ـ 'النهار'
المال الحلال يكاد لا يكفي! عدوى التظاهرات المليونية
غسّان حجار:
حتى التعداد وعلم الأرقام باتا أمراً مشكوكاً فيه في عالمنا العربي، وقد نساهم كلنا فيه، نحن أهل الإعلام، الى أهل السياسة، وخصوصاً المنظمين لكل التظاهرات.
أذكر عندما كنا نقوم بتغطية تظاهرات الأساتذة والمعلمين، اننا كنا 'نضخم' الأرقام أحياناً تعاطفاً منا مع قضيتهم، واذ كنا نشاهد بأم العين نحو 500 مشارك، كانت الرابطات تفيد بأن العدد بلغ 5000، وكنا نمضي في الكذبة 'البيضاء' غير المضرة، لأن مطالب هؤلاء محقة وتستحق منا الدعم.
ومضى الإعلام العربي في اللعبة، والزعماء أيضاً، حتى سمعنا البارحة أحد الرؤساء العرب الذي يوشك على السقوط يقول ان '95% من الشعب معه، وان 5% فقط يعارضونه'، من دون ان يجري أي احصاء أو استطلاع.
وعندما انطلقت تظاهرة 8 آذار 2005 أطلق الأمين العام لـ'حزب الله' السيد حسن نصرالله عبارته الشهيرة Zoom in – zoom oascii117t للدلالة الى الحشد الجماهيري، فكان التحدي الذي تجسد جماهير 'مليونية' لا تحتاج الى Zoom in – zoom oascii117t في 14 آذار 2005. وانطلقت عجلة التنافس 'المليوني' حتى صارت كل تظاهرة تضم مليوناً أو أكثر في بلد الثلاثة أو الأربعة ملايين.
في الأمس القريب شاهدنا في ميدان التحرير مليوناً، أو أكثر على ما قيل، في بلد الثمانين مليون مصري، (والرقم الى ازدياد مع اشراقة كل شمس، ومعه الجوع والفقر طبعاً)، وأمس في وسط دمشق أيضاً تظاهرة 'مليونية' دعماً للرئيس السوري بشار الأسد.
كلها ساحات لا تتسع ربما للملايين التي 'نحركها' ونفرح بالكذبة البيضاء، التي نطلقها حيناً ونروج لها أحياناً، ارضاء لهذا الزعيم أو ذاك.
في الواقع لا تحتاج المطالب المحقة الى ملايين، ولا ضرورة لهؤلاء لتطبيق الديموقراطية واعطاء دفعة بل دفعات من الحرية، واحترام حقوق الانسان في التعبير والإنتماء والحركة... لا تحتاج الى ذلك في دول العالم المتقدم، لكن الأنظمة التوتاليتارية تحتاج الى ملايين جماهيرية لدعمها، ولو بالريموت كونترول، وتحتاج الى الملايين نفسها لإسقاطها.
وئام وهاب والمال الحلال
قرأت في جريدة 'التمدن' الطرابلسية كلاماً منقولاً عن الوزير السابق وئام وهاب رئيس حزب التوحيد العربي يقول فيه 'شو بيدعمني الحزب. حزب الله بيعطيني كل شهر 30 ألف دولار... وشو بدو يعمل هالمبلغ... أنا عندي مصاريف كتيرة. صحيح أعطاني الحزب عدداً من العناصر لحراستي ولمرافقتي وعددهم لا يكفي، لم يصل العدد الى 40 عنصراً'.
انتهى الإقتباس وبدأت الحكاية. لا ينكر أحد وجود التمويل السياسي، لكن أحداً أيضاً في لبنان لا يعترف به، ولا يعلنه الى الملأ، لأن كل جهة أو حزب أو فرد لا يدفع بالمجان، بل هو يطلب مقابلاً لكل فلس أو دولار، أو حتى بالعملة الإيرانية غير المتداولة محلياً (ريال إيراني).
تحدث الوزير السابق عن الدعم والتمويل الجزئي الذي لا يكفيه، لكنه لم يتطرق الى الجزء الآخر الذي يساعده في سد حاجاته، وعائلته، ومرافقيه، ومناصريه، وفي تمويل المشاريع التي يرعاها أو يقوم بها.
قد لا يكون الطلب اليه الإقرار بمصدر التمويل، أو لنقل المصادر، مبرراً، اذ لم يفصح حزب سياسي يوماً عن المال المتأتي اليه من غير جهة. وفي هذا المجال يصبح وهاب متقدماً غيره.
لكن السؤال الذي يطرح هنا هو عن مضمون كلام وهاب، وشنه غير هجوم على العديد من الزعماء والشخصيات والأطراف، فبعدما كان الكثيرون يعتبرون انه رسائل سورية، يأتي الإقرار بالتمويل ليطرح التساؤل عن دور 'حزب الله' في اطلاق وهاب التهم والمواقف المتشنجة تجاه شركاء آخرين في الوطن؟ والى أي مدى يتحمل الحزب هذه المسؤولية، أم انه يرى في التمويل عملاً خيرياً؟
سألت مرة أحد مسؤولي الحزب عن تمويل احدى المؤسسات فأجاب 'ان الشرع لا يجيز لنا ذلك لأنها لا تتبع القواعد الشرعية، وبالتالي لا يمكن للسياسة ان تشرّع ما هو غير جائز شرعاً'.
عندما قرأت الخبر، مفترضاً انه صحيح، تساءلت هل ان الوزير السابق وئام وهاب يمضي في حياته ومواقفه وفق القواعد الشرعية؟!
الخليج العربي بلا شيعة؟
هل درّب 'حزب الله' حقاً عناصر بحرينية، لبنانية أو فلسطينية، لتقوم في مملكة البحرين بأعمال 'شغب' دعماً لإنتفاضة الشيعة البحرينيين على السلطة السنية الحاكمة؟
الجواب محسوم لدى السلطات، وثمة من يقول ان الأدلة ثابتة، وان الأجهزة الأمنية ستكشف عن المعلومات والمعطيات في الوقت المناسب. وفي تقرير استخباراتي ان 'لدى الأجهزة البحرينية عشرات الأسماء من رؤساء كوادر قتالية واستخباراتية أو تجار في 'حزب الله'، وقفوا وراء المتظاهرين الشيعة، وهاجموا مؤسسات حكومية ومواقع أمنية وأحرقوها، وهم يتلقون أوامر مباشرة من الحرس الثوري الإيراني'.
وليس بعيداً من البحرين، تحرك آخر للشيعة السعوديين، واجراءات امارتية منعت عدداً من الشيعة اللبنانيين من تجديد اقامتهم في الإمارات السبع، وبالتالي صار لزاماً عليهم العودة الى مسقطهم مع عائلاتهم. والى السعودية حيث تزداد اجراءات السفر للشيعة تعقيداً، بل تكاد تصير مستحيلة. أما البحرين فالمكتوب يقرأ من عنوانه، وقد أدى اتهام الشيعة الى الإضرار بكل اللبنانيين، ومنعهم عن السفر اليها، بل والغاء الرحلات بين البلدين.
هذا الوضع يعني، في شكل أو آخر، تحول الخليج العربي منطقة شبه خالية من الشيعة اللبنانيين، وبالتالي تعطل مصالح هؤلاء، ومعهم تراجع الإقتصاد الوطني اللبناني، لأن خسارة فرص الإستثمار وفرص العمل، اضافة الى ضياع استثمارات تخص لبنانيين في مصر وليبيا، ستنعكس حتماً على مجمل الإقتصاد اللبناني المنكوب أصلاً.
فهل من يتحرك سريعاً، في الدولة فيطلب، الى من يلزم، الصمت؟ والى من يلزم، عدم التدخل؟ والى من يلزم، القيام بإتصالات واجراءات؟ أم ان كل واحد يرمي الكرة الى مرمى الآخر؟ بالتأكيد ما يظهر حتى الآن يظهر بوضوح عدم تحمل المسؤوليات الجسام.
ـ 'اللواء'
في الداخل كما في الخارج: هكذا يُحاصر 'حزب الله' نفسه شعبياً!
فادي شامية:
لا يملك المراقب لأداء <حزب الله> هذه الأيام، إلا أن يتعجب من إصراره على ارتكاب الأخطاء القاتلة؛ التي يحاصر بها نفسه شعبياً، في الداخل والخارج&bascii117ll;
داخلياً
في الداخل؛ أطاح الحزب بحكومة الرئيس سعد الحريري؛ مهللاً لنصر لم تظهر معالمه بعد، خصوصاً مع استمرار عقد تأليف الحكومة بين قوى الفريق الواحد، واختلاف حسابات كل منهم وسط مخاوف جدية من طبيعة المرحلة القادمة، إضافة إلى تزايد الالتفاف الشعبي حول الرئيس سعد الحريري ورموز 14 آذار المسيحيين؛ كما ظهّرته الحشود في كل من بيروت وطرابلس، وسقوط الرهان ?الذي روّج له الحزب كثيراً- على اهتزاز علاقة الحريري بالمملكة السعودية (جاء الرد السعودي على عكس الأماني قطعاً للعلاقة مع وليد جنبلاط واهتزازها -على الأقل- مع محمد الصفدي)&bascii117ll;
يبدو واضحاً اليوم أن إخراج الحريري من رئاسة الحكومة قد حررّه من أعباء ومسؤوليات كانت تستنزف رصيده الشعبي يومياً، وأن النزف قد انتقل فعلياً إلى الحزب وحلفائه؛ إذ لا هو قادر على تحمل نتائج <حكومة مواجهة> ?على الأقل بعض حلفائه القدامى أو الجدد غير مستعد لهذه المجازفة-، ولا هو قابل بتشكيل حكومة تلتزم ببيان وزاري شبيه ببيان حكومة الحريري؛ لا سيما في بند المحكمة، فيما حليفه ميشال عون يريدها <حكومة انتقامية>، بما في ذلك اتخاذها قرارات؛ يرجَّح أن تضع لبنان على شفير فتنة كبرى (إقالات في الإدارات العامة والأجهزة الأمنية مثلاً)&bascii117ll;
حزب الله> لم يحقق تقدماً في ملف المحكمة، منذ أكثر من شهرين على إسقاطه حكومة الحريري، رداً على صدور القرار الاتهامي؛ بل ازداد الشك الشعبي حوله؛ جراء انسحابه من حكومة ائتلافية للمرة الثالثة على التوالي من أجل الموضوع نفسه (مرتين في حكومتي السنيورة، ومرة في حكومة الحريري)&bascii117ll; كما لا يبدو أن وضعه اليوم أقوى في مواجهة المحكمة، لأن الأساس في حماية المحكمة هو التأييد الشعبي لها قبل أي شيء آخر، فيما الواضح أن عصب الحركة التي أتت بالمحكمة بات أقوى، وأن ما كان يحاذر الحريري -وقوى 14 آذار- قوله في زمن الوساطة السورية- السعودية تغيّر اليوم&bascii117ll;
في ملف السلاح وضعُ الحزب أصعب؛ فبسقوط حكومة الرئيس الحريري سقطت لدى قوى 14 آذار ثلاثية: <الجيش والشعب والمقاومة>، ووصل الأمر ?للمرة الأولى بهذا الوضوح- إلى حد رفض السلاح كله؛ دون فصل بين سلاح الداخل وسلاح المقاومة، على أساس أن المقاومة يجب أن تكون تحت إمرة الدولة، وتالياً فإن سلاحها يجب أن تكون إمرته للدولة وحدها، ولو بقي في مخازنه&bascii117ll; صحيح أن هذا التصور غير قابل للتطبيق اليوم، لكن النظر إليه من باب صناعة الرأي العام وحشده وتصعيده؛ لا يبدو أنه في صالح الحزب، لا الآن ولا مستقبلاً&bascii117ll;
ما سبق كله يرتبط بقرار <خاطئ> -كما يبدو حتى الآن-؛ اتخذه الحزب بإسقاطه حكومة الحريري (يعتقد <حزب الله> أن النتائج العكسية الظاهرة لهذا القرار قابلة للتغيير حالما تتشكل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي)، لكن الأمر لم يقتصر على ذلك؛ ففي مرحلة الاشتباك السياسي المتصاعد منذ إسقاط حكومة الحريري، وقع الحزب في أخطاء تكتيكية كثيرة؛ لعل أبرزها اعتماده ورعايته لفصيلة من الشتامين، الذين تناولوا خصومهم، ولا سيما الرئيس سعد الحريري، بكلمات غير سياسية، ما ولّد حالة تعاطف مع الشخصيات المشتومة؛ أعاق الدعاية السياسية الموجهة لهذا الجمهور من أن تصل إليه&bascii117ll;
الأبرز في هذه الصفحة؛ كان انفلات عقال أبرز عناصر فصيلة الشتّامين، بفعل شعوره بالقوة، -استناداً إلى سلاح <حزب الله>- ما أوقعه بكلمات تتعلق بإحدى الفرائض الدينية، <قلبت عليه الدنيا>&bascii117ll; ولأن <حزب الله>، لا يمكنه أن يتنصل من رعايته لهذه الفصيلة، فقد تحمّل ?بالتضامن- نتائجها السلبية عليه&bascii117ll;
غير أن الحزب زاد على الخطأ خطأً؛ إذ بدا بعد نحو أسبوع على وصفه وئام وهاب بأنه صاحب <موقع وطني>?في البيان نفسه الذي رفض فيه تعرض وهاب للحجاب-؛ بدا كمن يريد إعادة تلميعه والمرور ببساطة على ما جرى؛ فعرض مهرجاناً لوهاب أطلق فيه الأخير مزيداً من الشتائم في وجه الرئيس الحريري، مصحوبة بزخات من الرصاص بين كل جملة وأخرى، معطياً بذلك كل من يرفض سلاح الحزب حجةً إضافية؛ إذ كيف لمن يريد إقناع الناس بموقفه من السلاح، وبأنه موجه للعدو الإسرائيلي حصراً، وبأنه لا يُستعمل في الداخل، كيف له أن يقدّم هذا النموذج!، وكيف لحزب يرتبط اسمه بالله، ويرفع شعار <أشرف وأطهر الناس> أن يرعى من يطلق أسوء مفردات الشتيمة السياسية! (أقر وئام وهاب في مقابلة تلفزيونية في شهر كانون أول الماضي بأن <حزب الله> هو الذي يقدم الدعم المالي له ولمسلحيه)&bascii117ll;
خارجياً
خارجياً؛ تبدو أخطاء <حزب الله> أكثر فداحة، على اعتبار أن الفرز الداخلي لا يسمح بتغيير كبير في موازين القوى ولو حدثت أخطاء، لكن على الصعيد الخارجي فإن آثار الأخطاء الإستراتيجية أكثر تأثيراً&bascii117ll;
مع بداية الثورات العربية في تونس وانتقالها إلى مصر؛ جنّد <حزب الله> آلته الإعلامية <دعماً> لشباب الثورة على حكم الرئيس مبارك -بالتوازي مع استثمار داخلي مفاده أن رحيل مبارك يعني قرب رحيل حلفائه في لبنان-، لكن إصرار الحزب على إقحام الثورة الخمينية عام 1979 بثورة 25 يناير المصرية، أحدث نقزة عند أبناء الثورة قبل غيرهم؛ فكانت سلسلة ردود ?رسائل أبرزها: إعلان <الإخوان المسلمين> أن ثورة شباب مصر <ليست ثورة إسلامية> ?رداً منهم على الإمام الخامنئي-، وإعلان شباب الثورة أنهم براء من وجود أشخاص مرتبطين بالخارج <ولديهم مطالب فئوية>، ثم إهدائهم روح ثورتهم إلى <الثورة الخضراء> في إيران!، فضلاً عن دعوتهم الصريحة <ترك ثورة مصر لشباب مصر>&bascii117ll; وهكذا بدل أن يتعزز حضور <حزب الله> بسقوط الرئيس مبارك، خلّفت طريقة دعمه للثورة في مصر استياءً شعبياً؛ تعكسه اليوم أغاني الثورة وأناشيدها&bascii117ll;
<الخطأ الإستراتيجي> الثاني جاء على خلفية وضع <حزب الله> ثقله -بما في ذلك أمينه العام- وراء ما يسميه ثورة في البحرين&bascii117ll;
إشكالية هذا الموقف على <حزب الله>، -ومن دون الغوص في تحليل أو توصيف ما يجري في البحرين- أن الشارع الخليجي كله لا يرى وجود <ثورة> في البحرين، بل <فتنة> مذهبية ?سواء عن حق أو غير حق- وعليه؛ فإن انغماس الحزب بقوة في دعم المحتجين هناك؛ يسبغ ?وقد أسبغ بالفعل- على إعلامه وسياسته الصفة المذهبية، التي حرص سنوات على إخفائها في مخاطبته الشعوب العربية&bascii117ll; وقد خلّف الاستياء من موقف الحزب ووصفه، <قوات درع الجزيرة> التي دخلت إلى البحرين -بطلب منها- <قوات احتلال>، إلى ظهور كتابات ومواقف سلبية تجاهه بشكل غير مسبوق من الحدة والتوثيق (دوره في البحرين وباقي دول الخليج على سبيل المثال)، بما في ذلك مقالات ومواقف في صحف قطرية، عُرفت دوماً بـ>تفهّم> مواقفه في السابق(اتهام السيد نصر الله في مقال في صحيفة الوطن القطرية بتاريخ 26/3/2011 بأنه أصبح <بطل مسلسل الكذب والتدليس والتزييف> مثلاً)&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll; ولا يخفى أن هذه السياسة قد جرّت أيضاً مآسٍ على اللبنانيين المقيمين في الخليج على وجه العموم، والشيعة منهم على وجه الخصوص&bascii117ll;
أما <الخطأ الإستراتيجي> الثالث فهو استعداء <حزب الله> للشعب السوري -الذي عُرف بتعاطفه مع الحزب- من خلال تحوّل إعلام الحزب والإعلام الحليف، إلى جزء من الإعلام الرسمي السوري، في لحظة تتعاظم فيها النقمة على عدم موضوعية هذا الإعلام داخل سورية نفسها، إضافة إلى تجاهل السيد نصر الله الحدث السوري في مهرجان <دعم الثورات العربية>، وصولاً إلى دفاع قيادات ونواب في <كتلة الوفاء للمقاومة> عن النظام في دمشق، أكثر من دفاع النظام عن نفسه، الأمر الذي وسّع النقمة لدى المحتجين في سوريا، لتشمل <حزب الله> أيضاً، وقد بدا هذا واضحاً في بعض الهتافات واللافتات، وفي سرعة قبول الناس في درعا الأخبار -غير المؤكدة حتى الآن- عن وجود عناصر من الحزب تساعد النظام على قمع الاحتجاجات&bascii117ll; (هذا عدا أنه يقحم أطرافاً لبنانية فيما يجري في سوريا، من خلال ترويجه أنباء غير صحيحة، وفق ما نقل الإعلام السوري نفسه)&bascii117ll;
بحصيلة هذه الأخطاء الإستراتيجية؛ مضافاً إليها اهتزاز علاقته المتزايد بـ <الإخوان المسلمين> في العالم، يبدو <حزب الله> كمن يحاصر نفسه، ليس رسمياً -كما كان الحال في السابق-، بل شعبياً هذه المرة، ومن منطقة تمتد من شمال إفريقيا إلى شمال شرق آسيا، مروراً بالخليج العربي&bascii117ll; الأغرب في ذلك كله؛ أن إعلام <حزب الله> يقارب الملفات الداخلية والداخلية من منطق الانتصارات <الإلهية> فيعتبر الحصار فتحاً، والنكسة انتصاراً!&bascii117ll;
ـ 'النهار'
الاتهامات لأفرقاء لبنانيين افتقرت إلى الصدى السياسي
محاولات لنقل الأزمة السورية إلى الصراعات الداخلية
روزانا بومنصف:
بدت الساحة الداخلية في لبنان معنية بخطاب الرئيس السوري بشار الاسد لاستيعاب حركة الاحتجاجات في سوريا كمؤشر على الاتجاهات التي ينوي سلوكها في المدى المنظور انطلاقا من ان لبنان هو ابرز الاماكن التي يمكن ان تتأثر بالتطورات السورية فضلا عن اعادة وضع سوريا يدها على القرار اللبناني وتحرك حلفائها في اتجاه محاولة شد ازر الرئيس السوري انطلاقا من لبنان واستهداف خصومه فيه. وقد رأى كثر حملة 'حزب الله' على تيار المستقبل في هذا السياق بحيث استفاد من رفع شعارات ضد الرئيس سعد الحريري بالتزامن مع دعم الرئيس السوري في تظاهرة دمشق بما يمكن ان يوظفها الحزب وحلفاؤه في معركتهم الداخلية ضد خصومهم وسط مؤشرين: احدهما تحويل الانظار عما يطاول الحزب من اتهامات من جانب دول الخليج على دوره في تحريض المعارضة البحرينية في شكل خاص بالاستناد الى ما ورد في كلام الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله. والثاني استكمال الحملة التخوينية التي كانت بدأت ضد قوى 14 اذار في موضوع حرب تموز والاستناد الى وثائق ويكيليكس من اجل دعم هذا المنطق على طريق الاعداد لمواجهة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. واتت الحملة على احد أفرقاء 14 اذار في موضوع سوريا كجزء من هذه الحملة التخوينية التي تطاول جارة للبنان محورية واساسية في مصيره علما ان كثرا يرون في هذه الحملة هدفا اوسع مدى يدخل في اطار التحضير للمرحلة المقبلة في اطار الاستراتيجية الجديدة لمقاربة الحزب الوضع صعب واضافة بعد جديد الى طابع التخوين هو التآمر.
وفي حين انشغل البعض في تقويم ما اذا كانت هذه الحملة هي بهدف نقل الازمة السورية الى لبنان من حيث اظهار لبنان ساحة سهلة للتفجر في حال لحق بالنظام السوري اي خطر وتاليا توجيه انذار ضمني الى الدول المعنية بعدم اللعب على وتر التدخل لمصلحة المعارضين في سوريا، تتبع آخرون ما سيرد على لسان الرئيس السوري في هذا الاطار والى من سيوجه الاتهامات حول الاضطربات في سوريا علما ان مصادر معنية استبعدت اعتماده المنطق الذي يعتمده الحزب لان الامور متى وصلت الى موضوع طائفي يمكن ان يشتعل فان المسألة تتم لملمتها على ما حصل في موضوع دعم الرئيس السوري التحرك الخليجي وتحديدا السعودي في اتجاه البحرين على غير ما ذهبت اليه كل من ايران و'حزب الله' في هذا الصدد. وهو الامر الذي قابله الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز تجاه الرئيس السوري في دعم سوريا داخل سوريا. ولم يتطرق الرئيس السوري فعلا في خطابه الى هذه الاتهامات التي ترد على السنة بعض حلفائه في لبنان ولو انه يمكن ان يضع تحت عبارة 'المتآمرين' التي اوردها في خطابه كل من يرى انه في المقلب الآخر لنظامه أكان في سوريا او خارجها. انما الانطباع العام ان التحركات السورية تغذي السعي الداخلي في لبنان الى توظيفها في الاتجاه الذي لا يخدم فقط دفع لبنان الى اتخاذ موقف داعم للنظام السوري تحت طائل التخوين او التآمر بل ايضا توظيف هذه المسألة في اطار المصلحة المباشرة للحزب.
- 'المستقبل'
الواقع الداخلي للسلاح والهروب إلى الأمام
أسد عيسى:
بعد عودة فريق 14 آذار إلى 'الجذور' أي إلى الأهداف الأساسية التي من أجلها نشأت هذه الحركية في ظل النكسات المتتالية التي طاولتها بفضل سياسة 'خذ وطالب' التي اتبعها فريق 8 آذار، أي فريق الأكثرية الجديدة، وبعد خروج 14 آذار من المنطقة الرمادية التي عاشت فيها خلال 5 سنوات تحت عنوان الحفاظ على الوطن وعلى الوفاق الداخلي بين أطرافه، وبعد أن تصدرت 'مسألة السلاح' عنوان تحركات واهتمامات فرق الأقلية الجديدة بات من الملح والضروري التمعن بالعناوين الداخلية التالية:
اولاً: عدد المشاركين في ذكرى 14 آذار هذه السنة فاق توقعات كل اللبنانيين لأي طرف انتموا وهذا العدد بالذات في دولة يبلغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة أدى إلى اسقاط أنظمة عربية قوية في دول يبلغ عدد سكانها عشرات الأضعاف. وهذه ظاهرة لا تمر مرور الكرام في دول تحترم الديموقراطية خاصة في بلد كان ولا يزال منارة للديموقراطية في هذا الشرق.
ثانياً: ان التأخير في تشكيل الحكومة المرتقبة بعد اعلان 14 آذار عدم المشاركة فيها، يثبت صوابية هذا الضغط الجماهيري من جهة، ويثبت مدى الشرخ الكبير الذي يطال أطراف 8 آذار ومدى ارتباطهم بمصالح شخصية بعيدة عن مصالح الوطن والمواطن، كما يثبت ارتباط الأكثرية الجديدة بمصالح خارجية لم تعط الضوء الأخضر بعد لتأليف هذه الحكومة وفض الخلافات بين مكوناتها الجديدة.
ثالثاً: ان الاتهامات التي يسوقها 'موقع ويكيليكس' بحق بعض القادة اللبنانيين وبعض النظر عن اتجاهاتهم السياسية ومواقعهم وعن مصداقية هذه الاتهامات توحي بأن السلاح بات يشكل تهديداً ليس للخصم السياسي بل للحليف ايضاً حسب ويكيليس وان استمراره دون قيد أو شرط ودون رقيب وحسيب قد يؤدي إلى ننائج لا تحمد عقباها.
رابعاً: ان التنوع الطائفي الذي يشكل النسيج الوطني (18 طائفة) ووجود السلاح في يد طائفة واحدة فقط يجعل مصير الطوائف الأخرى في مهب الريح وينزع عنه الصبغة الوطنية الشاملة وقد يؤدي عاجلاً أو آجلاً الى تسلح أو اقله إلى محاولات تسلح لدى الطوائف الأخرى من منطلق الأمن الذاتي خاصة وان الطرف المسلح هذا ومنذ العام 2006 غير وجهة استعمال سلاحه وبات همه الوحيد تحقيق مكاسب داخلية متناسباً الهدف الأساسي الذي من اجله وجد هذا السلاح.
خامساً: ان تاريخ لبنان يثبت للمرة الألف ان لبنان يحكم بكل مكوناته فلم تفلح على مر السنين لا المارونية السياسسية ولا السنية السياسية بحكم هذا البلد وكلفنا ذلك حروباً أهلية ودماء وشهداء. فلماذا نجرّب اليوم وبقوة السلاح زج الشيعية السياسية في هذا المغطس وفي ظل هذه التقلبات الاقليمية المحيطة.
سادساً: ان المنطق العام لبناء الدول يحتم وجود دولة واحدة وجيش واحد وقرار سياسي واحد، والا تسود شريعة الغاب، ولا يحق حسب هذا النمط لأي طرف ان يحمل سلاحاً خارج السلاح الشرعي ويكون جزءاً من حكومة هذا البلد وان يتخذ قرارات ومواقف سياسية أحادية تضع هيبة الدولة وسياساتها العامة في مواقف حرجة وعداوات مع دول تربطنا بها منذ عشرات السنين روابط الفة وتعاون سياسي واقتصادي وقد تؤدي هذه المواقف الأحادية باسم شعب لبنان إلى نكسات اقتصادية تزيد من مشاكلنا المتفاقمة.
لكل هذه الأسباب ولأسباب اقليمية أخرى اهمها الثورات المتزايدة في دول دعمت وما زالت تدعم خط 8 آذار، على حزب الله وحلفائه اعادة النظر بمواقفهم المرتبطة ببقاء السلاح ووجهة وقرار استعماله والتنازل عن استثمار فائض القوة هذا، والدخول مع الشريك الآخر في الوطن الذي هو أقرب اليه من شريكه الاقليمي بحوار حقيقي عبر المؤسسات أو عبر الالتزام الحقيقي والواضع بطاولة الحوار التي فشلت سابقاً والمبادئ الوطنية ليعود قرار الحرب والسلم والقرار السياسي إلى الدولة اللبنانية فقط، لأن السياسة المتبعة حالياً هي بمثابة الهروب إلى الأمام والقفز في المجهول وحروبنا الأهلية تشدد على ذلك.
ـ 'الشرق الأوسط'
الشيخ خالد: المشكلة طائفية
عبد الرحمن الراشد:
أختلف مع ما قاله الشيخ خالد الخليفة، وزير الخارجية البحريني، في حديثه للزميلة &laqascii117o;الحياة" حول المشكلة في بلاده، وأنها مسألة طائفية بين السنة والشيعة وليست مشكلة بين الحكم والمعارضة.
واختلافي ليس في الاستنتاج، بل في نبرته اليائسة. ومع أنني أصدق بصحة قراءته للحظة الراهنة، وهو تعبير صريح غير مألوف من الدبلوماسي الأول في البحرين، فإنني لا أتفق مع التخلي عن معالجة المسألة، لأنها خلاف تاريخي بين طائفتين وليست مسؤولية الحكومة. فأنا أعتقد أن الأزمة البحرينية اتسعت طائفيا فقط في الفصل الأخير من الخلاف بين الحكومة والموالاة من جهة، والمعارضة من جهة أخرى. فبعد أن ازدادت حدة المعارضة سياسيا ارتفع حجم الاهتمام الخارجي طائفيا. ولهذا السبب، أي الطائفية المستوردة، لا تستطيع الحكومة أن تنأى بنفسها، بحجة أنها مشكلة طائفية، أو كما قال الشيخ خالد، إنه احتقان قائم منذ ألف وأربعمائة عام، ولم يخلق أصلا في البحرين.
إن تسخير الدين أو الطائفية، كما تفعل القاعدة السنية، أو الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني في البحرين، ليس جديدا، بل دائما كان جزءا من أدوات الصراع السياسي في المنطقة، وسيظل وسيلة سهلة لممارسة الضغوط وشن الحروب، وليس هذا باكتشاف جديد، كما يعرف كل المهتمين بالشأن السياسي في تاريخ المنطقة للعقود الثلاثة الماضية. السؤال ما الذي تستطيع أن تفعله الدولة لمحاربة الطائفية؟ فهي لا تستطيع أن تترك سكانها رهينة التخندق السني – الشيعي وهي تتفرج، معلنة أنه صراع تاريخي عمره أربعة عشر قرنا. البحرين، ككل الدول التي تواجه الانقسام الديني أو المذهبي، مطالبة بأن تكون طرفا في محاربته، لأنها لن تفلح في تحقيق السلم الأهلي بوجود بؤر توتر، سواء من صناعة محلية أو مستوردة من الخارج.
الحكومة البحرينية قادرة على استيعاب غالبية مواطنيها الشيعة، إن لم يكن ممكنا إرضاء الجميع، ويتأتى ذلك بالحوار والتواصل والحلول السلمية من سياسية ومعيشية. بالتأكيد هناك فرقة مخطوفة من قبل حزب الله وإيران يسهل جدا الإشارة إلى رموزها التي لا تستحي من التواصل مع الخارج في شأن بلادها (البحرين)، لكنها ليست كل الشيعة ولا كل البحرين. وأنا أعتقد أن حزب الله وإيران نجحا في سنين التوتر الإقليمي الماضية والمستمرة في إيهام الكثير بأن ولاء الشيعة للخارج الشيعي لا للوطن. والحقيقة أن الكثير من القوى الشيعية المثقفة والفاعلة تعرضت لاضطهاد من قبل الجماعات الشيعية المتطرفة، كما هي الحال مع الجماعات السنية المثقفة التي تضطهد من قبل الجماعات المتطرفة في محيطها. تم إبعاد قيادات الشيعة المعتدلة تحت عناوين مختلفة، من بينها المقاومة، كما في لبنان، أو الدفاع عن الطائفة المحرومة. وارتبطت الرعاية المعيشية والإنسانية والموقف السياسي العنيف في ذهن الإنسان الشيعي العادي بجماعات إيران وبمواقفها المعادية للقوى المحلية الأخرى شيعية كانت أو غيرها.
وما كان للاستخدام الطائفي من قبل إيران أو وكلائها على الأرض أن يثمر لو أن قنوات الحوار فعالة، ودعم القوى الشيعية الوطنية مستمر، مع أنني لا أستطيع أن أتجاهل أن البحرين من أكثر الدول العربية، لا الخليجية فقط، التي حثت القوى الشيعية المعارضة على العمل السياسي داخل السلطة، وفي المعارضة الشرعية أيضا. ولأنه موضوع يطول الحديث فيه، فيمكن أن أختصره بالقول: لا يمكن ترك النزاع الطائفي المولود من جراء اختلاف وتحريض سياسي لذاته، فيعالج نفسه أو يواجه بعضه، هذا تفكير خطير خاصة من جانب الدولة المعنية بالدرجة الأولى بلم الجميع تحت خيمتها، وتبني برامج حوار وطني هدفه ترشيد الفكر السياسي وإشراك الجميع. هذا ثمن الحرية في بداية تطبيقاتها، ظهور الأمراض الطائفية والمناطقية والقبلية والفكرية. والبحرين بلد عرف التعايش السلمي عهودا طويلة ولا يعقل أن يترك ضحية للفكر الطائفي.
ـ 'الجمهورية'
الشريف عميل... المتعامل حاكم!
فادي عيد:
أشار أكثر من مرجع سياسي - قانوني الى ان ما يتناوله بعض السياسيين والاعلاميين في الأيام الأخيرة الماضية، حول محاكمة وزراء ورؤساء وفقا للمتابعات المعروفة باسم 'ويكيليكس'، ليس بالمادة الصالحة للركون اليها، وفقا لقواعد الإثبات والادّعاء، اذا لم يضف إليها بعض الاشارات ذات الصلة، والتي تنطلق من موقعين: أولهما قانوني دولي ويرتبط بوثائق تابعة ومسرّبة من مرجع رسمي لدولة غير لبنان، اي الولايات المتحدة الاميركية ووزارة خارجيتها؛ وثانيهما امكان استقدام شهود الى لبنان معنيين بهذه القضية، لأن ما قيل لا يحمل في طياته منطقا 'خيانيا' للوطن وفقا للدستور، ولا منطقا تعاونيا مع عدو كذلك، انما يحمل ما اكتنفته تلك المرحلة من مسؤوليات جسيمة على 'لو كنت أعلم' ومسؤوليات اكبر على دمار لم يؤدّ واقعيا الى نتيجة، بل زاد انغماس لبنان في ملفّات وقضايا إقليمية هو اكثر ما يكون بغنى عنها، بل على العكس شكلت له وعليه رافدا من روافد جرّه الى القبضة الخارجية مجددا، والتي تبدأ بسوريا، لكنّها لا تنتهي في ايران.
وهذا ما يعكس الارتباك الحاصل في صفوف 'الأكثرية بالقوة'، كما وصفتها المراجع، والتي لا تنفك تتوعد 'الأكثرية الشرعية'، أي اقلية اليوم، بأن تقاضيها وتجرّها الى السجون بتهمة الخيانة وامور اخرى... ولم يكن موقف الشيخ نبيل قاووق أمس الأول إلا في هذا السياق، ولا الحملات المرتبكة التي يقودها بعض الشاشات والمواقع الإلكترونية الا لتؤكد أهمية انزال مستوى التخاطب السياسي الى الإسفاف الحاد، واعلاء شأن السوقية السياسية إن في الخطاب الاعلامي او في سوق الاتهامات التي تجعل من الشريف عميلا، ومن المتعامل والمتواطىء والمستكبر حاكما ومُحاكِما... ومستضعفا.واكّدت المصادر، بما لا يقبل الشك، ان الإحراج الذي تعيشه قوى 8 آذار يكمن أساسا في حلفائها الجدد، أي جبهة النضال الوطني التي يرأسها وليد جنبلاط، الذي كان خطابه الويكيليكسي من أقسى الخطابات في مواجهة حزب الله، ومن دون اي منازع. من هنا طرحت المراجع مجموعة اسئلة قد تضع حدا لمهاترة الإفراط في القوة واعادة الامور الى نصابها القويم:
1- هل يستطيع احد من هؤلاء مقاضاة وليد جنبلاط على أنه عميل؟
2- هل يستطيع حزب الله أن يقترب من مزارع شبعا - مبرروجود سلاحه - بعد تموز2006؟
3- هل إن اللبنانيين ملزمون الموافقة على مشيئة الحزب في إقرار السلم أو المفاوضة كدولة مع إسرائيل أو إعلان الحرب من دون العودة اليهم وإلى مؤسساتهم الدستورية التي، وفي الحد الأدنى، اختاروها لتمثيلهم؟
4- ألا يحق للبنانيين أن يختاروا سلاح الدولة ويرفضوا أي سلاح آخر سواه؟
وختمت المراجع السياسية - القانونية بالقول: لو أعادت هذه القوى النظر في الخطأ - الخطيئة الذي اقدمت عليه، بإسقاط الحكومة سواء في الشكل، الخارج عن كل اصول الوحدة واللياقة التي اشتهر بها اللبنانيون حتى في أزمنة الحرب، او في المضمون الذي ادى الى انتاج ثلاثة عوامل ضاغطة ومعطّلة، اولها تعيين رئيس حكومة خلافا للأكثرية 'السنّية'، وثانيها فقدان مقومات حكومة الوحدة الوطنية، وثالثها دفع لبنان الى الاستعانة بالخارج الى الحدود القصوى، ومحاولة تعطيل موقع الرئاسة الأولى.
هذه الأسباب وسواها، لن تؤمن للفريق الحاكم اليوم هامشا كافيا للمناورة والتهرب من استحقاقات داهمة سياسية وقضائية ومعيشية بامتياز وكذلك اقليمية، وهو يعجز عن مواجهتها، بل يلهي الناس بادعاءات قضائية وتخوين زائف، هدفه التعمية وكسب الوقت الضائع... أصلا.
- الجمهورية'
تأثير سوريا يضعف وخلاف مع حزب الله على شكل الحكومة وبيانها
دنيز رحمه فخري:
يبدو أن سوريا لم تعد تحتفظ بعصاها السحرية التي كانت تستخدمها في لبنان. هذا ما يردّده قيادي بارز في قوى 14 من آذار، مستندا بذلك الى أكثر من واقعة وحقيقة شهدتها، ولا تزال، المرحلة الماضية. ولعلّ أبرزها، بحسب ما يقول القيادي: استمرار تعثّر ولادة الحكومة الميقاتية، وعدم قدرة 'فريق سوريا' بعد مرور شهرين وأسبوع على حصوله على الأكثرية، الاتفاق على حكومة، وذلك لعدم قدرة سوريا على التدخل كما في السابق.
فقدت دمشق تأثيرها المباشر الفاعل على لبنان والأسباب متعددة.
لا شك في أن سوريا وحزب الله يريدان ولادة الحكومة اليوم قبل الغد، إلا أن لكل منهما نظرته الى شكل هذه الحكومة. فالحزب الذي وضع نفسه في حال الحرب على 'عدوّه' الجديد المتمثل بالمحكمة الدولية، يصرّ على حكومة تكتسب صفة المواجهة وتكون كذلك، إن لناحية الشكل أو لناحية المضمون. أما سوريا فحساباتها مختلفة، هي تريد بالطبع حكومة مؤلّفة من قوى 8 آذار، لكنها تريد أيضا لهذه الحكومة أن تكون مقبولة الى حدّ ماـ وألاّ تضيف الى مشكلاتها مع المجتمع الدولي، في خضّم ما تشهده الشوارع السورية من احتجاجات مشكلة إضافية، وتقترب سوريا في نظرتها إلى الحكومة العتيدة من الصيغة التي اقترحها أخيرا الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، والتي تضمّ المستقلّين والسياسيين معا، ورفضها حزب الله وعون معا.
قام النفوذ السوري في لبنان في السنوات الماضية على نقطتي ارتكاز: الأولى حزب الله وسلاحه، والثانية رئيس التيار الوطني الحر وامتداده المسيحي، وجاءت القوى الداخلية الأخرى مكملّة لهذا المشهد، وإن لم تكن أساسية فيه، كزعيم المردة النائب سليمان فرنجية والرئيس عمر كرامي وغيره من الأطراف الصديقة لسوريا في لبنان. وإذا كانت متانة العلاقة بين الأسد وفرنجية تفرض أسلوبا معيّنا في طريقة التعاطي، إلا أن العلاقة بين سوريا والحزب مختلفة، وهي قائمة على أساس آخر؛ فبالنسبة إلى الحزب، سوريا هي الممرّ الآمن لامداداته العسكرية، فيما هو حاجة لسوريا من دون ان يكون مطواعا في يدها، وعلّة وجوده أبعد من المصالح السورية، وإن كانت تلتقي معها أحيانا. ويمكن فهم طبيعة الارتباط بين دمشق وحزب الله بمجرد استذكار موقف كل منهما من أزمة البحرين.
أما تأثير سوريا في صديق اليوم وعدو الأمس رئيس تكتل التغيير والإصلاح فيبدو مرتبطا أساسا بالعلاقة الاستراتيجية بين حزب الله وعون، وما يصحّ على الحزب يصحّ على زعيم الرابية.
وسط تراجع قدرة سوريا على التغيير في المشهد اللبناني الداخلي، أو تحوّل دورها في أقصى الحدود الى 'أبو ملحم' على حدّ تعبير قيادي بارز في 14 آذار، برز التوجه الجديد الذي عاد به رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط من دمشق، والاتصال الذي أجراه برئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري على وقع موقفه المطالب بالعودة الى هيئة الحوار، وفي السياق نفسه ما تردّد عن فتح القنوات مجددا باتجاه قوى 14 آذار، وهذه الأجواء وضعتها مصادر قيادية في المعارضة الجديدة في اطار 'الوجه' الذي تريد أن تظهر به سوريا الآن أمام المجتمع الدولي كعامل استقرار في لبنان كما في الاردن والعراق، ففي حساباتها التجربة الليبية وتجنب ردة الفعل الدولية القاسية اذا ما استمرت الاحتجاجات الشعبية في شوارعها.
وبعيدا نن العامل السوري الفاقد حاليا قدرة المساعدة، يبقى أن صمود ميقاتي وتمسكه بحقوقه الدستورية مرتبط بمعرفته التامة بأنه حاجة أساسية للأكثرية الجديدة، فإن ذهب، ذهبت معه الأكثرية، وفقد بالتالي فريق 8 آذار الشرعية الأكثرية لمواجهة ما ينتظرنا من استحقاقات مهمة على وقع طبول الثورة في العالم العربي.
ـ 'صدى البلد'
أفول الإسلام السياسي؟
علي الأمين:
هل ثمة تلازم بين نجاح الثورات العربية وانكفاء تنظيم القاعدة واخواته؟
يبرر هذا السؤال تراجع ملحوظ لنشاط تنظيم القاعدة عموما، وغياب تجلياته في الثورات العربية المتنقلة من قطر الى آخر، بشكل خاص. فقد تفوقت القاعدة وتمددت خلال العقد الاخير في العديد من المجتمعات العربية، واظهر اسلوب مواجهتها امنيا وعسكريا انه، هو نفسه، طاقة تمددها وانتشارها ونفوذها.
ويمكن ملاحظة ان هذا التنظيم، الذي يقوده اسامة بن لادن، ليس تنظيما عسكريا مترابطا او هيكلية هرمية لها آليات تواصل من الهرم الى القاعدة وبالعكس، بل هو، على ما اظهرت الوقائع، يكتسب فعاليته وقوته من كونه حالة او تيارا ومناخا سياسيا واجتماعيا افرزه اليأس الذي عاشته المجتمعات العربية، في مواجهة الغطرسة الاميركية والغرب عموما اتجاه قضايا العرب والمسلمين، الى جانب استبداد الانظمة العربية والاسلامية وعجزها عن مواجهة التحديات داخل الدول، كما أنّه كان رغبة في مواجهة استباحة الجيوش الغربية للعالم العربي.
غرف بن لادن من هذا اليأس، واطلق في فضاء العرب والمسلمين صرخة مدوية ومدمرة، تردد صداها في كل البلاد، لكنها لم تكن سوى رد فعل مسكون بالعجز عن مقاربة المجتمعات العربية لما يواجهها من تحديات، بسبب غياب البوصلة التي يمكن من خلالها تلمس طريق نجاتها، أي طريق العبور الى استعادة ثقتها بقدراتها في ظل استبداد داخلي واستباحة خارجية.
اليأس كان المناخ الذي مهد لفكر القاعدة وسلوكها العبثي، وشكلت الظاهرة الانتحارية التي شهدناها في العراق وسواه من الدول العربية والغربية عنوانا يمكن النفاذ من خلاله للقول ان القاعدة كانت ظاهرة انتحارية طاقتها اليأس وافقها العجز عن التغيير بغير قتل الذات.
تراجعت مؤخرا ظاهرة العمليات الانتحارية، حتى في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي. إنكفأت ليس لاسباب تتصل بالاجراءات الاسرائيلية. ففي تفجير حافلة اسرائيلية في القدس المحتلة قبل اسبوع لم يكن فلسطيني هو من فجر نفسه داخل الحافلة، بل عبوة وضعت في الباص من قبل مجهول. وكثيرون انتبهوا بعد هذا التفجير ان العمليات الاستشهادية تراجعت وربما اختفت عن ساحة المواجهة بين الاحتلال الاسرائيلي والفلسطينيين.
وفي مصر، التي تعيش 'ثورة 25 يناير'، ما يستحق القراءة والمتابعة، إذ أسقط المصريون صنم الحزب الواحد، والزعيم الملهم، وحزب الثورة. ولا يبحثون اليوم عن قائد يفدونه بالدم او حزب يوكلون اليه احلامهم الوردية، بل تشغلهم المعايير والقوانين والحرية. هذا ما يتلمسه الاسلاميون وسواهم، وما يجعل حراك الثورة يتسلل الى داخل تنظيم الاخوان المسلمين، ويأخذ وجه صراع الاجيال. لكنه في الحقيقة يعبر عن الروح الجديدة التي بثتها الثورة في جيل شباب الاخوان، الذين يريدون تجديد الحركة ودفعها لمواكبة الثورة في بعدها الديمقراطي، وما يفرضه من انتقال 'الاخوان' من حركة شبه محظورة طيلة عقود طويلة الى حركة سياسية تحظى باعتراف كامل من 'النظام' والمجتمع.
في تونس تعود 'حركة النهضة' بسلاسة وبروح الخبرة التي اكتسبتها قيادتها من التجارب السابقة. خبرة تتمثل في هذا الاقتناع العقيدي بالدولة المدنية، بقيم الديمقراطية وحقوق الانسان. فقد اعلن زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي ان الحركة ليست في وارد خوض المنافسة على رئاسة البلاد.
هكذا لم يعد القبض على السلطة والدعوة الى الدولة الدينية واسلمة الدولة اولويات لدى الحركة الاسلامية في تونس ومصر والعالم العربي عموما. كما ان المجتمعات العربية حسمت الجدل في هذا الشأن قبل ان تحسمه نخب الاسلام السياسي. فقد اختفت المطالبات بقيام الدولة الاسلامية من خطاب هذه الحركات، وعن ادبياتها السياسية والاجتماعية. وهذا بذاته تحول كبير، ويفرض تحد كبير امام الحركات الاسلامية التي باتت محكومة بالانخراط في البحث عن مشروعيتها السياسية والاجتماعية من خارج شعار 'الاسلام هو الحل'.
انها روح التفاؤل والامل التي جعلت المجتمعات العربية اليوم تتلمس امكانية ان تحقق التغيير نحو الافضل. هذه الروح، التي اطلقتها ثورتا مصر وتونس، كانت كفيلة بتهميش خطاب اليأس والحالة الطائفية، ورسخت الشعور بالانتماء الوطني. لذا من الواضح ان رفع شعار 'خطر الفتنة المذهبية او الطائفية' وخطر 'القاعدة' واخطار التدخل الخارجي وتحريم التظاهرات هي أسلحة تستخدمها الانظمة العربية اليوم لحماية الاستبداد.
المجتمعات العربية وضعت الاصبع على جرحها، وتدرك ان مسار التغيير واستعادة الكرامة الوطنية والانسانية، يتطلب الكثير. وهي كذلك اختزنت من تجارب الاستبداد الذي تعيشه ان الحرية ومؤسساتها هي السبيل الى تحقيق الذات والتعبير عنها.
الانظمة العربية اليوم تستنجد بـ'القاعدة' ولا تجدها، وتستنجد بالفتنة وبالعدو ولا تحصل على 'خطرهما. الانظمة العربية اليوم تتساند وتتكاتف لأنها تدرك ان التغيير الديمقراطي في دولة يستدرج تغييرا في دولة مشابهة.
كما قامت 'القاعدة' على أكتاف 'الأنظمة' وأكلت من لحمها الحيّ، تموت اليوم من الجوع، بعد موت بعض الأنظمة ومرض أخرى أمراضا عضال.
إنّه زمن أفول الإسلام السياسي، ولهذا الأفول تداعيات لبنانية. وللبحث تتمة.
ـ 'السفير'
هناك من اعتقد أن التعويض عن سقوط مبارك يكون بإسقاط الأسد
أحداث سوريا انتهت أم أن رهان البعض ما يزال مستمراً؟
نبيل هيثم:
في اللقاء الأخير الذي جمعه مع السيد حسن نصرالله، كان وليد جنبلاط متهيباً وشديد القلق حيال الأحداث التي شهدتها سوريا في الآونة الأخيرة، خاصة ان في ما جرى هناك &laqascii117o;من صنع أياد خبيثة لا يقف عملها عند حدود خلق فتنة مذهبية وإحداث توترات بين فئات الشعب السوري، بل غايتها الشرذمة والتفتيت"، ولطالما حذر جنبلاط &laqascii117o;من سيناريو أميركي ـ إسرائيلي لتفتيت المنطقة"، والأمثلة كثيرة &laqascii117o;تبدأ من العراق ولا تنتهي في ليبيا". ولعل ما فاقم القلق لدى جنبلاط هو تلك الإشارات الخطيرة التي صدرت من لبنان سواء بالاعتداء على العمال السوريين حينما تظاهروا تأييداً للرئيس بشار الاسد، او بما قيل عن محاولات إغراء بعضهم بالقيام بأعمال مناوئة للنظام في سوريا، وكذلك ما حكي عن تدخل مباشر لوجستي ومالي من قبل بعض الجهات اللبنانية، وبعض الامثلة سردها الرئيس الاسد امام رئيس &laqascii117o;تيار المردة" النائب سليمان فرنجية قبل أيام قليلة.
ولكن في المقابل، كان &laqascii117o;السيد" مطمئناً، خاصة أنه بدا وأنه يمتلك معطيات ووقائع وافرة فيما كانت دمشق تطمئن القلقين من الحلفاء وغير الحلفاء &laqascii117o;بأن الوضع تحت السيطرة، ولا داعي للقلق، هناك غيمة وستمرّ".
ويخرج زوار العاصمة السورية بانطباع مفاده أن ثمة مطالب إصلاحية لا تخص فئة أو منطقة سورية بل هي مطالب لكل السوريين، وهو الأمر الذي أعاد الرئيس الأسد تأكيده في خطابه، أمس، لكن تداخل المطالب الإصلاحية مع مشاريع كان يراد لها أن تؤدي الى الفتنة والفوضى جعل الأمور تتخذ منحى مختلفاً خاصة بعد أن أيقنت القيادة السورية أن هناك مؤامرة تتعرّض لها سوريا في هذه المرحلة، وهناك من يدرج ما حصل مؤخراً في سياق حملة الإخضاع التي تعرضت لها سوريا في العام 2005، حينما حاولت المؤامرة ان تنال منها تحت عنوان اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وفشلت تلك المؤامرة التي يبدو انها تتحرّك بالعناصر والأهداف ذاتها، اي اسقاط سوريا في مشروع الفوضى والفتنة بسبب موقفها من المقاومة في لبنان والعراق وفلسطين، وهو الأمر الذي أعاد الرئيس الأسد التأكيد عليه مجدداً، أمس.
يتحدث احد المسؤولين السوريين عما يسميها &laqascii117o;الحقائق المرّة، التي تكشفت خلال احداث درعا واللاذقية، وقام بها مع الاسف من يفترض انهم اشقاء لنا، هناك حبكة متكاملة تقوم على مستويات مختلفة من التدخل، المستوى الاول هو التمويل وهناك اعترافات واضحة في هذا الشأن، والمستوى الثاني من خلال استقدام &laqascii117o;عناصر خارجية" امتزجت بعناصر داخلية وتولت اثارة المخاوف في نفوس المواطنين السوريين في درعا وفي اللاذقية وخاصة في الأخيرة، حيث بدا أن هناك مشروع فتنة يطل برأسه جعل أهل المدينة يتكاتفون بكل طوائفهم وينظمون عمليات حماية ذاتية للأحياء بعدما كادت العناصر الخارجية تشعل الفتنة في المدينة.
يتحدّث المسؤولون السوريون عن إدخال كميات كبيرة من الخطوط الهاتفية المفتوحة مع الأردن خاصة في درعا، بالاضافة الى خطوط اخرى معظمها &laqascii117o;فضائي" يشبه هواتف &laqascii117o;الثريا".
على ان الملاحظة التي يلمسها زوار دمشق هي انحسار الاحداث، او ما يسمونه في سوريا &laqascii117o;العدوان" ضمن منطقتين حدوديتين، من دون ان يتمكن من ان يتغلغل الى داخل العمق السوري، واما الانطباع العام فهو شعور السوريين بشكل عام بأن كرامتهم الوطنية قد جُرحت، ومن هنا جاء الجواب عبر التظاهرات الضخمة التي شهدتها سوريا من اقصاها الى اقصاها تحت عنوان &laqascii117o;الوفاء للوطن"، حيث دلت تلك التظاهرات وكما يقولون في دمشق، على الآتي:
اولاً، ان التظاهرات الكبيرة اظهرت من ناحية ان الحس الوطني لدى الشعب السوري بكل اطيافه ومذاهبه منسوبه عال جداً. واظهرت من ناحية ثانية القاعدة الشعبية العريضة والقوية التي يتمتع بها النظام في سوريا، كما اثبتت ان الشعب السوري يحتفظ بثقة عالية بقيادته التي يجسدها الرئيس بشار الاسد.
ثانياً، ان الشعب السوري وبهذا المشهد الذي تجلى في جميع المحافظات السورية، يؤكد أنه لم يتأثر بالتضليل الإعلامي التي تولّته بعض الفضائيات العربية، وذهب في بعض الأحيان حد التحريض الذي تولاه أحد كبار رجال الدين العرب(القرضاوي).
ثالثاً، إن الشعب السوري الذي يضع كرامة الوطن في اول الأولويات، لا يتجاوز تفاصيل الأخطاء في الاداء والممارسات والارتكابات، وبنزو