قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الإثنين 11/4/2011

- 'السفير'
طاعون كامو ونمور زكريا تامر وتلامذة فيلتمان وحواريي ويكيليكس
نصري الصايغ:

Iـ الجرذان أولاً والبشر ثانياً..
استفاقت مدينة وهران في الجزائر على مشهد موت جرذان، تخرج من الأنفاق والبواليع والأماكن المعتمة، لتنفق في ممرات البيوت ومداخل الفنادق والمصحات.. بعد أيام، مات بواب البناية حيث يقيم الدكتور ريو، بطل رواية &laqascii117o;الطاعون" للكاتب الفرنسي البير كامو. بعده، مات كثيرون. الجرذان أولاً، والبشر ثانياً.. انشغلت الصحافة بالجرذان ثم بالبشر. ثم هدأت العناوين، وتحوّلت أعدادها المتزايدة الى الصفحات الداخلية.. اعتاد الناس على موت الجراذين ثم على موت الناس.
انه الطاعون إذن، تأكدت السلطات أن الوباء زحف الى المدينة. وبات لزاماً اتخاذ قرار بالحجر على المدينة: محرّم الدخول إليها، وممنوع الخروج منها. الحصار يضرب المدينة. الكل يعيش على نفقة الموت، بانتظار ان يأخذهم الى المثوى الأخير.
انه الطاعون.. ولا مفرّ. لا أمل بالحياة إلا في ذروة التهديد الأعمى، لا أمل بالبقاء، ولا أمل بالنجاة، إلا بالصدفة. ويوماً بعد يوم، وموتاً بعد موت، اعتاد أهل وهران على الوباء. وضّبوا يأسهم ولا مبالاتهم وقيمهم بكسل بطيء، وراحوا يعيشون على قارعة موتهم الآتي، انتظاراتهم المأساوية. لا دهشة، لا غضب. لا حب. لا شيء، سوى ذلك الشيء الذي لا مفر منه: الطاعون ما علاقة كتاب البير كامو بويكيليكس؟ أي أثر للطاعون في حياتنا السياسية؟؟
قد نكتشف ذلك في ما بعد.
IIـ &laqascii117o;المواطن" اللبناني في اليوم العاشر
دخل المدرب حديقة الحيوانات، وأشار الى مرافقيه بكبرياء وافتخار بأن ينظروا الى نمر الغابات في قفصه. وكيف سيحوّله الى حمار.
المدرّب يروّض الحيوانات وفق فلسفة خاصة بمعدة الحيوان: اضربه على معدته، فيطأطئ رأسه. عندما طلب المروّض من النمر ان يأكل الحشائش بدلاً من اللحوم، غضب النمر. واستمر غاضباً الى ان جاع، فرضي مكرها بالحشائش المرة. قال المروّض: &laqascii117o;انظروا. لقد وقع في الفخ. بعد الآن، لن يستطيع التراجع أبداً".
بعد أيام قليلة، طلب المدرّب من النمر أن ينهق كالحمار. فغضب النمر، ورفض ان يطعمه، حتى الحشائش. ولما جاع النمر، رضي بأن يقلد الحمار، لكن المروّض رفض نهيق النمر، لأنه غير متقن، ولا يشبه معزوفة الحمار. بكى النمر. تذكر الغابات. حلم بالحرية.. ثم قام بجهد إضافي، كيف ينهق بما يليق بالحمير.. وشعر المروّض بغبطة. فالنمر على وشك أن يصبح حماراً. وفي اليوم العاشر طفق النمر ينهق من دون أن يطلب منه المروّض. تبرع النمر، كي يرضى عنه المروّض، فأمره بالإصغاء والتصفيق لخطاب سيلقيه، حتى ولو لم يفهم منه شيئاً.
سمع النمر الخطاب. لم يفهم شيئاً. صفق كثيراً. وفي ذلك اليوم، صار النمر الذي تحوّل الى حمار، &laqascii117o;مواطناً".
ما علاقة &laqascii117o;النمور في اليوم العاشر" للكاتب والقاص زكريا تامر بويكيليكس؟ أين النمور، ومن الحمير، وكم عدد &laqascii117o;المواطنين"؟ ولماذا المروّض الطائفي نجح في جعل لبنان، حديقة &laqascii117o;للمواطنين" الذين تحدروا من سلالة النمور؟
قد نكتشف ذلك في ما بعد.
IIIـ عتبة الإحساس والتدرب على النفط
قال لي صديقي الدكتور نايف سعاده، إحذر... لا تقترب من النفط. تأكد دائماً من عتبه الإحساس لديك. لا تفرط في التبرير. لا تطع عقلك دائماً، بل تمسك بما هو في مرتبة القيم.
غضبت منه. لا يقال هذا الكلام، إلا لمن يبيع، ولست بائعاً. قال: قد تبيع، عندما تتناقص عتبة الإحساس لديك، عندما تتبلّد، عندما تصير مقيماً في وهران الطاعون، عندما تصير &laqascii117o;مواطناً" في اليوم العاشر.
وشرح لي المسألة بطريقة علمية: ننزع عضلة الضفدع ونعرضها لتيار كهربائي ضعيف، فيستجيب العضل ويرتعش للصدمة الكهربائية. وفي هذه الأثناء يكون العضل معزولاً عن الدماغ. (بالإمكان الاستغناء عنه). وإذا كررنا العملية مراراً، وصعقنا العضل بالتيار، مرة تلو مرة، فإنه سيتوقف عن الاستجابة. وهكذا يصبح العضل، &laqascii117o;مواطناً" في اليوم العاشر، يبرّر كسله وموته، إزاء ما يتعرض له من إهانات وخيانات ومذلات وقمع وغبن ونفاق. والأسوأ، انه عندما يستعيد دماغه (عقله) بعد نوبات الصعق السياسي/ الطائفي، يجد في تلافيف وعيه وزوايا ذكائه، ما يبرر له انحطاطه وانتماءه. فيصير طائفياً ممتازاً في... حقارته، ومتميزاً في انحيازه، وذكياً في التزامه، ومغامراً في التصاقه الدائم، بقيم التبعية، وأخلاق الارتزاق.
ما علاقة ضفادع الصديق نايف سعاده، بويكيليكس، وحوارييها، الذين أفتوا للوطن، فتاوى أميركية، مشتقة من دين النفط؟
قد نكتشف ذلك في ما بعد.
IV ـ لن يسقط أحد من ويكيليكس
عندما نشرت وثائق ويكيليكس، تبين أن بعضها كان معروفاً، (جرائم الأميركيين في العراق وأفغانستان مثلاً) وأن بعضها الآخر، كان متوقعاً ومنطقياً (الخلافات بين دول الاتحاد الأوروبي وأميركا) غير أن بعضها الكثير، كان فوق المتخيل وفوق المتوقع، ولا يمكن تصديقه. وقد ذكر الكاتب الفرنسي جان دانيال وثيقة، اعتبرها مذهلة وغير معقولة، تكشف نصائح وزير الدفاع اللبناني، لرئيس الأركان الإسرائيلي، عبر السفير الأميركي في بيروت، حول مجريات حرب ستقع في ما بعد...
يومها، ولم تكن الزميلة &laqascii117o;الأخبار" قد كشفت مغاور ويكيليكس، كتبت تعليقاً في &laqascii117o;السفير" أكدت فيه، أن هذا الزلزال الذي حدث، لن يشعر به أحد. ولن يكون لهذه الوثيقة أي تداعيات على الرجل. وها هو في منصبه، وزيراً للدفاع... وهناك من يدافع عنه.
ثم حفلت الساحة &laqascii117o;بحقائق" ويكيليكس: جرائم موصوفة. خيانات معلنة. نصائح لإسرائيل بغزو لبنان، تحريض على احتلال بنت جبيل. المزيد من القصف... ومع ذلك، لم يحدث شيء البتة. بل، إن فريقاً دافع عن حواريي فيلتمان وسيسون، واعتبر أن هذا الذي قيل، طبيعي. وذهب البعض إلى فرضية مجنونة نقيض لوثائق ويكيليكس: &laqascii117o;ماذا لو فتحت الحلقات السرية في دمشق وطهران؟ لكنا وجدنا في تلك الملفات ما نجده في ويكيليكس، واحد بواحد. أي، بيت بخيانات متبادلة.
ليس غريباً أن لا يحدث شيء أبداً. فنحن لسنا نعيش في بلد واحد. ولا الشعب اللبناني شعب واحد. ولا القيم اللبنانية واحدة، ولا عدد لبنان واحد. ولا أصدقاء لبنان &laqascii117o;واحدون". هذا البلد، الذي قام على &laqascii117o;لا للشرق ولا للغرب"، لا للوحدة مع سوريا ولا للحماية الفرنسية". (نفي ونفي مضاد). كل هذه اللاءات، كانت كاذبة. فبالإمكان التأكد من صحة السياسة اللبنانية وفهمها، عندما تستبدل لا النفي، بنعم التوكيد، أي، نعم للشرق ونعم للغرب معاً. لنعم لسوريا ونعم لإسرائيل، نعم للمقاومة ونعم للغزو الإسرائيلي.
ومع ذلك، يعيشون تحت سقف واحد، يدعى الدولة اللبنانية. وعليه لن يحاكم أحد من حواريي السفارة الاميركية، ولن يحاكم أحد ممن طعن المقاومة، بل ان المتوقع، وفق سياقات الحياة في مدينة وهران اللبنانية المصابة بالطاعون الطائفي، أن تعيش الوباء السياسي، معاً. أي، غداً، يغفر فريق 8 آذار لـ14 آذار، وقد بدأ الغفران بالتقسيط. وليد جنبلاط، نال بركة الغفران من السيد حسن نصر الله. وغداً، قد يغفر فريق 14 آذار، لفريق 8 آذار، إذا جاءت الإدانة لعناصر من حزب الله، متهمة باغتيال الحريري.
تماماً كما حصل سابقاً، لقد غفروا للرئيس أمين الجميل، قصف دمشق من واشنطن. فيما كان يفاوض اسرائيل على 17 أيار. وغفر لمن ذبح الفلسطيني بأن نال أوسمة عربية ودولية. وغفر لمن هجّر الجبل، وعن ذبح أبرياء من الجنود والضباط والمواطنين. لقد غفر لمن قتل وشرد وخطف وصفى وخان وباع واشترى. لقد غفر لهم جميعاً. فتبوأ المرتكبون زمام السلطة وزمام عودة المهجرين وزمام الإعمار.
هذه ليست بيروت. ليست دولة لبنان. هذه هي &laqascii117o;وهران" الملعونة. وهذه هي حديقة النمور في اليوم العاشر، حيث تحولت فيها نمور، ولدتها أمّاتها حرة، فاستعبدت نفسها، وجيّرت أخلاقها وقيمها ومصالحها، لطغمة من المروضين الماهرين، الذين استطاعوا ان يفركوا أيديهم فرحاً بنجاحهم في تدريب الجموع الطائفية، على ارتكاب المنكر والحرام... وعلى اعتبار الوطن &laqascii117o;حديقة حيوانات في اليوم العاشر".
V ـ شباب.. اسمه الشعب بجدارة
شباب لبنان الجدد، أصحاب الحراك التغييري، ليسوا من وهران اللبنانية. لقد شفيوا من طاعون الطائفية، وخرجوا من الحَجْر الطائفي، بقوة قلوبهم وعقولهم، وقيم إنسانيتهم العالية. شباب لبنان الجدد، ليسوا نموراً في يومهم العاشر. ما زالوا يتمتعون بحرية النمر، عندما يكون طليقاً في الغابات. إنهم أحرار. مستقلون. ليسوا للإيجار والابتزاز. إنهم من صنف لبناني ممتاز وراق ومتمدن وحضاري. ولديهم عتبة إحساس مرهفة، ولذلك لا يقبلون نائباً يسير إلى جانبهم. يرفضون أحزاباً طائفية تتبرّع بدعمهم. ومن حقهم أن يحافظوا على فضيلة النمر فيهم: الحرية والتحرر من طواغيت المال والطوائف، وبهذه الحرية يسيرون إلى تغيير لبنان الطائفي بشعار: الشعب يريد إسقاط النظام الطائفي.
مـن لم يراهن بعد على هذا الجيل... عليه أن يسأل ما البديل؟ ولكن، ليس بإمكاننا أن نصغي إلى أي بديل، من وهران أو من حديقة اليوم العاشر.


- 'النهار'

الأكثرية الجديدة عن الأهداف العميقة لـ'تصعيد' الحريري: نجح في إظهار كلفة إبعاده لكن المعادلة لن تتغيّر
ابراهيم بيرم:

لا ريب ان قوى الاكثرية الجديدة هي في 'جو' ان الرئيس سعد الحريري سيواصل معها المعركة الشرسة والضارية التي فتح ابوابها منذ وجهت اليه في النصف الثاني من كانون الثاني ضربتها الموجعة، وهي اسقاط حكومته الاولى وبالتالي اقصاؤه عن سدة السلطة الاجرائية.
وكانت ايضا في مناخ، ان الحريري سيلجأ الى ما يعتبره هو 'نقطة ضعف' الآخرين، وهو موضوع سلاح المقاومة وبالتالي بجعله هدفا اوليا في لهجاته، ويصيره عنوانا اساسيا لاطالة امد المعركة، وشد ازر جمهوره، وخصوصا انه كان مادة خلاف وملفا سجاليا منذ زمن بعيد.
لكن الذي فاجأ هذه الاكثرية الجديدة، ولم يكن في حسبانها، هو ان 'يطور' الحريري من شعارات معركته ضدها الى حد 'الانخراط' في فتح مواجهة مع ايران، بما ينطوي عليه مثل هذا القرار من فتح ابواب الصراع الداخلي على مساحات اوسع واكثر صعوبة وتعقيدا، واهداف خطيرة للغاية.
وعليه، مضت بعض قوى الاكثرية الجديدة وفي مقدمها 'حزب الله' في رحلة بحث وتقص لسبر اغوار هذه الخطوة الحريرية المفاجئة، ولمعرفة ما تخفي وراءها من مقاصد تتصل بالوضع الاقليمي والداخلي، وما تنطوي عليه من محاولات 'استدراج' لتداعيات وتأثيرات معينة على مستقبل الوضع الداخلي وتوازنات القوى فيه.
لا ريب ان في حسابات هذه القوى، ان الحريري انما 'يصعد' عبر هجومه المفاجئ على ايران من شعاراته وعناوينه الصراعية، بعدما ادى عنوان الهجمة على السلاح غايته، ووصلت الى اقصى حدودها، ولم تعد شعارا جذابا او مادة مثيرة للاهتمام، لكن اختيار عنوان الهجوم على ايران في هذه اللحظة السياسية، يخفي وراءه اكثر من مسألة 'تغيير الشعار' الممجوج والبحث عن شعار اكثر اثارة، واكثر مدعاة للسجال.
ولا تخفي اوساط قيادية في هذه الاكثرية الجديدة ان اكثر ما استوقفها في 'حراك' الحريري المستجد، انه شرع في معركته 'الجديدة' فور عودته مباشرة من جولة قام بها وشملت قطر وتركيا وقبلها السعودية.
وتالياً، فالواضح انه يحاول ان يوحي الى من يعنيه الامر في الداخل والخارج انه قرر ان يكون في مقدم معركة ذات بعد اقليمي تتصل ولا شك بتداعيات الصراع الشرس المفتوح في منطقة الخليج، وهو الصراع الذي اتخذ شكلا تصعيديا بعد احداث البحرين، وقبلها احداث اليمن.
وعليه، لا تستبعد المصادر اياها ان يكون الحريري قد اعلن على الملأ  أنه يساند السعودية مباشرة في لحظة شعر فيها النظام السعودي ان الاحداث في المنامة وصنعاء، انما هي احداث في حديقتيه الخلفيتين، وتداعياتهما مهما كانت، ستطاول عمق البيت السعودي الذي لم يعد مستقرا كما في السابق.
بالطبع لم يكن الرئيس الحريري في السابق يخفي عمق العلاقة الوثيقة  بالمملكة السعودية، ومتانة ارتباطه الوثيق بقيادة هذا البلد، ولكن الذي لم يكن مألوفا ان يشرع الحريري بالانسجام مع 'معارك' السعودية وصراعاتها مع الاخرين، على هذا النحو المفتوح على كل الاحتمالات الصعبة التي ستنعكس ولا ريب على الساحة اللبنانية، وتزيد وطأة تعقيداتها وتدفعها نحو مزيد من الانقسامات والاصطفافات الحادة.
ولا شك ايضا ان ثمة لدى الاوساط نفسها من يربط بين هذه 'الانعطافة' الجديدة لدى الحريري والتي فيها تخل عن كثير من شعاراته في المرحلة الماضية، وفي مقدمها شعار 'لبنان اولا' وتحييده عن لعبة صراع المحاور، والرهان الضمني على مستجدات ووقائع جديدة يمكن ان تنجم عن المخاض الحالي للرحم السوري، ولا سيما ان في النظام السوري من لا يكتم حديثا عن 'ادوار' ما تأتي من الساحة اللبنانية تساهم في تعاظم حركات الاعتراض والاحتجاج الحاصلة منذ فترة هناك.
واذا كان الحريري شاء ان يختط لنفسه موقعا جديدا خلال تبنيه هذا الخطاب الاقليمي، ولا سيما بعدما تخطى موقعه كمسؤول لبناني يحق له ان يتحدث عن تدخل ايراني مزعوم في بلاده، ليتحدث عن 'التدخلات' الايرانية في البحرين والكويت والسعودية وكل العالم العربي، فإنه كان واضحا انه بدأ على المستوى الداخلي نهجا اخر جديدا يتخطى دوره كرئيس حكومة تصريف اعمال.
فهو بدأ فور اتخاذه المواقف الحادة من ايران، تحركاً لافتا على المستوى الداخلي شاء من خلاله ان يؤكد ان لديه جدول اعمال جديداً، فهو بدأ بممارسة دوره كرئيس حكومة اصيل، فيها من ممارسة 'النكايات' تجاه خصومه اكثر من الرغبة في دوره كرئيس حكومة تصريف اعمال.
اذ فجأة بعد نحو ثلاثة اشهر من عدم ممارسة اية ادوار او صلاحيات شارك في العديد من الاجتماعات الداخلية ورتب مواعيد خارجية عدة في مصر وقطر والكويت والبحرين.
وهكذا، ومن خلال ضمه 'حيويات' جديدة في ادائه شاء الحريري ان يؤكد لمن يعنيه الامر في الداخل انه يريد ان يعبئ الفراغ الحاصل، وانه مستعد للافادة من عجز الاخرين عن تأليف حكومة جديدة تخلف حكومته الساقطة، وانه متحرر بخياراته السياسية الى اقصى الحدود، بدليل انه اتخذ مواقف غير مجمع عليها داخليا.
واكثر من ذلك، احرج بهذه المواقف الرئاستين الاولى والثانية، واحرج ايضا رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي، وقد نجح ميقاتي في ان يرد على هذا الاحراج من خلال رد ذكي يرفض فيه ضمنا الهجمة على ايران، ادراكا منه ان الحريري شاء من خلال هذا النهج الجديد ان 'يطوق' سعي ميقاتي نفسه لاطلاق حكومة جديدة، ويزيد من الازمات التي يمكن ان ترثها حكومته لاحقا، بل ويزيد من عدد الخطوط الحمر التي احاطته بها مذ سمي رئيسا مكلفا قبل اكثر من شهرين ونصف شهر.
وهكذا بمعنى اخر، شاء الحريري انه من خلال كل هذا الحراك الذي بدأ قبل اقل من اسبوع من خلال هذا التصعيد السياسي غير المسبوق لمواقفه ان يؤكد انه ما برح الرقم الصعب على المستوى الداخلي الذي يستطيع ان يحرج خصومه، وان يجرهم الى مواقع وساحات السجال التي يريدها ويرغب بها.
وهو بهذا يكون قد رد بشكل غير مباشر على الذين ردوا على حملة السلاح سابقا من ان هذه الحملة ستصل الى وقت وتنتهي بلا نتيجة، وبالتالي سييأس وتعجز عن الاتيان بشعار اخر، لتواجه عبره الاخرين.
ومع 'اقرار' قوى الاكثرية الجديدة بأن الحريري 'نجح' من خلال الخيارات السياسية الجديدة التي لجأ اليها، ان يؤكد انه ما برح 'لولب' اللعبة في الداخل، وان تغييبه عن سدة الحكم ليس بلا تكاليف باهظة، فإن هذه الاكثرية لا ترى ان الرجل سيتخطى بهذا دور 'اللاعب المشاغب'، لأنه سيجد نفسه عاجلا ام آجلا الرجل الذي يحبذ 'التخريب' وتسخين الوضع الداخلي بالمزيد من المخاوف، وعوامل التوتير ليس الا، لأن عودته الى السلطة او تغيير المعادلات التي ارتسمت اخيرا امر شبه مستحيل، ان لم يكن مستحيلا.
والثابت في القابل من الايام ان مستوى السجال السياسي في البلد سيكون مرتفعا الى درجات غير مألوفة، اذ ان 'حزب الله' لن يستطيع بعد الان المداراة، وترك الساحة للرئيس الحريري وحده.


- 'النهار'

مخاوفه ليست جديدة ولمح إليها في لقائه وأحمدي نجاد.. موقف الحريري من إيران 'ليس افتعالاً وإنما رد فعل على الاستدراج'
سابين عويس:

ما بين الموقف الناري لرئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري من التدخل الايراني في لبنان والمنطقة وردّ رئيس الوزراء المكلف لـ'حزب الله' نجيب ميقاتي باعتباره هذا الموقف غير معبر عن ارادة لبنانية جامعة وردّ الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بدا المشهد السياسي الداخلي يخطو خطوات متقدمة نحو الانخراط الفعلي في سياسة المحاور التي تجسد القوى اللبنانية مكوناتها الاساسية، ليخرج لبنان عمليا من سياسة الحياد التي تحصن بها في الحد الادنى حيال تطورات المنطقة العربية مُهددا باخطار التحول الى ساحة صراع مع ما تحمله مثل هذه الاخطار من تهديد للاستقرار السياسي والامني الهش الذي لا يزال يتمتع به.
ولكن هل أقحم لبنان نفسه عبر مواقف قياداته السياسية في هذا الوضع ام انه استدرج اليه؟
صحيح ان لبنان ليس بعيدا عما يدور حوله وخصوصا بعدما بلغت نار الثورات الحدود السورية. الا ان  مخاوف تولدت لدى قيادات سياسية في قوى الرابع عشر من آذار حيال استغلال الساحة الداخلية اما لنقل الصراع اليها واما لتشتيت الانظار عن ساحات اخرى. وقد استشعرت القيادات عينها هذه الاخطار من تسلسل الاحداث الامنية التي بدأت بخطف الاستونيين وصولا الى حوادث سجن رومية، مشيرة الى ان الخوف ليس نابعا من احتمال انتقال العدوى الى الداخل اللبناني باعتبار انها غير متوقعة لأكثر من سبب وانما خوفا من نقل الاضطراب الى الساحة اللبنانية لتحويل الانظار عما يشهده الداخل السوري في ظل عجز النظام عن ضبط الاوضاع.
وقد لا يرحب عدد من حلفاء الحريري بمواقفه التصعيدية حيال مسألة خطر الهيمنة الايرانية على لبنان وان كان هؤلاء يتفهمون، على ما تقول اوساطهم، دوافعها ومبرراتها باعتبار ان هذه الهواجس كانت دائما حاضرة في وجدانه وقاموسه وان لم يخرجها الى العلن بهذا الشكل وبهذه الحدة الا بعد خروجه من السلطة وبلوغ المواجهة السنية – الشيعية ذروتها على خلفية تطورات البحرين.
وفي هذا المجال تؤكد المعلومات المتوافرة من مصادر قيادية في تيار 'المستقبل' ان موقف الحريري 'لم يكن افتعالاً بل مجرد رد فعل على المحاولات الجارية لاقحام لبنان في المحور الايراني'.
وتذكر هذه المصادر بأن تلك المحاولات لم تكن خافية عن زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد لبيروت في منتصف تشرين الثاني الماضي عندما دعا الى استعمال لبنان قاعدة متقدمة لايران على غرار قواعدها التي تسعى الى نشرها في المنطقة مما يعرض مصالح لبنان للخطر.
وفي ما يشبه الرد المبطن على كلام الرئيس المكلف، افادت المصادر عينها ان الحريري أعرب خلال لقائه الرئيس الايراني عن مخاوفه هذه مبديا رفضه تحويل لبنان الى محمية ايرانية. وثمة من ربط بين اسقاط حكومة الحريري في كانون الثاني الماضي ورفضه شروطا ايرانية بهذا المعنى كانت موضع بحث خلال زيارة نجاد لبيروت. والمعلوم ان العلاقات العربية – الايرانية كانت استأثرت بجزء من مناقشات خلوة الحريري ونجاد.
واذ تؤكد المصادر عينها ان مواقف الحريري من هذه المسألة جاءت بمبادرة منه تحت وطأة مناخ عربي وخليجي ضاغط تلمس حدته خلال زياراته لعدد من الدول والتي جاءت اساسا بناء على دعوة منها بهدف التشاور، رأت انه كان يمكن ايصال الرسالة عينها وانما بطريقة اقل تصعيدا منعا لاستغلالها في السجال السياسي الداخلي، مشيرة الى ان على فريق الرابع عشر من آذار من آذار وتحديدا تيار 'المستقبل' الا يقلل من اهمية التزامه الصراع مع اسرائيل بحيث لا يترك المجال مفتوحا أمام ادعاءات التخوين التي تصدر عن الفريق الخصم الذي يحتكر العداء لاسرائيل لنفسه.
لقد فتح الحريري في فترة قياسية تقاس منذ خروجه من السلطة وتحرره من موجبات حكومة الوحدة، معركتين في آن واحد: الاولى ضد سلاح 'حزب الله' المصوب الى الداخل، والثانية ضد ايران ومحاولتها تحويل لبنان الى محمية او قاعدة لها.
وأياً يكن رأي الحلفاء الذي لا يخالف رأي زعيم المعارضة، فان ثمة بينهم من يرى انه من التسرع فتح المعركتين في وقت واحد، لكن ثمة في المقابل من يرى ان الامر جاء نتيجة عاملين مقلقين:
- الاول التوجس الايراني من التداعيات السياسية لاحداث البحرين وما رتبته من موقف موحد لدول مجلس التعاون الخليجي مما رفع مستوى المواجهة الى أعلى مستوى لها منذ تفجر الصراع السعودي الايراني.
- الثاني الارتباك السوري الداخلي في ظل انفلات الاوضاع من القبضة الامنية والعجز عن ضبطها مقابل ضغوط دولية من  شأنها اعادة الوضع السوري الى المربع الاول اذا لم يضع قطاره على سكة الاصلاح، مما يجعل الوضع اللبناني مفتوحا على كل الاحتمالات في ظل انكشاف امني واضح وغياب سلطة تنفيذية قادرة على اتخاذ القرار.


- 'السفير'
حـل العقـدة الحكوميـة بالمستقلّيـن وبالشبـاب
مصطفى علي الجوزو:

لعلّ العقبة الأبرز في طريق تأليف الحكومة، إذا صحّ ما يشاع إعلامياً، هو المطالبة بالثلث المعطل أو الضامن في جهتين مختلفتين؛ وهي مطالبة منطقية نسبياً: فكتلة التغيير والإصلاح ذات حضور نيابي وازن يجيز لها، بعد رفض المعارضة الجديدة المشاركة في الحكومة، المطالبة بنسبة من الوزراء موازِنة لحضورها النيابيّ، بصرف النظر عن دقة حساباتها أو احتمال المبالغة فيها، وبصرفه أيضاً عن خطورة تمتّع فريق واحد بحقّ تعطيل قرارات الحكومة (الحقيقة أن هذا الحقّ يتمتع به فرقاء آخرون أيضاً). كما أنّ الخوف من تفرد الأكثرية الجديدة بالقرار ووقوع البلد في شبه ما وقع فيه في عهد الحكومات الحريرية، ووعد المعارضة السابقة، في حال حصولها على الغالبية النيابية، بمعاملة المعارضة اللاحقة بمثل ما عوملت هي به عند تأليف حكومة الوفاق الوطني، كل ذلك يجيز الاقتراح بتكوين ثلث معطل من وزراء رئيسي الجمهورية والحكومة وجبهة النضال الوطني، وإن لم يكن الثلث المعارض في الحكومة السابقة معطلاً ولا ضامناً، بل متمتعاً بثلث أصوات الحكومة فحسب، ولولا انحياز النائب وليد جنبلاط إليه لما سقطت الحكومة؛ كما أنّ الإلحاح على حقّ رئيس الجمهورية في إدخال موالين له إلى مجلس الوزراء بدعة تبعد عنه صفة الحَكَم بين السلطات، وتجعله عرضة لسهام النقد عند وقوع وزرائه في الخطأ أو في ما هو أكبر منه، وتُجرِّد المادة الدستورية التي تنفي عنه أي تبعة عند قيامه بوظيفته من المعنى، وتوجب إلغاءها.
المطالبة الممتنعة
لكن هذه المطالبة، وربما مطالبات أخرى أقل أهمية، تؤدي إلى شيء من الامتناع، حتى لا نقول الاستحالة. فإذا تمتعت كتلة التغيير والإصلاح بالثلث المعطل، وتمتع وزراء الرئيسين ووزاء جبهة النضال بمثل ذلك، بقي لسائر الحكومة أقل من ثلث الوزراء، وهذا أمر لا يستقيم. ولا بد إذن من صرف النظر عن التعطيل أو الضامنية. إن نظرية الثلث المعطل نظرية استثنائية أملاها الخطأ القاتل الذي ارتكبته حكومة السنيورة في 5 أيار المشؤوم، وأدى إلى شبه حرب أهلية، وقضى بعقد اتفاق الدوحة، ثم بنشوء حكومة تسوية، ولا أقول وفاقاً وطنياً. أي أن تلك النظرية نظرية ظرفية احترازية ترمي إلى تحاشي مثل ذلك الخطأ، وإلى تجنيب البلد أي فتنة. أما وقد انتقضت تلك التسوية وتفرق العشاق الألداء، فقد صار من المنطقي العودة إلى المتعارف، والمعمول به في حكومات العالم، وهو وحدة التكوين الحكومي وانسجامه وتكامل عناصره، بحيث لا يكون فيه فريقان: واحد غالب، وثان كابح.
عنصر المستقلين الأغلبيّ والمعدِّل
والعلة في طالبَيْ الثلث المعطل تجاهلهما للعنصر المعدِّل، إذا صحّ التعبير، أي الذي يؤدّي حضوره في الحكومة إلى التوازن ومنع الصدام، وهو عنصر المستقلّين. إن هذا العنصر كائن في أضخم جمهور لبنانيّ، وقد لا يستقيم أمر الحكومة الموعودة بغير إشراكه فيها، والنائب نجيب ميقاتي رُشح لرئاسة الحكومة أصلاً بوصفه مستقلاً، وإن كان في استقلاله خلاف. وربما صحّ الزعم أن المستقلّين هم أضخم جمهور في لبنان. فجمهور &laqascii117o;المستقبل" مثلاً لا يتجاوز ثلث السُنّة (وعذراً للوصف المذهبي الذي لا يمكن تجاهله في هذا النظام الطائفي)، ويبقى الثلثان الآخران مستقلَيْن في أكثرهما؛ وربّما صحّ الحساب نفسه في الموارنة، وبنسبة أقل في الشيعة. فبدل البحث عن الثلث المعطل أو الضامن، في هذه الجهة أو تلك، ليدخلْ الحكومة مستقلّون غير معادين للغالبية الجديدة، وغير متأثرين بالغالبية القديمة. وهذا الدخول يعضد الحكومة ويمنحها تأييد الغالبية النيابية والشعبية المطلقة في وقت معاً، وقد يهدّئ من مخاوف المعارضة الجديدة، ويجعل محاربتها للحكومة بغير وجه حق أمراً صعباً، حتى إذا حصلت تلك المحاربة ارتدّت على أهلها.
إشراك الشباب غير الطائفيّ
ولا بأس من أن تُشرَك في الحكومة، ولو بنسبة رمزية، تلك الحركة الشبابية المباركة الداعية إلى سقوط النظام الطائفيّ، شرط أن يكون المختارون منها مستقلّين حقاً لا ادّعاء. صحيح أن الاختلاف وَسَم هذه الحركة فبدت هدفاً للنقد، ولا سيما من قبل أنصار الطائفية السياسية، لكن الاختلاف ليس مأخذاً عليها، بل دليل على حرية التفكير والتعبير وتنوّعهما، وربما انتفاء الانتماء الحزبيّ. إن المريض يشكو ويئن، وقد يزعم أن وراء مرضه هذه العلة أو تلك، وأن ما ينفعه هو هذا الدواء أو ذاك، وليس على الطبيب الذي يسمعه أن يسخر منه، أو يرفض عيادته، إذا تبين له أنّه مخطئ في تقدير العلة أو في تسمية الدواء، بل عليه أن يصوّب رأيه، وأن يعالجه بالطريقة العلمية الناجعة. حسبهم أنهم صرخوا من علة الطائفية، وأكدوا أنها علة، على حين أن غيرهم اعتبرها دواء وضرورة، أو اعتبرها، إذا استحى، علة ليس الآن وقت معالجتها. وما أغبى المريض الذي يكذب على ذاته، أو الذي يخدع الطبيب لحاجة في نفسه.
وصحيح أيضاً أن الساسة دسوا بين المتظاهرين من يدّعون دعواهم حتى كادوا يختصرون إسقاط النظام الطائفيّ بالزواج المدني، وأنهم بدل أن يعالجوا قلب النظام ورأسه، حاولوا أن يبدأوا بمعالجة شيء آخر صلته بالسياسة واهية. لكنّ هذه الظاهرة طبيعية ولا تخدع إلا قليلي المعرفة.
وصحيح أن بعض المخلصين توهموا، وبعض المتذاكين حاولوا الإيهام، بأن المطالبة بإسقاط النظام الطائفي تعني المطالبة بالعلمانية، مع أن النظام اللبناني علماني. لكنّ مصطلحي العلمانية وإلغاء الطائفية يختلطان على كثير من الناس، ومن واجب المفكرين المنهجيين رفع ذلك اللبس، بما يكتبونه ويقولونه.
هذا الموقف ليس رفضاً للزواج المدني الاختياري، فذلك الزواج حقّ لمن يريده بمقتضى الحريات العامة، ولا سيما حرية المعتقد، التي يكفلها الدستور اللبناني، وتكفلها المواثيق الدولية التي وقعها لبنان وشارك في صوغ بعضها. لكن الزواج المدني لا يحل مشــكلة النظام الطــائفي، لأنه أمــر شخصي، ولذلك نسبوه إلى الأحوال الشخصية.
مشكلة الطائفيين المتذاكين
ومن الطبيعي إلاّ يكون أي منا معادياً للعلمانية، وهو يعيش في ظل نظام علماني، لكن المشكلة أن الداعين إلى العلمانية من الساسة يعرفون الواقع العلماني للنظام اللبناني: يقرأونه في الدستور وفي القوانين، ويسمعونه من المفكرين، عبر الوسائل الإعلامية والثقافية المختلفة، وهم مع ذلك يتجاهلون وجوده، ويحاولون استغباء الناس بالمطالبة بالعلمانية أو بالزواج المدني كلما طُرح موضوع الطائفية السياسية. وكثيرون سمعوا إحدى المشاركات في المظاهرات المعادية للنظام الطائفي وهي تطالب بإشراك المهاجرين في الانتخابات، فتساءلوا: ما صلة ذلك بالنظام الطائفي، بل أليس ذلك مطلباً طائفياً؟ قد تكون الصبيّة بريئة في مطلبها، ولكن غير البريء هو من أوحى لها ما قالت.
والأنكى من ذلك كله أن الساسة الطائفيين الذين يعلنون، بطريقة غير مباشرة، تسفيههم للدستور اللبناني وخرقَه بلا خجل، وذلك برفضهم تطبيق مادته الخامسة والتسعين القاضية بإنشاء هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية لدراسة الطرق (ولنضع خطاً تحت العبارة الأخيرة) الكفيلة بإلغاء الطائفية السياسية، هؤلاء الساسة ينصّبون أنفسهم أولياء على الوطن ومدافعين عنه بإزاء تلك الهيئة المريبة، ويقترحون طرقاً تمهيدية لإلغاء الطائفية السياسية، وكأن عيال الطائفية هم أقدر الناس على محاربتها، وكأن الدستور نص على أن تكون الهيئة المشار إليها مجموعة من الجهلة والمتعصبين والفاسدين، لا من الرؤساء الثلاثة ولا من &laqascii117o;شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية"!
إن اندساس أولئك الساسة أو أتباعهم في المظاهرات ومحاولة تشويه معناها الثوري الحقيقي، وإن تعدّد الشعارات التي أطلقت في تلك المظاهرات، كل ذلك لا يشينها، بل يؤكد ضرورة قيام الهيئة الوطنية لدراسة إلغاء الطائفية السياسية، فتبحث في مطالب أولئك الشباب وغيرهم بحثاً علمياً جدياً، وتقدم الاقتراحات بشأنها. وفي ذلك الحين يكون إشراك الشباب اللاطائفيين في الحكومة دليلاً على الاعتراف بهم، وبصحة مطلبهم العامّ، وطريقاً إلى سماع صوت الأجيال الصاعدة في أروقة الحكم، وربما كانت هذه الأصوات عاملاً على زيادة الدم النقي في أوردة الدولة، وعلى التغلب على الدم الفاسد المملوء كحولاً ومخدرات الذي يعرض لبنان لفقدان المناعة. فهل يفعلها نجــيب ميقاتي ويأتي بأكثر من ربع الحكومة من المستقلّين، على أن يكون بينهم ولو واحــد من الشباب المتظاهرين على النظام الطائفيّ، فيـــجدد دم الحكــم ويتحــاشى المطالبة بالثلث الضامن أو المعطل من أي طرف أتت؟

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد