قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الخميس 17/3/2011

ـ 'السفير'
الــمــعــادلــة الاســتــراتــيــجــيــة
عبد الزهرة الركابي:

جاء في تقارير سابقة، استقت معلوماتها من خبراء عسكريين في المنطقة والعالم وكذلك من مصادر استخبارية أميركية وإقليمية وإسرائيلية، ان أي حرب قادمة بين الدولة الصهيونية والمقاومة اللبنانية، كفيلة بتطويرات حتمية، بما فيها تحول المقاومة في استراتيجيتها من دفاع المواقع الثابتة الى هجوم التسلل والالتفاف السريعين، ومن ضمن هذه التطويرات، ستشارك سوريا في هذه الحرب بناءً على نتائج الحرب في صفحتها الأولى، بيد ان بعض التقارير أشار الى وجود خطة سورية هجومية لتحرير الجولان، موازية لخطة الهجوم التي ستشرع بها المقاومة، انطلاقا من المرتفعات اللبنانية التي ستكون عاملاً لوجستيا مساعداً في الوصول الى منطقة الجليل وتحرير شمال فلسطين المحتلة على نحو سريع.
وقد جاء خطاب السيد حسن نصر الله في احتفال (القادة الشهداء)، تأكيداً لمعلومات هذه التقارير، عندما قال بنبرة حازمة وحاسمة، ان أي عدوان إسرائيلي على لبنان، فإن المقاومة سترد بتحرير الجليل، الأمر الذي يعني تطوراً معلناً في استراتيجية المقاومة، مثلما يعني في الخطاب المقاوم، ان هدف التحرير النسبي كمعادلة مرحلية، سيكون على رأس أجندة المقاومة في الحرب القادمة، كما ان دلالة مثل حرب كهذه إذا ما اندلعت، ستكون بالنتائج النوعية المتحققة، وربما ستكون أقسى وأشرس من حرب تشرين الأول أكتوبر عام 1973، خصوصاً إذا ما شاركت فيها سوريا التي أصبحت مهيأة أكثر من أي وقت مضى، للدخول في مثل هذه الحرب، اعتماداً على تصريحات المسؤولين السوريين الذين أكدوا فيها، ان أي عدوان إسرائيلي على لبنان ستتصدى له سوريا هذه المرة.

هذا، وقد أكد محللون وخبراء استراتيجيون، ان المعطيات السياسية والعسكرية والإقليمية بالنسبة للمقاومة اللبنانية، كانت عاملاً محفزاً لبلورة (معادلة الجليل)، كي تكون خطاباً إعلامياً وسياسياً وهدفاً مرسوماً في أفق التنفيذ، ولا سيما ان معطيات المقاومة مبنية على حوافز عسكرية وسياسية وإقليمية.
في الحافز العسكري، أصبحت المقاومة اللبنانية تملك قدرات نوعية على مستوى التسليح والعناصر المدربة تدريباً عالياً، تضاهي أكبر الجيوش في المنطقة، وربما تتفوق في بعض الجوانب، على صعد القدرات الصاروخية والتكنولوجية والقتالية، حتى ان المصادر الاستخبارية الإسرائيلية قد اعترفت بذلك، عندما روجت في الفترة الأخيرة، ان هناك فرقتي كوماندوس من المقاومة تتألف من 5000 عنصر، تجريان تدريبات على خطط هجومية في بيئة جغرافية قريبة الشبه بمنطقة شمال فلسطين (الجليل)، حيث تعتمد هذه التدريبات على عمليات قتال جبلية وبحرية وبرية، تتخذ من قتال المجموعات أسلوباً في القتال التداخلي الذي ينطلق من التسلل والالتفاف واستخدام الزوارق المطاطية في الوصول الى أهداف ساحلية.
هذا، ويعتقد المحللون، ان خطة تحرير الجليل، سيتم تنفيذها عبر مجموعات قتالية خاصة، تتألف كل مجموعة من 50 مقاوما، حيث تندفع هذه المجموعات القتالية بشكل متلاحق وعلى محاور عدة، بهدف احتلال المستوطنات والبلدات الإسرائيلية مثل: (نهاريا، شلومي، مليخا، راموت، نفتالي، يفتاح)، وصولا الى تحرير القرى العربية: البعنة، دير الأسد، مجد الكروم، سخنين، عرابة، دير حانا، حولا، وادي قاديش والوصول الى منطقة شمال مدينة الكرمل، وكذلك التموضع والتحشد قرب الطريق السريع الذي يربط مدينة عكا على ساحل البحر بمدينة صفد التي تقع في مرتفعات الجليل، على ان تواصل عناصر المقاومة انتشارها السريع حتى مشارف بحيرة طبرية بمساعدة سكان القرى العربية.

وفي الحافز السياسي، بدا واضحا فشل وإفلاس المشروع الأميركي في المنطقة، وان قوى المقاومة والممانعة العربية، تجد نفسها في هذه المرحلة، ملزمة بأخذ زمام المبادرة والتوجه الى الخيار العسكري في تحرير الأرض، بعدما وجدت ان ظروفها وإمكانياتها مهيأة في تنفيذ هذا الهدف، وعلى هذا السياق أعلن مسؤولون فلسطينيون في لبنان، استعداد النازحين الفلسطينيين في لبنان للعودة الى منطقة الجليل والدفاع عنها، إذا ما تم تحريرها من قبل المقاومة، ولا سيما ان غالبية هؤلاء النازحين من شمال فلسطين المحتلة.
يبقى الحافز الإقليمي الذي يصب في خانة قوى المقاومة والممانعة.


ـ 'النهار'
هالة العوري  في 'إيران': ترويج التشيّع وممالأة النظام

هل يمكن اعتبار الثورة الاسلامية في إيران، التي وضعت التشيع الجعفري 'الاثني عشري' على سدّة الحكم، هي تصحيح لتاريخ 'انحرف' منذ بداياته؟ وهل يُعتبر امتداداً للدولة العباسية، أم أنه لا يعترف بها دولة شيعية، لأنها أتت بمن لا يستحقون وأهملت أصحاب الحق؟ وهل تصحح هذه الثورة مساراً انحرف منذ نحو 1400 سنة، اي منذ تولي معاوية الخلافة إثر اغتيال الإمام علي بن أبي طالب؟ وهل النظام الاسلامي الايراني يعيد الوصل مع الحكم الاسلامي ممثلاً بأهل البيت، أم مع الحكم الساساني ممثلاً بالإمبراطورية الفارسية؟ واذا قيل مع الاثنين معاً، فلمن الغلبة، للفكر السياسي الاسلامي أم للفكر السياسي الساساني؟
أوحى هذه الاسئلة تشديدُ المؤلفة هالة العوري في كتابها عن إيران (دار رياض الريس)، على فكرة 'الخروج من مأزق الانتظار'، في تأريخها حركة التشيع منذ بداياتها، وحتى قبل أن تكتسب تسميتها، فكأن الأربعة عشر قرناً هجرياً منذ اغتيال الإمام علي وحتى نجاح ثورة الإمام الخميني، كانت مرحلة ضائعة، سواء بفقد أئمتها الأحد عشر وغياب الثاني عشر، أو بـ'ولي الفقيه' الذي لم يحسم أمره خلال مراحل عدة، حتى استعاد الخميني بريق هذه الولاية. وكأن أهل البيت في المرحلة الضائعة كانوا يعدّون العدّة للعودة الى الخلافة الاسلامية والسيطرة على مقاليد الحكم، ليس في إيران فحسب، بل في امتداد الدولة الفارسية الساسانية التي كانت تسيطر على جزء واسع من المنطقة عند ظهور الاسلام. قد لا يصحّ وصف الكتاب بأنه يروّج للنظام الايراني، لكنه حكماً يمالئه ويختزن موقفاً مؤيداً معجباً ومروِّجاً للتشيّع، ويدعم إعجابه بإظهار مذهب التشيع مذهباً منفتحاً اجتهادياً قادراً على التطور ومواكبة العصر وتجاوز السلفية. لكن بماذا يمتاز النظام الايراني عن بقية الأنظمة العربية التي تتهاوى، سواء في بوليسيته او ديكتاتوريته؟ وهل هو مختلف؟ هل يكفي القول ان حالتي انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب، كما ينتخب النواب، تشكلان حالتين كافيتين للتعبير عن الديموقراطية؟ فيما نجد الهيئات الدينية المعيّنة هي فوق الهيئات والمؤسسات المنتخبة، فالمرشد الأعلى هو أعلى من رئيس الجمهورية، ومجلس الخبراء هو أعلى من البرلمان، أليس هو الذي يشرف على اختيار المرشحين فيقصي عن الترشح من لا يرغب فيهم أو ليسوا موالين.

التاريخ الديني السياسي لإيران
الكتاب يروي التاريخ الديني السياسي لإيران منذ مطلع القرن الماضي مع عودة الى خلفيات تكوّن العروش والأسر عليها قبل ذلك بقرون، ويرصد حركات الاحتجاج ويفصّل عناصر قيامها بشرياً ومادياً، فثمة تاريخ من الإثارة في الصراع بين الشاه الحاكم والرعية التي تنتمي الى مذهب ديني مغاير. وقد كانت في خلفيات الاحتجاجات غالباً مصالح اقتصادية، خصوصاً ان تجار البازار كانوا يضطلعون بدور اساسي في تأجيجها أو اطفائها.ولا شك في أن الثورة الأخيرة بقيادة الخميني على محمد رضا شاه قد حازت حيزاً مهماً كونها نقلت إيران من حقبة الى أخرى بكل اختلافاتها وتمايزها ويمتد أثرها الى التغيير في المنطقة كلها.
نلاحظ ان الثورات في إيران غالباً ما كانت تقوم على تحالف غريب بين رجال الدين والمثقفين المتنورين الذين تلقوا علومهم في الغرب، هكذا بدأت ثورة الخميني قبل أن يقضى على الرموز الليبرالية بالقتل او النفي، وربما يستند ذلك الى اعتبارات دينية، إذ بعد 'الغيبة الكبرى' عام 874 ميلادية التي جعلت بنية الحكم وشرعيته محل جدل واسع، اتخذ بعض العلماء موقف التأييد للدستور الى حد مطالبتهم باقامة 'دولة زمنية' شبه علمانية!.
واللافت في ثورة الخميني انها بعدما اخرجت العلمانيين من الحكم، احدثت ثورة في مفاهيم التشيع تكفل قيام جمهورية اسلامية على أسس عصرية في أنظمة الحكم الديموقراطية. لكن ككل ثورة، يسيطر الراديكاليون والمتطرفون على صوت الاعتدال والعقل، وهذا ما حدث في ثورة الخميني، خصوصاً لدى العمل على وضع النظم والقوانين، فأزيح المعتدلون وسيطر المتطرفون وحلت الوصاية محل الديموقراطية.
من الأئمة الى ولاية الفقيه
الكتاب (389 صفحة) يحتوي على احد عشر فصلاً، يتحدث الأول عن التشيع في مادته الخام، ثم ظهور 'الاثني عشرية' فرقة اسلامية محددة المعالم في القرن الثامن الميلادي. ويتطرق الفصل الثاني الى بداية تشكل التيارات والمدارس الفكرية المختلفة والحركات الشعبية وظهور مجموعة من المفكرين والاصلاحيين تراوحت توجهاتهم بين الاصلاح والتنوير والهرطقة.
ويركز الفصل الثالث على العهد القاجاري، لافتاً الى الامتيازات التي منحها ملوكه للاوروبيين، ولاسيما البريطانيين، لاستغلال ثروات البلاد، ما أثار احتجاجات شعبية واسعة، شكلت بداية تحالف رجال الدين وتجار البازار وقيادتهما المعارضة السياسية، تلك السمة المميزة التي استمرت حتى الآن.
ويتحدث الفصل الرابع عن الثورة المشروطة 'الدستورية' 1905 – 1911، والاضطرابات التي عمّت البلاد واسباب انطلاق الثورة واهدافها الحقيقية. ويتناول الفصل الخامس تأميم حكومة محمد مصدق للنفط وانفراط تحالفه مع آية الله الكاشاني 'السياسي المثير للجدل'، ونجاح المخابرات المركزية الأميركية في إسقاط حكومة مصدق والعودة بالبلاد الى الديكتاتورية الملكية والعمل على ترسيخها.
ويركز الفصل السادس على فشل برامج محمد رضا شاه التنموية وصعود نجم آية الله موسوي الخميني واندلاع احداث الخامس عشر من خرداد التي انتهت بنفيه الى خارج البلاد. ويعالج الفصل السابع بداية انهيار حكم محمد رضا شاه مع استمرار تطور الفكر الشيعي وأهم مفاصله حتى الوصول إلى 'ولاية الفقيه' والخروج من مأزق الانتظار. ويعرض الفصل الثامن أحداث المسيرة/ الثورة وسقوط محمد رضا شاه ونظام حكمه وعودة الامام الخميني الى البلاد من منفاه، ويفصِّل التاسع الثورة بمعناها المطلق ولحظة اندلاعها الغامضة والعصية على الفهم، في محاولة لتلمس حجم العقلانية في المسيرة الجماعية للثورة.ويلقي الفصل العاشر الضوء على الحراك الفكري وحجم الاصلاحات في المفاهيم الدينية والتشريعية المختلفة والتعرف الى المفكرين الجدد من داخل الحوزة العلمية وخارجها. ويجول الفصل الحادي عشر في ايران اليوم، معدداً انجازاتها في المجالات الاجتماعية وتطور تشريعاتها المتعلقة بالأسرة وبدور المرأة ومكانتها في المجتمع.
في الفصل الأخير تشرح المؤلفة وجهات نظر مجموعة من 'آيات الله' في شؤون الحياة، ولاسيما الزواج والمرأة والجنس وغيرها، وتوضح ان هؤلاء على اختلاف اتجاهاتهم تجمعهم غالباً الرغبة في 'تطبيق المرونة' على التقاليد الاجتماعية 'الحساسة' في العالم الاسلامي، وبناء على 'الاجتهاد الفعلي والجاد'، باعتبار ان 'المجتهدين وحدهم، وفقاً للمعنى الحقيقي للكلمة، هم الذين يمكنهم تكييف شرائع الاسلام لمواجهة المستجدات من مشاكل اليوم'، ومن ذلك ان المجلس التشريعي الايراني وضع قوانين مشددة على الطلاق.

هل تمارس الحريات الشخصية في إيران؟
ان الأطر النظرية التي تتحدث عنها قابلة للنقاش، وقد تكون حسنة، لكن المشكلة دائماً في مدى تطبيقها. ألا يأتي التطبيق مظهراً الحسن ومجملاً الصورة الظاهرة، ومتغاضياً عن عمق المشكلات الذي يتجلى في رفض الحريات الشخصية والعامة أو قبلها، بما فيها حرية التعبير وابداء الرأي والتظاهر واللباس والسفور وممارسة الشعائر او الامتناع عنها وكل ما يندرج في حقوق الانسان المطلقة، بدءاً بما نصت عليه شرعتها العالمية؟ إذا اخضعنا النظام الايراني لمبادئ شرعة حقوق الانسان أينجح في الامتحان أم يرسب؟
إذاً المشكلة دائماً بين الذين ينظرون الى الدين كحالة ايديولوجية مغلقة مفروضة على الناس، يصادر الحريات، حتى الشخصية، وبين الذين يعتبرون الدين علاقة خاصة بين الخالق والمخلوق، يتضمن تعاليم ومبادئ عامة، إذا اتبعها الناس تحقق لهم حياة أكثر سعادة، وليس هدف الدين فرض أيدولوجيته بالقوة على أحد ولا مصادرة حريات الناس بتبعة مصادرة عقولهم. ولا تقتصر مصادرة الحريات على الأنظمة الدينية، بل هي ميزة كل الأنظمة غير الديموقراطية، وبينها إيران.
ج. ب.


ـ 'النهار'
هل لدمشق علاقة بـ 'اختفاء' الإمام موسى الصدر؟   (ترجمة نسرين ناضر)
لي سميث ( كبير المحررين في 'الويكلي ستاندرد'):
 
بدأت الانتفاضات التي تجتاح الشرق الأوسط تُسقط بعض الأبواب المظلمة جداً – الأبواب التي تقود إلى الزنزانات والسجون حيث تقوم الأجهزة الأمنية العربية بعملها. في الإسكندرية والقاهرة، اقتحم المتظاهرون المصريون مكاتب أمن الدولة حيث اكتشفوا بعض الأشياء وأدوات التعذيب التي تُستخدَم لجعل السجناء أكثر تعاوناً. ولعلّ الأهم أنهم عثروا على ملفّات تتحدّث بالتفصيل عن طبيعة العمل، ولحساب من كان يُنفَّذ. عند انقشاع الغبار، قد تجد واشنطن أن حلفاءها العرب لم يكونوا مستعدّين تماماً لمطاردة المشبوهين الإرهابيين واعتقالهم خشية اتّهامهم بالتعاون مع الأميركيين.
لكن ماذا عن العمل المظلم الذي تقوم به الأنظمة العربية بمساعدة دول عربية أخرى؟ أوردت أنباء أن الثوّار الليبيين أسقطوا الأسبوع الماضي مقاتلتَين يقودهما طيّاران سوريان لحساب نظام القذافي المحاصَر. أخبرتني مصادر عربية أنه قد يكون هناك ما يزيد على أربعة وعشرين طيّاراً سورياً يقودون طائرات في ليبيا، فالقذافي يدفع جيداً ودمشق في حاجة إلى المال. فضلاً عن ذلك، تعود العلاقات السورية - الليبية إلى عقود خلت، والروابط بين الأجهزة الاستخبارية للبلدَين قويّة. وتشرح المصادر نفسها أن وفداً من الاستخبارات السورية أُرسِل أخيراً إلى طرابلس كي يزيل من أرشيف الاستخبارات الليبية أي أثر للسجلاّت التي تعرض بالتفصيل المشاريع السابقة التي تعاون البلدان فيها، بما في ذلك في مجال الإرهاب. وزعم موقع إلكتروني ناطق بالعربية أن نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام متورّط في هذه العمليات المشتركة، بما في ذلك 'اختفاء' موسى الصدر، الإمام اللبناني المولود في إيران الذي فُقِد في ليبيا عام 1978 ويُعتقَد أنه ميت. إذا تبيّن أن سوريا متورِّطة فعلاً في موت الصدر، فقد يواجه نظام بشار الأسد بعض المتاعب مع الشيعة في لبنان الذين كانوا يكنّون احتراماً شديداً للإمام الصدر. وفيما يُرجَّح أن يشير القرار الاتهامي المتوقَّع صدوره قريباً إلى تورّط مسؤولين سوريين في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري، الذي كان شخصية سنّية بارزة في لبنان، لا تستطيع سوريا أن تستجلب لنفسها عداء الطائفة الشيعية، فالشيعة هم الطائفة الوحيدة في لبنان التي لا تزال تدعمها دعماً مطلقاً.

بعث خدام بإشارة من باريس مفادها أن لا علاقة له بموت الصدر. فقد تكلّمت في واشنطن مع بسام بيطار، وهو معاون لخدام كان يعمل في النظام السوري على مستوى رفيع. يقول بيطار 'حذّر خدام الصدر من الذهاب إلى ليبيا. لطالما اعتبر خدام أن القذافي مجنون وتخوّف من وقوع مشكلة ما، لكن الصدر ذهب في مختلف الأحوال، لأنه كان في حاجة إلى مال القذافي لمشاريعه'. كانت نقطة الخلاف بين القذافي والصدر أن الزعيم الليبي يريد أن يستعمل الإمام الأموال لدعم المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل، لكن الصدر كان يستخدمها لبناء مقوّمات الطائفة الشيعية الفقيرة في جنوب لبنان. يقول بيطار: 'بدأ الرجلان يتجادلان وخرجت الأمور عن السيطرة. قال القذافي لضباطه بأن 'يأخذوه'، ففسّروه بأنه أمر بقتله مع معاونَيه'.
أن يكون قصر القذافي مليئاً برجال ينزعون إلى تفسير استياء الديكتاتور بأنه أمر بالقتل، فهذا خير تعبير عن طبيعة النظام الليبي. عندما سأل القذافي في اليوم التالي عن مكان الصدر وعلِم أنه قُتِل، أمر بقتل الضابط. يقول بيطار: 'لم يُرِد القذافي أن يتسبّب مقتل الصدر بأي متاعب له. اتّصل بالسوريين مذعوراً ليطلب النصيحة، ودمشق هي التي قالت له أن يُلفِّق الرواية أنه شوهِد آخر مرة يغادر ليبيا متوجِّهاً إلى إيطاليا حيث يُزعَم أنه اختفى'. يشرح رجل خدام في واشنطن أنه نظراً إلى أن نائب الرئيس السوري السابق كان مسؤولاً عن الملف اللبناني قبل أن يُسلِّمه حافظ الأسد إلى ابنه بشار الذي أصبح لاحقاً رئيساً للجمهورية، لم تكن لخدام علاقة بالعمليات الإرهابية المشتركة بين سوريا وليبيا، على غرار تفجير لوكربي. تجدر الإشارة إلى أنه قبل وقت طويل من إدانة ضابط الاستخبارات الليبي عبد الباسط المقرحي في العملية التي أسفرت عن مقتل 270 شخصاً عام 1988، بينهم 190 أميركياً، كانت سوريا المشتبه فيه الأساسي. وقد كثرت التكهّنات بأنه تمّت تبرئة ساحة دمشق عندما أراد البيت الأبيض في عهد جورج بوش الأب الحصول على التعاون السوري في عملية 'عاصفة الصحراء' ومحادثات السلام في مدريد، لكن بيطار وخدام يعتبران أن السوريين عملوا إلى جانب ليبيا لإسقاط الطائرة التابعة لخطوط 'بان أميركان' في الرحلة 103. ويضيف بيطار: 'كان السوريون يديرون الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أي مجموعة أحمد جبريل – وهي التي نفّذت العملية. لكنني واثق من أن المقرحي كان جزءاً منها أيضاً'.

ويتابع بيطار، الذي عمل في السفارة السورية في باريس في الثمانينات عندما كانت دمشق تدير منظمات إرهابية فلسطينية انطلاقاً من العاصمة الفرنسية، أن ضابط الاستخبارات المسؤول عن الربط مع الأجهزة السرّية الأخرى كان الجنرال محمد خولي، 'كان عنصراً في استخبارات القوات الجوية، وبما أن حافظ كان ينتمي أيضاً إلى سلاح الجو، كان هذا سبباً إضافياً ليثق به. ومع وصول بشار إلى الرئاسة، يجري باستمرار تبديل المناصب والمواقع في الاستخبارات لأنه لا يثق بهؤلاء الأشخاص. لهذا يُعيد تنصيب بعض معاوني والده الذين كان يثق بهم ثقةً كاملة، مثل محمد خولي'.
يشتبه بيطار في أن خولي هو من أرسل ضباط استخبارات سوريين إلى طرابلس لتنظيف الملفات الليبية، 'لا يريدون إثارة استياء الأميركيين'. لكن من الصعب أن نعرف ما هو السوء الكبير الذي يجب أن ترتكبه دمشق لتثير استياء واشنطن فعلاً. لقد اعتادت إدارتا بوش وأوباما أن تشيحا بنظرهما عندما يتعلّق الأمر بسوريا. فدمشق لم تدفع ثمناً لارتكاباتها سواء في دعمها لـ'حزب الله' و'حماس'، أو في استخدامها طريق عبور للمقاتلين الأجانب المتوجّهين إلى العراق لقتل الجنود الأميركيين وحلفاء الولايات المتحدة. حتى التقارير عن أن سوريا بنت منشأة نووية سرّية ثانية في ضواحي دمشق هذه المرة، لم تُغضب البيت الأبيض الذي لا يزال يعتبر أن المسألة المركزية في الشرق الأوسط هي عملية السلام العربية –الإسرائيلية. يبدو أن أوباما – وعلى الأرجح أوباما وحده – يعتقد أن من شأن اتفاق بين دمشق والقدس أن يُنفِّس الهواء في البالون الإيراني ويُهدِّئ المنطقة. وعلى الرغم من ذلك، فإن موجات الغضب التي تجتاح الشرق الأوسط حالياً لن تكبحها عملية سلام. خبراء الشرق الأوسط الحقيقيون هم في الأنظمة نفسها، ويعرفون في أي اتّجاه تهبّ الريح، وإلا ما كانت الاستخبارات السورية لتنظّف ملفاتها في ليبيا. إنهم يتحوّطون في رهاناتهم خشية أن تكون أيام القذافي معدودة، أياً تكن أعداد الطيّارين الذين يؤجّرونه إياهم.
يقول بيطار: 'يعتقد خدام أنه سيأتي دور سوريا أيضاً'. بالتأكيد لدى خدام المنفي أسباب كثيرة ليتمنّى سقوط النظام الذي كان يعمل لحسابه ويكنّ له الكره الآن. يُظهر تاريخ التعاون بين سوريا وليبيا أن النظام في دمشق قادر على أن يكون همجياً بقدر نظام القذافي عندما يكون في مأزق، ويوماً ما، وقد لا يكون هذا اليوم بعيداً جداً، سوف يصبح في مأزق.


ـ صحيفة 'الجمهورية'

كيف اكتشف التحقيق عدم صدقيّة الصدّيق؟'الجمهورية' تنشر كلّ الإجابات

محمد زهير الصدّيق!هذا الاسم يكاد يصبح لازمة في أغنية لبنانية شاذة!الجميع يستعمله ضدّ الجميع.من يسمّون أنفسهم ضحاياه، يستعملونه ضدّ المحكمة الخاصة بلبنان وضدّ القضاء اللبناني وضدّ الضحايا وأولياء الدم.والمحكمة تستعمله، لتثبت لاحقا صدقيّة أعمالها وتحقيقاتها وخلوّها من الإعداد والتخطيط للاغتيال -ادّعى الصدّيق في إفادته في 26/7/2005 أنّ' قرار اغتيال الحريري تمّ اتخاذه في سوريا، واستتبع بلقاءات سرّية من قبل مسؤولين سوريين حصلت في أول الامر في شقته في خلدة في 25 تموز 2004'، ما يتعارض مع ما أفاد به لجنة التحقيق في 2/8/2005 'أنّ ذلك حصل في وقت لاحق في تشرين الاول 2004'. - و ادّعى أنّ 'عبد الكريم عباس، شوكت، هشام اختيار وظافر يوسف كانوا حاضرين في اول اجتماع عقد بمناسبة العشاء. وكان الدافع الرسمي للزيارة دراسة تعسفات المخابرات السورية المزعومة في لبنان، ولكن عقب حديث مع عباس عُلم أنّ السبب الحقيقي لزيارتهم كان التخطيط لاغتيال عضو مهم في المعارضة'. وهذا ما ذكره الصدّيق في افادات متكررة. -أفاد الصدّيق في 26/7/2005 انه كان هنالك ما بين 20 و 25 اجتماعا في شقة خلدة، واستمرت حتى نهاية ايلول 2004، وهذا ما كرره في افادات لاحقا. وفي 2/8/2005 اضاف انه عقدت ما بين ثلاثة واربعة اجتماعات لاحقة حتى بداية تشرين الثاني 2004، وجامع جامع كان ايضا حاضرا في بعض هذه الاجتماعات، وكان هو السائق في خلال الزيارات الى السان جورج، وذلك استنادا الى ما قاله في 26/7/2005 . - وفي 22/3/2006 زعم الصدّيق 'ان عباس ايضا أعدّ تسجيلات صوتية لاجتماعات خلدة لكي يبرّئ نفسه. بالاضافة الى التسجيلات الصوتية الخاصة ببهجت سليمان تمّ ايضا اخذ تسجيلات صوتية لآصف شوكت وهشام اختيار. وكانت تلك التسجيلات تشير الى امين الجميل بصفته الهدف.' - 'خلال الاجتماعات في خلدة قام الصدّيق برفقة المسؤولين السوريين بعدد من زيارات الاستكشاف الليلية لمنطقة السان جورج. وقد اختار شوكت تنفيذ العملية في منطقة السان جورج'، وفقا لما افاد به الصدّيق في 3/8/2005. -واستنادا إلى افاداته المتكررة، 'نُقلت الاجتماعات الى شقة في مبنى معوّض، في الضاحية، في أوائل تشرين الثاني 2004 وفقا لما صرّح به الصدّيق في 2/8/2005 ،خلافا لما كان شهد به في 26/7/2005 من أنّ ذلك حصل في أواخر الشهر المذكور. - وأفاد الصدّيق في 26/7/2005 أنّ اللواءين جميل السيّد وعلي الحاج والعميدين ريمون عازار ومصطفى حمدان ومسؤولين سوريين استخدموا الشقة في عشر مناسبات على الاقلّ ما بين تشرين الثاني 2004 وكانون الاول 2004 من اجل 'الإعداد والتخطيط لاغتيال رفيق الحريري'. واضاف انه حضر هذه الاجتماعات التي عقدت ما بين حمدان، السيد، عازار وضابط لبناني في ثياب عادية يدعى 'جان'، ومسؤولين سوريين رفيعي المستوى. وهؤلاء الأخيرون الذي يزعم وجودهم في مرحلة من الأوقات كانوا سليمان، اختيار، شوكت، اليوسف وعباس. - بتاريخ 21/9/2005 عرض على الصدّيق لوحة متعددة الصور وتعرّف فيها على الجنرالات الاربعة، موضحا انه رأى عازار وحمدان مرّات عديدة في شقة الضاحية، والحاج اكثر من 5 مرات والسيّد في خلال مناسبتين، وانه باستطاعة البوّاب المصري، احمد، تأكيد تلك الزيارات، وتمكّن صاحب الشقة ، ابو محمود (مالك محمود محمد) من تحديد وجود حمدان واخرين. - 'التقى السيّد وحمدان بشوكت واختيار وسليمان وغازي كنعان في دمشق بتاريخ 3 تشرين الثاني 2004'، بناءً على افادته في3/8/2005 . - 'حصل اجتماع لاحق مع عباس في 27 كانون الاول 2004 في مستشفى الساحل، حيث كان ابن عباس يخضع لعلاج الديلزة (غسيل الكلى). خلال ذلك الاجتماع، اخبر عباس الصدّيق أنّ شوكت، سليمان، كنعان واختيار قد صوّتوا على قتل شخصية مهمّة ولكن عباس لم يذكر اسم ذلك الشخص'، وهذا ما تكرّر في افاداته. - وأفاد الصدّيق انه شاهد 'سائق الكوريين الشماليين المنتمي الى المخابرات السورية في مستشفى الساحل.' -وذكر الصديق انه 'عقب الاجتماعات في خلدة والضاحية ، قام المسؤولون السوريون واللبنانيون بزيارة المنطقة حول فندق السان جورج في اوقات مختلفة من اجل التخطيط والاعداد للاغتيال.' التصوير - وافاد في 26/7/2005 أنّ التصوير تمّ في نهاية تشرين الأول وأوائل تشرين الثاني 2004 وأنّ سليمان صوّر المنطقة حول السان جورج لمدة 5 او 6 أيام. واحيانا حضر اشخاص آخرون، وذلك يشمل اختيار، اليوسف وعباس، الا انه في 2/8/2005 صرح انّ سليمان استخدم آلة تصوير فيديو من طراز سوني وصوّر الطريق باكملها من البرلمان الى السان جورج، بما في ذلك مبنى السان جورج والمارينا. كما انه سمع اليوسف يطلب من سليمان تصوير الحفرة التي تقع قرب السان جورج حيث تجري اشغال عامة على الطريق. القياسات - وفقا لافادته في 2/8/2005 أنّ اليوسف، عباس، سليمان، حمدان وعازار توجهوا الى منطقة السان جورج حيث بدأوا بأخذ قياسات لعرض الطريق، في حين ذكر في 26/9/2005 انهم 'امضوا' شهرين في اخذ القياسات والتفاصيل ولم يحدد من كان 'هؤلاء' (للقراءة ).


ـ 'الأخبار'

فيلتمان ينقل تجربته اللبنانية إلى البحرين
نادر فوز:

جيفري فيلتمان يدير الحوار في البحرين. الخبر مفاجئ، ولا سيما أن الحوار ليس من مؤهلات &laqascii117o;جيف" الذي عرف عنه إدارة المؤامرات في لبنان. فهل ينقل المسؤول الأميركي تجربته اللبنانية إلى البحرين؟
كان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، جيفري فيلتمان، يستعد للنزول من الطائرة التي أعادته من قطر إلى البحرين. قبل أن تطأ قدماه السلّم المتحرّك، زيّن جلده بالقليل من الصوف الأبيض، ووضع ما تيسّر من مساحيق التبرّج لإخفاء معالمه الحقيقية، فتحوّل من جيفري إلى جيف. على أرض المطار في المنامة بدا كأنه شاة بريئة ومحبة، كل همّها الإحساس بالدفء والأمان.بهذه الهيئة الجديدة، راح فيلتمان يتنقلّ بين الشخصيات البحرينية، الموالية والمعارضة، معلناً رفضه منطق العنف، ومؤكداً نبذ الاقتتال الداخلي، وداعياً &laqascii117o;البحرينيين إلى اغتنام فرصة التحاور". قبل أيام، بينما كان جيف يدعو إلى ضرورة تغليب لغة الحوار بين البحرينيين، لم تمنع الحكومة الأميركية دخول الجيش السعودي إلى المنامة تحت اسم &laqascii117o;درع الجزيرة"، رغم تأكيد الخارجية في واشنطن رفض هذه الخطوة. ليس هذا اختلافاً بين أداء جيف وموقف حكومته، بل هو منطق تعامل فيلتمان في بلدان الأزمات، وخطأه الدائم في التوقيت.فهذا الرجل، الذي باتت موكَلة إليه إدارة الصراعات في الشرق الأوسط، يفهم تماماً طبيعة عمله والأدوات التي يجب استخدامها. لكن من خلال تجاربه السابقة، يسهل القول إنّ جيف لم يتعلّم بعد كيفية ضبط ساعته على إيقاع السياسة في المنطقة، إضافة إلى أنه لا يزال يجهل الكثير من الأمور الخاصة بالمجتمعات العربية. فتجربة هذا الرجل في عوكر تؤكد أنه لا يزال يغفل الكثير من الأمور، وأنه يقع كغيره من ممثلي الغرب، في خطأ تصديق كل حرف ينطق به حلفاؤه في المجالس الضيّقة، ويطبّق سياسة بلاده وفق الخرائط السياسية التي يفترضها ضيوفه في السفارات الأميركية.
بين 2004 و2008، تمحورت مهمة جيف، &laqascii117o;كسر حزب الله"، حول أسلوبين: الأول، منح خصوم الحزب كامل الدعم لمواجهته في الشارع والمؤسسات وبين الناس. الثاني، محاربة الحزب من خلال التضييق على حلفائه والضغط عليهم.انطلاقاً من منطق دعم أعداء عدوّنا، أعدّ فيلتمان والموظفون في عوكر جداول مالية شهرية توزَّع على وزراء ونواب وجمعيات المجتمع المدني اللبناني، معتقداً أن هذا النشاط المالي يحرّك الشارع في وجه حزب الله. عام 2004، راقب جيداً القرار 1559، وهو يصدر عن مجلس الأمن الدولي. وزّعه على خصوم حزب الله، وكاد يشارك في تظاهرة 14 آذار 2005 للمطالبة بخروج الجيش السوري، لما يمكن أن تُسهم هذه الخطوة في عزل الحزب وإضعافه. مرّت الأشهر وكان خصمه لا يزال صامداً. قرر جيف ألّا يسمح بدخول الفشل إلى مسيرته، ومع إدراكه صعوبة كسر الحزب، قرر استبدال هذا العنوان بآخر أخف وطأة منه: &laqascii117o;ضرب صورة حزب الله بين الشباب اللبناني". أنفق جيف بين أعوام 2006 و2008 ما يزيد على 500 مليون دولار من خزينة بلاده، لعلّ نجاح العنوان الجديد يكون مقدّمة للانتصار الكبير بفرط الحزب. لكنه فشل مرة جديدة.في تموز 2006، توقف الزمن في مكاتب السفارة الأميركية. مع انطلاق العدوان الإسرائيلي على لبنان، قفز جيف من الفرح، ظناً منه أن نجاحه سيتحقق لا محال، باعتبار أن حزب الله سينكسر بفعل الضربات العسكرية المستمرة في كل المناطق اللبنانية. استخدم في مجالسه عبارات الضباط الإسرائيليين، وأهمها &laqascii117o;انهيار منظومة حزب الله"، وراح يبشّر حلفاءه وزواره على مختلف انتماءاتهم السياسية بأنه انتصر. كانت البرقيات &laqascii117o;المشفّرة" تتسارع من عوكر إلى واشنطن، متحدثة عن ارتفاع معنويات الحلفاء وقلق الخصوم.

ترك جيف بيروت في كانون الأول 2008، بعدما كانت المعارضة اللبنانية قد أعادت ترتيب بيتها الداخلي ووضعت حلفاء عوكر في 14 آذار في مأزق الحكم. قبل رحيله بأسابيع، كان فيلتمان يؤكد للفريق الحاكم ضرورة استمرار المعركة، وأنّ الدعم الأميركي مطلق للقضاء على حزب الله. هذه الأفكار التي بثّها فيلتمان لزواره في عوكر دفعت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة إلى اتخاذ الكثير من القرارات الخاطئة، التي بلغت ذروتها فجر 5 أيار 2008. يومها، كان جيف يستريح في واشنطن بعدما سلّم خليفته، ميشيل سيسون، مفاتيح السفارة. في تلك الفترة، كانت سيسون لا تزال تتعرّف إلى خريطة الصراع وطبيعته في لبنان، وكانت تتقيّد بتعليمات واشنطن، فحملت وزر توصيات فيلتمان بإرسال البوارج الأميركية على مقربة من السواحل اللبنانية، في إشارة دعم لقوى 14 آذار ودفعها إلى فتح المعركة مع الحزب. حصل ما حصل في أيار 2008، وانهار مشروع فيلتمان من جديد نتيجة ستاتيكو غير قابل للتعديل. تجربة فيلتمان في بيروت لم تنته عند هذا الحد، فترقية السفير السابق إلى رتبته الحالية زادته قوّة وثقة بالنفس، وتبدّل عنوان مشروعه في مواجهة حزب الله مرّة جديدة وأصبح &laqascii117o;تمزيق حزب الله". لم يتردد فيلتمان في إعلان هذا العنوان الجديد في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، قائلاً لوكيلته الجديدة في بيروت، مورا كونيلي: &laqascii117o;لقد حاصرتُ هؤلاء السفلة. شاهدينا فيما نحن نمزق حزب الله بألف ضربة بطيئة". تمسّك جيف هذه المرة بالقرار الدولي 1757، أي المحكمة الدولية، لعلّها تحقق له نجاحاً يساعده في تسجيل انتصار أول في مهمّته الجديدة: ضرب حلفاء إيران أينما كانوا.انتبه للتوقيت والخريطة السياسية يا جيف.


ـ 'السفير'
المواجهة المفتوحة من البحرين إلى لبنان
نادر فوز:
 
مع اندلاع المجابهة الكلامية على نحوها العلني الراهن بين ايران من جهة والبحرين ودول الخليج من جهة ثانية، تدخل المنطقة في مرحلة خطر حقيقي، ويصبح ضبط الأمور من البحرين مروراً بالسعودية واليمن وصولاً الى سوريا ولبنان أمراً بالغ الصعوبة، ذلك ان اشعال عود ثقاب صغير قد يؤدي الى حرائق كبيرة.
لم تمض أيام قليلة على تهديد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بأن بلاده ستقطع الأصابع التي تمتد اليها، حتى عاد الوزير نفسه يؤكد أمس ومن قلب القصر الملكي البحريني أن أمن البحرين هو من أمن السعودية، وذلك فيما كانت ايران تندد بدخول القوات الخليجية الى البحرين، ويقول رئيسها محمود احمدي نجاد ان هذا التدخل هو صنيعة أميركا وسيبوء بالفشل.
الحدث البحريني وتفاعلاته الخليجية والايرانية، تزامن مع اتهامات اسرائيلية لإيران وسوريا بتهريب او تسهيل مرور اسلحة خطيرة الى قطاع غزة بعد اعتراض سفينة &laqascii117o;فيكتوريا" وعلى متنها صواريخ بر ـ بحر من نوع C704 ، وقالت التسريبات الاستخباراتية الاسرائيلية إنه ما كان لهذه السفينة أن تأتي من ايران وتمر بمرفأ اللاذقية لولا غطاء سياسي من أعلى المستويات.

وشاءت الصدف (او ربما غير الصدف) أن تتوازى هذه التطورات مع اندلاع شرارة التظاهرات في دمشق، والتي وان بقيت محدودة العدد الا انها قد تصبح مع الوقت ورقة ضغط خارجية على دمشق، تضاف الى الورقة التي لم تنته مفاعيلها بعد والمتمثلة بالمحكمة الدولية.
كما تزامنت هذه التطورات مع اولى الاتصالات الجدية والجيدة بين القيادة المصرية الجديدة ودمشق، حيث كانت اللهجة المتبادلة بين الرئيس السوري بشار الاسد (عبر رسالة نقلها سفيره في القاهرة) ورئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي توحي بأن صفحة جديدة بدأت تفتح جدياً بين الطرفين، وهو أمر لن يكون مريحاً لاسرائيل.وقد جاء كل ذلك في أعقاب تظاهرة 13 آذار في لبنان، والتي يمكن قراءتها إقليمياً أيضا بانها وجهت الكثير من سهامها الى ايران وسوريا عبر تركيزها اللافت على مسألة سلاح حزب الله والمقاومة، وذلك فيما كانت تظاهرات المنطقة الشرقية في السعودية تعزز قلق الخليجيين من تمدد ايراني عبر شيعة المملكة.
ترتسم إذاً ملامح مرحلة خطيرة في المنطقة، فالخليجيون بقيادة السعودية رفعوا مستوى التحدي لإيران في البحرين، وقد فسر البعض هذه الخطوة الخليجية العسكرية في الامارة الصغيرة بأنها نقل المعركة الى خارج المنطقة الشرقية في السعودية، وفسرها آخرون بأنها نابعة من قرار خليجي ودولي يقضي بعدم المساس بهذه المنطقة النفطية الحيوية لاقتصاد اميركا والغرب، لكن الأكيد ان تفسيرها الامني الاقليمي انما يصب في خانة التصدي لإيران.

ولا شك في أن اميركا التي تراقب باهتمام كبير اوضاع البحرين واليمن والسعودية وتسعى لسحب فتائل المواجهات، إنما تلجأ الى اتجاهين: فهي من جهة توفد مبعوثيها الى البحرين والخليج للبحث عن مخارج وتثبيت الاوضاع واقناع السلطات بإيجاد حلول غير أمنية، ومن جهة ثانية تمرر بين الوقت والآخر تصريحات ناقدة، ما يشير الى ان واشنطن نفسها لا تعرف تماماً إلام ستؤول الامور. والأكيد ان تحركاً عسكرياً خليجياً بهذا المستوى صوب البحرين ما كان ليتم لو أن واشنطن ترفضه تماماً.
ولو عدنا الى القضايا المركزية في الاستراتيجية الاميركية والاسرائيلية أي المصالح النفطية وسلاح المقاومات العربية والإسلامية وتفكيك المحور الايراني السوري او شلّ قدراته، يصبح من الممكن التفكير بسيناريوهات خطيرة وعديدة في المنطقة انطلاقاً من البحرين وصولاً الى لبنان، ذلك أن الساحة الخليجية تبدو الآن مؤهلة جداً لرفع مستوى التأجيج الايراني الخليجي ورفع نسبة الضغوط على ايران.
لا شك في أن لدى الطرف الآخر، خصوصا ايران وسوريا وحلفاءهما الكثير من اوراق الضغط من العراق الى لبنان، وهما قادرتان على تحريك بعضها في الوقت المناسب، ولكن في محطات كهذه من لعبة الامم يصبح الحذر سيد الموقف وتصبح الحروب الكبيرة موازية للصفقات الكبيرة، وفي الحالتين فإن المنطقة مرشحة لكثير من التطورات، خصوصاً أن ثمة ميلاً اوروبياً الآن للبدء بمسيرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقد تكون اسرائيل بحاجة كبيرة لإحداث خضات اقليمية بغية منع ذلك او تحويل الأنظار عنه.
ومشكلة لبنان في متغيرات اقليمية ودولية كبيرة كهذه انه غالباً ما يتحول الى ساحة صراع، ولعل تظاهرة 13 آذار ضد سلاح حزب الله والتي حظيت بدعم غربي وتعاطف سعودي، ثم تظاهرة حزب الله أمس نصرة لثورة البحرين ضد التدخل العسكري الخليجي، تؤكدان بأن الساحة اللبنانية أيضاً مرشحة لكل الاحتمالات. ففي التظاهرتين، رسائل تتخطى حدود لبنان.


ـ 'المستقبل اليوم'


قبل أيام أطلّ رئيس كتلة نواب الحزب الحاكم من مجلس النواب، تحت شعار فئوي يستفزّ غالبية اللبنانيين، ليعرض عليهم فصلاً جديداً من حرب حزبه المفتوحة على المحكمة الدولية، مدّعياً أن المحكمة طلبت بصمات أربعة ملايين لبناني لاستخدامها في التحقيق!!
دَع عنك انتهاك حرمة المجلس وإلزامه بموقف لم يتخذه، فإن في مضمون كلام النائب الكريم، وقد ثبت ببيانات رسمية واضحة أن المطلوب هو عشر بصمات لا أكثر، ما يستحق التوقف عنده. لا لكونه يتذرع بوقائع غير صحيحة للإمعان في التشكيك بعمل المحكمة وحياديتها ومصداقيتها، وهو سلوك ليس بجديد عليه وعلى حزبه، بل لكونه يعكس خفّة ولامبالاة ينتهجها هذا الحزب في حربه المفتوحة على العدالة، حيث المنطق والحجة والأدلة والقرائن في آخر الاهتمامات، فيما الاعتبار الأول هو لقلب الوقائع واجتزاء وإطلاق الشعارات المضلّلة.
هكذا ببساطة، يصبح طَلبُ عشر بصمات أربعة ملايين!! وفق منهجية غوبلز الشهيرة التي يلتزمها الحزب. لم لا طالما في التضليل ما يخدم الحرب النفسية والديماغوجية التي يخوضها ضدّ اللبنانيين، وضدّ العدالة، وضدّ الدولة ومؤسساتها! وبالتالي لا يستغربنّ أحد أن يأتي يوم يصبح فيه القاضي عميلاً، وهيئة المحكمة وكرٌ للاستخبارات، وهيئة الدفاع أناس مشبوهون. فالضحية، منذ زمن، أضحى قاتلاً عند هؤلاء.
اكذب، وزيّن كذبك بشعارات كبيرة، وتخفّف من أثقال الصدق والتوازن والمنطق، فثمة من سيصدقك.


ـ 'النهار'
شفرة البحرين القاطعة!
راجح الخوري:

(...) البحرين، ذات الاكثرية الشيعية، كانت دائما على خط الاضطراب مع طهران، مع ان من الواضح والمفهوم ان ليس كل الشيعة البحرينيين يؤيدون ايران، بل ان بعضا منهم يذهب الى هذا، بينما الآخرون بحرينيون أقحاح، لهم مطالبهم الاجتماعية والاصلاحية تماما مثل اخوتهم السنّة في ذلك البلد.
بعد بداية الاهتزازات الثورية في الدول العربية بدأت الرياح الايرانية تنشط في اتجاه جزء من شيعة البحرين. ومن المعروف أنه تم منذ أعوام كشف تنظيمات سرية مرتبطة بالنظام الايراني، وقد دينت بتهم راوحت بين العمل لاشاعة الفوضى وضرب الاستقرار والسعي الى قلب النظام. والمثير أن هذه الاحداث جرت في وقت كانت اللهجة الايرانية تتجدد قائلة إن البحرين ايرانية، وهو ما يخالف رأي الاغلبية البحرينية بما فيها معظم الشيعة.
ورغم قيام ايران بلفلفة هذا الموضوع، الذي يبدو أن منوشهر متكي دفع ثمنه يومها لأنه ذهب في المنامة الى حد الحديث عن علاقة متوازنة من بلد الى بلد بين ايران والبحرين، وهو ما دفع محمود أحمدي نجاد الى اقالته، كما قيل، فإنه مع بداية موجة التظاهرات شهدت البحرين حركة مطلبية واحتجاجية تنادي بالحقوق والاصلاحات عن حق، لكنها سرعان ما تكشفت عن انقسام واضح في الموقف الشيعي البحريني، وتحديدا بعدما أطلقت السلطات المدانين بالحركة الانقلابية وسمحت بعودة المبعدين منهم وسحبت قواتها من حول 'دوار اللؤلؤة' كما هو معروف. طبعا ليس خافيا على أحد أن رزمة الاصلاحات التي عرضها ولي العهد كانت ولا تزال تشكل مدخلا معقولا الى حوار ينهي أخطار قيام فوضى واضطرابات تشعل النار في البحرين وعلى تخوم المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية ذات الكثافة الشيعية، والتي تحاول طهران عبثا التلاعب بها، وقد حاولت اخيرا دفعها الى التظاهر ولكن دون جدوى.


ـ 'النهار'

الحملة الديبلوماسية لـ'حزب الله' تعكس موقفاً حرجاً / التأليف في مأزق توسيع الهامش تجنباً للون الواحد
روزانا بومنصف:
 
بين الاطلالة الاعلامية لرئيس 'كتلة الوفاء للمقاومة' النائب محمد رعد مع السفير الفرنسي دوني بييتون الاسبوع الماضي وحرص 'حزب الله' على توزيع مضمون لقاء لنائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم مع سفراء لدول اميركا اللاتينية لتأكيد معادلة 'الجيش والشعب والمقاومة' والقول 'ان الحياة السياسية لن تتوقف عند رفض قوى 14 آذار المشاركة في الحكومة ولا نرضى ان يتعطل البلد كرمى لعيون احد '، يحاول الحزب ان يطل بعلاقات عامة مختلفة مع الخارج ممن يلتقيهم عادة. لكن بدت هذه الحملة وعلى نحو مفاجئ ضرورة في ظل وضع مربك ومحرج لا يمكن تجاهل انه اتى وفق صيغة ملتبسة ابعدت قوى 14 آذار عن المشاركة وفي ظل رفع هذه الاخيرة معارضتها لتوجيه سلاح الحزب نحو الداخل الى حد الطعن بصدقية هذه المعادلة وصلاحيتها من حيث المبدأ. اذ يعرف الحزب ان الغطاء الخارجي صعب تأمينه في ظل وضع يده على الحكومة مع حلفائه ليس بازاء الولايات المتحدة وحدها بل بازاء دول عدة عربية وغربية. ويجهد رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي لتأليف حكومة بعيدة من طابع اتسامها بانها حكومة الحزب او من طابع انه سيديرها على رغم الانطباعات المختلفة لدى زواره من رؤساء البعثات الديبلوماسية والتي لا تصب في خانة الاعتقاد بوجود هامش كبير امامه للحركة بدليل عجزه بعد خمسين يوما على تكليفه عن تأليف حكومة من لون او فريق سياسي واحد في نهاية الامر. اذ يثير عدم ترك الحرية للرئيس ميقاتي في ان يأتي بحكومة تحظى بغطاء محلي وإقليمي ودولي في ظل الرقابة التي تقيمها دول مؤثرة على الحكومة الجديدة، تساؤلات اذا كان هذا الفريق يريد حكومة فعلا او هو يكتفي الان بحصول الانقلاب الذي قام به على قاعدة انه لن يدفع في اتجاه تأليف حكومة ما لم يأت بما يناسبه فيها ولا بأس بالتأخير ما دامت الامور باتت في يده. ولذلك فان كثرا من السفراء يشيدون بالطبع الهادئ والمرن للرئيس المكلف واستعداده للنقاش لكنهم يلحظون وجود ضوابط او حدود لحركته تقيدها وتمنع عليه ان يقوم بما يرغب ان يقوم به. وهذا الانطباع يكتسب اهمية في سياق تبديد المخاوف الخارجية اكثر من تأكيد علاقات عامة وتواصل مع الخارج على قاعدة انفتاح الحزب على ذلك (للقراءة).


ـ 'النهار'
وردة حمراء من رفيق الحريري على ضريح كمال جنبلاط
علي حمادة:
 
(...) في 13 آذار 2011 خرج مئات الآلاف من اللبنانيين ليقولوا كلمتهم في سلاح 'حزب الله'، وليعلنوا رفضهم حكمه القسري للبلاد. خرجوا وكانت صرخة رفض مدوية ضد الانزلاق الخطير في الحياة اللبنانية، بحيث صار السلاح لا الرأي العام العامل الاساس المقرر لخيارات الوطن.
ان هذا الامر غير مقبول على الاطلاق. ولا يمكن المضي في هذه المعادلة الى ما لا نهاية، كونها ستولّد الفتنة تلو الاخرى ما لم يعد الفريق المسلح الى رشده. ولعل القول بأن موقف الاستقلاليين في 13 آذار كان خاطئا لجهة طرحه 'مستحيلات' بدل تأكيده 'ثوابت'، فيه شيء من التبسيط لموقف الناس الذين سئموا التعامل مع سلاح خارج على كل سيطرة، وقد ذاقوا الامرّين من هذا السلاح الذي وُجِّهَ الى صدروهم بغير وجه حق، كما انهم صاروا يرون فيه، وعن حق، تهديدا مباشرا لهم ولاولادهم، فضلا عن كونه يمثل تهديدا للكيان برمته.
ان هذا الشعور حقيقي. ولا يمكن احدا ان يتجاوزه او ان يتعامى عنه. وما دامت الامور على حالها فإن الوضع سيزداد تفاقما، وسيرتفع منسوب الرفض والغضب الوطني الواسع النطاق لهذا السلاح الذي انتفت ذريعة وجوده. فذريعة ما يسمى 'مقاومة' باتت مرفوضة بعدما نفضت الغالبية العظمى من اللبنانيين ايديها منها، وصارت شرعيتها منقوصة. فعن اي 'مقاومة' يتحدثون بعدما استعدت ملايين اللبنانيين؟ هذه الرسالة يجب على نجيب ميقاتي ان يعيها جيدا. فمرشح 'حزب الله' وسوريا في رئاسة الحكومة، ولو شكل حكومته، سيبقى منقوص الشرعية، وخصوصا بعدما فقد مشروعيته الشعبية وسط بيئته على ما ظهر جليا في اعقاب مسرحية التكليف، وبعدما تأكد الامر في 13 آذار 2011، وهذا سيتأكد حتما في اليومين المقبلين في طرابل

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد