- 'السفير'
تحديات الوجود لمشروع المقاومة على خارطة التوازنات الإقليمية والدولية
نعيم قاسم:
من الطبيعي عندما نريد أن نرسم التحديات أن نرى الصورة التي تقع فيها هذه التحديات، لندرك سعتها وحجمها وضغوطها، كي نرى مستوى التحديات التي تواجهنا على المستوى العملي.
لنبدأ من إسرائيل، الكيان الموجود في منطقتنا، وهذه مشكلة مستعصية، تولِّد الأزمات والصراعات والاعتداءات والحروب والتعقيدات والانهيارات وكل مساوئ الدول التي تنطلق من الحروب والعدوان والتسلط على الشعوب الأخرى، فإسرائيل هي أزمة مستعصية وقائمة تولِّد أزمات متعددة في منطقتنا.
إسرائيل هذه مبنية على ثلاثة أسس:
الأساس الأول: أنها كيان محتل.
الأساس الثاني: هذا الكيان يريد السيطرة والتوسّع.
الأساس الثالث: إسرائيل يدٌ للاستكبار في منطقتنا.
أميركا تريد حكم العالم:
المشهد الثاني يتمثل بأحادية سيطرة أميركا على العالم، فأميركا تريد أن تحكم العالم، وأن تسيطر عليه بالكامل مقتنعة بأنها تملك من القدرة والقوة ما يمكنها من أن تتمدد على مستوى المعمورة لتحقق مصالحها في إنعاش داخلها وفي تحقيق الراحة لمواطنيها، إذاً لا يوجد هنا مقياس للحق، ولا توجد إدارة مبنية على معادلات بشرية، وإنما يوجد ظلمٌ مستحكم وسيطرة جانحة تريدها أميركا لأي مكان في هذا العالم تستطيع الوصول إليه وبطرق مختلفة. وهنا لا بدَّ أن نلتفت، أميركا لا تريد جانباً من هذا العالم، وإنما تريد كل شيء في بلداننا، تريد تغيير الثقافة، لنفكر بطريقتها حتى يكونوا أساتذة علينا، فنوفِّر عليهم بأدائنا كتلامذة نهتدي بأفكارهم ما يتعبهم عندما تكون أفكارنا مخالفة لأفكارهم، ويريدون السيطرة على مواردنا الاقتصادية والبشرية والعمرانية، كما يريدون السيطرة السياسية على أنظمتنا وحكامنا، حتى بدأوا يصدرون لنا تشريعات وتوجيهات يعتبرونها صالحة لمنطقتنا، فقد ثبت لديهم أنَّ ديموقراطيتهم فاشلة عندنا، فللعالم الإسلامي ديموقراطيته الخاصة التي يتحكم فيها المستبدون وهذا ما يلائم هذه الشعوب! لأنه ينتج مصالح أميركا في نهاية المطاف.
كل العناوين مملوءة بتعريفات وتوضيحات وشروحات تختلف تماماً عن العناوين التي نعرفها ثابتة في المقياس الإنساني وفي الفهم البشري، على قاعدة أن الظالم يبتدع تفاسير تناسب حركاته وخطواته، فإذا ناقشته أسكتك بقوة السلاح، وإذا قارعته سلَّط عليك ما يسقط حججك بالسجن والقتل. إذاً نحن أمام مشهد كبير هو السيطرة الأميركية أحادية الجانب على هذا العالم.
عندما وجدنا أنفسنا في مشهد عالمي تتحكم فيه أميركا، وفي مشهد إقليمي تتحكم فيه إسرائيل وتفتش عن موقعها في داخله، كان لا بدَّ لنا أن نعبِّر كشعوب عن رفضنا وعن خياراتنا. هذا الرفض اتخذ شكل المقاومة، والمقاومة رد فعل دفاعي على عدوان وأعمال هجومية، لم تنشأ المقاومة إلاَّّ رداً، ولم تتأسس المقاومة إلاَّ دفاعاً، ولم تكن المقاومة حاضرة وجاهزة إلاَّ بسبب التراخي الذي انتشر في بلاد المنطقة من حكامها وغاياتهم، المقاومة هنا واجب وإلاَّ ذهبت البلاد وذهب العباد أيضاً.
نشوء المقاومة الإسلامية في لبنان:
نشأت المقاومة واتخذت لها بعدين: الأول تحريري، والثاني الحماية من العدوان، وبالتالي للذين ناقشوا طويلاً وأرادوا أن يحصدوا ردة الفعل للآن نقول لهم: ردة الفعل هذه تأسست على المستقبل ولم تتأسس على الآن، وهي تجذرت بدماء الشهداء فتحولت من مقاومة تحرر أرضاً بأهدافها، إلى مقاومة تحمي الأرض بعد تحريرها لتستمر متواصلة عبر الأجيال، كي لا تفكر إسرائيل أو غير إسرائيل في يومٍ من الأيام أن تدخل إلى لبنان.
وقد سُئلنا كثيراً في محطات المقاومة، عن الوقت الذي ننتهي فيه، وعن الثمن الذي نريده، فكنا نؤجل الجواب، لأن الجواب في وقتها كان ملتبساً، ولأن الظروف لم تكن تتحمل الإجابات الصريحة والواضحة، وكنَّا محتاجين أن نقلع عن التنظير الاستباقي لنري َ الآخرين تطبيقاً عملياً نتخذ منه نظرية لا تقبل التعديل ولا التشكيك فيه، فلو قلنا قبل عشرين سنة نريد مقاومة تحمي لناقشونا كثيراً في هذه الأحلام التي نفكر من خلالها، ولكن عندما تحررت الأرض، وأثبتت المقاومة جدواها، واستطعنا أن نحقق إنجازين كبيرين تمثلا بتحرير عام 2000 وبصد عدوان تموز سنة 2006، وتحقيق هذا الانتصار الكبير على إسرائيل، أصبحنا أمام مقاومة من حقها أن تقول إنها تدافع وتنتصر، ومن حقها أن تقول إنها تقف لتحمي، ومن حقها أن تقول بأنها أنجزت توازن الردع، ومن حقها أن تقول إنها خيارٌ وليست مشروعاً للنقاش على قاعدة أنها أثبتت وجودها ميدانياً ولم تعد نظرية من النظريات.
استهدافات لبنان:
أمَّا لبنان، فلبنان واقع في دائرة الاستهدافين: الاستهداف الأميركي بالعنوان الدولي والمناطقي على قاعدة تشكيل الشرق الأوسط، والاستهداف الإسرائيلي الذي يريد أن يحقق هذه السيطرة الشاملة، ولعلَّ من حظ لبنان أن يضاف له استهدافٌ ثالث قلَّ أن يتحقق في دولة أخرى من دول العالم، هذا الاستهداف سببه تركيبة لبنان الطائفية، وخصوصية نشأة لبنان والمعادلة الموجودة فيه.
الاستهداف الثالث للبنان هو استهدافٌ استثنائي، وهو أنَّه ساحة للآخرين من أجل تعديل المعادلات وتمريرها من خلال هذه الساحة. كيف تجسدت هذه الساحة وكيف عبَّرت عن نفسها، سأعطي مثالين على ذلك:
الأول: يتمثل باحتماء الطوائف المختلفة في لبنان بدول مختلفة على مستوى العالم، بحيث مررنا في التاريخ السابق لفترات كثيرة حين كانت كل طائفة محسوبة على دولة من الدول.
المثال الثاني الذي يعبر عن لبنان الساحة هو إحضار المقاومة الفلسطينية إلى لبنان، عندما اعتقدوا أن هذا الاخراج للفلسطينيين من فلسطين إلى الدول المحيطة بفلسطين، سيسبب مأزقاً وأزمة بسبب وجود حرارة الثورة ورغبة المقاومة.
مفاجأة المقاومة الإسلامية:
اعتقدوا أن هذه الساحة يمكنها أن تحقق لهم أهدافاً، وعندما وجدوا أن المقاومة الفلسطينية نمت وكبرت وأصبحت جزءاً من معادلة التأثير في لبنان وفي المنطقة، قرروا القضاء عليها، وكان اجتياح سنة 1982 هو الاجتياح الذي أراد أن ينهي أصل وجود المقاومة الفلسطينية، وتبعاً لذلك إنهاء أي فكر مقاوم يمكن أن يكون حاضراً في المنطقة. هنا حصلت المفاجأة، وجاء توفيق الله تعالى، فنمت المقاومة الإسلامية في بيئة غير متوقعة، وفي مكان غير متوقع، وبظروف غير متوقعة أيضاً، لأن الإسرائيلي كان يعتقد أن حجم الخلاف الموجود بين المنظمات الفلسطينية وأهل الجنوب سيكون رادعاً لأهل الجنوب أمام فكرة مقاومة إسرائيل، ولكن لم يلتفتوا إلى أن القضايا الظرفية التي لها أسباب ظاهرية لا تصمد أمام الرؤية الاستراتيجية التي تنطلق من العقيدة الإسلامية ومن الإيمان الراسخ، ومن استلهام الموقف العظيم لإمام الثائرين والأحرار الإمام الخميني (قده).
أسست الثورة الإسلامية في إيران فجراً جديداً في عالمنا الإسلامي والعربي، وهذا الفجر بدأ يُحدث التغييرات الواحد تلو الآخر، على قاعدة استعادة الشعوب لحقوقها وكرامتها، وسقوط طغاتها ووضع حدٍ لهيمنة وتأثير الاستكبار العالمي، ووضع حدٍ لقدرة وتوسّع المشروع الصهيوني.
تحديات الوجود لمشروع المقاومة:
من الطبيعي عندما نريد أن نرسم التحديات أن نرى الصورة التي تقع فيها هذه التحديات، لندرك سعتها وحجمها وضغوطها لنرى مستوى التحديات التي تواجهنا على المستوى العملي.
لنبدأ من إسرائيل الكيان، إسرائيل هي المشكلة المركزية في المنطقة بأهدافها الثلاثة: الاحتلال، والسيطرة، واستخدامها كيَد الاستكبار الأميركي. وعندما نريد أن نتحدث عن تحديات فنحن أمام تحديات كثيرة بطبيعة الحال، أبرزها خمسة:
التحدي الأول: مواجهة التسلط الدولي، وخارطة هذا التسلط في إنشاء شرق أوسط جديد يتناسب مع الخيارات الأميركية والمصالح الإسرائيلية، وهنا نحن نعتقد أن المقاومة قادرة على المواجهة، والمواجهة هنا أن تصمد، وأن تقوى وتتوسّع، وأن تضم أكبر عدد ممكن من الشرائح الاجتماعية المختلفة، وأن تثبت حضورها وفعاليتها، عندها سيرى الآخرون أنهم أمام قوة وسدّ منيع. نُتهم أننا أقوياء، نعم من الطبيعي أن نكون أقوياء، ويجب أن نكون أقوى، لأن إسرائيل لا تفهم إلاَّ لغة القوة، ولأن العالم لا يحترمنا إلاَّ إذا كنا أقوياء، لأن لا أحد يعترف في هذا العالم على المستوى الدولي بمعادلة الحق وإنما بمعادلة القوة. من هنا، نعم المقاومة قوية وسنعمل لتكون أقوى، ويجب أن تبقى أقوى لمواجهة التحديات، وهذا عنوان فخرٍ وليس عنوان مساءلة بالنسبة لنا.
التحدي الثاني: التنظير للحلول السياسية كبديل، ودائماً ما نسمع أن الحل السياسي هو الأفضل والأقل كلفة، وهو الذي يمكن أن يتلاءم مع المعادلات الإقليمية والدولية، هذا الحلّ السياسي مطروح لفلسطين ولبنان وللمنطقة. نحن نعتقد أن الحلول السياسية التي تجري بإدارة مجلس الأمن وأميركا هي حلول ظالمة.
التحدي الثالث: يثيرون عبء التضحيات التي تُبذل، ويعتبرون أن الخسائر أكبر بكثير من التضحيات في عملية المواجهة، ونحن نعتبر أننا إذا خسرنا ألف شهيد في عدوان تموز، وعدداً كبيراً من البيوت التي تمَّ التعويض عليها بشكل أو بآخر، فإنَّ خسارتنا بالاستسلام ستكون أكبر بكثير.
التحدّي الرابع: وصمُنا بخدمة الأهداف الخارجية، فتارة يقولون أنتم تقاتلون نيابة عن العرب، وأخرى أنتم تقاتلون لمصلحة سوريا وإيران، وثالثة يقولون أنتم تقاتلون لأجندات خارجية، ونحن واثقون في مواجهة هذا التحدي، لأننا نتحداهم أن يعطونا مثلاً تطبيقياً واحداً خدمنا فيه أحداً في العالم، ولم نخدم أنفسنا، بل كل الأمثلة مبنية على أننا انتصرنا وهزمنا إسرائيل، وحررنا الأرض، ورفعنا رؤوسنا عالياً، وأصبحنا مقاومة قوية، وهذه كلها مكتسبات لنا، ولكن حلفاءنا في العالم استفادوا لأن الريح الطيبة إن فاحت لا يمكن حصرها وسيستفيد منها الأشخاص الذين لم يصابوا بزكام معاداة المقاومة وكانوا معها.
التحدي الخامس: نظرية تعارض قيام الدولة وحضور المقاومة، وهذه نظرية ثبت خطؤها وفشلها، لأن أفضل نموذج لقيام الدولة والتناغم مع المقاومة هو النموذج اللبناني، إذ أن المقاومة حاضرة وجاهزة وتقوى يوم بعد يوماً، ومستعدة لكل التضحيات والتحديات، والدولة تتابع شؤونها بشكل عادي، ويحصل التنافس الداخلي وتسقط حكومة وتأتي حكومة ويدير الجيش شؤون الأمن في داخل هذا البلد، وتقوم الإدارات المختلفة بمسؤولياتها، وكأننا أمام موضوعين مختلفين تماماً: المقاومة في مسار والدولة في مسار، والرائع هو هذا التنسيق بين المسارين، ما جعل ثلاثي القوة الجيش والشعب والمقاومة يثبت نفسه أنه الأصلح للبنان.
ماذا بعد؟
لا عودة إلى الوراء بعد الآن، ولبنان القوي لا نقبل أن يكون ضعيفاً كرمى عيون أحد، والمقاومة ولبنان أصبحا صنوين لا ينفصلان، بحيث لا يمكن أن ننزع المقاومة عن لبنان ولا لبنان عن المقاومة، هذا هو التاريخ وهذا هو الحاضر وهذا ما سيؤسس للمستقبل إن شاء الله تعالى.
- 'النهار'
المقاومة أية مقاومة
بقلم عبدالله زخيا( محام):
المقاومة هي حق المجتمعات التي تعيش تحت الاحتلال في مقاومته بكل الطرق، اما في لبنان فالمقاومة اصبحت غطاء لكل التجاوزات، ومقاومة للدولة وللجيش والقوى الامنية، حتى اضحت تمنع الجيش من دخول الجزر الامنية واسقاط مروحيته العسكرية فوق الاراضي المحررة وقتل قائدها.
وقد صرّح مسؤول 'حزب الله' امام المحكمة العسكرية الناظرة في اسقاط المروحية العسكرية بأنه يمنع كلياً على الطائرات والمروحيات العسكرية اللبنانية التحليق فوق الجزر الامنية بدون اذن صريح ومسبق من 'حزب الله'.
هل هذه مقاومة بالمعنى الحقيقي؟ ومقاومة من؟ وهل اسقاط مروحية لبنانية وقتل طيارها يشكل مقاومة لاسرائيل ام للجيش اللبناني؟ ومن تخدم هذه الجريمة؟
وهكذا فإذا كانت مقاومة في الجنوب والضاحية حينما كانا محتلين، فإنها اصبحت اليوم احتلالاً من قبل الميليشيات ومقاومة للدولة وللجيش والشعب، و'حزب الله' يدير ويشرف على هذه المناطق بحجة المقاومة.
وهذا الفخ الذي نصبته المقاومة في الداخل جعل مجالس الوزراء المتعاقبة تعتمد في بياناتها الوزارية المتعاقبة على المعادلة الثلاثية 'الشعب الجيش المقاومة' دون ان تذكر اية مقاومة. وكأن الشعب والجيش وضعا في خدمة المقاومة وليس العكس.
المقاومة الوطنية هي حق وواجب لكل مواطن فرداً او جماعات بخلاف المقاومة الميليشوية التي تحتكر المقاومة لنفسها فتستبعد كل مقاومة أخرى، وقد اصبحت حكراً للشيعة المنتمين الى 'حزب الله'، وقد ادى ذلك الى استشهاد مقاومين لا ينتسبون اليه. واقفال هذه المقاومة على نفسها استبعد حتى المقربين اليها من غير الشيعة كالجنرال عون الذي حرم مع محازبيه من حق العودة الى مسقط رأسهم في الضاحية وانضمامهم الى هذه المقاومة. وهذه المقاومة للداخل حصرت حق اعلان الحرب والسلم مع اسرائيل بنفسها ومنعته عن الدولة والجيش والشعب وهي مرتبطة بإيران التي انشأتها وتسلحها وتمولها وتديرها. موقف هذه المقاومة الذي يشطر الشعب والدولة والوطن الى اقلية مذهبية والى اكثرية متعددة المذاهب يؤدي اكبر خدمة لاسرائيل، لانه يهدم الدولة ويقسم الجيش والشعب.
على كل ميثاق وزاري جديد ان يحدد مفهوم المقاومة الحقيقية وهي المقاومة الوطنية التي هي ملك الشعب، وليست ملك 'حزب الله'، وان تستعيد صلاحيات الدولة والشعب والجيش كاملة من يد دويلة 'حزب الله' التي وضعت يدها عليهم.
المقاومة الوطنية تعتمد على اظهار الحقيقة كاملة اياً تكن وتطبيق العدالة على الجميع اياً يكونوا بينما المقاومة الميليشياوية تعتمد اخفاء الحقيقة وتسييس العدالة. وهذا ما يفسّر لنا الحملة العشوائية التي يشنها 'حزب الله' على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، رغم انها من القلائل الذين يطبقون بالكامل شرعة حقوق الانسان وسكوتهم المطبق عن محاكم التفتيش في سوريا وايران.
- 'السفير'
الشعب يريد إسقاط النظام الطائفي.. هل سمعتم؟ ما جواب بري والحريري وميقاتي وعون وجنبلاط ونصرالله
نصري الصايغ:
&laqascii117o;الشعب يريد إسقاط النظام". حدّد التونسيون هدفهم. رأس النظام أولاً. أسقطوه، وتداعى النظام: العائلة، فالحزب، فالحكومة، فمجلس النواب، فأجهزة أمن الدولة، فالمحافظون. فـ... الحبل على الجرار: ملفات الفساد، محاكمة المسؤولين... والبقية تأتي يوماً بعد يوم.
&laqascii117o;الشعب يريد إسقاط النظام". حدد المصريون هدفهم. رأس النظام أولاً. أسقطوه بسرعة، وتداعى النظام: سقطت العائلة وحاشيتها، سقط الحزب وزعرانه، سقط نائب الرئيس في النسيان، أسقطت الحكومة برمّتها، حل مجلس الشعب، فتحت ملفات الفساد. اعتقل فاسدون، صودرت أموال، مبارك قيد الإقامة الجبرية، ثم، أطيح بجهاز مباحث أمن الدولة، وبدأت المحاكمات... والحبل على الجرار. والطريق إلى الديموقراطية، مفتوح، برغم كل المصاعب.
أما في لبنان، فالمسألة بحاجة إلى توضيح. الشعار المطروح هو &laqascii117o;الشعب يريد إسقاط النظام الطائفي". هناك إضافة.. الطائفي، ليست صفة، بل هي جوهر النظام المطلوب إسقاطه. إذ، لا تلتقي الطائفية بالديموقراطية، وليستقيم قوام الديموقراطية، لا بد من الغاء الطائفية.
حسناً! من هم رؤوس النظام الطائفي. وهل يمكن إسقاطهم؟ لا رأس واحداً في لبنان. ولا بد من التحديد.
إذا أردنا ترجمة هذا الشعار وتحديد المسؤولين عن هذا النظام، فإننا سنجد أن مجلسي النواب والوزراء، مسؤولان مسؤولية مباشرة عن دعم هذا النظام، ومسؤولان أكثر، عن إهمال الإلزام الدستوري، الذي فرض عليهما، الغاء الطائفية من النظام، من زمان بعيد.
إن إلغاء النظام الطائفي، ليس هدفاً وطنياً مائعاً ومؤجلاً، بل هو واجب دستوري، وهو حق لكل اللبنانيين. ولما تلكأ النواب والوزراء، على مدى سنوات وعقود، في تنفيذ مواد دستورية مبرمة وإلزامية وضرورية وحيوية ومانعة للانقسام والحروب الأهلية، فإننا نستطيع أن نقول بكل موضوعية لقد ارتكبوا الأعظم. خرقوا الدستور. فوجب نزع الشرعية عنهم، على الأقل.
من هم؟
كل من تداول السلطة في لبنان، بعد العام 1992، مسؤول عن ذلك. النواب الذين انتخبوا، الكتل التي تكوّنت، الأحزاب التي خاضت، التيارات التي كسبت، مسؤولة عن هذا الخرق.
من هم؟
كل حكومة تألفت ولم يأتِ بيانها الوزاري على تنفيذ مواد دستورية ملزمة، تلغي الطائفية، وتقر قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، هي حكومة خرقت الدستور. وكل حكومة لم تنفذ ما اتفق عليه في اتفاق الطائف، لجهة &laqascii117o;إلغاء الطائفية" في الإدارات العامة. (باستثناء الفئة الأولى موقتاً)، هي حكومة داست القوانين بأقدامها الطائفية القذرة. ولا استثناء أبداً.
من هم اليوم؟
هم مجلس النواب برمّته، بتياراته كافة، بأحزابه كلها، بآذاريه معاً، 8 و14. هؤلاء، هم رأس النظام الطائفي، بلا استثناء. لذا، نسأل: من يستطيع إسقاط هؤلاء، دفعة واحدة؟
ليس لدينا رأس نظام واحد. لدينا رؤوس متعددة، خمسة أو ستة على الأكثر. وهذه الرؤوس، تختلف عن رأس النظام في مصر وتونس، النموذجين العربيين، للثورة الديموقراطية العربية.
رأس النظام في مصر وتونس، لا شرعية شعبية له. شرعية متأتية من ممارسته القوة بواسطة الأمن، والقمع بواسطة الأجهزة، والسرقة بواسطة رجال الأعمال، والبلطجة بواسطة شبكة من المرتزقة الفاسدين. لا حزب لهذه الرموز. لا فئات شعبية. بل منتفعون ومرتزقة وضعفاء النفوس، سرعان ما ينقلبون على رأس الهرم. فلا يبقى منه إلا الغبار.
ماذا عندنا؟
رموز النظام الطائفي، يستمدّون شرعيتهم وقوتهم، من عصبية طائفية. أي من شرائح طائفية، تجد نفسها، بسبب انعدام الثقافة الوطنية، في حضن الطائفية، فتوالي من يكون على رأسها، وتتفانى من أجله. شرعية كل رموز النظام اليوم، مستمدة من شرائح لبنانية واسعة، سنية وشيعية ودرزية ومسيحية. لا يمكن اعتبارها بأي شكل من الأشكال، انها مرتزقة. فهي برهنت على تعلقها بقادتها ورموزها. ارتبطت بهم وتعلقت تعلقاً شديداً. وهي مستعدة للبذل والتضحية من أجل نصرتهم. وهي في ما مضى، قدمت &laqascii117o;الشهداء"، دفاعاً عن قضايا حملها زعماء طائفتهم.
فما العمل إذاً؟ هذا نظام طائفي، برموز طائفية، مدعومة من أوسع الشرائح الاجتماعية ـ الطائفية.
لا حرج أبداً. يبقى الهدف واحداً: &laqascii117o;الشعب يريد إسقاط النظام الطائفي". وعليه، فإن حركة التغيير في لبنان التي يقودها شباب وشابات ورجال ونساء ومواطنون ومواطنات، من كل الفئات والأعمار والشرائح المدنية والعلمانية، من حقها أن تطالب بحقوق نص عليها الدستور، ومن حقها أن تقول لكل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان: أقسمت على الدستور، وخطاب القسم نصّ على وعدٍ منك بتطبيق الطائف. ومن حقها ان تقول لرئيس مجلس النواب، نبيه بري، أنت مسؤول، ولم يعد مقنعاً أن تكتفي بإلقاء اللوم على قوى سياسية، رفضت محاولاتك الثلاث لتشكيل الهيئة الوطنية العليا لإلغاء الطائفية السياسية. ومن حقنا أن نقول لرئيس مجلس الوزراء، سعد الحريري ونجيب ميقاتي، انتما مسؤولان، وعليك يا دولة الرئيس المكلف ان تلتفت خارج حلبة &laqascii117o;البهلوانيات" التأليفية، وتتبنى في بيانك الوزاري، مطلب الغاء الطائفية. فإن لم تفعل، فليس أمامنا، عند إعلان حكومتك، غير أن نقول: &laqascii117o;الله يرحمها". ولدت ميتة، مهما كانت حيويتها اللفظية صدّاحة بالوعود... عرفنا من جاء قبلك. ولا شيء يدهشنا البتة. مسيرة بائسة سخيفة، محتقرة، أوصلتنا إلى ما قبل هاوية الفتنة المستجدة، سنيّاً وشيعياً، وقد دفعتنا في السابق إلى هاوية المذابح، خلال 15 عاماً من الحروب.
من حقنا أن نقول للجنرال عون: لم تعد العلمانية اللفظية كافية. اللبنانيون ينتظرون منك، عناداً فائقاً، يفوق عنادك في عملية توزيع الحقائب، وتأليف الوزارات. نريد عناداً يترجم شعار &laqascii117o;الشعب يريد إلغاء النظام الطائفي"، عبر البدء بتطبيق الدستور، والباقي علينا، كشباب ومواطنين ومواطنات وكشعب.
من حقنا أن نقول لرئيس تيار &laqascii117o;المستقبل"، مستقبل لبنان، أبعد من المحكمة.. وبالمناسبة، لو لم يكن لبنان طائفياً، لبلغنا المحكمة بأقل الخسائر. الديموقراطية السليمة، هي الطريق إلى العدالة القويمة. وإلى قضاء سليم (يا حرام على قضائنا وعدالتنا). من حقنا إذاً أن نقول لك: بناء الدولة، كما تدعو، ليس مقنعاً. إذا نزعت السلاح، أو إذا ضبطت السلاح، أو إذا وضعته تحت سيطرة &laqascii117o;الدولة" الحالية، فلا يعني ذلك أنك أنشأت دولة. الطريق إلى الدولة، إلى &laqascii117o;مستقبل" الدولة، هو إلغاء الطائفية. وكل ما عدا ذلك، كلام بكلام في كلام من أجل ألا يبلغ أحد غايته.
من حقنا أن نعلن مطالبنا للسيد حسن نصر الله أن التحرير كلّل رؤوسنا بالعزة والفخر. رفع رأسنا إلى السماء. زيّن جباهنا بالحرية... ولكننا نذوق اليوم، طعم الخل، بعد الانتصار، لأن البلد الذي نحن فيه، يطعن السلاح، بحجة طائفية. يعرّيه من قيمه، بذريعة مذهبية... بلد طائفي، يا سيد، لا يحميك، ولا يحمي بندقيتك ومقاومتك، بل يذهب في التطرف إلى حد ما أعلنته وثائق ويكيليكس: يا للعار! يا للمذلة! يا للمهانة! يا للجبن! ومع ذلك، لا تستطيع أن تضربهم بوردة، لأن جماهيرهم الطائفية تحميهم وتنافح عنهم، بل، وتتهمكم.
أين نحن؟ أي جحيم هذا؟ أي لبنان هذا الوطن؟ أي وطن هذا البلد؟ أي شعب هذا، هذه الشعوب المترامية العصبيات الطائفية والمذهبية والقبلية؟
نريد من القيادات المسيحية برمتها، إضافة إلى الجنرال عون، ان نقول لهم: لقد خسرنا جميعاً لبنان الحديث، لبنان الدولة، ولم تربحوا المسيحيين، النازفين، النازحين المهاجرين المهجّرين. لم تربحوا سلامتكم الشخصية والحزبية، وعبثاً هذا الرقص على التوازنات اللامتوازنة. عبثاً هذا الكرنفال الدموي. نطالبكم، بتطبيق الدستور فقط.
من حقنا أن نقول للزعيم الدرزي وليد جنبلاط، ليس كافياً أن تعلن، ثم تنفي، كالعادة. ليس كافياً أن تعلن أنك مع &laqascii117o;الشباب" إذا كنت حقاً تريد ذلك، مع شكوكنا الكبيرة في ذلك، فما عليك إلا أن تطالب بتطبيق الدستور وتجعل من كتلتك، رأس حربة هذا المشروع.
&laqascii117o;الشعب يريد إسقاط النظام الطائفي"!
خريطة الطريق واضحة في بدايتها:
مجلس النواب، هو رأس هذا النظام، الحاضن لكل الرؤوس. مجلس الوزراء، هو رأس آخر تنفيذي، وهو حاضن عادة، لكل القوى الطائفية. وعليه، فأمامنا، أن نعلن خروج هذه الشرعية عن كل شرعية. ومطلوب من هذه القوة الطائفية، ان تستعدّ، إما للتنازل والبدء بسرعة بإلغاء الطائفية، وفي فترة زمنية محدودة، وإما المواجهة الدائمة، مع قوى سلمية، قادرة على رسم صورة جميلة، للبنان ديموقراطي، وطن لجميع أبنائه، يتساوى فيه الجميع أمام القانون، يشارك برسم سياساته، الداخلية والخارجية، في مناخ من الحرية تصونها القوانين.
لم يعد مسموحاً، للأذكياء من رؤوس هذا النظام، أن يقولوا: نحن لسنا مصر ولسنا تونس ولسنا اليمن... التغيير مقبل فليستعد كل طرف للمواجهة، والقوة السلمية، هي القول الفصل، في إثبات الحق الوطني...
ليتنا نستيقظ قريباً، كما استيقظ المصري، فيجد مصر &laqascii117o;بهية". ونستيقظ كالتونسي، فيجد تونس، ياسمينة، ونستيقظ كلبنانيين، فنرى لبنان... وطناً.