-'الحياة'
عيون وآذان (لو كنت مستشار السيد)
جهاد الخازن:
أخشى أن يكون السيد حسن نصرالله يقدِّم الولاء على القدرة في المستشارين المحيطين به، فهو منذ اختفائه بعد حرب صيف 2006، وانقطاعه عن التعامل المباشر مع الناس، باستثناء الأعوان المقربين، يرتكب الخطأ بعد الخطأ بشكل لم نعهده فيه من قبلُ، حتى بت أخشى أن يرتكب غداً خطأ في المواجهة مع إسرائيل التي أريدُ له أن ينتصر عليها، وسأرشحه لرئاسة لبنان إن فعل، فليست عندي عُقد مذهبية من أي نوع.
أكتب ناصحاً مشفقاً قلقاً، لا منتقداً، فأنا مع السيد ضد إسرائيل، وأنا معه من حيث أقيم في لندن وأواجه أنصارها وجماعات ليكودية أميركية، ولا أقيم في لبنان حيث تأييد حزب الله سهل ومن دون حساب.
فوجئت قبل أشهر بالسيد حسن نصرالله ينسب الى هنري كيسينجر رسالة مستحيلة يدين فيها نفسه كعميل إسرائيلي، ولو كنت، أو أي زميل لي في &laqascii117o;الحياة"، مستشاراً للسيد لما ارتكب هذا الخطأ الفاضح وغير المبرر.
لو كنت مستشار السيد لما ارتكب الخطأ الأخير، الذي حفزني على كتابة هذه السطور قبل أن نقع في خطأ أكبر منه فلا يستفيد سوى إسرائيل التي استفادت من كل خطأ سابق.
الخطأ الأخير كان إعلان السيد حسن نصرالله العزم على مساعدة شيعة البحرين، وأصر على أن علّة وجود حزب الله مواجهة إسرائيل لا مساعدة شيعة البحرين أو أي شيعة، فهو عندما يصرح، وحتى إذا لم يفعل، يزيد الخلاف السنّي - الشيعي، وتستفيد اسرائيل مرة أخرى.
كنت في البحرين، ومررت بالإمارات، وأنا عائد من الكويت، وأقول للسيد إن تصريحه ألحق أذى كبيراً باللبنانيين الشيعة الذين يعملون في دول الخليج ويعيلون أسرهم، قصَّرَتْ عن مثله إسرائيل.في البحرين حدثني ولي العهد الأمير سلمان بن حمد عن طاولة الحوار، وكيف ان الحكومة ستلبي كثيراً من مطالب المعارضة التي تجدها محقة، وقد راجعت بعضها معه. وفي الليل في ميدان اللؤلؤة سمعت متظاهرين من الشباب يهتفون بسقوط النظام، وجاء المتطرف حسن المشيمع من لندن ودعا في اليوم التالي لإسقاط النظام، وأسقط النظام المعارضين ومطالبهم، وانتهى المشيمع في السجن.
لو كنت أو أحد زملائي مستشاراً لرئيس حزب الله لنصحته بأن يطلب من المعارضة البحرينية الاعتدال والسعي الى الممكن، وانتظار الفرصة المناسبة لطلب المزيد، فالسياسة لا تستحق اسمها ان لم تكن سياسة الممكن، وموقف السيد لم يفد شيعة البحرين، وأضر بشيعة لبنان في كل بلد خليجي، فقد بدأت حملات لطردهم وعدم تجديد إقاماتهم، كما أضر موقفه بلبنان كله ومصالحه الاقتصادية في البلدان العربية الثرية المنتجة للنفط.
أرفض إطلاقاً قول خصوم السيد انه عميل إيراني وينفذ ما يأمره به نظام الملالي. السيد حسن نصرالله له احترام كبير في ايران وحول العالم العربي، وهو في موقعِ أن ينصح المسؤولين الإيرانيين ويطلب منهم ما يفعلون، وليس العكس، وأرى ان سبب أخطائه الاختفاء والبعد عن الناس منذ 2006، وعدم دراية مستشاريه المقربين بلبنان، خارج جنوبه، ناهيك عن السياسات العربية العامة، والدول الأجنبية.بعد حرب 2006 رأيت صور السيد حسن نصرالله في متاجر خان الخليلي وكل مكان من القاهرة والإسكندرية، ثم رأيتها تُزال تباعاً بعد كل تصريح أو موقف غريب، حتى اختفت بعد تهم الإرهاب ومراقبة السياح في شرم الشيخ والسفن في قناة السويس. واللواء عمر سليمان قال لي ما سيقوله كل ثائر في ميدان التحرير لو سئل، فهو قال ان السياحة والدخل من القناة هما ثلاثة أرباع اقتصاد مصر وماذا يبقى للمصريين إذا ضُرب أهم ركنين للاقتصاد المصري.حتى داخل لبنان أصبح حزب الله يخطئ، وكل خطأ يزيد شعبية المعارضة الجديدة، ومرة أخرى أحمّل المستشارين المسؤولية، وأقول للسيد بمحبة انه يحتاج الى توسيع حلقة الناس الذين يعتمد عليهم في جمع المعلومات، ثم درْسها للوصول الى قرارات صائبة تحمي قاعدة تأييد حزب الله التي يجب أن تتجاوز الشيعة الى السنّة والمسيحيين، وكل العرب والمسلمين، فآخر ما أريد هو أن يصبح حزب الله حزباً سياسياً لبنانياً آخر في بلد المتناقضات السياسية، أو البلد الذي وجدتُ دائماً أن أفضل أيامه هي عندما يكون من دون حكومة.
ـ 'السفير'
&laqascii117o;14 آذار لن تجد وقتاً للاحتفال إذا دبت الفوضى في سوريا"
مراجع عليا: جهات خارجية تسعى للعبث بالأمن اللبناني
عماد مرمل:
بات واضحا ان التأخير في تشكيل الحكومة أفرز بيئة ملائمة للتشنج الأمني الذي اتخذ خلال الايام الماضية أشكالا مختلفة ومتنقلة، من أبرزها خطف السياح الأستونيين السبعة والاعتداء على كنيسة السريان الارثوذكس في زحلة وإطلاق النار على متظاهرين سوريين في بيروت، ما كشف عن انخفاض سريع في مستوى المناعة الداخلية، ليس خافيا ان أحد أسبابه الموضوعية يكمن في التراخي الذي واكب عملية تأليف الحكومة وأدى الى التأخير في إنجازها.
ولئن كانت تلك الحوادث تبدو متفرقة ومتناثرة من الناحية الجغرافية، إلا ان ذلك لا ينفي احتمال وجود خيط واحد يربط بينها او بين بعضها، أقله على مستوى الاستهداف السياسي، إذا كان الخيط الجنائي غير مثبت او غير مرئي بعد. ولعله لا يصعب الاستنتاج ان المصطادين في الماء العكر وجدوا في غياب فعالية السلطة التنفيذية فرصة ذهبية لممارسة هوايتهم وتوجيه رسائلهم المدوية.
وما زاد الطين بلة هو ان المحيط العربي يشهد بدوره اضطرابا كبيرا، جعل العمق الحيوي للأمن القومي اللبناني عمقا مثقوبا ومشرعا على الرياح الآتية من كل الاتجاهات، لاسيما وان الساحة اللبنانية اعتادت على ان تكون الاكثر تأثرا بما يجري من حولها، باعتبارها تمثل تاريخيا خاصرة رخوة في الجسد العربي.
وإزاء الانكشاف الداخلي الناتج عن وجود دولة مبتورة، في موازاة زلزال عربي يولد هزات ارتدادية في الساحات الضعيفة، تجد المؤسسة العسكرية ذاتها أمام تحديات صعبة، بعدما بات عليها ان تأخذ بصدرها مسؤولية الامن، من دون وجود حكومة فعلية تمنحها الغطاء السياسي الضروري، لاسيما إذا احتاجت الى اتخاذ قرارات ميدانية نوعية تتطلب في العادة &laqascii117o;حماية" من مجلس الوزراء.
والى حين استعادة شيء من &laqascii117o;الحصانة السياسية" الداخلية بعد تجاوز مخاض تشكيل الحكومة، تبلغت مراجع عليا في الدولة معلومات مؤكدة عن أدوار مشبوهة ومريبة تؤديها جهات خارجية للعبث بالاستقرار الأمني في لبنان، ما يفسر- وفقا لتلك المراجع- ما يشبه التزامن بين مجموعة من الحوادث المتنقلة التي سُجلت خلال الايام الاخيرة. وإذ تؤكد هذه المراجع ان بصمات الأصابع الخارجية باتت واضحة، تكشف عن معطيات توافرت لدى جهاز أمني لبناني تدفع في اتجاه الاشتباه بدور تخريبي يؤيديه رجل دين محسوب على فريق سياسي، وهو أصبح تحت مجهر المراقبة والرصد، لتجميع كل الخيوط المتصلة بعمله.
وتشير المراجع العليا الى ان أجهزة مخابراتية تابعة لبعض دوائر الأنظمة العربية هي التي تحاول &laqascii117o;الخربطة" في لبنان وسوريا على حد سواء، الامر الذي يستدعي إبقاء العيون مفتوحة والتحلي بأعلى درجات الحذر لتمرير هذه المرحلة بأقل الخسائر الممكنة.
وتحذر المراجع من وجود مخطط لإثارة النعرات المذهبية والطائفية وبالتالي إحداث الفوضى في أكثر من مكان في المنطقة العربية، لافتة الانتباه في هذا السياق الى الصراع القبطي- الاسلامي الذي تم تحريكه في مصر قبل سقوط النظام عبر وزير الداخلية آنذاك حبيب العدلي، مرورا بالتوتر السني- الشيعي الذي جرى افتعاله مؤخرا في البحرين ومن خلالها في الخيلج، وصولا الى المحاولة الفاشلة لإيجاد نعرة علوية- سنية داخل سوريا.
وتنبه المراجع الى ان لبنان كان وما يزال في قلب العاصفة بسبب السعي المستمر الى جره نحو صدام سني- شيعي، استطاع تفاديه حتى الآن بفضل وعي أبنائه ووجود قرار سياسي لدى معظم الاطراف بعدم الانزلاق الى حرب أهلية مجربة، علما ان هذا القرار يتطلب صيانة مستمرة حتى يظل قائما، ومن شروط هذه الصيانة الاسراع في تشكيل حكومة فاعلة تملأ الفراغ المتراكم.
وتتوقف المراجع العليا بكثير من الاهتمام عند التطورات الاخيرة التي شهدتها سوريا، لافتة الانتباه الى ان الطابع العنفي والدموي لبعض التحركات جاء في سياق استهداف منهجي لنظام الرئيس بشار الاسد، لا يخلو من &laqascii117o;التوظيف الخارجي"، بما يتجاوز المطالب الاصلاحية المشروعة التي ترفعها شرائح عدة في المجتمع السوري.
وتدعو هذه المراجع بعض قيادات 14 آذار التي &laqascii117o;انتشت" بأحداث سوريا وراهنت عليها لتغيير المعادلات، الى مراجعة حساباتها والتدقيق في قراءتها السياسية، لأن عليها ان تعلم انها لن تجد وقتا للاحتفال إذا سقط نظام الرئيس بشار الاسد، ذلك ان لبنان قد يصمد بضعة أشهر فقط بعد هذا السقوط الذي سيطلق تسونامي الفوضى في المنطقة ككل وسيشرع الابواب اللبنانية امام المتطرفين، وعندها سيصبح مصير كل معتدل في البلد مهددا بالخطر. وتستغرب المراجع &laqascii117o;رهانات" بعض الاوساط الداخلية متجاهلة المصالح الحقيقية للبنان الذي يقع على حدود سوريا، فيما يتلقى الأسد دعما من دول كالسعودية والكويت والبحرين وقطر وفنزويلا، وحتى الولايات المتحدة الاميركية تجنبت المبالغة في رد فعلها كما تبين من مواقف وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي اعتبرت انه &laqascii117o;يوجد في سوريا اليوم رئيس مختلف وكثيرون من أعضاء الكونغرس الذين زاروا دمشق، يعتقدون انه إصلاحي"، داعية الى عدم انتظار أن تفعل بلادها في سوريا ما فعلته في ليبيا.
وتؤكد المراجع التي تسنى لها التواصل مع القيادة السورية خلال الايام الماضية ان الرئيس بشار الاسد تمكن من احتواء الموقف بعدما أظهر أعلى درجات الحكمة وضبط النفس في التعامل مع الازمة، لافتة الانتباه الى انه ليس مألوفا في الواقع السوري ان يسقط على سبيل المثال عشرة قتلى في صفوف قوات الامن في مدينة اللاذقية التي تحمل هويتها دلالة خاصة، من دون ان يكون هناك رد فعل ميداني عنيف بحجم الحدث، كما ان من بين الاجراءات غير المعتادة إطلاق سراح معتقلين في ذروة التوتر فيما كان الرئيس الأسد يلتقي وفدا من درعا بعيدا عن الاضواء. وتشير المراجع العليا الى ان الاسد اتخذ قرارا بعدم الإفراط في استخدام &laqascii117o;القبضة الامنية" مقابل زيادة في جرعات المعالجة السياسية من خلال السير في طريق الاصلاحات، ويبدو انه سيجد في الاحداث التي حصلت فرصة لتحجيم رموز &laqascii117o;الحرس القديم" الذين كانوا يعيقون الخطط الاصلاحية، حتى لو كان من بين هؤلاء من هم مصنفون بانهم مقربون بشكل او بآخر الى الرئيس السوري.
ـ 'السفير'
الثورة العربية: السُنة، الشيعة واختبار البحرين (مقال نشرته &laqascii117o;اسرائيل اليوم")
يوسي بيلين:
التمييز الحاد بين السُنة والشيعة في الشرق الاوسط مغلوط مثل معظم التعميمات الاخرى. وهو يشبه محاولة تفسير سلوك المسلمين حسب ما ورد في القرآن او تفسير سلوك اليهود حسب ما كتب في التوراة.
قسم هام من المتدينين في كل دين برغماتيون، يحافظون على الفرائض من دون أن يكون كل ما كتب في الكتب المقدسة بالنسبة لهم مرشدا للسلوك. الى جانب المحافظين على الفرائض يوجد هناك من يتساومون، ويحافظون فقط على قسم من الفرائض او يرون في كل الطقوس امرا مغلوطا.
انتماؤهم الى هذا الدين او ذاك لا ينبع الا من حقيقة أنهم ولدوا لابوين يتماثلان معه، وحتى لو كانوا لا يتنكرون لهذا الانتماء، فانهم لا يستبدلون دينهم ولا يستفزونه في ميدان المدينة. وهم لا يولون له أي صلة تتعلق بالمبادئ التي توجههم في حياتهم. وعلى الرغم من ذلك لا يمكن التنكر لاهمية الدين في كل ما يتعلق بالتعريف الذاتي، الولاء الجماعي، تطلعات توسيع التحكم، وكنتيجة لذلك ـ المواجهات.لا ريب أن المسيحيين في الشرق الاوسط في ضائقة. فهم مطاردون من المسلمين في بعض من الدول، والكثير منهم يهاجرون الى اماكن اخرى في العالم، تلقى مسيحيتهم فيها القبول (وان لم تكن بالضرورة عروبتهم).المواجهة بين السنة والشيعة تصبح أكثر فأكثر معنى في الشرق الاوسط، ووجدت تعبيرها اساسا في اماكن توجد فيها أغلبية شيعية، او مجموعة شيعية ذات مغزى، حيال اقلية سنية مسيطرة. في كل مكان كهذا يؤيد الغرب السنة، وبشكل عام ـ نحن أيضا.
في حديث مع وزير الخارجية المصري حتى وقت أخير مضى، احمد ابو الغيط، قلت له إن لمصر ولاسرائيل مصلحة مشتركة في صد الهلال المتطرف من الشمال. فسأل: &laqascii117o;أتقصد الهلال الشيعي؟" ترددت للحظة. لم اعرف اذا كان ابو الغيط سيرغب في تناول المواجهة السنية ـ الشيعية أمام أجنبي، واذا كان صحيحا من ناحيته أن يسمي الامر بهذا الاسم. ولاحظ ترددي فقال: &laqascii117o;هذا هلال شيعي خطير علينا جميعا صده".
نقطة الفصل، من دون ريب، كانت الثورة الاسلامية في ايران، وسيطرة رجال الدين الشيعة عليها. معظم المسلمين في ايران هم شيعة، وان كان فيها أديان غير قليلة اخرى. انتصار الخميني منح العزة للعديد من الشيعة، القاسم المشترك بينهم كان الاحساس بقمع السلطات السنية.
اقامة &laqascii117o;حزب الله" في لبنان على خلفية سيطرة اسرائيل في جنوب لبنان نبعت ايضا من احساس الاستهتار والاستغلال الذي يعود لسنوات طويلة من جانب المسيحيين والمسلمين السنة، والعلاقة بين الحزب والحكم الجديد في ايران كانت فورية. لسنوات طويلة كان دارجا رؤية تعاظم &laqascii117o;حزب الله" انجازا خارجيا لايران تحت حكم الخميني وخلفائه، ممن اطلقوا ايديهم ايضا نحو دول اسلامية اخرى، من دون نجاح.
الولايات المتحدة، بغير قصد، منحت ايران انجازا اضافيا، في شكل ازاحة عدوها اللدود، صدام حسين، واقامة نظام تمثيلي في العراق، يمنح تعبيرا كاملا للاغلبية الشيعية. واضح أن حرب الولايات المتحدة في افغانستان أيضا ساعدت ايران، التي ترى في &laqascii117o;طالبان" عدوا صرفا. مع الانصراف الاميركي القريب من العراق وافغانستان، من المتوقع لايران الشيعية أن تتمتع بتوسع مفعم بنفوذها بشكل كبير. واضح ان النظام لا يكتفي بتعزيز محافل شيعية في المنطقة، ويحاول توسيع نفوذه ايضا الى محافل سنية، مثل &laqascii117o;حماس"، تحتاج الى مساعدته ومستعدة لان تبتلع حقيقة كونه شيعيا.
تأثير ميدان التحرير
تأثير ميدان التحرير على محافل مختلفة في العالم العربي لم يقفز عن الشيعة في الدول العربية. ولكن اذا كان في دولة مثل السعودية يدور الحديث عن أقلية، ففي مملكة البحرين الصغيرة يقترب نصيبهم من 70 في المئة، وقد سبق أن وقعت مواجهات غير قليلة بينهم وبين المملكة السنية.البحرين قريبة من ايران، التي يوجد لها فيها مطالب اقليمية، ويوجد فيها نفط (آخذ في النفاد) والمنيوم. بعض من الشيعة فيها يرون أنفسهم منخرطين في المملكة، يؤدون فيها أدوارا مركزية في الحكم وفي القطاع الخاص، ولكن بعضهم يشعر بجور عميق، وقد رأوا في اليقظة العربية الاخيرة فرصة يجدر الارتباط بها.بطبيعة الحال سارعت ايران نحو هذا التطور ولن يكون مفاجئا اذا ما تبين أنها تساعد الشيعة الثائرين ضد المملكة السنية.
فجأة تصبح البحرين، التي بشكل عام لا توفر عناوين رئيسة في الصحف العالمية، نقطة احتكاك سنية ـ شيعية حرجة تؤدي الى تدخل سعودي وقطري نادر. البحرين هي مجموعة جزر صغيرة، كانت بيد البرتغال على مدى مئات السنين، سيطر عليها الفرس واحتلتها عائلة آل خليفة في 1883. وانطلاقا من الخوف من الدول الكبرى في جوارها، توجهت العائلة الى بريطانيا، وتوصلت معها الى اتفاق جعل البحرين دولة مرعية لبريطانيا الى أن أصبحت مستقلة في 1971. وهي مرتبطة جدا بالغرب، وبقي فيها مستشارون بريطانيون لسنوات طويلة بعد الاستقلال، والاسطول الاميركي يمكث فيها، وتمتعت بتنقيبات عن النفط، وما أن هزلت مخزونات النفط تركزت جهودها على التحول الى مركز مالي اقليمي. الانتاج القومي الخام للفرد في البحرين هو نحو 40 الــف دولار. نحو ربع اكثر مما في اسرائيل. حمد بن عيسى آل خليفة وصل الى الحكم في العام 1999، توج نفسه ملكا وأجرى اصلاحات اقتصادية وسياسية ذات مغزى، مستعينا بابنه وولي عهده المعروف كرجل ليبرالي ومحب للسلام. في سكان البحرين، الذين يبلغ عددهم نحو 1.2 مليون نسمة، توجد أغلبية للبحرينيين وأقلية كبيرة من العمال من آسيا. المشكلة الاساسية هي أن المملكة توجد على مدى مئات السنين بيد السنة، واي اصلاح لن يؤدي الى تغيير ذلك. الاغلبية الشيعية تثور ضد هذا، وتجعل البحرين أحد الاماكن الاقل استقرارا في الخليج. المواجهات مع الحكم ليست سابقة، السابقة الوحيدة هي قرار مجلس التعاون الخليجي، بارسال الاف الجنود لمساعدة البــحرين في التصدي للمواجهة المتجددة.
البحرين ليست دكتاتورية وحشية على نمط ليبيا، ليست دولة شرطة على نمط سوريا وليست دولة دينية متطرفة مثل السعودية. رغم أن فيها نسبة بطالة عالية، فهي دولة غنية، ليس فيها سكان يذوون في الفقر، حتى وان كان واضحا بان السنة هم المتمتعون الاساسيون.في نهاية الاسبوع يصبح الجسر الطويل بين السعودية والبحرين مكتظا حتى التعب، والسعوديون يأتون للتمتع بالخفة النسبية، يحتسون الخمر، ويقضون اوقاتهم في اطر محظورة في بلادهم. يوجد في البحرين طائفة يهودية صغيرة، وسفيرة البحرين الى الولايات المتحدة هي يهودية.
فقط من لا يعرف ما هي البحرين يمكنه أن يدخلها الى السلة العمومية للدكتاتوريات التي تحاول التحرر من عبء طغاتها. انتصار الشيعة في الصراع الداخلي البحريني من شأنه أن يشكل ضربة شديدة لمن يسعى الى تغيير وجه الشرق الاوسط في اتجاه حرية اكثر وديموقراطية أكثر، ومن يرغب في ضمان استمرار قربه من الغرب.
ـ 'السفير'
المرحلة تتطلب حكومة فاعلة قادرة على تجنيب لبنان المقامرات / ماذا إذا ثبت تورط فريق لبناني في أحداث سوريا؟
داود رمال:
عاشت الساحة اللبنانية مرحلة من حبس الانفاس على خلفية الاحداث التي شهدتها سوريا في الآونة الأخيرة، والتي تداخلت فيها عناصر داخلية وخارجية، في ظل مؤشرات بدأت تتوالى حول امكان تورط &laqascii117o;بعض اللبنانيين" سريعا ورهانهم على أن يكون لهم &laqascii117o;قرصهم" في الأحداث التي شهدتها سوريا من درعا الى اللاذقية والتي تمكنت القيادة السورية في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة بتجاوزها، في ظل اشارات داخلية سورية من قوى اصلاحية تربط حركتها بالحرص على استقرار سوريا وتثبيت موقفها وموقعها الوطني من جهة وترجمة الاصلاحات من خلال حوار وطني شامل من جهة ثانية، فيما برزت اشارات عربية واقليمية ودولية واضحة بالوقوف الى جانب الاستقرار في سوريا. ويقول مصدر ديبلوماسي عربي &laqascii117o;أنه إذا ثبت أنه تمت مصادرة سبعة مراكب محملة بالاسلحة قادمة من شاطئ لبنان الشمالي، ودخول عناصر سورية معارضة ولبنانية عن طريق البقاع وبعض النقاط في الشمال الى الأراضي السورية ومشاركتهم في عمليات أمنية (قنص وإطلاق النار كونهم مزودين بمناظير ليلية وقناصات متطورة)، معطوفة على الاعتداءات التي تعرض لها سوريون خلال التظاهرات المؤدية للنظام السوري في بيروت وعدد من المناطق، والحديث عن سعي البعض لتنظيم تظاهرة في طرابلس ضد النظام السوري، في الساعات المقبلة فإننا نصبح أمام معطى أمني خطير يمكن وصفه بالبنيوي كونه يحول لبنان وحدوده ممراً للتآمر على سوريا واستهداف الاستقرار فيها".
ويضيف المصدر &laqascii117o;أنه إذا أثبتت التحقيقات السورية تورط جهات لبنانية، فإن ذلك يناقض الاتفاقات الثنائية المعقودة بين لبنان وسوريا والتي لا تزال قائمة، كما يناقض الدستور اللبناني الذي أقِر استناداً الى وثيقة الوفاق الوطني وفق اتفاق الطائف وتحت بند العلاقات اللبنانية ـ السورية ومما جاء فيها أنه: &laqascii117o;يقتضي عدم جعل لبنان مصدر تهديد لأمن سوريا وسوريا لأمن لبنان في أي حال من الاحوال، وعليه فإن لبنان لا يسمح بأن يكون ممراً او مستقراً لأي قوة او دولة أو تنظيم يستهدف المساس بأمنه او أمن سوريا وأن سوريا الحريصة على أمن لبنان واستقراره ووحدته ووفاق أبنائه لا تسمح بأي عمل يهدد أمنه واستقلاله وسيادته".
ويوضح المصدر &laqascii117o;أنه اذا تم تثبيت المعطيات المتواترة عن تورط لبنانيين، فان من شأن ذلك أن يؤدي الى توتر العلاقة مجددا بين سوريا وبعض الاطراف اللبنانية، علما بأن دمشق تنتظر من الدولة اللبنانية اتخاذ الاجراءات المناسبة عملاً بأحكام الدستور والاتفاقيات الامنية المعقودة بين البلدين".
واشار المصدر الى أنه &laqascii117o;في حال ثبوت المعلومات عن تورط فريق لبناني معين في هذا الامر، فإن النتيجة التي يمكن استخلاصها أن هذا الفريق يملك قرار تخريب العلاقات اللبنانية ـ السورية، أي قرار الحرب والسلم مع سوريا وهو خارج الدولة، في الوقت الذي ينادي بحصر قرار السلم والحرب مع العدو الاسرائيلي بيد الدولة اللبنانية، والحري بالذين يتحدثون دائماً عن السيادة أن يعطوا المثل في احترام سيادة الدول الاخرى قبل مطالبة هذه الدول باحترام السيادة اللبنانية".
ويلفت المصدر الانتباه الى أنه، لا يمكن فصل عملية خطف الاستونيين السبعة عن هذه التطورات الحاصلة، فهذا العمل هو جزء من اعادة الاعتبار الى بعض المجموعات الاصولية في احتلال حيّز مما يجري على الساحة العربية، ولبنان هو الساحة الأضعف، مما يعني أن هذا التحرك له بعدان، الاول، قربه من الحدود السورية، حيث ينشط العديد من القوى الاصولية هناك. الثاني، وجود بيئة حاضنة سياسياً وشعبياً لهذه القوى، بعدما أمكن من خلال الكاميرات حصر احتمال وجود المخطوفين السبعة في بيئة من لون معين وعلى الأرجح تحت غطاء سياسي معروف في منطقة البقاع الغربي". واعتبر المصدر &laqascii117o;أن استهداف الكنيسة في زحلة ليس بعيداً أيضاً عن هذا الاتجاه الاصولي، بعدما أخذ تخريب الامن في الخاصرة السورية وجهين، الاول استهداف الاجانب، والثاني إثارة النعرات الطائفية".ورأى المصدر أنه &laqascii117o;باعتبار المرحلة تتطلب وجود حكومة فاعلة وقادرة على ضبط هذه التجاوزات وتجنيب لبنان هكذا مغامرات، أصبح من الواجب والملحّ على وجه السرعة أن يشهد الوضع السياسي انفراجات كبرى في مقدمها الاسراع بتشكيل حكومة جديدة والخروج من دائرة المراوحة والانتظار لكي تتصدى للمهام الداهمة داخلياً وخارجياً وتتحمل مسؤولياتها تجاه شعبها أولا وتحصين الأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني وكذلك تحمل مسؤولياتها ازاء الاشقاء والاصدقاء وفق المعاهدات والاتفاقات الثنائية المعقودة خاصة وأن المنطقة العربية تمر بلحظات تاريخية يفترض أن تعيد رسم خارطة المنطقة وأدوارها من جديد".
ـ 'السفير'
عندما تواجه إسرائيل الخيارات الصعبة وانسداد الأفق العسكري
هل يشكل لبنان وغزة الاختبار الأول للثورات العربية؟
عمار نعمة:
هو زلزال بكل ما يكتنزه الوصف من معان، ذلك الذي يشهده الوطن العربي هذه الايام، ويبدو اننا ما زلنا في بداية فصل الثورات التاريخي، الحامل فصولاً كثيرة، غير متشابهة، يبدو انها ستشهد بدورها زلازل اخرى وارتدادات ستمتد لعشرات السنوات الى الأمام.
لكن برغم ما يترقبه الجميع من أحداث، وبغض النظر عن تقييم ما حدث حتى الآن في تونس ومصر، وما يجري في بلدان عربية اخرى، لعله يكفي قراءة ما حصل حتى اليوم لمحاولة استشعار معالم المرحلة المقبلة بالنسبة الى قضية المقاومة، المنتصرة في لبنان، والصامدة في فلسطين.
منذ بداية عصر النكبات العربية في أواسط القرن الماضي وضياع الجزء الاكبر من فلسطين التاريخية، لا تذكر الاجيال العربية الكثير من المحطات المضيئة خلال نيف وستة عقود، بل انها انتقلت من هزيمة الى اخرى لأسباب مختلفة تبدأ بضعف النظام العربي الرسمي وافتقاره الى المشروعية الشعبية نتيجة الطبيعة العسكرية لتلك الانظمة، وليس انتهاء بالتآمر المخجل لتلك الانظمة بعضها على بعض، لا بل ان الامر تطور الى قتال عربي داخلي واحتلال بلدان وأراض مجاورة حماية للانظمة، ودائما باسم حماية القضية!
ولعل الفترة الاكثر قتامة وسوداوية كانت تلك التي فقدت فيها الامة العربية عمودها الفقري بخروج مصر، التي شكلت على الدوام المحور العربي الاستراتيجي بوجه الأطماع الخارجية، من ناحية، وبمواجهة اسرائيل في النصف الثاني من القرن العشرين، من ناحية ثانية.
ومنذ انسحاب مصر من الصراع العربي الاسرائيلي بشقه العسكري اثر حرب 1973، ومن ثم توقيع اتفاقية كامب دايفيد واستسلام النظام المصري، سجل العرب انحدارا مأساويا واستفرادا غربيا لهم دفع بهم الى مفاوضات تسوية عبثية لم تسجل، منذ نحو 25 عاما، سوى تراجعات واتفاقيات منفردة جديدة، في ظل صمود لامتناه للمقاومة في فلسطين، وتحرير معظم الاراضي في لبنان بدعم من إيران وسوريا.
وأمام استعراض الواقع العربي في العقود الاخيرة، ترد أوساط مقربة من حركة المقاومة في المنطقة، بمقاربة إيجابية للإنجاز التاريخي الذي تمثل بانزياح العمود الاهم الحامي لإسرائيل في المنطقة، أي النظام المصري، الذي كان يعد الحجر الاساس باستقرار الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة، وذلك بالطبع الى جانب أنظمة عربية اخرى، لكن أهمية رأس نظام القاهرة المخلوع تجلت في تأمينه الشرعية الاهم لإسرائيل، كما الطمأنينة بالنسبة اليها مع انسحاب الجيش العربي الاكبر والاهم من المعركة، لا بل ان النظام المصري قد ذهب أبعد من ذلك خلال السنوات الاخيرة وذلك عبر محاصرته للمقاومة في غزة ومزايدته على اسرائيل في تقدير خطر المقاومة ومصلحة الدولة العبرية!
من هنا، تنطلق الايجابية التي تقارب بها أوساط المقاومة في لبنان وفلسطين، الواقع الحالي، اذ بقدر تراجع الموقع الاسرائيلي في المنطقة، يبرز صعود المقاومة في لبنان وفلسطين، اذ ثمة ارتباط وتواز بين قوة المقاومة في فلسطين ولبنان، وتراجع اسرائيل.
واليوم، اثر ما تمخضت عنه الأحداث التاريخية في مصر، بات بإمكان المقاومة في غزة تنفس الصعداء، وذلك على رغم عدم الوضوح الكلي في الموقف المصري اليوم، ومن دون أوهام ان يسير الحكم المصري المقبل على خطى جمال عبد الناصر كأن يعلن الحرب على العدو، اذ ان الحفاظ على اتفاقية كامب ديفيد يبدو طبيعيا بالنسبة الى القاهرة، لكن، في المقابل، لا ريب ان الموقف المصري المقبل سيحمل أكثر من مفاجأة إيجابية بالنسبة الى الدولة العبرية.
خياران إسرائيليان أحلاهما مر!
ثمة تحليلان بالنسبة الى الزلزال الذي يحدث في الوطن العربي، حسب أوساط مراقبة للثورات الشعبية العربية، يتقاطعان على اعتبار ما حدث نقطة تحول على صعيد الصراع العربي -الاسرائيلي، وان كان لكل من التحليلين قراءته للمقبل من الاحداث.
يشير التحليل الاول، وهو الاكثر واقعية، الى ان التراجع في الموقع الاسرائيلي اليوم سيترجم ترقبا وحذرا في اسرائيل يلقي بها في موقع الدفاع نتيجة القلق والاهتزاز الداخلي الذي عبرت عنه بصراحة الدراسات التي قامت بها المؤسسة العسكرية في الدولة العبرية، إضافة الى مراكز الابحاث، التي أعربت عن قلقها من تداعيات الثورة الشعبية في مصر على مستقبل العلاقة مع القاهرة.
وتستخلص الدراسات ان اسرائيل تعتبر الخاسر الاكبر مما يحصل في العالم العربي، خاصة مع سقوط مبارك، العمود الاهم الذي اتكأت عليه اسرائيل لتنفرد بلبنان وسوريا والمقاومة الفلسطينية والتحريض على ايران ووصم المقاومة بالارهاب. ولذلك من غير المستبعد أن يبادر الشعب المصري الذي أسقط التطبيع طيلة 32 عاماً، الى إسقاط اتفاقية السلام مع الدولة العبرية، لمَ لا؟ أليس بمقدور أي حكم مصري مقبل طرح الاتفاقية على الاستفتاء العام؟ أليس ذلك من صلب العملية الديموقراطية كما ينادي بها الغرب؟
ثمة أسئلة كبيرة تقلق المسؤولين في اسرائيل: ماذا عن العمق الاستراتيجي للمقاومة في غزة؟ هل سيقبل أي نظام مقبل خنق المقاومة بالسلاح والمال والمؤن وحتى بالغذاء؟ لا بل اكثر من ذلك، هل ستشكل القاهرة، مع دول اخرى في المنطقة، باختلاف مواقعها وأساليبها ودوافعها وإمكانياتها، طوقاً على إسرائيل يعيدها الى مرحلة غابرة اعتقدت انها انقضت مع رحيل عبد الناصر وخروج مصر من الصراع وهروب الحكم الاردني والسلطة الفلسطينية الى الأمام عبر توقيع اتفاقيتي وادي عربة وأوسلو؟
لكن الأوساط تشير ايضا الى تحليل آخر مؤداه ان تقوم الدولة العبرية، في محاولة لاستباق تبلور الثورات العربية والحكم المصري، وقبل أن يشتد أزر المقاومة بهذا العمق الاستراتيجي، الى الدفع بالامور نحو التوتر وشن عدوان ما، أو ضربة عسكرية، سواء على غزة أو على المقاومة في لبنان، مستغلة ايضا انشغال الحكم السوري بمعالجة التحركات الشعبية في أنحاء البلاد، وفشل كل الرهانات على أن يشكل القرار الاتهامي في قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري واتهام &laqascii117o;حزب الله" رأس حربة في مشروع إسقاط المقاومة في أتون الفتنة وطعن في الظهر وإرغامها على الاستدارة عن القضية الاساس التي خلقت من أجلها.
من هنا، تحذر أوساط مراقبة للعمل المقاوم في لبنان وفلسطين، من محاولة اسرائيل استغلال الوقت المستقطع والفراغ الحالي، مع انشغال دول عربية وترقب اخرى، لتصفية حسابات مع المقاومة لم تكن لتقوم بها في الماضي، سواء عبر شن عدوان عسكري، أو اجتياح على الارض، أو بتكثيف مخطط العدوان الامني على قيادات المقاومة في غزة ولبنان، في أكثر من مكان، قد يشمل إيران عبر توجيه ضربة ما الى منشآتها النووية.. من دون استبعاد احتمال التخريب داخل سوريا في المرحلة المقبلة من خلال اغتيالات قد تستهدف رموزاً إصلاحية سورية لدفع الساحة السورية الى الفتنة.
على أن أي عدوان اسرائيلي سيكون له تبعات لا تبدو الدولة العبرية على استعداد لتحمل عواقبها، خاصة أنها لم تنه حتى اليوم درس استخلاصات عدوانها العسكري الفاشل على المقاومة في لبنان، وهي، أي إسرائيل، ستصبح أمام خيارين أحلاهما مر: فإما انها ستقوم بضرب المقاومة في لبنان أو غزة، وهو عدوان غير مضمون النتائج وسيرتب ردا يشمل العمق الاسرائيلي ، وإما انها ستتوغل عسكريا فتغرق في وحول أرض معادية وتلقى هزيمة جديدة، وفي الحالتين فإن الدولة العبرية ستخرج خاسرة!
انطلاقا من هنا، يبدو التحليل الاول أكثر رجحانا مع بداية تشكل نظام إقليمي جديد، سيؤدي بالدولة العبرية الى المزيد من العزلة، ويقضي على الامل الاخير لإحياء عملية السلام في المنطقة. واذا كان انسحاب مصر من الصراع قد أتاح للدولة العربية الاستقرار النسبي طيلة عقود، فإن اسرائيل لم تتمكن، بالرغم من ذلك، من فرض رؤيتها للسلام على العرب، وبينما أثبتت دمشق في الماضي مقولة ان &laqascii117o;لا سلام من دون سوريا" برغم ان &laqascii117o;لا حرب من دون مصر"، فإن عودة مصر لتشكل طوقا، ولو سياسيا، على اسرائيل، من شأنه ان يعزز محور المقاومة في المنطقة، وان يضع حداً للتراجع العربي الرهيب، كما للانقسام الفلسطيني، مثلما انه سيزعزع المحور المفترض الذي لطالما حاولت الادارة الاميركية افتعاله بوضع العرب، في كفة، بوجه عدو جديدة للأمة، أي إيران، وسيحول بوصلة العرب، من جديد، وبالتوازي، نحو وجهتها الأساس.
ـ 'النهار'
قوى 8 آذار تستشعر خطورة استنزاف سياسي
التطورات السورية عامل استعجال لتأليف الحكومة
روزانا بومنصف:
... تقول مصادر سياسية معنية بعملية التأليف ان الاستنزاف الذي بدأ يطاول رئيس الحكومة المكلف والافرقاء السياسيين الذين ستضمهم الحكومة ليس وحده ما يدفع في اتجاه بت موضوع التأليف سريعا. بل ان الانطباع الذي لا يود هؤلاء الافرقاء اعطاءه ايضا هو ان ما يصيب النظام السوري الحليف يمكن ان يضعف حلفاءه في لبنان ايضا، على رغم ان هذا امر واقعي وبديهي باعتبار ان الضعف الذي يظهرونه سيكون انعكاسا او ترجمة لضعف اصاب النظام السوري وجعله غير قادر على اثبات فاعليته في المساعدة على تأليف الحكومة. ولذلك فان مظهر القوة لدى هؤلاء الحلفاء هو مظهر قوة للحليف الاقليمي والعكس بالعكس. ولا تخفي مصادر في قوى 8 آذار ان التطورات الاخيرة المتسارعة في سوريا قد اثارت مخاوف كبيرة لديها في نهاية الاسبوع المنصرم قبل ان يعود النظام السوري فيظهر تماسكا في الاستعداد لمعالجة موضوع المطالب السورية للمعارضين وتاليا استعادة المبادرة التي بدت في ايدي هؤلاء في حين ان النظام كان في موقع الدفاع ولو كان في معرض الرد الامني على المتظاهرين. وهذه المخاوف طاولت ما يتصل بالنظام السوري الحليف كما بالحذر مما اذا كان يجب المضي في تأليف الحكومة او التريث لتبين الخط الابيض من الخط الاسود في مسار تأليف الحكومة في حمأة ما يجري من تطورات. اذ سرت في عطلة الاسبوع ولا تزال شكوك كبيرة حول احتمال تأليف الحكومة حتى بعد الزخم الذي اتخذه هذا التأليف في الزيارات الاخيرة لدمشق، واستمرت تساؤلات عما اذا كان يمكن الرئيس المكلف ان يؤلف الحكومة ام لا وليس متى او كيف وما هي الحصص. وتاليا يتعين على قوى 8 آذار ان تظهر قدرتها على تأليف الحكومة على رغم الاقرار من جانب المصادر المعنية لدى هذه القوى ان الافق لهذه الحكومة قد لا يكون او يبقى هو نفسه نتيجة التطورات المتسارعة في المنطقة. لكنها بدأت تستشعر خطورة في ان تظهر شديدة الارتباط بالخارج اي بوجود قرار سوري بتأليف الحكومة ام لا، وفق ما اظهرت الحركة السياسية اللبنانية في اتجاه سوريا الاسبوع الماضي، كما خطورة 'اضاعة الفرصة' التي اتيحت لها بان تمسك بالسلطة كلها من دون اي شريك لها على رغم اقرارها بان لغياب الشركة ثمنا باهظا ايضا. ولذلك تحصن بعض افرقاء هذه القوى لاقناع الآخرين بان قد يكون افضل تأليف حكومة ببعض التنازلات من عدم تأليف الحكومة علما انه ينبغي الاخذ في الاعتبار ان الاجندة السياسية لهذه الحكومة قد تكون معرضة لتغييرات جذرية بدورها. اذ ان الهدف المتعلق بحكومة تعد للانتخابات النيابية المقبلة والصراع بين افرقاء هذه القوى لوضع اليد على وزارة الداخلية من اجل تأمين كسب هذه القوى الاكثرية النيابية فعليا لم يتغير، لكن المدة الفاصلة عن موعد الانتخابات الى جانب التطورات الاقليمية والمتغيرات التي تذهب اليها الانظمة المؤثرة ومن بينها سوريا قد تساهم في تعديل الروزنامة السياسية كما الوضع في لبنان على نحو غير متوقع.
ـ 'النهار'
لا حوار في ظل حكومة الوصايتين!
علي حمادة:
دعا النائب وليد جنبلاط خلال الجمعية العمومية للحزب التقدمي الاشتراكي الاحد الماضي الى فتح حوار بين الفريقين الكبيرين في البلد بعد تشكيل الحكومة. كما دعا في مقاله الاسبوعي في جريدة 'الانباء' الى الاسراع في تأليف الحكومة كي لا يبقى البلد مكشوفا. جيد هذا الكلام في المبدأ، ونشد على يد قائله. ولكنه وفي الوقت الذي يعتبر جنبلاط ان شعارات تظاهرة 13 آذار 2011 الرافضة للسلاح غير ممكنة التطبيق، فإن التنازل عن سلاح الموقف الذي رفع في وجه غلبة السلاح الفئوي والمليشيوي ليس خيارا، كون 'الحوار البيزنطي' الذي جرت آخر جولاته برعاية الرئيس ميشال سليمان لم يفض إلا الى استدراج الاطراف الى حلقة اكاديمية مفرغة، في حين بقي الطرف المعني بالشكوى والاعتراض القوي مغلقا في وجه اي مطلب جدي لنزع سلاحه في الداخل، وضبط قراره في المواجهة مع اسرائيل في اطار الدولة اللبنانية. فكم مرة استهزأ السيد حسن نصرالله، من موقعه المستقوي بالسلاح، بمطالب غالبية اللبنانيين، ومن بينهم السواد الاعظم من الطائفة الدرزية التي يتزعمها جنبلاط. وفي النهاية تنامى حضور السلاح في المعادلة السياسية، وبقي قرار الحرب والسلم رهنا بما يقرر في اروقة النظامين الايراني والسوري وينفذه 'حزب الله' على ارض الواقع. وفي مطلق الاحوال فشل الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية كونه لم توضع له ضوابط، ولا مهل زمنية، والاهم انه في كل الاوقات بدا جليا ان 'حزب الله' ادار ظهره لبقية مكونات الوطن واستمر في لعبة فرض الامر الواقع، وتعميق الآثار السلبية للسلاح في الحياة اللبنانية الداخلية (...).
ـ 'النهار'
دولة الكاميرات...
غسان حجار:
تفجير كنيسة السيدة للسريان الأرثوذكس في زحلة، وخطف سبعة أستونيين في محيط جغرافي قريب قبل أيام قليلة، يؤكدان، بما لا يقبل الشك، ان الوضع الأمني غير ممسوك، وان وضع الدولة ليس متماسكاً.
قد يكون جائزاً القول ان الأوضاع الأمنية غير ممسوكة في معظم دول العالم، وهذا صحيح، وان لبنان حالياً هو الأكثر استقراراً، وهذا أيضاً صحيح، لكن هذين القولين لا يبرران للأجهزة الأمنية عدم قيامها بواجباتها في الإمساك بخيوط أولى تقود الى كشف حقيقة ما جرى.في اليومين الماضيين استمعنا في زحلة الى أصوات تنادي بتوزيع كاميرات مراقبة في الأحياء والشوارع وقرب الكنائس والمدارس والمؤسسات الكبيرة، وهو اجراء عصري يواكب التطورات في عالم التكنولوجيا، وتعتمده الدول والأجهزة الأمنية لمراقبة تحركات مشبوهة، لكن ما يجري عندنا مخالف لكل الإجراءات العالمية، اذ يتم، في زحلة مثلاً، وليس في بعلبك، أو في شمسطار، أو في صيدا وصور، وليس في النبطية، أو طرابلس. وهو اجراء يستهدف حماية الكنائس وليس المساجد. بمعنى آخر انه يحوّل مدناً ذات طابع مسيحي جزراً، بل محميات، في مواجهة الآخر المسلم في لبنان. هكذا يؤدي غياب الدور الفاعل للدولة وأجهزتها الى رسم صورة مواجهة طائفية ما بين اللبنانيين، وخوف من الآخر بدل التعاون معه لقطع دابر الإرهاب الى أي مذهب انتمى. انها مهمة الدولة في القبض على الإرهابيين، بالكاميرا أو من دونها.
ـ 'النهار'
من يخاف نبيه بري ؟
راشد فايد:
ليس كل ما ينشر في شأن حرب تموز، في اطار ما يعرف بوثائق 'ويكيليكس'، يهدف الى فضح الخصوم، وحدهم. فالمراقب، سيئ الظن، سواء إثماً أو لحسن الفطن، لا يستطيع الا التنبه الى 'إخلاص' مبالغ فيه في ترجمة نصوص معينة كان يفترض مراعاة حلفاء 'حزب الله'، الواردة اقوال نوابهم ووزرائهم فيها، وخصوصاً ما ألصق بالرئيس نبيه بري وما قيل عنه، أو بلسانه.
يشير الحزب القائد، باستمرار الى صدقية الوثائق ما يعطي هذه الظنون صدقية موازية، لا يخفف منها الا منطق تطييب الخواطر بين الأحباء، اذا تحاببوا. لكن، هل ان الأمر هو مجرد 'أضرار جانبية' أو عارضة تأتت عن اطلاق نار عشوائي، أصاب الحلفاء، لعبورهم مسار النار الى الهدف؟سؤال يطرحه الظانون، إثماً أو فطنة، في آن. فمن سياق الأمور، الذي اعتدناه في ظل هيمنة الحزب أن يستسهل نعت خصومه السياسيين، وتحديداً قوى 14 آذار، بالخيانة والعمالة وما من نسلها من الشائنات الوطنية.لكن ما ليس في هذا السياق هو إصابة رذاذ الاتهامات وجوه من يسمى حليفاً، وبصورة خاصة 'الأخ الكبير' أي الرئيس نبيه بري كما كان يسميه السيد حسن نصرالله. فالمتابعة الدقيقة، للمسماة وثائق، توحي بأن نشرها ينطوي على رسائل متعددة إلى الداخل ، 'منها' طبعا ما يبغي مزيدا من الإدانة 'الوطنية' لقوى 14 آذار ،'لكن منها أيضا ما يستهدف الأصدقاء والحلفاء' قديمهم والمستجد، لغايات في نفس الحزب قد يظهرها الآتي من الأيام.
لم تعكس النصوص المنشورة 'العفو' عن 'الجرائم السياسية' الذي أوحى الحزب به تجاه الخصوم السابقين العائدين إلى 'موقع حماية السلم الأهلي والوحدة الوطنية' وهو أمر 'يبقى فوق كل اعتبار، برغم صيحات الاستهجان التي لا تقيم للاستقرار وزناً، ولا تبحث سوى عن مصالحها الخاصة'.هذه حال وليد جنبلاط العائد من خصومة للحزب بلغت حد العداوة.
الحال الثانية، هي ما نسب إلى نائبين في كتلة 'التغيير والاصلاح' هما ابرهيم كنعان وفريد الخازن. وبقدر ما يبدو موقفاهما أقرب إلى 14 آذار، يظهر موقف جبران باسيل، صهر الجنرال، اكثر لصوقا بـ'حزب الله' ورؤيته. وبقدر ما يشير 'فضح' جنبلاط الى دعوة لمزيد من تلاوة فعل الندامة، يوحي نشر أقوال كنعان والخازن بتسهيل درب باسيل في التأثير على القرار السياسي للعم. فالاثنان متفقان على أن وثيقة عون مع الحزب، 'غلطة... وشيء يصعب الدفاع عنه'، مع إشارة إلى أن الحزب 'أطلق أزمة غير ضرورية... واستخدم سلطات يجب أن تكون محصورة بيد الدولة... وأعماله غير مسؤولة ومنافقة' وإلى 'أكاذيب نصر الله على طاولة الحوار حين وعد بالحفاظ على هدوء الخط الازرق'.لكن الحالين السابقتين تبدوان عارضتين مقارنة مع ما استهدف الرئيس بري، وكأن تهشيم صورته كشريك للحزب أمر مباح، وربما مطلوب. فخلاصة القراءات، على مدى الأيام العشرة الفائتة، ترسمه كالآتي: يحلم بالقضاء على 'حزب الله'... لـ'يستفيد من ذلك في إعادة تأكيد وضع حركة 'أمل' لكونها أبرز مجموعة شيعية... يجب تعزيز قوة بري عبر انتشار واسع للجيش لإمرار بعض المساعدات الدولية لإعادة الإعمار عبر آليات يكون له فيها دور... السفير (الاميركي) قلق من ضرورة استفادة عائلة بري ماليا، وخصوصا زوجته رندة، كما فعلت مع صناديق تمويل تنموية سابقة في الجنوب... بري يفكر كل يوم بيومه... بري يمكنه أن يكون المحرك الشيعي الذي يستطيع الضغط على الحزب (وليد جنبلاط ومروان حمادة)... سيلعب لعبة حزب الله لبضعة أشهر ثم يتحرر منه (أمين الجميل)... وافق على شروط نشر 15000 جندي من دون إستشارة الحزب... وفصل مواقفه عنه (محرر الترجمة)... لا يثق بـ'حزب الله'... خدع بري الحزب بموافقته على قرار مجلس الوزراء نشر الجيش جنوبا... كان غاضبا من 'خطاب النصر'... لكنه يبقى الشريك الأصغر... تذمر من الهجمات الاسرائيلية على شمال بعلبك لأنها تخدم فقط تدعيم الحزب... مجلس الجنوب تابع لنبيه بري (وهو) يعد بالوعة مالية... ووضعه في الواجهة يعطي دفعا شعبيا لبديل شيعي علماني من الحزب (حركة 'أمل') لكن من دون ملء جيوب رندة بري في الوقت نفسه... خطاب نصرالله سيخيف بري إلى درجة امتناعه عن التفكير بأي قطيعة مع الحزب.
قد يكون كشف المستور مما يسمى وثائق ويكيليكس أمراً محض صحافي، لكن ما تناول الرئيس بري يعطي صورة له مؤذية ومهشّمة - سواء مما وصفه به الآخرون أو ما نقل عنه - إلى حد التخوف من أن تكون تمهيداً لتصفية سياسية، إذ تظهره مستعداً للخروج على الثنائية الشيعية في اللحظة المؤاتية، غير حريص على المال العام وغير موافق على سياسة نصرالله، ومرغماً على الالتحاق به. ولا يغيب عن سوء الظن مقالة تتهجم على النائب غازي يوسف بصفته رئيس مجلس الإدارة - المدير العام لشركة meas وتتهمه بجني مكاسب لـ'تيار المستقبل' و'شركاء آخرين على الضفة الأخرى، ولا سيما رئيس مجلس النواب... وربما هذا هو السبب في عدم ممارسته واجباته في منع يوسف من الجمع بين النيابة وإدارة شركة للدولة'، حسبما يقول النص.
قد يكون بعض الظن إثماً، وقد يكون من حسن الفطن. لكن في الحالين، لا يزال الرئيس نبيه بري على رأس مجلس النواب منذ 20 سنة، ولا مجال لزحزحته قبل الانتخابات النيابية عام 2013. حتى ذلك الوقت، راقبوا ما يسمى تفاعلات تحليق الفراشة. فبعض الزرع لا يحصد فوراً.
ـ 'الحياة'
سورية والخارج
راشد فايد:
... حتى لو ناقشنا الأوراق الخارجية، التي تَعتبر دمشقُ أنها تؤمِّن استقرارَها، نجد أنها تآكلت مع الوقت وأضحت، على العكس، أعباء تكبِّلها. ولنأخذ مثلا العلاقة مع &laqascii117o;حزب الله" وحركة &laqascii117o;حماس" في إطار &laqascii117o;محور الممانعة"، فخلال عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، كانت العلاقة مع إيران و &laqascii117o;حزب الله" تخضع لتوازن دقيق يأخذ في حسابه المصالح السورية والحساسيات العربية، أما اليوم، فقد صارت إيران هي الطرف الأقوى في هذه العلاقة، وتحول الحزب اللبناني - عملياً - شريكاً لسورية، التي انحسر ن