ـ صحيفة 'المستقبل'
'المستقبل اليوم':
بدت دعوة الرئيس نبيه بري بالأمس الى صلاة استسقاء لولادة الحكومة، غريبة وفي غير ميقاتها.سابقاً، بُعيد التكليف الممهور بختم القمصان السود، وإبّان فترة التفاوض مع قوى 14 آذار والحديث عن حكومة شراكة وثلث معطّل، كان الخلاف مبرراً، خصوصاً وأن صيغاً عدّة طُرحت وجرى التداول فيها على طاولة النقاش. لكن ما هو غريب اليوم استحضار اللغة ذاتها والأدبيات نفسها، بما يَشي باستخفاف بالعقل واستهانة بالذاكرة، باعتبار أن أطراف التشكيل هم، كما يُقال، فريق واحد، الأكثرية المسروقة بالترهيب.
تبعاً لذلك، يُطرح السؤال عما إذا كان هناك من يحاول إيهام الرأي العام اللبناني بأن ثمة خلافات جوهرية وحقيقية داخل صفوف هذا الفريق، 8 آذار و'حزب الله'، أبعد من قصة المحاصصة المعهودة؟.
إذا كان الأمر كذلك، فإن الافتراض المنطقي يحيلنا إلى أن خطأً ما قد شاب نقل موقف بري لجهة الدعوة الى صلاة استسقاء، وهي في الموروث الديني محل اتفاق وبركة واستبشار، إذ المطلوب في حالة هذا الفريق 'صلاة استفسار' تكشف للبنانيين حقيقة ما يجري، وعلى ماذا يختلف المتحالفون؟
ـ افتتـاحيـة 'النهــار'
الحاجة إلى إصلاحات توافقية / بقلم الرئيس سليم الحص
التحولات المهمة التي يشهدها العالم العربي هذه الايام تتلاقى عند رابط ملحوظ في ما بينها، هو القمع. يبدو جلياً أن ما من نظام عربي يتحمل المعارضة أو النقد. فاذا ما تجرأ أحدهم على ابداء اعتراض ما على اداء الحكم كان نصيبه القمع، في شكل او في آخر. وكثيراً ما يكون الاعتراض صادرا عن قاعدة واسعة شعبياً، مع العلم ان الانظمة العربية هي في معظمها شمولية، تفتقر الى جرعة محسوسة من الديموقراطية، بمعنى أن لا اعتبار يستحق الذكر للراي العام فيها، أو لرؤى الناس في صوغ السياسة العامة، أو في اتخاذ القرارات.
وتجربة تونس، ثم مصر، كانت أنموذجا للحالة التي تجد سائر الاقطار العربية نفسها مضطرة الى مواجهتها. ففي تونس، كما في مصر، كانت انتفاضة شعبية عفوية فاعلة واجهتها السلطة باساليب العنف والقمع المعهودة. فما كان الا أن تصاعدت الانتفاضة واستقطبت مقادير متزايدة من الانخراط الشعبي، فكانت الحصيلة سقوط النظام القائم وحلول نظام جديد محله. وقد ترتب على هذا التطور المهمّ الهاب المشاعر الوطنية في سائر الأقطار العربية وإيقاظ الوعي لدى أكثر الشعوب العربية، فتحرك الوضع على وجه صاخب، ولو بأشكال ومقادير متفاوتة، في ليبيا واليمن والعراق وأخيراً سوريا.
الدرس البليغ الذي يستخلص من التجربة العربية على هذا الصعيد هو ان الحالة المستجدة ليست حالة أمنية بالمعنى الخالص للكلمة وانما هي تعبير عن شكوى اساسية لدى شعوب المنطقة صادرة عن شح الحريات العامة وعن الافتقار الى حقوق ومزايا تتلازم عموماً مع الممارسة الديموقراطية الصحيحة ، مثل غياب التمثيل الشعبي الصادق في الحكم على مختلف درجاته، وكذلك ضعف، أو شبه غياب، آليات فعّالة للمساءلة والمحاسبة، على وجه فاعل في الميادين السياسية والادارية والمالية والقضائية.
على المستوى السياسي تمارس الرقابة على وجه بارز من طريق النظام الانتخابي، كما من طريق النشاط البرلماني. فالنظام الانتخابي يؤمن آلية صالحة لمحاسبة النائب في البرلمان على ادائه، فيعاد انتخاب من يتمتع اداؤه برضى الشعب وتأييده، ويفقد المقعد النيابي ذاك الذي لا يحظى أداؤه السياسي برضى الهيئة الناخبة، أي سائر المواطنين عموماً. وتمارس الرقابة على السلطة الاجرائية، المتمثلة في الحكومة أو مجلس الوزراء، من طريق اللجوء الى طرح الثقة بالحكومة داخل مجلس النواب، فتنالها أو تحجب عنها. فاذا ما نالت الحكومة الثقة فان وضعها يتعزز فتستمر في الحكم، واذا حجبت الثقة عنها فلا يعود أمامها سوى الاستقالة أو التنحي، ليأتي طاقم جديد الى الحكم برؤية متجانسة وجديدة.
الرقابة، أو المساءلة والمحاسبة، ظاهرة مميزة للنظام الديموقراطي الفاعل، ونحن، في العالم العربي، نفتقر اليها على وجه فاعل. حتى في لبنان، الذي نقول فيه انه ينعم بالكثير من الحرية وانما بقليل من الديموقراطية، يكاد فعل المساءلة والمحاسبة على الصعيد السياسي يكون معدوماً. فالانتخابات النيابية فيه تتحكم بنتائجها الى حد بعيد عوامل سلبية غير ديموقراطية مثل المال السياسي، اذ تنفق أموال طائلة في المعارك الانتخابية، وتكون للزعامات التقليدية أو الفئوية هيمنة واضحة على مسار الانتخابات واستطراداً كثيراً ما تكون للفئوية، وتحديداً للعصبيات الطائفية والمذهبية، سطوة حاسمة على نتائج العمليات الانتخابية. وهذا ليس من الديموقراطية في شيء. وفي الميدان الاداري كثيراً ما تكون الرقابة الفعالة مفتقدة في الدول النامية، فيستشري الفساد والعقم والتسيب. وكذلك في الميدان المالي، حيث يتجلى هزال الرقابة في معدلات مرتفعة من اهدار المال العام. هذا مع العلم أن في بلد كلبنان تمارس الرقابة ظاهراً على الادارة عبر مؤسسات وجدت لهذا الغرض، مثل مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي، وتمارس الرقابة المالية من طريق ديوان المحاسبة وعمليات اعداد الموازنة وضبطها. الا أن الرقابة الحقيقية تبقى ضعيفة على كل هذه الصعد، نظراً الى وجود معوقات على المستويات الاخلاقية والتنموية والتنظيمية. هذا فضلا عن ان الفساد اضحى أشبه بالتراث والعياذ بالله.
والقضاء في البلدان الاكثر تقدماً يشكل مرجعية مهمة للرقابة على اعمال الدولة. فأي خلل في أداء أجهزة الدولة يمكن المواطن المتضرر ان يراجع القضاء في شأنه. ومن المفترض ان يحفظ بذلك حقه ومصلحته. الا ان القضاء في العالم الاقل تقدماً عموماً لا يفي بالغرض المنشود، نظراً الى الفساد السائد ووهن أنظمة الرقابة المطبقة. وبلدنا لبنان لا يشذ كثيراً عن هذه القاعدة الذميمة. من هنا قولنا المتكرر ان في لبنان الكثير من الحرية وإنما القليل من الديموقراطية. وفي ظل حال الضعف في الممارسة الديموقراطية ان لبنان معرض لمواجهة مثل الحال التي طرأت على سائر الأقطار العربية، أو أقله على بعضها، حتى الآن. وليس هناك ما يدعو الى الاعتقاد القاطع أن التحولات التي كان بعض الأقطار العربية مسرحاً لها، بدءاً بتونس ثم مصر، يمكن أن تتواصل في أقطار عربية أخرى حتى تعمّ العالم العربي أجمع. إلا أن الحصيلة في شتى الأقطار العربية يتعذر التكهن بها أو الجزم بايجابيتها في كل الحالات. لذا نحن ندعو الى إطلاق حوار وطني موسع في لبنان، استباقاً وتداركاً لانفجار أزمة شبيهة بتلك التي تعرضت لها أقطار عربية أخرى يمكن ان تنجم عنها أ خطار وانعكاسات غير حميدة، نحن في غنى عنها. نحن في لبنان في حاجة ماسّة الى اصلاحات سياسية وادارية ومالية وقضائية واسعة. هذا من المسلمات. فلنسلك طريق الاصلاح الهادىء والبناء قبل أن تدهمنا التطورات، والاصلاح ينبغي أن يكون محور حوار وطني جامع. ذلك لأن التوافق هو الذي يضمن مرور الإصلاحات من دون إثارة قلاقل أو اضطرابات لا تحمد عقباها، وخصوصاً في مجتمع تعددي كالمجتمع اللبناني، علما أن منطلق العملية الاصلاحية هو الإصلاح السياسي، الذي يكتنفه الكثير من الحساسيات والمواقف المتعارضة. من هنا الحديث عن إصلاحات توافقية وليس عن أصلاحات مملاة من فوق.
ـ 'النهار'
سياسيون وسط 'معركة العرب وسلاح إيران': نبحث يومياً عن لغة يُنصت إليها الشيعة
إيلي الحاج:
تنعقد باستمرار اجتماعات بعيدة عن الأضواء لسياسيين في قوى 14 آذار تواكب الأحداث وتحاول استخلاص العبر منها لتصويب الأداء. الآراء والملاحظات الواردة في هذا المقال تعطي فكرة، وإن جانبية مختصرة عن نوعية المناقشات، وهي مستقاة من مداخلات لشخصيات متعددة:
' يجرنا ( رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي) وليد جنبلاط منذ عام 2004 وراء نظرية أن سلاح 'حزب الله' شأن لبناني داخلي نحلّه بالحوار ويمكن استيعاب تطلعات هذا الحزب بل لبننته. عاد إلى نظريته الأساسية هذه في تحوله الشهير يوم 2 آب 2009 وهي التي قادتنا إلى التحالف الرباعي بعد 14 آذار 2005 وإلى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي أعقبتها ثم إلى حكومة الرئيس فؤاد السنيورة فاتفاق الدوحة وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية غير المأسوف عليها، وصولاً إلى معادلة 'س - س'. كل هذه السياسة دفعنا ثمنها غالياً. وخلال حقبة تلت خروج السوريين قال لنا الغرب السلاح مسألة داخلية، وكذلك العرب. وعندما دعونا الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إلى المشاركة في جلسات الحوار الوطني لمناقشة موضوع السلاح تهرّب بالزعم أنه موضوع داخلي لبناني. ولكن منذ ذلك التاريخ تبيّن بما لا يقبل أدنى شك أن هذا السلاح يتجاوز لبنان، والأصح أنه منظومة تستخدمها إيران لتفرض نفسها على العالم العربي بأكمله.
ما حصل أخيراً أن ملوكاً وأمراء وقادة دول، لا أحد يمكنه اتهامهم في عروبتهم، أعلنوا مواجهتهم التمدد الإيراني في الخليج. رآها الرئيس سعد الحريري فرصة لإعلان المواجهة مع السلاح الإيراني، أولاً لأنه بات في منأى عن الاتهامات بالسير في ركاب أميركا وفرنسا والغرب 'الإمبريالي' عموماً وبمشروع 'إسرائيلي' كما حدث مراراً في السنوات الماضية. وثانياً والأهم لتأكده أن المراوحة السياسية عند معادلة جنبلاط ('سلاح الحزب لبناني يُعالج بالحوار') تعني انسحاقه وفريق 14 آذار بكامله تحت وطأة اختلال موازين القوى بفعل السلاح الإيراني. ما قاله الحريري إن هناك مشروعاً يمتد من البحرين إلى لبنان قررنا نحن مواجهته. بين الإيراني والعربي من تختار أيها اللبناني؟
طبعاً، لجأ الفريق الآخر، قوى 8 آذار بقيادة 'حزب الله'، إلى التنديد بما اعتبره ربطاً للبنان بمحور إقليمي يهدد بحرب أهلية مذهبية سنية - شيعية، لكأن الحزب كان يفعل غير ذلك طوال الأعوام الأخيرة. لكن رد الفعل هذا لم يأت بشيء غير متوقع. ماذا عن الشيعة العاديين، غير الحزبيين، هل يُصغون فعلاُ إلى ما نقول؟ يقول أحد السياسيين: الأجوبة التي جمعتها محيّرة. أطرح على نفسي السؤال لعلني أصل إلى جواب محتمل: إذا كنت شيعياً أرى أعمالي ومصالحي تتضرر وتتهدد في البحرين ودول الخليج الأخرى... أو إذا كنت شيعياً جمعت تعب عمري في أفريقيا ووضعته في لبنان بأشغال ومنازل، وبسبب أخطاء سياسية لست مسؤولاً عنها ذهب ما جمعته في الخليج أو أفريقيا وبات مهدداً في لبنان ... فإلى أين أذهب؟ 'حزب الله' يقول إنه لا يستطيع شيئاً من أجلي ويدعوني إلى تضحية لا تقارن بما يعانيه البحرينيون الشيعة. وقطعاً لن أتوجه إلى أحزاب 14 آذار. هل يمكنني الحلم بالذهاب إلى 'الدولة' على غرار ما فعل المسيحيون المتعلقون بكميل شمعون بعد ثورة 1958 زمن فؤاد شهاب؟ في أي حال، العقوبات الجماعية التي تلوّح بها دول عربية، اقتداء بدولة الإمارات التي أبعدت مجموعات من اللبنانيين عن أراضيها يمكن أن تؤدي إلى عكس ما تتوخاه تلك الدول. العقوبات هذه ستزيد على الأرجح الشعور بالمظلومية والحرمان . وفي المستوى الأخلاقي لكنا بحثنا في تأييد احتجاجات البحرينيين مثلما أيدنا انتفاضات الشباب في دول عربية أخرى لولا البُعد الإيراني الواضح في المنامة. فإيران لا تعترف بالبحرين مما يجعل الوضع هناك شديد الخطورة والتعقيد. وواضح أن المجتمعات العربية شديدة الهشاشة مما جعل المشروع الذي خصصت له طهران إمكانات كبيرة قادراً على الخرق بقوة ليس في البحرين وحدها بل أيضاً في العراق واليمن والكويت ولبنان وفلسطين وسوريا ودول أفريقيا. يحتاج العرب الشيعة إلى مراجع شيعية عربية متنورة مثل الإمام الراحل محمد مهدي شمس الدين. وعلى القيادات الشيعية غير الموالية لإيران في العراق أن تتكلم وتعلن موقفاً.
نحن عرب ومع العرب، محسومة إسلامياً ومسيحياً بعدما تجاوزنا عقدة 'البوابة السورية'. حتى الدكتور سمير جعجع الذي لمّح إليه السيد حسن نصر الله بحديثه عمن أفاقوا على عروبتهم، عندما تحالف مع عرب من غير بوابة 'سوريا الأسد' في الثمانينيات كان الرد عليه مزيداً من التشكيك والتخوين. ولكن أين المسيحيون؟ لماذا يبدو الرئيس الحريري شبه وحيد في حركته السياسية؟ الظروف ملائمة ليخرج المسيحيون من انكفائهم ويستعيدوا دوراً فقدوه منذ عصر النهضة في العالم العربي. أليس المفترض أنهم رواد الحداثة؟ فليدعوا ويعملوا في المجتمعات والدول العربية ومعها من أجل الحريات والديموقراطية بما تتضمن من انتخابات حرة وتداول للسلطة وإعلام وأحزاب وليبرالية وانفتاح وتطوّر. هم قادرون على هذا الدور، وخصوصاً أننا في عصر 'الفايسبوك'. يجب ألا يتلهوا أكثر بتفاصيل انقسامات زعمائهم وحساباتهم المحلية، اجتمعوا أم لم يجتمعوا في بكركي. هناك قاعدة ذهبية تُستخدم في عالم التجارة يجدر بهم أن يتأملوا فيها: 'فكّر بصغارة تبقَ صغيراً'.
ـ 'النهار'
كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله
نديم قطيش (صحافي):
الازمة تستدعي مصارحة من نوع مختلف. فالكثير مما قلته عن نيات البعض ورغباتهم وعواطفهم واحلامهم صحيح. لكنهم لا يختلفون عن بيئة 'حزب الله' نفسها عام 1982...
سماحة السيد،
لن أضيع وقتك بلعبة مضجرة حول رد التهم التي رميت بها أكثر من نصف الشعب اللبناني، بالتآمر عليك وعلى 'حزب الله' إبان حرب تموز، وبعد هذه الحرب. اللعبة المضجرة، تقتضي الإنخراط في ردود عصبية تطعن في التخوين، وتنفي المرتكزات التي ينهض عليها، كما تستدعي النبش في الماضي والحاضر والمستقبل، ربما، عن شواهد وحوادث وادلة للمزايدة عليك بالمقاومة وبتاريخ الإنتساب اليها، بل وبالاسبقية في حمل البندقية في مواجهة إسرائيل. سأضع هذا جانباً، ليس لنقص في صدقية تلك السجالات أو الردود وبعض أصحابها فعلاً من اهل المقاومة المبكرة، بل لأن طبيعة الأزمة التي بتنا امامها تستدعي مصارحة من نوع مختلف. أسمح لنفسي، يا سماحة السيد، أن لا أدخل في هذه اللعبة وأن أصارحك بأن في الكثير مما قلته عن نيات، ورغبات، وعواطف، واحلام،... وربما أفعال البعض في لبنان حيال 'حزب الله' صحيح. وهؤلاء ليسوا قلة عابرة لا يقام وزن لنياتها ورغباتها وعواطفها واحلامها... وربما أفعالها.
نعم يا سماحة السيد. ثمة لبنانيون راهنوا على هزيمة 'حزب الله' في حرب تموز بقدر ما خافوا من إنتصار الحزب فيها. وثمة لبنانيون لم يفهموا لماذا عليهم وعلى دولتهم أن تحمل عبء حرب لم يكونوا شركاء في إتخاذ قرارها ولا كان في وسعهم مساءلة من إنخرطوا فيها. كما لم يفهموا لماذا ينبغي ان يقع على عاتقهم تحمل اكلاف إعادة إعمار الدمار المخيف للحرب.بل ثمة لبنانيون كثر رغبوا لو يعاقب جمهور 'حزب الله' على نتائج الحرب التي غادروا ساحتها ملوحين بالاعلام البيضاء وعادوا اليها رافعين شارات النصر، وهاتفين بشعار 'فدى السيد حسن'.هم أنفسهم اللبنانيون الذين فتحوا بيوتهم ومدارسهم وساحات قراهم ومدنهم لإستقبال أكثر من مليون نازح من جنوب النار والدمار في تلك الحرب.
نعم يا سماحة السيد. ثمة لبنانيون يخافون من 'حزب الله' ولا يمانعون أن يتبدد سبب خوفهم بأي طريقة متوافرة، هم الذين يختبرون يومياً أن الحزب المخيف لا يمانع في أن يوفر لهم الاسباب والبراهين التي تعزز من صدقية هذا الخوف. فكيف إذا كان الحزب هو من جر على نفسه وعلى البلد سبل الاضعاف والإنهاك؟!
هؤلاء اللبنانيون، لم يقولوا أكثر مما قاله الوزير محمد خليفة حين عبر عن اقتناع بتورط 'حزب الله' في الاغتيالات والتفجيرات في لبنان، وهذه شهادة تتجاوز في قيمتها السياسية اي قرار ظني مرتقب... قال خليفة 'إذا فشلت سوريا في التوصل إلى ترتيب مع لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة ومحكمة الحريري، فإن حزب الله سيجعل حياتنا جحيماً، وستكون هناك عودة إلى السيارات المفخخة والهجمات الإرهابية'.
هؤلاء اللبنانيون لم يسعوا الى أكثر مما تحدث عنه الوزير والنائب ياسين جابر، من ايجاد السبل لوقف تهريب السلاح، ليس لأنهم متآمرون، بل لأنهم، كما السيد جابر، مؤمنون أن الحزب 'دمر سبل العيش'.
نعم يا سماحة السيد، ثمة لبنانيون كثر فازوا في الإنتخابات النيابية الشرعية مرتين متواليتين ولا يشاطرون 'حزب الله' إقتراحه حول نوعية الصراع مع إسرائيل. بل أصارحك القول إنني سمعت من كثر من هؤلاء ما يثبت أن حساسيتهم حيال السلاح أعلى بما لا يقاس من حساسيتهم حيال إسرائيل، لأن هؤلاء مقتنعون بأن الطائرات الاسرائيلية لن تَغير على لجان فرز الاصوات في أقلام الاقتراع إذا ما بدت النتيجة مغايرة لشهوات تل ابيب، بقدر إقتناعهم ان 'حزب الله' لن يتردد لحظة في استخدام سلاحه من أجل تغيير نتائج العملية الديموقراطية، وهو لم يتردد.
هؤلاء يا سماحة السيد يشعرون، فعلا، ان الخطر الحقيقي اليوم هو على النظام السياسي والحياتي والإجتماعي والاخلاقي وليس متأتياً عن اي إجتياح اسرائيلي محتمل. نعم النظام نفسه: المهترىء، والضعيف، وغير العصري، والمانع لتمثيل اقل حدةً في نتانته المذهبية... لكن، ايضا، النظام، الذي وإن لم يدخلنا جنة الحداثة المرجوة، ما زال قادرا على حمايتنا من جحيم اللادولة...
بل ثمة، يا سماحة السيد، لبنانيون اليوم يعتبرون بصدق أن هذا السلاح نفسه هو ما يستدعي الحروب الاسرائيلية على لبنان، ليس لأن إسرائيل لا تريد بنا شرا، بل لأن لبنان، وبكل بساطة، انهى عبر سلسلة معقدة من الديناميات السياسية والعسكرية، ومنذ العام 1985، ما يمكن تسميته الرهان السياسي للمغامرة الاسرائيلية العسكرية في لبنان.نعم يا سماحة السيد إن في الكثير مما قلته دقة في توصيف واقع الناس. جل هؤلاء ما عادوا يشعرون أن المقاومة تمثل حالة وطنية وظيفتها الدفاع عن لبنان في لحظة ضعف الدولة ومؤسساتها كما جاء في خطاب قسم فخامة رئيس الجمهورية، بل باتوا موقنين ان المقاومة تحولت الى مشروع منفصل وخاص وعقيدة مغلقة يتحايلون كل يوم في ابتكار أساليب التعايش القسري معها.أجزم لك يا سماحة السيد ان بين هؤلاء عملاء وخونة ارادوا الشر بحزب الله من أجل عائدات وضيعة، أو نتيجة ضعف خطير في مستوى الإنتماء الوطني لديهم، وهم ممن لا تخلو المجتمعات منهم في كل الدنيا.ولكن أجزم لك، باليقين نفسه، أن أكثرية هؤلاء مواطنون لبنانيون صالحون محبون لبلدهم ولأبنائه ولا يريدون له الا كل الخير. ناس وطنيون لم تمسسهم اي علاقة مريبة بسفارة او جهة استخباراتية...
ناس يا سماحة السيد مجرد ناس، وصلوا في لحظة من اللحظات الى الكفر بأحد أهم الاعصاب المؤسسة للعقد الاجتماعي بين مجموعة من البشر وهو مبدأ التكافل والتضامن الاجتماعي...
ناس لا يختلفون في مواقفهم وعواطفهم الراهنة عن بيئة 'حزب الله' نفسها التي في العام 1982 رحبت بإسرائيل حين بدا أن الخيار الاسرائيلي يخلصها من سطوة السلاح الفلسطيني الذي أمعن اعتداء على كراماتهم واعراضهم وارزاقهم ومستقبلهم. لا يختلفون عن البيئة التي عبرت عن غزل علني مع اسرائيل طوال عشرة اشهر تلت الغزو الاسرائيلي للبنان... البيئة نفسها التي عشية إختفاء الامام موسى الصدر كانت على إشتباك يومي مع مجموعات الفدائيين وليس مع اسرائيل، وذلك على اقرب الخطوط الى فلسطين المحتلة...
عليه، اعتقد يا سماحة السيد أنك طرحت في خطابك الاخير، علينا وعليك، السؤال الاساس وربما الاهم، ليس منذ التحرير عام 2000، بل منذ نشأة حزب الله عام 1982... 'كيف يمكن بناء بلد إزاء مثل هذا المنطق؟'.
هذا هو السؤال الذي ينبغي أن لا يتقدم عليه سؤال اليوم، كما لا تنبغي للإجابات عنه ان تتلون بأي لون من ألوان التحايل او التزلف او الإسترضاء أو الرهانات الرغبوية.
طبعا ليست هذه الرسالة المكان المناسب لاقتراح الاجابات ولكنها للقول إن حل هذه المعضلة ليس بالتأكيد عبر المزيد من التعبئة، وهنا ليست صدفة ان مؤسسات 'حزب الله' التي تترجم 'عقل الحزب' تنتمي الى فئة التعبئة أكانت اعلامية او طالبية او نسائية... كما الحل ليس بسن الحجج وشحذها من أجل حشد الناس خلف المقاومة، وليس، بالتأكيد، بالقفز فوق الإجماع الوطني الذي تكابر المقاومة في عدم الحاجة اليه... فسؤالك يا سماحة السيد، الدقيق والصادق، يقول إنه من دون إجماعات مؤسسة لا تبنى الاوطان...والتفاهم مع الحزب على حاضر ومستقبل سلاحه ومشروعه لا يقع خارج هذه الاجماعات المؤسسة، إذ أن مثل هذا الخلاف ليس بالتأكيد من نوع الاختلافات التي تتكفل في الدول الديموقراطية مؤسسات البرلمان والمحاكم والجيش علاجها.
هؤلاء الناس، يا سماحة السيد، ليسوا فئة ضالة مغرراً بها، بل مواطنون حازوا على غالبية برلمانية مرتين متواليتين وفيهم الكثير الكثير من الذين ينبغي لمواقفهم وعواطفهم اليوم ان تطرح عليك السؤال 'لماذا وصلنا الى هنا؟' بدل ان تكون 'الهنا' مجرد ذريعة للإستقواء والتخوين والطعن، أو بإعتبار هذه 'الهنا' تحصيل حاصل في بلد مكتوب له ان يبقى مقسوماً الى فسطاطين... خونة ومقاومين!!
ـ 'الديار'
ننتظر جواباً من السيد حسن نصرالله
شارل أيوب:
لدينا سؤال للرئيس نجيب ميقاتي والسيد حسن نصرالله والعماد عون وهم لهم الدور الاوّل في تشكيل الحكومة، هل فعلاً تريدون تشكيل حكومة جديدة ام انكم لا ترغبون بتشكيلها في الظرف الراهن لأن التوقيت غير مناسب لأسباب لا نعرفها؟مضت فترة طويلة ليست قصيرة منذ تكليف الرئيس ميقاتي بتشكيل الحكومة وحتى الآن والظروف مناسبة لتشكيل حكومة، ذلك ان اكثرية جديدة نشأت من 68 نائباً والقواسم المشتركة بين الاكثرية الجديدة موحّدة بالنسبة للمقاومة وبالنسبة للمحكمة الدولية وبالنسبة لشؤون سياسية عديدة، وساهم في تشكيل الأكثرية الجديدة النائب وليد جنبلاط بكتلته التي تناقصت من 11 نائبا الى 7نواب، فتشكّلت الاكثرية الجديدة وتكلّف الرئيس ميقاتي. تشكيل الحكومة لم يكن بالأمر اليسير، لم يكن عادياً ان يخرج جنبلاط من 14آذار وان يقبل بإسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري وان يتخلّى عن ترشيح الرئيس الحريري، كان ذلك امراً صعباً على الوزير جنبلاط بمقدار ما كانت الصعوبة كبيرة ان تتمّ المصالحة بين الحزب التقدمي الإشتراكي بقيادة جنبلاط مع حزب الله ومع سوريا. بالنتيجة تغيّرت نتائج الإنتخابات النيابية جذرياً، فبعدما كانت الأكثرية بقيادة تيار المستقبل اصبحت الأكثرية النيابية الجديدة بقيادة حزب الله، ولذلك، وفي ظلّ هذه الإعتبارات وببساطة الأمور ووضوحها، اعتقدنا ان تشكيل الحكومة لن يأخذ اكثر من اسبوعين كحدّ اقصى وعلى الأثر تتشكّل الحكومة، لكن نحن نقترب من نهاية الثلاثة اشهر والحكومة لم تتشكّل، ولذلك نوجّه السؤال الى الرئيس ميقاتي والسيد حسن نصرالله والعماد ميشال عون، هل فعلاً تريدون تشكيل الحكومة أم لا؟ ربما تكون هنالك أسباب عربية اقليمية خاصة كالصراعات الإقليمية بين السعودية وإيران، وخاصة انعكاسات تغيير الرئيس حسني مبارك في مصر قد ادّت الى تجميد تشكيل الحكومة، ولذلك فمن واجب الاكثرية الجديدة ان توضح لجمهورها انها تتريّث بتشكيل الحكومة الجديدة لأسباب اساسية وتعمل في ظلّ حكومة تصريف اعمال على الحدّ الأدنى من تسيير شؤون الناس المعيشيّة والحياتيّة.
هكذا نرى الأمور ببساطتها من دون اختلاق نوايا سيّئة او التفكير بمؤامرات وغيرها، لكن الذي لا نفهمه ان تتحوّل الاكثرية الجديدة الى كتلة خلافية داخلية خاصة بين الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي والعماد عون. ففي فترة تشكيل الحكومة السابقة برئاسة سعد الحريري كان هنالك مشكلة هي توزير جبران باسيل في وزارة الاتصالات، أو على اساس عدم توزيره لأنه نائب راسب، وتمّ حلّ هذه العقدة بتوزير جبران باسيل مع توزير بطرس حرب وتشكّلت الحكومة. اما اليوم فلا نعتقد ان مشكلة توزير جبران باسيل هي العقدة بل نعتبر ان هنالك اشارات حقيقية لخلاف بين رئيس الجمهورية والعماد عون، وهل فعلاً وزارة الداخلية يمكن ان تكون هي العقدة الحقيقيّة ام أنّه لو اراد حزب الله وضع ثقله لتشكيل الحكومة كان بإمكانه التوسّط بين الرئيس سليمان والعماد عون على المجيء بوزير داخلية يرضى عنه رئيس الجمهورية والعماد عون معاً. من أجل مصداقية الاكثرية الجديدة، من أجل تبرير اسقاط الحكومة السابقة عبر استقالة 11وزيراً، من أجل تبرير كل ما حصل لتكوين الاكثرية الجديدة، المطلوب أن تقدم الاكثرية الجديدة على تشكيل حكومة دون ابطاء او تأخير، اذ لا يجوز ابقاء البلاد دون حكومة طالما ان هنالك تكتّلاً نيابياً يصل عدده الى 68 نائباً وهو قادر على منح الثقة لحكومة جديدة وباستطاعة قادة هذا التكتّل ايجاد حلول للحقائب واسماء الوزراء من خلال التنسيق القائم بين قادة تكتّل الأكثرية الجديدة.
فعلاً ليس لدينا جواب نقتنع به عن اسباب تأخير تشكيل الحكومة، ومن حقّنا خاصة على السيد حسن نصرالله، لحجم المسؤولية التي يتحمّلها كقائد للمقاومة، ومن خلال صراحته وقراراته الحاسمة التي ظهرت في مناسبات استثنائية وتاريخية، ان يعلن او يقرّر مع حلفائه في الاكثرية الجديدة ابلاغنا كجمهور لبناني له الحقّ في معرفة ما اذا كان القرار الفعلي هو عدم تشكيل الحكومة لان أمور الناس مرتبطة بهذا التشكيل، فهنالك من يريد الإقامة في لبنان والمباشرة بمشروع صغير او كبير، وهنالك شبان وشابات يريدون معرفة ما اذا عليهم البقاء في لبنان للعمل فيه بعد تشكيل الحكومة وانفراج الأوضاع او السفر الى الخارج للعمل خاصة في دول الخليج، كما ان آلاف المعاملات جامدة في الوزارات لا يوقّع عليها الوزراء وهي تشلّ حركة اعمال المواطنين ومصالحهم. من هنا تقع مسؤولية على الأكثرية الجديدة بأن تقرّر بشكل حاسم ونهائي اخذ القرار بشأن تشكيل الحكومة او الإعلان عن انها تريد تأخير التشكيل لأسباب خارجية اقليمية، او ان تعلن الأكثرية الجديدة عن عدم قدرتها على تشكيل حكومة. الناس تسأل ماذا تفعل؟ كيف تتصرّف؟ ماذا تقرّر؟ خاصة وان قسماً كبيراً من الناس سلّم امره للأكثرية الجديدة واعطاها ثقته وله الحقّ كمردود لهذه الثقة ان يعرف مجريات الأمور لأن ما يجري ليس طبيعياً. فما الذي يبرّر الخلاف القائم الحادّ بين الرئيس ميقاتي والعماد عون واحدهما رئيس مكلّف لتشكيل الحكومة والعماد عون رئيس اكبر تكتل نيابي في الأكثرية الجديدة، فكيف يمكن التفاؤل بتشكيل الحكومة او كيفية عملها طالما ان الأمور اصبحت بهذا الشكل، خاصة توجيه الإتهامات من العماد عون للرئيس ميقاتي، وفي ذات الوقت عدم وضوح الرئيس ميقاتي بشأن تحديد الحقائب والأسماء؟ على ما نسمع ونعرف حتى الآن، اكثر مما نقول، عن أمور نحن متأكدون منها لإننا فعلا لا نملك المعطيات الحقيقيّة للمحادثات بين الرئيس ميقاتي والعماد عون بشأن تشكيل الحكومة.
إنما نعود الى أمر أساسي، وهو انه ايّ خطر على لبنان انما يستهدف فعلاً الشعب اللبناني لكنه يستهدف فعلياً المقاومة، والسيد حسن نصرالله، كقائد للمقاومة وامين عام لحزب الله وله الدور الاساسي في اطار الاكثرية الجديدة، مطالب بإيضاح الأمور للناس، ونحن نعرف صراحته وصدقه وحبّه للناس ووضوحه في العمل القومي او الوطني او السياسي ومن هنا نضع بين يديه قضية تشكيل الحكومة والسؤال: هل ستتألف الحكومة؟ هل يريد تشكيل الحكومة؟ هل وضع كل ثقله لإزالة العقبات امام تشكيل الحكومة؟ ام انّ هنالك اسباباً مخفية غير ظاهرة تفرض التأخير، والجواب هو لدى السيد حسن نصرالله والثقة كبيرة فيه كي نحصل على جواب منه او من مسؤول في حزب الله يعلن موقف المقاومة من هذه المسألة الهامّة جداً وهي تشكيل الحكومة لتسيير شؤون البلاد وشؤون الناس وإعادة عمل المؤسسات بدل بقائها مشلولة.
ـ 'النهار'
مناقشة هادئة لموضوع السلاح
بقلم كمال ديب ( استاذ جامعي لبناني - كندا):
الحل الطوعي لنزع السلاح يتطلب العودة الى طاولة الحوار، ونجاح الحوار مرهون باتفاق واضح وصارم على تحديد العدو بين جميع الافرقاء اللبنانيين. وليس قدرا ان يسبق الحوارات الناجحة التقاتل بين اللبنانيين.
تصاعد التوتّر السياسي في لبنان على موضوع قديم-جديد: هو قديم منذ ظهور سلاح المقاومة الفلسطينية في جنوب لبنان في نهاية الستينات وفشل الدولة اللبنانية وبعض الأحزاب في نزعه. وهو قديم منذ انسحاب الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان في أيار 2000 وتصاعد المطالبة بنزع سلاح 'حزب الله'. وهو قديم لأنّه كان الموضوع الوحيد على طاولة الحوار في آذار 2006، وهو قديم ايضاً منذ انتهت حرب تموز 2006 وعاد الضغط منذ مساء 14 آب على 'حزب الله' لنزع سلاحه. إذاً هو موضوع لن يتوقف.
وحسناً فعل الكاتب محمد علي مقلّد ('في نقد 14 آذار'، 'قضايا النهار' (13-3-2011) بتنفيذه أساليب نزع سلاح 'حزب الله' (أسلوب طوعي عندما يقتنع 'حزب الله' بذلك، أو أسلوب القوة من طريق طرف من قياس إسرائيل أو سوريا أو بعد زج السلاح في حرب أهلية) وتأكيد مقلّد أنّه باستثناء الخيار الأول كل الخيارات الأخرى مكروهة وواجب الجميع درء الحرب الأهلية والتدخل الخارجي.
الحلّ الطوعي لنزع السلاح يتطلّب العودة إلى طاولة الحوار التي يرعاها رئيس الجمهورية ميشال سليمان والتي تعالج بنداً أوحد هو السياسة الدفاعية التي ستحلّ مكان السلاح. وفي رأينا أنّ نجاح الحوار مرهون باتفاق واضح وصارم على تحديد العدو بين جميع الأفرقاء اللبنانيين. فقد كانت مهزلة في 22 تشرين الثاني 2010 أن يحتفل أركان الدولة بعيد استقلال لبنان فيما الطائرات الاسرائيلية تسرح وتمرح في سمائه وتمرّ ساعة تشاء فوق القصر الجمهوري وكأنّ هذا الأمر لا يعني حكومة لبنان ودولة لبنان. وكانت فضيحة أن تأخذ طائرات الأباتشي الإسرائيلية كل ما تحتاجه من الوقت لنسف مدارج مطار بيروت وإغلاقه يوم 12 تموز 2006 دون أن يتصدّى لها الجيش. هذا المطار الذي بلغت كلفة إنشائه 600 مليون دولار لم يجد في الدولة من يخصّص بضعة ملايين للدفاع عنه ولو بشبكة صواريخ أرض-جو متواضعة. وتمتد المهازل والفضائح منذ 1968 يوم أصبحت الدولة اللبنانية مشاعاً لاسرائيل تغير عليها ساعة تشاء وتجتاحها كل بضع سنوات حتى بلغ عدد ضحايا اسرائيل اللبنانيين خلال 38 عاماً 24 ألف شهيد و50 ألف جريح، عدا الخسائر المادية التي قدّرت بعشرات مليارات الدولارات. من أوجه أزمة الكيان أن لا يتفق أبناؤه على عدو مشترك. فثمّة عداء تاريخي لدى البعض تجاه سوريا، وثمّة تجاهل لدى البعض الآخر للخطر الذي تشكّله اسرائيل على لبنان، وثمّة وعي لدى بعض ثالث حول خطر اسرائيل على لبنان ولكن هذا البعض يتجاهل حقيقة أنّ جزءاً كبيراً من اللبنانيين لا يستطيع ولا يقبل أن يصبح لبنان دولة مواجهة دائمة وجزءاً من معادلة إقليمية.
وقد يقول قائل إنّ اسرائيل تعتدي على لبنان بسبب السلاح – أكان فلسطينياً في السابق أو لبنانياً اليوم. وبداهة أنّ هذا صحيح إلى حدّ ما ولكنّه وُجد لأنّ الدولة اللبنانية تقاعست عن واجباتها الدفاعية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. فضُعفُ لبنان اليوم بدون أي قوّة عسكرية تدافع عنه قد يؤدي إلى توطين 400 ألف فلسطيني دون أمل بعودتهم إلى بلدهم ويعني عدم تحرير ما تبقى من أراضي لبنانية محتلة، ويعني فرض اسرائيل إملاءات على لبنان لا تعير أهمية لمصالحه الحيوية وكرامته الوطنية وسيادته كما حدث في مفاوضات خلدة وكريات شمونة عام 1983. ولذلك فإنّ تحديد العدو شرط ضروري لتقوية الهوية الوطنية اللبنانية والتوافق على سياسة دفاعية ومقومات دفاع ترضي جميع اللبنانيين دون استثناء. وهذا التوافق يحتاج إلى حوار.
إنّ أي حل للأزمة اللبنانية الحالية ينطلق من أولوية الحوار لا من عنف الشارع. وثمّة مقولة أصبحت ثابتة لبنانية: إنّ اللبنانيين محكومون بالحوار. لقد مرّ لبنان بمراحل تاريخية عدّة شابتها الحروب فلم يجد مخرجاً منها إلا بالعودة إلى طاولة الحوار. وحروب لبنان وحلقات العنف المتكرّرة أثبتت أنّ لا بديل من الحوار والكلام مهما طال هو أفضل من الرصاص. فالسلم الأهلي عام 1990 جاء بعد سلسلة حوارات واتفاق الطائف هو ثمرة حوار وطني، وحوار الدوحة في أيار 2008 أوجد تسوية لأزمة اشتعلت منذ 2005. فلم يكن ممكناً حلّ الأزمات عبر فوهة المدفع. لقد إرتكب اللبنانيون كل المعاصي بدءاً بتزوير الانتخابات إلى التطهير المذهبي والاثني للمناطق والذبح على الهوية، ولكنّهم خسروا جميعاً عندما نُظّفت المناطق واستتب الأمر في الثمانينات لأمراء الحرب، وانتقل الاقتتال الى داخل كل فئة. فلم يكن أسوأ من حكومة مقتوها قبل الحرب سوى أمير حرب يحكمهم بأسلوب دكتاتوري أثناء الحرب. وغابت المؤسسات الدستورية. وهذا عانى منه اللبنانيون مراراً وباتوا اليوم توّاقين إلى دولة عصرية حديثة وجيش شرعي. ولذلك فالعقل يقول أن يذهب لبنان إلى طاولة الحوار.
ثمّة قائل إنّ الحوارات الوطنية الناجحة سبقها تقاتل بين اللبنانيين ليتبيّن مَن سيتنازل لمَن (أو كما وصفه الوزير ألبر منصور أنّه 'يجب أن يخسر فريق لبناني ضد آخر لأجل الوصول إلى تسوية'). ولكن هذه القاعدة ليست قدراً، بل إن أفضل الحوارات يمكن أن تتم في جو ديموقراطي هادىء يتوقّع الأزمات قبل وقوعها ويصل إلى صيغ توافقية بفضل جو الهدوء فلا يشعر المشاركون أنّهم يتحاورون تحت ضغط انفجار الشارع. لقد شارك اللبنانيون في الماضي وفي أزمنة السلم في عدد من الحوارات الوطنية البنّاءة لمعالجة أمورهم السياسية. وكان مجلس النواب لجنة دائمة للحوار ولكنّه لم يعد يلتقي إلا نادراً. وللحوار أهله في لبنان، وهم كُثر. ومتى وُجدت إرادة الحوار سيكون في لبنان حشد كبير من المؤدّبين والمثقفين والسياسيين الحريصين على إنجاحه.
وفي الحال، فإنّ المطلوب من الحوار اليوم معالجة قضايا مشتركة لكل اللبنانيين كالوضع الاقتصادي والمعيشي وحقوق الانسان والحريّات العامة، ووضع أسس لقيم حضارية مشتركة وللمشاركة السياسية الصحيحة. وثمّة مجموعة من القواسم المشتركة تجمع بين مثقفين لبنانيين من طوائف عدّة كاللقاء على العلمانية والحقوق المدنية وفصل السلطات والديموقراطية. وسيكون الحوار صادقاً إذا تجاوز الطوائف والخطاب الطائفي ووصل إلى تفاصيل مجتمع ديموقراطي علماني. إنّ النظام الديموقراطي يتطلب 'الحد الأدنى من إرادة العيش معاً في بلد واحد ومجتمع واحد' على حد قول ارنست رينان. وهذه الإرادة تتضمّن الشروط التالية: التفاهم على أنّ المحافظة على لبنان تعني أنّ الحوار المتواصل أمر لا بد منه. وأنّ هذا الحوار يجب أن يؤدي إلى تنازلات وحلول وسطية. التفاهم على ضرورة المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله وعدم اللجوء إلى حماية ودعم قوى خارجية لطموحات داخلية. ضرورة الإبقاء على جيش شرعي وطني قوي وموحّد. إذ كما تبيّن من حروب لبنان وغير لبنان أنّ أول مظاهر تفتّت الدول التعددية هو تعطيل الجيش وتهميش دوره. لتصبح مهمة الدفاع عن المجتمع المجزّأ إلى كانتونات من صلاحية الميليشيات وتستبيح اسرائيل حدود البلد. التفاهم على لغةِ تخاطبٍ سياسيّةٍ أخلاقية. إذ من المعقول جدّاً أن يُساء استعمال التعابير والمفردات في مجتمع تعددي لتعني أشياء مختلفة وبالتالي أن تؤدي إلى مزيد من سوء التفاهم وتعميق الخلاف وربما إلى العنف.
ـ 'النهار'
العسكر غير مدربين لإدارة الإنتقال المصري
سركيس نعوم:
ماذا عن مصر والتطورات الجارية فيها؟ سألتُ اجاب المسؤول السابق نفسه: 'مصر تشغل بالي وبال اميركا. هناك اقتناع بأن 'الإخوان المسلمين' يمكن ان يتصدروا الثورة او ان يقودوها وبأن ايران هي حليفتهم الابرز'. علّقتُ: انا لا اقول ان ايران حليفتهم او انهم يعملون لها. فهم ليسوا كـ'حزب الله' في لبنان. ربما يتلقون منها مساعدات لا اكثر. ردّ: 'المؤسسة العسكرية لن تفعل شيئاً. لا تعرف كيف تدير عملية انتقال مصر من نظام الى آخر. ليست مدربة لتقوم بذلك. هي لا تريد طبعا ان يتدخّل احد في شؤونها كالتسليح مثلا، وقد تواجه من يحاول ذلك. المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري الحاكم اتخذ قراراً بإبعاد اللواء عمر سليمان. في اعتقادي انه قرار خاطىء. كان يمكن ان يُبقيه فترة لأنه في حاجة اليه. فهو يعرف بالملف العربي وبالملف الفلسطيني وبالملف الاسرائيلي. وطنطاوي وضباطه ليست لديهم معرفة كهذه'. ماذا عن الاردن ثانية وبالتفصيل هذه المرة؟ بماذا اجاب المسؤول الاميركي الرفيع السابق نفسه؟
ـ 'النهار'
بعدما نجحت في جمع الزعماء المسيحيين حول الثوابت هل تنجح بكركي في تحقيق العبور إلى الدولة؟
إميل خوري:
السلاح خارج الدولة سبَّب حرب عام 1975، والخلاف على وجود القوات السورية في لبنان أشعل 'ثورة الأرز' و'انتفاضة الاستقلال' بعد سلسلة اغتيالات استهدفت الرئيس الحريري وخيرة رجال لبنان. فأي ثمن سيدفعه لبنان إذا استمر الخلاف على سلاح 'حزب الله'؟
(...) في الماضي كان السؤال الذي يطرح على القيادة السورية هو: متى تقرر سحب قواتها من لبنان، فكان الجواب تارة بالقول: عندما تطلب الحكومة اللبنانية ذلك، وتارة أخرى: عندما تطلب السلطة اللبنانية ذلك وأخيراً عندما يطلب الشعب اللبناني ذلك...والسؤال الذي ينبغي أن يطرح على قيادة 'حزب الله': متى يتخلى الحزب عن سلاحه.؟ وهل عندما يتحقق السلام الشامل والعادل مع اسرائيل؟ هل عندما يتحقق السلام مع اسرائيل من جهة ولبنان وسوريا من جهة اخرى؟ هل عندما تنسحب اسرائيل من بقية الاراضي اللبنانية التي يحتلها وهو ما اشار اليه الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله في إطلالته التلفزيونية الاخيرة، والذي يناقض قول نائبه الشيخ نعيم قاسم عندما اعلن ان سلاح الحزب باق حتى وان انسحبت اسرائيل من بقية الاراضي اللبنانية التي تحتلها، وكأنه يريد ان يقول ان هذا السلاح باق الى ان يتحقق ليس السلام الشامل في المنطقة فقط، بل الى ان يتم التوصل الى تفاهم مع ايران حول برنامجها النووي؟لذلك مطلوب من 'حزب الله' ان يجيب عن سؤال: متى يتخلى عن سلاحه، او هل يقبل ان يضع هذا السلاح بإمرة الدولة الى ان يتحقق السلام مع اسرائيل كي يصير في الامكان اتخاذ موقف في ضوء هذا الجواب؟
ان المحادثات حول الاستراتيجية الدفاعية ظلت تدور في حلقة مفرغة في اجتماعات هيئة الحوار الوطني، وقدم معظم المتحاورين مشاريع وافكارا حول هذه الاستراتيجية ما عدا 'حزب الله' وكأنه يريد ان يبقي الوضع على ما هو ومحكوما بمعادلة مكتسبة يتكرر ذكرها في البيانات الوزارية وهي: 'الجيش والشعب والمقاومة'، وان زعماء مسيحيين هم مع هذه المعادلة ومع بقاء سلاح 'حزب الله' ما دامت الدولة ضعيفة، والجيش غير مجهز تجهيزا كافيا كي يستطيع التصدي لأي عدوان اسرائيلي، وطالما ان الدول الصديقة وتحديدا الولايات المتحدة الاميركية لا تزوّده اسلحة ثقيلة وحديثة بضغط من اسرائيل، كي لا يبقى عندئذ مبرر لبقاء سلاح في يد المقاومة.
لقد اختلف الزعماء المسيحيون حول بقاء الوجود العسكري السوري في لبنان، وهم مختلفون اليوم حول وجود السلاح في يد 'حزب الله' وخارج امرة الدولة. فهل يتوصلون الى اتفاق على موقف واحد من هذا السلاح بحيث تتحقق عندئذ وحدة الهدف اذا تعذر تحقيق وحدة الصف؟
هل ينجح البطريرك الراعي في تحقيق وحدة الموقف والهدف بين الزعماء المسيحيين ليس حول الثوابت الوطنية فحسب بل حول اعطاء مفهوم واحد لها، وفي رأس هذه الثوابت الاتفاق على سبيل العبور الى الدولة لان السلاح خارج الدولة لم يكن في اي يوم من الايام هو الحل او هو البديل منها، وقد جربت كل المذاهب والطوائف حمل هذا السلاح فكانت نتيجته وبالا عليها وعلى الوطن. عسى ان ينجح البطريرك المقدام بشارة الراعي في تحقيق العبور الى الدولة فيكون بطريرك هذا العبور، كما نجح سلفه البطريرك الكاردينال صفير في استعادة سيادة لبنان واستقلاله وحرية قرار الوطن فكان بطريرك الاستقلال الثاني.
ـ 'النهار'
تحولات المجتمع الإسرائيلي
بقلم انطوان شلحت ـ عكا:
قيام إسرائيل اخيراً بتعيين رئيس جديد لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك) من أوساط المتدينين (يورام كوهين) وقبله تعيين رئيس جديد لـ 'مجلس الأمن القومي' من هذه الأوساط نفسها (يعقوب عميدرور) شكل مناسبة لجدل داخلي بشأن ازدحام المحيط المقرّب من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بشخصيات تعتمر القبعات الدينية، وما يمكن أن يترتب على ذلك من تداعيات أو مداليل سياسية باعتبار هذه الأوساط يمينية بامتياز.
وتنقسم آراء المتساجلين بين قائل إن هذا 'التطوّر' يشي بإمكان شطط شيطان التطرّف لأن المتدينين سيسمعون أوامر حاخاميهم لا أوامر قادتهم عندما يعارض بعضها بعضاً، وبين مؤكد أن هؤلاء سيلتزمون متطلبات وظائفهم الرسمية ويخلصون لها حتى إذا خالفت آراء الحاخامين.
ويبدو هذا السجال الذي يُتوقع له أن يستمر مثيراً للاهتمام، خصوصًا في ضوء حقيقة أن وصول أشخاص متدينين إلى أرفع المناصب الأمنية في إسرائيل يعكس في العمق تحولات بنيوية آخذة في التعاظم في الآونة الأخيرة داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، وتدل على أنه ماض نحو نزعات أكثر تديناً وبالتالي أشدّ يمينية.
ووفقاً لأحدث دراسة علمية في جامعة حيفا أنجزها البروفسور أرنون سوفير، أحد أبرز خبراء الشؤون الديموغرافية في إسرائيل، وحملت عنوان 'إسرائيل 2010 – 2030: في الطريق إلى دولة دينية' فإن المتدينين اليهود سيشكلون غالبية بين السكان في إسرائيل في 2030 بما من شأنه أن يؤدي إلى واحد من ثلاثة احتمالات: أولاً، أن تنجح الغالبية العلمانية في إقامة تحالف يدعم ثورة علمانية في جميع المجالات؛ ثانياً، أن تتحوّل إسرائيل إلى دولة تشمل مجتمعا دينيا وحريديا متزمتاً يزداد باستمرار ويقترن ذلك باتساع حجم الفقر، وستكون هناك أقلية علمانية تقبل بنمط حياة دينية وبسلطة دينية؛ ثالثاً، قيام القيادة الدينية بدفع شعب إسرائيل نحو ضم الضفة الغربية ما سيتسبب باستمرار ضعف الديموقراطية أمام قوى معادية لها، وتوقف الكنيست عن أداء دورها، وازدياد الفوضى الى درجة تحوّلها إلى أمر مألوف. ولئن كان من المبالغة توقع أن تؤدي هذه التحولات على المدى البعيد إلى خلخلة ثوابت الفكر الصهيوني الجامح، إلا إنه يمكن تكهن أن تفجّر عاجلاً أم آجلاً معارك ضارية على جوهر النظام الإسرائيلي وبالتالي على هوية الدولة مع ما يستلزم ذلك من حراك في شأن تدبّر الاختلاف الأيديولوجي. ولا شك في أن الوضع عندئذ سيكون مختلفاً كلياً على الصعيدين الداخلي والخارجي في إسرائيل واللذين يتضافران في واقع هذا الكيان وتاريخه مثل توأمين سياميين.
ـ 'نهار الشباب'
لا إكراه في وضع الحجاب
مريم مرتضى:
قرأت في عدد &laqascii117o;نهار الشباب" الصادر بتاريخ 7 نيسان، ما كتب كمقدمة تحت عنوان &laqascii117o;الحجاب... شرع... موضة... أزمة". كذلك قرأت المقالات اللاحقة عن الموضوع نفسه في العدد ذاته، ووجدت نفسي، كامرأة شابة محجبة وملتزمة حجابي، كما في كل مرة، أقرأ فيها آراء وشواهد معينة عن الحجاب، لا تعبر عما أعيشه أنا منذ مقتبل العمر مع حجابي. فلا أجد ما يعبر عني مدوناً في كلام المقالات المشار اليها. فأجواء المقالات كانت ثقيلة عموماً، وأشعرتني بالضيق لأنني وجدت صوتي مخنوقاً. فبالنسبة إليّ والى كثيرات مثلي لم يتسبب لي الحجاب بأي أثر سلبي في حياتي، وأنا مقتنعة بالامر الاسلامي بفرضه على النساء، وأجد نفسي معه متصالحة أكثر مع نفسي واقتناعاتي ولن أزيد أكثر... ونحن اليوم لنا الفخر في لبنان بأن الحجاب ليس مشكلة في المدارس، وتصل نسبة تقبّله الى درجة لا بأس بها من ناحية انه يعتبر حرية شخصية، من دون إغفال الم