قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الجمعة 18/3/2011

- 'المستقبل'
إلى إخوتي جمهور حزب الله
مصطفى علوش:

'أوصي ابنائي وإخواني الشيعة الامامية في كل وطن من أوطانهم، وفي كل مجتمع من مجتمعاتهم، ان يدمجوا أنفسهم في اقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم، وأن لا يميزوا أنفسهم بأي تمييز خاص، وأن لا يخترعوا لأنفسهم مشروعاً خاصاً يميزهم عن غيرهم (...). وصايا الامام محمد مهدي شمس الدين
مع تأثري بحجم المشاركة التي طبعت احتفال نهار الأحد الماضي، في ذكرى انتفاضة الاستقلال ولكنني لن أعلق على هذه المسألة الكثير من الكلام ولن أصرف عليها الكثير من الوقت، فقد يقول أحدكم انه بنداء واحد من 'السيد' قد يجتمع اكثر ممن اجتمعوا في ساحة الحرية، وقد يكون هذا الحديث صحيحاً وقد يتمكن نداء السيد من جمع أكثر أو مثل أو اقل بقليل من ما شهدناه في 13 آذار، ولكن هذا ليس بيت القصيد ولسنا نحن في مباراة على شعبية هذا الزعيم أو ذاك. ولكن العبرة من حجم المشاركة هو أن جزءاً كبيراً من اللبنانيين لا يتشارك معكم في نفس النظرة الى سلاح 'حزب الله'، لا بل أنه يرى ماترونه في موقع التقديس بوجهة نظرهم شراً مطلقاً بنظرهم. وهذا وحده يجب ان يضع نصب اعينكم علامات استفهام حول مسألة القدسية لأنها تمنع حتماً امكانية التفاهم مع النصف الآخر من البلد، وهذا يعني عملياً استمرار النكد، هذا النكد الذي يعطل حياة الناس وشؤونهم اليومية على أقل تعديل، والأخطر هو واقع الانقسام الذي يسبق عادة الصدام. وقد يقول بعضكم انه طالما 'حزب الله' يملك الأسبقية والأفضلية في التسليح والتدريب فهذا يعني الغلبة المؤكدة.ولكن لنفرض فقط ان الطرف الآخر توصل في وقت من الأوقات الى اعداد العدة والتسلح والتدرب وأتى من يمول الفتنة، فماذا يحدث برأيكم حينها؟ ألن يطحن ابناؤنا جميعاً في حرب ستكون بالنهاية عبثية وطويلة لنعود من جديد للحوار، أو ربما نصل الى الفراق؟ فلماذا اذن لا نوفرعلينا كل المآسي ونذهب مباشرة نحو الحوار حتى نتجنب الفراق وهو ابغض الحلال؟ المشهدية الثانية التي سأسعى لشرحها لكم هي مدلولية التنوع الكبير لطوائف المشاركين، ومن كل أطياف المجتمع الاقتصادية. لقد تمكن 13 آذار من إعادة مشهدية 14 آذار 2005 من زاوية التنوع بالاضافة الى حجم المشاركة. ولكن، وان كانت الشعارات واضحة وموحدة وهي رفض السلاح غير الشرعي، اي كل سلاح ليس تحت امرة الدولة، ومن ضمنه سلاح 'حزب الله' والميليشيات المتعددة، والسلاح الفلسطيني، وسلاح العصابات وكل سلاح قد يوجه الى صدور المواطنين تحت مختلف المسميات.ولكنني أعترف لكم بالتأكيد أن أهداف المتظاهرين من رفض السلاح ليست موحدة. فالمسيحي يرى فيه خطراً على وجوده الذي بناه على مدى 2000 سنة من التضحية والنضال. والسني قد يراه انتقاماً مذهبياً عمره 1400 سنة.ولكن المسألة صراحة تتعدى ذلك الى التفاصيل، فالسيدة المتأنقة التي مشت من الأشرفية الى الساحة ترى فيه خطراً على حريتها في ارتياد المقهى أو المطعم الذي تأكل وتشرب فيه متى تشاء وكيفما تشاء.ورجل الأعمال يرى في السلاح خطراً على استثماراته، والموظف يرى فيه سبباً لفقدان مصدر رزقه إذا خسر رب العمل استثماراته.والأم ترى فيه خطراً لأنه دفع أبناءها الى الهجرة بحثاً عن أبواب رزق تسبب بقطعها وجود السلاح.والأب يرى فيه خطراً لأنه قد يحرمه من رؤية أولاده وأحفاده إذا حرمهم هذا السلاح من اكتمال سنوات حياتهم بالقتل تحت عناوين متعددة.والطالب يرى فيه خطراً لأنه قد يقضي على آماله بالتخرّج، أو بالمواعدة أو بقضاء وقت الفراغ حسبما يرغب.والصبية تراه خطراً لأنه قد يمنعها من ممارسة حقها بأن تلبس ما تشاء وتقول ما تشاء وتذهب الى الجامعة التي تشاء.والعاطل عن العمل يراه خطراً لأنه يمنعه من إيجاد عمل من خلال ندرة فرص التشغيل لندرة الاستثمارات. وقد يساهم الدمار المتكرر الذي يسببه هذا السلاح تحت مختلف المسميات، في إعاقة أولويات الإنماء للدولة من خلال خلق ظروف طارئة بسبب الحروب المتعددة الأسماء والأهداف.أسباب وأسباب قد تكون وراء العداء للسلاح، وهي أسباب إنسانية بسيطة لا يمكن أن تقمعها لغة العزة والكرامة ولا لغة التخوين ولا حتى القمع الذي مورس وقد يمارس عليها لإقناعهم بعكس ذلك، وكما لاحظتم فإن كل التهديد بقطع الأيدي إذا امتدت الى هذا السلاح لم تقنع هؤلاء الذين نزلوا الى الساحة. لذلك فمن واجبنا سوياً أن نبحث عن حل يقينا شر الصدام أو الفراق.ومن واجبنا أيضاً من جهتنا أن نتفهم الهواجس التي تحملونها أنتم وتجعلكم متمسكين بهذا السلاح، ونحن نرى في وضع هذه المقدرات العظيمة والمشكورة تحت أمرة الدولة التي أنتم جزء منها، وكما رأيتم بأن الواقع الدستوري مكّن 'حزب الله' من الإتيان بحكومة حسب طلبه وحسب ما يشتهي، فهل يسلّم هذا الحزب قرار الحرب والسلم والسلاح الى هذه 'الحكومة الوطنية'؟وإذا كانت هواجسكم عنوانها المشاركة في حصة الحكم، فلماذا لا نضع هذه الهواجس بشكل صريح وواضح على الطاولة حتى نتفاهم عليها.إخوتي في الوطن، أخوتكم قالوا بصراحة ما يريدون، فلنذهب فوراً الى الحوار لنصل الى حل يقينا شر الصدام.


- 'النهار'
العرب وميقاتي: حذر وشروط حكومة الأحلام وحكومة الواقع
عبد الكريم أبو النصر:

أفاد مسؤول عربي بارز في إتصالات مع مسؤولين أوروبيين وأميركيين ان الدول العربية الحريصة على مصير لبنان تدعم بشروط الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وترفض أن تؤيد سلفاً حكومة تجهل تركيبتها وطبيعة توجهاتها ولذلك تتعامل بحذر شديد مع هذا الموضوع الحساس. وشدد المسؤول العربي على أن تصريحات ميقاتي ومواقفه العلنية وتمنياته وآماله شيء ومدى قدرته على تنفيذ وعوده شيء آخر، إذ ان هذه الدول العربية ترغب في تشكيل حكومة تساعد على إنقاذ لبنان لا أن تقوده الى الدمار، وتحميه من الإنقسام الحاد وتعزز الوحدة الوطنية والسلم الأهلي ودور الدولة ومؤسساتها الشرعية وتمنع هيمنة فريق سياسي على البلد وتحترم التزامات لبنان الدولية وتواصل دعم عمل المحكمة الخاصة بلبنان وتنفذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وتكمل تطبيق إتفاق الطائف وتلتزم مضمون إتفاق الدوحة الذي يحّظر إستخدام العنف والسلاح في الصراع السياسي الداخلي وتمنع إبعاد البلد عن الصف العربي وضمّه الى المحور السوري - الإيراني وتتخذ الإجراءات الضرورية والقرارات المناسبة لعدم إستخدام الساحة اللبنانية منطلقاً لتفجير حرب جديدة مع إسرائيل مما يشكل تهديداً خطراً للأمن والسلم الإقليميين. وذكر المسؤول العربي ان هذه الدول العربية ترفض أن تساند فعلاً وليس كلامياً حكومة يقودها فريق سياسي واحد وتنقلب على صيغة التوافق الوطني لمعالجة المشاكل المهمة العالقة، وتتخذ إجراءات وقرارات تهدد العيش المشترك والأمن والإستقرار وتفجّر نزاعات داخلية وتعزل لبنان عن محيطه العربي وعن المجتمع الدولي وتعرقل تحقيق العدالة وتعتمد الكيدية وسياسة الإنتقام من فريق لبناني يمثل الغالبية الشعبية أبعد عن السلطة من طريق التهديدات والضغوط المتنوعة'.
هذا ما نقلته الينا مصادر ديبلوماسية أوروبية في باريس مطلعة على مضمون هذه الإتصالات. وأوضحت ان الجهات الرسمية الفرنسية والأميركية والدولية المعنية بمصير لبنان تؤيد هذا الموقف العربي إذ ان دعمها لميقاتي مشروط أيضاً ومرتبط أساساً بقدرته على تشكيل حكومة مقبولة لبنانياً وعربياً ودولياً وتعمل لمصلحة لبنان المستقل السيد واللبنانيين عموماً وليس لمصلحة فريق مرتبط بجهات إقليمية ذات أطماع في هذا البلد تريد تحقيقها من خلال حكومة يقودها ويوجهها 'حزب الله' وحلفاؤه.
وحرص المسؤول العربي على أن يشرح للمسؤولين الأوروبيين والأميركيين حقيقة الموقف الذي إتخذه وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بعد إجتماعهم في الرياض الأسبوع الماضي فقال: 'إن الوزراء الخليجيين، في بيانهم المدروس بعناية، لم يقدموا دعماً لميقاتي ولحكومته لأن هذه الحكومة ليس لها وجود حتى الآن، بل إنهم حددوا ضمناَ توقعاتهم منها فنوهوا 'بالمضامين الإيجابية' التي وردت في خطاب الرئيس المكلف والمتناقضة الى حد بعيد مع مطالب 'حزب الله' ومواقفه، وتمنوا 'تشكيل حكومة تحقق آمال الشعب اللبناني وتطلعاته' وليس آمال فريق معين، وشددوا على 'دعمهم الكامل للأمن والإستقرار والوحدة الوطنية' وعلى ضرورة إحترام 'القواعد الدستورية التي توافق عليها جميع اللبنانيين 'مما يعكس حرصهم على أن تتألف الحكومة ضمن إطار التوافق اللبناني العام. وطالب الوزراء الخليجيون في بيانهم أيضاً بالإستناد الى إتفاق الطائف الداعم للمناصفة بين المسلمين والمسيحيين ولدور الدولة وسلطتها، وبالإستناد أيضاً الى إتفاق الدوحة الذي يدعو الى تشكيل حكومة وحدة وطنية ويحظر إستخدام العنف والسلاح في الداخل لتحقيق مكاسب سياسية.
معارك ميقاتي
ضمن هذا السياق قالت المصادر الأوروبية المطلعة، إستناداً الى إتصالاتها مع جهات لبنانية عدة، ان ميقاتي خاض ويخوض خمس معارك سياسية في وقت واحد لضمان تشكيل حكومة 'لائقة ومقبولة' في الداخل والخارج تطمئن اللبنانيين الى حد كبير، وتساعد على تحسين الأوضاع البالغة الصعوبة في هذا البلد، وهذه المعارك هي الآتية:
□ المعركة الأولى – خاضها ويخوضها ميقاتي مع حلفائه الجدد لإقناعهم بضرورة تقليص مطالبهم المتشددة القصوى المتعلقة بتركيبة الحكومة وتوزيع الحقائب الوزارية بين الأفرقاء المشاركين فيها وهويات الوزراء وطبيعة مهماتها ومضمون برنامجها للمرحلة المقبلة، بطريقة تؤمن نجاحها. وكما قال ديبلوماسي أوروبي مطلع: 'ان ميقاتي يرفض حتى الآن أن يكون مجرد واجهة لحكومة يحدد سياساتها وتوجهاتها 'حزب الله' وحلفاؤه'.
□ المعركة الثانية – يخوضها ميقاتي مع 'حزب الله' تحديداً وتهدف الى الحفاظ على علاقات لبنان الدولية الجيدة والواسعة من خلال إقناعه بضرورة التعامل مع المحكمة الخاصة بلبنان على أساس انها واقع دولي فرضه مجلس الأمن بقرار ملزم للبنان صادر إستناداً الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ويحمل الرقم 1757، وعلى أساس أن مصلحة لبنان ليست في التخلي عن التزاماته الدولية والدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي والدول البارزة والمؤثرة، وعلى أساس انه ليس قادراً شخصياً على تحمل مسؤولية منع تحقيق العدالة والوقوف ضد المحكمة، وان المطلوب 'تفهم' هواجس الحزب والتوصل الى صيغة 'خلاقة' ومقبولة لدى كل الأفرقاء تؤكد التمسك بالعدالة وبضرورة إحترام التزامات لبنان الدولية وكشف حقيقة جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وجرائم أخرى مرتبطة بها مع التشديد في الوقت عينه على معارضة تسييس المحكمة ورفض تقبل توجيه الإتهامات الى أي شخص إستنادا الى شهادات مزورة أو مضللة والى قرائن وأدلة ضعيفة غير قاطعة أو صلبة.
□ المعركة الثالثة – يخوضها ميقاتي مع حلفائه الجدد من أجل الحفاظ على دور رئيس الحكومة وموقعه وفقاً لما ينص عليه الدستور اللبناني الذي يمنح رئيس الحكومة صلاحيات مهمة أبرزها انه هو 'الذي يجري الإستشارات النيابية لتشكيل الحكومة' وهو الذي 'يوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها' وهو الذي 'يمثل الحكومة ويتكلم بإسمها ويعتبر مسؤولاً عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء' وهو الذي 'يدعو مجلس الوزراء الى الإنعقاد ويضع جدول أعماله'. وهذه المعركة مهمة وأساسية لأن المسؤولين السوريين وحلفاءهم يريدون تقليص دور رئيس الحكومة الى أدنى حد، ولذلك إختاروا رئيساً لها ليس مدعوماً من كتلة نيابية كبيرة، وبحيث تكون السلطة التنفيذية في أيدي حلفاء دمشق وخصوصاً إذا حصلوا على أكثر من ثلثي الحقائب الوزارية فيها.
المعركة الرابعة يخوضها ميقاتي مع حلفائه الجدد أيضاً من أجل الحفاظ على دور رئيس الجمهورية وموقعه وصلاحياته، إذ انه يرغب في حصول الرئيس ميشال سليمان على حصة في الحكومة لا تقل عن ثلاث حقائب وزارية ومنها وزارتا الداخلية والدفاع، لأسباب محلية وخارجية، كما انه يرغب في أن يمتلك مع الرئيس سليمان 'الثلث الضامن' في الحكومة لكي يتمكنا من الإضطلاع معاً بدور مؤثر في توجيه عمل الحكومة وإدارة شؤون الدولة.
□ المعركة الخامسة – يخوضها ميقاتي مع الدول العربية والأجنبية البارزة المعنية بمصير لبنان وعلى رأسها السعودية وأميركا وفرنسا لمحاولة إقناعها بتقديم دعم واضح له ولمساعيه وجهوده وبإعطاء الحكومة الجديدة، بعد تشكيلها، الفرصة لكي تثبت انها ستحترم التزامات لبنان الدولية وانها لن تحدث إنقلاباً ولن تبدل طبيعة سياساته وتوجهاته العربية والإقليمية والدولية. وكما قال ديبلوماسي أوروبي مطلع: 'ان الدول العربية والأجنبية المعنية بمصير لبنان ليس لديها موقف سلبي من ميقاتي شخصياً، وان يكن البعض منها منزعج فعلاً من تخليه عن حلفائه الأصليين ومن موافقته على تشكيل حكومة يدعمها حلفاء دمشق وطهران بعد إقدام نظام الرئيس بشار الأسد على احباط المساعي السعودية لعقد مؤتمر مصالحة وطنية في الرياض. لكن هذه الدول ترفض الإكتفاء بالوعود والمواقف المعلنة لميقاتي ولذلك ستحدد موقفها من الحكومة بعد تشكيلها وبعد الإطلاع على نص بيانها الوزاري'.
وإستناداً الى هذه المصادر الأوروبية المطلعة، يصطدم بحقيقة أساسية يحاول تجاهلها أو تجاوزها هي ان نظام الأسد وحلفاءه لم يدعموه ولم يمنحوه ثقتهم لكي يكون مستقلا عنهم ولكي يشكل الحكومة التي يريدها ويتمناها هو أي 'حكومة إنقاذ وطني ترضي مختلف الأطراف وتحدث صدمة إيجابية في الداخل وتمنع حدوث مواجهة بين لبنان والمجتمع الدولي وتحترم الإلتزامات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وتؤمن تالياً إستمرار الدعم الدولي والعربي الواسع لهذا البلد في مجالات حيوية عدة وتساعد اللبنانيين على الخروج من معاناتهم وتجاوز ظروفهم البالغة الصعوبة'. بل ان المسؤولين السوريين وحلفاءهم أتوا بميقاتي لكي يؤمن الغطاء المناسب داخلياً وعربياً ودولياً لحكومة يكتفي هو برئاستها ويقودونها هم ويحددون توجهاتها وخياراتها. وحكومة كهذه ستخوص، في وقت واحد، معركة مع المحكمة الخاصة بلبنان ومع المجتمع الدولي، ومعركة مع الإستقلاليين الرافضين وصاية السلاح وكل أنواع الهيمنة السورية، ومعركة مع الدول العربية والأجنبية الرافضة خطط المحور السوري – الإيراني. وليس مهماً، بالنسبة الى حلفاء دمشق، أن يدفع لبنان واللبنانيون ثمناً باهظاً لهذه المعارك. وكما قال لنا ديبلوماسي أوروبي مطلع: 'ان حلفاء دمشق لن يسمحوا لميقاتي بأن ينجح هو ويفشلوا هم، أي أن يشكل 'حكومة أحلامه' لأنهم يتعاملون معه على أساس انه ليس هو صاحب القرار الحقيقي كونه يمتلك كتلة تضم نائبين فقط وحليفاً ثالثاً، ويرون انه 'صيد سمين' بالنسبة اليهم ما دام يقبل بتنفيذ مخططاتهم'. وأضاف هذا الديبلوماسي: 'حزب الله لن يجازف ولن يسمح بتشكيل حكومة جديدة إذا لم يتفق سلفاً وبوضوح مع ميقاتي على أن تتخذ هذه الحكومة إجراءات وقرارات محددة تفك إرتباط لبنان بالمحكمة الخاصة وتوقف أي نوع من التعاون معها. وعلى هذا الأساس فإن المطلوب من ميقاتي أن يضحي بمصلحته الذاتية وبالمصلحة الوطنية وأن يتراجع عن وعوده ومواقفه المعلنة وأن يتخلى تالياً عن تأمين العدالة وعن مواصلة دعم عمل المحكمة من أجل تأمين مصالح 'حزب الله' وحلفاء دمشق عموماً. وثمة فارق كبير بين حكومة الأحلام وحكومة الواقع'.
ثلاثة أنواع من الفشل
وقال لنا مسؤول أوروبي معني بالملف اللبناني: 'ان تأليف الحكومة ليس نجاحاً كافياً في ذاته لأن هذه الحكومة تواجه تحديات ومصاعب في الداخل والخارج لم تواجهها حكومات التوافق الوطني خلال السنوات الست الاخيرة ويمكن القول ان ميقاتي يواجه ثلاثة أنواع من الفشل السياسي: أولاً - الفشل الذي ينقذه سياسياً أو يحد من خسائره هو الإعتذار عن مواصلة مهمته إذا رأى أن حلفاءه لن يسمحوا له بتشكيل حكومة تحدث صدمة إيجابية بل إنهم يريدون حكومة مواجهة في الداخل والخارج. ثانياً - الفشل الذي يضعفه سياسياً هو أن يشكل حكومة تؤمن بعضاً من مطالبه وتحقق لحلفاء دمشق مطالبهم الأساسية، ثم يدخل في مواجهة مع هؤلاء الحلفاء لمنع إتخاذ قرارات قد تمثّل تهديداً للسلم الأهلي ولمسار الأوضاع الداخلية أو تؤدي الى إضعاف لبنان في الساحتين العربية والدولية، فيضطر حينذاك الى الإستقالة من منصبه ويخسر حلفاءه الجدد بعدما خسر حلفاءه الأصليين. ثالثاً - الفشل الذي يشكل ضربة سياسية كبيرة له ويهدد موقعه في طائفته وفي الساحة اللبنانية وفي الخارج، هو أن يرضخ كلياً لحلفاء دمشق ويؤلف الحكومة التي تلائمهم وينفذ مطالبهم ويدعم قراراتهم، فيتخلى حينذاك عن باقي وعوده وعن وسطيته ويصير جزءاً من فريق 8 آذار'.
ولاحظ هذا المسؤول 'ان ميقاتي يمتلك سلاحين سلبيين هما سلاح الإعتذار عن تشكيل الحكومة أو سلاح الإستقالة لاحقاً إذا واجه صعوبات وعقبات تفوق قدرته على تحملها. ولكن ليس لديه السلاح الفعال المؤثر الذي يمنحه القدرة على تأليف الحكومة المناسبة له ولتطلعاته المعلنة وعلى تأمين الدعم النيابي اللازم لها لأنه ليس رئيس كتلة نيابية كبيرة كسعد الحريري ولأن توجهاته الأساسية المعلنة والوعود والتطمينات التي قدمها الى جهات عربية ودولية معنية بالأمر تتناقض مع ما يريده حلفاء دمشق الذين يدعمونه لكي ينفذ مطالبهم التي تؤمن مصالحهم وتخدم حساباتهم وخططهم الداخلية والإقليمية. وهذه مشكلته الكبرى'.


- 'النهار'
هل لدمشق علاقة بـ 'اختفاء' الإمام موسى الصدر؟

بدأت الانتفاضات التي تجتاح الشرق الأوسط تُسقط بعض الأبواب المظلمة جداً – الأبواب التي تقود إلى الزنزانات والسجون حيث تقوم الأجهزة الأمنية العربية بعملها. في الإسكندرية والقاهرة، اقتحم المتظاهرون المصريون مكاتب أمن الدولة حيث اكتشفوا بعض الأشياء وأدوات التعذيب التي تُستخدَم لجعل السجناء أكثر تعاوناً. ولعلّ الأهم أنهم عثروا على ملفّات تتحدّث بالتفصيل عن طبيعة العمل، ولحساب من كان يُنفَّذ. عند انقشاع الغبار، قد تجد واشنطن أن حلفاءها العرب لم يكونوا مستعدّين تماماً لمطاردة المشبوهين الإرهابيين واعتقالهم خشية اتّهامهم بالتعاون مع الأميركيين.
لكن ماذا عن العمل المظلم الذي تقوم به الأنظمة العربية بمساعدة دول عربية أخرى؟ أوردت أنباء أن الثوّار الليبيين أسقطوا الأسبوع الماضي مقاتلتَين يقودهما طيّاران سوريان لحساب نظام القذافي المحاصَر. أخبرتني مصادر عربية أنه قد يكون هناك ما يزيد على أربعة وعشرين طيّاراً سورياً يقودون طائرات في ليبيا، فالقذافي يدفع جيداً ودمشق في حاجة إلى المال. فضلاً عن ذلك، تعود العلاقات السورية - الليبية إلى عقود خلت، والروابط بين الأجهزة الاستخبارية للبلدَين قويّة. وتشرح المصادر نفسها أن وفداً من الاستخبارات السورية أُرسِل أخيراً إلى طرابلس كي يزيل من أرشيف الاستخبارات الليبية أي أثر للسجلاّت التي تعرض بالتفصيل المشاريع السابقة التي تعاون البلدان فيها، بما في ذلك في مجال الإرهاب. وزعم موقع إلكتروني ناطق بالعربية أن نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام متورّط في هذه العمليات المشتركة، بما في ذلك 'اختفاء' موسى الصدر، الإمام اللبناني المولود في إيران الذي فُقِد في ليبيا عام 1978 ويُعتقَد أنه ميت. إذا تبيّن أن سوريا متورِّطة فعلاً في موت الصدر، فقد يواجه نظام بشار الأسد بعض المتاعب مع الشيعة في لبنان الذين كانوا يكنّون احتراماً شديداً للإمام الصدر. وفيما يُرجَّح أن يشير القرار الاتهامي المتوقَّع صدوره قريباً إلى تورّط مسؤولين سوريين في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري، الذي كان شخصية سنّية بارزة في لبنان، لا تستطيع سوريا أن تستجلب لنفسها عداء الطائفة الشيعية، فالشيعة هم الطائفة الوحيدة في لبنان التي لا تزال تدعمها دعماً مطلقاً.
بعث خدام بإشارة من باريس مفادها أن لا علاقة له بموت الصدر. فقد تكلّمت في واشنطن مع بسام بيطار، وهو معاون لخدام كان يعمل في النظام السوري على مستوى رفيع. يقول بيطار 'حذّر خدام الصدر من الذهاب إلى ليبيا. لطالما اعتبر خدام أن القذافي مجنون وتخوّف من وقوع مشكلة ما، لكن الصدر ذهب في مختلف الأحوال، لأنه كان في حاجة إلى مال القذافي لمشاريعه'.
كانت نقطة الخلاف بين القذافي والصدر أن الزعيم الليبي يريد أن يستعمل الإمام الأموال لدعم المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل، لكن الصدر كان يستخدمها لبناء مقوّمات الطائفة الشيعية الفقيرة في جنوب لبنان. يقول بيطار: 'بدأ الرجلان يتجادلان وخرجت الأمور عن السيطرة. قال القذافي لضباطه بأن 'يأخذوه'، ففسّروه بأنه أمر بقتله مع معاونَيه'.
أن يكون قصر القذافي مليئاً برجال ينزعون إلى تفسير استياء الديكتاتور بأنه أمر بالقتل، فهذا خير تعبير عن طبيعة النظام الليبي. عندما سأل القذافي في اليوم التالي عن مكان الصدر وعلِم أنه قُتِل، أمر بقتل الضابط. يقول بيطار: 'لم يُرِد القذافي أن يتسبّب مقتل الصدر بأي متاعب له. اتّصل بالسوريين مذعوراً ليطلب النصيحة، ودمشق هي التي قالت له أن يُلفِّق الرواية أنه شوهِد آخر مرة يغادر ليبيا متوجِّهاً إلى إيطاليا حيث يُزعَم أنه اختفى'.
يشرح رجل خدام في واشنطن أنه نظراً إلى أن نائب الرئيس السوري السابق كان مسؤولاً عن الملف اللبناني قبل أن يُسلِّمه حافظ الأسد إلى ابنه بشار الذي أصبح لاحقاً رئيساً للجمهورية، لم تكن لخدام علاقة بالعمليات الإرهابية المشتركة بين سوريا وليبيا، على غرار تفجير لوكربي. تجدر الإشارة إلى أنه قبل وقت طويل من إدانة ضابط الاستخبارات الليبي عبد الباسط المقرحي في العملية التي أسفرت عن مقتل 270 شخصاً عام 1988، بينهم 190 أميركياً، كانت سوريا المشتبه فيه الأساسي. وقد كثرت التكهّنات بأنه تمّت تبرئة ساحة دمشق عندما أراد البيت الأبيض في عهد جورج بوش الأب الحصول على التعاون السوري في عملية 'عاصفة الصحراء' ومحادثات السلام في مدريد، لكن بيطار وخدام يعتبران أن السوريين عملوا إلى جانب ليبيا لإسقاط الطائرة التابعة لخطوط 'بان أميركان' في الرحلة 103. ويضيف بيطار: 'كان السوريون يديرون الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أي مجموعة أحمد جبريل – وهي التي نفّذت العملية. لكنني واثق من أن المقرحي كان جزءاً منها أيضاً'.
ويتابع بيطار، الذي عمل في السفارة السورية في باريس في الثمانينات عندما كانت دمشق تدير منظمات إرهابية فلسطينية انطلاقاً من العاصمة الفرنسية، أن ضابط الاستخبارات المسؤول عن الربط مع الأجهزة السرّية الأخرى كان الجنرال محمد خولي، 'كان عنصراً في استخبارات القوات الجوية، وبما أن حافظ كان ينتمي أيضاً إلى سلاح الجو، كان هذا سبباً إضافياً ليثق به. ومع وصول بشار إلى الرئاسة، يجري باستمرار تبديل المناصب والمواقع في الاستخبارات لأنه لا يثق بهؤلاء الأشخاص. لهذا يُعيد تنصيب بعض معاوني والده الذين كان يثق بهم ثقةً كاملة، مثل محمد خولي'.
يشتبه بيطار في أن خولي هو من أرسل ضباط استخبارات سوريين إلى طرابلس لتنظيف الملفات الليبية، 'لا يريدون إثارة استياء الأميركيين'. لكن من الصعب أن نعرف ما هو السوء الكبير الذي يجب أن ترتكبه دمشق لتثير استياء واشنطن فعلاً. لقد اعتادت إدارتا بوش وأوباما أن تشيحا بنظرهما عندما يتعلّق الأمر بسوريا. فدمشق لم تدفع ثمناً لارتكاباتها سواء في دعمها لـ'حزب الله' و'حماس'، أو في استخدامها طريق عبور للمقاتلين الأجانب المتوجّهين إلى العراق لقتل الجنود الأميركيين وحلفاء الولايات المتحدة. حتى التقارير عن أن سوريا بنت منشأة نووية سرّية ثانية في ضواحي دمشق هذه المرة، لم تُغضب البيت الأبيض الذي لا يزال يعتبر أن المسألة المركزية في الشرق الأوسط هي عملية السلام العربية –الإسرائيلية. يبدو أن أوباما – وعلى الأرجح أوباما وحده – يعتقد أن من شأن اتفاق بين دمشق والقدس أن يُنفِّس الهواء في البالون الإيراني ويُهدِّئ المنطقة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن موجات الغضب التي تجتاح الشرق الأوسط حالياً لن تكبحها عملية سلام. خبراء الشرق الأوسط الحقيقيون هم في الأنظمة نفسها، ويعرفون في أي اتّجاه تهبّ الريح، وإلا ما كانت الاستخبارات السورية لتنظّف ملفاتها في ليبيا. إنهم يتحوّطون في رهاناتهم خشية أن تكون أيام القذافي معدودة، أياً تكن أعداد الطيّارين الذين يؤجّرونه إياهم.
يقول بيطار: 'يعتقد خدام أنه سيأتي دور سوريا أيضاً'. بالتأكيد لدى خدام المنفي أسباب كثيرة ليتمنّى سقوط النظام الذي كان يعمل لحسابه ويكنّ له الكره الآن. يُظهر تاريخ التعاون بين سوريا وليبيا أن النظام في دمشق قادر على أن يكون همجياً بقدر نظام القذافي عندما يكون في مأزق، ويوماً ما، وقد لا يكون هذا اليوم بعيداً جداً، سوف يصبح في مأزق.
'الويكلي ستاندرد'
(ترجمة نسرين ناضر)
لي سميث      
( كبير المحررين في 'الويكلي ستاندرد').


- 'النهار'
'أوجيرو' على حافة الافلاس ونحاس يمتنع عن دفع مستحقاتها ورواتب الموظفين.. قطاع الاتصالات مهدّد بالتوقف نهاية آذار والمطلوب حلول فورية
تحقيق:سابين عويس:

ماذا يجري بين وزير الاتصالات شربل نحاس ورئيس هيئة 'أوجيرو' عبد المنعم يوسف؟ وهل بلغ الخلاف بينهما حداً بات يضع قطاع الاتصالات ومصالح الناس والقطاعات الاقتصادية تحت تهديد التوقف والتعطيل؟ وكيف سيخرج الوزير نحاس من المأزق المالي والقانوني الذي أوصل هيئة 'أوجيرو' اليه بعد تراكم تأجيل تنفيذ القرارات الرامية الى تسيير المرفق العام ودفع الرواتب والاجور للموظفين والاموال المترتبة للموردين، وذلك منعا لانفجار الملف الذي بلغ سقفه الاقصى بوصول الهيئة الى حافة الافلاس؟
مرد كل هذه التساؤلات الى الوضع الدقيق والحساس الذي وصلت اليه هيئة 'أوجيرو' منذ قرار وزير الاتصالات رفض تجديد عقودها بداية عام 2010 وانهاء العمل بها من طرف واحد من دون سابق انذار، خلافا للمراسيم ولقرارات مجلس الوزراء وأحكام القانون، فضلا عن لجوئه الى تعديل مبدأ الموازنة لجهة الغاء بند مساهمة رواتب موظفي القطاع العام العاملين في الهيئة وصولا الى تخلفه عن التزاماته الخطية في دفع النفقات وتأمين استمرارية العمل، وهو ما تبيّنه بوضوح المراسلات بين الوزير والهيئة، وامتناعه عن صرف الاموال لها، مما أوصلها الى أزمة مالية خانقة بعد استنفاد كل الاموال المتوافرة (حتى الوفر المحقق)، فباتت امام واقع لا مخارج ميسرة له: انعدام السيولة المالية، العجز عن دفع رواتب شهر آذار الجاري وعن دفع مستحقات الموردين والمتعهدين وتأمين المصاريف التشغيلية، والعجز عن تنفيذ أي مهمات او اعمال او صيانة، فيما المخرج الوحيد المقترح من وزير الاتصالات يتمثل بدعوته الهيئة الى استعمال تعويضات نهاية الخدمة، وهو ما يعني بالنسبة الى هذه المؤسسة الافلاس والغاء وجودها كهيئة مستقلة.
وعلمت 'النهار' ان الخلاف بين نحاس ويوسف لم تعد اضراره محصورة بالأبعاد السياسية، وفق مصادر متابعة للملف، القائمة على رغبة وزير الاتصالات في وضع الهيئة تحت الوصاية الكاملة للوزارة وافقادها استقلاليتها المالية والادارية، وانما بات يهدد قطاع الاتصالات بكامله انطلاقا من عاملين اساسيين:
- أولهما تهديد الموظفين وعددهم 3500 باللجوء الى الاضراب والتوقف عن العمل اذا لم يتم دفع رواتبهم واجورهم للشهر الجاري.
- وثانيهما تهديد الموردين بالتوقف عن تسليم البضائع والتجهيزات العائدة الى تشغيل شبكة الهاتف الثابت وصيانتها واستثمارها وتطويرها، بعدما بلغت الديون المستحقة 18 مليار ليرة لفواتير انفاق فعلية مصفاة تعود الى الاشهر الستة الماضية، تعجز 'اوجيرو' عن دفعها لنحو 300 شركة لبنانية. ولعل اهمها يتركز في 3 محاور: 'كابلات لبنان' التي توفر الكابلات للألياف الضوئية وغيرها، منشآت نفط الزهراني ودير عمار لتأمين المازوت لزوم المولدات الكهربائية، وشركات النفط لتأمين البنزين . وعلم ان غالبية الموردين ابلغوا الى الهيئة عزمهم على اقامة دعاوى قضائية ضدها لعدم التزامها دفع مستحقاتهم وفق دفاتر الشروط الموقعة... (للقراءة).

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد