- منبر 'النهار':
32 عاماً على الثورة الإسلامية في إيران
سيد محمد حسين رئيس زاده (المستشار الثقافي للسفارة الايرانية في لبنان):
بعد مضي 32 عاماً نجد من المفيد مقاربة الوضع الحالي للثورة الاسلامية ومواقف أعدائها، ونسأل هل وصل هؤلاء الى اهدافهم؟ وهل تراجعت الثورة عن أصولها وأسسها وأهدافها؟
إن التأمل في حقائق هذه المواجهة على مدى الاعوام الـ32 الماضية يشير الى أن ايران تواصل الطريق والمبادئ والأهداف نفسها التي أسست لها الثورة. ولكن، في الجبهة المقابلة، وجدنا ان تغييرات طرأت على الوسائل والاهداف من جانب اعداء الثورة الاسلامية. وهذه الوسائل والاهداف هي ذات مدارج ومراحل ودرجات، وأهمها:
أولاً: التآمر على الثورة، والتخطيط للوصول الى هذا الهدف، عبر اثارة الحروب الداخلية والفتن القومية، الى الانقلابات العسكرية والحرب المفروضة والمقاطعة الديبلوماسية والحصار الاقتصادي والسياسي والعلمي، وصولاً الى الفتنة الأخيرة بعد الانتخابات الرئاسية قبل سنتين مضتا.
الثانية: بعد يأسهم من تحقيق هدف اطاحة النظام السياسي في ايران جرى التركيز على إضعافه، من خلال تهديد الاستقرار والأمن في البلاد وحصر الثورة في حدود الجغرافيا القومية الايرانية، وأيضاً منع البلاد عن التقدم والازدهار في مختلف الصعد.
أما التساؤل عما اذا حقق الاعداء اهدافهم فيمكن القول، أنه بالنسبة الى المرحلة الاولى من هذه الأهداف، كانت اخفاقاتهم واضحة، فنحن الآن نحتفل بالذكرى 32 للانتصار، وهذا معناه ان روح الثورة لا تزال حاضرة وفتية وقوية في ايران.
أما من جهة توسع الصورة وافكارها الى خارج البلاد فهو أيضاً واضح ومبرهن، يكفي أن ننظر الى وضع المقاومة في المنطقة أين كانت قبل انتصار الثورة وأين اصبحت. وفي الوقت الراهن نرى كيف بفكر الكيان الصهيوني في كيفية حفظ نفسه من الخطر والتهديد، مع أنه في السابق كان يفكر ويخطط لكيفية ايصال نفوذه وسيطرته على النيل والفرات.
وأما من جهة تقدم البلاد وازدهارها، فلا يتسع المجال لأن نشرح كل التطورات التي حصلت على الصعد الصناعية والعسكرية والعلمية والزراعية والطبية وغيرها. ولنا هنا ان نقارب الصورة الاجمالية الراهنة في مجال العلم والصحة، ما قبل الثورة وما بعدها.
أ – على صعيد العلوم:
&bascii117ll; عدد الجامعات والطلاب الجامعيين في كل المراحل:
قبل الثورة كان عدد الجامعات في الأكثر 30 جامعة، وعدد الطلاب حوالى 170 الف طالب وطالبة. اما حالياً فيوجد اكثر من 120 جامعة تشتمل على مختلف الفروع، و300 مركز تعليمي جامعي تابع للجامعة الحرة، وعشرات المراكز الجامعية التابعة لجامعة بيام نور والجامعات الخاصة، وعدد الطلاب والطالبات هو اربعة ملايين في مختلف المجالات العلمية، و55000 عضو في الهيئة العلمية في مجال التدريس والبحث، ولكن قبل الثورة كان عدد اعضاء الهيئة العلمية 3500.
&bascii117ll; قبل الثورة كان 350 الى 400 مقالة تدون سنوياً لايران في مراكز العالم العلمية، ولكن فقط خلال النصف الاول من عام 2010 تم تدوين 21000 مقالة لايران.
&bascii117ll; قبل الثورة لم تكن هناك اختصاصات في أكثر الفروع. كنا نستقدم المتخصصين الى البلاد في أكثر المجالات، ولكن بعد الثورة صارت في الجامعات الايرانية اختصاصات على مستوى الدكتوراه وفي العلوم الدقيقة العالية في مختلف الفروع، ونذكر هنا أنه فقط في مجال تكنولوجيا علم النانو لعام 2009 وصل عدد المتخصصين الى 1600 في مرحلة الماجستر والدكتوراه.
&bascii117ll; حتى عام 2007 سجل اكثر من 6000 اكتشاف وابداع باسم العلماء الايرانيين بينما رتبة ايران في سلم التكنولوجيا الدولية هي بين 40 – 50، وفي انتاج علم النانو بين 20 – 30، وفي بعض العلوم حازت ايران رتبة رفيعة من العشر الاول من ضمن دول العالم المتقدم، وفي مجال توليد الخلايا الاساسية او الخلايا الأم، حازت ايران المرتبة الخامسة.
&bascii117ll; في الوقت الحاضر توجد 11 قدرة نووية في العالم، ومن بين هذا العدد استطاعت ثماني دول ان تصل الى عجلة توليد الوقود النووي، من جملتها ايران، التي التحقت أخيراً بهذه الدول.
&bascii117ll; وفق ما جاء في احصاءات احد مراكز الاحصاء العلمية، التي يديرها الأميركيون والكنديون معاً، جاء ان سرعة النمو العلمي في ايران قد تصل الى 11 ضعفاً نسبة الى النمو العلمي في العالم.
خلاصة الكلام ان ايران تقدمت في كل الصعد العلمية والتكنولوجية، وحازت المرتبة 11 في العالم، والمرتبة الثانية في منطقة آسيا. وفي بعض الاختصاصات تحتل ايران احدى المراتب الأولى في العالم، والمهم أن الشعب الايراني أنجز هذا التقدم نتيجة الثقة بالذات، ما أدى الى بلوغ مرحلة الاكتفاء الذاتي في أكثر المجالات تعقيداً، وخصوصاً مجال الطاقة النووية السلمية وتكنولوجيا النانو.
ب – في مجال الصحة والطب:
&bascii117ll; مع ان ايران كانت في حاجة الى استيراد الاطباء من خارج البلاد (في السنوات الاولى من انتصار الثورة) تعتبر حالياً ضمن الدول العشر الاوائل في مجال العمليات الجراحية للقلب.
&bascii117ll; حتى عام 1979 اجريت 50 عملية لزراعة الكلية، ولكن منذ انتصار الثورة وحتى الآن اجريت 170 الف عملية زرع كلية.
&bascii117ll; انخفض عدد المبعوثين الى خارج البلاد من أجل المعالجة خلال الـ30 السنة الفائتة من 4000 حالة سنوياً الى 44 حالة سنوياً.
&bascii117ll; يتم في ايران سنوياً اجراء 2000 عملية زرع اعضاء فيما تعتبر ايران اليوم من الدول الآسيوية الرائدة في هذا المجال.
&bascii117ll; 95% من الأدوية التي يحتاج اليها البلد تنتج داخل البلاد، أما قبل انتصار الثورة الاسلامية فكانت البلاد تنتج 25% من حاجاتها الدوائية ومن دون شك يعتبر هذا تطوراً ملحوظاً ومهماً. حقيقة الأمر ان ايران الآن تعتبر من أكثر القوى اقتداراً في المنطقة، ولا سيما انها دخلت في النادي النووي. ولقد وصل الاكتفاء الذاتي الى أكثر المجالات العسكرية والزراعية والطبية و... وأما في المجال السياسي فهي الأكثر شعبية في المنظومات السياسية الموجودة في العالم اليوم. الشعب هو المتخذ الوحيد للقرارات السياسية، اضافة الى ذلك يتمتع الشعب الايراني من الناحية الاجتماعية أيضاً بروح وطنية عالية. ولعل مشاركة 40 مليون ناخب في انتخابات العام الماضي دليل الى الشعور العالي بالمسؤولية السياسية لدى الشعب، وهو يبين ايضاً مستوى حضوره في الميدان وحبه ورغبته في النظام. كما ان الجمهورية الاسلامية تتمتع بالعمق المنقطع النظير بين الشعوب المسلمة وغيرها، ولعل استقبال الشعب اللبناني للرئيس احمدي نجاد هو من الوجوه الدالة على ذلك. فالحركة في ايران هي في حالة تصاعدية. اما في الجبهة المضادة للثورة، وخصوصاً اميركا واسرائيل في معارضتهما للثورة الاسلامية، فهي في سياق هابط.
وحينما ننظر الى هذين الكيانين نجد انهما آيلان الى الانهيار. وهو ما تدل اليه مشاهد الازمات الداخلية والخارجية، ولاسيما منها كراهية الشعوب لهما واخفاقهما في الحوادث العسكرية الأخيرة في العراق، افغانستان، غزة ولبنان، والابتلاء بالركود الاقتصادي الشديد، وعدم النجاح في السياسات الشرق أوسطية في سوريا، لبنان، العراق وفلسطين وانخفاض ثقة المسؤولين الأميركان والاسرائيليين وعجز اميركا عن اتخاذ قرارات من قبيل مواصلة احتلال العراق وافغانستان او الخروج منهما، وأخيراً وليس آخراً اخفاق الحكومات التابعة لها في تونس ومصر واليمن في مواجهة الانتفاضات الشعبية.
ان المشهد الاجمالي الذي يعيشه العالم اليوم يدل دلالة قاطعة على ان خط مقاومة القهر والظلم والعدوان ضد كرامة الشعوب واسترداد الحقوق هو الخط الصاعد والمتلائم مع منطق التاريخ وحتمية انتصار العدالة الانسانية.