قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الخميس 21/4/2011

ـ 'السفير'
أين الشطارة في طعن المقاومة وإدخال البلد في سياسة المحاور؟
ميقاتي يواجه &laqascii117o;المطاردة اليومية": لا تستفزوني.. فلن أعتذر
نبيل هيثم:

أين يقف نجيب ميقاتي بعد 85 يوماً على تكليفه، وما الذي يمنع ولادة حكومته حتى الآن؟
ربما يكون ميقاتي الأقدر على الإجابة باعتباره المعني الأول بالسؤال وبحركة التأليف، خاصة أن كلاماً كثيراً يصدر من مطارح عدة، بينها محيطه المدافع عنه وبأنه يبذل ما بوسعه، ومن ناصحين يشركونه في مسؤولية التأخير، ومن سياسيين يرون فيه مماطلا بامتياز، ومن كامنين له مراهنين على سقوطه، ومن &laqascii117o;مكيودين" ظنوا رئاسة الحكومة ملكاً دائماً لن يؤول لغيرهم كما آل اليهم.
منذ اليوم للتكليف، أرسى ميقاتي قاعدة &laqascii117o;السرعة لا التسرّع"، وتدرّجت تلك الحركة حتى إعلانه من القصر الجمهوري في الأسبوع الماضي، عن المهلة الجديدة لإجراء مزيد من المشاورات لعلها تنتشل الحكومة من كومة التعقيدات العالقة فيها، فقد أراد من تلك المهلة أن يتحمّل معه اللبنانيون بعض الوقت، مع إدراكه ان الوقت بات يمر ثقيلا عليهم كما عليه شخصياً. وعلى الرغم من ذلك، لا يبدو ميقاتي مقيداً بمهلة معينة انطلاقاً من قرار اتخذه بقبوله التكليف وتحمل المسؤولية بكل مترتباتها، وبالتالي هو يتحرّك الآن على قاعدة انه سيشكل الحكومة في نهاية المطاف، إن لم يكن عاجلاً فآجلاً، ولا مجال للتراجع عن اصراره على التأليف الا في حالة وحيدة، اي عندما يجد نفسه انه اصبح سبباً للفتنة ولعدم الاستقرار وللإطاحة بالدستور، وانه مكبل اليدين وغير قادر على فعل أي شيء، وفي المقابل، فطالما يرى نفسه عنواناً لإسقاط مشروع الفتنة بين السنة والشيعة من جهة وبين السنة والسنة من جهة ثانية، وعاملا لتثبيت الاستقرار والسلام الاهلي في لبنان وحافظاً على الأصول الدستورية، فهو مستمر الى الآخر. وهناك في محيطه من يذكـِّر كم كان حجم الاحتقان المذهبي كبيراً قبل تكليفه وكم تراجع بعد التكليف فما أبعد اليوم عن الأمس، &laqascii117o;وهذا يعد انجازاً لميقاتي".

قيل الكثير عن تعرض الرئيس ميقاتي لضغوط خارجية وتهديدات لمصالحه في الخارج، لكن لم تبرز من جانبه اية تأكيدات جازمة بحصولها، لا بل نفي لها، سواء من دمشق التي لا تمارس هذا الدور وان كان كثيرون طالبوها بالتدخل ورفضت، او من قبل الولايات المتحدة الأميركية التي لم تصدر عنها اية اشارات &laqascii117o;ربما لأن ليس لميقاتي اي استثمار في اميركا" (يقول إنه يمتلك هناك بناية لا يتعدى سعرها الثلاثين مليون دولار). الا ان هذا لا يحجب ما يوصف بـ&laqascii117o;المطاردة اليومية" التي يتعرّض لها من قبل من تضرروا من وصوله الى رئاسة الحكومة، إن برسائل نصية عبر الهواتف الخلوية وبشكل شبه يومي، تروّج لعجزه عن تشكيل الحكومة وانه لن يجد امامه سوى الاعتذار في نهاية المطاف، او بمحاولة استفزازه بالتشكيك بموقفه الوطني وبتوجهه السياسي وبانتمائه المذهبي وبقدرته على الإمساك بالأمور وتنسب اليه عجزه &laqascii117o;امام واقع اكبر منه".. وهناك من رأى ان المقصود بالواقع الأكبر منه تلك التركة الثقيلة والرهيبة التي خلّفها حكم السنوات الخمس الأخيرة. وهناك من يقول للتاريخ &laqascii117o;في العام 2005 كانت الامور أحسن الف مرة مما هي الآن".
وللعلم فإن تلك المطاردة يتعرّض لها ميقاتي منذ لحظة تكليفه، وكان الكلام يفعل فعله لديه، ولكنه لم يتصور يوماً ان الأمور ستصل الى هذا المستوى من التهجم الشخصي والاتهام بالخيانة الوطنية وبالانقلاب على مذهبه، ولكن رغم ذلك لم يظهر مكنونه ولم يذهب الى حيث حاول الآخرون ان يستدرجوه اليه، وفاجأهم ببرودة اعصابه وبتمثـّله بـ&laqascii117o;ابو الهول" وقوله: لا تستفزوني ولا تبتزوني فأنا باق ولن أتراجع ولن أعتذر".
هناك من أخذ على الميقاتي انه حاول ان يفرض حكومة امر واقع، ولكن هناك من يقول ايضا انه ارادها فعلاً، فهل كان ليتشاور حولها مع كل الفرقاء، كان القصد واضحاً من محاولته تحفيز الآخرين على حسم امورهم وخياراتهم وقراراتهم. والحكومة التي يريدها حددها كفريق عمل متجانس متوافق، واما سقفها فموضوعي لا يصل الى حد اعتبارها حكومة يقع على عاتقها اصلاح كل ما افسده الدهر، على ان احداً لا يستطيع ان يتكهن بولادة هذه الحكومة او التورط بتحديد موعد ولو تقريبي، لكن العنوان الذي يظلل حركة ميقاتي على خط التأليف هو &laqascii117o;تدوير الزوايا" خاصة ان هناك افكاراً جديدة طرحت وتبدو صالحة لتقريب وجهات النظر، لكن المشاورات لم تصل الى نتيجة نهائية بعد، ذاك ان ما تم تحقيقه حتى الآن هو قطع أكثر من نصف المسافة المطلوبة للتأليف بقليل، واما ما تبقى من المسافة فلا يبدو شائكاً بل قابل للحلحلة، خاصة انه يشمل اموراً تفصيلية قيد المعالجة.
الا ان وزارة الداخلية تبقى الأمر الوحيد الشائك، ومكمن التعقيد فيها هو ان ما يتحكم بحركة الاتصالات والافكار التي تطرح حيالها هو عنوان رئيسي يؤيده رئيس الجمهورية وقد لا يعارضه ميقاتي خلاصته &laqascii117o;لا لإسناد الداخلية الى طرف" خاصة أن اولى اولويات الحكومة الميقاتية هو إعداد قانون جديد للانتخابات، فأي قانون انتخابي سيصدر اذا ما كان طرف بعينه على رأس الداخلية، ولنفرض ان الظروف قد تحول من دون اعداد قانون انتخابي، واستمرت هذه الحكومة حتى الانتخابات المقبلة، فمن يقبل بها اذا ما كان مدير الانتخابات وزير داخلية ينتمي الى طرف سياسي مشارك بمرشحين فيها. وبالتالي فإن اكثر الاقتراحات مقبولية ان تسند الى شخصية واقية معتدلة قريبة من الجميع... فهل تنطبق تلك المواصفات على زياد بارود؟

ولعل أكثر ما يحاول ميقاتي الهرب منه هو الا تتحوّل الحكومة الى تركيبة &laqascii117o;فيديرالية مقنعة" خاصة أن هناك من بات يأخذ على التأليف انه نتيجة الحرب الدائرة على الحقائب اصبح يشبه توزيع التركات وحصر الإرث.. ولعل ابلغ رسالة اراد ايصالها الى من يعنيه الامر هو التزام منطوق الدستور وما تمليه الصلاحيات جملة وتفصيلاً، والحكومة لا تعلن لا من فردان، ولا من الرابية ولا من الضاحية ولا من اي مكان آخر، بل من القصر الجمهوري حصراً.
على مدى اشهر التكليف الثلاثة الا خمسة ايام، استطاع ميقاتي ان يثبت حضوره في شارعه على رغم حساسية هذا الشارع والاصطفاف الموجود، والفارق شاسع ما بين اجتماعي المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في دار الفتوى، وبرغم كل التحريض لم يشكل حالة منفرة حتى داخل جمهور تيار المستقبل، خاصة انه ليس آتياً لضرب الحريرية، وهي التهمة التي الصقت به وصنفته شريكاً في اسقاط سعد الحريري وانهاء عصره.
وقد لا يقف ميقاتي كثيراً عند الهجوم عليه من قبل &laqascii117o;14 آذار"، فهذا امر طبيعي ناجم عن الموقف السياسي الذي نحا اليه هذا الفريق في ظل الظروف الجديدة، ولكنه قد لا يبلع ان تشارك بعض اوساط &laqascii117o;8 آذار" في الهجوم عليه، وهناك الكثير مما يتناهى اليه عما يقال ضده في السر والعلن. قد تكون خلف هجوم البعض في 8 آذار اعتبارات متصلة بالتأليف وغايتها الاشراك في الحكومة، ولكن هناك في الجانب الآخر من استفزه كلام ميقاتي حينما اكد على الثوابت، واولها انه ليس آتياً لطعن المقاومة وهل هناك شطارة في طعن المقاومة؟.. وهل هناك شطارة في ادخال البلد في سياسة المحاور؟


ـ 'السفير'
&laqascii117o;تحيا سورية"... بالحرية والمقاومة
نصري الصايغ:
 
Iـ أين أقف... هنا أم هناك؟ إنها ساعات للقلق والحيرة. لا شيء يطمئن. سوريا على مفترق خطر: النجاة بكلفة باهظة، او الفوضى بكلفة دامية مستدامة. إنها ساعات للقلق والحيرة، فأين تقف، وفي أي اتجاه تسير؟ كيف توفق بين قيادة في سوريا، دعمت المقاومة، وصمدت في مواجهة الحصار ونجت من هول التهديد، وبين تظاهرات شعبية تطالب القيادة الراهنة، بالحرية والديموقراطية؟ كيف توفق وبين الطرفين دم يسفك؟ خشيتي على المقاومة تدفعني الى الوقوف مع هذه القيادة لسوريا، وايماني بالحرية والديموقراطية يلزمني بالوقوف الى جانب القوى التي ترفع لواءيهما... حاولت ترتيب الموقف، وفق منطق الأولويات: أيّهما أهم: المقاومة، أم الديموقراطية؟ وخرجت باستنتاج بديهي وصعب. إنهما معاً في مرتبة الأولوية. ليست المقاومة أولاً والديموقراطية ثانياً. الاثنتان توأمان، بحاجة إليهما سوريا، والأمة كذلك. لذلك افتيت لنفسي بالموقف التالي: &laqascii117o;كن مع المقاومة ومع الحرية. وبالقدر الذي تقف فيه داعماً للديموقراطية، قف مع المقاومة". خالجني اطمئنان مؤقت. لم تحل مشكلتي. فالمقاومة في طرف والديموقراطية في طرف، وبينهما تسفك دماء، كأننا ذاهبون الى الهاوية. إذا ملت الى القيادة في سوريا، خفت على الديموقراطية والديموقراطيين، وان ملت الى حركة الميادين والساحات، خفت على المقاومة. يخالجني شك، ان &laqascii117o;المعركة" بين الطرفين قد تسفر عن ضياع المقاومة ونحر الديموقراطية وفوز الفتنة وانتشار الفوضى، إذا افلتت الغرائز الطائفية والمذهبية والأقوامية واستحضرت شياطين الاستباحة... او إذا قررت السلطة، ان تقترف التطرف، وتصبح اسيرة اللجوء الى الأمن، بحجة الدفاع عن... لا حصانة في العنف السائد راهنا، لا للمقاومة ولا للديموقراطية. ...فأين أقف، ولا وسط بين الطرفين. لا منزلة فضلى بين المنزلتين والمنازلتين. لا قدرة للوقوف مع هنا ضد هناك، او العكس، فهل أبقى عرضة للدوران بين دوّامتين؟

IIـ مع سوريا... ولكن سوريا الراهنة، ليست من طائفة الدول التي استبسلت في ممارسة العجز. سوريا كانت وحيدة في معركة الأمة. دعمت المقاومة في لبنان وفلسطين بكلفة باهظة، ولم تتراجع. كانت باسلة جداً، الى حد المغامرة. التهديد كان بليغاً، الشروط إملائية، العقوبات على الباب، حصاراً ونبذاً ومطاردة. (لبنان نموذجاً كساحة مواجهة مع سوريا). لقد نالت سوريا جراء دعمها للمقاومة حصة الأسد، وكان حسابها الدولي عسيراً، وحسابها العربي نبذاً. ودعم سوريا للمقاومة لم يكن كلامياً، ولا كان سياسياً فقط. كان دعماً أملته قواعد الاشتباك وقواعد القتال وقواعد الحروب. كان دعماً بالعتاد (وما أدراك ما العتاد)، إنه عصب المقاومة وأحد شروط الانتصار. من دونه تصير المقاومة نشيداً لا طلقة، شعاراً لا قذيفة، خطاباً لا معركة، موقعة لا انتصاراً... لولا سوريا لكانت المقاومة في خطر، فالسلاح زينة القتال، لا زينة الرجال. لم توفر سوريا جهداً او ذكاء او حيلة او تدخلاً، لحماية ظهر المقاومة في لبنان، من خصوم محتملين معروفين، غير معلنين عن أنفسهم، ولكن من أفعالهم تدرك نواياهم. لقد جنبت المقاومة في لبنان، طعنات في الظهر. ولما انسحبت سوريا من لبنان، انكشف ظهر المقاومة، ولا يزال، وكلفة حمايتها، انقسام البلد... ولا يزال. الكلام على دعم سوريا للمقاومة، ليس كالكلام الذي يُقال عن دعمها &laqascii117o;لحلفائها" السياسيين، حلفاء المناصب والمغانم والصفقات. دعمها للمقاومة أنتج أعظم الانتصارات، بعد قرن من الانكسارات: طردت إسرائيل من لبنان. هزمت مشروع شارون/ الجميل (بشير). أطاحت مشروع الدولة البديل. افشلت عدوان تموز الإسرائيلي المدعوم أميركياً والمؤيد دولياً والمزكى عربياً. حدث كل ذلك، بقوة المقاومة المدعومة من سوريا التي وفرت للجانب الإيراني ممرات آمنة وعبوراً متدفقاً لأدوات المواجهة والصمود. وهكذا، هزمت حفنة من الرجال، دولة من العتاد. لقد هزمت المقاومة، إسرائيل مرتين، وتستعد للثالثة... والثالثة، بحاجة الى سوريا. فمن حقي أن أقلق على سوريا هذه. لأنها كانت الوحيدة بين العرب، بعروبة نضالية.  من حقي أن أقف معها هنا، انما، ليس من حقي ان اقف معها، حيث أخفقت مراراً. اخفقت في الإصلاح، وجعلت السياسة من الممنوعات. ولا حياة لأمة ومجتمع، بلا سياسة.

IIIـ عودة الروح... إلى الحرية لا مفر من تونس. منها كانت البداية. وكما كانت المقاومة في لبنان، بداية زمن الانتصارات، وتأسيساً استراتيجياً لرسم ملامح المنطقة في علاقتها مع الاحتلال والقوى العظمى الامبريالية، كذلك مع تونس والبو عزيزي، بدأ زمن عربي جديد، لا مفر منه. انه عصر الديموقراطية العربية. لقد وصل بو عزيزي الى البلاد العربية كافة. إليه ينتمي جيل جديد من شباب العرب. لهب الثورة ينتقل بسرعة اللمح من المحيط الى الخليج، وفق روزنامة جديدة: أكثر من حدث في اسبوع واحد. ثم، أكثر من حدث في يوم واحد. ثم أكثر من حدث في ساعة واحدة. تعداد الأماكن مفيد، ومراقبة الشاشات دليل. لا استراحة للثورة الديموقراطية. لا محطة تترجّل فيها. عدوا الدول العربية كافة، تجدوا بو عزيزي والملايين التي تشبهه في الشارع، أو على أهبة الاستعداد لحمل مشعل الحرية وبيرق الديموقراطية. المقاومة، أسست لعصر عربي جديد، خلخل انظمة عربية شديدة الوطأة، فارتمت في حضن &laqascii117o;حاميها حراميها"، وثورة تونس وبعدها مصر، أسست لعصر عربي، تأخر حضوره قرناً من الزمن. انه عصر الثورة الديموقراطية. استبعدت الأنظمة العربية بلوغ بو عزيزي مجالها السياسي. حصنت نفسها بالخصوصية. رأت ان لكل نظام طبيعته ولكل مجتمع ظروفه وقواه، ولكل بيئة مخاطرها ومنزلقاتها او حتى... مناعتها. غاب عن هذه الأنظمة، انها متشابهة، ووجه الشبه الأكيد، ان عمودها الفقري، هو جهاز الأمن، وان شعوبها متعطشة للحرية والديموقراطية والتغيير. فات هذه الانظمة ان ما بينها قرابة في جعل الاستقرار شعاراً دائماً، مهما كان الثمن. والتجربة تفيد، ان لا اصلاح مع الاستقرار، ولا مكافحة فساد مع الاستقرار، ولا تنمية مع الاستقرار... الاستقرار حامي التكلس والتصحر والعدوانية والجشع والبلطجة. الاستقرار حامي الطفيليين من رجال الأعمال الى سماسرة الصفقات. الاستقرار، ابن العتمة السياسية والظلام الحقوقي. وجه الشبه الكبير والفاقع بين الأنظمة العربية، هو في كون الأمن، الألف والياء، هو البداية والنهاية. وهو، كجهاز فاعل، ينمو ويعظم ويتضخم وينتشر ويتداخل ويتدخل بالسياسي ويتفوق عليه، وبالاقتصادي فيشاركه ويشترك فيه، وبالمال فيتقاسمه قسمة ضيزى، ثم يتفوق على المجتمع والهيئات والمؤسسات، ويتحوّل الى قطب، لا حياة من دونه، او من الدوران معه او خلفه. هذا الأمن، مرعي من السلطات كافة، لأنه يريحها. يشطب السياسة ويلغي السياسيين، يكنس القضايا واصحابها. يسخف الشعارات وحامليها... لقد كانت هذه الخصوصية الفظة، بطاقة دعوة ملحة لجماهير بو عزيزي كي يحضروا على وجه السرعة... فانتشرت الانتفاضات بأسرع من اللمح، وقاسمها المشترك: لا مفر من الحرية والديموقراطية، مهما كان الثمن.
ما كان منقطعاً بين رواد النهضة والأحزاب النهضوية التي كان على عاتقها إحداث التغيير وبناء الدولة الديموقراطية المدنية الحديثة، عاد واتصل برواد الساحات والشوارع. اليوم، يعود مع هؤلاء، جيل من الرواد يعود عبد الرحمن الكواكبي ومحمد عبده وفرح انطون وبطرس البستاني وعلي عبد الرازق وطه حسين وشبلي الشميّل... تعود قوافل النهضويين الذين رفعوا لواء العلمنة والحرية والدستور وبناء الدولة. كل هؤلاء، عادوا، وهم الذين يحتلون المدى المرئي من التظاهرات. أما من يريد ألا يرى سوى شذاذ ومندسّين، فمشكلته بسبب النظارات التي يرى فيها. وهي نظارات عمياء، وغير صادقة بالمرة.

IVـ ولاة الشياطين والملائكة عندما تخفّ وطأة الأمن، او عندما تنكسر حلقة هيبتها، يفتح المجتمع السفلي المضغوط أبوابه، ويخرج من نظام التقية والممالأة. سطوة الأمن، يصاحبها تراجع للقيم الاجتماعية ولشفافية الاخلاق. يتخلق الناس بأخلاق ذميمة، اقرب الى اخلاق البلطجة، التي تعكس صورة رجل الأمن. كما يصاحب سطوة الأمن، استدعاء الفتاوى وعودة الوعاظ ليكونوا أداة التثقيف والتدجين والسلفية. كما يصاحب سطوة الأمن، توحش رأسمالي سلطوي، يتغوّل معه الواقع برمّته. الأمن يحافظ على الاستقرار، ولكنه، يصيب المجتمع بتشوهات لا عدّ لها. تواجه السلطات العربية اليوم أمواجاً متتالية من المطالب، اخطرها الحرية. والحرية ليست مجاملة سياسية، تقدم على ممارستها السلطة. الحرية شطح وبلوغ. كل مسّ بجوهرها عسف وقهر. الحرية المحدودة المختصرة مضجرة وكسولة. انها حرية بشعة جداً. الحرية الممنوحة، هدية مسمومة. لقد خرجت الجماهير من أجل حرية حقيقية، وليس من أجل حفنة من &laqascii117o;الحريات" الصغيرة، التي تعبر عن خبث وكذب وكلام معسول. الحرية كي توجد كما ينبغي، يجب ان تصان عبر مؤسسات مؤمنة بالحرية. ان تراجع الأمن يعجل بانفجار المكبوت والمسكوت عنه. يعجل بانكشاف ما كان مختبئاً، وهو مرعب حقاً، وجميل حقاً. مع تراجع الأمن، يكتشف المجتمع شياطينه وملائكته، ويسمع ما يقال، وخصوصاً، ما لا يقال. تراجع الأمن، يتيح لأناس ان يصعدوا الى السطح. ان يحتلوا قسماً من المشهد. ان يقولوا نصاً مختلفاً ونظيفاً وان يمثلوا جمهوراً كان في غيبوبة قسرية. إننا اذن امام تاريخ جديد: تاريخ الحرية. لقد أخرجنا التاريخ منا، بسبب الاحتلال والتخلف والسلطة. المقاومة أعادتنا الى صناعة تاريخنا والمساهمة بتاريخ الآخرين. والحرية، أعادتنا الى صناعة تاريخنا امام دهشة العالم وذهوله. العالم، لم يكن يتوقع اننا أحياء جداً في أقبية المجهول السياسي والمجاهيل الأمنية. هذا هو التحدي الاستراتيجي والذي يتطلب أجوبة استراتيجية وإصلاحات استراتيجية، لضمان مسيرة الحرية البناءة، كبديل عن &laqascii117o;الفوضى البناءة" و&laqascii117o;الأمن البناء".
Vـ تغيير النظام وبقاء السلطة أين أقف. مع قيادة سوريا أم مع الشارع السوري؟ لا حل عندي. الحل سيكون نتاج سلوك السلطة وحكمتها، ونضج المعارضة وعقلانيتها. ما أقدمت عليه السلطة ما زال دون الحدّ المقبول. الجرأة مطلوبة والتخطي مطلوب وتجاوز الذات مطلوب. وعليه، لا بد من طرح أسئلة حاسمة
 أ ـ هل باستطاعة القيادة في سوريا، أن تغيّر النظام؟ إن اعلان رفع حالة الطوارئ. بداية لتغيير آليات العمل في النظام الطوارئ، ألغت الحياة الدستورية، شوهت القوانين، استباحت قوى وأحزاباً وهيئات، أمنت سلطة الحرب اعلان رفع حالة الطوارئ وإلغاء المحاكم العرفية، خطوة في اتجاه صيانة الحرية. فماذا عن مأسستها؟
ب ـ هل بمقدور القيادة اعلان حالة طوارئ دستورية سريعة، تفضي الى تخلي عن امرة الحزب الحاكم والقائد، وفتح الممرات للحياة السياسية كي تمارسها أحزاب سياسية وعقائدية؟
ج ـ هل بمقدور القيادة، اعادة الشرعية الى الشعب، كمصدر للسلطة. عبر إقرار قانون انتخابي عادل ويوفر الضمانات القصوى لممارسة حق الاقتراع وحق الترشح، على قدم مساواة، تحت سلطة القانون.

إن مثل هذه الإجراءات، تغيّر النظام الراهن، وتبقي على السلطة. على ان مثل هذه الإجراءات، إذا أقرّت، بحاجة الى ثقة متبادلة. المعارضة بحاجة الى ما يقنعها، بغير الكلام. لعل الحوار السياسي التشاركي، (لا فوقية لأحد فيه)، يوفر فرصة لاستعادة الثقة. ولعل السلطة الراهنة، تقدم على صيانة إصلاحاتها وجديتها، بانتقال سريع الى إشراك الجميع (باستثناء من حمل السلاح) في المرحلة الانتقالية، التي تهيئ المناخ لقيام سلطة يفرزها تطبيق النظام السياسي الجديد. لقد فات عهد الإصلاحات الجزئية. فات زمن الرشوة بإصلاحات مؤجلة أو مبهمة. إما إصلاح بفتح الطريق الى الديموقراطية وإما عناد متبادل، يطيح الجميع. أخشى أن يكون الزمن قد فات. وباتت سوريا على وشك الدخول في الفوضى الهدامة.
أخيراً: ثلاثة مبادئ ترجح النجاة والنجاح وبها تحيا سوريا:
أ ـ المقاومة، على أن تضمنها المعارضة.
ب ـ الحرية، على أن تقتنع بها السلطة.
ج ـ الوحدة الوطنية، على أن يصونها الطرفان.
وحذار من الجهنم الليبي، والتمذهب العراقي، والعبث اللبناني...


ـ 'النهار'

لبنان دولة فاشلة!
راجح الخوري:
 
ماذا ينقص بعد لإعلان لبنان دولة فاشلة؟ لم يعد ينقص شيء. فقد اكتمل انهيار هيبة السلطة واحترام القانون وتهاوت منظومة الحقوق والواجبات، ليس في عمل الدولة فحسب، بل في العلاقات العادية بين المواطنين. والآن تسجِّل تصرفات شتات الدولة تناقضاً فضائحياً بين منطقة وأخرى ومواطن وآخر! فهنا مثلاً لا تستطيع أن تدق مسماراً من دون حضور الدورية، إن لم يكن لفرض القانون فلتحصيل 'الحق المكتسب'، منذ صارت الدولة موظفة عند الموظفين، قوانينها مجرد فواتير للتحصيل الشخصي ولا من يسأل. أما هناك، فتستطيع أن تشيد بيتك على الأملاك العامة وحتى على أملاك المواطنين الآخرين، ولن يستطيع عنترة بن شداد أن يقول لك لماذا. وإذا كنت ممن يعشقون التراث فيمكنك أن تختار أي قلعة أثرية فتجعل منها منزلاً لعائلتك السعيدة. في صور مثلاً، برز حفيد للاسكندر المقدوني وقام أخيراً بتشييد ثلاثة منازل على الأملاك العامة التابعة لحرم الملعب الروماني وبدأ إقامة منزل رابع لأحد أبنائه!
هل تجرؤ الدوريات على الدخول الى هناك؟ أوَلم تتعلم ما يكفي من توقيف بعض عناصرها وحبسهم لفترة من الوقت، لمجرد أنهم حاولوا تطبيق القوانين؟ ألا تعلم أن القانون مجرد عجينة تتشكل وفق ما تقرر الأيدي القوية التي تملك رهبة السلاح؟ لا، لم يعد لبنان دولة، إنه غابة فالتة، فالموظف لا يرد على المدير، والمدير يشتم الوزير، والوزير يستطيع أن يفتح على حسابه كما يشاء. لم يعد هناك من ينقل خبراً صادقاً أو يذيع خبراً صحيحاً إلا نادراً. هذا زمن القدح والذم والتراشق بالتهم والشتائم. لا ندري من ألقى بهذه الجثة هنا. فهل مطلوب من الدولة أن تدري؟ ليس بالضرورة. ربما لأن البحث عن الأحياء الذين خطفوا، مثل أولئك الأستونيين التعساء الذين أكلتهم الغابة الفالتة أهم. ثمة منابر كثيرة تحاضر في العفة وتسأل عن المال السائب الذي علّم الناس الحرام، رغم أن في وسع الصناديق التي أنشئت قبل 20 عاماً أن 'تبقَّ' سيولاً من الفضائح، ولكن الذين استحوا ماتوا.
هذا بلد عاجز عن تأليف حكومة حتى من المتحالفين، من غير شر، وعن اتخاذ قرار من دون انقسام يعطل البلاد. هذا وطن مقتول، بعض أهله إما مجانين في ما يفعلون، وإما مجانين من هول ما يشاهدون. ولعل ما يثير القنوط أن المنطقة بأسرها تشتعل الآن، بهدف الوصول الى مشروع دولة هنا وحلم ديموقراطية هناك، في حين يسير لبنان الذي كان دولة وديموقراطية عكس السير، وصولاً الى الفوضى وشريعة الغاب!


ـ 'النهار'

الجيش والاعلام الجديد
عميت لفنتال:
 
عندما نتحدث عن الجيش الاسرائيلي والتقنية في هذه الايام، نفكر فورا في النجاح الكبير لمنظومة القبة الحديدية. لكن الحروب لم تعد منذ زمن رصاصا ودبابات. فالبيان الدعائي لتسويغ العمليات لا يقل أهمية عن ذلك في العالم.
فهموا في الجيش هذا الامر. فعند الجيش الاسرائيلي موقع انترنت رسمي منذ أكثر من ثلاث سنوات ولكن مع كل الاحترام لمواقع الانترنت الرسمية، يعرف الجيش الاسرائيلي ايضا ان الحاضر هو الشبكات الاجتماعية وان المسارات تُحرك اليوم في فضاء 'البلوغ'. في نهاية الاسبوع الاخير في قناة 'اليو تيوب' الرسمية التابعة للجيش الاسرائيلي طُرحت مقاطع فيديو عرضت كيف يطلق أفراد 'حماس' الصواريخ من مناطق مأهولة في قطاع غزة. إن موقع الجيش الاسرائيلي وقنوات الاعلام الاجتماعي التابعة له جرى تحديثها 24 ساعة وبايقاع أعلى من المعتاد، على أثر الاشتعال الذي كان في القطاع. في مقابلة ذلك افتتح الجيش الاسرائيلي حساب 'تويتر' خاصاً من اجل تركيز المعلومات عن المهمة الانسانية للقوات الموجودة في اليابان بعد التسونامي.
وهكذا فان عيادة للجيش الاسرائيلي صغيرة نائية تترك انطباعا ايجابيا عند الجمهور في جنوب شرق آسيا. لانه اذا كانت الصورة الواحدة  تساوي ألف كلمة فان مقطع فيديو يساوي مليونا. لهذا فمن المهم جدا ألا يوجد سلاح جو وذراع برية متفوقان فقط بل سلاح اعلام فاخر. أهلا وسهلا الى ساحة حرب الجيش الاسرائيلي في الشبكة العنكبوتية.

لفهم عظم ومعنى 'الاعلام الجديد' في الساحة الدولية، اليكم معطيان: أصبح لافلام قناة الجيش الاسرائيلي في 'اليو تيوب' أكثر من 22 مليون مشاهدة. عندما تقع حادثة في المناطق (الفلسطينية) ويكون عند الجيش الاسرائيلي مادة مصورة في 'اليو تيوب' ستكون دائما بين المكان الاول والرابع في عدد المشاهدات العالمية. لـ'تويتر' الجيش الاسرائيلي الذي يجري تحديثه في كل بضع ساعات 15 ألف متابع، أي أكثر بضعفين مما يوجد لجيش بريطانيا. وقد أخذ عدد المتابعين يزداد سريعا، فقد كان قبل شهرين 11 ألفا فقط. ويوجد للجيش الاسرائيلي ايضا 'فليكر' حيث تعرض صور من الميدان.
'هدفنا ان نكون ذوي صلة وان نعطي معلومات جديدة في كل مرة تؤثر في الرأي العام في العالم'، تقول المقدمة افيتال ليفوفيتش، رئيسة شعبة الاعلام الدولي (تفال) في قسم اعلام الجيش الإسرائيلي، مضيفة: الشبكة عندي هي أداة عمل طبيعية وحيوية جدا برغم أنها لكونها مفتوحة ومشتركة تعارض في صورتها الجيش الذي هو اطار مغلق. لا يوجد دائما في ميدان القتال مراسلون اجانب، ولهذا يمكن الجيش الاسرائيلي ان يهب لهم أدوات ومعلومات من الميدان وان يعرض جانب الجيش الاسرائيلي في القتال، واذا كانت حاجة سيحاولون ايضا زعزعة العالم بصور صعبة.إن 'الاعلام الجديد' هو جزء مما يسمى 'دبلوماسية السايبر'. 'أحد أجزاء العمل هو الموضوع التقني الذي يتعلق بالبرمجة وطرح المضامين، والجزء الثاني هو التفكير الخلاق كيف نبث الرسالة'، تقول ليفوفيتش، مضيفة: اذا كان التصور عن الجيش الاسرائيلي في العالم هو انه جيش محتل وعنيف فسأحاول بواسطة قواعد الاعلام الجديد ان أعرض الجيش باعتباره جسما انسانيا مفتوحا.
إن فضاء 'البلوغ' أقل تطورا في اسرائيل مما هو في العالم الغربي، وإن أحد أهداف فرع 'تفال' هو جعل الضباط المحاربين يكتبون 'بلوغات' يعرضون فيها ما يجري لهم في المستوى العملياتي والانساني، وهكذا يتم الكشف عن الوجه الانساني لجنود الجيش الاسرائيلي.
'اسرائيل اليوم' – ترجمة 'المصدر'   


ـ 'النهار'
حرية المشروبات... في النبطية!
غسان حجار:
 
حسناً فعل زميلنا سمير صباغ بقفل محل العائلة لبيع المشروبات الكحولية في مدينة النبطية، حتى لا تتحول القضية شخصية أو دفاعاً عن مورد رزق اضافي، وهي في الحقيقة تتعدى الشخص والأشخاص الى ما هو أبعد من ذلك.
كلنا يعلم ان لكل منطقة، ولكل طائفة، ولكل جماعة، خصوصيتها، بل صرنا ندرك تماماً ان لبنان هو مجموعة طوائف ومناطق وجماعات وخصوصيات تتعايش جنباً الى جنب، مع قليل من التفاعل الإيجابي الضروري لإستمرار الحياة المشتركة في حدها الأدنى. أما المبادئ والتطلعات والنظرة الى الملفات العالقة فلا مشترك بينها، الا وفق ما تقتضيه الظروف الآنية، اذ تحولت نقاط الجمع قليلة قياساً الى نقاط القسمة والتباعد، لكنها تبقى على قلتها ضرورية للمجموعات اللبنانية للإستمرار في ما لم تختره طوعاً، بل وجدت نفسها غارقة في واقعه.
لا أدافع عن محال بيع المشروبات الكحولية في النبطية أو في غيرها، بل عن مبدأ حرية الناس في ما يريدون، اذ ان فرض ارادة الحاكم أو سلطة الأمر الواقع، هو ما ولّد كل الثورات في العالم العربي، وهو ما ما يدفع لبنانيين بأعداد كبيرة الى هجر مناطقهم نحو المدينة، أو هجر لبنان الى بلاد تتمتع بقسط أوفر من الحرية، في ظل غياب القدرة للإنتفاضة على واقعهم. ان محاولات الأحزاب فرض إرادتها، إن في النبطية أو في غيرها، هي توجهات تقسيمية، لأنها تعطل دور المؤسسات أولاً، وتضرب بالقانون عرض الحائط ثانياً، وتحول دون التنوع ثالثاً، وتهجر من لا يوافقه رأي الأكثرية رابعاً، وخامساً وسادساً وعاشراً فإنها تضعف مناعة المجتمع وتسيء بطريقة أو بأخرى لمرتكبها، ولكل مواطن... وتمسّ بالحياة والعيش المشترك، أي بمقدمة دستور البلاد.
فلماذا تلجأ الأحزاب في كل مرة في لبنان الى تقييد حريتنا، بل حرياتنا، وتفرض علينا توجهاتها، كأننا لا نخرج من زمن الميليشيا الا لندخله مجدداً؟ لماذا لا يتركون الناس والبلاد تلتقط أنفاسها فينقضون على الواقع كلما بدا أمل في الأفق؟ انها الحرية التي كرسها الله في كتبه، بل انه وهبها للإنسان ليختار ما يريد، حتى لو سلك طريق جهنم. انها الحرية الأثمن من كل شيء آخر.


ـ 'الجمهورية'
حملة 'أحب الحياة' في النبطية
غسان حجار:

بسرعة، ومن دون مقدّمات، ولكن بعد احتقان صامت، قرّر حزب الله ان يتخلى عن موقع الحياد والاستياء الصامت تجاه توسع رقعة الحرية الفردية في الجنوب، الى درجة باتت معها هذه الحرية تعبّر عن نفسها بنمط اجتماعي تطور خلال السنوات القليلة الماضية، ليصبح عرفا لم تعطه شرائح واسعة من المجتمع عنوانه الصحيح: I love Life، ربما لأن هذا العنوان استعملته قوى 14 آذار للتحذير من النموذج الاجتماعي والايديولوجي الشمولي، وبات هذا العنوان مكروها لصبغته السياسية الضيقة. ولكنه في الوقت نفسه طبّق من قبل هذه الشرائح الاجتماعية، من دون مغالاة، وبدأ يهدد الصورة التي يحاول حزب الله فرضها على المجتمع، وهي صورة نمطية لمجتمع لا وظيفة له الا المزيد من احداث التراكم في التعبئة الجهادية التي تلبس عنوان: لا صوت يعلو اجتماعيا وفكريا وسلوكيا وايديولوجيا على صوت المعركة. ومَن يعرف الجنوب جيدا يلاحظ ان حزب الله مر بمراحل متناقضة في التعامل مع هذا الواقع، فالاطلالة الاولى للحزب حملت صورة متشددة استنسخت تجربة الثورة الاسلامية في ايران على نحو شبه متطابق، وحاولت تطبيقها بدءا من اللباس النسائي مرورا بمنع الخمر في الاماكن العامة وأماكن اللهو، وحتى في المنازل، وصولا الى الاحتكاك بمَن حاول المواجهة. هذا الاحتكاك الذي ادى الى اخراج معظم قوى اليسار من المنطقة واستهداف رموزها، بحيث أصبح الجنوب منطقة خالية من 'العناصر غير المنضبطة'، أما في المرحلة الثانية، وهي التي شهدت انتقالا في اعلى رأس الهرم بقيادة حزب الله مع استلام السيد حسن نصرالله الامانة العامة، فقد تطور حزب الله في تعاطيه مع ظاهرة الحرية الاجتماعية، فتعايش مع مظاهرها ببراغماتية مدروسة هدفت الى عدم تنفير المجتمع عبر فرض النمط الديني المتشدد، فكان ان نمت ظاهرة الحريات الفردية وعبرت عن نفسها بانفتاح وصل الى حد انتشار المطاعم والملاهي واخيرا لا آخرا محال بيع الخمرة في القرى المسيحية الجنوبية ومن ثم في البلدات والمدن الشيعية، التي تعامل معها الحزب بأسلوب النصح لا الفرض، مستعملا التشدد والمونة لكبح ظاهرة الحرية الفردية مع المسلمين، ومتعمدا التساهل مع المسيحيين وعدم التدخل في كل ما يميز سلوكهم الاجتماعي في قراهم وبلداتهم.

غير أن الامس القريب وما شهده من تسارع في اسلوب الفرض باقفال المحال التي تبيع الخمرة في النبطية، وما فسّره بعضهم بالتضييق على المسيحيين في حرياتهم، لم يكن دقيقا، إذ إن المشكلة التي واجهت احد اصحاب المحال المسيحيين الذي يبيع الخمر في المدينة لم تكن بسبب انتمائه الديني. فحزب الله، وخصوصا منذ استلام السيد حسن نصرالله القيادة، لم يرتكب خطأ واحدا في التعامل مع مسيحيي الجنوب، لا بل على العكس فهو تعمّد استنفار كل طاقاته في مرحلة ما بعد الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب وما قبلها، للحفاظ على الوجود المسيحي. ويندر ان يسجل لعناصر او مؤيدين للحزب ارتكاب اية هفوة ذات ابعاد طائفية في هذا المجال. الصورة اذاً تنبئ بأن قرار حصر اتساع الظاهرة الاجتماعية التي تؤمن بممارسة الحريات الفردية قد اتخذ، وهذا القرار لن يطبق على مسيحيي الجنوب، بل على المسلمين منهم الذين اختاروا طواعية ان ينتهجوا اسلوبا مغايرا في العيش.

واللافت في هذا المجال ان هذه الظاهرة قد اتسعت كثيرا الى درجة جعلت حزب الله الذي تردّد سابقا في مقاربتها مباشرة، الانتقال الى اعتماد اسلوب المواجهة وهذه المرة بالطريقة الكلاسيكية غير المباشرة، اي بطريقة تحريك 'الأهالي' للضغط على البلدية واصحاب المحال لاقفالها بهدف الانتهاء من هذه الظاهرة ومنعها من ان تصبح امرا واقعا لا يمكن مواجهته.وبغضّ النظر عن نتائج فرض توجه اجتماعي معين على الاهالي، فإن هذه الخطوة سوف تؤدي الى جملة نتائج لعل اولها عودة الجنوب مرة ثانية الى مرحلة الثمانينيات، وخصوصا ان الحزب لا يمثل في هذا النمط الاجتماعي اكثرية كبيرة.والمفارقة التي يعرفها كثيرون ان جزءا لا يستهان به من جمهور المقاومة، يطمح الى توسيع هامش الحريات الفردية وليس العكس، وبالتالي فإن الدخول المباشر للحزب في مواجهة مع هذا الجمهور من بوابة الحد من الحرية الفردية لن يكون في مصلحته.


ـ 'المستقبل'
معركة خمور في النبطية أم خطوة لتطويع المنطقة؟
بادية فحص:
 
يبدو أن معركة إغلاق محلات بيع الخمور في النبطية قد حسمت بصورة نهائية امس، وتوجت على إثرها مدينة النبطية وبعض جوارها منطقة خالية من الكحول، وذلك بعد جدل طويل وأخذ ورد بين أصحاب هذه المحلات من جهة وبلدية النبطية والبلديات المعنية والجهات الرسمية من جهة أخرى استمر ستة أيام وأدى إلى انصياع بائعي الخمور في المنطقة دون استثناء للأمر الواقع.وكانت الحملة بدأت 'أهلية' صباح الجمعة الفائت، بلافتة رفعها مجهولون وحملت توقيع 'شبان حي المسلخ' أمام محل 'وسام يعقوب' تطالبه بإغلاق محله، تصاعدت فيما بعد لتطال كل محلات بيع الخمور وتبين بعدها أنها نتيجة قرار اتخذته بلدية النبطية منذ خمسة أشهر ورفع إلى محافظ النبطية القاضي محمود المولى لكنه لم ير النور، لعدم موافقة المحافظ عليه بحجة أن المحلات المستهدفة حاصلة على تراخيص قانونية من وزارة المالية، إلا ان بلدية النبطية عزمت مجددا على تنفيذ قرارها المرجأ، مستخدمة طرقا غير مباشرة هذه المرة، تحكمت فيها عن بعد وتمثلت بقيام 'الأهالي' برفع اللافتات وتوزيع البيانات المطالبة بإقفال محال بيع الخمور، خاصة وأن بعضها يجاور مراكز تربوية، الأمر الذي سهل للبلدية تسويغ مطلبها وجعل المحافظ المولى الجهة الرسمية المخولة معالجة القضية، يذعن للمطلب، مبررا موافقته أنه قد وصله من الأهالي والفاعليات في المدينة أكثر من عريضة يحتجون فيها على بيع الخمور للقاصرين والتجاوزات التي تحدث في الأحياء الداخلية، نتيجة تعاطي هؤلاء الشبان للخمور واستسهال شرائها من المحلات المتاحة لهم في المدينة ، بحيث صاروا يشكلون مصدر إزعاج وإقلاق راحة للسكان،الذين تقدموا بأكثر من شكوى للبلدية.

يذكر أن المحافظ المولى كان طلب من القوى الأمنية التحقق من هذا الأمر أي من بيع الخمور للقاصرين وجاءت نتيجة استقصاء القوى الأمنية غير مطابقة للشهادات المذكورة ، لكنه عاد ودعم موافقته أو بررها بالقول إنه 'بعد التأكد من شروط ترخيص المحلات الثلاثة الموجودة في النبطية وتبيع الكحول، تبين أنها تعارض التراخيص لجهة الموقع الجغرافي ووجودها بالقرب من معاهد تربوية ومدارس (ثانوية كامل الصباح ومعهد الآفاق). وعليه استعمل رئيس البلدية صلاحياته التي تمنحها له المادة74 '. إذعان أصحاب محلات بيع الخمور(يعقوب وصباغ وعواضة) في مدينة النبطية و(صالح) في بلدة كفررمان المجاورة لما فرض عليهم قسرا من قبل جهات حزبية نافذة في المنطقة وتنصل الجهات الرسمية والأمنية من حمايتهم تحت سقف القانون أدى إلى تنامي حالة من الإستياء لدى بعض الأوساط الشعبية وفاعليات المجتمع المدني في النبطية من خشية أن يكون القرار فاتحة عهد جديد في المنطقة، يسعى إلى إظهارها بلون واحد وإطار واحد ويقضي على تعدديتها وتلاوينها ولوحوا إلى إمكانية تنظيم حملات مضادة كي لا يجدوا أنفسهم لاحقا مجبرين على الخضوع لقرارات أخرى مشابهة تطال الحريات العامة والفردية.وعليه فقد شهدت النبطية حراكا اجتماعيا وسياسيا خجولا بعض الشيء،هدف بمجمله إلى إقناع الجهات الحزبية المباركة والمؤيدة لهذه الخطوة وكذلك بلدية النبطية بالتراجع عن قرارها، لكن هذه التمنيات أو ما عده البعض النصائح، لم تلق آذانا صاغية وخلصوا إلى نتيجة واحدة، كما أشار أحد المتابعين :أن القرار الذي تم بدافع حزبي، صدر عن أشخاص أصيبوا بداء الغباء السياسي الذي يصيب الأحزاب المتعاظمة القوة، ربما سوف يجعل الناس الذين اجتمعوا حولهم ووقفوا خلفهم يوما ينقلبون عليهم في حال ألغيت خصوصياتهم وصودرت حرياتهم باسم الدين والأخلاق.ويؤكد الناشط الإجتماعي البارز وسيم بدر الدين تعليقا على الموضوع أن 'الحراك بشأن التصدي لهذا القرار لا يمس المقاومة، إذا ما حاول البعض الترويج لهذه الفكرة وتصوير المعترضين عليه أنهم أعداء المقاومة، فالبنسبة إلينا فان مقاومي حزب الله هم أبناؤنا وأشقاؤنا وأهلنا ونحن نفتخر بما قدموه لهذا الوطن ولهذه المنطقة بالذات لكن المقاومة شيء يضيف بدر الدين وما يحصل شيء آخر وهناك فرق بين أن أحترم وأدعم سلاح المقاومة وأن أخاف منه'. بدر الدين ومن معه في الحراك المعارض يرون أن ما يجري الآن ما هو إلا خطوة أولى للإطباق على السلطة وتطويع المنطقة وسيتبعه بلا شك خطوات وقرارات أخرى كمنع الموسيقى وإقامة الحفلات والحبل على الجرار.كما أن القرار المفاجئ شكل صدمة لمكونات مجتمع المنطقة خاصة في ظل شلل السلطات الإدارية والأمنية التي تقف موقف المتفرج مما يجري .
ويقول بدر الدين بهذا الخصوص:'الجهات الرسمية والأمنية كما الشعبية أصيبت بالصدمة نتيجة هذا القرار لكن للأسف، فكل ما صدر عنها من ردود فعل لم يكن مثمرا بالكامل، كما أن التحركات الناشطة، لم تتعد نطاق الثرثرات الفردية ولم ترتق كذلك إلى موقع التصدي الحقيقي ورغم هذا، لم ينف بدر الدين وجود تحرك تتدارسه الأندية والجمعيات والفاعليات في المدينة لطرح الموضوع بشكل جدي واتخاذ البلاغ رقم واحد.
وعلى ذمة الراوي : نقل عن أحد بائعي الخمور المتضررين من القرار قوله لأحد الأمنيين الحزبيين الذي جاءه يطلب منه إغلاق محله:'كيف تنكلون بنا ونحن جمهور المقاومة؟'.فأجابه: 'نحن متخمون وبالناقص واحد!'.


ـ 'المستقبل'
8 آذار تستخدم كل الأوراق للهجوم على تيار 'المستقبل'
ربى كبارة:
 
بغضّ النظر عن اهمية الاستقرار الامني، يستخدم 'حزب الله' وحلفاؤه كل الاوراق المتاحة، رغم وضوح افترائها، لاستهداف تيار 'المستقبل'، ومن ابرزها تبني الاتهامات السورية بتورطه في الاضطرابات داخلها، اضافة الى تحميله وزر فوضى التعديات على الاملاك العامة في جنوب البلاد . فقد كانت وسائل اعلام قوى 8 آذار ومصادرها السباقة الى اتهام تيار 'المستقبل' عبر ترويجها لنقله اسلحة في زوارق من مرفأ طرابلس متناسية ان قوة طوارئ دولية بحرية تراقب المياه الاقليمية.واستمر ''حزب الله'' في مساعيه لزج تيار 'المستقبل' رغم نفي التيار المتكرر الاتهام لانعدام الرغبة والقدرة في آن.
وتجنب نواب تيار 'المستقبل'، كما وسائل اعلامه، التعليق على التحركات الاحتجاجية في سوريا منذ انطلاقها. واكد التيار بلسان كبار مسؤوليه ان استقرار لبنان من استقرار سوريا وانه لا يتدخل في شؤون دمشق كما وانه لا يملك الاسلحة كما تبدّى من سرعة سيطرة 'حزب الله' عسكريا على بيروت في ايار عام 2008.
لكن، ما ان بث التلفزيون السوري الرسمي اعترافات اشخاص ادعوا ان مصدر اسلحتهم نائب تيار 'المستقبل' جمال الجراح، حتى سارعت قوى 8 آذار، قبل وصول ملف قضائي موثق، الى تبني المقولة والى الادانة.
وفي اطار حملة الاتهامات السياسية دعماً لمواقف 'حزب الله' اعتبر السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي ان على السلطات المختصة التحرك من دون ملف قضائي خلافاً للاتفاقات بين البلدين، كما لوّحت وسائل اعلام سورية بنشر المزيد من الاسماء المتورطة، بحسب ادعائها.
وتهرّب وزير الخارجية علي الشامي من استدعاء السفير السوري لتوضيح الامر وفق طلب كتلة نواب تيار 'المستقبل'، مدعياً ان الامر يقتضي عقد جلسة لمجلس الوزراء، رغم معرفته باستحالة ذلك لانها حكومة تصريف اعمال. وسبق للشامي ان استدعى، بعد استقالة الحكومة، السفيرة الاميركية مورا كونيللي لاستيضاحها عن مغزى اتصالات قامت بها في زحلة باعتبارها تدخلاً في الشؤون المحلية.
وبذلك، يسعى 'حزب الله' الى حرف قوى 14 آذار عن حملتها على سلاحه، ووضعها في موقع الدفاع عن النفس للتخلص من الهجمة التي اطلقتها مع انتقالها الى صفوف المعارضة والتي كانت تتجنبها حماية لما سمي عبثا حكومة الوحدة الوطنية.

وتطالب هذه القوى بنزع السلاح من الداخل لانه يتحكم، سواء استخدم ام لم يستخدم، بمختلف اوجه الحياة، وبوضع الموجه منه الى اسرائيل تحت سلطة الدولة.ولم يتورع 'حزب الله' عن اتهام تيار 'المستقبل' بالسعي الى نشر الفوضى في الجنوب وباثارة التشنج المذهبي، فحمّله مسؤولية قيام بعض مهجري قرية يارين السنية بالبناء على املاك عامة في قرية البيسارية الشيعية.ويأتي الاتهام رغم ان 'حزب الله' يشكل مع حليفته حركة 'امل' قوى الامر الواقع المسلحة الوحيدة القادرة على حماية هذا النوع من التعديات. وهو ما ظهر جلياً في عدد الاعتداءات التي تعرضت لها قوى الامن الداخلي خلال محاولاتها منع اعمال البناء غير المشروع.
وقد اقر رئيس حركة 'امل' رئيس البرلمان نبيه بري مداورة بهذا الواقع بقوله لاحدى الصحف 'هناك من يحمّلني مسؤولية ملف مخالفات البناء علما انني اضطررت الى استعادة بعض سلوكيات الماضي وطلبت من عناصر حركة 'امل' النزول بسلاحهم في بعض المناطق لمنع المخالفات وتسهيل مهمة القوى الامنية'.
ويوحي فشل القوى الامنية بلجم فلتان البناء على الاملاك العامة، بأن جهاز قوى الامن الداخلي غير فعال. وهذه المرة الثانية التي يستهدف فيها هذا الجهاز الذي يتهم 'حزب الله' مديره العام اشرف ريفي بالانحياز لتيار 'المستقبل'. وكانت المرة الاولى عبر حركة التمرد التي شهدها السجن المركزي وما رافقها من عمليات قطع طرق في مناطق واضحة الولاء.من ناحية اخرى، برزت مؤشرات عن اقتراب توافق قوى 8 آذار على تركيبة الحكومة بسبب تلاقي عوامل محلية واقليمية.

فبعد مضي نحو ثلاثة اشهر على تكليفهم نجيب ميقاتي اصبح التأخير الاضافي مضرا برصيدهم. كما ان سوريا، الوحيدة القادرة على حسم الخلاف بين حلفائها، باتت تستعجل قيام حكومة فعالة لانها اصبحت اكثر اطمئنانا الى اوضاعها الداخلية بعد صدور الاصلاحات، خصوصاً وان المواقف الدولية لا تزال تصب في خانة اعطاء النظام فرصة لتنفيذها.وقد سبق ذلك غياب اي ضغط سوري بانتظار جلاء صورة التطورات الجارية في عدد من الدول العربية وتصاعد التوتر بين دول الخليج وايران.ويجري العمل حاليا على تدوير الزوايا بين تصور قوى 8 آذار لحكومة تحد ومواجهة في الداخل والخارج وبين تصور ميقاتي لحكومة معتدلة.لكن انجاز الحكومة الاسبوع المقبل بعد عطلة اعياد الفصح، كما اعلن الرئيس بري، لا يُنهي معاناة ميقاتي. فما زال امامه البيان الوزاري الذي يريده متناغما مع ثوابت دار الفتوى بشأن التزام لبنان التعاون مع المحكمة الدولية وحصرية السلاح بسلطة الدولة خلافا لمواقف 8 آذار التي اسقطت حكومة سعد الحريري لتقيم حكومة توقف التعاون مع المحكمة وتحمي السلاح.


ـ 'النهار'

في تحويطة الغدير: مدرسة ولا مدرسة في المستوعب الحديد
تلامذة يداومون قبل الظهر وبعده وسط أخطار تهدّدهم
روزيت فاضل:

جولة ميدانية على مدارس رسمية في ضاحية بيروت الجنوبية تظهر اوضاعا مأسوية فنموذج مدرسة تحويطة الغدير الرسمية الكائنة على طريق المطار والتي نعرض صورا عن حالها يبرر عتب المواطن على الدولة

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد