قضايا وآراء » قضايا وآراء مختارة من الصحف اللبنانية الصادرة الخميس 24/2/2011

ـ 'السفير'
كتاب مفتوح إلى الرئيس انطونيو كاسيزي: لا المحكمة عادلة... ولا أنت نزيه
حسن حماده:

حضرة الرئيس
تحية، وبعد
يسرني أن أخاطبك مباشرة، وقد بدأت بالتعرف إلى نتاجك القانوني منذ ثماني عشرة سنة، وكم كنت أعجب بين الحين والآخر، بقوةِ منطقك، وتماسك اجتهادك، على الرغم من اختلافي معك في السياسة، اختلافاً جذرياً، منذ العام 2002 تحديداً، لاقتناعي العميق بأن الحق والعدل والسلم يجب أن يكونوا هم ركائز السياسة، ومعيار العلاقة بين الأفراد والشعوب، وليس الظلم والحرب والاحتلال.
لقد تابعتك مذ عيّنوك أوّل رئيس للمحكمة الخاصة بيوغوسلافيا السابقة في التسعينيات من القرن الماضي، فاحترمت موقفك النقدي من المدعي العام السيدة لويز هاربور لسلوكها المنسجم والمتكامل تماماً مع سلوك القادة الميدانيين لقوات الحلف الأطلسي في يوغوسلافيا، كما احترمت موقفك النقدي من خليفتها على رأس الادعاء العام السيدة كارلا دلبونتي التي رفضت فتح تحقيق مع أي من الضباط والجنود المنضوين تحت لواء الحلف الأطلسي على الرغم من معرفتها ومعرفة الجميع بضلوع أولئك العسكريين في العديد من جرائم الحرب التي ارتكبت في تلك البلاد المنكوبة، وقدرت عالياً رفضك المبدئي لـ&laqascii117o;عدالة المنتصرين"، ومثالها الأبرز &laqascii117o;عدالة نورمبرغ"، ومن هذا المنطلق جاء اعتراضك المحق على محكمة الرئيس العراقي صدام حسين..
حضرة الرئيس
لا شك في أن مجمل ما تقدم، في الحديث عن شخصك الكريم، يحوي تناقضاً عميقاً، غير أن هذا التناقض تفرضه الوقائع، أو ما يمكن أن أسمح لنفسي بتسميته &laqascii117o;العدالة النسبية"، تيمنّاً بـ&laqascii117o;الديموقراطية النسبية" التي تحدث عنها قبل أيام رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي السناتور جون كيري، في سياق إبداء رأيه في طبيعة النظام البديل لنظام مبارك إذ اعتبر أن هذا النوع بين من صيغ الحكم يمكن له أن &laqascii117o;يسمح بالمحافظة على مصالح الغرب".. وهذا هو المهمّ وليس الديموقراطية ولا حقوق الإنسان ولا دولة القانون.
&laqascii117o;العدالة النسبية".. إلهي... كم يصعب، يا حضرة الرئيس، التوفيق أو التعايش بين هاتين الكلمتين، داخل معتقل المزدوجين.. إنها، يا لسخرية القدر، نقيض العدالة إذ هي تجعل من أي محكمة يديرها قضاة &laqascii117o;نسبويّون" محكمة سياسيّة بكل معنى الكلمة. أقول &laqascii117o;سياسية" وليس &laqascii117o;مسيّيسة" كما يردّد عندنا، خطأً، هذه الأيام. وحين تكون المحكمة سياسيّة تنعدم فيها مقومات العدالة المطلقة إذ تجافي الحقيقة بالمطلق.
فالـ&laqascii117o;عدالة النسبية" بطبيعتها &laqascii117o;عدالة انتقائية، كم غطت من مظالم عبر التاريخ, كم برأت مجرمين، وكم جرمّت أبرياء. وهي باتت ملازمة لما درج على تسميته بـ&laqascii117o;القضاء الدولي".
هل أنت من &laqascii117o;القضاة النسبويين" يا حضرة الرئيس؟.. أم أنت من دعاة العدالة المطلقة التي لا تشوبها شائبة؟...
كثيرٌ ما يترّدد، من جانب أشخاص المحكمة التي تترأسها عبارة &laqascii117o;أعلى درجات المهنّية" و&laqascii117o; أعلى درجات النزاهة".. فهل يتوفّر ذلك حقاً في محكمتك اليوم فتتميّز من حيث النزاهة عن محاكم نورمبرغ ويوغوسلافيا السابقة ورواندا والعراق؟.. لا شيء يؤكد ذلك يا حضرة الرئيس، لا شيء. حسبنا أن نستعرض، باختصار وبتركيز، ظروف نشأة &laqascii117o;المحكمة الخاصة بلبنان" والغموض الملازم لها والالتباسات المحيطة بها. وسأبدأ بطرح سؤال عليك، ساذج وبريء، لكنه ضروري والأرجح أن أحداً لم يطرحه عليك بعد:
أيّة محكمة تترأس؟...
هل أنت تترأس محكمة ذات طابعٍ دوليٍّ أم محكمة دولية؟!..
علينا، يا حضرة الرئيس، أن نبدأ بهذه النقطة بالذات لتوضيح صورة ما ارتضيت أنت لنفسك به، إذ لا اخالك تجهل أن الغموض والالتباس بدءاً مع النصّ الأوّل، الأساس المنشئ للمحكمة، أي قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1664 (تاريخ 29 آذار 2006)، إذ ورد في الفقرة الرابعة من مقدمة القرار إشارةٌ إلى رسالة بتاريخ 13 كانون الأول/ديسمبر 2005 وجهها رئيس الحكومة اللبنانية إلى أمين عام الأمم المتحدة (الوثيقة ذات الرقم 782/2005/s) بخصوص إنشاء:
&laqascii117o;محكمة ذات طابع دولي".. وفق النصيّن الانكليزي والعربي للقرار آنف الذكر...
&laqascii117o;محكمة دولية".. وفق النصّ الفرنسي للقرار ذاته!...
وأوّل ما يتبادر الى الذهن غموض والتباس القرار الدولي الشهير 242 بسبب التباين الحاصل، المفتعل، ما بين النصيّن الانكليزي والفرنسي، إذ افترض الأوّل الانسحاب الإسرائيلي من &laqascii117o;أراضٍ احتلت" اثناء حرب حزيران/يونيو 1967 بينما افترض النص الفرنسي الانسحاب الإسرائيلي من &laqascii117o;الأراضي" التي احتلت.. وما زالت الأزمة مفتوحة لغاية اليوم.
حضرة الرئيس، لو طلب منك الإشراف على تنفيذ القرار 242، أيّاً من النصين كنت ستعتمد؟...
إن الخدعة، المفتعلة، في الترجمة، تلازم النصوص كافة ذات الصلة بـ&laqascii117o;المحكمة الخاصة بلبنان"، وأبرزها ثلاثة: نص القرار 1757 (تاريخ 30 أيار/مايو 2007) ونص مذكرة التفاهم بين منظمة الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية (خصوصاً الفقرتين الأولى والثانية من المذكرة).. ونص نظام المحكمة، خصوصاً مقدمة هذا النصّ. وهذه الخدعة ليست بريئة، إذ سبق للوسط السياسي اللبناني أن عرف نقاشاً طويلاً حول صيغة المحكمة واستقر الرأي على توجيه الطلب إلى أمين عام الأمم المتحدة بشأن &laqascii117o;محكمة ذات طابع دولي". مَن المسؤول عن هذا النص الفرنسي؟... المحكمة كما هي محكمة &laqascii117o;دولية" وليست ذات طابع دولي. أين أنت يا حضرة الرئيس من كل ذلك؟!...
معاهدة فييّنا وحجتك الضعيفة
إن التباين بين النصين يزيد من فظاعة الانتهاك الحاصل للدستور اللبناني ويضعف حجتك في شأن معاهدة فيينا التي تجعل الاتفاقية غير الدستورية صالحة ومصّادق عليها من خلال تصرف الدولة وامتثالها لطلب القضاة الدوليين بتسليمهم كل الأوراق والملفات التي جمعت من قبل لجنة التحقيق الدولية والقضاء اللبناني، أي أن تجاوب الدولة اللبنانية مع هذا الطلب يحلّ محل الموافقة من قبل مجلس النواب!!!.. محض اجتهاد مشدود من أنفه.
أنت يا حضرة الرئيس اعترفت، بصفتك اكاديمياً وأستاذاً جامعياً، حسب قولك بالضبط، بأن الاتفاقية الموقعة بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة لم يصادق عليها بحسب الأصول ثم اعتبرت بأن سلوك الدولة هو بمثابة مصادقة، الأمر الذي يعفيك من أي موجب معنوي حسب رأيك!!!... إني أرى الاجتهاد يتبعك في رغباتك يا حضرة الرئيس. عجباً رأيت.
يا حضرة الرئيس، إن المشكلة الدستورية في موضوع هذه الاتفاقية الدولية لا تكمن فقط في مسألة المصادقة عليها وإنما أيضاً في الجهة التي تولت التفاوض والتوقيع، من الجانب اللبناني، أي وزير العدل بالتنسيق مع رئيس الحكومة، في الوقت الذي يحصر الدستور هذا الحق برئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة ولا يمكن إبرامها إلاّ بعد موافقة مجلس النواب، إذ أنها تنطوي على شروط مالية ولا يجوز فسخها سنة فسنة.
يا حضرة الرئيس، إن المادة 52 من الدستور اللبناني واضحة، ساطعة، تنص حرفياً على الآتي:
&laqascii117o;يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة بعقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة ولا تصبح مبرمة إلاّ بعد موافقة مجلس الوزراء. وتطلع الحكومة مجلس النواب عليها حين تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة. أمّا المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة فلا يمكن إبرامها إلاّ بعد موافقة مجلس النواب".
خرق الدستور، من جانب الفريق اللبناني، واضح ولا يقبل أي جدالٍ أو اجتهاد، يا حضرة الرئيس، ولا يمكن لأحد تبرير خرق الدستور، مهما ارتفع مركزه وقويت سلطته واشتدّ بأسه. وانت من خيرة العارفين بأهمية الدساتير بالنسبة إلى الدول، وبمحاذير خرق الدساتير على سلامة الدول والسلم الأهلي فيها.
لذا فإن هذه الاتفاقية ومتفرعاتها هي بحكم غير الموجودة من منظار الدستور اللبناني، والفقه الدستوري.
ومن سخرية القدر، ونوادر الزمان، أن الوزير اللبناني (بالهوية فقط) وضع تواقيعه على النصوص الثلاثة باللغات الثلاث، أي أنه وقّع على إنشاء محكمةٍ ذات طابع دولي وفي الوقت نفسه وقع على إنشاء محكمة دولية. (طبعاً، يا حضرة الرئيس، إن هذه النقطة الأخيرة لا تعنيك لكنها تسمح لك بأن تأخذ فكرة إضافية عن الخلفيات التي حركت مشروع قيام المحكمة التي تترأسها أنت).
حضرة الرئيس، إن اتفاقية فيينا غير صالحة لهذه الحالة تحديداً، وبالتالي فإن المحكمة غير موجودة بالقياس الى الدستور اللبناني، وبالتالي أنت غير موجود بصفتك هذه. فهل يعقل أن توافق على المشاركة بمحكمة مخالفة بالكامل لدستور وقوانين وأنظمة الدولة المعنية بهذه المحكمة؟!.. فكيف وأنت تترأسها؟؟؟...!!!...
بل سوف أذهب معك الى ما هو أبعد من ذلك، فأسلّم جدلاً بصحة اجتهادك في شأن معاهدة فيينا الآنفة الذكر. ومع ذلك، ثق تماماً يا حضرة الرئيس، بأنك ستقع في المأزق نفسه إذ خلال الفترة الزمنية التي تفصل ما بين تعيينك، وتعيين باقي القضاة (آذار/مارس 2009) وتاريخ 8 نيسان/ابريل 2009، تاريخ تسلم السجلات والأوراق من الدولة اللبنانية، قبلت أنت أن تكون عضواً في &laqascii117o;محكمة خاصة بلبنان" غير مصادق عليها من قبل لبنان. فهل يُعقل أن توافق على ذلك، فتضع نفسك في موضعٍ كهذا، ما كان ليليق بمستواك لو حصلت الأمور قبل العام 2002؟؟؟...!!!...  
تغطية الزور.. عمل لائق؟....
حضرة الرئيس
كنت أتابعك بشغفٍ، عبر التلفزيون، يوم 16 الشهر الجاري، فأدهشتني، كالعادة، بتماسك منطقك، وقريحة العالم - الفقيه القانوني، قريحتك أنت، حتى خلت نفسي من جديد جالساً على مقاعد الدراسة في معهد الحقوق أستمع الى محاضرة رائعة وأسجل مضمونها ولكن.. ولكن، إذ بالنفور يجتاحني، نفورّ حزينٌ - حزينْ، إذ عاد إلى ذهني فوراً موضوع شهود الزور فأعادني من حيث اختطفني سحر اجتهادك لأصطدم بالواقع من جديد.
شهود الزور.. عارّ ما مثله عار، يتم الاعتراف بوجودهم ويتمّ تجنّب ملاحقتهم.
هل هذه يا حضرة الرئيس &laqascii117o;أعلى درجات النزاهة".. و&laqascii117o;أعلى درجات المهنية"؟؟؟... وهل هذه هي &laqascii117o;الطريقة الحيادية"... التي بها تكملون عملكم؟!... لماذا لا تنتقد السيّد بلمار لسكوته عن شهود الزور, وعدم ملاحقتهم, مثلما انتقدت السيدتين لويز هاربور وكارلا دلبونتي اللتين قامتا بتغطية مخالفات, بل جرائم, قوات الحلف الأطلسي في يوغوسلافيا السابقة.
في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر2010، وخلال المنتدى الإعلامي الذي نظمته محكمتك، بالتعاون مع رابطة الصحافة الأجنبية في هولندا، بعنوان &laqascii117o;العدالة الدولية في وسائل الإعلام"، تعمدت توجيه اللوم إلى السياسيين بخصوص ترويجهم لأخبارٍ عن مضمون القرار الظني قبل صدوره، وكذلك فعل القاضي بلمار، لكنك نسيت، وربما تناسيت، أن الساسة الإسرائيليين، والإعلام الإسرائيلي، هم مصدر الأخبار التي يروجها اللبنانيون. فلماذا سكتّ، وغضيتّ النظر عن ذلك؟؟؟...!!!.. غريب هذا الأمر، أليس كذلك يا حضرة الرئيس؟!..
ففي اللقاء الآنف الذكر، وجّهت كلامك إلى اللبنانيين قائلاً: &laqascii117o;حتى ولو كنتم تظنون أن محكمتنا مسيّسة، وان إسرائيل تموّلها، وانني في الحقيقة مدير الموساد (..) تعالوا وتحدّوا محكمتنا... وأطرحوا موقفكم".
أنت وڤيزل والسيد نصر الله
محدثك، يا حضرة الرئيس، لا يسمح لنفسه بأن يتبنى هذا النوع من الأوصاف التي وردت على لسانك بطريقة ظريفة جداً، أشبه بالمداعبة الكلامية، ولكن، بما أنك انت فتحت المجال يهمني أن ألفت انتباهك إلى أنك تحمل جائزة المناضل الصهيوني الشهير، الذائع السيط دولياً، إيلي ڤيزل، المستشار السابق للرئيس الأميركي جيمي كارتر.
إن من حقك المطلق أن تحمل جائزة ڤيزل، هذا أمرٌ يخصّك وليس موضع نقاش أبداً، لكن حيازتك لهذه الجائزة يفقدك الأهلية، أي الحيادية، لمحاكمة لبنانيين أو فلسطينيين أو سوريين أو إيرانيين. من حقك حيازة جائزة ڤيزيل كما من حق السيد ڤيزل أن يزيد ما شاء من تطرفه لمصلحة إسرائيل والحركة الصهيونية.
لكن ذلك ينعكس على وضعك وعلى نظرتنا كلبنانيين إليك وقناعتنا بأنك غير محايد. تصوّر مثلاً أن تُكلّف إحدى الشخصيات الأوروبية من الذين يحملون درع المقاومة اللبنانية أو جائزة من السيد نصر الله بترؤس محكمة يعهد إليها بمحاكمة إسرائيليين!!!.. هل سيصدّقه الإسرائيليون إن تعهّد لهم بالحيادية وبأعلى درجات النزاهة والمهنية؟؟؟....
صدقني يا حضرة الرئيس، لا أضمر لك كراهية لكنني أستغرب كيف أنت توافق على المشاركة في عمليةٍ قضائية من هذا النوع!!!.. كيف لا وللسيد ڤيزل إشكال معنا كلبنانيين. فخلال حصار بيروت عام 1982 وقصفها جواً وبراً وبحراً، في إحدى أرهب عمليات التدمير، التي تستهدف أحياءً مكتظة بالسكان، وحين سقطت إحدى الطائرات المغيرة وهبط قبطانها بالمظلة فهجم عليه الأهالي وإنهالوا عليه بالضرب، أطلّ السيد ڤيزل على شاشات التلفزة وراح يكيل الإهانات للشعب اللبناني الذي يستفرد بشاب &laqascii117o;بريء" جريمته أنه يدافع عن &laqascii117o;بلاده" ضد الإرهاب والإرهابيين.
لو كنت مكاننا, يا حضرة الرئيس, لشعرت بعمق الجرح الذي يحزّ في صدورنا وقلوبنا. لذا نتحسّس من حيازتك جائزة فيزل ونرتاب من وجودك شخصياً في المحكمة, فكيف بك رئيساً لها؟... بين لبنان واسرائيل أنت يا حضرة الرئيس فريق, فكيف تريدنا أن نرتضيك حكماً.
من الصعب جداً إخفاء هذا الاتجاه الجامح عندك لوضع اسرائيل في منأى عن الملاحقة القانونية والإدانة. ولعلّ المثال الأبرز على ذلك الاجتهاد الذي تقدمت به في العام 2005, حول تحديد الإرهاب, إذ اجتهدت بعدم أهلية الدول لارتكاب الفعل الإرهابي وحصرتَ هذا الفعل بالأفراد والمنظمات, مجرِّداً إياه من أي تبرير أو تفسير سياسي, خصوصا في حالة لجوء أفرادٍ أو منظمات إلى العنف في سياق التحرر من الاحتلال والاستعمار ولرفع الظلم والتصدي للاستبداد. ومن هذا المنطلق إن المقاومتين اللبنانية والفلسطينية هما وفقَ فقهك, في موقع الإدانة سلفاً, الأمر الذي يتطابق مع التصور الإسرائيلي ـ الأميركي السائد في شأن &laqascii117o;الإرهاب الدولي".
وفي المسار نفسه, نجد أن هذا الفقه الخاص بالإرهاب ينقلب رأساً على عقب, عندك يا حضرة الرئيس, حين يصل الأمر إلى إيران.
في الموضوع الإيراني نراك من أشدّ المتحمسين لنصرة منظمة &laqascii117o;مجاهدي خلق" المعارضة للنظام الإيراني والتي امتهنت العمل العسكري فنفذت العديد من الأعمال الإرهابية في ايران, سقط خلالها أعداد كبيرة من المدنيين الأبرياء. حتى أنك شاركت بفعالية لافتة عام 2008 في قيادة الحملة المطالبة برفع اسم المنظمة الإرهابية الإيرانية عن قائمة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي, وجرّدت حملة انتقاد شرسة ضد المجلس الوزاري الأوروبي دفاعاً عن تلك المنظمة. هنا أيضاً تلتقي مع التصور الأميركي ـ الإسرائيلي. حسبنا الإشارة أيضاً إلى كونك أبرز من تستمع منظمة &laqascii117o;مجاهدي خلق" لنصائحه القانونية.
ترى... ألهذه الأسباب وقع خيارهم عليك لترؤس &laqascii117o;المحكمة الخاصة بلبنان"؟... للأسف, إن المنطق يشير إلى ذلك. هكذا تزدوج عندك المعايير يا حضرة الرئيس.
&laqascii117o;عوارض نورمبرغ"
أنت تركز على ما تسميته &laqascii117o;عوارض نورمبرغ". وفي تصريح لك لصحيفة &laqascii117o;لا ستامبا" الايطالية, بتاريخ 20 تشرين الأول / أوكتوبر 2005, تناولت فيه محاكمة صدام حسين قلت بالحرف:
&laqascii117o;ثمة اعتبارات عدة تجعلني أخشى أن لا تكون المحاكمة عادلة. والاعتبار الأوّل هو طريقة تشكيل هذه المحكمة. فالقضاة كلهم عراقيون اختارهم جهاز سياسي. ففي ضوء نظام المحكمة, إن مجلس الوزراء يختار القضاة بناء على اقتراح مجلس القضاء. لذا فإن اختيار القضاة يخضع لمعايير سياسية غير شفافة وغير محايدة...".
لهذه الأسباب نفسها نرتاب من محكمتك يا حضرة الرئيس. إن الذي عيّنكم شخص يدعى بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة, وأنت تعرف جيداً أنه شخص غير شفاف وغير محايد.
وبالإضافة إلى ذلك, أخالك سمعت, وقرأت, تقرير السيدة بريتيلينيوس, رئيسة مكتب مكافحة الفساد في منظمة الأمم المتحدة, الصادر في تموز / يوليو 2010 والذي يحمل إدانة لسلوك الأمين العام ويطعن بعدم شفافيته في القضايا المالية وغير المالية. وبعد أن تعرّض لسلوكه تقول له: &laqascii117o;إن أعمالك ليست مؤسفة فحسب بل تستحق الشجب"... وطبعاً جرى سحب هذا التقرير من التداول على طريقة الأنظمة التي تتهاوى هذه الأيام.
عذراً, إن كنت قد أطلت, يا حضرة الرئيس، فسأقف عند هذا الحد. ولك مني تكرار التحية.  


ـ 'النهار':
الشيعة في الخليج العربي... يُغيّرونه ؟
سركيس نعوم:
 
جرى في تونس ثم في مصر من ثورة شعبية اطاحت رئيسين، وإن لم يثبت حتى الآن انها اسقطت نظامين، وما يجري حالياً في المنطقة كلها من ثورات أو انتفاضات شعبية، أقلق الولايات المتحدة، ودفع ادارتها ومراكز أبحاثها والمختصين فيها في الشرق الأوسط والعالمين العربي والإسلامي الى متابعة التطورات المذكورة على نحو دقيق جداً والى تحليلها والى محاولة معرفة ابعادها ومراميها وخلفياتها، وتالياً انعكاساتها ليس على المنطقة فحسب بل على العالم، وذلك بغية وضع السياسات القادرة على مواكبة كل ذلك ومواجهة السلبي منها.
بماذا خرجت المتابعة المشار اليها اعلاه؟
يبدأ خبراء اميركيون يعرفون المنطقة تمام المعرفة جوابهم بالخليج ودوله وتحديداً بمملكة البحرين، فيقولون انها عملياً امتداد للمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، ويلفتون الى ان الشعب في الاثنتين ينتمي الى الطائفة الاسلامية الشيعية التي تنتمي اليها الغالبية الساحقة من شعب الجمهورية الاسلامية الايرانية. ويقولون ايضاً ان دولة الكويت التي احتلها جيش صدام حسين (الراحل) في مطلع التسعينات، ثم أُجبر على الانسحاب منها بعد حرب شنها عليه فيها تحالف عسكري دولي قادته الولايات المتحدة وشارك فيه عرب، يقولون ان هذه الدولة هي امتداد بدورها لجنوب العراق وتحديداً لعاصمته واكبر مدينة فيه أي البصرة. ويلفتون الى ان غالبية أبناء المنطقة الجنوبية في العراق ينتمون الى الطائفة الاسلامية الشيعية. طبعاً لا يذهب هؤلاء الخبراء الى حد القول ان التظاهرات التي شهدتها الكويت أخيراً كانت 'شيعية' اذا جاز التعبير على هذا النحو. ذلك انهم يعرفون ان الذين قاموا بها هم الذين يطلق عليهم الكويتيون تسمية رسمية هي 'البدون'، أي الذين لا يمتلكون اوراقاً ثبوتية كويتية أو لا يحملون الجنسية الكويتية. لكنهم يؤكدون وجود نوع من التعاطف من الشيعة الكويتيين مع 'البدون' بل من الدعم لهم، ويشددون على ان هؤلاء الشيعة يساعدون البدون لتحقيق مطالبهم وابرزها على الاطلاق الحصول على الجنسية الكويتية ومكاسبها، اقتناعاً منهم بأن ذلك لا بد أن يُمكِّنهم من جني مكاسب كثيرة، كما لا بد ان تقوي موقعهم في هذه الدولة الخليجية العريقة.
ويقول الخبراء أنفسهم ثالثاً انه كلما قوي شيعة مملكة البحرين التي يشكلون من 70 الى 75 في المئة من شعبها، أي كلما نجحوا في اقناع مليكها او اجباره لا فرق على تحقيق مطالب اساسية لهم، كلما شعر ابناء المنطقة الشرقية في السعودية وغالبيتهم الساحقة من الشيعة بالقوة أيضاً. ذلك ان كلاً من 'الشعبين' الشيعيين عانى كثيراً وعلى مدى عقود من النظام الحاكم في بلاده. كما ان النظامين المذكورين عانيا بدورهما من الشعبين المذكورين جراء الاختلاف المذهبي بين السنة والشيعة في الدولتين، وتالياً جراء التطورات السلبية التي يشهدها كل منهما بسبب هذا الاختلاف، والتي كانت دائماً تهدد الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي وتحديداً النفطي فيهما. لكن معاناة النظامين كانت أقصر وأخف وطأة من معاناة الشعبين. ذلك ان المعاناة الاولى أنهاها اركان النظامين بقمع المتسببين بها وبقسوة شديدة احياناً، وبالاستمرار في مراقبتهم تحوطاً لعودتهم الى اثارة المشكلات من جديد. في حين ان معاناة الشعبين كانت مستمرة وهي لا تزال قائمة. والأمر نفسه يمكن ان يقال عن شيعة دولة الكويت وعن معاناتهم وعن معاناة نظام بلادهم منهم. علماً ان الانصاف يقتضي الاشارة الى ان حجم المعاناتين في الكويت كان أخف من حجم معاناتي البحرين والسعودية.
كيف يشعر الخليجيون العرب اليوم؟
يشعرون بالقلق، يجيب الخبراء الاميركيون انفسهم. فالثورة الشعبية غير المسبوقة التي قادها شباب مصر في '25 يناير' الماضي، والتي نجحت في ازاحة الرئيس حسني مبارك، وفي شق الطريق أمام اصلاحات ديموقراطية تُجدّد النظام أو تؤسس لنظام جديد، والثورة الشعبية التي اطاحت قبل ذلك برئيس تونس زين العابدين بن علي والتي تعمل على ما يبدو لاقامة نظام جديد مكانه، هاتان الثورتان اشعرتا الانظمة العربية الحاكمة، وخصوصاً في الخليج بأن عليها أن 'تستسلم' لمطالب شعوبها والشيعة منهم تحديداً، وان تحقق لهم الكثير من أهدافهم، علماً ان المملكة العربية السعودية، وهي الدولة الخليجية الاكبر، لا تزال تمانع في الخضوع للابتزاز بواسطة الشارع. طبعاً يعرف قادة هذه الانظمة انهم لا يستطيعون الاعتماد على حليفها الدولي الأول، أي على متعهد حمايتها ومن زمان  اميركا لكي ينقذهم من الورطة التي يجدون فيها انفسهم الآن. ذلك ان موقفه اثناء ثورة مصر لم يكن مشجعاً في نظرهم وكذلك اثناء ثورة تونس. لكنهم في الوقت نفسه يعتقدون ان لهم ولبلادهم أولوية على الدول العربية الأخرى بما في ذلك اكبرها وأقواها مصر، وفرها لهم وسيبقى يوفرها لهم النفط 'المتخزن' في باطن اراضي دولهم وبكميات هائلة. ومعروف انه سلعة استراتيجية، وان اميركا كما العالم كله يعتبران استمرار تدفقه وحماية منابعه وطرق امداده مصلحة حيوية للجميع. الا ان هذا الاعتقاد ليس في محله أو بالأحرى هو في غير محله جزئياً، يلفت الخبراء الاميركيون انفسهم. فخليج النفط العربي وغير العربي مهم جداً للعالم وهو مصلحة حيوية له ولزعيمته اليوم اميركا. لكن مصر أيضاً مهمة له وخصوصاً لزعيمته اميركا لأنها أولاً أقوى وأكبر دولة عربية، ولأن لا حرب عسكرية مع اسرائيل من دونها، ولأنها في حال سلام 'عقدي' معها ومن زمان. وثانياً، لأن اسرائيل وجودا وأمناً واستقراراً وازدهارا مصلحة حيوية اميركية ومنذ قيامها عام 1948.
ما الحل اذاً في حال كهذه؟
لا يمكن التوصل إلا الى حل اذا كانت ايران الاسلامية جزءاً منه، لانها هي التي اشعلت المشاعر الاسلامية وتحديداً الشيعية، وخصوصاً في المناطق والدول التي مارست الظلم والقمع في حق الشيعة. وذلك يقتضي اما التفاهم مع ايران او مواجهتها والانتصار عليها أو على الاقل تحجيمها. ولا أحد يعرف اذا كان الامران ممكنين الآن. فمصر ضعيفة. وعرب الخليج ضعفاء. واميركا قوية، لكنها لا تستطيع وحدها القيام بالعجائب. وذلك كله يعني ان الجميع ينتظر حصول ما لا بد من حصوله من تغييرات اقليمية بعضها متوقع وبعضها غير متوقع.
&bascii117ll; ابتداء من يوم غد يغيب سركيس نعوم و'الموقف هذا النهار' في رحلة عمل تستمر بضعة اسابيع.


ـ 'النهار'

أين مشروعكم وقراركم المستقل؟
نايلة تويني:

منذ إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري وتكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليف الحكومة العتيدة وسط الظروف والملابسات المعروفة السائدة، توجّه الانتقادات في شكل كثيف إلى قوى 14 آذار، ونحن من الذين لم يوفروا هذه القوى بالنقد، حرصاً منا على استمرار الخط السيادي وإعادة تصويب مساره عبر نقد ذاتي جريء وصريح وصادق.
ولكن بعد شهر تماماً من تكليف الرئيس ميقاتي بتنا نرى ان الفريق الأخر، المستقوي بانقلابه على خصمه، هو بدوره أحوج ما يكون إلى إجراء مراجعة نقد ذاتيين أكثر جرأة خصوصاً ان هذا الشهر كان كفيلاً، بملابساته ايضاً، بانكشاف قوى 8 آذار عن نقاط ضعف وارتباك، خلافاً لكل ما تظهره.
فلو سلمّنا جدلاً بأن تأخر الحكومة المقبلة يعود حقيقة إلى المطالب الكبيرة للعماد ميشال عون، والتي تعني تلبيتها بالكامل ضرب موقع رئاسة الجمهورية واستئثار طرف بمعظم القرار داخل الحكومة، فهذا يعني، ببساطة، ان المشروع الوحيد لدى قوى 8 آذار هو مشروع السلطة، أي انها قلبت خصمها للحلول مكانه، وان العماد عون يكمل ما تبقى من فصول الانقلاب ليجهز على موقع الرئاسة الأولى ويأخذ مكانها ايضاً. وهذا لا يشكل افتئاتاً على قوى 8 آذار، التي لم نسمع من أي طرف فيها بعد ما يناقض هذا التفسير، ولا سمعنا أيضاً بأي مشروع إصلاحي ناجز لدى هذه القوى تطل به على الرأي العام، ولو على سبيل تبرير انقلابها. كل ما يسمعه اللبنانيون هو كلام الحصص الذي يتولاه فريق من هذه القوى فيما سائر حلفائه صامتون يخلون له الواجهة لتصوير الأزمة مسيحية - مسيحية، بين بعبدا والرابية، فأي إصلاح هذا مع مشروع لا يظهر من ملامحه سوى شعار 'قم لأقعد مكانك'؟
أما اذا لم تكن هذه العقدة سوى ستار داخلي للتعمية على السبب الحقيقي الأخر المشتبه فيه، وهو أن سوريا، لمئة سبب وسبب، لا تزال متريثة في إعطاء حلفائها الضوء الأخضر لإطلاق عملية تأليف الحكومة، فهنا الطامة الكبرى. ولا يعني ذلك سوى ان قوى 8 آذار نجحت في انقلابها على خصومها، لكنها عجزت عن هضم هذا الانقلاب، لأنها لا تملك فعلاً التصرف بتداعياته سلباً او إيجاباً. بل ان الكلمة الحاسمة في توظيف هذا التطور ستبقى في يد سوريا، وربما لا تأتي النتائج كما تشتهيها قوى 8 آذار أو كما خططت لها أصلاً. فأي جواب لدى هذه القوى عن السؤال الذي يطرحه الجميع، وهو لماذا تأخر تشكيل الحكومة ما دامت كل الظروف أتاحت للقوى المنقلبة وحلفائها ان تمضي بحكومة اللون الواحد من دون قدرة أي طرف محلي أو خارجي على اعتراضها؟
ولعل المضحك في الأمر هو ان يرمي بعض حلفاء سوريا الكرة في مرمى 14 آذار بالقول ان هذه القوى أخرت الرئيس المكلف في انجاز مهمته، ولكن أياً من هؤلاء الحلفاء لم يلفظ حرفاً بعد عن الخلاف المتصاعد بين الرابية وبعبدا، ولا تجرأ احد منهم طبعاً على الحديث عن طبيعة الموقف السوري إلا بالتعابير الخشبية المعروفة القائلة ان سوريا لا تتدخل في الشؤون  اللبنانية الداخلية.
بعد كل ما حصل في لبنان، ووسط كل الثورات والانتفاضات العربية، لا يزال هؤلاء يظنون ان في إمكانهم ذرّ الرماد في عيون الناس والتوجه إليهم بهذا النوع من الكلام المضحك.
قلنا سابقاً، لتكن موالاة واضحة ومعارضة أوضح، ولينتظم النظام الديموقراطي على حقيقته في لبنان وإذا كان لدى قوى الأكثرية الجديدة حقيقة حرية قرار واستقلالية فعلية فلتقدم على إكمال ما بدأته مهما كان الثمن. وإلا فليسمحوا لنا وللناس، وحتى لقواعدهم، بأن نسألهم إلى متى تظنون أنكم قادرون على خداع أنفسكم؟


ـ 'النهار'
لأن حكومة اللون الواحد تعرّض لبنان لأخطار شتى
سليمان وميقاتي مع حكومة تهتم بأولويات الناس
إميل خوري:

توقفت أوساط رسمية وسياسية وشعبية واقتصادية باهتمام عند قول الوزير السابق الدكتور غسان سلامة في حديثه الى 'النهار' ان 'أخطاراً ثلاثة تواجهنا: عدوان اسرائيلي وحرب اهلية وانهيار القطاع المصرفي'. وقد اثار ذلك تفسيرات شتى.
ان واقع لبنان وما يجري من احداث خطيرة في المنطقة يتطلب اما تشكيل حكومة جامعة تضع الملفات الشائكة جانباً فعلاً لا قولاً وتهتم بأولويات الناس وحاجاتهم لتكون حقيقة حكومة إنقاذ، او تشكيل حكومة توحي الثقة للناس الذين لا يهمهم من يحكم بل كيف يحكم، اما حكومة اللون الواحد فهي الاخطر لانها ستكون حكومة تصفية الحسابات مع 14 آذار وحكومة الغاء قرارات سابقة، وانتهاج سياسة الانتقام والكيدية. وعندها يواجه لبنان الاخطار الثلاثة التي ذكرها الدكتور سلامة لان اسرائيل ستعتبرها حكومة 'حزب الله' لتبرير العدوان على لبنان، وتعتبرها قوى 14 آذار حكومة الانتقام والاستفزاز او حكومة الانسحاب من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ليبقى مرتكبو جرائم الاغتيال في لبنان ولا سيما جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه مجهولين، واذذاك قد يواجه لبنان ليس خطر الحرب الاهلية فحسب، بل خطر انهيار القطاع المصرفي والمالي لان تدفق الرساميل والاموال يتوقف، حتى ان ما تبقى من المساعدات المستحقة للبنان من مؤتمر باريس 3 يتوقف ايضاً. وهذا معناه انه اذا كان طرف في لبنان يضع اللبنانيين بين خيار العدالة او الامن، فإن الطرف الآخر يستطيع ان يضعهم بين خيار العدالة او المال...
لذلك فالرئيس سليمان والرئيس المكلف ميقاتي يعيان تماماً هذا الواقع، ولن يقبلا تشكيل حكومة اللون الواحد لانها قد تعرّض لبنان للاخطار الثلاثة، ولا تشكيل حكومة متعددة اللون اذا لم تكن على اتفاق مسبق على برنامج عملها لئلا تكون حكومة فاشلة، فيما المطلوب حكومة عمل وانتاج برنامجها الوحيد اولويات الناس وحاجاتهم وهو ما كرر المطالبة به حاكم مصرف لبنان رياض سلامه لحماية الاستقرار النقدي وقوة العملة الوطنية.


ـ 'النهار'
العرب يحطمون الأصنام ولبنان يدخل حكم الديكتاتورية والفاشية ؟
علي حماده:

(...) يأتي بعض اللبنانيين كالرئيس نجيب ميقاتي محمولين بأوهام تجعلهم يصدقون انه يكفي الاعتماد على قوة منظمة ملاحقة في معظم ارجاء الارض، وعلى دعم نظام يكاد مع ما يحصل في العالم العربي يصير حالة غريبة مثل كوبا وكوريا الشمالية كي يحقق حلمه في بلوغ منصب بأي ثمن! ولعل ما حصل للبنك اللبناني الكندي يمثل اشارة واضحة الى ان لبنان تحت المجهر، وان القوة والسلاح وترهيب اللبنانيين لا تمنح الانقلابات الشرعية التي تبتغيها. كما ان الرسائل التي تبلغ الرئيس المكلف محذرة من مغبة التذاكي مع الشرعية الدولية في موضوع المحكمة او قرارات مجلس الامن. إن لعبة توزيع الابتسامات العريضة، واغراق البلاد بالكلام المعسول لا يفيدان لحظة اقتراب ساعة الحقيقة والاستحقاقات الكبرى: لا يمكن نجيب ميقاتي ان يكون رئيسا حقيقيا للحكومة، لان بلوغه الموقع كان له ثمن باهظ يتجاوزه والفريق الذي اتى به اكان محليا ام خارجيا.
وفي الختام نتوقف عند تصريح لصديقنا تمام بك سلام يعلن فيه ان 'الرئيس ميقاتي لم يغلط فلم مقاطعته ومناكفته؟' ويضيف: 'الا يكفيه ما ينهال عليه من شروط ومطالب من كل حدب وصوب؟'. ونبدي تعجبنا لقول تمام بك ان نجيب لم يغلط! ونقول له: نعم لقد ارتكب نجيب خطأ كبيراً يوم قَبِل بأن يكون واجهة حكم 'حزب الله' والوصاية السورية في لبنان. وارتكب خطأ عندما اعتبر انه يمكنه تجاوز الاكثرية في بيئته، وان يتحدى مشاعرها تحديدا بأن يكون مرشح 'حزب الله' وحركة 'أمل' قبل ان يكون مرشح بيئته في مرحلة من ادق المراحل ينقسم فيها لبنان عموديا، ويبرز الانقسام الكبير في موضوعي العدالة المتمثلة بالمحكمة الدولية التي تشبث بها المجلس الشرعي الاسلامي واعتبرها خطاً أحمر في حين رفضها المجلس الشيعي الاعلى معتبرا انها مؤامرة. فهل يقف نجيب على ارض تحرسها بندقية الوصايتين يا تمام بك؟
يستطيع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة ان يلملم اسماء من هنا وهناك ليغطي بها طبيعة حكومته، ولحرف الانظار عن سيطرة 'حزب الله' والوصاية السورية على مقدرات الحكم في لبنان، ولكنه حتى لو شكل الحكومة ونال 'ثقة' اكثرية مجلس النواب لن يكون اكثر من رئيس لحكومة تمثل المطلوبين للعدالة... وهذا ما لا نتمناه لعدو. فكيف اذا كان صديقا قديما لنا مثل نجيب ميقاتي؟


ـ 'الشرق'
- إرتدادات &laqascii117o;مقاوماتيّة"!
ميرفت سيوفي:

ستوقف أيّ متابع ارتباك حزب الله و"ناطقيه" تجاه ما يحدث في المنطقة العربيّة وبسرعة مذهلة، والجماعة مصابون بـ"حَوَلٍ" في الرؤية يسبّب لهم ازدواجاً في الرؤية، فتكون الثورة مباركة في مصر أو تونس وملعونة ومجرمة ومتآمرة في إيران، والكلام في هذا الإطار لا طائل منه فما يعتقده حزب الله في &laqascii117o;دستور" الثورة الإيرانية الخمينيّة، والبركات &laqascii117o;الخامنئيّة" هو نفسه من حيث &laqascii117o;تمكّن المرض" في رؤية معمر القذافي لكتاب &laqascii117o;الثورة إلى الأبد"، الكتاب الأخضر تيمناً بكتاب &laqascii117o;ماو تسي تونغ" الأحمر!!
بالأمس  رأى رئيس المجلس التنفيذي في &laqascii117o;حزب الله" السيد هاشم صفي الدين أنَّ &laqascii117o;المنطقة تتفكك وتتبدل بغضّ النظر عما ستؤول إليه الأمور".. وستكون عاقبتها خير إن شاء الله ففي زمن أصبح العالم فيه قرية صغيرة لم يعد تزييف الحقائق في المرايا والعقول والصدور بسيطاً، ولن يلبث العالم أن يكتشف الوجه المحجوب والخلفي لقناع &laqascii117o;الحزب الطاهر" و"الاستكبار" الفارسي!!
تحدّث صفي الدين، عن &laqascii117o;إرادة الشعوب قد كسرت حواجز الخوف وتخطّت المحظور حتّى بدأت الثورات تتوالى"، طبعاً لا يستوي الحديث عن كسر حاجز الخوف في ليبيا أو تونس أو مصر حتى ـ مع ملاحظة أن الديموقراطية في مصر حازت على مواقع متقدمة جداً في الصحافة وأحزاب المعارضة ـ لا يستوي الحديث عن كسر حاجز الخوف عند الشعوب فيما يمارس حزب الله خطاباً قهرياً تخويفيا يومياً على الشعب اللبناني، ومن دون أن يتنبّه الحزب أن حاجز الخوف عند اللبنانيين انكسر يوم 14 شباط 2005، وأن هذا الأمر رآه الحزب بعينه يوم 14 آذار 2005 الذي جاء ردّاً على خطاب التخويف الشهير لأمين عام حزب الله يوم 8 آذار، ومع هذا ما زال الجماعة مصرون على ممارسة سياسة الترهيب والإرهاب والقمع على الداخل اللبناني!!
وتكمن الطرافة فيما قاله صفيّ الدّين في أنّ &laqascii117o;ما تشهده المنطقة من انهيار ما يصطلح عليه بأنظمة الاعتدال هو أحد الارتدادات الطبيعيّة للانتصارات الباهرة للمقاومة في لبنان وغزّة"، حقيقة لا تستطيع أن تفهم أحياناً &laqascii117o;شو خصّ هيدا بهداك"، ولكن لا عجب إن كانت حرب تموز انهمرت شآبيب رحمة في إيران بـ &laqascii117o;بركة المقاومة"، ولا عجب أن يخطب أمين عام الحزب في أحد مساجد قم عن تعطّل عمليّة السلام في التسعينات مع اغتيال اسحق رابين ببركة &laqascii117o;القائد الخامنئي"، يوم فزع إليه أمين عام الحزب لأنّ دوران عجلة السلام في المنطقة يشكّل الخطر الأكبر على مشروعه!!
وعلينا أن نفكّر مطوّلاً ونتساءل متى كانت ليبيا دولة إعتدال، أليست هي المموّل الأوّل لما سمّي في السبعينات &laqascii117o;جبهة الصمود والتصدي" وما تبقّى من أشلائها تحوّل إلى اسم محور &laqascii117o;الممانعة"، على طريقة &laqascii117o;يتمنّعن وهن الرّاغبات"، فالتفاوض  غير المباشر كان شغالاً طوال أيام حرب تموز التي أريد استثمار انتصاراتها &laqascii117o;الوهميّة" في السياسة ، وما زالت مفاعيل هذا الاستثمار قائمة حتى اليوم وآخر تجلياتها الانقلاب الذي نفّذه حزب الله ع"النّاعم"، وبلع المنجل الذي ظنّ أنّه سيقطع به رأس لبنان ويحتزّ عنقه لأنه تفاجأ ولم يكن يحسب حساباً لكل هذه الثورات في العالم العربي وتأثير ارتداداتها على الداخل اللبناني أولاً، وانعكاساتها على ثورة الشعب الإيراني ثانياً!!

وللمفارقة كلّ الأنظمة التي سقطت اعتقدت أنها تمسك بخناق الشعب والشارع إلا أنها سرعان ما تعرّت كأنظمة من ورق أو كرتون أو كتل من الحديد والنار، والجحيم الذي فتح أبوابه معمّر القذافي على الشعب الليبي ستكون ارتداداته في بعض الدول وإيران أوّلها، فهل بعد جحيم المعتوه الذي يبيد شعب ليبيا من طغيان ، نشاهد نموذجاً حقيقياً لجرائم نيرون وهتلر وستالين وكلّ النماذج العربية المشابهة التي حكمت بالمخابرات والمعتقلات والقتل والإرهاب!!
لم يحسن &laqascii117o;حزب الله" قراءة ما يحدث من حوله، فلا الانتصار الوهمي في لبنان مكّن الحزب من افتراس الشعب اللبناني بل زاده صلابة في مواجهته، ولا الدمار والحصار وتدمير الذات في غزّة نموذج يحتذى يقدّمه الحزب للتدليل على الانتصار، وهو حرٌّ في الضحك على نفسه وجمهوره في تحويل الهزيمة إلى انتصار أو تخفيفها إلى درجة نكسة، على الحزب أن يُحسن قراءة المعطيات من حوله حتى لا يضطرّ إلى القول مجدداً للشعب اللبناني ولجمهوره:"لو كنتُ أعلم" ولا أن يضطر إلى التراجع عن إعلان أحد أيامه السوداء &laqascii117o;يوم مجيد" ثم يتراجع ليصفه بـ"اليوم الحزين"، إنما من يخاطب اللبنانيّون:"صخرة صمّاء" تعتقد في نفسها وقوّتها ما شاهدنا معمّر القذافي يعتقده في نفسه، ألم يقل أنه أنا التاريخ والمجد والعزّة والثورة ، أليست كلّ هذه مصطلحات تمّ اختصارها في جملة:"يا أشرف الناس"!!

ـ 'الشرق'
العض المتبادل بين قوى 8 آذار يفقد الأقطاب حرية الحركة؟!
الفرد نوار:
 
(...) حدث ولا حرج عن مطالب بضع &laqascii117o;خوارج المعارضة السابقة" ممن يتطلعون الى نيل حصص تليق بتضحياتهم، فيما يجزم مطلعون بأن حزب الله قد أبلغ من يعنيه الأمر أنه يفضل التخلي عن بعض حصصه وإحالتها بالتالي الى حلفاء شرط عدم اعتراض عون، ما يشكل من وجهة نظر العارفين بالشروط عقدة العقد، ربما لأن الرئيس ميقاتي قد رفض في المطلق وسيرفض أيضاً كل ما من شأنه ان يظهره وكأنه رئيس &laqascii117o;حكومة آخر من يعلم" وهذا ما لا يريده لنفسه ولا يحقق له طلة سياسية تضع الأمور في نصابها، لاسيما ان قدرة الرئيس ميقاتي على الحركة لا تبدو حاسمة ولا مؤثرة بحسب الثقل السياسي لحزب الله و&laqascii117o;أمل" والحليف العوني الذي لم يعد يحمله رأسه بعد الذي صدر عنه في أعقاب استقالة الرئيس سعد الحريري حيث قال إنه لا يقبل بأن يعود الأخير الى السراي وهكذا كان، حيث تبلغ كلمة السر من نشطاء على خط بيروت - دمشق وبيروت طهران أكدت له قرب حصول انقلاب جنبلاطي لمصلحة قوى 8 آذار!
المهم في نظر أوساط بعبدا ان الرئيس المكلف لن يسقط في تجربة عض الأصابع مع حزب الله وبري وعون وجنبلاط، فيما هناك من يرى صعوبة، بل استحالة أمام حكومة بغير رئاسة ميقاتي طالما أنه على تفاهم جدي مع رئيس الجمهورية، وهو لن ينساق وراء التهديد الذي يستهدفه من قبل من تحولوا من المعارضة الى الموالاة بقدرة قادر (...). أما الأكثر أهمية، فهو الموقف الصلب للرئيس ميشال سليمان الذي أبلغ مراجعيه أنه لن ينصاع لكلام الغوغاء والديماغوجية السياسية مهما قيل عكس ذلك، ان لجهة قوى 8 آذار او لجهة ما يصله من الخارج من كلام غير مشجع بالنسبة الى ضرورة الأخذ بوجهة نظر فريق من اللبنانيين على حساب وجهة نظر الفريق الآخر (...). أما أولئك الذين يعولون على كسر التحالف السني القائم، فإن حملاتهم لن تجدي نفعاً، حتى وإن كان المقصود الرد على بيان دار الفتوى وإصرار أقطاب الطائفة على تحديد الاطار الوطني والسياسي للرئاسة الثالثة مع كل ما يعنيه ذلك من تمسك بزعامة الرئيس سعد الحريري بحسب القاعدة التي تحددت نتيجة الانتخابات النيابية في العام 2008؟! أما الكلام الآخر على ضرورة أحداث خلاف بين قادة قوى 14 آذار، فإنه وإن لم يتوقف، سيبقى مطروحاً الى عدم استبعاد حصول اغتيالات وأعمال مسلحة القصد منها التذكير بمرحلة أيار 2008 وما حفلت به من تحركات في العاصمة والجبل والبقاع والشمال (...).
وبانتظار جديد المحكمة الدولية، فإن مصادر سياسية عليمة أكدت ان حدث القرار الاتهامي لن يكون مفاجأة بعد اعتراف حزب الله بوجود معلومات دولية عن ضلوع مسؤولين في الحزب، ليس في مجال الدفاع عن النفسي بل في مجال الدفاع عن النفسي بل في مجال التشكيك بما قد يطرأ لاحقاً، حيث لم تتوقف تهديدات الحزب لحظة عن رد فعل ميداني وفوري يأتي بمستوى الاتهام الموجه الى الحزب بارتكاب مسلسل الجرائم السياسية وفي مقدمها اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟!

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد