ـ 'الشرق'
لماذا لا يكشف الثوار الحقيقة! قضية الإمام موسـى الصدر أين أصبحت؟
كتبت سنا كجك:
تدوالت الوسائل الاعلامية اسم &laqascii117o;نوري المسماري" إبان الأحداث المتسارعة على الساحة الليبية، اذ سلطت الأضواء مجدداً على قضية اختفاء السيد &laqascii117o;الصدر" ورفيقه واحتجازهم من قبل النظام الليبي.
&laqascii117o;نوري مسعود المسماري" هو المساعد الشخصي ومسؤول التشريفات السابق للعقيد &laqascii117o;القذافي"، فر الى باريس وأعلن عن استقالته، ويقال إنه يعلم القصة كاملةً حول حقيقة إخفاء السيد موسى الصدر، وقد يكون ضالعاً بتنفيذ جزء من العملية، ولديه أدلة وإثباتات عن تورط الليبيين في هذه القضية. اعتقلت السلطات الفرنسية &laqascii117o;نوري المسماري" بناء على طلب من السلطات الليبية بعد حدة الخلافات بينه وبين &laqascii117o;القذافي" على خلفية أموال قدرت بملايين الدولارات قدمها نظام &laqascii117o;القذافي" &laqascii117o;للمسماري" لإنشاء قناة تلفزيونية تنافس بعض القنوات العربية، فهدد &laqascii117o;نوري" بعرض كل الحقائق المتعلقة بإختفاء الإمام الأمر الذي دفع &laqascii117o;معمر القذافي" على المساومة والمفاوضة مع الفرنسيين ليتم تسليمه، ويضمن بذلك العقيد أنه لن يفشي سره بتورطه ان قدمت تلك الأدلة الخاصة بملف القضية، فهل أراد &laqascii117o;نوري المسماري" تبرئة نفسه بعد اهتزاز النظام والسقوط الذي بات قاب قوسين؟؟ وما صحة الأخبار التي نقلتها وسائل الإعلام أنه عمد الى إجراء اتصالات مع مجموعات ممثلة &laqascii117o;بأصدقاء الإمام الصدر" معلناً أنه سيسلم الوثائق للقضاء اللبناني المختص، بتهمة اختطاف &laqascii117o;الصدر"، ومؤكداً ان نسخةً من هذه الوثائق أودعها لدى شخصية سياسية من الجزائر ستتولى تقديمها إن لحق به أي أذى او مكروه؟
فلماذا انتظر &laqascii117o;المسماري" كل تلك السنوات ليفضح النظام الليبي الذي نفى مراراً وتكراراً ان الصدر غادر الأراضي الليبية؟ ولنفترض ان الرجل &laqascii117o;المساعد" كان يخشى &laqascii117o;القذافي" ومخابراته، ألم يكن باستطاعته تسريب الوثائق والمستندات والأدلة لجهات لبنانية دون الكشف عن هويته الحقيقية؟ ما الذي دفعه للتكتم عن أسرار وخفايا قضية وصفت آنذاك بأكبر الجرائم التي ارتكبت بحق الانسانية والحرية؟
ولكن بما ان تصفية الحسابات بين القذافي ومساعده وصلت الى &laqascii117o;جدار" مسدود من المفاوضات، ومن ثم التحريض ليتم اعتقاله في فرنسا، فعلى الأرجح ان &laqascii117o;المسماري" لم يجد وسيلة للإنتقام من &laqascii117o;عقيده" سوى بتهديده بكشف المستور من القضية اللغز التي مازالت محور اهتمام العالم، وما الخدمة &laqascii117o;الانسانية" التي يسعى لتقديمها - إن صح ما قيل ويقال - لا تندرج في إطار الحب والمحبة وصحوة الضمير، إنما بهدف تلقين &laqascii117o;القذافي" درساً، ولاسيما ان حساسية القضية بين ليبيا والدولة اللبنانية شكلت مفترقاً لأزمة مازالت قائمة بين البلدين نتج عنها توتر العلاقات منذ اختطاف السيد &laqascii117o;الصدر" عام 1978، فهل ستتم تصفية &laqascii117o;المسماري" قبل البوح بالسر الكبير؟؟
القذافي متورط بعملية الإختطاف بالتآمر مع دول أخرى
مما لا شك فيه ان قضية الإمام &laqascii117o;موسى الصدر" تشكل هاجساً للنظام الليبي سواءً في حالة سلمه سابقاً، او بحالة حربه التي نشهدها الآن، فكل التحقيقات أثبتت ان العقيد القذافي هو المنفذ الفعلي لعملية الإختطاف بالتآمر مع دول عدة ستكشف الأيام المقبلة عن الرأس المدبر للمؤامرة، كما تكشفت حقائق رهيبة ومؤامرات حاكها النظام المصري السابق ورموزه.
إن بعض الدول العربية منها والغربية، لم تستسغ فكرة ان يأتي رجل دين وعلم وانفتاح كالسيد &laqascii117o;موسى الصدر" الذي اعتبر بمثابة &laqascii117o;صمام الأمان" لكل اللبنانيين على مختلف مذاهبهم وطوائفهم أثناء الحرب الأهلية، فعمد السيد جاهداً على وأد الفتنة وناشد الدول العربية للتدخل ووقف اقتتال &laqascii117o;الأخوة" فجال وصال على الرؤساء العرب وكانت زيارته الى ليبيا الزيارة الأخيرة...
هل تمت تصفية السيد الصدر أم مازال على قيد الحياة؟
&laqascii117o;القذافي" أصر بل ومازال يصر على الإنكار بأنه المسؤول عن اختفاء السيد الصدر ورفيقيه مردداً المعزوفة الشهيرة: &laqascii117o;بأن السيد غادر ليبيا باتجاه الأراضي الايطالية".
إلا ان الايطاليين أكدوا بعد التحقيقات ان السيد الصدر لم تطأ قدماه ارض إيطاليا وأن الجوازات السفر والختم الايطالي عليها جميعها مزورة. وقد لجأ &laqascii117o;القذافي" لحيل كثيرة كي يبعد الشبهات عنه ويضلل الرأي العام، فطلب من الايطاليين فتح تحقيق حول اختفاء &laqascii117o;الصدر" واستمر في كيل الأكاذيب، وإلا لماذا منعت البعثة الأمنية اللبنانية من دخول ليبيا للتحقيق والوقوف على حقيقة اختفاء الإمام؟؟
ولذر الرماد في العيون عمدت السلطات الليبية الى توزيع الاتهامات على أجهزة المخابرات العالمية، فاتهمت المخابرات الاسرائيلية، والكتائب الحمر، والمنظمات الالمانية المتطرفة، والمخابرات الاميركية والصهيونية وحتى المنظمات الفلسطينية لم تسلم من اتهاماتها، إلا ان كل هذه الأساليب والادعاءات لم تفلح بإبعاد أصابع الاتهام عن معمر القذافي ونظامه، وتشير بعض المعلومات الى ان السيد الصدر محتجز في سجن بجنوب ليبيا كما أكد المعارض الليبي &laqascii117o;عيسى عبد المجيد" بقوله: إنه مازال حياً وقد شوهد العام 1992 في سجن بمدينة &laqascii117o;سبها"، وهو ما تناقلته وسائل الاعلام ان السيد محتجز في تلك المدينة تحديداً وأشيع ان رجلاً يشبهه الى حد كبير تم نقله بطائرة الى جهة مجهولة في خضم الاحداث والفوضى التي تعم طرابلس الغرب، ولم يُعرف ان كان الشخص نفسه السيد أم شخصاً آخر! وإن أردنا العودة الى &laqascii117o;ذاكرة" أرشيف تلك القضية فسنجد مقالات كتبت بأقلام صحافيين أوروبيين ومنها مقال للكاتب &laqascii117o;رفايل فراكواس" في صحيفة &laqascii117o;الباييس" الاسبانية، نشر بتاريخ 7-9-1980:
&laqascii117o;موسى الصدر، تم احتجازه مع الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين ثم اقتادوهم بطائرة مدنية الى بنغازي الساحلية الليبية ومن بعدها أرسلوا الى القاعدة العسكرية حيث مازال فيها الصدر ويعقوب، أما الصحافي بدر الدين فقتل بالتعذيب"!! أما مجلة &laqascii117o;الاسبرسو" الايطالية فأوردت بقلم الصحافي &laqascii117o;جان لويجي" بتاريخ 3-3-1980:
&laqascii117o;بالنسبة للقذافي هناك قضية موجعة أكثر من قضية صائدي السمك الايطاليين انها قضية الزعيم الديني للشيعة الإمام موسى الصدر المختفي، ربما بسبب تصفيته في ليبيا قبل مغادرته في رحلةٍ الى ايطاليا".
مع الإشارة الى ان التكهنات والاستنتاجات في ما يتعلق بمصير السيد الصدر كثرت في الآونة الأخيرة، فقد أكد الرائد &laqascii117o;عبد المنعم الهوني" مندوب ليبيا المستقيل في الجامعة العربية، ان الصدر تمت تصفيته والطيار الذي نقل جثمانه الى مدينة &laqascii117o;سبها" حيث دفن، هو قريبٌ له ويدعى &laqascii117o;عديلي" وكان الطيار الخاص الذي يقود طائرة القذافي، وقد قتل أيضاً كي لا يبوح بسر القضية ان فعلاً تمت تصفية الإمام.
بينما تؤكد جهات أخرى ان السيد ما زال على قيد الحياة وعائلته بدورها تؤكد ان هناك أدلة تثبت أنه في ليبيا بأحد السجون حياً يُرزق!
أين دور المعارضة الليبية والثوار في قضية السيد الصدر؟
قد يستغرب المتابعون للأحداث الليبية الصمت المتعمد ربما او غير المقصود تجاه قضية إنسانية، في حين ان اللبنانيين كانوا من أكثر الداعمين والمتعاطفين مع الثورة الليبية والمطالبين بإسقاط نظام &laqascii117o;القذافي" واكبوا التطورات على شاشات التلفزة إلا ان موقف المعارضة او المجلس الانتقالي مازال &laqascii117o;رمادياً" بعض الشيء.
فهذه القضية يتوجب متابعتها من قبل اركان المعارضة الليبية كونهم يسيطرون على معظم المدن الليبية، ولهم بالتأكيد اتصالاتهم مع المسؤولين عن إدارة السجون، إلا أننا لم نلحظ أي اهتمام بقضية رجل وطني بوزن السيد الصدر. هل لأن الإرباك سيد الموقف، أم ان القضية ليست في أولى اهتماماتهم؟؟
أو أنّ الحديث مازال مبكراً لتبني هذه القضية؟؟ أسئلة كثيرة نطرحها لأن الثوار والمعارضون من المفترض أنهم سيحمون الثورة و&laqascii117o;يطهرون" ليبيا من قذارة وأعمال &laqascii117o;القذافي"، ومن ضمن آليات &laqascii117o;التطهير" إطلاق سراح السجناء السياسيين والمعارضين للنظام، فهل هناك مفاجآت في حوزة الثوار والمعارضة الليبية للكشف عن مصير الإمام؟؟ أم ان الغموض سيلف هذه القضية بعد سقوط نظام القذافي؟؟
ـ 'الجمهورية'
شباب منزعجون من طمس العدالة
ناتالي إقليموس:
في الوقت الذي يطالب حزب الله بمحاكمة قادة ثورة الأرز على كلام نسب إليهم في لقاءات ديبلوماسية، يعمد الحزب إلى لفلفة قضية مقتل الشهيد سامر حنا.'قضية اغتيال الشهيد سامر حنا ليست منفصلة عن أروقة السياسة المظلمة، وهي أبعد من عملية قتل غير متعمّد، كما روّج البعض لها'. هذا ما عبّر عنه الطالب في جامعة الكسليك بيترو خير (سنة سابعة طب)، مشيرا إلى أنّ 'العناوين الكبرى الطنّانة، التي يحاول البعض إشغالنا بها، لن تنجح في التعتيم على ضرورة محاسبة القاتل على نحو يليق بدماء من استشهد'.إلى جانب الوجه السياسي لهذه القضية، توقف خير عند بعدها الإنساني المأسوي: 'جريمة إنسانية، لا يمكن السكوت عنها والبقاء مكتوفين، وبما أنّ حزب الله وراء من اغتال الطيّار حنا، فلماذا لا يحاسب؟.في هذا السياق، أسف خير للأسلوب الذي انتهجه حزب الله مع التحقيقات التي تلت الجريمة. وأضاف: 'ما من شيء مستحيل مع بقاء السلاح غير الشرعي داخل وخارج المربعات الأمنية'.خير وغيره كثر من الشباب الذين تحدّثنا إليهم، تستفزّهم قضية اغتيال سامر حنا، لأسباب عدّة، أهمّها 'أنه محسوب على الوطن، وليس على حزب من دون آخر، واغتياله يعني طعن المؤسّسة العسكريّة'. ويذهب خير أبعد من ذلك، موضحا: 'صحيح أنه لم يكن يخوض غمار أيّ معركة حربيّة، ولكن حزب الله في الجنوب ميليشيا في حدّ ذاتها، فكما استشهد جنود لنا في نهر البارد، كذلك استشهد حنا على أيدي ميليشيا إيرانية'. في هذا السياق، حذّر خير من 'أن يمارس حزب الله سياسة الترهيب والتخويف بحق كلّ من يثير قضية الطيّار حنا'.
ودعا خير الدولة اللبنانية إلى أخذ العبر من التعدّي السافر الذي تعرّضت له. 'هل يعقل أن تستباح كرامة الدولة على أرضها؟ لا بدّ من اجتماع وطنيّ جامع، يتمّ من خلاله الاتفاق على صيغة سياسية، توضح معالم أيّ وطن نريد، فالثوابت التي يفرضها حزب الله على اللبنانيين، ليست ثوابت الدولة التي نطمح إليها'. وأضاف: 'كما يعتبر حزب الله نفسه مقاومة، فنحن أيضا مقاومة، ولكن لا نقبل الاعتداء على دولتنا، ولا بوجود سلاح غير شرعيّ'.من جهته، اعتبر الطالب ميشال منير (سنة ثانية هندسة كمبيوتر واتصالات)، 'أنّ اغتيال النقيب حنا قضية وطنية، لا تعني أسرته فقط، إنما كلّ شاب لبناني متجذّر في وطنه، لا سيّما وأن اغتياله استهدف الجيش اللبناني رمز الاستقرار'. بشيء لا يخلو من الحذر والعتب، أسف منير لاستمرار حزب الله في بناء دولة ضمن الدولة اللبنانية، فسأل: 'إلى متى يمكن السكوت عن تجهيل الفاعل وطمس الحقيقة؟ لا يمكن لحزب الله التلطّي مطوّلا وراء إصبعه'.
في هذا الإطار، أكّد منير ابن شكّا البترون، أنّ صرخة أبناء القضاء مشتركة: 'نستغرب كيف يمكن إطلاق المتهم بعد 5 أشهر، والأغرب من ذلك الكفالة الماليّة التي لم تتجاوز عشرة ملايين ليرة، فهل بدأ زمن تسعير الضحايا؟'. إزاء عدم إحقاق العدالة، ومحاسبة القاتل، نقمة عارمة تراود كثرا من الشباب اللبناني، فمنهم من بات قلقا على مستقبله، ومنهم من بدأ يرى في الهجرة ملاذا آمنا. كما أكّد منير أنّ كيل اللبنانيين قد طفح، 'هذه ليست القضية الأولى التي يعمد حزب الله إلى تخفيف وهجها، وإفراغها من معناها، على سبيل المثال، حتى يومنا هذا لم نسمعه يطالب بالإفراج عن المعتقلين في السجون السورية'.أمّا بالنسبة إلى الشاب نعيم كرم، فقال: 'لا يمكن تصديق أنّ مقتل سامر لم يكن متعمّدا، لا يمكن لأيّ عنصر أخذ قرار إطلاق رصاصة من بندقيته، من دون علم وأمر من القيادة'. كرم، واحد من الرفاق الذين شاركوا سامر المقاعد الدراسية عينها في مدرسة الآباء الكبّوشيين على مدى نحو 11 عاما، قبل أن يفترقوا في المرحلة التعليمية الثانوية، لذا يرفض أن تموت قضية صديقه من دون أن تأخذ الدولة العبر. 'لا يمكن المضيّ قدُما ونحن ندفن شهداءنا، ونلملم جراحنا، من دون أي محاسبة للقاتل، وعلى حسابات صفقات سياسية تعقد بالجملة'. يذهب كرم أبعد من ذلك، ويحاول قلب المعادلة، فيسأل: 'ماذا لو تمّ التصويب على أحد من عناصر حزب الله، لا شكّ في أنّ الفوضى كانت لتعمّ البلاد وتقلبها رأسا على عقب، إلى جانب تجنيد كامل لوسائله الإعلامية'.بدورها، شدّدت الطالبة في جامعة البلمند إيليان فارس (سنة ثانية إدارة أعمال) على أنّ سامر حنا شهيد الوطن أيّا تكن هويّته، متأسفة لغياب العدالة، ' لو في عدالة لم يكن ليسرح ويمرح القاتل، لا بدّ من حكم يطاول الجميع، من دون برطلة، فلا يمكن نسيان دم شهيد سقط'.السلاح غير الشرعي من أبرز العوائق التي تحول دون تحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين. أحداث متنوّعة أظهرت أن لا شيء يمنع توجيه السلاح إلى الداخل، بهدف 'عملية نظيفة'، أو لتسجيل 'يوم مجيد'، وأحداث 7 أيار من إحدى تلك الأدلّة... فأيّ توافق يمكن أن ننشده في المرحلة المقبلة، في الوقت الذي يؤدّي هذا السلاح دور 'بيضة القبّان'؟
ـ 'النهار'
حزيران... بكل 'واقعية'!
نبيل بومنصف:
(...) لو استجاب الرئيس ميقاتي وبطبيعة الحال رئيس الجمهورية والنائب وليد جنبلاط لقاعدة الثلاث عشرات اي الاثلاث الثلاثة في الحكومة، فان ذلك سيغدو اقرب الى 'اتفاق ثلاثي' مستعاد من حقبات الثمانينات، او بنسخة منفتحة للمثالثة داخل المناصفة. ولو استجاب الثلاثي الوسطي نفسه للتسليم بنزع الداخلية من الحصة الرئاسية لعنى ذلك اسقاط العهد قبل بلوغه منتصف الولاية.
اذا فالمعارك الداخلية داخل الاكثرية نفسها تستبطن ما يفوق معركة على الحكومة لتبلغ حدود طموحات مفرطة تتناول النظام. لكنها طموحات تصطدم بواقع انقلابي في المنطقة وتمنع اي مغامرة قاتلة للانقلاب على النظام اللبناني. اقله راهنا. ولا بد من مزيد من الانتظار. فلا يستعجلن احد لا الرئيس المكلف ولا الحلفاء – الخصوم. وفي الوقت نفسه لتبق احزمة الامان مشدودة لان البلاد مفتوحة على شتى انواع الاستنزاف السياسي والامني والاقتصادي اثباتا للقاعدة 'الذهبية' بان لبنان قاصر دوما عن حكم نفسه بنفسه سواء كان رعاته متفوقين او مأزومين.
ـ الحياة رندى تقي الدين : المحاكم الشعبية سبقت المحكمة الدولية
يشهد العالم العربي انتفاضات شعبية ضد حكام قمعوا وسرقوا وقتلوا واعتقلوا أبناء شعوبهم، فأتت المحاكم الشعبية لقلب الأنظمة أو للثورة عليها ومقاومتها.فواقع الحال أن لبنان كان يتخوّف من محكمة دولية لمحاكمة الضالعين في اغتيال رفيق الحريري ومن نتائجها على لبنان. فهذا أو ذاك من الذين توقعوا الفتنة بسبب المحكمة الخاصة بلبنان لم يتوقع يوماً أن المحاكم الشعبية في دول المنطقة ستسبقها، فالآن لا يتكلم أحد عن المحكمة الخاصة بلبنان ونتائجها لأن المحاكم الشعبية جاءت أسرع من القضاء الدولي. فها هي الشعوب العربية تقاوم القتل والاغتيال والفساد والقمع وحرمان الحرية، لأنها نضجت وهي غير راضية عن استمرار نهج سياسي من العصور الحجرية في عصر يشهد حداثة الاتصالات والإنترنت وانتقال المعلومات وانفتاح الشعوب العربية على هذه الحداثة.لقد تخوف جزء من الشعب اللبناني من احتمال حدوث فتنة بسبب نتائج المحكمة الدولية التي تنظر في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وبقية الاغتيالات التي طالت سلسلة من الشهداء لأنهم كافحوا من أجل الحرية والسيادة وحرية القلم، وها هي المحاكم الشعبية في دول عدة تأتي من أجل وقف هذه الممارسات. فالانتفاضات الشعبية في الدول العربية مستمرة والقاضي دانيال بلمار مستمر في درس نتائج تحقيقاته مع فريق القضاة، وهو يرى أن الفوران الثوري سبق الفتنة التي وعدت بها بعض الأحزاب اللبنانية نتيجة تحقيقاته. فهؤلاء الذين تكلموا عن تسييس المحكمة وتسييس التحقيقات والنتائج، هل يعتبرون أن المحاكم الشعبية القائمة حالياً في دول عدة كلها مسيّسة وكلها أعمال خارجية وكلها مؤامرات، وأن انتفاضات ليبيا وميدان التحرير وتونس وغيرها من الدول كلها مؤامرات خارجية كانت من أفعال &laqascii117o;جرذان" على حد قول القذافي؟ أم أن &laqascii117o;الجرذان" هم فريق الأنظمة في هذه الدول الذي قتل وقمع وسرق واعتقل وتمسك بكرسي الحكم من دون مبالاة بإرادة شعب كان صامتاً لعقود وقد استيقظ لأنه طفح الكيل من القمع والقتل والفساد؟
واليوم بعد أن سبقت المحاكم الشعبية المحكمة الدولية، لم تظهر نتائج هذه المحكمة بعد ولكنها تبقى موضوعاً أساسياً لأنها تواكب المحاكم الشعبية التي سبقتها. فالانتفاضات القائمة اليوم أدت إلى تناسي الحملات على المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري وشهداء لبنان. ولكنها اليوم وعلى رغم هذا التناسي تأخذ كل معناها في ظل ما يحدث في العالم العربي. فلا يمكن أن تستمر الأنظمة في القتل والاغتيال والهيمنة والقمع والتخويف. فالذين نظموا تفجير طائرات مدنية مثل القذافي وجماعته، والذين تمت مسامحتهم في الماضي في الغرب الذي اهتم بالتجارة معهم، سيأتي يوم محاكمتهم عاجلاً أو آجلاً. وغيرهم كثيرون من المسؤولين عن قتل أبرياء، سيحاكمون عاجلاً أو آجلاً. أما النظام الإسرائيلي الذي يرتكب يومياً الجرائم بحق الشعب الفلسطيني فإذا لم يستيقظ ويرَ ما يجري حوله وإذا استمر في سياسات القمع والقتل والاغتيال فهو أيضاً سيأتي دوره لأن العالم تغيّر!
ـ 'النهار'
'لحظة' الإخوان المسلمين في المنطقة؟
جهاد الزين:
يعتقد عدد من الاصدقاء الاتراك الذين اتصلت بهم هاتفياً في الـ48 ساعة الماضية وبينهم الاكاديمي والصحافي والديبلوماسي – ان 'ظهور' القياديين الرئيسيين من ' الاخوان المسلمين' السوريين في تركيا يوم السبت المنصرم وادلاءهما بتصريحات علنية لا يحملان أي 'تواطؤ' ضمني من الحكومة التركية، حكومة 'حزب العدالة والتنمية'، ضدّ اصدقائها في القيادة السورية وعلى رأسهم الرئيس بشار الأسد.
ومع كل أسئلتي التشكيكية لكل واحد منهم – وهم متابعون جدّيون لشؤون العالم العربي – فإن أقصى تفسير سلبي لهذا الظهور العلني الذي يحصل للمرّة الأولى قطعاً هو تشديد البروفسور والمعلّق سولي أوزيل انه كان هناك دائماً في 'حزب العدالة والتنمية' جهة وثيقة الصلة بـ'حركة الاخوان المسلمين' السوريين لكن من المستبعد أن يكون حضور القياديين الاخوانيين بتحضير مباشر أو غير مباشر من زعامة 'الحزب'... حتى لو كان المبرر المعلن لوجودهما في اسطنبول هو حضور مؤتمر دعت إليه منظمتان غير حكوميتين احداهما تهتم بـ'حقوق الانسان' وتعتبران قريبتين من 'حزب العدالة والتنمية' (AKP). غير أن الدكتورة فولي أتاسان تطرح السؤال عن احتمال ان يكون الزائران المثيران للجدل قد جاءا بهدف توسطي... أي نوع من'وساطة' ما تتولاها قيادة AKP بسبب حرصها على الوضع السوري القائم وعلاقتها المميزة مع نظام الحكم فيه وليس العكس؟ بين هذين الحدين السلبي والايجابي تراوحت الاجابات 'العفوية' للاصدقاء الاتراك الذين فوجئ بعضهم بخبر 'الظهور' وطلب مهلة لسؤال آخرين ثم عاد الى الاتصال بي.
الملاحظة التي أرغب بتسليط الضوء عليها عبر سرد هذه التفاصيل هي أن هذه 'العينة' التركية التي تضم متابعين مختلفي الحساسيات السياسية وإن كان لونهم الغالب علمانياً وليبرالياً وبعضهم يأتي من 'حجذور' يسارية لم تمنعه من الاقتراع في دورتين متتاليتين لـ'AKP&rdqascii117o;... هذه 'العينة' لا تستسهل، إن لم أقل، لا تقبل، فكرة دخول الحكومة التركية الحالية في مسار سلبي ضد دمشق رغم مواقفها المعلنة – عبر رئيسها رجب طيب أردوغان - والتي تدعو الرئيس بشار الأسد الى التسريع بحلول اصلاحية لمعالجة الأزمة الناشبة في سوريا، بل رغم نقدها له لما تعتبره تباطؤاً في الجواب الاصلاحي المطلوب.
كان هذا النوع من 'الظهور' الاخواني السوري الحدث الأكثر دلالة في الأيام الأخيرة على مشهد بانورامي يشكّل اليوم إحدى الحقائق الأكثر وضوحاً في العالم العربي.
فاياً تكن 'كواليس' وجود القياديين الاخوانيين السوريين في تركيا، فهو 'ظهور' ما كان يمكن تخيله قبل كانون الأول المنصرم، شهر بدء اندلاع الانتفاضات العربية. وإذا كنت أشارك الأصدقاء المراقبين الأتراك رأيهم بأن العلاقة التركية – السورية كما ارتسمت في السنوات الأخيرة تملك عناصر متانة سياسية واقتصادية مهمة، فاني لا أشاركهم ميلهم الى تخفيف احتمال مساهمة القيادة الحكومية الحالية في توفير حضورهما الى تركيا. إذ أظن انه من المستحيل ان يحصل ما حصل حتى في هذه الحدود الضيقة (مؤتمر منظمات غير حكومية – وتصريحات نأت بنفسها عنها وزارة الخارجية) مع ما يعني ذلك – مباشرة او غير مباشرة – من متغيرات عميقة في المشهد ليس السوري فقط، بل العربي العام.
وعلى الرغم من الاختلافات النوعية – وأشدد على كلمة 'نوعية' بين حركات الاخوان المسلمين في كل بلد عربي... ليس فقط في وزن كل منها الداخلي، بل ايضا في قابلياتها الايديولوجية والسياسية ايضا... على الرغم من ذلك فان بعض أولى نتائج موجة الانتفاضات العربية المتلاحقة هي وضعها الفوري لتيارات الاخوان المسلمين في واجهة كل تحرك... ولو بدرجات مختلفة جداً.
ففي مصر تشكل حركة الاخوان المسلمين منذ اللحظة الاولى ركيزة أساسية للوضع السياسي الى حد يمكن معه ملاحظة ان هناك نوعا من التفاهم العميق – إن لم يكن التحالف – بين الحركة والمؤسسة العسكرية في الضبط التدرجي لمرحلة ما بعد تنحي الرئيس حسني مبارك.
لكن على الوجه الآخر للصورة – ولعله الوجه المتمم بمعنى من المعاني – فان الاخوان المسلمين المصريين هم جزء من تيار أكثري واسع يمثل التقاليد والثقافة الدينية المصرية وفي مقدمه 'الأزهر' بدأ يخوض حاليا صراعا ضد السلفيين الذين ظهروا بقوة مهددة بعد الانتفاضة... وهذا الموقع الذي يتشارك به 'الاخوان' مع قوى أخرى لم تكن تنظر تقليديا الى أدوارهم بارتياح كـ'الأزهر' أو كالاقباط هو اعلان طبيعي عن كون 'الاخوان' أصبحوا الآن جزءا لا يتجزأ من ثقافة المجتمع التعددي المصري الذي تهدد السلفية تقاليده التعددية، هذه التعددية التي ستصبح قريبا ديموقراطية برلمانية او رئاسية راسخة دستوريا وواقعيا.
في الأردن، وبدون تعقيد، تحول الاسلاميون الاردنيون الى قوة المعارضة الاولى في مواجهة مفتوحة ولكن ايضا لا تزال محكومة بضوابط الوضع الشرق أردني ونظامه السياسي.
في سوريا... المجهول على هذا الصعيد هو السائد بسبب التاريخ 'السري' لحركة الاخوان المسلمين السوريين من جهة، ومن جهة أخرى بسبب الطبيعة التعددية القومية والدينية والمذهبية للمجتمع السوري نفسه ذي الاكثرية السنية، ولعله في سوريا تكمن أصعب الاختبارات وأخطرها قطعا، خصوصا انه لا يبدو هناك تعدد حزبي جدي على مستوى المعارضة، مثلما هي هذه التعددية راسخة، رغم تفوق الاخوان الظاهر، في مصر.
... إنها لا شك 'لحظة' الاخوان المسلمين من تركيا الى مصر الى المغرب دون ان ننسى ان الاسلام السياسي الشيعي هو الحاكم في بغداد... وحركة 'حماس' الاصولية في غزة، فهل هي لحظة 'عابرة' بمعنى أنها الموجة الاولى للمد الديموقراطي العربي التي لا يمكن تلافيها... ستتراجع بعد ان ينفجر احتقانها فتعود الى أحجام عادية عندما يترسخ البناء الديموقراطي في هذا البلد او ذاك... أحجام عادية او طبيعية كما كانت في مصر الاربعينات او سوريا الخمسينات او أردن الثمانينات... أو انها، كما يتخوف بعض الغربيين، وربما بعض الليبراليين العرب، ستتحول الى سيطرة أحادية طويلة الامد، كما فعلت الحركات القومية بعد عام 1948 وهي التي يطال بعضها التغيير الآن؟
بين 'الاسلاميين' الأتراك الذين تطوروا الى حزب ديموقراطي على غرار احزاب المسيحيين الديموقراطيين في أوروبا وبين السلفيين السعوديين الذين تحولوا الى 'تنظيم القاعدة'... كيف سيتجه الإسلاميون بين هذين الحدّين؟
ـ 'النهار'
ليبيا في قبضة التقسيم؟
راجح الخوري:
بات السؤال مشروعا:
هل أن 'فجر الأوديسة'، وهو الاسم الذي أطلق على العملية العسكرية، تنفيذا للقرار الدولي 1973، لن يشرق، بمعنى أن الثورة غرزت في رمال دموية متحركة ولن تتمكن من تحقيق أهدافها، وهو ما قد يدفع البلاد الى حرب أهلية طويلة قد تفتح الطريق في النهاية أمام أمر من اثنين: إما التقسيم وإما النزول العسكري الاطلسي الى أرض الميدان، وكلاهما وسيلة تساعد الغرب في الامساك بالنفط الليبي؟
بعد أسابيع على قيام الثورة، بدت ليبيا مسرحا لحرب غريبة ومثيرة لجهة سرعة الكر والفر التي يراقبها العالم. ولكن سرعان ما برزت في الأيام القليلة الماضية ثلاثة انقسامات مفاجئة ستدفع الامور الى المزيد من الغموض.
أولا: انقسام بين الثوار الليبيين حول من يقود العمليات العسكرية ضد قوات معمر القذافي. هل يقوم بهذا اللواء عبد الفتاح يونس وزير ا لداخلية المنشق عن النظام والذي ترفضه شرائح كبيرة من الليبيين بسبب دوره القمعي السابق، أم يتولى القيادة العقيد خليفة بلقاسم حفتر المنشق عن النظام منذ زمن وقد احتضنته وكالة الاستخبارات الاميركية المركزية وانتقل للعيش في ولاية فرجينيا؟ والخلاف ليس على يونس وحفتر فحسب بل على مركزية اتخاذ القرارات، فقد تجاوز العسكريون 'المجلس الوطني الانتقالي' باعلانهم تعيين حفتر قائدا ويونس رئيسا للأركان، لكن المجلس رفض هذا التعيين.
وجاء هذا الخلاف وسط أداء ارتجالي سيئ للثوار في الميدان جعلهم يخسرون سريعا ما ربحوه بعد قيام التحالف الدولي بتدمير سلاح الجو القذافي. أضف الى ذلك انهم يعترفون ضمنا بأن النصر العسكري مستبعد، ولهذا فانهم يبحثون عن مسار ديبلوماسي يضع خريطة طريق لخروج القذافي ورهانهم قائم على انهيار النظام.
ثانيا: الانقسام بين القذافي وأبنائه وحتى بين الأبناء أنفسهم. فقد بات معلوما ان سيف الاسلام وشقيقه الساعدي يريدان تنحي والدهما وقيام مرحلة انتقالية يديرها سيف الاسلام، لكن الاب يرفض التنحي ويؤيده أبناؤه الآخرون وخصوصا خميس.
ثالثا: 'الانقسام' الضمني بين الاطلسيين أنفسهم وبينهم وبين الاميركيين الذين ينسحبون تدريجا من مهمة 'فجر الأوديسة'. فمع اعلان الرئيس الاميركي باراك أوباما بدء حملته الانتخابية لولاية ثانية، تراجعت المقاتلات الاميركية من الجبهة الامامية وتركت الامور للأوروبيين المنقسمين اصلا ضمنا حول المحاصصة المتصلة طبعا بالنفط الليبي.
على أساس كل هذا يمكن أن نفهم الحركة الديبلوماسية الناشطة في اليومين الماضيين بحثا عن مخرج يقبله القذافي وكذلك الثوار. وقد تركزت على تركيا، حيث وصل عبد العاطي العبيدي مبعوثا من القذافي، والذي زار ايضا اليونان ومالطا، حاملا الرسالة عينها أي ترتيب وقف للنار، سبق للثوار أن أبلغوا الامم المتحدة قبولهم به. وقد أكد أحمد داود أوغلو ان هناك مطالب قدمها الطرفان بهدف وقف النار (...).
ـ 'النهار'
ضرب 'الفتنة' أم تصديرها إلى لبنان؟
عبد الوهاب بدرخان:
من شأن الذين ينتظرون ولادة الحكومة الجديدة ألا يتوقعوا من سوريا أن تعامل اللبنانيين بأفضل ما تعامل به السوريين. ولعل ما شهدته سوريا في الأسابيع الأخيرة ينبئ بمرحلة لبنانية مقبلة أكثر صعوبة وتعقيداً مما كان متصوراً. فالحكم الذي أبدى هناك أن التصالح مع الشعب ليس في اولوياته، لن يبدي هنا – من خلال الحكومة العتيدة – أي استعداد للقبول بلعبة الموالاة والمعارضة، خصوصاً إذا تركز الصراع والنقاش على مسألة السلاح غير الشرعي. الأرجح أن لبنان – الساحة سيستوظف، كالعادة، لاستقبال المشاكل المصدّرة عبر الحدود. وقد نسب الى رئيس الجمهورية 'ارتياح' الى مسار الوضع في سوريا، وقوله ان الاستقرار فيها ينعكس إيجاباً على البلدين. لكن 'ارتياح' الى ماذا تحديداً، الى خطاب الرئيس السوري أم الى وعود الاصلاح أم الى غلبة الحلّ الأمني؟ أما الرئيس المكلّف فاتصل للتنويه أو للتهنئة بتفويت الفرصة على 'مشاريع الفتنة'، لكن أي 'فتنة'؟ لم يتكفل أحد بشرح او توضيح كيف أن تظاهرات سلمية عزلاء تطالب بالحرية والكرامة أصبحت فتنة، بل قيل أيضاً 'فتنة طائفية' استناداً الى حادث معزول في اللاذقية.
المشكلة الوحيدة التي يعانيها نظام دمشق تتلخص في ان جماعات من الشعب تجرأت على التظاهر، وهذا في حدّ ذاته تحد غير مقبول. لم تكن هناك فتنة، ولم يكن النظام مهدداً ولا محرجاً ولا مرتبكاً، كان يعرف ان هذه التظاهرات لا تستحق البطش لكن اظهار التسامح مناقض لطبيعته، لذلك حرص على انذار الأكثرية الصامتة، وربما المتأهبة، بأنه لم يقلع عن نهجه الدموي المعروف.
عملياً، لم يتغير شيء بالنسبة الى النظام، فهو يقوم أساساً على قوته الامنية، وهو رقم صعب في الداخل، وكذلك في الخارج حيث لا تزال الولايات المتحدة واسرائيل تفضلانه على أي بديل له، قد يكون اسلامياً كما تعتقدان. ثم ان قناة 'الجزيرة' قررت، استطراداً واستثناء، عدم خوض معركة التغيير في سوريا، إذا كان لها أو لأي فضائية أخرى – وليس للشعب – دور حيوي في اسقاط أي نظام.
ـ 'الحياة'
سحق الإنسان باسم القضية
هاني النصولي:
في الوطن العربي أكثر من عقيد سفاح، ممسوس. يسحق عظام الشعب، ينهب آبار النفط، ويصلب حقوق الإنسان. حاكم يحسب التوريث مسألة عائلية، وجرائم التعذيب قضية قومية، ونهب ثروات الوطن بدعة اشتراكية. أي وطن عربي هذا الذي يرسمه جلاد يغمر الريشة في زمن الرّق وعصر العبودية. أي مستقبل لأمة يصنعه سجان سادي في حاجة إلى علاج نفسي. في وطني أكثر من حاكم طائفي، مذهبي، مريض. يمزق نسيج الوحدة الوطنية، يدعي الدفاع عن العلمانية، ويطالب بفتح ملفات الفساد بعدما فتك بأموال الخزينة. حاكم يخال نفسه هو القانون، كونه يتقن استخدام سواطير الطائفية ويحترف لعبة اثارة المشاعر المذهبية. لقد سئمنا تكرار المشهد المسرحي نفسه. كلما طالبناهم بالمحاسبة السياسية، اختبأ أبناء السلطة خلف أبواب المساجد والكنائس، ثم ارتدوا لباس رجال الدين. كلما سألناهم من أين لكم هذا؟ تمتموا بآيات من القرآن أو من الإنجيل. كلما تحرينا عمن هزم أحلامنا، تصدوا لنا بخطبة أو موعظة عبر بعض رجال الدين. في بلدي أكثر من سياسي فاشل وخبيث. يعرض أمن الوطن للخطر. يخطط بالسر لزرع الفتن ويطلب الدعم الخفيّ من بعض الدول. يحاضر بالديموقراطية ويشتري في كل انتخابات الضمائر بالجملة. يستأجر الحشود الكثيفة في المهرجانات الخطابية. سياسي أدمن قول الكذب ويدعي أنها الحقيقة. فاشل، ما زال يردد منذ عشرين عاماً انه سيجلب الماء والكهرباء ويعبّد لنا الطرقات. خبيث، كل غايته رهن دماء الشهداء، ليبقى في السلطة وحيداً. انه مسرح طائفي، مذهبي سينفجر يوماً ما كالقنبلة!بالأمس رسموا لنا خطاً فاصلاً شطر العاصمة، وقالوا هنا الشرقية وهناك الغربية. وسمعنا الكلمة، وبتنا نتصرف بكل سذاجة كالأعداء. أي مجرم غرز الخنجر بين العينين، وجعلنا نتحدث بلغتين، ونفكر كشعبين، ونتقاتل بالسلاح كقبيلتين، إلى أن اكتشفنا بعد سقوط أكثر من مئة وخمسين ألف شهيد أو ضحية، أن الدم لا يبقى لبنانياً إذا سال بين الشرقية والغربية. اليوم مجدداً رسموا لنا خطاً فاصلاً، وقالوا هذا شيعي وذاك سني. لكننا سنرفض هذا التجديف العبثي، ولن نسمح بغرز السكين بين الرئتين. ولن نرضى أن يُسال مجدداً الدم اللبناني!
هل نتهم الاستكبار العالمي والصهيونية بوهن الأمة، والانشقاق المذهبي لاح منذ ثورة الحسين ومعركة كربلاء؟ إذن لماذا مسموح لـ &laqascii117o;علي" حمل السلاح ويُكبح &laqascii117o;عمر" من المقاومة؟ لماذا تستخدم البندقية في الداخل، بدل الحوار بالحجة والمنطق؟ لماذا لا نصهر المذهبية في لبنان ونسقط الحواجز بين الشيعة والسنة؟ ولماذا لا نوحد ساحتي رياض الصلح والشهداء؟! الظلم يشعل الثورات. هكذا حدث في تونس حين أوقد الشهيد محمد البوعزيزي النار بنفسه. أما في لبنان، فتجسّد الظلم بالاعتصام في وسط العاصمة بين عامي 2007 و2008 وشلّ حركة المواطنين التجارية. وتجلّى بإغلاق أبواب مجلس النواب وتعطيل الحياة الديموقراطية. وتجلى بتوجيه البندقية في 7 أيار (مايو) 2008 إلى صدور اللبنانيين المدنيين، بدل محاسبة الوزراء الذين اتخذوا قرار قطع خطوط اتصالات المقاومة السلكية في 5 أيار، وتجلّى أيضاً بإعلان7 أيار يوماً مجيداً بعد سقوط الأبرياء. وتجسّد الظلم بتحميل الحريرية السياسية منفردة مسؤولية الفساد والإهدار المالي، من دون شركائها بالتكافل والتضامن من فريق 8 آذار. وتجسد بمشهد القمصان السود وتدخّل &laqascii117o;حزب الله" في تسمية رئيس الوزراء المكلف من دون أخذ بالحسبان مشاعر الطائفة السنية. إلا أن المطالبة بإسقاط سلاح &laqascii117o;حزب الله" من قبل فريق 14 آذار قبل التوصل إلى استراتيجية دفاعية يتحمل فيها الجيش اللبناني مسؤولية حماية أمن المقاومة أمام السكين الإسرائيلي، إضافة إلى المعلومات المخزية في برقيات ويكيليكس هي أفظع أنواع الظلم والافتراء. فإلى أين سيؤدي تراكم كل هذا الإجحاف بين الفريقين؟
لقد أعطى التكوين السكاني للجنوب اللبناني الأولوية للطائفة الشيعية شرف قتال إسرائيل لتحرير الأرض، لكن من واجب كل الشباب اللبناني مؤازرة جيشهم في حمل السلاح إن عارضت إسرائيل حق لبنان في استخراج النفط والغاز الممتد على طول ساحله. لقد تساءل السيد حسن نصرالله: &laqascii117o;كيف سندافع عن نفطنا باللافتات وغازنا بالشعر، باليافطات، بالقصائد، بالـ"كرافات"..." والجواب بالبندقية اللبنانية الوطنية لا المذهبية. إذ ليس من الإنصاف حصر حق الدفاع عن ثروة لبنان بـ &laqascii117o;حزب الله". فمن يضمن ألا ترتفع أصوات في المستقبل تطالب بحصة الأسد للطائفة الشيعية؟ ألا يكفي ما أودعنا الأجيال القادمة من عبء تسديد الديون التي تراكمت على الخزينة اللبنانية نتيجة فساد الطبقة الحاكمة، لنترك لهم معضلة مذهبية جديدة أشد تعقيداً؟
لذلك جئنا نقدم اعتذارنا إليكم يا شباب لبنان عن إخفاقنا الوطني المريع، لنقول لكم: يا شباب لبنان، ثوروا لخلع الطائفية والمذهبية من حياتكم، كخطوة للقضاء على الفساد الذي أتلف حياتنا. ثوروا ضدّ الظلم والجهل وضدّ المال الحرام. ثوروا ضد وحوش الحكم الكاسرة التي افترست خيرات الوطن. ثوروا ضد ذئاب الطبقة السياسية الخبيثة. ثوروا ضدّ رجال الدين المزيّفين، مسلمين كانوا أم مسيحيين، المتحالفين مع السياسيين الفاسدين. تمردوا ضدّ المافيات المالية التي أفقدتكم الثقة في مستقبل البلد. تمردوا ضد كل من يستخدم السلاح داخل الوطن لأي سبب. تمردوا ضدّ التوريث السياسي والحاكم اللص والحاكم الخبيث والحاكم الغبي الذي يظن الوطن ملك العائلة. انتفضوا من أجل النزاهة والعدالة الاجتماعية والحرية وإعادة بناء الطبقة الوسطى والدفاع عن جيشكم اللبناني، كي يصبح عندكم وطن مستقر. انتفضوا كي يصبح عندكم ساحة حرية واحدة في وسط العاصمة لتحرير الإنسان من قبضة كل طاغية. فحرية الشعوب توازي قدسية تحرير الأرض. إذ كفانا حكاماً يسحقون الإنسان باسم محاربة التطرّف الإسلامي، وخطر القاعدة والهجمة الأميركية!
ـ الشرق الأوسط يوسف الديني : ورطة الطائفية
التنوع الإنساني يجعل من التسامح ليس فضيلة فحسب؛ بل شرطا للبقاء. دبليو سومرست
ورطة &laqascii117o;الطائفية".. أقرب تعبير يمكن استخدامه الآن للحديث عن ارتفاع منسوب الطائفية والجدل معها وضدها وحتى السكوت عنها بحكم هذا التداخل المربك وبالغ التعقيد بين القراءة السياسية والدافع الأخلاقي والجانب الحقوقي والنزاع الديني في شكله العقائدي والمذهبي الذي تجاوز إطار المنابر والحوزات ليستخدم كل وسائل الحداثة في شكلها التقني والتعبيري دون المفاهيمي.
إذا تحدثت اليوم عما يهدد دول الخليج عبر اختراق الحالة البحرينية في ظل حالة التجييش والتعبئة من قبل إيران وحلفائها في العراق ولبنان والمتعاطفين معها في مناطق أخرى فأنت طائفي حتى لو كان حديثك حديثا سياسيا خالصا لا علاقة له بالمجال الديني أو حقوق الأقليات أو شرعية المطالبة بالحقوق، في نفس الوقت إن تحدثت بصراحة عن أن هذا التمدد المرضي للسياسة الإيرانية يحدث رد فعل &laqascii117o;طائفي" مضاد قد ينقله من المجال السياسي إلى التعبئة الدينية الجماهيرية التي تستمد ضراوتها من التراث الهائل والضخم والذي يتجاوز أطر الدول إلى الاصطفاف إلى الثنائية التاريخية (سنة/شيعة) والتي تتجاوز الأزمنة لتحضر في الأزمات على شكل انفجار هوياتي؛ فأنت في نظر الطرف الآخر طائفي بامتياز وفي نظر الطرف الأول سياسي لا تنظر إلى المسألة أبعد من شكلها الطارئ والعابر. وقل ما شئت هنا من استحضار لنظريات المؤامرة وسيناريوهات المخططات والتحالفات السرية، فضلا عن لغة الشحن الديني التي تشكل عامل ضغط على جميع الأطراف بدءا بصانع القرار فالسياسي فالمثقف وربما المراقب الخارج عن لعبة الثنائيات تلك.
هذا الارتباك - في اعتقادي - ناشئ عن إشكالية مفاهيمية في الأساس تجعل الكثيرين سواء من معتدلي الشيعة الذين يقدمون أولوية المواطنة على الانتماء المذهبي وهو حق مشروع لهم، أو من عقلاء السنة الذين يرون أن رفض المشروع الإيراني التوسعي لا يعني عدم احترام حق المواطنة الكاملة للإخوة الشيعة على قدم المساواة في الحقوق والواجبات، هذه الإشكالية تتمثل في عدم التفريق بين نمطين من الطائفية، الطائفية السياسية والطائفية الدينية، فالأولى تعبر مشروع سياسي مرفوض لكثير من دول المنطقة وليس دول الخليج التي ترى فيه تدخلا سافرا في السيادة، بينما تظل الطائفية الدينية خيارا مرفوضا بالمطلق باعتباره أحد أهم عوامل تهديد واستقرار المجتمعات التي تزخر بتنوع ثقافي وفكري ومذهبي وديني من شأنه أن يتحول إلى رافد غني وثري للتعايش على أساس المواطنة. صحيح أن الطائفية كمفهوم تعود صيغتها &laqascii117o;المعاصرة" كمصكوكة عقائدية غير قابلة للتبديل إلى صراعات &laqascii117o;لاهوتية" إن صح التعبير عن الصراع التاريخي الذي تحول لأسباب كثيرة إلى مفترق عقائدي بالأساس، حيث الاتكاء التاريخي والاستدعاء لمرحلة الخلاف المبكر بين الصحابة وهو نزاع سياسي بامتياز، وما تبع ذلك من فتن وأزمات تكللت بانتهاء ما يوصف عادة بـ&laqascii117o;الحقبة الراشدية" على يد الدولة الأموية، التي كانت في حقيقتها ذات توجهات برغماتية سياسية أكثر من تعبيرها عن الدولة الدينية.. ثم جــاءت الفترة العباسية التي حرص زعماؤها على الاستفادة من الدرس الطائفي بشكل كبير، من خلال الاستقطاب المذهبي الطائفي عبر التأسيس على أحقية الانفراد بالسلطة لأسباب سلالية محضة، وهي أحداث كانت وما زالت محل جدل طويل في تحليل مسبباتها ونتائجها.
إلا أن &laqascii117o;طائفية اليوم" لا علاقة لها بالطرح الطائفي التقليدي ذي النزعة العقائدية، طائفية اليوم نسق مغلق ينتمي للمجال السياسي أكثر من كونها محصلة دينية أو عقائدية تشبه إلى حد كبير، طبقا للمفكر برهان غليون، &laqascii117o;السوق السوداء" في عالم السياسة، وليست مجرد أفكار دينية متشددة، أو تعصب مذهبي له موقفه السياسي المحدود. بينما يقرأه حازم صاغية في الكتاب الذي أشرف عليه بعنوان: &laqascii117o;روافض ونواصب: منازعات السنة والشيعة في العالم الإسلامي اليوم" (كنزاع عاش طويلا ضامرا أو محورا لكنه أصبح عابرا للأزمنة ومضامينها التقنية والثقافية، تتقلص حياله النزاعات الأخرى: لا يمين ولا يسار، ولا تطرف ولا اعتدال، ولا موالاة للغرب ومعارضة له، فكل تلك التصانيف الحداثية وشبه الحداثية، تنكمش لمصلحة &laqascii117o;الأصلي" و&laqascii117o;الخام" الذي نرتد إليه في اللحظات الحاسمة: سنة وشيعة).
للأسف اليوم تترسخ الطائفية السياسية على أساس متين من الطائفية الدينية، ومع كل المحاولات التي بدأت مع عصر النهضة، لإيجاد صيغة توحيدية بين المذهبين السني والشيعي في ظل صعود دعوات الوحدة من قبل رموز النهضة، فإن كل تلك المحاولات ذهبت أدراج الرياح وحق لها، لأنها كانت ذات صيغ وأهداف &laqascii117o;تلفيقية"، تحاول البحث عن المشترك، وهو مجمل وعام &laqascii117o;أصول الإسلام الكبرى"، وتتجاهل كل ما هو تفصيلي وخاص، وهي الأفكار والمقولات التي بنيت شرعية كل الطوائف والجماعات الدينية عليها، سواء كانت في شكلها العقائدي أو الفقهي، بحيث إن أي انتقاص من تلك &laqascii117o;التفاصيل/الهوية"، يعني مساسا بالشرعية، وهذا ما يحتاج إلى مراجعات طويلة وعميقة لا تغوص في رمال المعارك التاريخية بل تحاول الخروج من وحل الواقع الطائفي اليوم لتحاول أن تصل إلى صيغة تعايش قائمة على مبدأ المواطنة.
من هنا يمكن فهم ردود الفعل العنيفة التي تطال اليوم جهود رموز معتدلة من السنة والشيعة، تحاول أن تخفف من الاحتقان الطائفي في شقه الديني، سعيا إلى تجنيب المنطقة كوارث الطائفية السياسية التي تدق ناقوس الخطر منذ سقوط العراق، وصولا إلى الحالة اللبنانية، والآن مرورا بأحداث اليمن فالبحرين ووصولا إلى حالة الغليان التي نجح نظام أحمدي نجاد في إيقاد جذوتها بعدما تفاءلنا طويلا في ربيع المرحلة الخاتمية.
منطق الطائفية السياسي لا يمكن أن يؤمن بمشاركة جميع الفئات بشكل متوازن في المنظومة السياسية الحاكمة، فالتوازن المطلوب لهكذا تمثيل معرض بشكل دائم للفشل في حال طغت طائفة على أخرى، أو قامت أي طائفة باستغلال مركزها في الدولة، أو قدراتها الاقتصادية أو حتى تمددها الديموغرافي، إن الحقيقة التي يفرزها الواقع أن كل الممارسات الطائفية في المشهد العربي العريض قد حولت الانتماء الروحي والديني عبر كيانات متعايشة إلى دويلات مستقلة ذات أهداف مستقلة، حيث أصبح لكل طائفة مدارسها وجامعاتها وبرامجها، وصحف تصدر باسمها، وإذاعات ومحطات تلفزيون تذيع أخبارها ونشاطاتها وغير ذلك من مرافق الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وهذا ولا شك منطق غير مقبول لأي دولة ذات سيادة بنيت على أساس غير طائفي، لا البحرين يمكن أن تتحول إلى لبنان ولا أتباع الحوثي يمكن أن يحول صعدة إلى الضاحية الجنوبية مهما آلت الأوضاع.
في اعتقادي أن ما يهم الآن، هو إيجاد صيغة تعايش سلمية يجترحها عقلاء الطرفين، مع الاحتفاظ بمحددات الهوية الرئيسة ولهم في نماذج استطاعت تجاوز الفرز الطائفي كنموذج شيعة قطر والإمارات وعدد كبير من رموز ومعتدلي الشيعة في السعودية ممن هم بحاجة إلى م