، وأخرى فاحشة الغنى لحد إثارة التقزز من خيلائها، بينما على بعد مئات الأمتار ليس إلا، يقيم بؤس غير مرئي من العيون الخارجية، فتكتشف رقة تلك الواجهات، ولكن سطوتها.

ولبنان يشتغل على عقليتين تتعايشان، بل تختلطان أحياناً، واحدة بدائية إلى حد مذهل، ضيقة الأفق ح

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد